مشاهدة النسخة كاملة : الإعجاز الغيبى والتاريخى


عمروعبده
28-06-2010, 07:05 PM
أقدم لحضراتكم مجموعة من الأبحاث والمقالات عن الإعجاز الغيبى والتاريخى
وهو منقول للفائدة


التطاول في البنيان



ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل بعض من علائم قرب قيام الساعة أجارنا وإياكم من فزعها ومن فزع يوم القيامة :
عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سلوني فهابوه أن يسألوه. فجاء رجل فجلس عند ركبتيه. فقال: يا رسول الله! ما الإسلام؟ قال "لا تشرك بالله شيئا. وتقيم الصلاة. وتؤتى الزكاة. وتصوم رمضان" قال: صدقت. قال: يا رسول الله ! ما الإيمان؟ قال "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث، وتؤمن بالقدر كله" قال: صدقت. قال: يا رسول الله! ما لإحسان؟ قال "أن تخشى الله كأنك تراه. فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك" قال صدقت. قال : يا رسول الله! متى تقوم الساعة؟ قال" ما المسئول عنها بأعلم من السائل. وسأحدثك عن أشراطها. إذا رأيت المرأة تلد ربتها فذاك من أشراطها.

صورة لأحد المباني
وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض فذاك من أشراطها. وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان فذاك من أشراطها. في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله. ثم قرأ: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير}. [31/ سورة لقمان، آية 34].
وورد في كتاب كنز العمال للمتقي الهندي :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أشراط الساعة أن ترى الرعاة رؤوس الناس، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتباهون في البنيان، وأن تلد الأمة ربها وربتها).





معاني الألفاظ:
البَهْم جمع بَهْمَة وهي ولد الضأن الذكر والأنثى، وجمع البَهْم بِهَام
ورد في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ما نصه :

عمروعبده
28-06-2010, 07:11 PM
اكتشاف مساكن قـوم عــاد




ل قد ذكر الله تعالى قوم عاد في سياق حديثه عن نبيه هود عليه السلام قال تعالى :
(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) (هود:50) .
ولقد حدد القرآن مكان قوم عاد في الأحقاف والأحقاف جمع حقف وهي الرمال، ولم يعيين القرآن موقعها، إلا أن الإخباريين كانوا يقولون إن موقعها بين اليمن وعُمان ..
قال تعالى :(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الاحقاف:21) .
ولقد أخبر القرآن الكريم أن قوم عاد بنوا مدينة اسمها ( إرم ) ووصفها القرآن بأنها كانت مدينة عظيمة لا نظير لها في تلك البلاد قال تعالى :(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ{6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {8}(سورة الفجر ).
وقد ذكر المؤرخون أن عاداً عبدوا أصناماً ثلاثة يقال لأحدها : صداء وللأخر : صمود ، وللثالث : الهباء وذلك نقلاً عن تاريخ الطبري.
ولقد دعا هود قومه إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام لأن ذلك سبيل لاتقاء العذاب يوم القيامة .
ولكن ماذا كان تأثير هذه الدعوة على قبيلة ( عاد ) ؟
لقد احتقروا هوداً ووصفوه بالسفه والطيش والكذب ، ولكن هوداً نفى هذه الصفات عن نفسه مؤكداً لهم أنه رسول من رب العالمين لا يريد لهم غير النصح .
قال تعالى : (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ).(لأعراف:66).

التذكير بنعم الله :
تابع هود مخاطبة قومه محاولاً إقناعهم بالرجوع إلى الطريق الحق مذكراً إياهم بنعم الله عليهم ، فقال : هل أثار عجبكم واستغرابهم أن يجيئكم إرشاد من ربكم على لسان رجل منكم سوء العاقبة بسبب الضلال الذي أنتم عليه ؟ ألا تذكرون أن الله جعلكم وارثين للأرض من بعد قوم نوح الذين أهلكهم الله بذنوبهم ، وزادكم قوة في الأبدان وقوة في السلطان ، وتلك نعمة تقتضي منكم أن تؤمنوا بالله وتشكروه ، لا أن تكفروا به ..
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (لأعراف:69)
ويحدث القرآن أن قوم هود لم يقوموا بحق الشكر لنعم الله عليهم ، بل انغمسوا في الشهوات، وتكبروا في الأرض ، فقال لهم هود :
(أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) الشعراء .
ونلاحظ أن الآيات أشارت إلى أن قوم عاد كانوا مشهورين في بناء الصروح العظيمة والقصور الفارهة. .
ولما عصوا رسولهم أنزل الله تعالى عليهم العذاب وذلك بأن أرسل عليهم ريحاً عاصفة محملة بالغبار والأتربة والتي غمرتهم وقضت عليهم قال تعالى :(وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) (الحاقة:6) .
أما أهم النقاط التي تطرق القرآن لذكرها في قصة هود :
1. أن قوم هود كانوا يسكنونه في الأحقاف والأحقاف هي الأرض الرملية ولقد حددها المؤرخون بين اليمن وعمان .
2. أنه كان لقوم عاد بساتين وأنعام وينابيع قال تعالى :(واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون )
3. أن قوم عاد بنوا مدينة عظيمة تسمى إرم ذات قصور شاهقة لها أعمدة ضخمة لا نظير لها في تلك البلاد لذلك قال تعالى ( ألم ترى كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد ).
4. إنهم كانوا يبنون القصور المترفة والصروح الشاهقة (أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون).
5. لما كذبوا هوداً أرسل عليهم الله تعالى ريحاً شديدة محملة بالأتربة قضت عليهم وغمرت دولتهم بالرمال .

الإعجاز العلمي والغيبي
الاكتشافات الأثرية لمدينة "إرم"
فى بداية عام 1990 امتلأت الجرائد العالمية الكبرى بتقارير صحفية تعلن عن: " اكتشاف مدينة عربية خرافية مفقودة " ," اكتشاف مدينة عربية أسطورية " ," أسطورة الرمال (عبار)", والأمر الذي جعل ذلك الاكتشاف مثيراً للاهتمام هو الإشارة إلى تلك المدينة في القرآن الكريم. ومنذ ذلك الحين, فإن العديد من الناس؛ الذين كانوا يعتقدون أن "عاداً" التي روى عنها القرآن الكريم أسطورة وأنه لا يمكن اكتشاف مكانها، لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم أمام ذلك الاكتشاف فاكتشاف تلك المدينة التي لم تُذكر إلا على ألسنة البدو قد أثار اهتماماً وفضولاً كبيرين.
نيكولاس كلاب, عالم الاآثار الهاوي, هو الذي اكتشف تلك المدينة الأسطورية التي ذُكرت في القرآن الكريم[1] (http://ebook/43.htm#_ftn1#_ftn1).
و لأنه مغرم بكل ما هو عربي مع كونه منتجاً للأفلام الوثائقية الساحرة, فقد عثر على كتاب مثير جداً بينما هو يبحث حول التاريخ العربي, و عنوان ذلك الكتاب "أرابيا فيليكس" لمؤلفه "بيرترام توماس" الباحث الإنجليزي الذي ألفه عام 1932 , و "أرابيا فيليكس" هو الاسم الروماني للجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية و التي تضم اليمن والجزء الأكبر من عمان. أطلق اليونان على تلك المنطقة اسم "العرب السعيد"[2] (http://ebook/43.htm#_ftn2#_ftn2) و أطلق عليها علماء العرب في العصور الوسطي اسم "اليمن السعيدة", وسبب تلك التسميات أن السكان القدامى لتلك المنطقة كانوا أكثر من فى عصرهم حظاً. و السبب في ذلك يرجع إلى موقعهم الاستراتيجي من ناحية؛ حيث أنهم اعتُبروا وسطاء في تجارة التوابل بين بلاد الهند وبلاد شمال شبه الجزيرة العربية, ومن ناحية أخرى فإن سكان تلك المنطقة اشتهروا بإنتاج "اللبان" وهو مادة صمغية عطرية تُستخرَج من نوع نادر من الأشجار. وكان ذلك النبات لا يقل قيمة عن الذهب حيث كانت المجتمعات القديمة تُقبل عليه كثيراً.
و أسهب الباحث الإنجليزي "توماس" في وصف تلك القبائل "السعيدة الحظ"[3] (http://ebook/43.htm#_ftn3#_ftn3), و رغم أنه اكتشف آثاراً لمدينة قديمة أسستها واحدة من تلك القبائل و كانت تلك المدينة هي التي يطلق عليها البدو اسم "عُبار", وفى إحدى رحلاته إلى تلك المنطقة, أراه سكان المنطقة من البدو آثاراً شديدة القدم و قالوا إن تلك الآثار تؤدى إلى مدينة "عُبار" القديمة.
و لكن "توماس" الذي أبدى اهتماماً شديداً بالموضوع, توُفِى قبل أن يتمكن من إكمال بحثه.
و بعد أن راجع "كلاب" ما كتبه الباحث الإنجليزي, اقتنع بوجود تلك المدينة المفقودة التي وصفها الكتاب و دون أن يضيع المزيد من الوقت بدأ بحثه.

استخدم "كلاب" طريقتين لإثبات وجود مدينة "عُبار":
أولاً: أنه عندما وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل, قدم طلب للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية ليتمكن من الحصول على صور لتلك المنطقة بالقمر [4] (http://ebook/43.htm#_ftn4#_ftn4)الصناعي, وبعد عناء طويل, نجح في إقناع السلطات بأن يلتقط صوراً للمنطقة..
ثانياً: قام "كلاب" بدراسة المخطوطات و الخرائط القديمة بمكتبة "هانتينجتون" بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة, وكانت خريطة رسمها "بطلمى" عام 200 ميلادية , و هو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتُشفت بالمنطقة و الطرق التي تؤدى إلى تلك المدينة. و في الوقت نفسه, تلقى أخباراً بالتقاط وكالة ناسا الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة و إنما فقط رؤيتها ككل من السماء. و بمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها, توصل "كلاب" أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهى أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي . وكان المقصد النهائي لتلك القبائل موقعاً شاسعا ً يُفهم أنه كان في وقت من الأوقات مدينة. و أخيراً, تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسن البدو. و بعد فترة وجيزة, بدأت عمليات الحفر, و بدأت الرمال تكشف عن آثار المدينة القديمة, ولذلك وُصفت المدينة القديمة بأنها ( أسطورة الرمال "عبار" ).

ولكن ما الدليل على أن تلك المدينة هي مدينة قوم "عاد" التي ذُكرت في القرآن الكريم؟
منذ اللحظة التي بدأت فيها بقايا المدينة في الظهور, كان من الواضح أن تلك المدينة المحطمة تنتمي لقوم "عاد" ولعماد مدينة "إرَم" التي ذُكرت في القرآن الكريم؛ حيث أن الأعمدة الضخمة التي أشار إليها القرآن بوجه خاص كانت من ضمن الأبنية التي كشفت عنها الرمال.

قال د. زارينز وهو أحد أعضاء فريق البحث و قائد عملية الحفر, إنه بما أن الأعمدة الضخمة تُعد من العلامات المميزة لمدينة "عُبار", وحيث أن مدينة "إرَم" وُصفت في القرآن بأنها ذات العماد أي الأعمدة الضخمة, فإن ذلك يعد خير دليل على أن المدينة التي اكتُشفت هي مدينة "إرَم" التي
ذكرت في القرآن الكريم قال تعالى في سورة الفجر :
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادْ (6) إِرَمَ ذَاتِ العِمَادْ (7) الَّتِى لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِى البِلادْ(8)"
المدينة الأسطورية والتي ذكرت في القرآن باسم إرم Iram والتي أنشأت لِكي تَكُونَ فريدةَ جداً حيث تبدو مستديرة ويمر بها رواق معمّد دائري، بينما كُلّ المواقع الأخرى في اليمن حتى الآن كَانتْ التي اكتشفت كانت أبنيتها ذات أعمدة مربعة يُقالُ بأن سكان مدينة أرم بَنوا العديد مِنْ الأعمدةِ التي غطيت بالذهبِ أَو صَنعتْ من الفضةِ وكانت هذه الأعمدةِ رائعة المنظر "

[/URL][URL="http://ebook/images/13/aad.jpg"] (http://ebook/images/13/aad.jpg)
هذه الصورة هي لقلعة من قلاع إرم والتي تقع على عمق 10 أمتار تحت طبقات من الرمال الصحراوية والتي تتميز بأعمدتها الضخمة والتي تم تصويرها عبر أحد الأقمار الصناعية الأمريكية المتطورة
أضغط على الصورة لتكبيرها

قال تعالى على لسان نبي الله هود: )أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (الشعراء128ـ129).
إن الذي يسافر إلى جزيرة العرب يلاحظ انتشار الصحارى بكثرة في معظم المناطق باستثناء المدن والمناطق التي زرعت لاحقاً.
لكن القرآن الكريم يذكر أنه هذه الصحارى كانت يوماً من الأيام جنات ويعيون.
فقال لهم هود) : أتبنون بكل ريع ٍ آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون، وإذا بطشتم بطشتم جبارين، فأتقوا الله واطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ( الشعراء
ولقد كشفت السجلات التاريخية أن هذه المنطقة تعرضت إلى تغيرات مناخية حولتها إلى صحارى، والتي كَانتْ قبل ذلك أراضي خصبة مُنْتِجةَ فقد كانت مساحات واسعة مِنْ المنطقةِ مغطاة بالخضرة كما أُخبر القرآنِ، قبل ألف أربعمائة سنة .
ولقد كَشفَت صور الأقمار الصناعية التي ألتقطها أحد الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا عام 1990 عن نظامَ واسع مِنْ القنواتِ والسدودِ القديمةِ التي استعملت في الرَيِّ في منطقة قوم عاد والتي يقدر أنها كانت قادرة على توفير المياه إلى 200.000 شخصَ [5] (http://ebook/43.htm#_ftn5#_ftn5)كما تم تصوير مجرى لنهرين جافين قرب مساكن قوم عاد أحد الباحثين الذي أجرى أبحاثه في تلك المنطقة قالَ" لقد كانت المناطق التي حول مدنية مأرب خصبة جداً ويعتقد أن المناطق الممتدة بين مأرب وحضرموت كانت كلها مزروعة ."

أضغط على الصورة لتكبيرها
(http://ebook/images/13/add1.jpg)
صورة لمجرى نهرين جافين قرب مساكن قوم عاد صورت عبر الأقمار الصناعية
كما وَصفَ الكاتبُ القديم اليونانيُ Pliny هذه المنطقةِ أنْها كانت ذات أراضي خصبة جداً وكانت جبالها تكسوها الغابات الخضراء وكانت الأنهار تجري من تحتها.
ولقد وجدت بعض النقوشِ في بَعْض المعابدِ القديمةِ قريباً من حضرموت، تصور بعض الحيوانات مثل الأسود التي لا تعيش في المناطق الصحراوية وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المنطقة كانت جنات وأنها مصداقاً لقوله تعالى : )واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ( الشعراء .
أما سبب اندثار حضارة عاد فقط فسرته مجلة A m'interesseالفرنسية التي ذكرت أن مدينة إرم أو"عُبار" قد تعرضت إلى عاصفة رملية عنيفة أدت إلى غمر المدينة بطبقات من الرمال وصلت سماكتها إلى حوالي 12 متر [6] (http://ebook/43.htm#_ftn6#_ftn6)
وهذا تماماً هو مصداق لقوله تعالى :
( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }.
من أخبر محمد بن عبد الله عن قصة عاد ومن أخبره عن مكانهم بالتحديد في منطقة الأحقاف أي أرض الرمال والتي هي الربع الخالي الذي يتميز برماله المتحركة التي تشغل معظم مساحته، من أخبره أن قوم عاد بنوا مدينة عظمة تسمى إرم فيها قصور وقلاع ضخمة تتميز بأعمدة عظيمة ، إنه رب العالمين منزل القرآن على قلب حبيبه محمد بن عبد الله .
قال تعالى في كتابه العزيز :
{ وَإِلَى عَادٍأَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـه غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ {50} يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {51} وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ {52} قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }[سورة هود:50، 52].
قال تعالى في كتابه العزيز :{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَة عَادٍ وَثَمُودَ {13} إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِن خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَة فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ {14} فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {15} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ }[سورة فصلت:13ـ16].

عمروعبده
28-06-2010, 07:13 PM
أصحاب الكهف



تحكى سورة الكهف, و هى السورة الثامنة عشر من القرآن الكريم, عن مجموعة من الفتية لجؤوا إلى أحد الكهوف للإختباء من حاكم أنكر وجود الله و مارس ألواناً من القهر و الظلم على المؤمنين, والآيات التالية توضح ذلك:
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوآ أَمَداً * نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًىً* وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِم إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونهِ إِلهاً لَّقَدْ قُلْنَآ إِذاً شَطَطاً * هَؤلاءِ قَوْمُنا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّولا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً * وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً * وتَحْسَبُهُمْ أَيقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ونُقَلِّبُهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً * وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُم قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوآ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلى المَدِينَةِ فَلْيَنْظُر أيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً * إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُم يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ في مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوآ إِذاً أَبَداً * وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوآ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْـنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِم قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً * سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُم كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً* وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُل عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً * وَلَبِثُوا في كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً * قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَالَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَداً ) (الكهف: 9-26).
ووفقا للاعتقاد السائد فإن أصحاب الكهف, الذين أثنت عليهم المصادر الإسلامية و المسيحية, تعرضوا لطغيان الإمبراطور الرومانى "دقيوس". و فى محاولة من هؤلاء الفتية للتصدى لظلم "دقيوس" و طغيانه, حذروا قومهم مراراً من أن يتركوا دين الله. و لكن أمام إعراض قومهم, و اشتداد ظلم الإمبرطور و توعده لهم بالقتل, ترك الفتية مساكنهم.
تكشف السجلات التاريخية عن عدد من الأباطرة الذين مارسوا سياسة الاضطهاد والإرهاب والتعذيب في حق المؤمنين من المسيحيين الأوائل الذين كانوا متمسكين بالمعتقد المسيحي الأصلي الصافي.
و فى خطاب أرسله الحاكم الرومانى "بيلونيوس" (690-113 ميلادية) ؛ بشمال غرب الأناضول, إلى الإمبراطور "تريانيوس" ,أشار "بيلونيوس" إلى " أصحاب المسيح " الذين أوذوا لرفضهم عبادة تمثال الإمبراطور. و يعد هذا الخطاب أحد الوثائق الهامة التى تتحدث عن الظلم والقهر الذى تعرض له المسيحيون الأوائل آنذاك.
وفى ظل تلك الظروف, رفض هؤلاء الفتية الخضوع لهذا النظام الكافر, و عبادة الإمبراطور إلهاً من دون الله (... فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَّقَد قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلآءِ قَومُنا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّولا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً ) (الكهف: 14-15).
أما بالنسبة للمكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, فإن الآراء تتعدد وتتباين, ولكن أكثر هذه الآراء اعتدالاً هو مدينتى "إفسوس" و "طرسوس". ويمن القول أن جميع المصادر المسيحية على وجه التقريب تعتبر مدينة "إفسوس" هى مكان الكهف الذى التجأ إليه هؤلاء الفتية المؤمنين. و يتفق بعض الباحثين المسلمين و مفسري القرآن الكريم مع المسيحيين على أن "إفسوس" هى المكان, كما أوضح آخرون بشىء من التفصيل أن مكان الكهف ليس "إفسوس" و عليه فقد حاولوا أن يثبتوا أن الحدث وقع فى مدينة "طرسوس." و فى هذا البحث سنتناول كلتا المدينتين بالدراسة و مع هذا, فإن هؤلاء الباحثين و المفسرين جميعهم, بما فيهم المسيحيون, أتفقوا أن الحدث وقع فى عهد الإمبراطور الرومانى "دِقيوس", ويقال له ايضاُ "دِقيانوس", و كان ذلك فى حوالى عام 250 ميلادية .
و يعتبر "دقيوس", إلى جانب "نيرو", هو الإمبراطور الرومانى الذى نكل بالمسيحيين تنكيلاً شديداً. و أثناء فترة حكمه القصيرة, أجبر "دِقيوس" كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين للآلهة , بل و أن يأتى بما يثبت أنه فعل ذلك و يعرضه على كبار الدولة. ومن لم يستجب منهم, كان يأمر بقتله.
تنص المصادر المسيحية على أن الغالبية العظمى من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية , وهموا بالفرار من مدينة إلى أخرى, أو الإختباء فى أماكن نائية. و من المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيون الأوائل.
و فى الوقت نفسه لابد هنا من التأكيد على نقطة هامة وهى أن تلك الأحداث نقلها لنا بعض مؤرخى المسلمين و المسيحيين بما يشبه الحكاية , و تحولت بعد ذلك إلى أسطورة نتيجة لما أضيف إليه من أكاذيب و إشاعات , و لكن رغم كل ذلك فإن الحدث يعد واقعة تاريخية .

هل كان أصحاب الكهف فى "إفسوس"؟

و فيما يتعلق بالمدينة التى عاش فيها الفتية و الكهف الذى أووا إليه, فتشير المصادر إلى عدة أماكن . ويرجع ذلك إلى سببين :
الأول :رغبة الناس فى الاعتقاد بأن مثل هؤلاء الفتية الشجعان كانوا يعيشون فى مدينتهم. و الثاني : الشبه الكبير بين الكهوف فى تلك المنطقة ؛حيث أنه فى جميع الأماكن تقريباً, يوجد مكان للعبادة يقال انه بُنى فوق الكهوف .
و كما هو معروف فإن المسيحيون اتفقوا على أن تكون "إفسوس" هى المكان المقدس؛ حيث يوجد في تلك المدينة منزلاً يُقال إنه للسيدة مريم العذراء, وقد أصبح فيما بعد كنيسة. لذلك فإنه من المرجح أن يكون أصحاب الكهف قد أقاموا فى واحد من تلك الأماكن المقدسة . علاوة على ذلك, فإن بعض المصادر المسيحية تؤكد أن "إفسوس"هى المكان .
و يعد القديس السورى "جيمز" (وُلد452ميلادية) أقدم المصادر فى ذلك الصدد, و استشهد "جيبون" المؤرخ الشهير فى كتابه " تدهور و سقوط الدولة الرومانية" بالكثير من دراسة "جيمز". ووفقاً لما جاء في هذا الكتاب, فإن الإمبراطور الذى عذَب الفتية السبعة المسيحيين المؤمنين هو "دِقيوس" . و قد حكم "دقيوس" الإمبراطورية الرومانية فى الفترة ما بين 249 و 251 ميلادية .واشتهرت فترة حكمه بألوان العذاب التى مارسها ضد أتباع النبي عيسى عليه السلام.
ويرى المفسرون المسلمون أن المكان الذى وقع فيه الحدث هو إما "أفسوس" أو "أفسُس", فى حين يرى "جيبون" أنه "إفسوس." و لأن تلك المدينة تقع على الساحل الغربى لبلاد الأناضول, فإنها تعد من أكبر موانى ومدن الإمبراطورية الرومانية. و اليوم يُعرف حطام تلك المدينة باسم"مدينة إفسوس العتيقة"
و يرى الباحثون المسلمون أن الإمبراطور الذى كان يحكم البلاد فى الفترة التى قام فيه أصحاب الكهف من رقدتهم اسمه "تيزوسيوس", فى حين يرى "جيبون" أن اسمه "ثيودسيوس الثانى" و قد حكم هذا الإمبراطور البلاد فى الفترة من 408 إلى 450 ميلادية بعدما دانت الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية.
و في بعض التفسيرات المتعلقة بالآية التالية, قيل أن باب الكهف كان من نحو الشمال, وعليه فإن ضوء الشمس كان لا يصل إلى الداخل , ولهذا فإن من يمر على الكهف كان لا يستطيع أن يرى ما بداخله, و الآية توضح هذا المعنى :
( وَتَرى الشَّمْسَ إذا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِم ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرشِداً ) (الكهف: 17).
و أشار عالم الآثار دكتور "موسى باران" فى كتابه "إفسوس" إلى مدينة "إفسوس" باعتبارها المكان الذى كان يعيش فيه مجموعة الفتية , و أضاف قائلاً
"فى عام 250 ميلادية, كان يعيش سبعة فتية فى "إفسوس" وقد اختاروا المسيحية ديناً لهم و تركوا عبادة الأوثان, وفيما هم يبحثون عن مكان للهروب بدينهم, عثروا على كهف بالمنحدر الشرقى لجبل "بيون". و قد رأى ذلك جنود الرومان فبنوا حائطاً ليسدوا به مدخل الكهف" [1] (http://ebook/40.htm#_ftn1#_ftn1)
واليوم يشاهد العديد من المباني الدينية وقد بنيت فوق هذه الحجارة والقبور، أظهرت الحفريات التي قام بها المعهد الاسترالي الأثري عام 1926 أن الآثار التي ظهرت على سفح جبل بيون تعود إلى بناء تم تشييده تكريماً لأصحاب الكهف في منتصف القرن السابع (خلال حكم ثيودوسيوس الثاني)[2] (http://ebook/40.htm#_ftn2#_ftn2).
هل أصحاب الكهف فى طرسوس؟
و المكان الثانى الذى أُشير إليه باعتباره المكان الذى عاش فيه أصحاب الكهف هو مدينة "طرسوس." و بالفعل فإن هناك كهفاً شديد الشبه بذلك الذى و صفه القرآن الكريم , و يقع على جبل يُعرف باسم "إنسيلوس" أو "بنسيلوس" بشمال غرب "طرسوس." و فكرة أن تكون مدينة "طرسوس" هى المكان الصحيح كان رأى علماء المسلمين .
و قد حدد "الطبرى" , و هو واحد من أهم مفسرى القرآن الكريم, اسم الجبل الذى يوجد به الكهف على أنه "بينسيلوس" و ذلك فى كتابه "تاريخ الأمم" و أضاف أن الجبل فى "طرسوس, و قال أيضاً "محمد أمين", وهو من أشهر مفسرى القرآن, أن الجبل كان اسمه "بنسيلوس" و أنه فى "طرسوس". و يمكن أن تنطق "بنسيلوس" على أنها "إنسيلوس", و فى رأيه أن الاختلاف بين الكلمتين يرجع إلى اختلاف نطق حرف "الباء", أو لفقدان حرف من الكلمة الأصلية و هو ما يُعرف "بالنحت التاريخى للكلمة".
و أوضح "فخر الدين الرازى"(3), وهو أيضاً من أشهر علماء القرآن الكريم, أنه بالرغم من أن المكان يُطلق عليه "إفسوس", فإن القصد هو "طرسوس" لأن "إفسوس" ما هى إلا مسمى آخر لمدينة "طرسوس." بالإضافة إلى ذلك, فإنه فى شروح كل من: القاضى البيضاوى والناصفى و تفسير الجلالين و التبيان (4)و تفسير العاملي والناصوحى بيلمين وغيرهم من العلماء, تم تحديد المكان على أنه "طرسوس." هذا إلى جانب أن كل هؤلاء المفسرين فسروا قوله تعالى: ( وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً * وتَحْسَبُهُمْ أَيقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ونُقَلِّبُهُم ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً )( الآية 17) بقولهم أن مدخل الكهف كان من نحو الشمال (4) .
وكذلك كان مُقام أصحاب الكهف موضعاً للاهتمام أيام الخلافة العثمانية, وقد أُجريت بعض الأبحاث بهذا الشأن. و تمت بعض المراسلات و تبادل المعلومات حول هذا الموضوع فى مخازن السجلات العثمانية برئاسة الوزراء؛ فعلى سبيل المثال, أشتمل خطاب بعثته إدارة "طرسوس" المحلية إلى رئيس خزانة الدولة العثمانية على طلباً رسمياُ بإعطاء مرتبات لهؤلاء المسؤولين عن تنظيف "الكهف" و الحفاظ عليه. ونص الرد على أنه لكى تُخَصص مرتبات لهؤلاء الأشخاص, لابد من التأكد أن هذا المكان هو بالفعل المكان الذى أقام به أصحاب الكهف. و البحث الذى أُجرى بهذا الصدد قد ساعد كثيراً فى تحديد المكان الحقيقى للكهف.
و بعد التحقيقات التى أجراها المجلس القومى تم إعداد تقرير ينص علىالآتى:
"إلى الشمال من مدينة طرسوس, فى بلدة "عَدَنة", يوجد كهفاً على جبل يبعد ساعتين عن المدينة و مدخله يتجه ناحية الشمال كما أخبر القرآن الكريم"
و كثُيراً ما كانت المناظرات حول هوية أصحاب الكهف و أين و متى كانوا يعيشون حافزاً للسلطات لكى تجرى المزيد من البحوث بهذا الشأن. و برغم التعليقات العديدة, فإن أياً من هذه التعليقات لا يعتبر أكيداً؛ ولذلك فإن أسئلة مثل: "فى أى فترة عاش هؤلاء الفتية المؤمنون" و " أين الكهف الذى أخبرنا عنه القرآن الكريم" ظلت دون إجابة واضحة.
المصدر:
PERISHED NATIONS R . HARUN YAHYAمترجم عن كتاب
قام بالترجمة من الإنكليزية إلى العربية الأخت الكريمة مي أحمد من مصر .
المراجع :
نقلاً عن كتاب الأمم البائدة للداعية التركي هارون يحيى .
[1] (http://ebook/40.htm#_ftnref1#_ftnref1) موسى باران، إيفس الصفحة 23-24 .
[2] (http://ebook/40.htm#_ftnref2#_ftnref2) ماسنيون، أوبرا مينورا، المجلد الثالث، الصفحات 104-108
[3] (http://ebook/40.htm#_ftnref1#_ftnref1) تفسير روح المعاني للفخر الرازي .
(4) من تفسير القاضى,و البيضاوى,و الناصفى,و الجلالين,و التبيان

عمروعبده
28-06-2010, 07:15 PM
المصائب التي حلت بفرعون وقومه



قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )[سورة الأعراف : 13].
وقال الله تعالى : (وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ {132} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)[سورة الأعراف].

صورة تخيلية لأحدى مدن المملكة الوسطى
لقد أرسل الله سبحانه وتعالى نبي الله موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه فكان ردهم الاستهزاء قال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {46} فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ {47} ) [سورة الزخرف ].
وقال الله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ {103})[سورة الأعراف].
وقال الله تعالى : (وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ {132})[سورة الأعراف ].
وبسبب موقف بني فرعون وقومه المتكبر " المتغطرس " أرسل الله عليهم البلاء الذي وصف بالآية
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)[سورة الأعراف].
بشكل واضح ودقيق لكي يعاقبهم بسبب تكبرهم وأول هذه العقوبات كان القحط لقد كان كنتيجة لذلك محل في المحاصيل كما دلت الآية القرآنية .
(وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )[سورة الأعراف : 13].

الإعجاز الغيبي :
لقد أخبر القرآن الكريم عن كوارث حلت بمصر في حقبة من تاريخ من تاريخ البشرية في زمن المملكة الوسطى في مصر وعن أسباب هذه الكوارث بشيء من التفصيل قبل أكثر من 1400سنة فقد كانت الحضارة الفرعونية مندثرة ومدفونة تحت طبقات من الرمان الصحراوية في وادي الملوك بمصر عند مبعثه صلى الله عليه وسلم ولم تسمع بها قريش ولا حتى أهل مصر أنفسهم، لم يكونوا يعرفوا شيئاً عن تفاصيلها إلا بعض الأساطير والأخبار المغلوطة وبعض الإشارات الغامضة في التوراة والتي كان الكثير منها مليئاً الأخطاء التاريخية، ولم تتمكن البشرية من اكتشاف أسرار الحضارة الفرعون إلا في مطلع القرن الثامن عشر عند وصول الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون والذي أصطحب معه عالم الآثار الشهير شامبليون الذي أكتشف حجر رشيد والذي تم من خلاله فك رموز الكتابة الفرعونية .
أما الكوارث التي حلت بمصر لم تكتشف إلا في عام 1909 عندما عثر علماء الآثار على كتاب من ورق البردي دون عليه أحد رجال قصر فرعون النكبات التي حلت بمصر في عصر المملكة الوسطى ولقد تم الاحتفاظ بهذا المخطوط الهام في متحف " ليدن " في هولندا ولقد قام بترجمه الباحث والخبير في تاريخ مصر القديمة أ. هـ كاردنير (A.H.Gardiner).
وإليكم بعض عبارات من لوح البردي بعد ترجمته:
الوباء في كل أنحاء الأرض، الدم في كل مكان (205)
النهر هو كالدم (1)
نتيجة للهلاك الذي حل البارحة لقد استلقى الناس متعبين مثل الكتان المقطع (2)
إن مصر الدنيا تبكي، القصر بكامله دون موارده التي كان ترده من القمح والشعير والأوز والسمك (3)
المغفرة لقد هلكت البذور في كل جانب (4)
إن الارتباك والضجة المخيفة امتدت في كل الأرض لم يكن هناك خروج من القصر ولم يستطع أحد رؤية وجه رفيقه لمدة تسعة أيام لقد تدمرت البلدان بالمد المحتوم لقد عانت مصر العليا من الخراب .. الدم في كل مكان وكان ينتشر الطاعون في جميع أنحاء البلاد لا أحد حقاً سيبحر إلى بيبلوس اليوم ماذا سنفعل من أجل الأوز من أجل موميائنا ؟ لقد نضب الذهب (5)
لقد عاد الرجال مشمئزين من تذوق الكائنات الحية وهم متعطشين للماء (6)
ذلك هو ماءنا وتلك هي سعادتنا ماذا ستنفل بالنسبة لذلك ؟ كل شيء تدمر (7) .
لقد تدمرت البلدان وأصبحت مصر العليا قاحلة (8)
لقد انقلبت المساكن بلحظة (9)
إن سلسلة الكوارث التي حلت بشعب مصر بحسب هذه الوثيقة ( البردي) تتوافق تماماً مع وصف القرآن لهذه المحنة (10)
وورق البردي الذي وصف الكوارث التي حلت بمصر في عصر المملكة الوسطى لهو شاهد أن القرآن الكريم هو كتاب رب العالمين المنزل على قلب نبيه محمد عليه الصلاة والسلام ..
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم راعي الغنم قبل 1400 سنة عن هذه الأخبار التي يتوصل العلم الحديث إليها إلا في مطلع القرآن التاسع عشر إنه رب العالمين ..
وصدق رب العالمين حين قال :( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص].

عمروعبده
28-06-2010, 07:17 PM
تحوّل الصحاري إلى جنات



أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال:
خرجنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ قَالَ فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا قَالَا نَعَمْ فَسَبَّهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ قَالَ ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ قَالَ وَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَوْ قَالَ غَزِيرٍ شَكَّ أَبُو عَلِيٍّ أَيُّهُمَا قَالَ حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قَالَ يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَاهُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا*
وتصدق نبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ألف وأربعمائة سنة, فتتحول المنطقة حول تبوك إلى مزارع عامرة بأفضل المزروعات, وأشهى الثمار والخضروات, وذلك لأن منطقة تبوك وما حولها تحوي أهم خزانات المياه تحت سطح الأرض في الجزيرة العربية (فتكون جبل الساق, ومتكونات مجموعة تبوك الرملية) والتي تتميز بتركيبها من الحجر الرملي عالي المسامية والنفاذية, وبمنكشف تزيد مساحته عن عدة عشرات الآلاف من الكيلو مترات المربعة إلى الغرب من تبوك تعمل كمصيدة هائلة لمياه الأمطار التي تتحرك من سطح الأرض إلى ما تحت سطحها يميل الطبقات إلى الشرق فتخزن تحت أرض تبوك كمخزون مائي متخم يمثل أكبر مخزون مائي في أرض شبه الجزيرة العربية .
وهذا المخزون المائي الكبير قد تجمع خلال الفترات المطيرة من تاريخ شبه الجزيرة العربية, وقد ثبت أنه خلال الخمس والثلاثين ألف سنة الماضية مرت المنطقة بثماني دورات من دورات الجفاف التي تخللتها سبع دورات من المطر الغزير, ونحن نحيا في آخر دورة من دورات الجفاف تلك , ويبلغ متوسط هطول المطر فيها في السنة بحوالي التسعة سنتيمترات يصل نصفها إلى خزانات المياه تحت السطحية, ويتبخر الباقي أو يفيض إلى البحر .
كذلك في صخور متكون تبوك سمك هائل من صخور الصلصال والطفل التي تتبادل مع الطبقات الرملية, وينتج عن تعرية هذه الطبقات المختلطة من الصخور الرملية والصلصالية والطفلية تربة من أجود أنواع الترب الصالحة للزراعة, وبذلك تهيأت منطقة تبوك بكل مبررات تحولها إلى جنان كما تنبأ المصطفى صلى الله عليه وسلم من قبل ألف وأربعمائة سنة
ليس هذا فقط ...
بل إن الأرض تتحرك الآن نحو الدخول في دورة جليدية جديدة, وحينما يزحف الجليد من أحد قطبي الأرض, أو منهما معًا في اتجاه خط الاستواء تتصحر الأرض التي تكسى بالجليد تصحرًا جليديًا فتهلك النباتات, وتهاجر الحيوانات, ويرحل السكان, وفي نفس الوقت يتحول الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربًا إلى أواسط آسيا شرقًا إلى منطقة مطر غزير كما حدث مرات من قبل, وحينئذ تفيض الأودية الجافة أنهارًا , وتكسى الصحارى القاحلة بالخضرة فتتحول مروجًا بهيجة تصديقًا لنبوءة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي قالها في حديث صحيح يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه ؛ حيث قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا" .
وتأتي المعارف المكتسبة في كل من مجالي علوم الأرض وعلوم المناخ لتؤكد على أن أرض العرب كانت مروجًا وأنهارًا, وعلى أنها سوف تعود مروجًا وأنهارًا كما كانت, ويأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نحن بصدده يتحدث عن منطقة تبوك بصفة خاصة, وعن أرض العرب بصفة عامة على أنها سوف تمتلئ جنانًا في عصر يلي عصر النبوة الخاتمة فيقول صلى الله عليه وسلم مخاطبًا راوي الحديث سيدنا معاذ بن جبل رضي الله تبارك وتعالى عنه : "يوشك يا معاذ, إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جنانًا" .
وهنا يبرز التساؤل المهم:
من غير الله الخالق يمكن أن يكون قد أخبر هذا النبي الأمي من قبل ألف وأربعمائة سنة بتلك الحقائق العلمية التي لم يتوصل الإنسان إلى إدراك شيء منها إلا منذ عشرات قليلة من السنين؟.
ومن الذي كان يضطره إلى الخوض في مثل هذه الأمور التي كانت غائبة عن الناس – كل الناس – في زمانه صلى الله عليه وسلم وللعديد من القرون المتطاولة من بعده, لولا أن الله تعالى الذي ألهمه النطق بها يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى اكتشاف تلك الحقائق, فتبقى هذه الومضات النورانية في كتاب الله, وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم شهادة حق على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, وعلى أن هذا النبي الخاتم كان موصولاً بالوحي, ومُعَلَّمًا من قِبَلِ خالق السماوات والأرض, وصدق الله العظيم إذ يقول في وصف هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم :
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى }
المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار

عمروعبده
28-06-2010, 07:21 PM
خلق السماوات و الأرض في ستة أيام



قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (لأعراف:54)
في الوقت الذي ساد اعتقاد الناس بثبات الأرض وسكونها‏,‏ جاء القرآن الكريم بالتأكيد علي جريها وسبحها‏,‏ وعلي جري كافة أجرام السماء وسبحها في فسحة الكون الرحيب‏,‏ ولكن لما كانت هذه الحقائق
صورة للدكتور زغلول النجار
خافية علي الناس في زمن تنزل الوحي فقد جاءت الإشارات القرآنية إليها بصياغة لطيفة‏,‏ رقيقة‏,‏ غير مباشرة حتى لا تصدهم عن قبوله فيحرموا نور الرسالة الخاتمة‏,‏ ويكون ذلك سببا في حرمان البشرية من هديها‏..!!‏
من هنا جاءت الإشارات القرآنية إلي عدد من الحقائق الكونية التي كانت غائبة عن علم الناس في زمن الوحي ـ ومنها حركات الأرض ـ بصياغة مجملة‏,‏ غير مباشرة‏,‏ ولكنها في نفس الوقت صياغة بالغة الدقة في التعبير‏,‏ والشمول في الدلالة‏,‏ و الاحاطة بالحقيقة الكونية‏,‏ لتبقي مهيمنة علي المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها‏,‏ وشاهدة للقرآن الكريم بأنه كلام ا لله الخالق‏,‏ وللنبي الخاتم الذي تلقي الوحي به‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ بأنه كان معلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ ومؤكدة علي وصفه‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ للقرآن الكريم بأنه لا تنتهي عجائبه‏,‏ ولا يخلق علي كثرة الرد‏.‏
الإشارات القرآنية إلى حركات الأرض‏
استعاض القرآن الكريم في الإشارة إلي حركات الأرض بغشيان‏ ( ‏ أو بتغشية‏ ) ‏ كل من الليل والنهار للآخر‏,‏ واختلافهما‏,‏ وتقلبهما‏,‏ وولوج كل منهما في الآخر‏,‏ وبسلخ النهار من الليل‏,‏ وبمرور الجبال مر السحاب‏,‏ وبالتعبير القرآني المعجز عن سبح كل من الليل والنهار كناية عن الحركات الانتقالية للأرض‏,‏ وذلك علي النحو التالي‏ : ‏
أولا‏ : ‏ آيات غشيان الليل النهار‏
وجاء ذكرها في آيتي الأعراف رقم‏ ( 54 ) ,‏ والرعد رقم‏( 3 ) ‏ كما سوف يفصل بعد ذلك بقليل‏.

ثانيا‏ : ‏ آيات اختلاف كل من الليل والنهار‏
تباطؤ سرعة دوران الأرض حول محورها مع الزمن مدون فى أجساد النباتات وغيرها من الكائنات الحية والبائدة
وهي خمس آيات كريمة تؤكد كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس يقول فيها الحق تبارك وتعالي‏ : ‏
‏ ( 1 ) ‏ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار‏........‏ لآيات لقوم يعقلون
‏ ( ‏البقرة‏ : 164 ) ‏
‏ ( 2 ) ‏ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ‏ ( ‏آل عمران‏ : 190 ) ‏
‏ ( 3 ) ‏ إن في اختلاف الليل والنهار وماخلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ‏ ( ‏يونس‏ : 6 ) ‏
‏ ( 4 ) ‏ وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون‏ ( ‏ المؤمنون‏ : 80 ) ‏
‏ ( 5 ) ‏ إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين‏*‏ وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون‏*‏ واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون
‏ ( ‏الجاثية‏ : 2‏ ـ‏5 ) ‏
ويؤكد القرآن الكريم اختلاف الليل والنهار بتعبير آخر يقول فيه ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏
‏ ( 6 ) ‏ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو اراد شكورا
‏ ( ‏الفرقان‏ : 62 ) ‏
وبتعبير ثالث يقول فيه‏ ( ‏ سبحانه وتعالي‏ ) : ‏
‏ ( 7 ) ‏ والليل إذ أدبر‏*‏ والصبح إذا أسفر‏* ( ‏ المدثر‏ : 34,33 ) ‏
وبتعبير رابع يقول فيه ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏
‏ ( 8 ) ‏ والليل إذا عسعس‏*‏ والصبح إذا تنفس‏ ( ‏ التكوير‏ : 18,17 ) ‏.
ثالثا‏ : ‏ آية تقليب الليل والنهار‏
وقد جاءت في سورة النور حيث يقول الخالق‏ ( ‏ سبحانه وتعالي‏ ) : ‏ يقلب الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار‏ ( ‏ النور‏ : 44 ) ‏
وفيها إشارة واضحة إلى دوران الأرض حول محورها أمام الشمس‏.‏
رابعا‏ : ‏ آيات إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل‏
وهي خمس آيات يقول فيها ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏
‏ ( 1 ) ‏ تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل‏. ( ‏ آل عمران‏ : 27 ) ‏
‏ ( 2 ) ‏ ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير
‏ ( ‏الحج‏ : 61 ) ‏
‏ ( 3 ) ‏ ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل‏.... ( ‏ لقمان‏ : 29 ) ‏
‏ ( 4 ) ‏ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل‏... ( ‏ فاطر‏13 ) ‏
‏ ( 5 ) ‏ يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور
‏ ( ‏الحديد‏ : 6 ) ‏
والولوج لغة هو الدخول‏,‏ ولما كان من غير المعقول دخول زمن في زمن آخر‏,‏ اتضح لنا ان المقصود بكل من الليل والنهار هنا هو المكان الذي يتغشيانه أي الأرض‏,‏ بمعني ان الله‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ يدخل نصف الأرض الذي يخيم عليه ظلام الليل بالتدريج في مكان النصف الذي يعمه النهار‏,‏ كما يدخل نصف الأرض الذي يعمه النهار بالتدريج في مكان النصف الذي تخيم عليه ظلمة الليل‏,‏ وهو ما يشير إلى كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس بطريقة غير مباشرة‏,‏ ولكنها تبلغ من الدقة والشمول والاحاطة مايعجز البيان عن وصفه‏.‏
خامسا‏ : ‏ آية سلخ النهار من الليل‏
ويقول فيها ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏ وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون‏ ( ‏ يس‏ : 37 ) ‏
ومعني ذلك ان الله‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ ينزع نور النهار من أماكن الأرض التي يتغشاها الليل بالتدريج كما ينزع جلد الذبيحة عن كامل بدنها بالتدريج‏,‏ ولا يكون ذلك إلا بدوران الأرض حول محورها امام الشمس‏,‏ وفي هذا النص القرآني سبق بالإشارة إلى رقة طبقة النهار في نصف الكرة الأرضية المواجه للشمس‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها الانسان إلا بعد ريادة الفضاء في النصف الثاني من القرن العشرين حيث ثبت إن سمك طبقة النهار حول الأرض لايتعدي المائتي كيلو متر فوق سطح البحر‏,‏ واذا نسب ذلك إلى المسافة التي تفصل بيننا وبين الشمس‏ ( ‏ والمقدرة بحوالي المائة والخمسين مليونا من الكيلو مترات‏ ) ‏ فإنها لا تتجاوز الواحد الي سبعمائة وخمسين ألفا تقريبا‏,‏ واذا نسب الي نصف قطر الجزء المدرك من الكون‏ ( ‏ والمقدر بأكثر من عشرة آلاف مليون من السنين الضوئية‏*9.5‏ مليون مليون كيلو متر‏ ) ‏ اتضحت ضآلته‏,‏ واتضحت كذلك لمحة الاعجاز القرآني في تشبيه انحسار طبقة النهار الرقيقة عن ظلمة الليل بسلخ جلد الذبيحة الرقيق عن كامل بدنها‏,‏ وفي التأكيد علي ان الظلام هو الأصل في الكون‏,‏ وان نور النهار ظاهرة رقيقة عارضة لاتظهر إلا في الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض في نصفها المواجه للشمس‏.‏
سادسا‏ : ‏ آيتا سبح كل من الليل والنهار كناية عن سبح الأرض في مداراتها المختلفة‏
ويقول فيهما ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ : ) ‏
‏ ( 1 ) ‏ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون‏ ( ‏ الأنبياء‏ : 33 ) ‏
‏ ( 2 ) ‏ لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون
‏ ( ‏يس‏ : 40 ) ‏
سابعا‏ : ‏ آية مرور الجبال مر السحاب‏
وفيها يقول الخالق‏ ( ‏ سبحانه وتعالي‏ ) : ‏
وتري الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شئ إنه خبير بما تعملون‏ ( ‏ النمل‏ : 88 ) ‏
ومرور الجبال مر السحاب هو كناية عن دوران الأرض حول محورها‏,‏ وعن جريها وسبحها في مداراتها‏,‏ وذلك لأن الغلاف الغازي للأرض الذي يتحرك فيه السحاب مرتبط بالأرض برباط الجاذبية‏,‏ وحركته منضبطة مع حركة كل من الأرض‏,‏ والسحاب المسخر فيه‏.‏
غشيان‏ ( ‏ تغشية‏ ) ‏ الليل النهار‏ : ‏
جاء ذكر هذه الحقيقة الكونية في آيتين كريمتين من آيات القرآن العظيم يقول فيهما ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏
‏ ( 1 ) ‏ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين‏* ) ( ‏ الأعراف‏ : 54 ) ‏
‏ ( 2 ) ‏ وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون‏ ( ‏ الرعد‏3 ) ‏
كذلك جاء ذكر تجلية النهار للشمس‏,‏ وتغشيتها بالليل في قول الحق‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏ والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏ ( ‏ الشمس‏ : 1‏ ـ‏4 ) ‏
وجاء ذكر تغشية الليل وتجلية النهار دون تفصيل في قول ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) : ‏
والليل إذا يغشي‏*‏ والنهار إذا تجلي‏ ( ‏الليل‏ : 2,1 ) ‏
والفعل‏ ( ‏ يغشي‏ ) ‏ مستمد من‏ ( ‏ الغشاء‏ ) ‏ وهو الغطاء‏,‏ يقال غشي بمعني غطي وستر‏,‏ ويقال‏ ( ‏ غشاه‏ ) ‏ و‏ ( ‏ تغشاه‏ ) ( ‏ تغشية‏ ) ‏ أي غطاه تغطية‏,‏ و‏ ( ‏أغشاه‏ ) ‏ إياه غيره‏,‏ و‏ ( ‏ الغشوة‏ ) ‏ بفتح الغين وضمها وكسرها و‏ ( ‏ الغشاوة‏ ) ‏ مايتغطي أو يغطي به الشيء‏,‏ ويقال‏ ( ‏ غشية‏ ) ( ‏ غشيانا‏ ) ‏ و‏ ( ‏ غشاوة‏ ) ‏ و‏ ( ‏غشاء‏ ) ‏ أي جاءه مجيء ما قد غطاه وستره‏,‏ و‏ ( ‏استغشي‏ ) ‏ بثوبه و‏ ( ‏ تغشي‏ ) ‏ به أي تغطي به‏,‏ و‏ ( ‏الغاشية‏ ) ‏ كل ما يغطي الشيء كغاشية السرج‏,‏ و‏ ( ‏الغاشية‏ ) ‏ تستخدم كناية عن القيامة التي‏ ( ‏ تغشي‏ ) ‏ الخلق بأهوالها وجمعها‏ ( ‏ غواش‏ ) ,‏ و‏ ( ‏غاشية تغشاهم‏ ) ‏ أي أمر يعمهم سواء كان شرا أم خيرا من مثل نائبة تجللهم أو فرح يعمهم‏.‏
من ذلك يتضح أن من معاني يغشي الليل النهار أن الله‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ يغطي بظلمة الليل مكان نور النهار علي الأرض بالتدريج فيصير ليلا‏,‏ ويغطي بنور النهار مكان ظلمة الليل علي الأرض بالتدريج فيصير نهارا‏,‏ وهي إشارة لطيفة إلي كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس دورة كاملة في كل يوم مدته‏24‏ ساعة‏,‏ يتقاسمها ـ بتفاوت قليل ـ الليل والنهار‏,‏ في تعاقب تدريجي ينطق بطلاقة القدرة الإلهية المبدعة‏,‏ فلو لم تكن الأرض كروية الشكل مااستطاعت الدوران حول محورها‏,‏ ولو لم تدر حول محورها أمام الشمس ماتبادل الليل والنهار‏.‏
والقرآن الكريم يستخدم تعبير الليل والنهار في مواضع كثيرة استخداما مجازيا للإشارة إلي كوكب الأرض‏,‏ كما يشير بهما إلي كل من الظلمة والنور ـ علي التوالي ـ وإلي العديد من المظاهر المصاحبة لهما من مثل قوله‏ ( ‏ تعالي‏ ) : ‏
والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها
‏ ( ‏الشمس‏ : 1‏ ـ‏4 ) ‏
وفي هذه الآيات الكريمة يقسم ربنا تبارك وتعالي‏ ( ‏ وهو الغني عن القسم‏ ) ‏ بالنهار الذي يجلي الشمس أي يظهرها واضحة جلية لسكان الأرض‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها العلماء إلا من بعد ريادة الفضاء في النصف الأخير من القرن العشرين‏,‏ حين اكتشفوا أن نور النهار المبهج لا يتعدي سمكه مائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر في نصف الكرة الأرضية المواجه للشمس‏,‏ وأن هذا الحزام الرقيق من الغلاف الغازي للأرض يصفو من الملوثات وتقل كثافته بالارتفاع علي سطح الأرض‏,‏ بينما تزداد كثافته ونسب كل من بخار الماء وهباءات الغبار فيه كلما اقترب من سطح الأرض‏,‏ ويقوم ذلك التركيز وتلك الهباءات من الغبار بالمساعدة علي تشتيت ضوء الشمس‏,‏ وتكرار انعكاسه مرات عديدة حتى يظهر لنا باللون الأبيض المبهج الذي يميز النهار كظاهرة نورانية مقصورة علي النطاق الأسفل من الغلاف الغازي للأرض في نصفها المواجه للشمس‏,‏ بينما يعم الظلام الكون المدرك في غالبية أجزائه‏,‏ وتبدو الشمس بعد تجاوز نطاق نور النهار قرصا أزرق في صفحة سوداء‏,‏ ومن هنا فهمنا المعني المقصود من أن النهار يجلي الشمس‏,‏ بينما ظل كل الناس إلي أواخر القرن العشرين وهم ينادون بأن الشمس هي التي تجلي النهار‏,‏ فسبحان الذي أنزل تلك الحقيقة الكونية من قبل ألف وأربعمائة سنه‏,‏ والتي لم يكتشفها العلم التجريبي إلا في النصف الأخير من القرن العشرين‏...!!!‏
كذلك يقسم ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) ‏ في سورة الليل ـ وهو‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ غني عن القسم ـ بقوله عز من قائل‏ : ‏ والليل إذا يغشي والنهارإذا تجلي‏ ( ‏ الليل‏ : 2,1 ) ‏ وهو قسم بالليل‏ ( ‏ أي ليل الأرض‏ ) ‏ الذي يغشي أي يغطي نصف الكرة الأرضية البعيد عن الشمس بالظلام لعدم مواجهته للشمس‏,‏ وقسم بالنهار‏ ( ‏ أي نهار الأرض‏ ) ‏ الذي تشرق فيه الشمس علي نصف الكرة الأرضية المواجه لها فيعمه نور النهار‏,‏ وبتعاقبهما تستقيم الحياة علي الأرض‏,‏ ويتمكن الإنسان من إدراك مرور الزمن والتاريخ للأحداث‏.‏
وحينما يغشي الليل بظلمته نصف الأرض‏,‏ البعيد عن الشمس تتصل ظلمة الأرض بظلمة السماء فيعم الظلام‏,‏ وفي نفس الوقت يتجلي النهار في نصف الأرض المواجه للشمس بنوره المبهج فاصلا الأرض عن ظلمة الكون بحزام رقيق من النور الأبيض لا يكاد يتعدي سمكه المائتي كيلو متر‏.‏
ويمن علينا ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) ‏ بتبادل كل من الليل والنهار فيقول‏ ( ‏ سبحانه‏ ) : ‏ قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون‏*‏ قل أرءيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون‏*‏ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون‏ ( ‏ القصص‏ : 71‏ ـ‏73 ) ‏
ويقول‏ ( ‏ عز من قائل‏ ) : ‏
وجعلنا الليل لباسا‏,‏ وجعلنا النهار معاشا‏ ( ‏ النبأ‏ : 11,10 ) ‏
يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا
يتساءل قاريء القرآن الكريم عن الوصف حثيثا الذي جاء في الآية‏ ( ‏ رقم‏54 ) ‏ من سورة الأعراف ولم يذكر في بقية آيات تغشية الليل النهار‏,‏ أو التغشية بغير تحديد‏,‏ وللإجابة علي ذلك أقول إن آية سورة الأعراف مرتبطة بالمراحل الأولي من خلق السماوات والأرض‏,‏ بينما بقية الآيات تصف الظاهرة بصفة عامة‏.‏
واللفظة‏ ( ‏ حثيثا‏ ) ‏ تعني مسرعا حريصا‏,‏ يقال‏ ( ‏ حثه‏ ) ‏ من باب رده و‏ ( ‏استحثه‏ ) ‏ علي الشيء أي حضه عليه‏ ( ‏ فاحتث‏ ) ,‏ و‏ ( ‏حثثه تحثيثا وحثحثة‏ ) ‏ بمعني حضه‏,‏ و‏ ( ‏تحاثوا‏ ) ‏ بمعني تحاضوا‏.‏
والدلالة الواضحة للآية الكريمة‏ ( ‏ رقم‏54 ) ‏ من سورة الأعراف أن حركة تتابع الليل والنهار‏ ( ‏ أي حركة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس‏ ) ‏ كانت في بدء الخلق سريعة متعاقبة بمعدلات أعلي من سرعتها الحالية وإلا ما غشي الليل النهار يطلبه حثيثا‏,‏ وقد ثبت ذلك أخيرا عن طريق دراسة مراحل النمو المتتالية في هياكل الحيوانات وفي جذوع الأشجار المعمرة والمتأحفرة‏,‏ وقد انضوت دراسة تلك الظاهرة في جذوع الأشجار تحت فرع جديد من العلوم التطبيقية يعرف باسم علم تحديد الأزمنة بواسطة الأشجار أو
‏ ( Dendrochronology ) ‏ وقد بدأ هذا العلم بدراسة الحلقات السنوية التي تظهر في جذوع الأشجار عند عمل قطاعات مستعرضة فيها وهي تمثل مراحل النمو المتتالية في حياة النبات‏ ( ‏ من مركز الساق حتى طبقة الغطاء الخارجي المعروفة باسم اللحاء‏ ) ,‏ وذلك من أجل التعرف علي الظروف المناخية والبيئية التي عاشت في ظلها تلك الأشجار حيث أن الحلقات السنوية في جذوع الأشجار تنتج بواسطة التنوع في الخلايا التي يبنيها النبات في فصول السنة المتتابعة‏ ( ‏ الربيع‏,‏ والصيف‏,‏ والخريف‏,‏ والشتاء‏ ) ‏ فترق رقة شديدة في فترات الجفاف‏,‏ وتزداد سمكا في الآونة المطيرة‏.‏
وقد تمكن الدارسون لتلك الحلقات السنوية من متابعة التغيرات المناخية المسجلة في جذوع عدد من الأشجار الحية المعمرة مثل أشجار الصنوبر ذات المخاريط الشوكية المعروفة باسم
‏ ( Pinusaristata ) ‏ إلي أكثر من ثمانية آلاف سنة مضت‏,‏ ثم انتقلوا إلي دراسة الأحافير عبر العصور الأرضية المتعاقبة‏,‏ وطوروا تقنياتهم من أجل ذلك فتبين لهم أن الحلقات السنوية في جذوع الأشجار‏ ( AnnualRings ) ‏ وخطوط النمو في هياكل الحيوانات ( LinesofGrowth ) ‏ يمكن تصنيفها إلي السنوات المتتالية‏,‏ بفصولها الأربعة‏,‏ وشهورها الاثني عشر‏,‏ وأسابيعها الستة والخمسين‏,‏ وأيامها‏,‏ ونهار كل يوم وليلة وأن عدد الأيام في السنة يتزايد باستمرار مع تقادم عمر العينة المدروسة‏,‏ ومعني ذلك أن سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس كانت في القديم أسرع منها اليوم‏,‏ وهنا تتضح روعة التعبير القرآني يطلبه حثيثا عند بدء الخلق كما جاء في الآية رقم‏ ( 54 ) ‏ من سورة الأعراف‏.‏
تزايد عدد أيام السنة بتقادم عمر الأرض وعلاقتها بالسرعة الفائقة لدوران الأرض حول محورها عند بدء الخلق في أثناء دراسة الظروف المناخية والبيئية القديمة كما هي مدونة في كل من جذوع النباتات وهياكل الحيوانات القديمة أتضح للدارسين أنه كلما تقادم الزمن بتلك الحلقات السنوية وخطوط النمو زاد عدد الأيام في السنة‏,‏ وزيادة عدد الأيام في السنة هو تعبير دقيق عن زيادة سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس‏.‏
وبتطبيق هذه الملاحظة المدونة في الأحافير‏ ( ‏ البقايا الصلبة للكائنات البائدة‏ ) ‏ بدقة بالغة أتضح أن عدد أيام السنة في العصر الكمبري CambrianPeriod ) ) ‏
أي منذ حوالي ستمائة مليون سنة مضت ـ كان‏425‏ يوما‏,‏ وفي منتصف العصر الأوردوفيشي ( OrdovicianPeriod ) ‏ أي منذ حوالي‏450‏ مليون سنة مضت ـ كان‏415‏ يوما‏,‏ وبنهاية العصر التراياسي ( TriassicPeriod ) ‏ أي منذ حوالي مائتي مليون سنة مضت ـ كان‏385‏ يوما‏,‏ وهكذا ظل هذا التناقص في عدد أيام السنة‏ ( ‏ والذي يعكس التناقص التدريجي في سرعة دوران الأرض حول محورها‏ ) ‏ حتى وصل عدد أيام السنة في زماننا الراهن إلي‏365,25‏ يوم تقريبا‏ ( 365‏ يوما‏,5‏ ساعات‏,49‏ دقيقة‏,12‏ ثانية‏ ) .‏ وباستكمال هذه الدراسة اتضح أن الأرض تفقد من سرعة دورانها حول محورها أمام الشمس واحدا من الألف من الثانية في كل قرن من الزمان بسبب كل من عمليتي المد والجزر وفعل الرياح المعاكسة لاتجاه دوران الأرض حول محورها‏,‏ وكلاهما يعمل عمل الكابح‏ ( ‏ الفرامل‏ ) ‏ التي تبطيء من سرعة دوران الأرض حول محورها‏.‏ وبمد هذه الدراسة إلي لحظة تيبس القشرة الخارجية للأرض‏ ( ‏ أي قريبا من بداية خلقها علي هيئتها الكوكبية‏ ) ‏ منذ حوالي‏4,600‏ مليون سنة مضت وصل عدد الأيام بالسنة إلي‏2200‏ يوم تقريبا‏,‏ ووصل طول الليل والنهار معا إلي حوالي الأربع ساعات‏,‏ ومعني هذا الكلام أن سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس كانت ستة أضعاف سرعتها الحالية‏..!!‏ فسبحان الله الذي أنزل في محكم كتابه من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏ : ‏
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا‏... ( ‏ الأعراف‏ : 54 ) ‏
وسبحان الله الذي أبقي لنا في هياكل الكائنات الحية والبائدة ما يؤكد تلك الحقيقة الكونية‏,‏ حتى تبقي هذه الإشارة القرآنية الموجزة يطلبه حثيثا مما يشهد بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم‏,‏ وبأنه كلام الله الخالق‏,‏ وبأن خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تلقاه عن طريق الوحي كان موصولا برب السماوات والأرض‏,‏ وأنه‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ ما كان ينطق عن الهوى‏...!!‏
ارتباك دوران الأرض قبل طلوع الشمس من مغربها
بمعرفة كل من سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس في أيامنا الراهنة‏,‏ ومعدل تباطؤ سرعة هذا الدوران مع الزمن‏,‏ توصل العلماء إلي الاستنتاج الصحيح أن أرضنا سوف يأتي عليها وقت تجبر فيه علي تغيير اتجاه دورانها بعد فترة من الاضطراب‏,‏ فمنذ اللحظة الأولي لخلقها إلي اليوم وإلي أن يشاء الله تدور أرضنا من الغرب إلي الشرق‏,‏ فتبدو الشمس طالعة من الشرق‏,‏ وغاربة في الغرب‏,‏ فإذا انعكس اتجاه دوران الأرض طلعت الشمس من مغربها وهو من العلامات الكبري للساعة ومن نبوءات المصطفي‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏
فعن حذيفة بن أسيد الغفاري‏ ( ‏ رضي الله عنه‏ ) ‏ أنه قال‏ : ‏
اطلع النبي‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ علينا ونحن نتذاكر‏,‏ فقال‏ : ‏ ما تذاكرون؟‏,‏ قلنا‏ : ‏ نذكر الساعة‏,‏
فقال‏ : ‏ إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات
فذكر‏ : ‏ الدخان‏,‏ الدجال‏,‏ والدابة‏,‏ وطلوع الشمس من مغربها‏,‏ ونزول عيسي بن مريم‏,‏ ويأجوج ومأجوج‏,‏ وثلاثة خسوف‏ : ‏ خسف بالمشرق‏,‏ وخسف بالمغرب‏,‏ وخسف بجزيرة العرب‏,‏ وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم
وعن عبدالله بن عمرو‏ ( ‏ رضي الله عنه‏ ) ‏ قال‏ : ‏ سمعت رسول الله‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ يقول‏ : ‏ إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها‏,‏ وخروج الدابة علي الناس ضحي‏,‏ وأيهما ما كانت قبل صاحبتها‏,‏ فالأخرى علي إثرها قريبا‏.‏
وفي حديث الدجال الذي رواه النواس بن سمعان‏ ( ‏ رضي الله عنه‏ ) ‏ قال‏ : ‏ ذكر رسول الله‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ الدجال‏..‏ قلنا يا رسول الله‏ : ‏ وما لبثه في الأرض؟ قال‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) : ‏ أربعون يوما‏,‏ يوم كسنة‏,‏ ويوم كشهر‏,‏ ويوم كجمعة‏,‏ وسائر أيامه كأيامكم‏,‏ قلنا يارسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) : ‏ لا‏,‏ أقدروا له‏...‏
ومن الأمور العجيبة أن يأتي العلم التجريبي في أواخر القرن العشرين ليؤكد أنه قبل تغيير اتجاه دوران الأرض حول محورها أمام الشمس ستحدث فترة اضطراب نتيجة لتباطؤ سرعة دوران الأرض حول محورها‏,‏ وفي فترة الاضطراب تلك ستطول الأيام بشكل كبير ثم تقصر وتنتظم بعد ذلك‏.‏
ويعجب الإنسان لهذا التوافق الشديد بين نبوءة المصطفي‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ وما أثبته العلم التجريبي في أواخر القرن العشرين‏,‏ والسؤال الذي يفرض نفسه‏ : ‏ من الذي علم ذلك لهذا النبي الأمي‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏؟ ولماذا أشار القرآن الكريم إلي مثل هذه القضايا الغيبية التي لم تكن معروفة في زمن الوحي؟ ولا لقرون من بعده؟ لولا أن الله‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلي اكتشاف تلك الحقائق الكونية فتكون هذه الإشارات المضيئة في كتاب الله وفي أحاديث خاتم أنبيائه ورسله‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ شهادة له بالنبوة وبالرسالة‏,‏ في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه‏.‏
خطأ شائع يجب تصحيحه‏
يظن بعض الناس أننا إذا أدركنا في صخور الأرض أو في صفحة السماء عددا من معدلات التغيير الآنية في النظام الكوني الذي نعيش فيه فإنه قد يكون من الممكن أن نحسب متي ينتهي هذا النظام‏,‏ وبمعني آخر متي تكون الساعة‏...!!‏
وهذا وهم لا أساس له من الصحة لأن الآخرة لها من السنن والقوانين مايغاير سنن الدنيا‏,‏ وأنها تأتي فجأة بقرار إلهي كن فيكون‏,‏ دون انتظار لرتابة السنن الكونية الراهنة التي تركها لنا ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) ‏ رحمة منه بنا‏,‏ إثباتا لإمكان حدوث الآخرة‏,‏ وقرينة علمية علي حتمية وقوعها والتي جادل فيها أهل الكفر والإلحاد عبر التاريخ‏,‏ والذين كانت حجتهم الواهية الإدعاء الباطل بأزلية العالم‏,‏ وهو ادعاء أثبتت العلوم الكونية في عطاءاتها الكلية بطلانه بطلانا كاملا‏...!!!‏
فعلي سبيل المثال ـ لا الحصر ـ تفقد شمسنا من كتلتها في كل ثانية علي هيئة طاقة مايساوي‏4,6‏ مليون طن من المادة‏ ( ‏ أي نحو أربعة بلايين طن في اليوم‏ ) ,‏ ونحن نعرف كتلة الشمس في وقتنا الحاضر فهل يمكن لعاقل أن يتصور إمكان استمرار الشمس حتى آخر جرام من مادتها؟ وحينئذ يمكن بقسمة كتلة الشمس علي ما تفقده في اليوم أن ندرك كم بقي من عمرها؟
هذا كلام يرفضه العقل السليم‏,‏ لأن الساعة قرار إلهي غير مرتبط بفناء مادة الشمس‏,‏ وإن أبقي لنا ربنا‏ ( ‏ تبارك وتعالي‏ ) ‏ هذه الظاهرة من الإفناء التدريجي للشمس‏,‏ ولغيرها من نجوم السماء دليلا ماديا ملموسا علي حتمية الآخرة‏,‏ أما متي تكون؟ فهذا غيب مطلق في علم الله‏,‏ لا يعلمه إلا هو‏ ( ‏ سبحانه وتعالي‏ ) .‏
وبالمثل فإن الحرارة تنتقل في كوننا المدرك من الأجسام الحارة إلي الأجسام الباردة‏,‏ ويفترض قانون انتقال الحرارة استمرارتلك العملية حتى تتساوي درجة حرارة كل أجرام الكون وينتهي كل شئ‏,‏ فهل يمكن لعاقل أن يتصوراستمرار الوجود حتى تتساوي درجة حرارة كل الأجرام في الكون‏,‏ أم أن هذا قرار إلهي‏ : ‏ كن فيكون غير مرتبط بانتقال الحرارة من الأجسام الحارة إلي الأجسام الباردة‏,‏ وإن أبقاها الله‏ ( ‏ تعالي‏ ) ‏ قرينة مادية ملموسة علي حتمية الآخرة؟ وعلي أن الكون الذي نحيا فيه ليس أزليا ولا أبديا‏,‏ فقد كانت له بداية‏,‏ ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية؟ وهذا ما أثبتته جميع الدراسات العلمية في عصر تفجر المعرفة الذي نعيشه‏,‏ وأن تلك النهاية لن تتم برتابة الأحداث الدنيوية في الجزء المدرك من الكون‏,‏ بل هي قرار إلهي فجائي لا يعلم وقته إلا الله سبحانه وتعالى ولذلك أنزل لنا في محكم كتابه قوله الحق مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) : ‏
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلاهو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون‏ ) ‏ الأعراف‏ : 187 ) ‏
كما أنزل‏ ( ‏ سبحانه وتعالي‏ ) ‏ كذلك في المعني نفسه‏ : ‏
يسألونك عن الساعة أيان مرساها‏*‏ فيم أنت من ذكراها‏*‏ إلي ربك منتهاها‏*‏ إنما أنت منذر من يخشاها‏*‏ كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها‏ ( ‏ النازعات‏ : 42‏ ـ‏46 ) ‏
وعلي ذلك جاء رد المصطفي‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ علي جبريل‏ ( ‏ عليه السلام‏ ) ‏ حين سأله في جمع من الصحابة‏ : ‏ فأخبرني عن الساعة؟ بقوله الشريف‏ : ‏ ما المسئول عنها بأعلم من السائل‏.‏
فسبحان الله الذي أنزل القرآن الكريم بالحق‏,‏ أنزله بعلمه‏,‏ وجعله معجزة خاتم أنبيائه ورسله‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ إلي قيام الساعة‏,‏ وجعله مهيمنا علي المعرفة الإنسانية مهما اتسعت دوائرها في كل أمر ذكر فيه‏,‏ وجعل كل آية من آياته‏,‏ وكل كلمة من كلماته‏,‏ وكل حرف من حروفه‏,‏ وكل إشارة‏,‏ ودلالة‏,‏ ووصف فيه مما يشهد بأنه كلام الله الخالق‏,‏ ويشهد للنبي الخاتم‏ ( ‏ صلي الله عليه وسلم‏ ) ‏ بالنبوة والرسالة الخاتمة‏.‏
المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار

عمروعبده
28-06-2010, 07:22 PM
طوفان نوح عليه السلام
بقلم فراس نور الحق




لقد تحدث القرآن الكريم عن الأمم السابقة البائدة وكيف كانت مواقفهم تجاه رسل الله تعالى ومن القصص التي وردت في القرآن الكريم قصة نوح عليه السلام والطوفان قال تعالى :
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ {105} إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ {106}إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {107} فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ {108} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {109} فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُونِ {110} قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ {111}قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {112} إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ {113} وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ {114} إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِين {115} قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ {116} قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ {117} فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {118} فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{119} ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ {120} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَان أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {121} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }.[الشعراء : 105،121].
قال تعالى في سورة نوح : (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {1} قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {2}.
الإعجاز الغيبي:
لعل هذه القصة من أعظم صور الإعجاز الغيبي في القرآن الكريم والتي صدقتها المكتشفات الأثرية الحديث :
قصة الطوفان عند الحضارات القديمة :
من المعروف منذ زمن طويل أن قصص الطوفان تنتشر انتشاراً واسعاً في جميع أنحاء العالم، فهناك قصص عن الطوفان في بعض مجتمعات الشرق الأدنى القديم، وفي الهند وبورما والصين والملايو واستراليا وجزر المحيط الهادي، وفي جميع مجتمعات الهنود الحمر .
و لعل أهم هذه القصص قصة الطوفان السومرية، وقصة الطوفان البابلية، وقصة الطوفان اليهودية كما ترويها التوراة وعلى الرغم من التحريف الذي يشوب بعض تلك القصص إلا أنها متفقة على أنه قد حدث طوفان عظيم وأنه كان هناك رجل صالح قام ببناء سفينة وحمل فيها من كل الحيوان زوجين إضافة إلى أهله ومن تبعه من الناس المؤمنين بالله وسوف نعرض لأهم هذه القصص :
أولاً: قصة الطوفان السومرية : كان الناس يعتقدون حتى أواخر القرن الماضي أن التوراة هي أقدم مصدر لقصة الطوفان , ولكن الاكتشافات الحديثة أثبتت أن ذلك مجرد وهم، حيث عثر في عام 1853 م على نسخة من رواية الطوفان البابلية، وفي الفترة ما بين 1889م ،1900 م، اكتشفت أول بعثة أثرية أمريكية قامت بالتنقيب في العراق اللوح الطيني الذي يحتوي على القصة السومرية للطوفان في مدينة "نيبور " ( نفر ) ثم تبعه آخرون، ويبدوا من طابع الكتابة التي كتبت بها القصة السومرية أنها ترجع إلى ما يقرب من عهد الملك البابلي الشهير " حمورابي " وعلى أنه من المؤكد أنها كانت قبل ذلك .
ملخص القصة حسب الرواية السومرية تتحدث عن ملك يسمى ( زيوسودا )كان يوصف بالتقوى ويخاف من الله، ويكب على خدمته في تواضع وخشوع أُخبر بالقرار الذي أعده مجمع الآلهة بإرسال الطوفان الذي صاحبه العواصف والأمطار التي استمرت سبعة أيام وسبع ليال يكتسح هذا الفيضان الأرض، حيث يوصف ( زيوسودا) بأنه الشخص الذي حافظ على الجنس البشري من خلال بناء السفينة ...
ثانياً : قصة الطوفان البابلية :
1 . ملحمة جلجامش : في الثالث من ديسمبر 1872 م أعلن " سيدني سمث " نجاحه في جمع القطع المتناثرة من ملحمة جلجامش بعضها إلى بعض، مكتوبة في أثنى عشر نشيداً، أو بالأحرى لوحاً، ومحتوية على قصة الطوفان في لوحها الحادي عشر: وملخص القصة أنه كان هناك رجل يسمى جلجامش أمرته الآلهة بأن يبني سفينة , وأن يدع الأملاك وأنه احتمل على ظهر الفلك بذور كل شيء حي، والفلك التي بنها سيكون عرضها مثل طولها وأنه نزل مطر مدرار .. الخ ثم استوت السفينة على جبل نيصير ( نيزير ) [ وهو جيل بين الدجلة والزاب الأسفل] . [/URL][URL="http://ebook/images/13/nuh/hjar2.jpg"] (http://ebook/images/13/nuh/hjar2.jpg)
2 ـ قصة بيروسوس:
في النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، وعلى أيام الملك " أنتيوخوس الأول" ( 280 ،260 ق.م )، كان هناك أحد كهنة الإله " ردوك " البابلي، ويدعى بيروسوس قد كتب تاريخ بلاده باللغة اليونانية في ثلاثة أجزاء وحوا الكتاب على قصة الطوفان وتقول أنه كان يعيش ملك اسمه " أكسيسو ثووس " هذا الملك يرى فيما يرى النائم أن الإله يحذره من طوفان يغمر الأرض ويهلك الحرث والنسل فيأمره بأن يبني سفينة يأوي إليها عند الطوفان .
فيبني هذا الملك سفينة طولها مائة وألف يارده وعرضه أربعمائة وأربعون ياردة، ويجمع فيه كل أقربائه وأصحابه، ويختزن فيه زاداً من اللحم والشراب فضلاً عن الكائنات الحية من الطيور وذات الأربع .
و يغرق الطوفان الأرض.. وتستقر السفينة على جبل حيث ينزل وزوجته وابنته وقائد الدفة، ويسجد الملك لربه ويقدم القرابين الخ....
ً3_ قصة الطوفان اليهودية كما ترويها التوراة
وردت هذه القصة في الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها على النحو التالي :
(رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثني من ذلك نوحاً لأنه كان رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله ........... وتزداد شرور الناس، وتمتليء الأرض ظلماً، ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحاً علماً بما نواه، آمراً إياه بأن يصنع فلكاً ضخماً، وأن يكون طلاؤها بالقار والقطران من داخل ومن خارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وأن يدخل فيها اثنين من كل ذي جسد حي، ذكراً وأنثى، فضلاً عن امرأته وبنهيه ونساء بيته، هذا إلى جانب طعام يكفي من في الفلك وما فيه.. تكوين 6: 1 ـ 22.
و يكرر الرب أوامره في الإصحاح التالي فيأمره أن يدخل الفلك ومن معه ذلك لأن الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام ذلك عن طريق مطر يسقط على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوي إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوماً على الأرض.
و تكاثرت المياه ورفعت الفلك عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جد كان يدب على الأرض، من الناس، والطيور والبهائم والوحوش وبقي نوح والذين معه في الفلك حتى استقرت الفلك على جبل أرارات.
إن هذه النصوص برغم ما حوت من تحريف إلا أنها بمجموعها تؤكد حدوث قصة الطوفان وهي في شكلها العام تتطابق من القرآن الكريم فمن أخبر محمداً بتلك بتفاصيل تلك القصة التي كانت أحداثها قبل ولادته بآلاف السنين .

الأدلة الأثرية في العراق تدل على ثبوت قصة الطوفان :
يرى بعض علماء التاريخ وبعض المفسرين أن الطوفان الذي أصاب قوم نوح لم يشمل كامل الكرة الأرض بل شمل منطقة معينة هي وادي الرافدين ولقد أجرت عدة بعثات أثرية ببعض التنقيبات في سهول بلاد الرافدين للبحث عن الآثار التي تذخر بها تلك المنطقة التي شهدت عدة حضارات ولقد كشفت تلك التنقيبات إلى أن هذه المنطقة شهدت طوفاناً عظيماً قضى على الحضارة السومرية التي كان أهلها يقطنون في سهول الرافدين
فقد ظهرت آثار الطوفان جلية في أربعة مدن رئيسية في بلاد الرافدين : أور ـ أريش ـ شورباك ـ كيش
ولقد كشفت التنقيبات الأثرية إلى أن هذه المدن قد ضربها الطوفان في حوالي 3000 قبل الميلاد
التنقيبات في أور:
إن أقدم ما تبقى من هذه الحضارة هو مدينة أور المعروفة اليوم (بتل المكيار ) والتي يعود تاريخها إلى عام 7000 قبل الميلاد إن مدينة أور فقد كان سكنها حضارات متعاقبة سادت ثم بادت ومن خلال المكتشفات الأثرية لمدينة أور تبين بأن تلك الحضارة ضربها طوفان رهيب وأن حضارات نشأت مكانها تدريجياً .
لقد قاد عالم الآثار (سير ليونارد وولي) حملة تنقيب من قبل المتحف البريطاني وجامعة (بنسلفانيا )عام عام 1928م في المنطقة الصحراوية بين بغداد وخليج فارس ولقد وصف (ورينر كيلر) عالم الآثار الألماني تنقيبات (سير ليونارد وولي) كالتالي:
" عندما قدمت حملة علماء الآثار إلى تل المكيار التي ارتفاعها 50 قدم جنوب المعبد وبعد التنقيب وجدوا صف طويل من القبور فوق بعضها وقناطر حجرية رائعة وخزائن الكنوز التي كانت ممتلئة بـ أقداح ثمينة، وجرار رائعة ومزهريات وطاولات وبرونزيات وفسيفساء وفضة تحيط بهذه الأشياء التي يغطيها الغبار وبعد عدة أيام الحفر والتنقيب نادى أحد العمال الذين مع (وولي ) وقال : نحن على مستوى الأرض ووضع نفسه في النفق ليقنع نفسه . ظن (وولي) إن هذا كل شيء، إنه رمل نقي (غريد) وهو نوع من الرمل ينحل بالماء فقط.
لقد قرروا أن يواصلوا الحفر ويجعلوا الحفر أعمق، أعمق وأعمق ذهبت الحملة إلى داخل الأرض ثلاثة أقدام، ستة أقدام لا يزال طين عشرة أقدام ....
فجأة وعلى عمق عشرة أقدام توصلوا إلى دليل واضح على مساكن بشرية.
وينقل (ماكس مالوان ) عن سير ليونارد وولي " الطوفان هو الدليل الوحيد الممكن لهذا الطمي الهائل الذي توضع تحت التلة في مدينة أور، الذي فصل بين حضارتين بين مدينة أور السومرية ومدينة العبيد الأشورية " (1)
ولقد دلت التحليلات المجهرية لهذا الطمي أو الغريد الهائل الذي توضع تحت التلة في أور تكدس هنا نتيجة الطوفان.
مدينة كيش:
وكذلك الأمر تم الكشف عن آثار للطوفان في مدينة أخرى من مدن بلاد الرافدين وهي كيش السومرية المعروفة اليوم بـ تل الأحيمر ويصف تاريخ السومريون القدماء هذه المدينة بـ ( الموقع الأول للأسرة الحاكمة ) (2)
مدينة شورباك:
المدينة الجنوبية في بلاد الرافدين (شوربا ) المعروفة اليوم بـ تل الفرح ، تحمل أيضاً دليلاً واضحاً على الطوفان من خلال الأبحاث الأثرية التي قام بها (أريش سكمرت ) من جامعة بنسلفاينا في هذه المدينة من عام 1920ـ1930 كشفت هذه التنقيبات الأثرية النقاب عن ثلاثة طبقات من المساكن التي امتدت في عصر ما قبل التاريخ إلى الأسرة الحاكمة الثالثة كمدينة أور (2112ـ 2004) قبل الميلاد . وكانت الاكتشافات المميزة بيوتاً مبنية بشكل رائع مترافقة مع كتابة مسمارية وقوائم من الكلمات تدل على التطور الراقي الذي كان موجوداً
في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد (3)
وكذلك كانت هناك آثار للطوفان في مدينة أريش الأثرية.
اكتشاف آثار سفينة نوح :
أكتشف علماء الآثار عام 1959 آثار لسفينة نوح على جبل جودي أو ما يعرف بجبل Gudi في في المنقطة الواقعة بين العراق وتركيا وسوريا ولقد نشرت صحيفة Life magazene في عدد سبتمبر من عام 1960 في الصفحة الثانية تحقيقاً عن خبر اكتشاف سفينة نوح مع نشر بعض الصور .

ومن أحب التوثق أكثر يمكن أن يزور الموقع التالي:
http://www.noahsarksearch.com/ (http://ebook/www.noahsarksearch.com/default.htm)
ولقد زار أحد علماء الآثار واسمه رون وايات موقع السفينة في عام 1977وأكد أن موقع السفينة يرتفع حوالي 6.300 قدم فوق سطح البحر وعلى بعد حوالي 200 ميل عن البحر (4).
(http://ebook/images/13/noh7.jpg)
أضغط على الصور لتكبيرها
(http://ebook/images/13/noh6.jpg)
صورة لبعض المواطنين الأتراك بالقرب من بقايا سفينة نوح
(http://ebook/images/13/noh5.jpg)
صورة لبقايا سفينة نوح عليه السلام أضغط على الصور لتكبيره
اكتشاف شواهد الحياة قبل الطوفان:
واشنطن-ناسا: عثر مستكشفون أميركيون على عمق مئات الأمتار تحت سطح البحر الأسود على بقايا منطقة سكانية في بقعة وقعت فيها سيول مدمرة قبل 7500 عام تعادل في أهميتها اكتشاف أطلال بومبي المدينة الرومانية القديمة التي دمرها بركان فيزوف قبل عدة قرون.
وذكرت رويترز في تحقيق لها بهذا الشأن أن روبرتبا لارد أحد المستكشفين أوضح أن فريقه من جمعية ناشيونال جيوغرافيك عثر على هيكل مستطيل قد يكون لبناء على عمق نحو 310 أمتار تحت سطح البحر مما يشير إلى أن أناساً كانوا يعيشون هناك قبل إغراق طوفان هائل للمنطقة الأمر الذي يعتبر شواهد على مستوطنات بشرية. وقال بالارد في حديث هاتفي من سفينة الأبحاث نورذرنهور ايزون على مسافة 20 كيلومتراً قبالة الساحل التركي أن الاكتشاف هائل ويرجع المعمار والقطع الفنية فيه إلى العصر البرونزي الحديث الذي كانت بدايته قبل نحو 7000 عام كما أنه يضم كمية كبيرة من الأطلال تحت سطح الماء مما يشير إلى أن عدداً كبيراً من الناس كانوا يعيشون فيها واعتبر هذا الاكتشاف يفوق في أهميته اكتشاف حطام التايتانيك في عام 1985.

آثار بعض المصنوعات اليدوية والتي عثر عليها في قعر البحر الأسود
وأضاف أن فريقه توصل إلى هذا الاكتشاف قبل ثلاثة أيام في الأسبوع الثاني من بعثة تستغرق خمسة أسابيع ويأمل أعضاء الفريق في التوصل إلى اكتشافات أخرى وسيقومون بعمليات تجفيف وتصوير وثائقي دقيق قبل إحضار أي شيء إلى السطح. وتم التعرف على القطع المكتشفة بمجسات ضوئية "سونار" وتم تصويرها بواسطة عربة متنقلة اسمها ازجوس في حجم الغسالة الكهربائية متصلة بباخرة الأبحاث بكابلات من الألياف الزجاجية وتبلغ مساحة الهيكل المستطيل الذي تم اكتشافه أربعة أمتار عرضاً و 15 متراً طولاً.
بقلم فراس نور الحق محرر موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (http://ebook/30.htm)
__________________________________
تم الاستفادة من أبحاث الداعية التركي هارون يحيى في إعداد البحث
1. Werner Keller, Und die Bibel hat doch recht (The Bible as History; a Confirmation of the Book of Books)
2. Kish,” Britannica Micropaedia 6, 893
3. Shuruppak,” Britannica Micropaedia 10, 772
4. www.geocities.com/islamicmiracles/Woodenplatefound.htm (http://ebook/www.geocities.com/islamicmiracles/Woodenplatefound.htm)
المراجع : كتاب دراسات تاريخية من القرآن الكريم ج4 . تأليف الدكتور محمد بيومي مهران.
العدد العاشر 5/10/2000شبكة عربيات
الموقع التالي : www.geocities.com/islamicmiracles/Woodenplatefound.htm (http://ebook/www.geocities.com/islamicmiracles/Woodenplatefound.htm)
موقع هارون يحيى قسم اللغة الإنكليزية
The Bible as History; a Confirmation of the

عمروعبده
28-06-2010, 07:28 PM
قصة صلب المسيح



ومن أنباء الأولين التي ظل الناس في شك من حقيقة أمرها القصة التي تذكر صلب عيسى عليه السلام كما في الأناجيل عند النصارى ، فقد شهد قوم عيسى عليه السلام وكذلك جماهير الرومان حادثة صلب ، ولم يساورهم شك في أن عيسى عليه السلام قتل وصلب، إلا أن الحواريين شاهدوا عيسى عليه السلام بعد حادثة الصلب المزعوم حياً، كما ورد ذلك في إنجيل لوقا:(1)" وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم. فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحاً. فقال لهم ما بالكم مضطربين. ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم. انظروا يديّ ورجليّ إني أنا هو. جسّوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه. وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم ههنا طعام ؟ فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدامهم ". وقد أصبح الجميع في حيرة من حقيقة الأمر، فالناس يقولون : إنه صلب وقد رأوا ذلك رأي العين، والحواريون يقولون : إنهم قابلوه بعد حادثة الصلب المزعوم بجسده وروحه حياً يرزق .ولم يجدوا تفسيراً لهذا التناقض إلا قولهم : إنه صلب ومات ودفن ثم بعث من بين الأموات ، ولكن القرآن الكريم جاء ليكشف عن هذا السر ويزيل ذلك الغموض فقال تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾ (النساء:157-158). فالحقيقة أن الذي صلب هو الشبه، فالذين قالوا : "رأيناه مصلوباً" أخبروا بما رأوا إذ ظنوا الشبه هو عيسى عليه السلام نفسه ، والذين قالوا : "رأيناه بعد الحادثة" هم على حق، لأنه لم يصلب ، وأتى القرآن الكريم بالعلم الذي يكشف الحقيقة ويخرج الناس من الاختلاف(2) وهذا النوع من الإعجاز يعد من أدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن القصة وقعت بعيدة عن زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصار أهلها في ارتباك وحيرة، ويأتي نبي أمي في أمة أمية بعد قرون يكشف لهم السر ويبين لهم التفسير الحقيقي للمشاهدات التي تبدو متناقضة ، فيرفع عنها التناقض ويزيل الإشكال. وهذا دليل على أن هذا العلم الذي جاء علي يد النبي الأمي لا يمكن أن يكون إلا من عند الله .وبعد اعتناق العدد الكثير من الأحبار والرهبان الإسلام طوال التاريخ إقراراً بصدق ما جاء في القرآن من خبر صادق عن التاريخ الصحيح للرسل وأتباعهم ، والذي جاء على يد نبي أمي ليس في ثقافة قومه شئ من هذه الأخبار .
المصدر:
موقع الإيمان على شبكة الإنترنت تصميم مركز بحوث جامعة الإيمان بإشراف الشيخ عبد المجيد الزنداني . .
المراجع :
(1) إصحاح 24 فقرة – 36 – 43 .
(2) لقد أورد الأستاذ أحمد ديدات في كتابه " مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء " ثلاثين نقطة استخلصها من أسفار الأناجيل المختلفة من بين أدلة أخرى تفند فرية صلب المسيح عليه السلام وتؤكد ما أقره القرآن الكريم بشأن الحادثة .

عمروعبده
28-06-2010, 07:30 PM
قوم سبأ وسيل العَرِم



قال تعالى في كتابه العزيز : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِم آيةٌ جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْناَهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 15-16)
يعتبر مجتمع سبأ واحداً من أكبر أربع حضارات عاشت في جنوبي الجزيرة العربية، ويعتقد أن هؤلاء القوم قد أسسوا مجتمعهم ما بين 1000-750 قبل الميلاد، وانهارت حضارتهم حوالي 550 بعد الميلاد، بسبب الهجمات التي دامت قرنين والتي كانوا يتعرضون لها من جانب الفرس والعرب.
بقي تاريخ نشوء حضارة سبأ موضع خلاف حتى الآن، فالسبئيون لم يشرعوا بكتابة تقاريرهم الحكومية حتى سنة 600 قبل الميلاد، لذلك لا يوجد أي سجلات سابقة لهذا التاريخ.
يعود أقدم المصادر التي تشير إلى قوم سبأ إلى سجلات الملك سيرجون الثاني الآشوري الحربية (722-705 قبل الميلاد)، في تلك السجلات يشير الملك الآشوري في سجلاته التي دون فيها الأمم التي كانت تدفع له الضرائب إلى ملك سبأ "إيت عمارا". هذا أقدم مصدر يشير إلى الحضارة السَّبئية، إلا أنه ليس من الصواب أن نستنتج أن هذه الحضارة قد تم إنشاؤها حوالي 700 قبل الميلاد فقط اعتماداً على هذا المصدر الوحيد ،لأن احتمال تشكل هذه الحضارة قبل ذلك وارد جداً، وهذا يعني أن تاريخ سبأ قد يسبق هذا التاريخ. ورد في نقوش أراد نانار، أحد ملوك مدينة أور المتأخرين، كلمة "سابوم" والتي تعني "مدينة سبأ" [1] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn1#_ftn1)، وإذا صح تفسير هذه الكلمة على أنها مدينة سبأ، فهذا يعني أن تاريخ سبأ يعود إلى 2500 قبل الميلاد.
تقول المصادر التاريخية التي تتحدث عن هذه الحضارة: إنها كانت أشبه بالحضارة الفينيقية، أغلب نشاطاتها تجارية، لقد سيطر هؤلاء القوم على الطرق التجارية التي تمر عبر شمالي الجزيرة، كان على التجار السبئيين أن يأخذوا إذناً من الملك الآشوري سيرجون الثاني حاكم المنطقة التي تقع شمالي الجزيرة، إذا ما أرادوا أن يصلوا بتجارتهم إلى غزة والبحر المتوسط، أو أن يدفعوا له ضريبة على تجارتهم، وعندما بدأ هؤلاء التجار بدفع الضرائب للملك الآشوري دُوِّنَ اسمُهُم في السجلات السنوية لتلك المنطقة.
يعرف السبئيون من خلال التاريخ كقوم متحضرين، تظهر كلمات مثل "استرجاع"، "تكريس"، "بناء"، بشكل متكرر في نقوش حكامهم، ويعتبر سد مأرب الذي كان أحد أهم معالم هذه الحضارة، دليلاً واضحاً على المستوى الفني المتقدم الذي وصل إليه هؤلاء القوم؛ إلا أن هذا لا يعني أنهم كانوا ضعفاء عسكرياً، فقد كان الجيش السبئي من أهم العوامل التي ضمنت استمرار هذه الحضارة صامدة لفترة طويلة.
كان الجيش السبئي من أقوى جيوش ذلك الزمان، وقد ضمن لحكامه امتداداً توسعياً جيداً، فقد اجتاحت سبأ منطقة القتبيين، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق في القارة الإفريقية، وفي عام 24 قبل الميلاد وأثناء إحدى الحملات على المغرب، هزم الجيش السبئي جيش ماركوس إيليوس غالوس الروماني الذي كان يحكم مصر كجزء من الإمبراطورية الرومانية التي كانت أعظم قوة في ذلك الزمن دون منازع، يمكن تصوير سبأ على أنها كانت بلاداً معتدلة سياسياً، إلا أنها ما كانت لتتأخر في استخدام القوة عند الضرورة.. لقد كانت سبأ بجيشها وحضارتها المتقدمة من " القوى العظيمة" في ذلك الزمان.
لقد ورد في القرآن ذكر جيش سبأ القوي، وتظهر ثقة هذا الجيش بنفسه من خلال كلام قواد الجيش السبئي مع ملكتهم كما ورد في سورة النمل:
(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) (النمل: 33).
كانت مأرب هي عاصمة سبأ، وكانت غنية جداً، والفضل يعود إلى موقعها الجغرافي، كانت العاصمة قريبة جداً من نهر الدهنا الذي كانت نقطة التقائه مع جبل بلق مناسبة جداً لبناء سد، استغل السبئيون هذه الميزة وبنوا سداً في تلك المنطقة حيث نشأت حضارتهم، وبدؤوا يمارسون الري والزراعة، وهكذا وصلوا إلى مستوى عال جداً من الازدهار. لقد كانت مأرب العاصمة من أكثر المناطق ازدهاراً في ذلك الزمن. أشار الكاتب الإغريقي بليني
ـ الذي زار المنطقة وأسهب في مدحها ـ إلى وقال أنها أراضي واسعة وخضراء.[2] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn2#_ftn2)

نقوش مكتوبة بلغة أهل سبأ
بلغ ارتفاع سد مأرب 16 متراً وعرضه60 متراً وطوله 620 متراً، وهذا يعني حسابياً أنه يمكن أن يروي 9600 هكتاراً من الأراضي، منها 5300 في السهل الجنوبي، والباقي للسهل الشمالي، كان يشار إلى هذين السهلين في النقوش السبئية "مأرب والسهلان"41 و يشير التعبير الدقيق في القرآن: (جَنَّتاَنِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ) إلى وجود حدائق وكروم في هذين الواديين أو السهلين، لقد أصبحت المنطقة أكثر مناطق اليمن غنىً وإنتاجاً بفضل السد ومياهه. أثبت الباحثان: الفرنسي ج. هوفلي والنمساوي غلاسر أن سد مأرب قد أوجد منذ زمن بعيد. وتروي الوثائق المكتوبة بلغة "حِمْـيَر" أن هذا السد قد جعل المنطقة في غاية الخصوبة والعطاء.[3] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn3#_ftn3)
لقد تم إصلاح هذا السد خلال القرنين الخامس والسادس للميلاد، إلا أن هذه الإصلاحات لم تمنع السد من الانهيار عام 542 للميلاد. انهار السد بسبب سَيل العَرِمِ الذي ذكره القرآن الكريم، والذي سَبَّبَ أضراراً بالغة، لقد هلكت كل البساتين والكروم والحدائق ـ التي بقي السبئيون يرعونها لعدة قرون ـ على بَكْرَةِ أبيها، بعد انهيار السد عانى السبئيون من فترة ركود طويلة لم تقم لهم قائمة بعدها... وهذه كانت نهاية القوم التي بدأت مع انهيار السد.

سيل العَرِم الذي أتى على سبأ
إذا ما تأملنا الآيات القرآنية على ضوء المعلومات التاريخية التي أتينا عليها، لوجدنا توافقاً كبيراً.
تثبت كل من المكتشفات الجيولوجية والأثرية ما جاء في القرآن، فكما ذكر القرآن لقد استحق هؤلاء القوم ـ الذين لم يستمعوا لنصح رسولهم وكذبوا بالحق لما جاءهم ولم يؤمنوا به ـ العقاب بِسيلٍ عَرِمٍ، يصف القرآن الكريم هذا السيل في سورة سبأ:
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ في مَسْكَنِهِمْ آيةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُم واشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأرْسَلْنَا عَلَيْهِم سَيْلَ العَرِم وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ* ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ ) (سبأ: 15-17).
لقد كان السبئيون كما تدل الآية الكريمة يعيشون في منطقة مشهورة بجمالها، جنان وكروم، وكانت تقع على طرق التجارة، لقد كانت على مستوى متقدم جداً بالنسبة لغيرها من مدن ذلك الزمان.
كانت ظروف العيش في بلدة كهذه ممتازة، ولم يكن للقوم من جهد يبذلونه سوى ( كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) كما تقول الآية، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، بل نسبوا ما يملكونه لأنفسهم، لقد ظنوا أنهم أصحاب هذه البلدة، وأنهم هم الذين أوجدوا مافيها من الرخاء والازدهار، اختاروا الغرور والتكبر على الشكر والتواضع لله، وكما تقول الآية: ( فَأَعْرَضُوا... ).
لأنهم نسبوا كل ما أنعم الله به عليهم لأنفسهم، وأصرُّوا أنه من صنعهم، خسروا كل شيء... لقد أهلك سيلُ العَرِم كلَّ ما صنعت أيديهم.
يذكر القرآن أن العقاب الإلهي كان بإرسال (سَيْلَ العَرِمِ). وهذا التعبير القرآني يخبرنا كيف وقعت الواقعة، فكلمة "عَرِم" تعني الحاجز أو السد. يصف تعبير (سَيْلَ العَرِمِ ) السيل الذي جاء ليدمر هذا الحاجز، لقد حل المفسرون المسلمون موضوع الزمان والمكان على ضوء الألفاظ القرآنية التي وردت في وصف سيل العرم، يقول المودودي في تفسيره:
"كما استخدم في التعبير سيل العرم، فإن كلمة "عَرِم" مشتقة من كلمة "عريمين" المستخدمة في لهجة سكان جنوب الجزيرة، والتي تعني "السد، الحاجز"، وقد عثر على هذه الكلمة في أثناء الحفريات التي نفذت في جنوب اليمن باستعمالات كثيرة تفيد هذا المعنى، على سبيل المثال: استخدمت هذه الكلمة في الكتابات التي كانت تملى من قبل ملك اليمن الحبشي "أبرهة"، بعد تعمير وأصلاح سد مأرب في 542 و543 م لتعني السد "الحاجز" مرة أخرى. أذن فأن (سَيْلَ العَرِم) يعني "كارثة السيل التي حدثت بعد تحطم سد".
( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ) (سبأ: 16). أي: إن البلدة بكاملها قد غرقت بعد انهيار السد بسبب السيل، لقد تحطمت جميع أقنية الري التي حفرها السبئيون، وكذلك الحائط الذي أنشؤوه ببنائهم حواجز بين الجبال، ولم يعد لنظام الري أي وجود، وهكذا تحولت الجنان إلى أدغال، ولم يبقَ من الثمار شيء، سوى ثمار تشبه الكرز وأشجار قصيرة كثيرة الجذور. [4] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn4#_ftn4)
لقد أقر الكاتب وعالم الآثار المسيحي وورنر كيلر Werner Kellerصاحب كتاب "الكتاب المقدس كان صحيحاً" أن سيل العرم قد حدث كما ورد وصفه في القرآن الكريم، وأنه وقع في تلك المنطقة، وأن هلاك المنطقة بكاملها بسبب انهياره، إنما يبرهن على أن المثال الذي ورد في القرآن الكريم عن قوم الجنتين قد وقع فعلاً. [5] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn5#_ftn5)
بعد وقوع كارثة السد، بدأت أراضي المنطقة بالتصحر، وفقد قوم سبأ أهم مصادر الدخل لديهم مع اختفاء أراضيهم الزراعية، وهكذا كانت عاقبة القوم الذين أعرضوا عن الله وترفعوا عن شكره، وتفرق القوم بعد هذه الكارثة، وبدأ السبئيون يهجرون أراضيهم مهاجرين إلى شمالي الجزيرة، مكة وسوريا. [6] (http://ebook/sbaa.htm#_ftn6#_ftn6)
يأتُي الحيز الزماني الذي شغلته هذه الكارثة بعد زمن العهد القديم والعهد الجديد، لذلك لم يرد ذكره إلا في القرآن الكريم.
تقف آثار مأرب المهجورة والتي كانت في يوم من الأيام موطناً للسبئيين، كآية من آيات العذاب تنذر أولئك الذين يكررون خطيئة القوم، لم يكن السبئيون هم القوم الوحيدين الذين أهلكهم السيل، ففي سورة الكهف يروي لنا القرآن الكريم قصة صاحب الجنتين، امتلك هذا الرجل جنتين خصبتين جميلتين تشبهان جنان قوم سبأ، إلا أنه ارتكب نفس خطيئتهم: أعرض عن الله، لقد ظن أن هذه النعمة من صنعه هو وهي له دون عن غيره:
(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعْلنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَم تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلىَ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْها مُنقَلَباً * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاورُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً * لَّكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ولآ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَولآ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسى رَبِّي أَن يَؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهيَ خَاويَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ برَبِّي أَحَداً * وَلَم تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً * هُنَالِكَ الوَلايَةُ للهِ الحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) (الكهف: 32-44) .
كما نفهم من الآيات لم يكن صاحب الجنة ناكراً لوجود الله، بل على العكس فهو يتصور أنه حتى لو عاد إلى ربه فسيجد خيراً من هذه الجنة، لقد عزا كل ما هو فيه من النعم لما حققه من أعمال ناجحة قام بها وحده.
من الواضح أن هذا يصب تماماً في منحى الشرك بالله: محاولة نسب كل ما يخص الله إلى غيره، وفقدان الخشية من الله مع الاعتقاد بأن هذا الشريك لديه امتياز خاص، و "حظوة" عند الله.
وهذا ما فعله قوم سبأ، فكانت عاقبتهم أن غرقت بلادهم وجنانهم ليفهموا أنهم ليسوا أصحاب القوة، بل أنها نعمة أُسبغت عليهم فحسب...
أصبح السبئيون أصحاب أعظم حضارة قامت على الري بعد بنائهم سد مأرب بأحدث الوسائل التقنية، لقد سمحت لهم أرضهم الخصبة التي امتلكوها وسيطرتهم على الطرق التجارية، أن ينعموا بالرخاء والازدهار الذي طبع أسلوب حياتهم، ومع ذلك "أعرضوا عن الله" الذي يتوجب عليهم أن يكونوا ممتنين، شاكرين له ولأَنْعُمِه، لذلك انهار سدهم وأهلك "سيل العَرِم"كلَّ ما بنوه.
عاد اليوم السد السبئي المشهور مرة أخرى إلى ما كان عليه من إمكانات الري السابقة
يخبرنا القرآن الكريم أن ملكة سبأ وقومها كانوا "يعبدون الشمس مع الله" قبل أن تتّبع سليمان، وتوضح المعلومات التي تحملها هذه النقوش هذه الحقيقة، كما تشير إلى أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر في معابدهم والتي يظهر أحدها في الأعلى.
المصدر:
نقلاً عن كتاب الأمم البائدة للداعية التركي هارون يحيى .

[1] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref1#_ftnref1) "سبأ"، الموسوعة الإسلامية: العالم الإسلامي، تاريخ، جغرافية، إنثوغرافيا، وقاموس بيبلوغرافيا، المجلد 10، صفحة 268.
[2] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref2#_ftnref2) هوميل، المكتشفات في أرض الإنجيل، فيلادلفيا 1903، صفحة 739
[3] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref3#_ftnref3) "مأرب"، الموسوعة الإسلامية": العالم الإسلامي، تاريخ، جغرافية، إنثوغرافيا، وقاموس بيبلوغرافيا، المجلد 7، الصفحات 323-339.
[4] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref4#_ftnref4) المودودي، تفهيم القرآن، سيلت 4، استنبول: إنسان ياينلاري، صفحة 517.
[5] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref5#_ftnref5) وورنر كيلر، الإنجيل كتاريخ، إثبات كتاب الكتب، نيويورك: ويليام مورو، 1964، صفحة 207.
[6] (http://ebook/sbaa.htm#_ftnref6#_ftnref6) الدليل الحديث للمسافرين إلى اليمن، صفحة 43.

عمروعبده
28-06-2010, 07:33 PM
نجاة فرعون ببدنه




كشف الدكتور موريس بوكاي[1] (http://ebook/33.htm#_ftn1#_ftn1) في كتابه القرآن والعلم الحديث عن تطابق ما ورد في القرآن الكريم بشـأن مصير فرعون موسى بعد إغراقه في اليم مع الواقع المتمثل في وجود جثته إلى يومنا هذا آيةً للعالمين حيث قال تعالى: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ ءَايَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ (يونس:92). يقول الدكتور بوكاي : "إن رواية التوراة بشأن خروج اليهود مع موسى عليه السلام من مصر تؤيد بقوة الفرضية القائلة بأن منفتاح Mineptahخليفة رمسيس الثاني هو فرعون مصر في زمن موسى عليه السلام ، وإن الدراسة الطبية لمومياء منفتاحMineptah قدمت لنا معلومات مفيدة أخرى بشأن الأسباب المحتملة لوفاة هذا الفرعون. إن التوراة تذكر أن الجثة ابتلعها البحر ولكنها لا تعطي تفصيلاً بشأن ما حدث لها لاحقاً. أما القرآن فيذكر أن جثة الفرعون الملعون سوف تنقذ من الماء كما جاء في الآية السابقة، وقد أظهر الفحص الطبي لهذه المومياء أن الجثة لم تظل في الماء مدة طويلة ، إذ أنها لم تظهر أية علامات للتلف التام بسبب المكوث الطويل في الماء."[2] (http://ebook/www.aliman.org/imbook/im32.htm#_ftn5) .
و لقد ذكر موريس بوكاي ما نصه :(و جاءت نتائج التحقيقات الطبية لتدعم الفرضية السابقة، ففي عام 1975جرى في القاهرة انتزاع خزعة صغيرة من النسيج العضلي ،بفضل المساعدة القيمة التي أسداها ألأستاذ Michfl Durigon . و أظهر الفحص الدقيق بالميكروسكوب حالة الحفظ التامة لأصغر الأجزاء التشريحية للعضلات، و تشير إلى أن مثل هذا الحفظ التام لم يكون ممكناً لو أن الجسد بقي في الماء بعض الوقت ، أو حتى لو أن البقاء خارج الماء كان طويلاً قبل أن يخضع لأولى عمليات التحنيط . و فعلنا أكثر من ذلك و نحن مهتمون بالبحث عن الأسباب الممكنة لموت فرعون
جرت الدراسات الطبية ـ الشرعية للمومياء بمساعدة Ceccaldi مدير مخبر الهوية القضائية في باريس و الأستاذ Durigon و سمحت لنا بالتحقق من وجود سبب لموت سريع كل السرعة بفعل كدمات جمجمية ـ مخية سببت فجوة ذات حجم كبير في مستوى صاقورة القحف مترافقة مع آفة رضية ، و يتضح أن كل هذه التحقيقات متوافقة مع قصص الكتب المقدسة التي تشير إلى أن فرعون مات حين ارتد عليه الموج )[3] (http://ebook/33.htm#_ftn3#_ftn3).
ويبين الدكتور بوكاي وجه الإعجاز في هذه القضية قائلاً : "وفي العصر الذي وصل فيه القرآن للناس عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم ، كانت جثث كل الفراعنة الذين شك الناس في العصر الحديث صواباً أو خطاً أن لهم علاقة بالخروج، كانت مدفونة بمقابر وادي الملوك بطيبة على الضفة الأخرى للنيل أمام مدينة الأقصر الحالية . في عصر محمد صلى الله عليه وسلم كان كل شيء مجهولاً عن هذا الأمر ولم تكتشف هذه الجثث إلا في نهاية القرن التاسع عشر[4] (http://ebook/www.aliman.org/imbook/im32.htm#_ftn6) وبالتالي فإن جثة فرعون موسى التي مازالت ماثلة للعيان إلى اليوم تعد شهادة مادية في جسد محنط لشخص عرف موسى عليه السلام، وعارض طلباته ، وطارده في هروبه ومات في أثناء تلك المطاردة ، وأنقذ الله جثته من التلف التام ليصبح آية للناس كما ذكر القرآن الكريم[5] (http://ebook/33.htm#_ftn5#_ftn5) . وهذا المعلومة التاريخية عن مصير جثة فرعون لم تكن في حيازة أحد من البشر عند نزول القرآن ولا بعد نزوله بقرون عديدة ، لكنها بينت في كتاب الله على قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام .

عمروعبده
28-06-2010, 07:37 PM
مناقب الشام وأهله لشيخ الإسلام ابن تيمية [1]
ثبت للشام وأهله مناقب بالكتاب والسنة وآثار العلماء، وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي على غزو التتار، وأمري لهم[2] بلزوم دمشق، ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر المصري إلى الشام، وتثبيت العسكر الشامي فيه، وقد جرت في ذلك فصول متعددة.[3]

وهذه المناقب أمور: احدها البركة فيه، ثبت ذلك بخمس آيات من كتاب الله تعالى:
1- قوله تعالى في قصة موسى: (قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يُهلِك عدوَّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون. ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذّكّرون. فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون. وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين. فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصّلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين. ولما وقع عليهم الرجزُ قالوا يا موسى ادعُ لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفتَ عنا الرجز لنؤمننّ لك ولنرسلنّ معك بني إسرائيل. فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون. فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليمّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين. وأورثنا القومَ الذين كانوا يُستضعفونَ مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمّت كلمةُ ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ..) [الأعراف: 129-137] ومعلوم أن بني إسرائيل إنما أورثوا مشارق أرض الشام ومغاربها بعد أن أغرق فرعون في اليم.
2- وقوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) [الإسراء: 1] وصوله إلى أرض الشام.
3- وقوله تعالى في قصة إبراهيم: (وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين. ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) [الأنبياء: 70-71] ومعلوم أن إبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى أرض الشام من أرض الجزيرة والعراق.
4- وقوله تعالى: (ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين) [الأنبياء: 81] وإنما كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان.
5- وقوله تعالى في قصة سبأ: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرىً ظاهرة وقدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالَ وأياماً آمنين) [سبأ: 18] وهو ما كان بين اليمن وبين قرى الشام من العمارة القديمة كما ذكره العلماء.
فهذه خمسة نصوص حيث ذكر الله أرض الشام، في هجرة إبراهيم إليها، ومسرى الرسول إليها، وانتقال بين إسرائيل إليها، ومملكة سليمان بها، ومسير سبأ إليها، وصفها بأنها الأرض التي باركنا فيها.
وأيضاً ففيها الطور الذي كلم الله عليه موسى والذي أقسم الله به في سورة الطور، وفي: (والتين والزيتون. وطور سينين) [التين: 1-2]، وفيها المسجد الأقصى، وفيها مبعث أنبياء بني إسرائيل، وإليها هجرة إبراهيم، وإليها معراج ومسرى نبينا [صلى الله عليه وسلم]، ومنها معراجه، وبها مُلكه، وعمود دينه وكتابه، والطائفة المنصورة من أمته، وإليها المحشر والمعاد.
كما أن من مكة المبدأ، فمكة أم القرى من تحتها دحيت الأرض.
والشام إليها يحشر الناس كما في قوله: (لأول الحشر) [الحشر: 3] نبّه على الحشر الثاني، فمكة مبدأ وإيلياء[4] معاد في الخلق، وكذلك بدأ الأمر. فإنه أسرى بالرسول [صلى الله عليه وسلم] من مكة إلى إيلياء، ومبعثه ومخرج دينه من مكة، وكمال دينه وظهوره وتمامه حتى يملكه المهدي بالشام. فمكة هي الأول، والشام هي الآخر في الخلق والأمر، في الكلمات الكونية والدينية.
ومن ذلك أن بها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة التي ثبت فيها الحديث في الصحاح من حديث معاوية وغيره: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة".[5]
وفيهما[6] عن معاذ بين جبل قال: "وهم بالشام". وفي تاريخ البخاري مرفوعاً قال: "وهم بدمشق". وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".[7]
وقال أحمد بن حنبل: أهل المغرب هم أهل الشام. وهو كما قال لوجهين:

أحدهما: أن في سائر الحديث بيان أنهم أهل الشام
الثاني: أن لغة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل مدينته في (أهل الغرب) هم أهل الشام، ومن يغرب عنهم، كما أن لغتهم في (أهل المشرق) هم أهل نجد والعراق، فإن المغرب والمشرق من الأمور النسبية، فكل بلد له غرب قد يكون شرقاً لغيره، وله شرق قد يكون غرباً لغيره، فالاعتبار في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان غرباً وشرقاً له حيث تكلم بهذا الحديث وهي: المدينة.
ومن علم حساب الأرض بطولها وعرضها علم أن: حرّان، والرقة، وسميساط على سمت مكة، وأن الفرات وما على جانبيها من البيرة على سمت المدينة بينهما في الطول درجتين لتبين فما كان غربي الفرات فهو غربي المدينة، وما كان ثَمّ شرقيها فهو شرقي المدينة.
فأخبر (صلى الله عليه وسلم) أن أهل الغرب لا يزالون ظاهرين، وأما أهل الشرق فقد يظهرون تارة، ويُغلَبون أخرى، وهكذا هو الواقع، فإن الجيش الشامي ما زال منصوراً.
وكان أهل المدينة يسمون الأوزاعي: إمام أهل الغرب،ويسمون الثوري شرقياً، ومن أهل الشرق.
ومن ذلك أنها خيرة الله الأرض، وأن أهلها خيرة الله وخيرة أهل الأرض، واستدل أبو داود في سننه على ذلك بحديث كثير (مثل):
حديث عبد الله بن حوالة الأزدي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ستجندون أجناداً؛ جنداً بالشام، وجنداً باليمن، وجنداً بالعراق". فقال الحوالي: يا رسول الله، اخترْ لي. قال: "عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها حزبه من عباده، فمن أبي فليلحق بيمنه، وليَسْقِ من غُدْره، فإن الله تكفّل لي بالشام وأهله".[8]
وكان الحوالي (راوي الحديث) يقول: من تكفّل الله به فلا ضيعة عليه. ففي هذا الحديث مناقب المهاجرة.
وحديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قل: "سيكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الرحمن، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير[9]، تبيت معهم حيثما كانوا، وتقيل معهم حيثما قالوا."
فقد أخبر أن خيار أهل الأرض من ألزمهم مهاجر إبراهيم، بخلاف من يأتي إليه ثم يذهب عنه، ومهاجر إبراهيم هي الشام.
وفي هذا الحديث بشرى لأصحابنا الذين هاجروا من حرّان[10] وغيرها إلى مهاجر إبراهيم، واتبعوا ملة إبراهيم، ودين نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وبيان أن هذه الهجرة التي لهم بعد هجرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، لأن الهجرة إلى حيث يكون الرسول وآثاره، وقد جعل مهاجر إبراهيم تعدل مهاجر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الهجرة إلى مهاجره انقطعت بفتح مكة[11].
ومن ذلك أن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على الشام، كما في الصحيح[12] من حديث عبد الله بن عمر.
ومن ذلك أن عمود الكتاب والإسلام بالشام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيتُ كأن عمود الكتاب أخِذ من تحت رأسي، فأتبعتُه بصري فذُهِب به إلى الشام"[13].
ومن ذلك أنها عقرر دار المؤمنين، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وعقر دار المؤمنين بالشام"[14].
ولهذا استدللتُ لقوم من قضاة القضاة[15] وغيرهم في فتن قام فيها علينا قوم من أهل الفجور والبدع الموصوفين بخصال المنافقين، لما خوّفونا منهم، فأخبرتُهم بهذا الحديث: "وأن منافقينا لا يغلبوا مؤمنين"[16].
وقد ظهر مصداق هذه النصوص النبوية على أكمل الوجوه في جهادنا للتتار، وأظهر الله للمسلمين صدق ما وعدناهم به، وبركة ما أمرناهم به، وكان ذلك فتحاً عظيماً ما رأى المسلمون مثله، مثل صرح مملكة التتار –التي أذلت أهل الإسلام، فإنهم لم يهزَموا أو يُغلَبوا كما غُلِبوا على باب دمشق في الغزوة الكبرى التي أنعم الله علينا فيها من النعم بما لا نحصيه خصوصاً وعموماً.
والحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً، كما يحب ربنا ويرضاه، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] تخريجات أحاديث الكتاب منقولة من تحقيق المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله لكتاب »فضائل الشام ودمشق للربعي ومعه مناقب الشام وأهله لشيخ الإسلام ابن تيمية«. المكتب الإسلامي 1405 ط2.
[2] أي للمسلمين الشاميين.
[3] انظر »معركة شقحب أو مرج الصفر« للدكتور لطفي الصباغ في الفسطاط.
[4] كان بيت المقدس يدعى »إيلياء« أيضاً نسبة إلى أحد أباطرة الروم. [الفسطاط].
[5] انظر صحيح الجامع الصغير (7164 إلى 7173).
[6] يعني في الصحيحين، أخرجاه عن معاذ موقوفاً عليه، وقد جاء مرفوعاً عن أبي أمامة وغيره بأسانيد فيها ضعف كما بينته في »تخريج فضائل الشام« لأبي الحسن الربعي، ويشهد لها الحديث الآتي في صحيح مسلم علىما شرحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
[7] صحيح مسلم (6/54) وفي المختصر (1097).
[8] حديث صحيح، أخرجه أحمد والطحاوي في »مشكل الآثار« وأبو الحسن الربعي في »فضائل الشام ودمشق« من طرق خمسة عن عبد الله بن حوالة مرفوعاً بعضها صحيح الإسناد.
[9] إلى هنا ينتهي حديث ابن عمر، وهو حديث حسن، أخرجه أبو داود في أول »الجهاد« 2482 من طريق شهر بن حوشب عنه، وشهر فيه ضعف من قبل حفظه، لكن له طريق أخرى، أخرجه الحاكم (1/510) من طريق أبي هريرة عنه وقال: »صحيح على شرط الشيخين« ووافقه الذهبي: وهو من أوهامهما فإن فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، ولم يخرج له مسلم، ثم هو ضعيف من قبل حفظه وإن أخرج له البخاري، وقد أشار الحافظ المنذري في »الترغيب« (3/62) إلى الغمز من تصحيح الحاكم المذكور، فإنه قال عقبه: »كذا قال« لكن الحديث قوي بمجموع الطريقين إن شاء الله تعالى.
وأما بقية الحديث »تبيت معهم..« فهو تتمة حديث آخر من رواية أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: »يحشر الناس على ثلاثة طرائق راغبين راهبين، واثنان على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، فتقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا«. رواه البخاري (4/235) ومسل (8/157).
ثم رأيت الإمام أحمد قد أخرج الحديث في مسنده (2/48) من طريق أبي جناب يحيى ابن أبي حية عن شهر بن حوشب: سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لتكونن هجرة بعد هجرة.. الحديث، وزاد: »تقيل معهم حيث يقيلون، وتبيت حيث يبيتون، وما سقط منهم فلها«. لكن يحيى ابن أبي حية ضعيف لكثرة تدليسه، وقد عنعنه، بيد أنه أخرجه ابن عساكر (1/151/152) من طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعاً، وفيه الزيادة، ورجاله ثقات.
[10] أشار رحمه الله لهجرة عائلته من حران عندما هاجمها التتار يوم أن كان عمره ست سنوات. وحران مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور، وهي قصبة ديار مضر، قبل الرها على طريق الموصل والشام والروم..
[11] أشار بذلك لحديث: »لا هجرة بعد الفتح« عند البخاري وغيره.
[12] المراد به عند الاطلاق أحد الصحيحين: »صحيح البخاري« و »صحيح مسلم«. وهذا الحديث وإن كان صحيحاً فلم يرد في أحدهما، ثم هو ليس من حديث عبد الله بن عمر في شيء من كتب السنة –فيما علمت- وإنما هو من حديث زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نؤلف القرآن من الرقاع. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: »طوبى للشام« فقلنا: لأي ذلك يا رسول الله؟ قال: »لأن ملائكة الرحمة باسطة أجنحتها عليها«.
أخرجه أحمد (5/184 و185) وابن أبي شيبة في »المصنف« (7/152/1) والترمذي وحسنة، وأبو الحسن الربعي برقم واحد من فضائل الشام،والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
[13] صحيح. أخرجه أبو نعيم في »حلية الأولياء« والحاكم وأبو الحسن الربعي رقم (3) بإسناد صحيح، وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي؛ وله طريق آخر، أخرجه أبو العباس ابن الأصم في »حديثه« (ج2 رقم 59 –نسختنا) وعنه تمام في »القواعد« (ق99/1) وأبو ا لحسن الربعي (رقم 10) ورجاله ثقات. وله شواهد من حديث عمرو بن العاص، وأبي الدرداء وابن حوالة، وإسناد بعضها صحيح كما بينتها في تخريج أحاديث الربعي.
[14] صحيح: أخرجه أحمد (4/104) وابن سعد في »الطبقات« (7/724-428) والبغوي في »مختصر المعجم« (9/130/1)، وأبو إسحاق الحربي في »غريب الحديث« (5/174/1) من طريقين عن جبير بن نفير عن سلمة بن نفيل الكندي مرفوعاً، وإسناده صحيح. وله شاهد من حديث العرباض بن سارية، أخرجه ابن عساكر في تاريخه (1/70) ورجاله ثقات غير فضالة بن شريك، قال ابن أبي حاتم (3/2/78): »سألت أبي عنه فلم يعرفه«. وشاهد أخر عنده (1/105) عن النواس بن سمعان.
[15] لقب قاضي القضاة مما يكره استعماله، قياساً على ملك الملوك، كما ذكر ذلك العلامة الإمام ابن القيم في »زاد المعاد«، وقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقال للسلطان ملك الملوك، أخرج ذلك البخاري من حديث أبي هريرة. وإيراد شيخ الإسلام ذلك في مسودته على الحكاية لما كان مصطلحاً عليه بينهم، ولا يعني ذلك اقراره له.
[16] ولكنه موقوف، كذلك رواه الإمام أحمد (3/499) عن خريم بن فاتك الأسدي قال: »أهل الشام سوط الله في الأرض، ينتقم بهم ممن يشاء كيف يشاء، وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم، ولن يموتوا هماً أو غيظاً أو حزناً« وإسناده صحيح موقوف. وقد رواه الطبراني مرفوعاً، وإسناده ضعيف، كما بينته في »الأحاديث الضعيفة والموضوعة« رقم (13).

عمروعبده
28-06-2010, 07:39 PM
حصار العراق والشام



روى مسلم في صحيحه بسنده :
( عن أبي نضرة رضي الله عنه قال : كنا عند جابر بن عبد الله رضي عنه فقال : يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم .
قلنا : من أين ذلك ؟ .
قال : العجم يمنعون ذلك .
ثم قال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي .
قلنا : من أين ذاك ؟
قال : من قبل الروم ؟
ثم سكت هُنيهة ، ثم قال : قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه و سلم : يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عداً .
قلت لأبي نضرة : أترى أنه عمر بن العزيز؟
قال : لا .

هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يتضمن ثلاثة أخبار من أنباء الغيب و المستقبل :
الأول : عن حصار العراق .
الثاني : عن حصار الشام .
الثالث : عن خليفة في آخر الزمان يحثي المال حثياً و لا يعده عداً .
الخبر الأول و الخبر الثاني موقوفان على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حيث لم يرفعهما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
الخبر الثالث رفعه جابر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .
حيث أن العلماء متفقون على أن الصحابي إذا روى خبراً من أخبار الغيب موقوفاً ، أي لم يرفعه أو ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يكون في حكم المرفوع، إذ لا يحتمل أن لا يحدث الصحابي بخبر من أخبار الغيب، إلا إذا كان قد سمعه من الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم.
و الملاحظة في هذا الحديث أن جابر رضي الله عنه ، قد ذكر الأخبار الثلاثة الأولى ثم الثاني ، ثم سكت هنيهة ، ثم ذكر الخبر الثالث مرفوعاً و هو يتحدث عن الذي يحثي المال حثياً .
و من ثم يمكننا أن نستنبط الحقائق التالية بناء على ما تقدم .
1. يسبق ظهور الخليفة الكريم و تأسيسه للخلافة الإسلامية الأخيرة حدثان : حصار العراق و حصار الشام . و دليل هذا أن هذين الحدثين مذكوران في المتن قبل ظهوره.
2. سكوت جابر رضي الله عنه هنيهة بعد ذكر حصار الشام و قبل ذكر خبر الخليفة يوحي بأن الأخير يحدث بعد الثاني مباشرة . كما يدل على أن ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأخبار الثلاثة قد فهم منه أنها جميعاً ثلاثة أحداث متتالية في الحدوث ستحدث في آخر الأمة .
3. يؤكد هذا فهم التابعي أبي نضرة الذي نفى أن يكون هذا الخليفة هو عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، بالرغم مما عرف عن عهده من كثرة المال ، و لكن عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يسبقه حصار العراق و لا حصار للشام .
4. حصار العراق الوارد في المتن تضمن منع الطعام و المال عن العراق ، و كنى عن الطعام بالقفيز الذي هو مكيال أهل العراق للحبوب . كذلك ذكر منع جباية المال إلى العراق مع الطعام ، و هذا أمر غريب ، إذ البلد المحاصر قديماً كان يدفع المال في مقابل الطعام ، ولم يكن يتصور منع المال عنه ، لكن دلَّ منع المال عن أهل العراق مع منع الطعام عنهم في نفس الوقت أن مصدر الأموال عندهم من التصدير ، و أن الحصار يمنع عنهم الاستيراد كما يمنع عنهم التصدير .
و دل هذا على أن ما يصدرونه للحصول على الأموال لا يمكن أن يكون إشارة واضحة إلى اعتماد العراق ككل دول البترول على تصديره كمصدر رئيسي و ربما وحيد لميزانية هذه الدول .
5. عبر جابر رضي الله عنه عن الحصار أو ما يسمى في الإعلام المعاصر بالحصار بعبارة أخرى و بلفظ آخر و هو قوله ( يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم ) و هو تعبير دقيق ينطبق على ما يسمى بالحصار العالمي للعراق الذي يعايشه أهل العراق منذ دخول جيشهم إلى الكويت حتى الآن ، و هو أدق وأصوب لغة ومعنى من تعبير الحصار . لأن الحصار يقتضي حصر البلد المحاصر داخل حدود لا يستطيعون الخروج منها كما يمنع غيرهم من دخولها . هكذا كان حصار المدن قديماً ، إذ كان يحيط جيش العدو بأسوارها و أبوابها ، أو حتى بحدودها ، إذا لم يكن لها أسوار ، و يمنعون دخول البضائع إليها بهذه الكيفية القديمة . أما الآن فالأمر مختلف تماماً وإن استخدامنا لفظ الحصار القديم . إذ ليس للعراق الممتدة شرقاً و غرباً و شمالاً و جنوباً ، أسوار وليس لها بوابات و ليس حول حدودها الشاسعة جيوش متراصة كما في القديم . و مع هذا فقد منع عنهم الكيل و الدواء والسلاح والدراهم حيث توقف تصدير البترول . وجاء المنع بقرارٍ من مجلس الأمن بالمقاطعة الاقتصادية و التجارية و العسكرية و بامتثال الدول الخاضعة لهذا المجلس لهذه القرارات .
ونظراً لأن الأيادي الخفية التي تحكم من وراء حجاب من خلال مجلس الأمن وبقوة أعضائه ونظراً لأنها لا تملك أن تخضع كل البشر والدول فإن الحصار أو بالتعبير الصحيح الدقيق المنع ليس كاملاً و تاماً ، حيث هناك التهريب من الحدود فالحصار أو المنع ليس تماماً ولا كاملاً ، لذا جاء التعبير عنه بقوله جابر رضي الله عنه ( ... . يوشك ...) بمعنى يكاد ، و نظراً لأنه منع بقرار و بامتناع أكثر الدول و الشركات العالمية عن البيع و الشراء مع العراق جاء التعبير بقوله ( ألا يجبى إليهم ) .
صحيح أن أكثر العرب يقاطعون العراقيين و يمنعون عنهم الطعام ، و لكن لا يخطر على بال أحد ـ في الزمان السابق المعاصر للصحابة ـ أنه سيأتي يوم على شعوب الأرض جميعاً يخضعون لقرار واحد ، و يستجيبون لهيئة واحدة ، و لذا كان أقرب تعبير عن هذه المقاطعة العالمية للعراق يفهمه أهل ذاك الزمان هو أن العجم أي كل شعوب الأرض من غير العرب هم الذين يمنعون الطعام عن أهل العراق .
و إذا تأملنا النص ، وجدناه مطابقا مع الواقع الفعلي المعاصر ، إذ أن التابعين المتلقين عن جابر سألوه : من أين ذاك ؟.
و هو سؤال عن مصدر المنع و أصل الحصار و ليس عن الذين يمنعون بالتحديد فجاءت الإجابة بأن المصدر هو العالم كله ، أو هو هيئة تمثل دول العالم ، إذ قال جابر رضي الله عنه : العجم يمنعون ذاك ؟.
وعلى هذا يمكن القول أن المنع الحادث عن العراق أعجمي ، لأن كل شعوب الأرض ماعدا العرب " رسمياً" بمقتضى موقف اليمن في مجلس الأمن ـ قد فرضوا هذا الحصار عن رضى و طواعية ، لأن مجلس الأمن يومئذ ، الدائمين فيه و غير الدائمين ماعدا اليمن ، هو مصدر الحصار أو بالتعبير الدقيق مصدر المنع و على هذا فليس أدق من إجابة جابر رضي الله تعالى عنه عن مصدر الحصار أو المنع من قوله :" العجم يمنعون ذاك " .
فهو منع و ليس حصار من ناحية ، و مصدره ، و أساسه كل شعوب و أمم ودول الأرض ماعدا العرب ، فهم إذن العجم .
6. لم يحدث منذ بدء تاريخ الإسلام ومنذ أن أسلم شعب العراق و أصبح جزءاً من الأمة الإسلامية لم يحدث حصار للشعب العراقي مفروض من كل شعوب ودول العالم من قبل.
7. إذا كان هذا الخبر الأول من حديث جابر رضي الله عنه قد حدث و لازال قائماً ، فإنه يقيناً ، خاصة و أن الحديث صحيح ، سيحدث الخبر الثاني وهو حصار الشام.
كذلك سيتلوه في الحديث الثالث و هو الخلافة الصالحة.
ثم قال : (يوشك أهل الشام ألا يُجبى إليهم دينار و لا مُدي ) .
تعبير المنع نفسه، و المدي هو مكيال أهل الشام للطعام ، فهو إذن منع الطعام عن أهل الشام ، وكذلك منع المال عنهم . أي لا استيراد و لا تصدير .
فلما سألوا جابراً رضي الله عنه عن مصدر هذا المنع ( قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم ) .
و الروم في التراث الإسلامي هم أهل أوربا . و في هذه الإجابة الدقيقة من جابر رضي الله عنه دليل واضح على حدوث الزلزلة العظيمة بعد حصار العراق و قبل حصار الشام ، كيف ؟
لأن الروم الآن أو أوروبا متمثلة في مجلس الأمن بشعبين أو دولتين من أكبر دول أوروبا هم إنجلترا و فرنسا ، و أمريكا التي هي أقوى دول العالم المعاصر ، وتقود مجلس الأمن و تحكم العالم من خلاله أيضاً هي من أوروبا في الأصل ، لأن شعب أمريكا أوروبي الأصل فهم الذين تحدثت عنهم السنة باسم بني الأصفر و باسم الروم .
لكن جاء مصدر الحصار العالمي للعراق من كل العالم ، بينما سيأتي المنع على الشام من الروم ، وليس لهذا إلا تفسير واحد لا غير ، و هو أن النظام العالمي الجديد سينهزم و يصبح أثراً بعد عين .
و هذا معناه أنه لن يكون في الأرض مجلس أمن أو هيئة أمم متحدة تفرض ما تقرره على الشعوب و الدول بقوة السلاح .
ستنتهي هذه السلطة العالمية ، و تنمحي حتى أنه عندما سيحدث في الشام أو من أهل الشام ما يهدد مصالح و سيادة الروم في أوروبا فسيأتي المنع من أوروبا أو من الروم ، قد يستجيب للروم حينئذ غيرهم من بعض الدول و الشعوب حرصاً على مصالحهم معهم ، لكن مصدر السلطة التي ستجعل حصاراً على أهل الشام هي أوروبا.
و هذا لا يكون إلا بعد هدم النظام العالمي الجديد و انتهاء مؤسساته التي ظل اليهود سنين عديدة في إعدادها ، بجهود خبيثة خفية باطنية جبارة ، و من ثم سيتغير الصراع الإسلامي الجاهلي يتغير أطراف الصراح ، فيصبح بين العالم الإسلامي العربي و بين أوروبا بعد أن كان بين العالم كله من جهة و بين المسلمين المستضعفين م جهة أخرى .
و مقدمة هذا الصراع ما يحدث بين أوروبا و الشام ، و هكذا تبدو في الأفق بداية تكون ملامح صورة العالم الجديد المؤدية إلى صراع قوتين عظيمتين في الأرض هما أوربا الموحدة المشركة بالله تعالى و الخلافة الإسلامية بقيادة المهدي لينتهي الصراع بين التوحيد و الشرك بدخول المسلمين روما بعد الملحمة العظمى و كل أوروبا و أمريكا . لقد صاحب الحصار العالمي للعراق معركة عالمية عظيمة أطلق عليها البعض بحق : " الحرب العالمية الثالثة " فهي إذن ملحمة ، بل هي أولى الملاحم إذ ستتلوها ملاحم بين المسلمين و الروم تنتهي بآخرها ، أي الملحمة العظمى التي يفتح الله تعالى بها على المسلمين أوروبا .
و خلاصة القول أن تغير مصدر المنع من العجم بالنسبة للعراق إلى الروم بالنسبة للشام يعني أن المصدر الأول و هو مجلس الأمن بقيادة أمريكا و المتضمن لأوروبا أو الروم (إنجلترا و فرنسا ) لن يكون موجوداً عند حصار الشام ، إذ سيكون من الروم أو أوروبا فقط و هذا معناه انعدام مجلس الأمن و أمريكا كقوة سياسية كقوة سياسية عسكرية تحكم الأرض عند حصار الشام ، و هنا إشارة خفية في الحديث السابق إلى أن حصار العراق سيكون أشد من حصار الشام و ذلك أنه صلى الله عليه و سلم ذكر في الشق الذي يتعلق بالعراق أنه يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز و لا درهم ، أما أهل الشام فقال : يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار و لا مدي و من المعلوم أن الدرهم أقل بكثير من الدينار أي أن أهل الشام سوف يمنع عنهم الدينار أما أهل العراق فسوف يمنع عنهم الدرهم و الدرهم كما هو معروف أقل بكثير من الدينار .
قام بكتابة المقالة وتخريج أحاديثها فراس نور الحق
المرجع :زلزال الأرض العظيم تأليف بشير محمد عبد الله .

عمروعبده
28-06-2010, 07:42 PM
الفارقليط


قال الله تعالى : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) (الصف:6) .
لقد ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في كتب النصارى في عدة أماكن ، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه : "لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي (الفارقليط)."(خ) وكلمة "المعزي" أصلها منقول عن الكلمة اليونانية (باراكلي طوس) المحرفة عن الكلمة (بيركلوطوس) التي تعني محمد أو أحمد. "إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً ، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة ، وإن تصحيف "بيركلوطوس" إلى "باراكلي طوس" من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس ، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى."(12) جـ) وهناك إنجيل اسمه إنجيل "برنابا" استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من البابا جلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه "فرامرينو" الذي عثر على رسائل "الإبريانوس" وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا "سكتش الخامس" فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب "22": " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله ". وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس .[1] (http://ebook/604.htm#_ftn1#_ftn1)
ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري (في كتابه : محمد في الكتاب المقدس)(19) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " لم تكن هكذا ، بل كانت : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد " هـ.[2] (http://ebook/604.htm#_ftn2#_ftn2)
وفي إنجيل متى(31) جاء ما يلي: " قال لهم يسوع(32) أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ".(ط) وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى ، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل .[3] (http://ebook/604.htm#_ftn3#_ftn3)
بحث للشيخ عبد المجيد الزنداني

[1] (http://ebook/604.htm#_ftnref1#_ftnref1) نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص12: 14
[2] (http://ebook/604.htm#_ftnref2#_ftnref2) نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص12: 14
[3] (http://ebook/604.htm#_ftnref3#_ftnref3) نقلا عن كتاب البشارات للشيخ الزنداني ص22 .

عمروعبده
28-06-2010, 07:44 PM
الكون شاهد على وجود الله



قال الله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (سورة البقرة).
لقد قدّر الله سبحانه و تعالى كل شيء في وجوده الأزلي، فكتب في اللوح المحفوظ، من قبل الخلق، وبأول مخلوقاته "القلم" ، مصير كل هذا الكون وما يحويه من إنس وجان، حي وجماد، ظاهر ومخفي، مخلوق سماوي أو أرضي، مطيع كان أم عاصي، وهكذا فقد سنّ سننّا و بعث أنبياء و رسلاّ مبشّرين و منذّرين، يذكّرون الخلق غاية وجودهم و حجّة خالقهم عليهم، محتجّين بعظمته وحكمته فيما خلق بدلائل قدرّته، مبلّغين إياهم أنها دار عمل و كّد وما بعدها دار نعيم أو نكد. فمنهم من آمن بما جاءه من عند الله ومنهم من أخذته العزّة بالإثم فأضحوا جنّدا من جنود الشيطان يعيثون في سنن ربهم فساداً فحق عليهم قول خالقهم فأخذهم العذاب بغتة فكان مصيرهم التراب يعرضون على النار صباحاً و عشياً لا يسمع عذابهم إلا البهائم فساء ما كانوا يعملون فهكذا كانت سنّة الحكيم - سبحانه - في بعثه لرسلّه موافقة تماماً لسنن الكون نفسه، فلما كان آل فرعون قوم سحّر وقوّة وجبروت بعث إليهم بموسى - عليه السلام- بقوة بدنه و معجزّاته التي أبطلت ما كانوا يفعلون، وكذا أيضا بعث النبيّ سليمان في قوم قد ملئت الملوك أرضهم فسخّر الله بحكمته ملكّا لسليمان يمتدّ من أدنى الأرض إلى المكان الذي حلّق فيه الهدهد فكان من الصادقين. وهكذا فلو اتبعنا و تأملنا بما جاء به الرسل إلى أقوامهم لوجدناها تلائم عصر تواجدها وتوافق حياة وأفكار هذه الأمم، فكانت معجزّة كلّ نبيّ مرسل تدحض ما كان يعصي القوم الله به وكانت في الوقت نفسه تبهر وتعجز قوة الأقوام أنفسهم.
فلهذا جاءت معجزة القرآن -الكريم- وفقا للسنّة نفسها ، فلمّا كتب الله عزّ وجلّ أن الأرض يرثها عباده الصالحون اللذين أصلح بالهم بالقرآن كان ذلك بمثابة الهديّ الذي ينبغي على البشر الإقتداء به مهما طالت بهم العصور و مهما اختلفت أمكنتهم و بلغوا من علمهم الدنيوّي مبلغاً عظيماً كما هو الشأن في عالمنا اليوم. وهكذا ووفقاً لسنّة البعث نفسها فإن الدارس والمتدبر في آخر معجزة لآخر الأنبياء والرسّل، صلّوات الله عليه، يجدها قد أبهرت وأعجزت أقواماً قد عمّرت طيلة أربعة عشر قرناً من الزمن. فإذا كانت قريش قد أقرّت بعجزها وعجز لسانها أمام ما جاء به القرآن بلسان عربي، فهل تقرّ الإنسانية في عصرنا هذا عن عجز علمها النظري و التجريبي أمام ما جاء به الفرقان ؟! و هل سيدركون أن الله - سبحانه- وحده دون غيره كان قبل خلق المكان وسيعيد كل شيء إلى ما كان عليه المكان قبل خلق المكان؟! فهكذا أراد لحكمته وسنّته أن تكون، فقد خلق الأسباب والمسبّبات والمسبب له وخلق النتائج سبحّانه له في خلقه شؤون.
ولكن دعونا نتأمل الآن فيما أعجز القرآن عمّا عجز الإنسان عن فهمه، تفسيره واكتشافه، وعلى سبيل المثال -لا على سبيل الحصر- سنحاول أن نسوق بعض الأمثلة نبيّن لغيرنا من خلالها أنه الحق من ربنا، أمثلة قلت تجعل القرآن معجزة دائمة على دهر العصور الغابرة وعلى طول الأزمنة القادمة إلى أن يرث الله الكون و ما فيه والأرض ومن عليها.
لقد كان يعتقد علماء الفلك القدامى أن الكون وأبعاده ما هو إلا مجموعة محدودة من كواكب سيارة تدور بشكل منتظم حول الشمس، لكن الاكتشافات التي جاءت إثر ظهور الثورة العلمية في مطلع القرن العشرين قد أثبتت أن الكون أبعاده ابعد من ذلك ! فالمجموعة الشمسية ما هي إلاّ جزئ ضئيل من مجرّتنا أمام كم هائل من المجرّات الأخرى، و تستمر الاكتشافات لتذهل عقولنا المحدودة و تخبرنا بأنّ هناك مئات من "عناقيد المجرّات" كل عنقود يحوي آلاف من " أكوام المجرّات" و كل كومة قد تحوي عشرات الآلاف من "المجرّات" و كل مجرّة متكونة من غازات تقارب درجة حرارتها المئة مليون درجة مئوية، كما تحوي ملايين الأجرّام السماويّة ومن مجموعات شمسية أخرى قد تكون شمسنا هذه أصغر الشموس فيها ! و بعبارة إحصائية و لكي يتسنى لنا تخيل مدى عظمة هذا الكون وعظمة خالقه: فإن نسبة كوكبنا الأرضي إلى نسبة كل الكون كنسبة نقطة من حرف أبجدي في مكتبة تحوي مليون مجلّد كلّ مجلّد يحوي ألف صفحة !! و بالحساب التقريبي فإنه يوجد في الكون ما بين ١٠٠ و ١٠٠٠ مليار مجرّة و كل واحدة منها تحوي ما بين ٢٠٠ و ٥٠٠ مليار من النجوم يتراوح حجم النجم الواحد ما بين العشر(بضمّ العين) و العشرة أضعاف من حجم الشمس. فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة وقسّمنا مثلا عدد كل المجرّات على كل البشر في هذه المعمورة فإن كل إنسان على وجه الأرض سيتحصل تقريباً على مئة مجرّة !!
سبحان الله فما أعظم قدرته وما أضألنا، و ما أقواه وما أضعفنا و ما أعظم علمه وما أجهلنا !
ولنا إذاً أن نتصوّر قيمة كل واحد منّا أمام كلّ الكون ! بل أمام مجرّة واحدة ، أمّا إذا تصوّرنا ضعفنا أمام خالقنا وخالق هذا الكون، فبنفس الحسابات المنطقية، نجد أننا مفرّطين في عبادته حتى و لو قمنا بتسبيحه و تهليله و استغفاره عدد كلّ ذرّة من كلّ جرّم من أجرام كونه !! و كيف لا وعندما يسبّح الواحد منّا يكون قد سبقه في تسبيحه هذا مئات الآلاف من المليارات من النجوم
عندما غادر الفيزيائي "آلبرت اينشتاين" موطنه ألمانيا، هروباً من خطر النازية كونه كان يهودياً، متجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي حفل استقبال بهيج سأل أحد الصحفيون هذا العالم عن مفهوم نظريته الجديدة (النسبيّة) والتي أحدثت ضجّة علمية كبيرة آنذاك، ردّ عليه قائلا: " لا يزال الناس يعتقدون اليوم أنه إذا قدّر(بضّم القاف) للكون أن يختفي يوماً فإن الذي سيبقى هو الفراغ و الزّمن، أما وفقاً لنسبيتي فإن الفراغ و الزّمن يختفيان أيضاً ! لانهما هما اللّذان يحددان الكون !! "(١) ولم يفهم العالم يومها ما جاء به اينشتاين لأنه كان قد سبق عصره بما يزيد عن خمسين سنة ! فقد أدرك هذا العلم الفيزيائي أن الزمن والفراغ وأبعادهم الأربع ما هما إلاّ عنصرين مكوّنين للكون وأن الكون لا يقام بالأجرام السماوية فقط بل ببعديهما أيضاً، ثم بعد هذا جاءت نظرية "الانفجار الكبير" لتدعّم نظرية النسبية، فقد أشارت هذه الأخيرة أن الكون، قبل ما يقارب الأربعة عشر مليار سنة، كان عبارة عن نقطة متناهية في الصغر(تؤول إلى العدم) وكانت المادة و الطاقة محبوستان في هذه النقطة ومكدستان بكثافة و درجة حرارة هائلة لا يمكن لعقل بشري أن يستوعبها، ثم انفجرت هذه النقطة انفجاراً عظيما في لحظة زمنية لا يمكن لأيّ قانون فيزيائي- بشريّ أن يقيسها، حيث ولّد هذا الانفجار طاقة حرارية هائلة و غازات ودخان كثيف و تقول النظرية أنه لا يمكن بحال من الأحوال تخيّل ما كان حاصل قبل الانفجار لأنه لم يكن هناك أبعاد ( الوقت والزمن) لكي يحدث بينهما -أو خلالهما- شيء ما، فالوقت والزمن نتجتا عن الانفجار نفسه، فمرحلة ما قبل الانفجار هي مرحلة لا مفهوم ولا مدلول لها من الناحية الزمنية، الفيزيائية ولا حتى السببية وخلاصة قول أنصار نظرية الانفجار الكبير أنّ الأبحاث الحديثة في هذا الصدد تقول أن الكون في حالته اليوم ، من هندسة و تطور، لا يسمح لنا بأن نستخلص أي نتيجة أو أن نقترح أيّة نظرية تفسّر لنا مرحلة ما قبل الانفجار، فعلى سبيل المثال لا يمكننا أن نتصور كيف يمكن لقانون الجاذبية أن يعمل في ظروف الكثافة والحرارة اللامتناهيتان اللتان كانتا قبل الانفجار، إذ يعتقد أنصار هذه النظرية أنه لا داعي للتكلم عن مرحلة ما قبل الانفجار لأن الوقت والفراغ (بأبعادهما الأربع) لم يكونا بعد لكي يحدث خلالهما ظاهرة ما، والسؤال هنا عن هذه المرحلة هو مضيعة للوقت شأنه شأن السؤال عن وجود الحياة في القطب الشمالي. و هذا الكلام ليس بجديد لدى علماء الغرب حتى أن إنجيلهم يطرح سؤال مفاده أنه إن لم يكن هناك زمن أو مكان فأين وفيما كان الله يقضي أوقاته؟
ما هو مقدار حجم الكون ؟
وهكذا فبعد الانفجار الكبير بدأت درجة حرارة الكون تنقص شيئاً فشيئا و بدأت الغازات الناتجة تتراكم مكوّنة المادة المنشئة للمجرّات كما ساهمت الطاقة في بدأ توسع الكون، فالإشارة فقط تقول أن بعد مليار سنة من الانفجار كان الكون لا يزال مجرد غازات ودخان وأنّ كوكبنا الأرضي استغرق تكوينه أربعة مليارات و خمس مئة مليون سنة . وقد يتبادر في ذهننا سؤال : ما هو مقدار حجم الكون؟ وللجواب عن هذا السؤال يجب الإشارة إلى أنّ العلماء يقيسون عمر الكون بطريقتين : إما بطريقة تطوّر النجوم أو حسب وتيرة توسّع الكون، فحجم الكون و عمره متناسبين طرديّاً، فإذا كان عمر الكون محدد ما بين ١٠ إلى ١٥ مليار سنة شمسية فإن ابعد جرم يكون-نظريًا- مرئي على بعد ١٠ إلى ١٥ ميليار سنة شمسية ( سنة شمسية واحدة تقدر ب ٩.٥ مليار كلم ) ، و بخلاف كوكبنا الأرضي فإن الكون يملك أفقا لا يمكن إدراكه فهو موجود في محيط ٣٠٠٠٠٠ سنّة شمسية بعد الانفجار، إذ أن قبل هذه الفترة كان الفوتونات الضوئية حبيسة المادة الداكنة (و تسمى أيضاً بالمادة السوداء )، فلقد لاحظ بعض العلماء أن بعض المجرّات، القريبة من مجرّتنا، تملك سرعة دوران أكبر مما توحي لنا كتلة مادتها المرئية بل إنهم لاحظوا أن الكتلة الحقيقية لهذه المجرّات أكبر بعشر مرّات من كتلة النجوم التي تحويها، والفرق في الكتلة هنا هو "المادة السوداء" فهي موجودة حقا بالاستنتاج حتى ولو لم تكن مرئية وهي مكونة من نترونات كتلية و من نجوم لامعّة وثقوب سوداء ولكن لا يصدر عنها أي إشعاع إلكتروماغناطيسي، و هنا نتوقف لنطرح سؤال بريء : كيف لعلماء الفلك الغربيين أن يستنجوا وجود مادة من غير أن يتمكنوا من رؤيتها؟ ثم لماذا لا يكون لهم نفس المنطق و يستنتجون وجود قوة خارج كل الحسابات الكونية والطبيعية تكون قد فجّرت نقطة لتخرج لنا - و تخرجنا- من العدم؟ هذه القوة ألا تستحق الإيمان بها وبقدرتها على الأقل؟!! ... فسبحان من أشار عن ذلك في قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)(2)، فماذا إذاً ما بين السماوات والأرض إن لم تكن هذه المادة التي إستنجها العلماء؟
وما يصرّح به العلماء اليوم أنه توجد أربع قوى في الكون (الجاذبية، الكهروماغنطيسية، النووّية الضعيفة و أخيرا النووّية القويّة) ولقد أكد الملاحظون أن هذه القوى تجعل المادة تنتظم بشكل رائع وبديع من أصغر الذرّات إلى أكبر المجرّات وهذا دليل على قوّة، عظمة وحكمة واضع هذه القوانين والسنّن سبحانه لم يشاركه في خلقه أحد غيره. وفي هذا الصدد يقول العالم الفيزيائي "بول ديفس": " لو كانت قوّة الانفجار الكبير أكثر -أو أقلّ- يجزئ من المليار في مليار جزئ عند حدوثه لاختل التوازن كله و أنهار الكون قبل أن يصل إلى ما عليه الآن من تطور، إن الانفجار الكبير للكون لم يكن اعتياديا بل كان وفقا لعملية محسوبة جيّدا من جميع الأوجه و منظمة بإحكام"(٣).

وهنا نقول: إذا كان الانفجار قد حدث بطريقة دقيقة كما تقولون فإن القوة، التي خططت لهذا، فعلت ذلك قبل ذلك!...
فهي موجودة بالاستنتاج المنطقي والحسابي ! ثم إنها لن تكون إلاّ قوة عظيمة ما دامت قد أحدثت شيئاً عظيماً ! فلماذا إذاً لا تتساءلون عن ما قبل الانفجار ؟ و عن محدث الانفجار؟ و عن من وضع هذه الحسابات الدقيقة بأسباب أخرى ليست بالضرورة الوقت والزمن وأبعادها الأربع؟ بل ربما بأبعاد أخرى لايمكن إدراكها إلا بالإيمان بها والتسليم لها؟ ثم لمّا تقرّون أن الأبعاد الأربع للكون قد نتجت مع الكون نفسه أليس من المنطق أن القوة التي خلقت هذه الأجزاء بإمكانها أن تخلق قوى أقوى منها أو معاكسة لها تماماً ؟ ثم بصيغة المنطق نصوغ سؤالنا فنقول : بل أو ليست هذه القوة هي التي يجب أن تكون أزلية الوجود وسرمدية البقاء؟ ثم مالكم تتكلمون عن مرحلة ما قبل الانفجار كما لو أنكم شهدتم ذلك؟ و بصيغة القرآن الكريم نقول ما قال ربنا : (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)(4).
ماذا حدث بعد الانفجار الكبير
و بالموازاة مع نظرية الانفجار الكبير نجد نظرية توسّع الكون والتي لا تقّل شئناً من سابقتها، إذ تقتضي هذه الأخيرة أن الكون في حالة توسع مستمر متسارع منذ ستة مليارات من السنين. فلقد قام علماء الفيزياء الفلكية بتحليلات على الأشعة "أكس " المنبعثة من أطراف ٢٦ كومة من المجرات و بواسطة تيليسكوب "شاندرا" قاموا باستخلاص المسافات بين الكومة والأخرى بالنسبة لمختلف عمر الكون، فكانت النتيجة وجود طاقة في الكون معاكسة تماماً للجاذبية، فهي طاقة تجعل أكوام المجرّات تتباعد بعضها عن بعض و تدعى بالطاقة "الغامظة" و تكون نسبتها في الكون ٧٥٪ من نسبة الطاقة الكلية، فالكون فعلاً في حالة توسع ولكن على المستوى الكلي أي أن "أكوام المجرّات" هي التي تتباعد عن بعضها البعض بينما على المستوى الجزئي فإن مجرّات الكومة الواحدة لا تتباعد بل بالعكس هي في حالة تقارب كون الجاذبية هي السائدة في هذا المستوى، و لمّا كان الانفجار بدقّة متناهية كان التوسّع بنفس الحسابات الدقيقة فلقد قال العالم الكبير في الفيزياء الفلكية الدكتور"ستيفان هاوكينغ" :"إن الكون يتوسّع بسرعة حرجة للغاية تعجز و تبهر كل العقول والحسابات البشرية، فلو توسّع الكون بسرعة أكثر بقليل مما هي عليها الآن لتناثرت المادة وما تمكن من ظهور المجرّات، والعكس أيضاً : فلو أنطلق الكون بسرعة أقل يجزئ من الميليار من جزئ من الثانية عما أنطلق عليه في بداية توسّعه لانهار على نفسه - تحت تأثير الجاذبية- قبل أن يصل إلى ما هو عليه الآن" (٥).
فكل شيء محسوب و مقدّر وكل شيء حدث في لحظة واحدة لا أكثر و لا أقل، كيف لا و قد قال مدبر الحسابات وواضع السنّن والقوانين من قبل حدوث الانفجار:( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)(6).
هل سيتوقف الكون عن التوسّع يوماً؟
و السؤال الذي يحيّر علماء الفيزياء الفلكية اليوم هو : هل سيتوقف الكون يوماً ماً عن التوسّع أم لا ؟ فهم يعتقدون أن معرفة إمكانية -أم لا- حدوث نهاية ذلك متوقف ومرتبط أساساً بالمادة المكونة للكون حيث أن هذه الأخيرة هي التي تنتج قوة التجاذب الكافية التي ستوقّف (أو لا) توسع الكون، وهنا لدينا ثلاث فرضيات :
١) إمّا أن المادة ليست كافية لكي تعطي لنا قوة تجاذب قادرة على توقيف توسع الكون, فسيبقى الكون في أتساع دون توقف و بمرور الزمن تتحلل الطاقة والمادة الموجودة فيه إلى درجة لا يمكن أن يحدث بهما - أو خلالهما- أي تفاعل كيميائي أو نووّي ويسمى هذا السيناريو ب: " الموت التيرموديناميكي للكون"." la mort thermodynamique de l'Univers".
٢) في هذه الفرضية يعتقد العلماء أن المادة كافية لكي تولّد طاقة تجاذب كافية لتوقيف توسع الكون، بل أكثر من ذلك إذ أن قوة التجاذب ستطغى على قوة التوسّع وسيأخذ الكون منحنى آخر فيبدأ بالانطواء على نفسه حتى يعود إلى ما كان عليه مجرّد نقطة تؤول إلى العدم، ويسمى هذا السيناريو ب : "الانهيار الكبير" و هو عكس الانفجار الكبير
٣) أما الفرضية الثالثة و الأخيرة تقتضي أن المادة والطاقة سيعطيان قوة تجاذب متساوية لقوة التوسع و بهذا يستطيع الكون أن يحافظ على توازنه الأبدي.
و في خضمّ هذه الأطروحات النظرية أجمع علماء الفيزياء الفلكية أن المادة والطاقة كافيتان لتوقيف توسع الكون وأكثرهم يرجّح فرضية "الانهيار الكبير" وهنا نسأل لماذا يستعمل علماء الغرب مصطلح "كبير" ( أو عظيم)، عند تكلمهم أو وصفهم للانفجار أو الانهيار، ولا يستعملون هذا المصطلح على محدّث الانفجار ؟! ثم إذا كان الانفجار نفسه قد حدث وفقاً لعملية حسابية متناهية في الدقّة ألا يمكن لمن وضع هذه العمليات الدقيقة أن يضع في الحسبان كمية الطاقة و المادة اللازمتان لتوقيف اتساع الكون؟!! ثم نسأل : لأيّ حكمة كان كل هذا الانفجار و التوسع و الانطواء و الخلق من العدم بأعقد الحسابات وأدقّها ؟ و لو تقرؤون قوله عز وجلّ من صورة الأنبياء إذ قال :(يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)(7 ) ستدركون بمنطقكم أن هذا القرآن ليس من صنع بشر قط، فلا يمكن لبشر عاش منذ ١٤ قرنا يكون قد سبق نظريتكم هذه التي لم تصلوا إلى نتائجها إلاّ بشق الأنفس !!؟ أو ليست هذه الآية الكريمة هي فرضيتكم التي تؤيدونها في مصير الكون و انطوائه على نفسه بعد توقف اتساعه؟ وإن أردتم حججا أخرى فعندنا مزيد من آيات اللّه بلّغنا بها رسول كريم لا يعرف الكتابة و لا القراءة عاش في بيئة كان لا يزال الإنسان حينها يعتقد أن الأرض مسطحة.
وهكذا فسيظل الإنسان يقترب من الحقيقة شيئاً فشيئاً ، و بعقله الذي ميّزه الله عزّ و جلّ عن سائر مخلوقاته، سيتخلى عن تلك النظريات البالية أمثال نظرية التطور وصدفة نشوء الكون وكل تلك الأطروحات والخزعبلات التي أحطت بعقل الإنسان ومنطقه فأظلّ بها نفسه وغيره وعطلّ بواسطتها سننّ الخلق التي سنّها الخالق لخلقه، فمن أراد أن يهتدي فالمعجزة قائمة ها هنا تنوّر كلّ طريق مظلم و تدحض كلّ باطل مبهم ومن يريد أن يحكّم عقله المحدود أمام حكمة خالق الكون فلّن يكون له إلا الطريق المسدود، و ستظلّ معجزة القرآن هي المعجّزة التي جاءت لتخبر أن الله- عزّ و جلّ- قد وعد وقال :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٨) ونحن نشهد يا ربنا أنك عالم عليم، شاهد وشهيد، قادر وقدي، وحدك فتقت السماوات والأرض بعدما كانتا رتقا فنزّلت قائلا : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (١٠) .
و ما فتقت ثم وسّعت ثم رتقت السماء و الأرض هكذا باطلا سبحانك فاكتبنا مع الشاهدين.
المصدر : بحث للمهندس محمد ترياقي تورونتو - كندّ
المؤهل العلمي : بكالوريوس رياضيات دقيقة ، مهندس دولة في التخطيط و الإحصاء، ماجيستير علوم تسيير المؤسسات الاقتصادية
البريد الإلكتروني : mtriaki*********** (http://ebook/us.f612.mail.yahoo.com/ym/Compose*To=mtriaki_40yahoo.com)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتاب دار المعرفة-صفحة ٧٢ - دار النشر - بيروت –لبنان
(2) سورة ق الآية 38
(2) Paul Davies كتاب : Superforce صفحة ١٨٤ -سنة ١٩٨٤
(4) الكهف -٥١
Stephen Hawking كتاب : "التاريخ المختصر للزمن" صفحة ١٢١ - سنة ١٩٨٠
(6) القمر- ٤٩، ٥٠
(7) الأنبياء- ١٠٤
(8) فصلت -٥٣
(9) الأنبياء- ٣٠
(10) الذاريات- ٤٧

عمروعبده
28-06-2010, 07:48 PM
جئنا بكم لفيفاً



قال تعالى :(وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الاسراء:104)
كلمة لفيف تعني الشيء المجتمع و الملتف من كل مكان و اللفيف ؛ القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا، واللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، واللفيف الجَمْع العظيم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف[1] (http://ebook/44.htm#_ftn1#_ftn1) .
و هذه الآية هي من الإعجاز الغيبي الذي جاء به القرآن الكريم و تدل على أن من علامات قرب قيام الساعة هو إجتماع اليهود في مكان واحد و لم يجتمع اليهود في التاريخ في مكان واحد عبر التاريخ إلا في مؤخراً في فلسطين .
من أنبأ محمداً بهذا إنه الله خالق السماوات و الأرض .
المصدر :
كتاب نهاية إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تأليف خالد عبد الواحد

[1] (http://ebook/44.htm#_ftnref1#_ftnref1) معجم لسان العرب .

عمروعبده
28-06-2010, 07:50 PM
ذكر هامان في القرآن الكريم
بقلم فراس نور الحق



قال تعالى :
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (القصص:38)
يخاطب فرعون وجهاء قومه ، أنه لا يعرف معبوداً لهم غيره ، فينادي هامان طالباً منه أن يبني له من الطين المحروق و هو القرميد بناءً شاهقاً ، لعله يرى إله موسى...
تشير هذه الآية إلى معجزات عديدة منها:
1. تأليه فرعون نفسه : في قوله مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي و الأبحاث الأثرية التي قامت حول الحضارة المصرية القديمة تؤكد أن الفراعنة منذ الأسرة الرابعة كانوا يصرحون ببنوتهم للإله رع الذي يمثل إله الشمس والذي كان يعبدها قدماء المصريين، بل إن اسم رع دخل في ألقاب الفراعنة ، مثل (رع نب ) أي الرب الذهبي ولعل أوضح دليل على تأليه الفراعنة لأنفسهم كما يقول (بريستد ) عالم الآثار، و التي حفظتها نصوص الأهرام هي أنشودة للشمس تردد فيها هوية الملك بإله الشمس ، إن هذه الأنشودة تخاطب مصر ، في تعداد طويل و رائع للمنافع التي تستمتع بها ، تحت حماية و سيادة إله الشمس ، فعلى ذلك يمُنح فرعون مصر المنافع نفسها ، ولهذا يجب أن يتسلم نفس الهبات من مصر ، و لذا الأنشودة بأكملها تعاد بوضع اسم فرعون أينما يجيء اسم رع أو حورس في الأنشودة الأصلية[1] (http://ebook/34.htm#_ftn1#_ftn1)
2. الإعجاز الثاني هو استعمال الفراعنة الآجرّ في بناء الصروح : فقد طلب فرعون من هامان أن يبني له من الطين المحروق ( الآجر ) صرحاً ، و هذا يعتبر من الإعجاز التاريخي للقرآن الكريم فقد ظل الاعتقاد السائد عند المؤرخين أن الآجر لم يظهر في مصر القديمة قبل العصر الروماني ، وذلك حسب رأي المؤرخين[2] (http://ebook/34.htm#_ftn2#_ftn2) والذي يرى في ذلك إشكالاً في أن الآيات السابقة التي تبين طلب فرعون من هامان أن يبني له صرحاً من الآجر أو الطين المحروق وظل هذا هو رأي المؤرخين إلى أن عثر عالم الآثار بتري على كمية من الآجر المحروق بنيت به قبور وأقيمت به بعضاً من أسس المنشآت ، ترجع إلى عصور الفراعنة رعمسيس الثاني و مرنبتاح وسيتي الثاني من الأسرة التاسعة عشر (1308 - 1184 ق. م ) وكان عثوره عليها في : موقع أثري غير بعيد من (بي رعمسيس أو قنطير ) عاصمة هؤلاء الفراعنة في شرق الدلتا .[3] (http://ebook/34.htm#_ftn3#_ftn3)
3. أما الإعجاز الثالث هو الإشارة إلى أحد أعوان فرعون باسمه " هامان "
ذكر الدكتور موريس بوكاي ما نصه :[4] (http://ebook/34.htm#_ftn4#_ftn4)
(يذكر القرآن الكريم شخصاً باسم هامان هو من حاشية فرعون ، و قد طلب إليه هذا الأخير أن يبني صرحاً عالياً يسمح له ، كما يقول ساخراً من موسى ، أن يبلغ رب عقيدته .
وأردت أن أعرف إن كان هذا الاسم يتصل باسم هيروغليفي من المحتمل أنه محفوظ في وثيقة من وثائق العصر الفرعوني، ولم أكن لأرضى بإجابة عن ذلك إلا إذا كان مصدرها رجلاً حجة فيما يخص اللغة الهيروغليفية وهو يعرف اللغة العربية الفصحى بشكل جيد، فطرحت السؤال على عالم المصريات Egyptologue و هو فرنسي يتوافر فيه الشرطان المذكوران تماماً .
لقد كتبت أمامه اسم العلم العربي (أي هامان) ولكنني أحجمت عن إخبار مخاطبي بحقيقة النص المعني واكتفيت بإخباره أن هذا النص يعود تاريخه بشكل لا يقبل النقض إلى القرن السابع الميلادي .
وكان جوابه الأول أن هذا الأصل مستحيل ، لأنه لا يمكن وجود نص يحتوي على اسم علم من اللغة الهيروغليفية وله جرس هيروغليفي و يعود إلى القرن السابع الميلادي و هو غير معروف لحد الآن و السبب أن اللغة الهيروغليفية نسيت منذ زمن بعيد جداً.
بيد أنه نصحني بمراجعة ) معجم أسماء الأشخاص في الإمبراطورية الجديدة
Dictionary of Personal names of the New و البحث فيه إن كان هذا الاسم الذي يمثل عندي الهيروغليفية موجوداً فيه حقاً .
لقد كان يُفترض ذلك ، و عند البحث وجدته مسطوراً في هذا المعجم تماماً كما توقعته ، و يا للمفاجأة !! ..
ها أنا فضلاً عن ذلك أجد أن مهنته كما عُبر عنها باللغة الألمانية (رئيس عمال المقالع) ولكن دون إشارة إلى تاريخ الكتابة إلا أنها تعود إلى الإمبراطورية التي يقع فيه زمن موسى ، و تشير المهنة المذكورة في الكتابة إلى أن المذكور كان مهتماً بالبناء مما يدعو إلى التفكير بالمقاربة التي يمكن إجراؤها بين الأمر الذي أصدره " فرعون " في القرآن و بين هذا التحديد في الكتابة[5] (http://ebook/34.htm#_ftn5#_ftn5) قال تعالى :
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) (القصص:38).

عمروعبده
28-06-2010, 07:52 PM
انتصار الروم البيزنطيين



قال تعالى: ( الم {1} غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ {3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ {4} بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {5} وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {6}(سورة الروم).
سبب نزول الآيات :
لما هزم الفرس الروم فرح المشركون وحزن المسلمون وذلك أن الروم كانوا أهل كتاب والفرس مشركين يعبدون النار فأنزل الله تعالى هذه الآيات التي تتنبأ بهزيمة الفرس من قبل الروم في فترة بضع سنين ولقد ورد في تفسير القرطبي عن القشيري وابن عطية وغيرهما: أنه لما نزلت الآيات خرج أبو بكر بها إلى المشركين فقال: أسركم أن غَلبت الروم؟ فإن نبينا أخبرنا عن الله تعالى أنهم سيغلبون في بضع سنين. فقال له أبي بن خلف وأمية أخوه - وقيل أبو سفيان بن حرب - : يا أبا فصيل - يعرضون بكنيته يا أبا بكر - فلنتناحب - أي نتراهن في ذلك فراهنهم أبو بكر. قال قتادة: وذلك قبل أن يحرم القمار، وجعلوا الرهان خمس قلائص والأجل ثلاث سنين. وقيل: جعلوا الرهان ثلاث قلائص. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: (فهلا احتطت، فإن البضع ما بين الثلاث والتسع والعشر ولكن ارجع فزدهم في الرهان واستزدهم في الأجل) ففعل أبو بكر، فجعلوا القلائص مائة والأجل تسعة أعوام؛ فغلبت الروم في أثناء الأجل.
تتابع الأحداث:
لقد عانى الروم البيزنطيون قبل نزول الآيات من خسائر جسيمة جعلت أمر بقاء إمبراطوريتهم على المحك، ولذلك كان من المستبعد انتصارها مرة أخرى، فلم يكن الفرس فقط هم الخطر الوحيد الداهم بل كان معهم أيضاً الآفار و السلاف و اللومبارديون، فقد وصل الافار إلى أسوار القسطنطينية ، فأمر إمبراطور البيزنطيين آنذاك هرقل أن يصهر والذهب والفضة التي كانت في الكنائس ويحولها إلى أموال لتغطي الجيش، وعندما لم يكن ذلك كافياً، أذيبت حتى التماثيل البرونزية وحولت إلى أموال، مما ألب الكثير من الولاة ضد هرقل ووصلت الإمبراطورية إلى مشارف الانهيار، فقد غزوا الفرس الوثنين كلا من وادي الرافدين وكليليكيا و سوريا و فلسطين ومصر التي كانت من قبل تحت الحكم البيزنطي 0

وباختصار فإن الجميع كانوا يتوقعون أن تتدمر الإمبراطورية البيزنطية . ولكن في تلك اللحظات نزلت قوله تعالى في :(غُلِبَتِ الرُّومُ {2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ {3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) لتعلن أن الإمبراطورية البيزنطية سوف تحرز النصر في غضون بضع سنوات من هزيمتها وهذا النصر بدا مستحيلاً في أعين العرب المشركين إلى درجة دفعت بهم إلى السخرية من هذه الآيات القرآنية، وظنوا أن هذا النصر الموعود في القرآن لن يتحقق .
و بعد ما يقارب السبع سنوات من نزول الآيات من سورة الروم ، و في الشهر الثاني عشر من عام 627م وقعت معركة حاسمة بين الإمبراطورية الفارسية والبيزنطية هُزمت الفرس شر هزيمة وكانت هذه الهزيمة غير متوقعة وبعد أشهر قليلة توصل الفرس إلى معاهدة مع الروم أجبرتهم على إعادة الأراضي التي استولوا عليها إلى الروم.
وفي نهاية الأمر فإن نصر الروم الذي أعلنه الله في القرآن الكريم تحقق كاملاً .
هناك وجه إعجازي آخر في هذه الآيات، وهي أنها تقرر حقيقة جغرافية لم تكن معروفة عند أحد في ذلك الوقت.
فالآية الثالثة من سورة الروم تخبرنا أن الروم سوف يخسرون المعركة في أدنى منطقة من الأرض.
و تعبير " أدنى الأرض" في العربية يعني حسب بعض التفاسير مكاناً قريباً، ولكن هذا التفسير مجازي، لأن كلمة أدنى لم تأتي في هذه الآية بهذا المعنى. فكلمة أدنى باللغة العربية مشتقة من دنا يدنو بمعنى القريبة، وتأتي بمعنى المنخفضة، والأرض تعني العالم. و لذلك فإن أدنى الأرض معناها أكثر الأمكنة انخفاضاً في العالم .
و المثير للاهتمام أن أهم مراحل الحرب التي خيضت بين الروم و الفرس و أسفرت عن هزيمة الروم وخسارتهم للقدس، حصلت في أكثر مناطق العالم انخفاضاً في حوض البحر الميت الذي يقع في منطقة تتقاطع فيها كل من سوريا و الأردن و فلسطين و يبلغ مستوى سطح الأرض هنا 395 متراً تحت سطح البحر ، مما يجعل هذه المنطقة فعلاً أدنى منطقة من الأرض .
و أهم ما في الأمر أن ارتفاع بحر الميت لم يكن ليقاس في غياب تقنيات القياس الحديثة، ولذلك كان من المستحيل أن يعرف أي شخص في ذلك الوقت أن هذه المنطقة أكثر المناطق انخفاضاً في العالم ، ومع ذلك فإن هذه الحقيقة ذكرت في القرآن و هذا يؤكد مرة أخرى على أن القرآن هو وحي إلهي .

المرجع : معجزة القرآن تأليف هارون يحيى.

عمروعبده
28-06-2010, 07:54 PM
قصة سراقة مع النبي عند الهجرة



لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو و صاحبه أبو بكر في قصة الهجرة المشهورة و تبعتهم قريش بفرسانها ، أدكهم سراقة بن مالك المدلجي و كاد يمسك بهم ، فلما رآه سيدنا أبي بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه.
فلما فتحت فارس و المدائن و غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله بها بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة و قد كان وقتها شيخاً كبيراً قد جاوز الثماني من العمر ، و كان قد مضى على وعد رسول الله له أكثر من خمسة عشر سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه و كان رجلاً أزب أي كثير شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي، وقد روى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس .
ولقد مات سراقة في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان .
فمن أخبر محمداً بن عبد الله هذا الإنسان الهارب من القتل بأن الله سوف يغنم أمته كنوز كيسرى وتاجه و لبسها سراقة الأعرابي .
المصدر : صحيح البخاري كتاب المناقب ـ باب علامات النبوة 3419 كنز العمال .35752.

عمروعبده
28-06-2010, 07:58 PM
طلوع الشمس من مغربها



وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث إذا خرجن، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها. والدجال. ودابة الأرض".
وهذا الحديث متفق عليها، والشمس منذ خلق الله الأرض ومن عليها وهى تطلع من المشرق وتغرب فى المغرب عن طريق دوران اللأرض حول نفسها والذى ينتج عنه تعاقب الليل والنهار, بينما يؤدى دوران الأرض حول الشمس مرة كل عام الى تعاقب الفصول الأربعة. وهذا الأمر يحدث وسارى مع جميع كواكب المجموعة الشمسية. والسؤال هو : كيف ستطلع الشمس من المغرب؟ ما هى المقدمات؟ لطلوع الشمس من المغرب من الناحية العلمية لابد:
أولاًً تتباطأ حركة الأرض تدريجياً عند دورانها حول نفسها حتى تتوقف ثم تبدأ فى الدوران العكسى حول نفسها أيضاً وعندها تطلع الشمس من المغرب بالإضافة لطول بعض الأيام التي تسبق التوقف عن الدوران حول نفسها لأن الحركة ستكون ببطء وفي طريقها للتوقف لأن التوقف لو تم بشكل مفاجيء لدمر وأهلك كل من على الأرض من أحياء وحتى الجبال بل الأرض كلها.
وهذا البطء في الدوران السابق للتوقف والدوران العكسي سيجعل الأيام هذه ليست أربع وعشرون ساعة كالأيام المعتادة بل قد تطول جدا ومن هنا نفهم قول النبي صلي الله عليه وسلم أن بعض ايام الدجال يكون فيها يوم كسنة ويوم كشهر وايام معتادة حتى أن بعض الصحابة سألوا عن أوقات الصلوات وعددها فقال رسول الله قدروها قدرها، والدجال كما هو معلوم سيكون من العلامات الكبرى لقرب قيام الساعة وترتيبه قبل طلوع الشمس من مغربها كما نصت الأحاديث الصحيحة المتفق عليها. وسبحان الله ,فهذا ما حدث تماما مع اقرب الكواكب السيارة إلى الأرض وهو كوكب المريخ .
حدث بالتمام كما حكي لنا رسول الله عن حدوثه عن كوكبنا الأرض.

وعلماء الفضاء ذكروا أن هذا لابد ان يحدث أيضاً مع الأرض وكل الكوكب في مجموعتنا الشمسية.
رسول الله الامي يتحدث في اخص علوم الفضاء بالقرن الواحد والعشرين ... الله اكبر .
وما دام هذا حدث مع اقرب الكواكب لنا فمن سيكون الكوكب التالي انه كوكب الارض يقيناً.
أنها معجزة عظيمة وانذار من الله أعظم.
الخبر نشره موقع www.space.com (http://ebook/www.space.com/default.htm) فى مقالة للكاتب الصحفى جو رايو المتخصص فى علوم الفضاء وهو مدرس ومحاضر بمركز هايدن الفلكى بنيويورك. وجاء فى المقالة التى نشرت فى 25 يوليو تموز 2003: http://www.space.com/spacewatch/mars_retrograde_030725.html (http://ebook/www.space.com/spacewatch/mars_retrograde_030725.html)
في هذه السطور سنترجم ما ورد في هذا الموقع بشكل حرفي حتى تتبين للقارئ الكريم الحقائق النبوية الصادقة.
"مسار عكسي ! حركة المريخ قريباً ستتحول إلى الوراء.
في أثناء ما كان المريخ يقترب اكثر ويصبح اكثرسطوعا فى كل يوم لمدة شهور عديدة فانه قد اخذ فى التحك بشكل تدريجى تجاه الناحية الشرقية للنجوم الخلفية فى سماء فترة ماقبل الفجر. الا أن ذلك على وشك التغير حيث يبدأ الكوكب الأحمر فى التراجع فى سماؤنا متحركا بشكل ثابت تجاه الغرب.
ويطلق علماء الفلك على هذه التحرك للوراء اسم "تراجع الجسم السماوى وتحركه باتجاه مضاد للاتجاه المألوف عند الأجرام المماثلة ". ويأتى هذا التغيرفى الاتجاه وقد اصبح المريخ بشكل تدريجى مرئياً في الوقت المتأخر من المساء وهو أيضاً يأتي مع الاقتراب التاريخي للمريخ من كوكب الآرض والذى سوف يحدث فى أواخر شهر اغسطس. ....وفى بداية هذا العام كان المريخ يبعد 191 مليون ميل عن كوكب الأرض "306مليون كيلوميتر".فى هذا الاسبوع سوف تتقلص المسافة الى اقل من 40 مليون ميل "64كيلوميتر". ويشع المريخ الان بقوة اكثر 30مرة من غما كان عليه فى يوم رأس السنة.
ومنذ 1يناير كانون الثاني , تقدم المريخ تجاه مسار لناحية الشرق من خلال النجوم الخلفية لدائرة البروج. ولاتبدو الحركة ملحوظة فى صبيحة يوم واحد ولكن يمكن للملاحظين الفطنين اكتشافه من يوم لآخر .
فى الأشهر القليلة الماضية ظهر المريخ وقد اخذ فى التباطؤ في مساره المنحنى تجاه المشرق ، وبدا كما لو انه يتذبذب ,كما لو انه أصبح مترددا.
وفى يوم الأربعاء ,30يوليو تموز, سوف يتوقف هذا المسارالشرقى المنتظم .وبعدها , وفى الشهرين التاليين , سوف يتحرك المريخ للخلف فى مسار معاكس للنجوم الخلفية-تجاه الغرب-
.
فى 29سبتمبر أيلول، سوف يتوقف الكوكب مرة أخرى قبل ان يستأنف مساره الشرقى الطبيعى.
جميع الكواكب تتعرض لهذا التحرك العكسى مرة واحدة او اخرى ..........وسوف يؤكد هذا التحرك العكسى نفسه عندما يصل المريخ لأول نقاطه الثابتة فى30 يوليوتموز.وبعدها يبدأ المريخ فى الانقلاب تجاه الغرب وسوف تدرك الأرض المريخ في 28اغسطس .
وفى نهاية المطاف ,فى 29سبتمبرايلول, فان الحركات المجتمعة للمريخ والآرض سوف توازن الحركة العكسية للمريخ مع وصول المريخ لنقطة ثبات ثانية .وحينئذ سوف يتحول المريخ إلى تجاه المشرق , مستأنفا مساره الطبيعى بين النجوم. "
انتهت مقالة الكاتب الى هنا والتى اوردنا فيها أهم الأشياء المتعلقة بالتحرك العكسى والتباطؤ أو ما أسماه الكاتب بالتردد . وقد يتسائل البعض عن علاقة ذلك بطلوع الشمس من المغرب؟ الإجابة تكمن في مقالة أخرى لنفس الكاتب وموجودة بنفس الموقع http://www.space.com/spacewatch/where_is_mars.html (http://ebook/www.space.com/spacewatch/where_is_mars.html)
حيث جاء فى الشرح الذى أورده جو رايو للرسم التوضيحى المرفق بالمقالة ذكر فيه عن العمود السادس من الرسم انه" يوضح الوقت الذى سوف يصل فيه المريخ لأعلى نقطة له في السماء والتى من المنتظر أن تكون فى الجنوب. وقد تم حساب هذا الأوقات لخط العرض 40º شمالا وخط الطول 0º. ولتلحظ ان ذلك لن يكون قبل انتهاء شهر يونيو حزيران وعندها يصل المريخ لاعلى نقطة له فى السماء"من المنتظر ان تكون فى الجنوب"قبل شروق الشمس. ومع نهاية شهر اغسطس اب سوف يشرق من ناحية غروب الشمس , ويصل لاعلى نقطة له فى منتصف الليل ويغرب من ناحية شروق الشمس."
المسار العكسى اذا يؤدى الى انقلاب الوضع كذلك بالنسبة لشروق الشمس وغروبها.وهذا ما سجله العلماء ايضا مع كوكب الزهرة فى الستينات فى مختبر أبحاث الدفع النفاث بجولدستون , كاليفورنيا,بأن الدوران العكسى قد أدى الى أن المراقب لكوكب الزهرة يرى الشمس وهى تشرق من ناحية الغرب وتغرب من ناحية الشرق." المصدر : موسوعة انكارتا, مايكروسوفت 2002"
وكما أوضح ريو سلفا فان " جميع الكواكب تتعرض لهذا التحرك العكسي " أي أن الأرض هي الأخرى ستتحرك بشكل عكسى ان اجلا أو عاجلا وصدق الله ورسوله. يتبقى طول بعض الايام التى تسبق ذلك الشروق وهو ما اخبر به الرسول فى الأحاديث المتعلقة بالدجال و الذى يسبق نزوله طلوع الشمس من المغرب كما هو وارد فى احاديث كثيرة مجمع عليها.
الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين . معجزة علمية اخرى من معجزات الرسول"صلى الله عليه وسلم" وتصديق فوق تصديق لحضرة الرسول الكريم.
"هذا بلاغ للناس ولينذرو به" . وليس المقصد من هذه المقالة ان نتكاسل او أن نقول بتحديد وقت قيام الساعة , ولكن الامر محاولة منا لابراز حدث جلل الله وحده يعلم متى سيقع . ودليل فوق الأدلة على معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ."وما ينطق عن الهوى .ان هو الا وحى يوحى".
ترجم البحث عن الإنكليزية السيد أحمد عبد السميع طالب في جامعة الأزهر قسم الترجمة الفورية .
أعداد فراس نور الحق محرر موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
المصدر : موقع الفضاءwww.space.com (http://ebook/www.space.com/default.htm)
وموسوعة إنكارتا (الموسوعة البريطانية

عمروعبده
28-06-2010, 08:00 PM
في ظهور نار الحجاز



عن أبي ذر، قال : " أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا ذا الحُليقة، فتعجل رجالٌ إلى المدينة، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبتنا معه، فلما أصبح سأل عنهم، فقالوا إلى المدينة، فقال : تعجلوا إلى المدينة والنساء، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت "[1] (http://ebook/39.htm#_ftn1#_ftn1).
ووراه ابن شبة من غير ذكر : " بأرض اليمن "، ولفظه : " ليتركنها أحسن ما كانت، ليت متى تخرج نار من جبل الوراق تضيء لها أعناق الإبل ببصرى بروكاً كضوء النهار " [2] (http://ebook/39.htm#_ftn2#_ftn2).
و أخرج الطبراني، في آخر حديث لحذيفة بن أسيد : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من رومان أو ركوبة (و هي ثنية بين مكة والمدينة ) تضيء منها أعناق الإبل ببصرى "[3] (http://ebook/39.htm#_ftn3#_ftn3) قلت : وركوبة ـ كما ـ سيأتي ـ ثنية قريبة من ورقان، ولعله المراد بجبل الوراق .
قال الحافظ ابن حجر : ورمان لم يذكرها البكري، ولعل المراد : رومة، البئر المعروفة بالمدينة[4] (http://ebook/39.htm#_ftn4#_ftn4) . وهذه النار مذكورة في الصحيحين، في حديث : " لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز " [5] (http://ebook/39.htm#_ftn5#_ftn5).
و لفظ البخاري : " تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى "[6] (http://ebook/39.htm#_ftn6#_ftn6) .
و روى الطبراني، بسند ضعيف، عن عاصم بن عدي الأنصاري، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم، فقال : أين جئت ؟ فقال : من حبس سيل، فدعوت بنعلي، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله، سألتنا عن حبس سيل فقلنا : لا علم لنا به، وإنه مرَّ بي هذا الرجل فسألته فزعم أنَّ به أهله، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : أين أهلك ؟ فقلا : بحبس سيل، فقال : أخرج أهلك منها، فإنه يوشك أن تخرج منها نار تضيء أعناق الإبل ببصرى " [7] (http://ebook/39.htm#_ftn7#_ftn7).
و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك نار تخرج من حبس سيل، تسير سير بيطيئة الإبل، تسير النهار وتقيم الليل " [8] (http://ebook/39.htm#_ftn8#_ftn8).
و ظهور النار المذكورة بالمدينة الشريفة قد اشتهر اشتهاراً بلغ حدَّ التواتر عند أهل الأخبار، وكان ظهورها لإنذار العباد بما حدث بعدها، فلهذا ظهرت على قرب مرحلةٍ من بلد النذير صلوات الله وسلامه عليه، وتقدمها زلازل مهولة، وقد قال تعالى : (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (الاسراء:59)
، وقال تعالى : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) (الزمر:16)

ظهور النار :
و لما ظهرت النار العظيمة الآتية وصفها، وأشفق منها أهل المدينة غاية الإشفاق، التجأوا إلى نبيهم المبعوث بالرحمة، فصرفت عنهم ذات الشمال وزاحت عنهم الأوجال، وظهرت بركة تربته صلى الله عليه وسلم في أمته، ولعل الحكمة في تخصيصها بهذا المحل ـ مع ما قدمناه من كونه حضرة النذير ـ الرحمة لهذه الأمة فإنها إن ظهرت بغيره، وسلطان القهر والعظمة التي هي من آثاره قائمٌ لربما استولت على ذلك القطر ولم تجد صارفاً، فيعظم ضررها على الأمة، فظهرت بهذا المحل الشريف لحكمة الإنذار، فإذا تمت قابلتها الرحمة فجعلتها برداً وسلاماً، إلى غير ذلك من الأسرار .
و كان ابتداء الزلزلة بالمدينة الشريفة مستهل جمادى الآخرة، أو آخر جمادى الآخر، أو آخر جمادى الأول سنة أربعة وخمسين وست مئة، لكنها كانت خفيفة لم يدركها بعضهم مع تكررها بعد ذلك، واشتدت في يوم الثلاثاء على ما حكاه القطب القسطلاني . وظهرت ظهوراً عظيماً، اشترك في إدراكه العام والخاص، ثم لما كان ليلة الأربع ثالث الشهر أو رابعه، في الثلث الأخير من الليل حدث بالمدينة زلزلة عظيمة أشفق الناس منها، وانزعجت القلوب لهيبتها، واستمرت تزلزل بقية الليل، واستمرت إلى يوم الجمعة ولها دوي أعظم من الرعد، فتموج الأرض وتتحرك الجدران، حتى وقع في يوم واحد دون ليلة ثماني عشرة حركة، على ما حكاه القسطلاني .
و قال القرطبي : قد خرجت نار الحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة، الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وست مئة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت بقريظة، بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم، لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموعه ذلك مثل النهر أحمر وأزرق، له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور بين يديه، وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم، فانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم ٌ باردٌ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر .
و قال لي بعض أصحابنا : رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى أهـ
و قال النووي : تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام .
و نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة الشريفة وغيره أنَّ في ليلة الأربعاء ثالثة جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت في تلك الليلة تزلزل، ثم استمرت تزلزل كل يوم وليلة مقدار عشر مرات .
قال : والله لقد زلزلت مرة ونحن حول الحجرة فاضطرب لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذي فيه واضطربت قناديل الحرم الشريف (1).
زاد القاشاني : ثم في اليوم الثالث ـ وهو يوم الجمعة ـ زلزلت الأرض زلزلة عظيمة، إلى أن اضطربت منائر المسجد، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم (2) .
قال القطب القسطلاني : فما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار، وظهرت مثل المدينة العظيمة في جهة الشرق .
قال القاضي سنان : وطلعت إلى الأمير ـ وكان عز الدين منيف بن شيحة وقلت له : قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله، فأعتق كل مماليكه، وردَّ على الناس مظالمهم زاد القاشاني : وأبطل المكس .
ثم هبط الأمير للنبي صلى الله عليه وسلم وبات في المسجد ليلة الجمعة وليلة السبت، ومعه جميع أهل المدينة حتى النساء والصغار، ولم يبق أحد في النخل إلا جاء إلى الحرم الشريف وبات الناس يتضرعون ويبكون، وأحاطوا بالحجرة الشريفة كاشفين رؤوسهم مُقرين بذنوبهم مبتهلين مستجيرين بنبهم صلى الله عليه وسلم .
و قال القطب : ولما عاين أمير المدينة ذلك أقلع عن المخالفة واعتبر، ورجع عما كان عليه من المظالم وانزجر، وأظهر التوبة والإنابة، وأعتق جميع مماليكه، وشرع في ردِّ المظالم وعزم أهل المدينة على الإقلاع عن الإصرار وارتكاب الأوزار، وفزعوا إلى التضرع والاستغفار، وهبط أميرهم من القلعة مع قاضيهم الشريف سنان وأعيان البلد، والتجأوا إلى الحجرة الشريفة، وباتوا
بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء والأطفال، فصرف الله تعالى تلك النار العظيمة ذات الشمال، ونجوا من الأهوال، فسارت تلك النار من مخرجها وسالت ببحر عظيم من النار، وأخذت في وادي أُحيليين وأهل المدينة يشاهدونها من دورهم كأنها عندهم ومالت من مخرجها إلى جهة الشمال، واستمرت مدة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون . وذكر القطب القسطلاني في كتاب أفرده لهذه النار، وهو ممن أدركها لكنه كان بمكة فلم يشاهدها: إن ابتداءها يوم الجمعة السادس من شهر جمادى الآخرة، وأنها دامت إلى يوم الأحد السابع والعشرين من رجب، ثم خمدت ـ فجملة ما أقدمت اثنين وخمسين يوماً، لكنه ذكر بعد ذلك أنها أقامت منطفئة أياماً ثم ظهرت، قال: وهي كذلك تسكن مرة وتظهر أخرى، فهي لا يؤمن عودها وإن طفيء وقودها أهـ.
فكأن ما ذكره المؤرخون من المدة باعتبار انقطاعها بالكلية، وطالت مدتها ليشتهر أمرها فينزجر بها عامة الخلق ويشهدوا من عظمها عنوان النار التي أنذرهم بها حبيب الحق صلى الله عليه وسلم.
و ذكر القسطلاني عن من يثق به : أن أمير المدينة أرسل عدة من الفرسان إلى هذه النار للإتيان بخبرها، فلم تجسر الخيل على القرب منها، فترجل أصحابها وقربوا منها فذروا أنها ترمي بشرر كالقصر، ولم يظفروا بجلية أمرهم، فجرد عزمه للإحاطة بخبرها، فذكر أن ه وسل منها إلى قدر غلوتين بالحجر ولم يستطع أن يجاوز موقفه من حرارة الأرض وأحجار كالمسامير تحتها نار سارية ومقابلة ما يتصاعد من اللهب، فعاين ناراً كالجبال الراسيات، والتلال المجتمعة السائدات، تقذف بزبد الأحجار كالبحار المتلاطمة الأمواج، وعقد لهيبها في الأفق قتاماُ حتى ظن الظان أن الشمس والقمر كسفاً إذ سلبا بهجة الإشراق في الأفاق، ولولا كفاية الله كفتها لأكلت ما تقدم عليه من الحيوان والنبات والحجر، أهـ .
قلت : وذكر القسطلاني : إن هذه النار لم تزل مارةً على سيلها حتى اتصلت بالحرة ووادي الشظاة، وهي تسحق ما والاها، وتذيب ما لاقاها من الشجر الأخضر والحصى من قوة اللظى، وأن طرفها الشرقي أخذ بين الجبال فحالت دونه ثم وقفت، وأن طرفها الشامي وهو الذي يلي الحرم ـ اتصل بجبل يقال له : وعيرة، على قرب من شرقي جبل أحد، ومضت في الشظاة الذي في طرفه وادي حمزة رضي الله عنه، ثم استمرت حتى استقرت تجاه حرم النبي صلى الله عليه وسلم فطفئت .
و قال القسطلاني : إن ضوءها استوى على ما بطن من القيعان وظهر من التلال، حتى كأن الحرم النبوي عليه الشمس مشرقة، وجملة أماكن المدينة بأنوارها محدقة، ودام على ذلك لهبها حتى تأثرت له النيران، صار نور الشمس على الأرض تعتريه صفرة، ولونها من تصاعد الالتهاب يعتريه حمرة، والقمر كأنه قد كسف من اضمحلال نوره .
قال : وأخبرني جمع ممن توجه للزيارة على طريق المشيان أنهم شاهدوا ضوءها على ثلاثة مراحل للمجدِّ وآخرون : أنهم شاهدوا من جبال سارية .
قلت :نقل أبو شامة عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة : أن هذه النار رؤيت من مكة ومن الفلاة جميعها، ورآها أهل ينبع .
قال أبو شامة : وأخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها بالمدينة أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب .
قال أبو شامة : وظهر عندنا بدمشق أثر ذلك الكسوف من ضعف النور على الحيطان، وكنا حيارى من سبب ذلك، إلى أن بلغنا الخبر عن هذه النار .
و كل من ذكر هذه النار يقول في آخر كلامه : وعجائب هذه النار وعظمتها يكل عن وصفها البيان والأقلام، وتجل عن أن يحيط بشرحها البيان والكلام، فظهر بظهورها معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم لوقوع ما أخبر به وهي هذه النار، إذ لم تظهر من زمنه صلى الله عليه وسلم قبلها ولا بعدها نار مثلها . قلت : قد تقدم عن القرطبي أنه بلغه أنها رؤيت من جبال بصرى .
و صرح الشيخ عماد الدين ابن كثير بما يقضي أنه أضاءت من هذه النار أعناق الإبل ببصرى، فقال : أخبرني قاضي القضاة صدر الدين الحنفي قال : أخبرني والدي الشيخ صفي الدين مدرس مدرسة بصرى أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة الليلة التي ظهرت فيها هذه النار ممن كان بحاضرة بلد بصرى أنهم رأوا صفحات أعناق إبلهم في ضوء تلك النار، فقد تحقق بذلك أنها الموعودة بها، والحكمة في إنارتها بالأماكن البعيدة من هذا المظهر الشريف حصول الإنذار، ليتم به الإنزجار .
المصدر :
عن كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى تأليف نور الدين بن عبد الله السمهودي ج 2 .

عمروعبده
28-06-2010, 08:02 PM
محو آية الليل



قال تعالى : (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا)
في هذه الآية الكريمة يذكرنا ربنا تبارك وتعالى بأنه قد جعل الليل والنهار آيتين من آياته الكونية المبهرة التي تدل علي طلاقة قدرته‏,‏ وبالغ حكمته‏,‏ وبديع صنعه في خلقه‏,‏ فاختلاف هيئة كل من الليل والنهار في الظلمة والنور‏,‏ وتعاقبهما علي وتيرة رتيبة منتظمة ليدل دلالة قاطعة علي أن لهما خالقاً قادرا عليما حكيما‏..‏

والآية في اللغة العلامة والجمع آي‏,‏ وآيات والآية من كتاب الله جماعة حروف تكون كلمة أو مجموعة كلمات تبني منها الآية لتحمل دلالة معينة‏.‏
آراء المفسرين
يذكر عدد من المفسرين في شرح هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قد جعل من صفات الليل أنه مظلم‏,‏ كما جعل من صفات النهار أنه منير‏,‏ وربما كان ذلك هو آية كل منهما‏,‏ وهذا الفهم دفع ببعض المفسرين إلي القول بأن من معاني قوله تعالى‏:‏فمحونا آية الليل‏..‏ أي جعلنا الليل‏,‏ وهو آية من آيات الله ـ مظلما‏,‏ وجعلنا من صفاته تلك الظلمة‏,‏ وأن من معاني قوله تعالى‏:‏وجعلنا آية النهار مبصرة أي جعلنا الآية‏(‏ التي هي النهار‏)‏ منيرة تعين علي الإبصار فيها‏,‏ من نحو قول العرب‏:‏أبصر النهار إذا أنار وصار بحالة يبصر فيها‏,‏ ولكن المقابلة بين محو آية الليل وجعل آية النهار مبصرة ربما تتحمل من المعاني ما هو فوق ذلك‏,‏ مما يحتاج إلي توظيف العديد من الحقائق العلمية الحديثة من أجل حسن فهم دلالة تلك المقابلة‏.‏
فواضح نص الآية الكريمة أن الله تعالى قد محا آية الليل‏,‏ وأبقي آية النهار مبصرة لكي يتيح الفرصة للخلق لابتغاء الفضل منه‏,‏ والسعي علي كسب الرزق أثناء النهار‏,‏ وللخلود إلي السكينة والراحة بالليل‏,‏ وأن في هذا التبادل بين الليل المظلم والنهار المنير وسيلة ميسرة لتحديد الزمن‏,‏ ولتأريخ الأحداث‏,‏ فبدون ذلك التتابع الرتيب لليل والنهار يتلاشي إحساس الإنسان بمرور الزمن‏,‏ وتتوقف قدرته علي متابعة الأحداث والتأريخ لها‏,‏ ولذلك يمن علينا ربنا تبارك وتعالى في ختام هذه الآية الكريمة بأنه قد فصل لنا كل شيء في وحيه الخاتم القرآن الكريم الذي ليس من بعده وحي من الله‏,‏ وليست من بعده أية رسالة ربانية‏,‏ ولذلك جاء ذلك التفصيل الإلهي تفصيلا دقيقا واضحا لكل أمر من أمور الدين الذي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيه أية ضوابط صحيحة‏.‏
آيتا الليل والنهار
الليل والنهار آيتان كونيتان عظيمتان من آيات الله في الخلق‏,‏ تشهدان بدقة بناء الكون‏,‏ وانتظام حركة كل جرم فيه‏,‏ وإحكام السنن الضابطة له‏,‏ ومنها تلك السنن الحاكمة لحركات كل من الأرض والشمس‏,‏ والتي تتضح بجلاء في التبادل المنتظم للفصول المناخية‏,‏ والتعاقب الرتيب لليل والنهار‏,‏ وما يصاحب ذلك كله من دقة وإحكام بالغين‏..!!‏
فنحن نعلم اليوم أن التبادل بين الليل المظلم والنهار المنير هو من الضرورات اللازمة للحياة علي الأرض‏,‏ ولاستمرارية وجود تلك الحياة بصورها المختلفة حتي يرث الله تعالى الأرض ومن عليها‏.‏
فبهذا التبادل بين الظلام والنور يتم التحكم في درجات الحرارة والرطوبة‏,‏ وكميات الضوء اللازمة للحياة في مختلف بيئاتها الأرضية‏,‏ كما يتم التحكم في العديد من الأنشطة والعمليات الحياتية من مثل التنفس‏,‏ والنتح‏,‏ والتمثيل الضوئي‏,‏ والأيض‏,‏ وغيرها ويتم ضبط التركيب الكيميائي للغلاف الغازي المحيط بالأرض‏,‏ وضبط صفاته الطبيعية‏,‏ وتتم دورة المياه بين الأرض والسماء والتي لولاها لفسد كل ماء الأرض كما يتم ضبط حركات كل من الأمواج المختلفة في البحار والمد والجزر‏,‏ والرياح والسحاب‏,‏ ونزول المطر بإذن الله‏,‏ ويتم تفتيت الصخور وتكون التربة بمختلف أنواعها ومنها الصالحة للانبات‏,‏ وغير الصالحة‏,‏ وترسب الصخور ومنها القادرة علي خزن كل من الماء والنفط والغاز ومنها غير القادرة علي ذلك‏,‏ وتركيز مختلف الثروات الأرضية‏,‏ وغير ذلك من العمليات والظواهر التي بدونها لا يمكن للأرض أن تكون صالحة للحياة‏.‏
وتعاقب الليل والنهار علي نصفي الأرض هو كذلك ضروري‏,‏ لأن جميع صور الحياة الأرضية لا تتحمل مواصلة العمل دون راحة وإلا هلكت‏,‏ فالإنسان والحيوان والنبات‏,‏ وغير ذلك من أنماط الحياة البسيطة يحتاج إلي الراحة بالليل لاستعادة النشاط بالنهار أو عكس ذلك بالنسبة لانماط الحياة الليلية فالإنسان ـ علي سبيل المثال ـ يحتاج إلي أن يسكن بالليل فيخلد إلي شيء من الراحة والعبادة والنوم مما يعينه علي استعادة نشاطه البدني والذهني والروحي‏,‏ وعلي استرجاع راحته النفسية‏,‏ واستجماع قواه البدنية حتي يتهيأ للعمل في النهار التالي وما يتطلبه ذلك من قيام بواجبات الاستخلاف في الأرض‏,‏ وقد ثبت بالتجارب العملية والدراسات المختبرية أن أفضل نوم الإنسان هو نومه بالليل‏,‏ خاصة في ساعات الليل الأولي‏,‏ وأن إطالة النوم بالنهار ضار بصحته لأنه يؤثر علي نشاط الدورة الدموية تأثيرا سلبيا‏,‏ ويؤدي إلي شيء من التيبس في العضلات‏,‏ والتراكم للدهون علي مختلف أجزاء الجسم‏,‏ وإلي زيادة في الوزن‏,‏ كما يؤدي إلي شيء من التوتر النفسي والقلق‏,‏ وربما كان مرد ذلك إلي الحقيقة القرآنية التي مؤداها أن الله تعالى قد جعل الليل لباسا‏,‏ وجعل النهار معاشا‏,‏ وإلي الحقيقة الكونية التي مؤداها أن الانكماش الملحوظ في سمك طبقات الحماية في الغلاف الغازي للأرض ليلا‏,‏ وتمددها نهارا يؤدي إلي زيادة قدراتها علي حماية الحياة الأرضية بالنهار عنها في الليل حين ترق طبقات الحماية الجوية تلك رقة شديدة قد تسمح لعدد من الأشعات الكونية بالنفاذ إلي الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وهي أشعات مهلكة مدمرة لمن يتعرض لها لمدد كافية‏,‏ ومن هنا كان ذلك الأمر القرآني بالاستخفاء في الليل والظهور في النهار ومن هنا أيضا كان أمره إلي خاتم الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله تعالى من شر الليل إذا دخل بظلامه‏,‏ وأن يلتجئ إلي الله ويعتصم بجنابه من أخطار ذلك فقال عز من قائل‏:‏
ومن شر غاسق إذا وقب‏*[‏ الفلق‏:3]‏
فهذا الشر ليس مقصورا علي الظلمة وما يمكن أن يتعرض فيها المرء إلي مخاطر البشر‏,‏ بل قد يمتد إلي مخاطر الكون التي لا يعلمها إلا الله تعالى‏.‏
ثم إن هذا التبادل في اليوم الواحد بين ليل مظلم ونهار منير‏,‏ يعين الإنسان علي إدراك حركة الزمن‏,‏ وتأريخ الأحداث‏,‏ وتحديد الأوقات بدقة وانضباط ضروريين للقيام بمختلف الأعمال‏,‏ ولأداء جميع العبادات‏,‏ وللوفاء بمختلف العهود والحقوق والمعاملات وغير ذلك من الأنشطة الإنسانية‏,‏ فلو كان الزمن كله علي نسق واحد من ليل أو نهار ما استقامت الحياة وما استطاع الإنسان أن يميز من حياته ماضيا أو حاضرا أو مستقبلا‏,‏ وبالتالي لتوقفت الحياة‏,‏ ولذلك يقول ربنا تبارك وتعالى في ختام الآية‏:‏

‏..‏ لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب‏..‏ ولذلك أيضا يمن علينا ربنا وهو تعالى صاحب الفضل والمنة بتبادل الليل والنهار في العديد من آيات القرآن الكريم‏,‏ ومع إيماننا بذلك‏,‏ وتسليمنا به يبرز التساؤل في الآية الكريمة التي نحن بصددها رقم‏12‏ من سورة الإسراء عن مدلول آيتي الليل والنهار‏,‏ وعن كيفية محو آية الليل وإبقاء آية النهار مبصرة؟‏..‏
محو آية الليل وإبقاء آية النهار مبصرة عند المفسرين‏
في شرح معني هذه الآية الكريمة ذكر نفر من المفسرين أن آيتي الليل والنهار نيراهما‏,‏ فآية الليل هي القمر‏,‏ وآية النهار هي الشمس‏,‏ وإذا كان الأمر كذلك فكيف محيت آية الليل‏,‏ والقمر لا يزال قائما بدورانه حول الأرض ينير ليلها كلما ظهر؟‏,‏ فقد روي عن عبدالله بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما أنه قال‏:‏ كان القمر يضئ كما تضئ الشمس‏,‏ والقمر آية الليل‏,‏ والشمس آية النهار‏,‏ وعلي ذلك فمعني قول الحق تبارك وتعالى‏:‏فمحونا آية الليل هو السواد الذي في القمر أي انطفاء جذوته‏,‏ وأضاف‏:‏ أن مدلول وجعلنا الليل والنهار آيتين أي ليلا ونهارا‏,‏ وكذلك خلقهم الله عز وجل‏.‏
وتبع ابن عباس في ذلك قتادة‏(‏ يرحمه الله‏)‏ الذي قال‏:‏ كنا نحدث أن محو آية الليل سواد القمر الذي فيه‏,‏ وجعلنا آية النهار مبصرة أي منيرة‏,‏ وخلق الشمس أنور من القمر وأعظم‏.‏
وفي الكلام إشارة دقيقة إلي الفارق الذي حدده القرآن الكريم في آيات عديدة بين ضوء الشمس ونور القمر‏,‏ والذي لم يدركه العلماء إلا متأخرا بأن الأول ينطلق من نجم ملتهب شديد الحرارة‏,‏ مضئ بذاته بينما الثاني ينتج عن انعكاس أشعة الشمس علي سطح القمر البارد المعتم‏.‏
وقال نفر آخر من المفسرين إن آية الليل هي ظلمته‏,‏ كما أن آية النهار هي نوره ووضاءته‏,‏ فالله تعالى جعل من الظلام آية لليل‏,‏ كما جعل من النور آية للنهار‏,‏ فيعرف كل منهما بأيته‏,‏ أي بعلامته الدالة عليه‏,‏ ومن هؤلاء المفسرين ابن جريج‏(‏ يرحمه الله‏)‏ الذي نقل عن عبدالله بن كثير‏(‏ رحمة الله عليه‏)‏ قوله‏:‏ آيتا الليل والنهار هما ظلمة الليل‏,‏ وسرف النهار‏.‏
وهنا يتبادر إلي الذهن السؤال التالي‏:‏ كيف يستقيم هذا الفهم مع قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏ فمحونا آية الليل وظلمة الليل باقية مع بقاء نور النهار؟ وإذا كانت آية الليل هي ظلمته فكيف محيت تلك الظلمة وهي لاتزال باقية؟ وعلي الرغم من هذا التعارض فقد أيد عدد من المفسرين المعاصرين هذا الفهم بصورة أو أخري ومنهم صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏)‏ الذي كتب مانصه‏...‏ والليل والنهار آيتان كونيتان كبيرتان تشيان بدقة الناموس الذي لايصيبه الخلل مرة واحدة‏,‏ ولايدركه التعطل مرة واحدة‏,‏ ولا يني يعمل دائبا بالليل والنهار‏,‏ فما المحو المقصود هنا وآية الليل باقية كآية النهار؟ يبدو ـ والله أعلم ـ أن المقصود به ـ ظلمة الليل التي تخفي فيها الأشياء‏,‏ وتسكن فيها الحركات والأشباح‏..,‏ فكأن الليل محو إذا قيس إلي ضوء النهار‏,‏ وحركة الأحياء فيه والأشياء‏,‏ وكأنما النهار ذاته مبصر بالضوء‏(‏ بالنور‏)‏ الذي يكشف كل شئ فيه للأبصار‏.‏
من هذا الاستعراض يتضح اختلاف آراء المفسرين ـ قدامي ومعاصرين ـ في اجتهادهم لفهم دلالة الآية القرآنية الكريمة التي نحن بصددها‏(‏ الآية الثانية عشرة من سورة الإسراء‏)‏ فمنهم من قال بأن آية النهار هي نوره الوضاء‏,‏ أو هي الشمس مصدر ذلك الضياء‏,‏ بينما آية الليل هي ظلمته‏,‏ أو هي القمر المتميز بظلمة سطحه الذي لا ينير إلا بسقوط أشعة الشمس عليه‏,‏ وانعكاسها من ذلك السطح المعتم المظلم‏,‏ وقد دفع ذلك ببعض المفسرين إلي القول بإحتمال كون القمر في بدء خلقه ملتهبا‏,‏ شديد الحرارة‏,‏ مشتعلا‏,‏ مضيئا بذاته تماما كالشمس‏,‏ ثم انطفأت جذوته وخبت‏,‏ فمحي ضوءه الأصلي‏,‏ ولم يعد له نور إلا مايسقط علي سطحه من أشعة الشمس‏,‏ وهذا الاحتمال لاتدعمه الملاحظات العلمية الدقيقة في صفحه الكون‏,‏ وفي تاريخ الأرض القديم‏,‏ فكتلة القمر المقدرة بحوالي‏735‏ مليون مليون مليون طن البالغة حوالي‏80/1‏ من كتلة الأرض لاتمكنه من أن يكون نجما ملتهبا بذاته فالحد الأدني لكتلة الجرم السماوي كي يكون نجما لاتقل عن‏8%‏ من كتلة الشمس المقدرة بألفي مليون مليون مليون مليون طن‏,‏ أي لايجوز للنجم أن تقل كتلته عن‏160‏ مليون مليون مليون مليون طن وهو أكثر من مائتي ض
عف كتلة القمر‏,‏ ولو افترضنا جدلا امكانية أن يكون القمر نجما لأحرق لهيبه الأرض لقربه منها ـ‏(380000‏ كيلومتر في المتوسط‏),‏ ولأدي إلي خلخلة غلافها الغازي‏,‏ وإلي تبخير مياهها‏,‏ وإلي تركها جرداء قاحلة لا أثر للحياة فيها علي الإطلاق‏...!!!‏
إضاءة السماء في ظلمة الليل كانت آية الليل‏,‏ ومحوها هو حجبها عنا‏.‏
علي الرغم من الظلام الشامل للكون‏,‏ والذي لم يدركه الإنسان إلا بعد ريادة الفضاء منذ مطلع الستينات من القرن العشرين‏,‏ وعلي الرغم من محدودية الحزام الرقيق الذي يري فيه نور النهار بسمك‏;‏ لايتعدي المائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر في نصف الكرة الأرضية المواجهة للشمس حتي أن الانسان في انطلاقه من الأرض إلي فسحة الكون في أثناء النهار فإنه يفاجأ بتلك الظلمة الكونية الشاملة التي يري فيها الشمس قرصا أزرق في صفحة حالكة السواد‏,‏ لايقطع من شدة سوادها إلا أعداد من النقاط المتناثرة‏,‏ الباهته الضوء التي تحدد مواقع النجوم‏.‏
علي الرغم من كل ذلك فإن العلماء قد لاحظوا في سماء الأرض عددا من الظواهر المنيرة في ظلمة الليل الحالك نعرف منها‏:‏
‏(1)‏ ظاهرة توهج الهواء في طبقات الجو العليا Airglowin the upperatmosphere
وهي عبارة عن نور باهت متغير ينتج عن عدد من التفاعلات الكيميائية في نطاق التأين
Ionosphere المحيط بالأرض من ارتفاع‏90‏ إلي‏1000‏ كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وهو نطاق مشحون بالإلكترونات مما يساعد علي رجع الموجات الراديوية إلي الأرض‏.‏
‏(2)‏ ظاهرة أنوار مناطق البروج Zodiacal Lights
وتظهر علي هيئة مخروط من النور الباهت الرقيق الذي يري في جهة الغرب بمجرد غروب الشمس‏,‏ كما يري في جهة الشرق قبل طلوعها بقليل‏,‏ وتفسر تلك الأنوار بانعكاس وتشتت ضوء الشمس غير المباشر علي بعض الأجرام الكونية التي تعترض سبيله في أثناء تحركها متباعدة عن الأرض أو مقتربة منها‏.‏

‏(3)‏ ظاهرة أضواء النجوم Stellar Lights
وتصدر من النجوم في مواقعها المختلفة‏,‏ ثم تتشتت في المسافات الفاصلة بينها حتي تصل إلي غلاف الأرض الغازي‏.‏

‏(4)‏ ظاهرة أضواء المجرات Galactic Lights
وتصدر من نجوم مجرة من المجرات القريبة منا‏,‏ والتي تتشتت أضواؤها في داخل المجرة الواحدة‏,‏ ثم يعاد تشتتها في المسافات الفاصلة بين المجرات حتي تصل إلي الغلاف الغازي المحيط بالأرض‏.‏
‏(5)‏ ظاهرة الفجر القطبي وأطيافه Aurora and Auroralspectra
وتعرف هذه الظاهرة أيضا بإسم الأضواء القطبية Polar Lights أو باسم فجر الليل القطبي Polar Nights Dawn وهي ظاهرة نورانية تري بالليل في سماء كل من المناطق القطبية وحول القطبية Polarand Subpolar Regions
وتتركز أساسا في المنطقتين الواقعتين بين كل من قطبي الأرض المغناطيسيتين وخطي العرض المغناطيسيين‏67‏ درجة شمالا‏,67‏ درجة جنوبا‏,‏ وقد تمتد أحيانا لتشمل مساحات أوسع من ذلك‏.‏
وتبدو ظاهرة الفجر القطبي عادة علي هيئة أنوار زاهية متألقة جميلة‏,‏ تختلف باختلاف الارتفاع الذي تري عنده‏(‏ ويغلب عليها اللون الأخضر والأحمر والأبيض المشوب بزرقه والبنفسجي والبرتقالي وهي تتوهج وتخبو‏(‏ أي تزداد شدة ولمعانا ثم تهدأ‏)‏ بطريقة دورية كل عدة ثوان‏(‏ قد تمتد إلي عدة دقائق‏),‏ وتتباين ألوان الشفق القطبي في أجزائه المختلفة تباينا كبيرا‏,‏ وإن تناقصت شدة نورها إلي أعلي بصفة عامة‏,‏ حيث تتدلي تلك الأنوار من السماء إلي مستوي قد يصل إلي‏80‏ كيلومترا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وتمتد أفقيا إلي مئات الكيلومترات لتملأ مساحات شاسعة في صفحة السماء‏,‏ علي هيئة هالات حلقية أو قوسية متموجة‏,‏ تكون عددا من الستائر النورانية المطوية المتدلية من السماء‏,‏ والتي يشبه نورها النور المصاحب لبزوغ الفجر الحقيقي‏.‏
ويفسر العلماء حدوث ظاهرة الفجر القطبي بارتطام الأشعة الكونية الأولية بالغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تأينه‏(‏ أي شحنه بالكهرباء‏),‏ وإصدار أشعة كونية ثانوية‏,‏ ثم تصادم الأشعات الكونية‏(‏ وهي تحمل شحنات كهربية مختلفة‏)‏ مع بعضها البعض‏,‏ ومع غيرها من الشحنات الكهربية الموجودة في الغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تفريغها‏,‏ وتوهجها‏,‏ وتكثر الشحنات الكهربائية في الغلاف الغازي للأرض في كل من أحزمة الإشعاع
Radiation Beltsالمعروفة باسم أحزمة فان ألن Van Allens Belts
والموجودة في داخل نطق التأين المحيطة بالأرض Ionos phere Zones
وفي نطق التأين ذاتها‏.‏ والأشعة الكونية الأولية Primary Cosmic Rays
تملأ فسحة الكون علي هيئة الجسيمات الأولية المكونة للذراتElementaryorsubatomic particles
وهي جسيمات متناهية في الدقة‏,‏ ومشحونة بشحنات كهربائية عالية‏,‏ وتتحرك بسرعات تقترب من سرعة الضوء‏.‏
وتنطلق الأشعة الكونية الأولية من الشمس‏,‏ وإن كان أغلبها يصلنا من خارج المجموعة الشمسية‏,‏ ولم تكتشف تلك الأشعة الكونية إلا في سنة‏1936‏ م‏.‏

وتتسرب الأشعة الكونية الأولية إلي الأرض عبر قطبيها المغناطيسيين لتصل إلي أحزمة الإشعاع ونطق التأين في الغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تكون الأشعة الكونية الثانوية
Secondary cosmicrays
التي قد يصل بعضها إلي سطح الأرض فيخترق صخورها‏,‏ أما الأشعة الكونية الأولية فلا يكاد يصل منها إلي سطح الأرض قدر يمكن قياسه‏.‏
والأشعة الكونية بأنواعها المختلفة تتحرك بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض‏,‏ والتي تنحني لتصب في قطبي الأرض المغناطيسيين ساحبة معها موجات الأشعة الكونية‏,‏ وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي‏,‏ وحينما تنفذ تلك الأشعة من قطبي الأرض المغناطيسيين فإنها تؤدي إلي زيادة تأين الغلاف الغازي للأرض في منطقتي قطبيها المغناطيسيين‏,‏ ويؤدي اصطدام الشحنات المختلفة إلي تفريغها من شحناتها الكهربائية‏,‏ ومن ثم إلي توهج الغلاف الغازي للأرض في كل من المنطقتين القطبيتين في ظاهرة تعرف بظاهرة الوهج القطبي أو الشفق القطبي أو الأضواء القطبية أو فجر الليل القطبي وهي ظاهرة تري بوضوح في ظلمة الليل الحالك حول القطبين المغناطيسيين للأرض‏,‏ خاصة في أوقات الثورات الشمسية العنيفة حين يتزايد اندفاع الأشعة الكونية الأولية من الشمس‏,‏ فتصل كميات مضاعفة منها في اتجاه الأرض‏.‏ ويتزايد الإشعاع في الطبقات العليا من الغلاف الغازي للأرض إلي نسب مهلكة مدمرة خاصة في نطق التأين التي تحتوي علي تركيز عال من البروتونات‏(‏ الموجبة‏)‏ والإليكترونات‏(‏ السالبة‏),‏ ويحتبس المجال المغناطيسي للأرض الغالبية العظمي من تلك الإشعاعات‏,‏ ويوجهها إلي قطبيها المغناطيسيين في حركة لولبية موازية لخطوط المجال المغناطيسي والتي تنحني من القطب الشمالي إلي القطب الجنوبي وبالعكس‏,‏ وعندما يقترب الجسم المشحون بالكهرباء من جسيمات الأشعة الكونية تلك من أحد قطبي الأرض المغناطيسيين فإنه يرده إلي الآخر وهكذا تحدد خطوط الحقل المغناطيسي للأرض اتجاهات تحرك الأشعة الكونية وتركزها حول قطبي الأرض المغناطيسيين‏.‏
ومن الثابت علميا أن نطق الحماية المتعددة الموجودة في الغلاف الغازي للأرض ومنها نطاق الأوزون‏,‏ نطق التأين المتعددة‏,‏ أحزمة الإشعاع‏,‏ والنطاق المغناطيسي للأرض‏,‏ لم تكن موجودة في بدء خلق الأرض‏,‏ ولم تتكون إلا علي مراحل متطاولة من بداية خلق الأرض الابتدائية
Proto-Earth
وعلي ذلك فقد كانت الأشعة الكونية وباقي صور النور المتعددة في صفحة الكون تصل بكميات هائلة إلي المستويات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض ككل‏,‏ فتؤدي إلي إنارتها وتوهجها ليلا بمثل ظاهرة الشفق القطبي‏,‏ توهج الهواء‏,‏ أضواء النجوم‏,‏ أضواء المجرات وغيرها مما نشاهد اليوم‏,‏ ولكن بمعدلات أشد وأقوي‏,‏ وكان هذا التوهج وتلك الإنارة يشملان كل أرجاء الأرض فتنير ليلها إنارة تقضي علي ظلمة الليل‏.‏
وبعد تكون نطق الحماية المختلفة للأرض أخذت هذه الظواهر في التضاؤل التدريجي حتي اقتصرت علي بقايا رقيقة جدا وفي مناطق محددة جدا مثل منطقتي قطبي الأرض المغناطيسيين‏,‏ لتبقي شاهدة علي حقيقة أن ليل الأرض في المراحل الأولي لخلقها كان يضاء بوهج لايقل في شدته عن نور الفجر الصادق‏,‏ وشاهدة علي رحمة الله بنا أن جعل للأرض هذا العدد الهائل من نطق الحماية المتعددة والتي بدونها تستحيل الحياة علي الأرض‏,‏ وشاهدة علي حاجتنا إلي رحمة الله تعالى ورعايته في كل وقت وفي كل حين من الأخطار المحيطة بنا من كل جانب‏,‏ وشاهدة علي صدق تلك الإشارة القرآنية المعجزة‏.‏
وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا‏.‏
وهي حقيقة لم يدركها العلم المكتسب إلا في السنوات المتأخرة من القرن العشرين‏,‏ ولم يكن لأحد من البشر إدراك لها وقت تنزل القرآن الكريم ولا لعدد من القرون بعد ذلك‏..!!‏
وانطلاقا من هذه الحقيقة يمن علينا ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ بتبادل الليل والنهار فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون‏.‏ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون‏.‏ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون‏.‏
‏(‏القصص‏:71‏ ـ‏73)‏

وجاء ذكر الليل في القرآن الكريم اثنتين وتسعين‏(92)‏ مرة‏,‏ منها ثلاثة وسبعون‏(73)‏ مرة بلفظة الليل‏,‏ ومرة واحدة بلفظة ليل‏,‏ وثماني‏(8)‏ مرات بلفظة ليلة‏,‏ وخمسة‏(5)‏ مرات بلفظة ليلا‏,‏ وثلاث‏(3)‏ مرات بلفظة ليال‏,‏ ومرة واحدة بكل من اللفظين ليلها و ليالي‏.‏
كذلك ورد ذكر النهار في القرآن الكريم سبعا وخمسين‏(57)‏ مرة‏,‏ منها أربعة وخمسون‏(54)‏ مرة بلفظ النهار‏,‏ وثلاث‏(3)‏ مرات بلفظ نهارا‏,‏ كما وردت ألفاظ الصبح‏,‏ و الإصباح و الفلق ومشتقاتها بمدلول النهار في آيات أخري كثيرة‏,‏ كذلك وردت كلمة اليوم أحيانا بمعني النهار‏.‏
ونعمة الله تعالى علي أهل الأرض جميعا بمحو إنارة الليل‏,‏ وإبقاء إنارة النهار نعمة ما بعدها نعمة‏,‏ لأنه لولا ذلك ما استقامت الحياة علي الأرض‏,‏ ولا استطاع الإنسان الإحساس بالزمن‏,‏ ولا التأريخ للأحداث بغير تبادل ظلام الليل مع نور النهار‏,‏ ولتلاشت الحياة‏,‏ ومن هنا جاءت إشارة القرآن الكريم إلي تلك الحقيقة سبقا لكافة المعارف الإنسانية‏.‏
وإن دل ذلك علي شئ فإنما يدل علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وعلي أن هذا النبي الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأنه‏(‏ عليه أفضل الصلاة وأزكي التسليم‏)‏ ما كان ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي كما وصفه ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏).‏
وإذا كان صدق القرآن الكريم جليا في إشاراته إلي بعض أشياء الكون وظواهره‏,‏ فلابد أن يكون صدقه في رسالته الأساسية وهي الدين‏(‏ بركائزه الأربع‏:‏ العقيدة‏,‏ والعبادة‏,‏ والأخلاق والمعاملات‏)‏ جليا كذلك‏.‏ وهنا يتضح جانب من جوانب الإعجاز في كتاب الله‏,‏ وما أكثر جوانبه المعجزة ـ هو الإعجاز العلمي‏,‏ وهو خطاب العصر ومنطقه‏,‏ وما أحوج الأمة الإسلامية‏,‏ بل ماأحوج الإنسانية كلها إلي هذا الخطاب في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه‏,‏ وزمن العولمة الذي تحاول فيه القوي الكبري ـ علي ضلالها ـ فرض قيمها الدينية والأخلاقية والإجتماعية المنهارة علي دول العالم الثالث وفي زمرتها الدول الإسلامية‏,‏ بحد غلبتها العلمية والتقنية‏,‏ وهيمنتها الاقتصادية والعسكرية‏,‏ وقد عانت الدول الغربية‏,‏ ذاتها ولاتزال من الإغراق المادي الذي دمر مجتمعاتها‏,‏ وأدي إلي تحللها الأسري والاجتماعي والأخلاقي والسلوكي والديني‏,‏ وإلي ارتفاع معدلات الجريمة‏,‏ والأدمان‏,‏ والانتحار‏,‏ وإلي الحيود عن كل قوانين الفطرة السوية التي فطر الله خلقه عليها‏,‏ وإلي العديد من المشاكل والأزمات النفسية والمظالم الاجتماعية والسياسية علي المستويين المحلي والدولي‏...!‏
وماأحوج علماء المسلمين إلي إدراك قيمة الآيات الكونية في كتاب الله فيقبلوا عليها تحقيقا علميا منهجيا دقيقا بعد فهم عميق لدلالة اللغة وضوابطها وقواعدها‏,‏ ولأساليب التعبير فيها‏,‏ وفهم لأسباب النزول‏,‏ ومعرفة بالمأثور من تفسير الرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وجهود السابقين من المفسرين‏,‏ ثم تقديم ذلك الإعجاز العلمي إلي الناس كافة ـ مسلمين وغير مسلمين‏.‏مما يعد دليلا ماديا ملموسا علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وعلي أن سيدنا ونبينا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ هو خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ في غير تكلف ولا اعتساف‏,‏ لأن القرآن الكريم غني عن ذلك‏,‏ وهو أعز علينا وأكرم من أن نتكلف له‏.‏
وهذا المنهج في الاهتمام بالآيات الكونية في كتاب الله‏,‏ وشرح الإشارات العلمية فيها من قبل المتخصصين ـ كل في حقل تخصصه ـ هو من أكثر وسائل الدعوة إلي دين الله قبولا في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه‏.‏
المصدر : بحث للدكتور زغلول النجار نشر على جريد الأهرام

عمروعبده
28-06-2010, 08:04 PM
فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ



(1) قال الله تبارك وتعالـى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيـمٍ) (مريـم:37).
(2) قال تبارك وتعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) .
التفـسـيـر :
تبين الآية الأولى أن المسيحيين انقسموا أحزاباً . بعض هذه الأحزاب على حق وبعضها الآخر على ضلال .
و تبين الآية الثانية شيئين :
أولهما : أن فريقاً من المسيحيين قد نسي كثيراً من تعاليم دينهم مما كان سبباً في أن أصبح بعضهم لبعض عدواً .
و ثانيها : أن هذه العداوة لن تزول ولكنها ستستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
تطابق الحقائق :
ولكي ترى عظمة هاتين الآيتين في مجال حقائق التاريخ يجب علينا أن نتتبع سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن وسنجد حينئذ أن هذا التاريخ لم يحِد يوماً عن منطوق هاتين الآيتين بل سار على نهجهما وتَرَسَم خطاهما فقد بدأت النصرانية في فلسطين واحتكت أول الأمر باليهودية التي اضطهدت دعاتها فرحل بعضهم إلى الإسكندرية ورحل آخرون إلى روما ؟
وقد أخذت المسيحية تنتشر في الإمبراطورية الرومانية انتشاراً سريعاً وأخذ الأباطرة في بادئ الأمر يضطهدون معتنقيها لأنها بدعوتها إلى عبادة الله كانت تحرم الرق الذي كان عماد النظام الاقتصادي الروماني، وكذلك كانت تدعو إلى المساواة في مجتمع ساده نظام الطبقات والإغريق في طلب الثروة والجاه، ولكن الاضطهاد لم يزد المسيحية إلا انتشاراً وقوة حتى أصبح عدد المسيحيين أكثر من الوثنيين فجعلها ( قسطنطين ) دين الدولة الرسمي.
ولما تولى( ثيودوسيوس ) أخذ يحارب الوثنية فأغلق معابدها وجعل الناس يُعَمَدّون قسراً، ومع ذلك فلم يلبث المسيحيون أن انقسموا فرقاً اشتد الخلاف بينها اشتداداً صحبه اضطراب في الأمن مما اضطر الأباطرة إلى التدخل بينها ومناصرة بعضها عل البعض الآخر وانقسموا إلى ثلاثة فرق : الملكانية والنسطورية واليعاقبة .
و الملكانيون هم اتباع أريوس الذي قال بأن المسيح مخلوق وليس مولوداً من الأب ولذا لا يساويه في الجوهر .
أما النسطوريون وهم أتباع نسطور فقد قالوا إن للمسيح طبيعتين إحدهما إلهية والثانية بشرية، فهو بالأولى ابن الله وبالثانية ابن مريم.
وإلى ذلك يشير القرآن بقوله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (التوبة:30)، ويعني القرآن الكريم بهذا أنهم قلدوا الديانات الوثنية القديمة في هذه العقيدة مثل( الزردشتية والبراهمية والهندستانية والبوذية والرومانية والمصرية ).
فقد كان المصريين يعتقدون أن ( حوريس ) ولد من الإله الأعظم ( أوزوريس ) والعذراء ( ايزس ) . كما أن الرومان كانوا يعتقدون أن الإله ( جوبيتر) أنجب( بريسيوس ) من العذراء ( داناي ) وأنجب ( ديونيسيس ) من العذراء ( سيميل ) وأنجب (هرقل ) من العذراء ( ألكمين ) . أما في الهند فقد ولد كيرشنا في كهف بينما كانت أمه العذراء وخطيبها هاربين من غضب الملك .
و قد بلغ من تأثر المسيحية بالديانات المجوسية في هذه العقيدة أن تاريخ ولادة المسيح غُير مراراً إلى إن استقر يوم 25 ديسمبر وهو اليوم الذي كان المصريون يحتفلون فيه بمولد مخلصهم (حورس )، وهو نفس اليوم الذي كان الفرس يحتفلون فيه بميلاد (متزا)، كما كان هذا اليوم أحد الأعياد الدينية المماثلة في الدولة الرومانية وتخالف الكنيسة الشرقية الكنيسة الغربية في ذلك فتجعل يوم ميلاد المسيح اليوم السابع من يناير .
أما الحزب الثالث وهو حزب اليعاقبة فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم في سورة المائدة بالآية التاسعة عشرة التي تقول :
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72) .
وليت الأمر اقتصر على هذا الانقسام، بل أن الخلاف أخذ يزداد اتساعا ًوتعدداً كلما تقدمت الأيام، ففي القرن الحادي عشر انقسمت الكنيسة إلى فرعين : الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية ثم أخذ الخلاف يتسع ويتشعب وأخذت الفرق تتوالد فتنشأ منها فرق جديدة وأحزاب جديدة رغماً من الجهود العديدة التي بذلت لتوحيد الكنيسة .
أسباب الانقسام
بنيت المسيحية على دعائم أربع :
1. الإيمان بالله .
2 . الزهد .
3 . الحب والتراحم .
4 . التسامح المطلق وعدم الاعتداء حتى حين يكون دفعاً لشر .
هذه هي المبادئ الأربعة التي جاءت بها المسيحية، فقد جاءت بوحدانية خالصة وإيمان مطلق حتى كان المسيح عليه السلام إذا دعا لمريض بالشفاء قال له بعد أن يبرأ :
( شقاك إيمانك ) .
غير أن اختلاط المسيحية بالوثنية أدخل فيها مبدأ تقديس الأشخاص والأشياء، فوجد من بين المسيحيين من ينادي بألوهية المسيح، وأباح الكاثوليك منهم عبادة القديسين والصور ويشير القرآن الكريم إلى ذلك في سوري التوبة إذ يقول:
(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31).
وما صكوك الغفران التي يمنحها البابا للعصاة فتغفر ذنوبهم إلا أثر من آثار هذا التقديس الذي ورثته المسيحية عن الوثنية .
وبذلك يكون قد اختل أول ركن من أركان المسيحية من أساسه وهو إيمانهم بالله .
أما الزهد في المسيحية فحدث عنه ولا حرج، إذ كان يفترش الغبراء ويلتحف السماء ويتخذ القمر له مصباحاً، ومع ذلك كان يقول : من أغنى مني ؟
لم يكن له مسكن يأوي إليه، ويظهر ذلك من رده على شخص قال له :
(يا سيد أتبك أين تمضي )
فقال له :
(للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار وأما ابن الإنسان فليس له مكان يسند رأسه ).
كما أنه ضرب المثل الأعلى في الصوم فواصل الصوم أربعين يوماً لم يذق فيها طعاماً .
كان يشترط فيمن يتبعه أن يتجرد من الدنيا كتجرده فيترك كل شيء وراءه، ويظهر ذلك من قوله لأحد من تقدم غليه :
( إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني .) .
و أقوال عيسى عليه السلام في السلام وفي الحث على الزهد كثيرة أهمها ما ورد في صلاة المسيحيين الرئيسية: ( خبزنا كفافنا أعطنا كل يوم )
ويحذر الناس من الاكتناز بقوله : ( لا تكتنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون بل اكتنزوا لكم كنوزاً في السماء). ويحذرهم من المال بقوله : ( لا بقدر أحدكم أن يخدم سيدين . لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحقر الآخر . لا تقدرون أن تخدموا الله والمال لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون ) .
ويبغضهم في الغنى بقوله : (الحق أقول لكم أنه يعسر أن يدخل غني ملكوت السماوات، وأقول لكم إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ).
هذه نظرة المسيحية في الحياة نظرة احتقار للمادة وبعد عن النعيم والترف وتحذر من المال لأنه العدو الأكبر للإنسان، ولكن هذا الركن من أركان المسيحية ما لبث أن انهار هو أيضاً فقد انصرف دعاة المسيحية عن الشؤون الدينية وانغمسوا في أعمال السياسة والحرب وتناسوا أقوال المسيح عليه السلام
( أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله )
فنازعوا الملوك ممالكهم وسيادتهم وتحايلوا على اصطياد المال بكل طريق وما كانت تحصل عليه من أملاكها الواسعة كان الباباوات يجمعون المال بأساليب شتى كبيع الوظائف الدينية وحل عقود الزواج وبيع صكوك الغفران . يشير القرآن إلى ذلك حيث يقول في سورة التوبة
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34) .
وقد أخذ الجزء الأكبر من إيراد الكنيسة يتسرب إلى جيوب الأساقفة ورؤساء الأديرة الذين ألقوا عبء القيام بأعمالهم الدينية على عاتق صغار القساوسة نظير أجور بخسة وقد تأثرت الكنيسة بأسرها مساوئ رعاتها حتى أن الأديرة التي نشأت فيما مضى لقمع الشهوة الدنيوية ونشر الهدى والصلاح قد تحولت إلى بؤرٍ للفساد والجهل وانتقل الفساد من رجال الدين على المجتمع بصورة أعم .
أما المبدأ الثالث الذي امتازت به دعوة المسيحية وهو الحب والتراحم الذي يتمثل في أعلى درجاته في قول المسيح عليه السلام :
( أحبوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا إلى من أساء إليكم )
فقد تلاشى كذلك نتيجة لتعلقهم بالمادة وتكالبهم عليها وانعدام الصلة بينهم وبين الله.
وكذلك نسي المسيحيون ما دعا إليه المسيح عليه السلام من عدم الاعتداء والتسامح المطلق بقوله : ( من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ومن سلبك قميصك فأعطه رداءك ) .
نسوه لأنهم كلما انغمسوا في المادة باعدت بينهم وبين الله فتعلقوا باللذات وغمرتهم الشهوات وكثرت بينهم الإحن وقادهم التكالب على الدنيا إلى الحروب والاعتداءات.
العداوة بينهم وازديادها على مر الأيام :
اختلف المسيحيون أول ما اختلفوا على شخصية المسيح فنشأت بينهم أحزاب مختلفة لم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في النظريات والعقائد والطقوس بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف، ومن أمثال تلك الفظائع التي تقشعر منها الأبدان ما ارتكبه الرومان مع أقباط مصر، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني والمصريون معظمهم من اليعاقبة وعقب استرداد هرقل لمصر من الفرس حاول أن يوفق بين المذهبين فأبى القبط ذلك فلجأ الرومان إلى القوة وكان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى حتفه وكان القساوسة من القبط يقتلون أو يشردون .
أما بطرقهم بنيامين فقد اختفى وطلبه الرومان فلم يعثرا له على أثر . وقد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس عن عقيدتهم وأخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب ونستطيع أن نتصور ما كان في قلوب الفريقين من حقد إذا نحن تأملنا قليلاً هذه الحادثة التي يرويها التاريخ فقد ذكر المؤرخون أن الروم حينما اتفقوا مع المسلمين على تسليم حصن بابليون أعطاهم المسلمون مهلة ثلاثة أيام لإخلاء الحصن وكان آخر أيامهم في ذلك اليوم هو يوم عيد الفصح ولكن نكبتهم هذه وحرمة ذلك اليوم لم تمنعهم من إرواء غليلهم والتنكيل بأسرى الأقباط الذين سجنوهم من قبل في الحصن فسحبوهم من سجونهم وضربوهم بالسياط وقطَّع الجند أيدهم ؟
فأي فظاعة أشد من هذه الفظاعة وأي قسوة أبلغ من هذه القسوة وهل ذلك كان نتيجة أتباع دين نبي كان يدعوا إلى الحب والتراحم والتسامح ؟ .
و ليت الأمر اقتصر على مصر فقط ، بل إن أباطرة الدولة الرومانية الشرقية اضطهدوا النسطوريين أيضاً في آسيا الصغرى والشام وفلسطين مما كان سبباً في التجاء علمائهم إلى العراق وفارس .
و تظهر البغضاء الكامنة في قلوب المسيحيين بعضهم لبعض بوضوح في أيام الحروب الصليبية فعلى الرغم من وحدة غرضهم وهو القضاء على المسلمين وعلى الرغم من موجة التحمس الديني التي سادت أوروبا في ذلك الوقت فان سيرتها من أولها إلى آجرها تدل على انعدام الإخلاص وأول مظهر يدل على ذلك هو تغرير إمبراطور القسطنطينية بحملة بطرس الناسك وعمله على التخلص منها لما كانت تتطلبه من تموينات وما كان سيلازم بقاء ثلاثمائة ألف محارب من اختلال في الأمن في عاصمة ملكه فسهل لهم العبور إلى الضفة الأخرى من البسفور فكانوا لقمة سائغة ابتلعها السلجوقيون بدون مشقة إذ أبادوا الحملة عن آخرها . فبما نفسر عمل الإمبراطور الذي أخذ يستغيث بمسيحيي أوربا لإنقاذه من السلاجقة حتى إذا هبوا لنجدته عمل إلى التخلص منهم.
و من أظهر الأمثلة على انعدام الإخلاص بين المسيحيين بعضهم مع بعض قصة الحروب الصليبية الثالثة فقد أدى الخلاف بين ريتشارد قلب السد ملك إنجلترا وبين فيليب أغسطس ملك فرنسا إلى عودة ملك فرنسا إلى بلاده وترك ريتشارد وحيداً ليحارب صلاح الدين وزاد الطين بلة أن فيليب اخذ يدس الدسائس لريتشارد بالاستعانة ببعض ملوك أوربا كما أخذ أخوا ريتشارد في إنجلترا يعمل على ****** العرش منه وكان من جراء ذلك أن حرم ريتشارد ثمن انتصاراته واضطر إلى العودة وإلى عقد صلح مع صلاح الدين .
وليت الأمر اقتصر على هذا فان هذا الفارس الصليبي المغوار الذي أحرز انتصارات عظيمة في الشرق لقي من المسيحيين جزاء سنمار . فبدلاً من أن يحتفلوا به ويكرموه كبطل من أبطالهم قبضوا عليه وسجنوه .
و لقد كانت حركة الإصلاح الديني فيما بين القرن الخامس عشر والسابع عشر أعنف حركة دينية شهدها التاريخ فقد أدت الخلافات الدينية إلى مشاحنات ومطاحنات واضطهادات كانت أشد ما عرف من نوعها في تاريخ الأديان ولكي نرى مبلغ ما أثاره من عداوة يجب أن نستعرض أهم مظاهرها وهي :
(1) حرب الثلاثين عاماً وقد استمرت من 1618 على 1648 وكان تأثيرها في ألمانيا تأثيراً سيئاً إذ ظلت ميداناً للحرب فريسة للنهب مدة ثلاثين سنة هلك فيها نصف سكانها تقريباً واندثرت فيها معالم الصناعة والتجارة والفنون .
(2) اضطهاد هيجونوت فرنسا :
كان بروتستانت فرنسا يدعون الهيجونوت وكانوا أقلية ضئيلة في وسط أغلبية كاثوليكية عظيمة ولذلك كان تاريخهم فيها حافلاً بالاضطهادات والحروب والمذابح التي من أشهرها ( سان برثلميوا) في 24 أغسطس سنة 1572 إذ بينما كان (كوليني ) زعيم الهيحونوت وأحد وزراء الملك شارل التاسع في ذلك الوقت ماراً أطلق عليه رجل الرصاص فأصابه إصابة غير قاتلة فعزم الملك على الانتقام فخاف الكاثوليك عاقبة التحقيق وانفضاح أمرهم فبيتوا يوم ( عيد القديس _ ثلميو) مذبحة هائلة ووضعوا علامات على بيوت الهيجونوت وانتقل الخبر من باريس إلى الأقاليم فقلدوها وكانت النتيجة أن قتل من الهيجونوت ألفا نفس في باريس وثمانية آلاف في الأقاليم وحينما تولى رشيليو مقاليد الأمور في فرنسا عمل على إخضاع الهيجوند وكانوا إذ ذاك يقيمون في مدن محصنة فاستلزم إخضاعهم حروباً طويلة الأمد.
(3) محاكم التفتيش :
و هي محاكم لم ير التاريخ لها مثيلاً كان شعارها القسوة التي لا رحمة فيها والاضطهاد الذي لا هوادة فيه لأعداء الكاثوليك وكانت تستمد سلطتها من البابا مباشرة ولا دخل للحكومات في تصرفاتها اللهم إلا القيام بتنفيذ أحكامها . كانت جسامتها سرية وكانت تتجسس بكل الطرق وتقبض على من تشاء وتعذب المقبوض عليهم بما تراه حتى تكرهم على الاعتراف بإلحاد وحينئذ توقع عليهم عقوبة الإحراق أو السجن المؤبد ومصادرة الأملاك حتى التائبون منهم يسجنون طول حياتهم تطهيراً لهم من جريمة الإلحاد وكانت هذه المحاكم تراقب المطبوعات وتحرق ما لا يتفق منها مع المذهب الكاثوليكي . ويذكر التاريخ هذه المحاكم كأعظم نقطة سوداء في تاريخ المسيحية لما أجرته على الشعوب البريئة من الويلات .
(4) مجلس الدم :
لما كثر في سكان الأرض المنخفضة مذهب كلفن أشتد شارل في معاملتهم وأقام محاكم التفتيش بها فأحرقت عدداً من البروتستانت ولما خلفه ابنه فليب الثاني ملك أسبانيا استمر في سياسة الاضطهاد وأخذت الجنود تتحرش بالأهالي فقامت الثورة وأنقض الناس على الكنائس الكاثوليكية وكسروا ما فيها من تماثيل وصور فما كان من فليب إلا أن أرسل (دوق الفا ) على رأس جيش عظيم من الأسبان لمعاقبة الثور فكون المجلس المعروف بمجلس الدم لكثرة ما اهرقه من الدماء وقد اقترف ( الفا ) من الفظائع ما يندر وجود مثله في التاريخ .
القرن الماضي من هذا القرن حدثت في أوربا وحدها الحروب التالية :
(1) الحرب العالمية الأولى .
(2) الحرب الأسبانية الأهلية .
(3) الحرب اليونانية الإيطالية .
(4) الحرب العالمية الثانية .
(5) الحرب الروسية الفنلندية .
أما الحروب التي حدثت بين المسيحيين في غير أوربا فأهما الحروب التي كانت تنشب من حين لآخر بين جمهوريات أمريكا الجنوبية وأهمها :
(1) الحرب بين البرازيل والأرجنتين 1851 1852م.
(2) الحرب بين باراجوي وبولفيا 1922 1925م.
(3) الحرب بين باراجواي والبرازيل وأرجواى 1864 1870 م
(4) الحرب بين شيلي من جهة وبين بوليفيا وبيرو1879 1883 م .
(5) الحرب بين بيرو وكولومبيا 1932 1934 م .
(6) الحرب بين جواتمالا من جهة والسلفادور وهندوراس وكوستاركا من جهة أخرى 1906م.
(7) الحرب بين نيكارجوا وهوندوراس 1907م .
كذلك الحرب بين أمريكا والمكسيك 1846م 1848م .
و لو أنك أردت أن تتخذ القرن التاسع مقياساً نقيس به مقدار ما يكنه المسيحيون بعضهم لبعض من عداوة كما دل عليه القرآن الكريم لوجدت فيه من الحروب والثورات ما يصعب تتبعه وحصره وأبرز حروب هذا القرن الحروب النابليونية التي شملت أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى شمال أوربا كلها من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب ولو أمك رجعت إلى ما سبقه من القرون لوجدت أن تاريخ معظم المسيحيين مخضب بالدماء لا أثر للسلم أو التسامح فيه ومن حروبهم المشهورة حرب السنين السبع التي امتدت من سنة 1756 إلى سنة 1763 م هي حرب من سلسلة الحروب التي كثرت في القرن الثامن عشر ومما يستحق الإشارة إليه أيضاً من تلك الحروب حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا التي ابتدأت سنة 1338 واستمرت مستعرة ما يزيد على قرن من الزمان

عمروعبده
28-06-2010, 08:07 PM
من أسرار البناء الداخلي في القرآن الكريم



السرّ الأول :
ظاهرة النسبية في القرآن الكريم
ما أردنا قوله: (عند نظرنا في القرآن الكريم.. لماذا نحتكم للمعاني الاصطلاحية الشائعة، ولا نحتكم إلى جملة المعاني اللغوية للفظ؟!.. إن أخذ جملة المعاني اللغوية للفظ بالحسبان (وهي متعددة) يفتح آفاقا جديدة للانفتاح على النص الكريم)

بين يدي الظـاهرة
مع ازدياد تعقيدات الحياة وتشعباتها تزداد حاجتنا لفهم أنفسنا، ولفهم الواقع من حولنا، وهي المهمة التي يمكن أن نوكلها لأنفسنا بجدارة إن نحن أحسنا التعامل مع كتاب الله تعالى، لكن ذلك التعامل يحتاج منا إمعان نظر ، بحيث لا تبقى معارفنا الدينية مجرد تكرار لمعارف آبائنا وأجدادنا.
ولدى تمعننا في آيات الله فقد جذب انتباهنا جانب اعتبرناه في حينه جديرا بالدراسة، بل اعتقدنا بأنه يخفي خلفه ظاهرة أصيلة من الظواهر التي يوحي بها النص القرآني الكريم، وتلك الظاهرة هي "ظاهرة النسبية في القرآن الكريم"، لكن وقبل أن نخوض في أمر تلك الظاهرة ؛ فلابد من بعض التقديم بين يديها..

القرآن: كلامُ الله
يُعرّف القرآن الكريم بأنه كلامُ الله العربيّ المثبت في اللوح المحفوظ للإنزال، ثم المنزّل بواسطة جبريل الأمين على سيدنا محمدe للهداية والإعجاز، وهو المنقولُ إلينا بالتواتر؛ والمكتوب في المصاحف.
وفي تعريف مبسط له يمكن القول بأنه: كلام الله المنزّل على محمدٍ e؛ المتعبد بتلاوته.
والقرآنُ لغةً: مشتقٌ من مادة الفعل "قرأ"(1) والذي يأتي بمعنى: الجمع والضمّ. والقراءةُ هي: ضمُّ الحروفِ والكلماتِ إلى بعضها. والقرآن في الأصل كالقراءة، مصدر: قرأ؛ قراءة؛ وقرآناً. قال تعالى: {إنّ علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}(القيامة:17-18) أي قراءته. وهو مصدرٌ على وزن "فُعلان" ،بالضم، كالغُفران، والشُكران. تقول: قرأته قرءاً وقُرآناً، بمعنى واحد.
ويُطلقُ "القرآن" بالاشتراك اللفظي على مجموع القرآن، وكذلك على كلّ آيةٍ من آياته، فإذا سمعتَ من يتلو آيةً من القرآن الكريم صحّ أن تقول: إنه يقرأُ القرآن، مثال ذلك قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}(الأعراف:204).
وقد ذُكر كذلك بأن تسميته "قرآناً" إنما جاءت لجمعِهِ ثمرةَ كتبِ الله كلِها، ولجمعِهِ ثمرةَ جميعِ العلوم، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء}(النحل:89).. وقد سُمي القرآنُ "قرآناً" كونه متلواً بالألسنة، كما روعي في تسميته "كتاباً" كونه مدوناً بالأقلام.
وللعلماء في تعريفِ "القرآن" قولاً يميزه عن غيره من الكتب المنزّلة، فهو (كلامُ الله المنزّل على محمدe، المتعبد بتلاوته).

إعجازُ القرآن الكريم وسحرُ بيانه
وللقرآن الكريم وجوه من الإعجاز التي لا تعد ولا تحصى بحيث تعجز الكلمات عن الإحاطة بكل تلك الوجوه، لكنّ بعضاً من الكلمات التي أوجزت في وصفه تناولت "الغاية الموضوعية" التي جاء القرآن الكريم لأجل تحقيقها، فهو ،من هذا المتناوَل، حجةُ الله على العالمين، والمستندُ الأكبرُ لشريعة الإسلام، وبثبوت حجة الله على البشر ثبتت الحجةُ بضرورة العمل..
وقد ثبتت حجةُ الله على البشر بثبوتِ إعجاز القرآن الكريم لكل من تحداهم الله من العقلاء، وهذه الحجة لا تقتصر على من نزل القرآن الكريم فيهم في العصر الأول للنبوة، بل ثبتت كذلك في حق من نُقل إليهم فيما بعد ،بالتواتر، وإلى يومنا هذا. وقد ثبتت حجة الله عزّ وجلّ على البشر بثبوت عجزهم أمامه وحيرتهم في مواجهته.
و"العجز" حسبما هو مُتعارفٌ عليه: اسمٌ للقصور وعدم الاستطاعة عن فعل الشيء. وهو ضد "القدرة"، وإذا ثبت الإعجاز ظهرت قدرة المُعجِز، ويكون الهدف من الإعجاز: إظهارُ صدق النبيّ e في دعوى الرسالة بإظهار عجز العرب عن معارضته في معجزته الخالدة؛ وهي القرآن الكريم، وعجز الأجيال المتتابعة من بعدهم، فالقرآن الكريم ،من هذه الناحية، جاء بالتحدي الدائم والمستمر إلى يوم القيامة؛ في مواجهة الجنِّ والإنس؛ وذلك عندما تحداهم أن يأتوا بمثله: {وإن كنتم في ريبٍ مما نزَّلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثله، وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين}(البقرة:23).. كذلك فقد تحدّاهم أن يأتوا ببعضٍ من مثله: {قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات}(هود:13)..
وعندما ثبتَ عجزُهم أمام هذا التحدي؛ كان القول الفصل: {قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيراً}(الإسراء:88)
وأمام هذا الإعجاز؛ وذلك التحدّي.. تعددت الآراء حول إعجاز القرآن الكريم؛ والقدرِ المعجز منه، فقد ذهب المعتزلةُ إلى أن الإعجاز يتعلق بجميع القرآن الكريم لا ببعضه أو بكل سورة برأسها. لكنّ آخرين ذهبوا إلى أن القليل والكثير منه مُعجِز؛ دون تقييد بسورة معينة، لقوله تعالى: {فليأتوا بحديثٍ مثله}(الطور:34).
وذهبت فئةٌ ثالثةٌ إلى أن الإعجازَ يتعلقُ بسورةٍ تامةٍ ولو كانت قصيرة، أو قدْرِها من الكلام؛ كآيةٍ واحدةٍ أو آيات.
كذلك وجدنا من ذهب إلى أن إعجاز القرآن الكريم لا يقعُ في قدرٍ معينٍ منه فحسب؛ بل نجد ذلك الإعجاز كذلك في (أصواتِ حروفِه، ووقعِ كلماتِه، كما نجده في الآية والسورة، فالقرآن كلام الله وكفى)(2).. وهي حجةٌ ،ولا شكّ قوية تسترعي الانتباه إلى حقيقةٍ في غاية الأهمية؛ وهي أن إعجاز القرآن الكريم لم يقتصر ، فقط، على الحقائق الموضوعية التي يطرحها، ولا في قدراته البلاغية وحسب، بل في تمتعه كذلك بإعجازٍ غيرِ عاديّ حتى على مستوى تناسقِ حروفِ الكلمة الواحدة.

سحرٌ يأخذ بالقلوب والألباب
لقد كان تأثيرُ القرآن الكريم على كلّ من سمعه تأثيراً عجيباً؛ إذ سحرت(3) كلماتُه قلوبَهم؛ وسلبتهم عقولهم وألبابهم، وكان أعجب ما فيه أن خاصيته تلك كانت بالنسبة لهم أمراً غامضاً غيَر معتاد، ووجدوا فيه ظاهرةً تكاد تكون ،بالنسبة لهم، غيرَ مفهومةِ الأسباب!!.. (ونزل القرآن فظنّه العربُ أولّ وهلةٍ من كلام النبيّ e، وروحوا عن أنفسهم بانتظار ما أَمِلوا أن يطلعوا عليه في آياته البيّنات..)(4) ولم يكن عجيباً حينها أن تتباينَ ردودُ أفعالهِم تجاهه، فمنهم من اطمأن إليه فآمن به، ومنهم من جحد فكفر، ومنهم من لم يحسم الأمر فآثر الانتظار لعل الأيام تأتي بالخَبَرْ!.
ولقد أثار القرآن الكريم ،ومنذ بداياته الأولى، ردودَ فعلٍ تميزت بالحيرة، فلم يكن من السهل ،بدايةً، استيعابُ حقيقة إرسال نبيّ افترضوا وجوب أن يكون واحداً من أرفعِهم مكانةً، أو أكثرِهم مالاً وولداً!!.. أما محمد e وما تميز به من مكانةٍ رفيعةٍ ،سواءً من حيث نَسَبِه أو أخلاقه ،والتي لم يعرفوا لها مثيلاً، فقد كان بالنسبة لهم آخر من يصلح لتلك المهمة! {وقالوا لولا نُزّل هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيم}(الزخرف:31)...
ولم يكن مهماً ،بالنسبة لبعضهم، ما كان يتمتعُ به محمدٌ e من رفيعِ خصالٍ وصِدْقِ حديث، إذ أضمروا له التكذيب حتى وإن كان صادقاً! (ومرّوا ينتظرون وهم مُعِدّون له التكذيب، مُتربصون به حالةً من تلك الأحوال؛ فإذا هو قَبِيلٌ(5) غيرِ قبيلِ الكلام، وطبعٌ غيرِ طبعِ الأجسام، وديباجةٌ كالسماء في استوائها لا وهيٌ ولا صدعٌ، وإذا عصمةٌ قويةٌ، وجمرةٌ متوقدةٌ، وأمرٌ فوق الأمر، وكلامٌ يحارون فيه بدءاً وعاقبة)(6).
وباختصار؛ فإن الشكّ في تلك اللحظات كان شريعةَ الجميع ،إلا من رحم ربُك، والشكُ ،في حدّ ذاته، حقٌ مشروعٌ يمكن من خلاله التمييز بين الأصيل وبين ما كان ادعاءً، لذا؛ فلم يكن مستغرباً أن يجمعَ الشكُ تجاه محمدe ودعوته بين عمر بن الخطاب والوليد بن المغيرة، إضافة إلى ما أصابهما من صدعٍ وذهول بالتأثير المحكم لآيات القرآن الكريم!.
وتنقلُ لنا كتبُ التاريخ روايتين متشابهتين تؤرخان لإسلام عمر بن الخطاب ،رضي الله عنه وأرضاه، الأولى منهما لعطاء ومجاهد، نقلها ابن إسحق وقد جاء فيها على لسانه: (كنتُ للإسلام مُباعداً، وكنتُ صاحبَ خمرٍ في الجاهلية أحبها وأشربها، وكان لنا مجلسٌ يجتمعُ فيه رجال قريش... فخرجتُ أريدُ جلسائي أولئك فلم أجد منهم أحداً. فقلت: لو أنني جئت فلاناً الخمّار. فخرجتُ فجئته، فلم أجِدْه. قلت: لو أنني جئتُ الكعبةَ فطفتُ بها سبعاً أو سبعين، فجئتُ المسجدَ أريدُ أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول اللهe قائمٌ يصلي، وكان إذا صلّى استقبلَ الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام، واتخذ مكانه بين الركنين: الركن الأسود والركن اليماني. فقلت حين رأيته: والله لو أني استمعتُ لمحمدٍ الليلةَ حتى أسمعَ ما يقول. وقام بنفسي أنني لو دنوتُ منه أسمع؛ لأروّعنه، فجئتُ من قِبَل الحِجْر؛ فدخلتُ تحت ثيابِها، وما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعتُ القرآنَ رقّ له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام!.
والرواية الأخرى تشير إلى أن عمر ،رضي الله عنه، خرجَ مُتوشحاً سيفه؛ يريدُ رسولَ اللهe ورهطاً من أصحابه قد اجتمعوا في بيتٍ عند الصفا، وهم قريبٌ من أربعين بين رجالٍ ونساء، وفي الطريق لقيه نعيم بن عبد الله فسأله عن وجهته؛ فأخبره بغرضه، فحذّره (أي نعيم) بني عبد مناف، ودعاه أن يرجع إلى بعض أهله؛ خِتنه(7) سعيد بن زيد بن عمرو، وأخته فاطمة بنت الخطاب زوج سعيد، فقد صبئا عن دينهما. فذهب إليهما عمر، وهناك سمع "خَبّاباً" يتلو عليهما القرآن، فاقتحم الباب، وبطشَ بِخِتْنِهِ سعيد، وشجّ أخته فاطمة... ثم أخذ الصحيفة ،بعد حوار، وفيها سورة "طه"، فلما قرأ صدراً منها قال: (ما أحسن هذا الكلام وأكرمه) ثم ذهب إلى النبيّ e فأعلن إسلامه، فكبّر النبيّ e تكبيرةً عرف أهلُ البيتِ من أصحابِه أن عمر قد أسلم(8).
كذلك فقد واجهت المعاندين والمستكبرين من قريش مواقفُ مشابهة، وذلك من خلال ما أحدثه القرآنُ الكريمُ من تأثيرٍ مزلزلٍ في نفوسهم، فقد حدثَ مثلُ ذلك مع الوليد بن المغيرة؛ والذي أذهلته الآياتُ بِسِحْرِها وأَلَقِها، فتصرفَ مقهوراً مُنساقاً تحت وطأة تأثيرها، حتى وجدناه لا يقوى على إنكار ما أصابه!، ووجدناه يصفُ القرآنَ الكريمَ والحيرةُ تأخذُ بلبّه وجنانه، فأصبح لا يمتلك لنفسه حولاً ولا قوة، وسمعناه يُقرُ مُعترفاً: (فوا لله ما منكم رجلٍ أعلمَ مني بالشعر ولا بِرَجَزِهِ ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن. والله ما يشبهُ الذي يقولُه شيئاً من هذا، والله إنّ لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه)!!.
لكنّ اعترافه هذا لم يكن ليقنعَ قريشاً، فهو ،أي الوليد، لم يذمّ القرآن، بل امتدحه!!.. فلما زادوا عليه من ضغوطهم؛ لم يجدْ مخرجاً إلا أن يلويَ أعناقَ الألفاظ، وأن يتلاعب بالكلمات، فبدلاً من أن يعترف بأن هذا السحر إنما يدل ،بالضرورة، على عدم بشرية مصدره، وجدناه يتجاوب مع دعوة أبي جهلٍ له؛ والتي قال له فيها: (والله لا يرضى قومُك حتى تقول فيه(9))...
وهنا تتجلّى قدرةُ بعض البشر على التحايل!، واتباع الأساليبِ الملتويةِ لوصفِ حقيقةٍ ما بغيرِ ما يجبُ أن توصفَ به!.. فجاءَ ردّ الوليد هذه المرة: (دعني أفكر فيه). فلما أنْ فكّر قال: (إنْ هذا إلا سحرٌ يؤثر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه)؟!.
وبهذا الرد يكون الوليد قد أفشى لنا ،عن غير قصدٍ بالطبع، سراً من الأسرار التي استأثر بها القرآنُ الكريم دون غيره من كلام العرب، ذلك هو الاستحواذُ الغريب؛ والسطوةُ التي لا تردّ؛ لكلمات الله على كلّ من سمعها، بل لعل الوليد في استخدامه لتلك الألفاظ قد أسدى لنا خدمةً أخرى كبيرة، فهو باستخدامه لألفاظٍ من قبيل "سِحْرْ" قد أشار إلى ذلك المصدر الغامض؛ والمجهول لسحر القرآن الكريم، والذي لا يمكن إلا أن يكون وجهاً من الوجوه التي استأثر بها القرآن الكريم؛ فتميزت به لغته عن لغة البشر!.
وفي قولٍ ،يمكنُ تعميمه، فإن ذلك التأثير الاستحواذي للقرآن الكريم لم يكن أمراً مقصوراً على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أو الوليد بن المغيرة، فلطالما ارتبط ذلك الانفعال تجاه القرآن الكريم بعلاقةٍ جدليةٍ مع عامل آخر كان له أبلغ الأثر في تجلية تلك الميزة وذلك السحر، ولم يكن ذلك العامل إلا تلك المقدرةِ اللغويةِ العالية التي طالما تميزّ بها العرب في ذلك الوقت، والتي مكّنت لهم سُبُلَ التفريق بين الأصيل وما هو غير ذلك، تلك المقدرة التي لو لم تُوجد ،في حينه، لما أمكن لنا ،أبداً، أن نشعر بإعجاز القرآن الكريم، ولاستوى لدينا حينها الغث والسمين!..
وأمام تلك السطوة المثيرة للانفعال؛ فلم يكن أمام بعض المستكبرين إلا اختراع الحجج؛ الواحدة تلو الأخرى، وشقّ سُبُلِ الإنكار، سبيلاً في إثر آخر؛ فاتجه البعضُ لوصف القرآن الكريم بأنه: {أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا}(الفرقان:5)..
لكنهم ،هنا أيضاً، لم يفلحوا في إخفاء الأثر العميق الذي أحدثه القرآن الكريم في نفوسهم.. فبوصفهم للقرآن الكريم بـ "الأساطير" ،بعد أن أطلقوا عليه صفة "السحر"، وجدناهم قد أثبتوا عجزَهُم عن ردّه إلى أصلٍ بيّنٍ واضح، فهو بالنسبة لهم سحرٌ غير معلوم المصدر!، أو أسطورةٌ تأتيهم من أعماق التاريخ المجهول، فهم لا يملكون لها ردّا، ولا يعرفون لها تفسيراً!.

بيانٌ يورثُ الحيرة
من هنا؛ فقد تدرجت بهم الحيلةُ لابتداعِ الطرقِ الكفيلةِ بالتغلب على هذا السحر ومواجهة سطوته، وعلى تلك الأساطير ،بزعمهم، والتغلب عليها، وقادهم ذلك إلى تفكيرٍ جديد: فما دام تأثيرهُ غامضاً لا يجدي معه التعامل العقلي البحت؛ فليكن السبيل لمواجهته عدمُ الاستماعِ إليه أصلاً!!: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن، والغَوْا فيه لعلكم تغلبون}(فصلت:26) فغايةُ غَلَبِهِمْ هنا أن يجعلوا أصابعهم في آذانهم فِراراً منه.. وإنه لغلبٌ؛ وأي غلب؟!.
باختصار؛ فقد تجلت الحيرةُ في كلّ ردود الأفعال التي فوجئت بِنَظْمِهِ البديع، فمن آمن كان في حيرةٍ من أمره؛ قبل أن يشرح الله صدره للإيمان، ولعل من آمن ،فيما بعد، كان دائم التساؤل مُتعجباً: ما الذي فعله القرآن بي؟!... ومن كذب على نفسه وخدعها بوصفه للقرآن بالسحر ،ليخلُص إلى نتيجة مفادها أن محمداً ليس أكثر من ساحر، كان في حيرةٍ من أمرهِ كذلك، ولعله قضى لياليه مُسَهَدّا(10) متعجباً يسائل نفسه: أيةُ قوةٍ تلك التي سيطرت عليّ فجعلتني أذهب إلى ما ذهبت إليه؟!...
وقد بيّن القرآنُ الكريم ،في لقطاتٍ نادرةٍ، ردودَ أفعال الفئة الأخيرة، فَصَوّرَها في حيرتها لا تكاد تثبت على حال، فهي متقلبةُ الفكر، مبلبلةُ الخاطر والوجدان، تتناوشها الوساوسُ؛ وتختلطُ عليها الأفكارُ بغير ما انضباط!، ولننظر إلى اللقطات النفسية العجيبة، والتي تجلت في حججهم المبتورة: {قد سمعنا...} ... {لو نشاء لقلنا مثل هذا...} {إن هذا إلا أساطير الأولين...}(الأنفال:31) {أضغاث أحلام...} {بل افتراه...} {بل هو شاعر}(الأنبياء:5)..
ولنتأمل الجُمَلِ القصيرةِ؛ والعباراتِ القلقةِ التي صوّرت حالهم، فهي لا تكاد تقذفها الألسِنةُ حتى تنقطع!!... وكأن القرآن الكريم ،وهو يرسم لنا ردود أفعالهم تلك؛ إنما يصوّر لنا حالةً تنطبقُ على البشرِ جميعاً عندما يتنكرون لما هو واضحٌ جليّ، تلك الحالة التي إذا ما تلبست قوماً حوّلتهم إلى حالةٍ من القلق تُفقدهم توازنهم، فنراهم يتلجلجون في الوصف على غيرِ هدىً: {قد سمعنا...}... {لو نشاء لقلنا مثل هذا...}... الخ.. لكنهم ما إن يبدأوا باستعادة توازنهم، والسيطرة على انفعالاتهم؛ حتى نجدَهم يبدأون مرحلةً جديدةً من مراحل الكَذِبِ؛ لكنه كذب صُراح هذه المرة؛ كذبٌ مع سبق الإصرار؛ وبغيرما خجلٍ أو حياء!... وهي المرحلة التي انتهى إليها بعض من تنكر للرسالة المحمدية في مراحلها الأولى؛ حيث لجأوا إلى الادعاء ببشرية المصدر الذي أُخذ عنه القرآن الكريم، والادعاء بعدم اختلافه عن أقوال البشر في شيء؟!: {فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر، إن هذا إلا قول البشر}(المدثر:24-25)..
من هنا أمكننا أن ندرك عُمق ما أحدثه القرآن الكريم من تأثيٍر غير مسبوق في النفس المتلقية لآياته، تلك التي آمنت، أو هاتيك التي كَفَرَتْ به على حدٍ سواء، لكن تظلُ أشدّ صورِ ذلك التأثير وضوحاً تلك الحيرة الكاملة؛ وذلك الجهل المطبق بماهية السرّ الذي مكّنّ للقرآن أن يُحدث كلّ ذلك الأثر، ولعل ذلك السرّ هو ما ترك الجميع يتساءلون وهم حائرون: أين يكمن السر؟!..

أين يكمن السر؟!
فأين يكمنُ سرّ تلك الزلزلة التي أحدثها القرآن الكريم في كياناتٍ لغويةٍ رفيعة؛ ذاتِ حسٍّ جماليٍّ مُرهف؟!..
... فهل كان السرّ كامناً في الموضوعات ذاتها؛ والتي تناولها القرآن الكريم في أول عهده؟!...
...أم كان السرّ في صُلب التشريعات التي أرساها؟...
... أو لعله كان موجوداً في تلك النبوءات المستقبلية التي تنبأ بها قبل حدوثها بسنوات؟!...
فإذا ما رحنا نستقرئُ الآياتِ الكريمةِ الأولى التي تنزّلت في مكة فلن نجد فيها هذا ولا ذاك، فهي لم تكن تحتوي تشريعاً مُحكماً، ولا علوماً كونيةً سابقة(11) ولن نجد فيها إخباراً بالغيب يقع بعد سنين، مثل ذلك الذي ورد في سورة "الروم"(12).
يجب إذنْ (أن نبحث عن "منبع السحر في القرآن" قبل التشريع المحكم، وقبل النبوءة الغيبية، وقبل العلوم الكونية، وقبل أن يصبح وحدةً مكتملةً تشمل هذا كله)(13)..
وهنا لابد لنا من إعادة السؤال كَرّةً أخرى: ما الذي احتواه القرآن الكريم من أسرار مكّنَتْ له كلّ ذلك التأثير الذي لا يردّ؛ وجعلت له تلك السطوة التي لا تقهر؟!..
لعل ما أحدث كلّ ذلك كان يتمثل في شحناتِ الانفعال التي دفعتها الآياتُ الكريمة في قلوب من استمع إليها، بغضّ النظر عن الموضوع المراد الإخبار عنه...
...ولعله كان متمثلاً في أسلوب الأداء القرآني غير المسبوق، فحيث كان القومُ في مكة أهلَ مُماراةٍ ولجُاجةٍ في القول عن فصاحةٍ وبيان، تجدُ في مكيّ القرآن الكريم ألفاظاً شديدةَ القرعِ على المسامع، تقذفُ حروفُها شَررَ الوعيدِ وألسِنةَ العذاب، وكلّ ذلك قد حدث بشكل استعصى على الفهم، فضلاً عن التحليل والتفسير: (وما درى عربيّ واحدٌ من أولئك: لِمَ جعلَ اللهُ في كتابه هذه المعاني المختلفة، وهذه الفنون المتعددة التي يُهيجُ بعضُها النظر، ويشحذُ بعضُها الفكر، ويمُكِنُّ بعضُها اليقين، ويبعثُ بعضُها على الاستقصاء)(14)... وكان هذا كلُه يقال، وذلك كلُه يقعُ و (القومَ في شغلٍ عن بيانِ هذه الصورة بما يتملونه منها في نفوسِهم، وما يحُسونه منها في شُعورِهم، وهم حَيارى مُضطربون، أو مُلبون مهطِعون)(15).
ولعل الصورةَ الآن قد بدأت بالاتضاح، فكلّ ذلك القدر من التأثير الذي أحدثه القرآن الكريم ،ومنذ اللحظة الأولى، لم يكن إلا استجابةً لذلك السمّو القرآني، والذي أمكن إدراكه؛ وتذوقه؛ والانفعال به.. بفضل ما كان للعرب ،في ذلك الوقت، من إتقانٍ لفنونِ القراءةِ والاستماع، مما مكن للنص القرآني أن يُظهرَ كلّ قُدُراتِه الكامنة، وتجلياتِه اللطيفة، وأحاسيسه الدافقة!.
واستمرت محاولات العلماء ،على مرّ العصور، للتعامل مع النص القرآني بحثاً عن الأسرار المخبوءة فيه، وذلك عبر محاولاتهم الإجابة على بعض التساؤلات المتعلقة بأسرار الإعجاز المبثوثة فيه، وفيما إذا كان ذلك الإعجاز كامناً في حروفه، أو في كلماته، أو هو في مجموع آياته؟!... ليستقر بهم المطاف ،أخيراً، إلى أن كلّ ما في القرآن عجيب، لكنهم استقروا على أن مناط التحدي والإعجاز في القرآن الكريم إنما هو في ناحيته البلاغية، وهي الناحية التي تحدّى القرآن الكريم بها العرب!...

بعضٌ من أشكال استعلاء القرآن
ولتجلية هذا الجانب العجيب من جوانب استعلاء القرآن الكريم على ما عداه من كلام البشر؛ وجدنا أبا بكرٍ الباقلاني يتناولُ النواحي البيانية فيه، مقارناً بين نَظْمِ القرآن الكريم ونَظْمِ ما عداه من الكلام قائلاً فيه: (والذي يشتملُ عليه بديعُ نظمه المتضمِنُ للإعجاز وجوهٌ: منها ما يرجع إلى الُجملة، وذلك أنّ نظمَ القرآن ،على تصرفِ وجوههِ؛ واختلافِ مذاهبهِ، خارجٌ عن المعهودِ من نظام جميع كلامهم، ومُباينٌ للمألوفِ من ترتيبِ خطابِهم، وله أسلوبٌ يختص به؛ ويتميزُ في تصرفه عن أساليب الكلام المعتاد، وذلك أن الطرق التي يتقيدُ بها الكلامُ البديعُ المنظومُ تنقسمُ إلى: أعاريض الشعر على اختلاف أنواعه، ثم إلى: أنواعِ الكلامِ الموزونِ غيرِ المُقفى، ثم إلى أصنافِ الكلامِ المعدّل المُسْجَع، ثم إلى معدلٍ موزونٍ غيرِ مُسجع، ثم إلى ما يُرسلُ إرسالاً، فتُطلبُ فيه الإصابةُ والإفادةُ وإفهامُ المعاني المعترِضة على وجهٍ بديعٍ؛ وترتيبٍ لطيفٍ، وإن لم يكن معتدلاً في وزنه، وذلك شبيهٌ بجملة الكلام الذي لا يُتَعَمّلُ يُتصنعُ له..) ليقرر ،الباقلاني، من ثمّ: (وقد علِمنا أن القرآنَ خارجٌ عن هذه الوجوه، ومُباينٌ لهذه الطرق، فليس من بابِ السجعِ، وليس من قبيلِ الشعرِ، وتبيّن ،بخروجهِ عن أصنافِ كلامهم وأساليبِ خطابهم، أنه خارجٌ عن العادة، وأنه معجزٌ، وهذه خصوصيةٌ ترجعُ إلى جملةِ القرآنِ وتميزٌ حاصِلٌ في جميعِه)(16).
وكان الإمام "عبد القادر الجرجاني" واحداً ممن تحدثوا عن إعجاز القرآن الكريم، وعن تعلّق ذلك الإعجاز بنظم القرآن ذاته؛ وذلك في كتابه "دلائل الإعجاز". ونظراً لجهود الإمام "الجرجاني" في استقراء الإعجاز القرآني؛ فقد اعتُبِر القرنُ الخامس عصراً ذهبياً للإعجاز، وقد كان الانتصار قَبْلَهُ لِلَفظِ على المعنى؛ وذلك في القضية الجدلية "اللفظ والمعنى" في أيهما تكون الفصاحة والبلاغة؟!.
ولـ "ابن عطية" مقولةٌ رائعةٌ حول إعجاز ألفاظ القرآن الكريم يقول فيها: (وكتاب الله لو نُزعت منه لفظةٌ، ثم أُديرَ لسانُ العربِ على لفظةٍ أحسنَ منها لم يوجدْ!، ونحن يتبينُ لنا البراعةُ في أكثره، ويخفى علينا وجهُها في مواضع، لقصورنا عن مرتبة العرب ،يومئذ، في سلامةِ الذوق وجودةِ القريحة)(17).
وكان "مصطفى صادق الرافعي" ،رحمه الله، معتقداً بأن مظاهر الإعجاز في نظم القرآن الكريم تتمثل في ثلاثةِ وجوه: الحروف وأصواتها، الكلمات وحروفها، والجُمَل وكلماتها(18).
أما الدكتور "محمد عبد الله دراز" فقد قسّم ألفاظَ القرآن الكريم إلى قسمين: الصّدف؛ وسماه "القشرة السطحية"، و اللؤلؤة؛ وسماها "لب البيان القرآني"، ولما تكلم عن "القشرة السطحية" لجمال اللفظ القرآني لاحظ أنها تتألف من عنصرين مؤثرين: الأول: الجمال التوقيعي: ويتمثلُ في توزيعِ حركاتِ ألفاظِ القرآن الكريم وسكناتِها، ومدّاتِها وغُنّاتِها. أما الثاني فالجمال التنسيقي: ويتمثل في رصف الحروف في الكلمات وتأليفها معاً(19).
وحول المعجزة البيانيّة في القرآن الكريم يقول الدكتور "عدنان زرزور": (إن الكلام والبيان هو ما امتاز به الإنسان.. فجاءت معجزةُ محمدe بيانية، للإشارة إلى أن هذه الرسالة هي رسالة الإنسان، حيث كان الإنسان، وفي أي زمانٍ وُجد... ولم يكن البيانُ وقفاً على لغةٍ من اللغات، أو أمةٍ من الأمم، لكنّ اختيارَ لغةِ العربِ لينزلَ بها القرآن؛ وليحملَ بها إلى العالَمِ رسالةَ الإنسان؛ يشيرُ إلى فضيلةٍ بيانيةٍ جامعةٍ؛ امتاز بها اللسانُ العربيّ على كلّ لسان)(20).
من هنا؛ فقد أجمع الدارسون لهذا الجانب من علومِ القرآن على رأيٍ لم يختلفوا حوله!؛ ألا وهو فضيلةُ اللغةِ التي تنزّل بها القرآن الكريم على ما عداها، وعلى تميّزِ القرآن الكريم وبلاغتهِ من هذه الناحية..
ويقودنا هذا الإجماع إلى البحث عن أسرار هذا البيان؛ وذلك عبر الغوص في أعماقِ الأسئلةِ الباحثةِ عن سرّ اللغة؛ التي شرّفها الله عزّ وجلّ بأن حمّلها كلماتِه إلى عباده!.
ولئن كان من المستحيل تناول وحصر كل أسرار السمو اللغوي الموجود في القرآن الكريم من خلال كتاب واحد؛ فإننا نخصص الصفحات التالية لتناول ظاهرة لغوية فريدة، يمكن تبيُنُها وتَتَبُعُها في ألفاظ القرآن الكريم؛ بحيث باتت ذات أثر كبير في تحديد معانيه.. وهذه هي ظاهرة النسبية في القرآن الكريم

ظاهرة النسبية في القرآن الكريم
إن من غرائبِ مفردات الكلام البشري؛ احتمال احتوائِها على وجوه متعددةٍ من المعاني، لذلك تصدقُ عليها مقولة أنها مبنيةٌ وفق قاعدة "المحتوى النسبي المتدرج للمعاني"... والتي يقصد بها إمكان احتواء اللفظ الواحد في اللغة على أكثر من معنىً واحد، يمكن أن يشير إلى معنىً واحد، ولربما احتوى اللفظُ الواحدُ على درجاتٍ متفاوتةٍ من المعاني، مما هو قريب فأبعد؛ فالأبعد؛ والتي يجمعُ بينها جامعٌ لغويٌ مشترك، كإطلاقنا لفظةَ "يد" للتعبير عن عددٍ كبيرٍ من المعاني، إذ يعبر هذا اللفظ تعبيراً صادقاً عن مسمياتٍ عديدةٍ ومعانٍ متفاوتة، كأن يصلح للتعبير عن "يد الإنسان"، ويصلح ،كذلك، للتعبير عن ناحية تشريحية بيولوجية لكثير من الكائنات الحية؛ مهما علت في رتبتها أو سَفُلَتْ، وهو صالحٌ كذلك للتعبير عن معاني مجردة مثل: "التفضل بالنعمة" و"القدرة على الفعل"...
و"ظاهرة النسبية في القرآن الكريم" ؛ نحسب(21) أنها تشكلُ قانوناً عاماً يحكمُ ألفاظ القرآن الكريم. فاللفظ ،بطبيعته، يمكنه أن يتدرج في قدرته على استيعاب المعاني، حيث يمكن للفظٍ ما أن يأخذ من المعاني (من الناحية النظرية على الأقل) القيم من صفر إلى ما لا نهاية!!..
فكلمة: يَدْ، أو رِجْلْ أو عَيْنْ... الخ هي من الألفاظ التي يمكن أن ننسبَها إلى أدني الكائنات الحية، فنقول: يد القرد، رِجْل النحلة، وعين الفراشة...الخ، لكن يمكن لها ،في الوقت ذاته، أن تأخذ قيماً مطلقةً، كقوله تعالى: {يدُ اللهِ فوقَ أيديهم}(الفتح:10) وكذلك قوله عز من قائل: {ولتصنع على عيني}(طه:39)... فاللفظ هنا واحد، لكنّ شتان بين دلالاته المختلفة!!. ولا تقتصر النسبية على المدلولات المادية، بل تتعداها للقيم المعنوية، مثل العدل، والرحمة، والقدرة.. فهي صفات يمكن أن يتمتع الإنسان بنصيبٍ وافرٍ منها، إلا أن قيمها المطلقة مقصورة على الله عز وجل!..
ولعل اللغة العربيّة هي واحدة من أشدّ اللغات قبولاً لصفة المرونة، حيث تعتبر مرونتها معياراً لخصوبة هذه اللغة وقدرتها على الاستيعاب. فاللفظُ الواحدُ في العربيّة يمكن أن تتنازعه عدةُ معانٍ، والتي منها ما هو قريبٌ مما تعارف عليه الناس في حياتهم العملية ونشاطاتهم اليومية، وأن يكون له في الوقت ذاته معنىً ،أو عدة معانٍ، أخرى مما هو مستترٌ خلف المعنى العُرفيّ الشائع. وتعتبر الاحتمالات النظرية لمعاني لفظٍ ما (والموجودة في معجمات اللغة) معاني محتملة له.
فلفظة "الشريعة" ،على سبيل المثال، هي في معناها الشائع الذي تعارف عليه الناس: ما شرعَ الله لعباده من أمرِ الدين(22). بينما تتقبل من المعاني اللغوية المحتملة معنى: الطريقة، أو المنهج.. وهي جمعُ شرائع؛ والتي تعني مورد الشاربة.
كذلك؛ فإنَّ "الفقه" يعني عُرفاً واصطلاحاً: (العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية) بينما له من وجوه المعاني اللغوية المحتملة معاني: العلم بالشيء؛ والفهم له، وكذلك: الحذق، والفطنة.. وشتان ما بين المعنى الاصطلاحي (الذي يشيعُ عادةً في زمانٍ ومكانٍ معينين) وبين المعاني اللغوية ذات الأبعاد: المتدرجة؛ والمتعددة؛ وحتى المطلقة في كثيرٍ من الأحيان!..
وتعتبر "ظاهرة النسبية" بشكل عام الوجه المقابل لمشكلةٍ كثيراً ما اعاقت قدرتنا على الفهم السليم لمراد الآخرين من كلامهم (وهي صحيحة بالنسبة لكتاب الله عز وجل بوجه خاص) إذ كثيراً ما أحدث الأخذُ بالمعاني القريبة ،للفظٍ ما، خللاً في الفهم لدى من يسمع، حيث يَقصدُ المتحدثُ معنىً بعيداً، ويفهمُ السامعُ المعنى القريب!...
ومن الأمور الجديرة بالاهتمام والملاحظة أنّ المعنى اللغوي المحدد والمقصود للفظ ما؛ كثيراً ما اسْتُمِدَّ نتيجةَ اقترانه بقرينةٍ تُعطي إيحاءاً ما حول المعنى المقصود من بين الاحتمالات الممكنة لذلك اللفظ..
لأجل ذلك، وبغرض فهم الأمور على حقيقتها؛ وعلى كلّ أوجهها المتاحة، كان لا بد لنا ،ونحن نتعامل مع المعاني القريبة للفظٍ ما؛ عدم تجاهل معانيه الأخرى الممكنة مما هو مستترٌ أو بعيد.
إنَ حاجَتَنا إلى تلك المرونة (وهي جوهر ظاهرة النسبية) لا تقتصر على الألفاظ المستخدمة في تعاملاتنا اليومية؛ ومطالعاتنا العلمية، بل تتجلى ،أشد ما تتجلى، لدى تعاملنا مع القرآن الكريم، حيث مرونةُ اللغةِ وقدرتُها اللانهائية على الاستيعاب تمثلُ واحدةً من أهم خصائص النص القرآني الكريم؛ ولعل بعض آيات(23) القرآن الكريم قد أشارت إلى تلك الخاصية. ومن الجدير ملاحظته أنه وبدون قدرة اللفظ القرآني على استيعاب المعاني؛ فإن النصّ القرآني يمكن أن يفقدَ ميْزَتَه الإلهية!؛ والمتمثلة في القدرة غير المحدودة على احتواء المضامين واستيعابها، وقدرتة تلك الألفاظ على اختراق حواجز الزمان والمكان، تلك الميزة التي يمكن أن تُقْتَل بين أيدي الناس إذا ما نحواْ إلى تحديد معاني ألفاظ القرآن الكريم؛ وقَصروها على وجوه محددة ومحدودة؛ هي بعضُ الوجوه التي يمكنُ للنصّ القرآني أن يحتملها!. وفي اعتقادنا فإن تلك "المرونة" أو "المقدرة على الاستيعاب" أو "ظاهرة النسبية" ،سمّها ما شئت؛ ليست أمراً عارضاً نجدُه في بعض المواضع في القرآن الكريم دون غيرها(24)، بل هي سُنَّة من سُننه الأصيلة التي لا تنفصل عنه، وصفةٌ ملتصقة به التصاق المفردات بمعانيها اللغوية المحتملة..
وسنحاولُ فيما يلي البرهنة على وجود ظاهرة "النسبية في القرآن الكريم"؛ (كظاهرة عامة لا تقتصر على ألفاظه فحسب) وذلك من خلال إيرادنا لمجموعةٍ من الأمثلة؛ والتي نعتقد بانطباق مفهوم "النسبية" عليها، وهي أمثلة معروضةٌ هنا على سبيل المثال لا الحصر:
يتعرضُ القرآنُ الكريم لمفهوم "السماء" في آياتٍ كثيرة، لكن المدقق فيها سيلاحظ أنها لا تشيرُ دائماً إلى نفس المعنى والمضمون، حيث تأخذ تلك اللفظة معاني متدرجة من الأدنى إلى الأعلى، ومما هو قريب إلى ما هو أبعد!.
فالسماء ،في واحدةٍ من حالاتها القريبةِ التي يطرحها القرآن الكريم، هي مكانُ نزول المطر: {وأنزل من السماء ماء}(البقرة:22)..
ثم تبدأ معانيها بالاتساعِ لتشيرَ إلى معنىً أرحب هو الغلافُ الجويِّ المحيط بالأرض: {ومن يُرد أن يضلَهُ يجعل صدره ضَيِّقاً حرجاً كأنما يَصَّعّدُ في السماء}(الأنعام:125)..
ثم يبدأ القرآن الكريم بإعطاء لفظة "السماء" معانٍ إضافية أبعد من كل ما ذكرناه، تكون فيه السماء ذات معنى شامل مُتسع، وذلك عندما يتحدثُ القرآنُ الكريم عن "سماءٍ" ترتبطُ بعلاقةٍ مكانية مع "النجم الثاقب"، وفي هذا يقول الله عز وجل: {والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق، النجم الثاقب}(الطارق:1-3) ولا يخفى أن العلاقة المكانية التي تربط بين "السماء" من جهة و"النجم الثاقب" من الجهة الأخرى هي علاقة احتواء، فالسماء هنا هي الحيّز المكاني الذي تتواجد فيه النجوم، وهي القرينةُ التي تشيرُ إلى المعنى المقصود للسماء في هذه الآية... وهو معنى مقارب لما ورد في الآية الكريمة {ولقد زيّنا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين}(الملك:5)...
ثم تمتدُ "السماء" في معناها إلى ماهيّةٍ مجهولةٍ، كما في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماءِ وهي دُخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين، فقضاهنَّ سبعَ سمواتٍ في يومين، وأوحى في كلّ سماءٍ أمرها}(فصلت:10) وهو معنىً بحاجة إلى كثيرٍ من التدقيق لإدراكه على وجهه الصحيح!...
كذلك فإن لفظة "أرض" في القرآن الكريم نَحَت نفس المنحى، ونسجت على نفس المنوال، فقد وردت "الأرض" في أحد معانيها لتشير إلى مكانٍ محدودٍ صالحٍ للرعي، وذلك في قوله تعالى: {فذروها تأكلُ في أرض الله}(هود:64) والقرينة الموضحة للمعنى هنا هي: الحيّز المكاني الذي يمكن أن ترعى فيه الدابّة.
ثم وجدنا معانيها تمتدُ لتتسعَ لمعنى: الأرض الزراعية لبلدٍ ما، كما في قوله تعالى: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبرَ على طعامٍ واحد فادعُ لنا ربك يُخرجُ لنا مما تنبتُ الأرض}(البقرة:61).. والأرضُ هنا ذات معنىً أبعد وأرحب منها في المثال الأول..
ثم وجدنا مدلولها يتسعُ متجاوزاً البلدَ الواحدَ ليفيدَ معنى: "البلاد"، وذلك كما في قوله تعالى: {ألم تكن أرضُ اللهِ واسعةً فتهاجروا فيها}(النساء:97)، والقرينة هنا هي الفعل "فتهاجروا"، والذي يعني التنقل من مكان إلى مكان، ومن بلادٍ إلى أخرى...
ثم وجدنا مضمونها يأخذُ مدىً أوسع عندما أفاد مُصطلحاً فلكياً حديثاً هو "الكرة الأرضية" أو "كوكب الأرض"، وذلك كما في قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء}(البقرة:29).. والقرينة المشيرة إلى هذا المعنى هي اقتران الأرض بالسماء، والذي يعني كل كوكب الأرض بما يحيط به من سماء، كذلك يمكن أن تكون طبيعة الخطاب ،والموجهة للعموم (خلق لكم) قرينةً أخرى توضح المعنى المقصود.
ويمكن للفظتي "سماء" و "أرض" أن تردا لتفيدا معنىً إضافيا غاية في الاتساع، كما في قوله تعالى: {إن في خلقِ السموات والأرض واختلافِ الليلِ والنهارِ لآياتٍ لأولي الألباب}(آل عمران:190).. فمضمون الآية الكريمة يمكن أن ينطبق على الكرة الأرضية وما يحيطُ بها من سماء، لكن يمكن له كذلك أن يتجاوز ذلك المعنى لينطبق على أرض كلّ كوكب سيّار من أمثال: أرض المريخ، أرض الزهرة، وأرض المشتري...الخ بما يحيطُ بكلٍ منها من سماءٍ خاصةٍ به، وبهذا فإن المفاضلة في الآية الكريمة (اختلاف ظاهرتي الليل والنهار) يمكن أن تتجاوز المفاضلة بين الليل والنهار على كوكب الأرض لتنطلق إلى مفاضلةٍ ومقارنةٍ أرحبَ وأوسعَ بين ليل ونهار الكواكب المختلفة فيما بينها، حيث لكل أرض (كوكب) سماؤها الخاصة، ولعل السموات قد جاءت جمعاً لتشير إلى اختلاف سماء كل كوكب (أي غلافه الجوي) عن غيرها من سموات الكواكب الأخرى، أما الأرض فقد جاءت مفردة لأنها تشير إلى جنس الأرض، وقد يكون في ذلك إشارة إلى الأصل الواحد لها جميعاً؟!...
ولعل أعجب المواضع التي وردت فيها لفظتا "السماء" و "الأرض" هي ما ورد في سورة "هود" : {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها شهيق وزفير، خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك}(هود:106-107)... فأية سموات وأية أرض تلك التي ستكون موجودة والناس يعذبون في النار خالدين فيها؟!..
كذلك من الأمثلة التي يمكن ضَرْبُها لنسبية المعاني في القرآن الكريم مفهوم أُمِيّة الرسول e، وقد عبرّت الآيات الكريمة عن تلك الصفة وذلك في قوله تعالى:{الذين يَتَبِعونَ الرسولَ النبيَّ الأميَّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل}(الأعراف: 157)...
و"الأميةُ" بمعناها المتعارفُ عليه في عالمِ اليوم هي أميةٌ تستمدُّ معناها من "الأمومة" (أي نسبة المرء إلى أُمِهِ)، فيقال: رجلٌ أميّ؛ بمعنى: أنه لا يعرف شيئاً وكأنه يوم ولدته أمه!، وهي في معناها الشائع تعبّرُ عن المعنى المقابل لإتقان القراءة والكتابة.. فهل أرادت الآيات الكريمة أن تشير إلى عدم قدرة النبي e على القراءة والكتابة؟!..
إنّ المفارقة ستزدادُ وضوحاً إِذا علمنا أن صفةَ "الأمية" قد أُشير إليها هنا في معرضِ خطاب ربِّ العزة لبني إسرائيل {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل}(الأعراف:157)؟!.. وبذا يتبين لنا أن الأمية في هذا الموضع إنما هي علامةٌ أعطاها الله لبني إسرائيل ليتعرفوا بها على نبيِّ آخر الزمان!!.. فهل تُعتبرُ أميّة النبيّ محمد e (بمعنى عدم القراءة والكتابة) علامة مميزة يمكنُ أن يَستدلَّ بها بنو إسرائيل على النبيّ الخاتم، نبيّ آخر الزمان؟!...
وقد وردت لفظة "أمي" كذلك في قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأميّ الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}(الأعراف:158)..
وفي هذا الموضع يمكن ملاحظة المفهوم العالمي الذي تتحدث الآيات من خلاله القرآن، حيث يوجَهُ الحديثُ إلى الناس كافة، ويؤكدها بـ كلمة "جميعا"، وكأن مفهوم "الأمية" هنا يقابل نفس المفهوم العام...
إن مفهوم "النسبية" الذي نناقشه هنا يسمحُ لنا أنْ نلقيَ نظرةً أبعدَ مدىً، وأن ننسبَ أُمِيَّةَ النبيّ e إلى لفظةِ "أُمّة" لا إلى لفظة "أم"!، وبالتالي فإنّ صفة النبيّ الأميّ تكتسبُ معنىً جديداً هو: "نبيّ الأمة"، أو "نبي الأمم جميعاً".. وتصبح دلالةً على النبيّ المُرسل للناسِ كافة، وللعالمين جميعاً، وهو مفهومُ متأصل في القرآن الكريم. فكثيرةٌ هي الآيات التي تحملُ هذا المضمون؛ ومنها: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً}(سبأ:28). وكذلك قوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين}(الأنبياء:107) وبهذه الدلالة فقط يتسنى لأُميّةُ النبي محمد e أن تصبح دليلاً واضحاً يستعين به بنو إسرائيل للتعرف على النبي الخاتم!، فهو من هذه الناحية نبيٌ مرسلٌ للناسِ جميعاً بعد أن كان الأنبياءُ يُبعثون لأقوامهم خاصة!!!...
ونضربُ مثالاً إضافياً واضحاً على "ظاهرة النسبية" في القرآن الكريم وذلك باللفظ "كَفَرَ"؛ والذي ورد في القرآن الكريم بمعانٍ متعددةٍ؛ كان المعنى اللغوي لها(25) قاسماً مُشتركاً بينها جميعاً...
لقد ورد اللفظ "كَفَرَ" في قوله تعالى: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لآوتينّ مالاً وولدا}(مريم:77).. وهي تشير هنا إلى المعنى الاصطلاحي الدارج للكفر، والمتعارف عليه بين الناس، والمستمد لغوياً من معنيي "التغطية" و"الستر"، وما سُمي الكافرُ كافراً إلا لتغطيته على الأنْعُمِ التي أنعمَ اللهُ بها عليه؛ وعدم اعترافه بها!...
لكن ليس كلُّ كافرٍ كافراً؟!!.. فقد وردت اللفظة عينها في القرآن الكريم لتفيدَ معنىً آخر وذلك في قوله تعالى: {فاستوى على سوقِه يعجبُ الزُرَاعَ ليغيظَ بهم الكُفَار}(الفتح:29) وكذلك في قوله تعالى: {كمثلِ غيثٍ أعجبَ الكُفارَ نباتُه}(الحديد:20) فالكفار المقصودون هنا هم الزُراع، والقرينة هنا واضحة حيث السياق كله يتحدث عن النبات والزراعة والمطر.. لكن لماذا سُمي المزارع كافرا؟!.. لقد سمي كذلك لأنه هو منْ يكفرُ البذرةَ (أي يغطيها) بالتراب!...
لكنّ اللفظ ذاته ورد في موضعٍ ثالثٍ ليشيرَ إلى معنىً نظنه مُختلفاً عن سابقيه!، وذلك في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم، قد يئسوا من الآخرة كما يئسَ الكُفارُ من أصحاب القبور}(الممتحنة:13)..
فمن هم الكفار المقصودون في هذه الآية(26)؟!.. هل هم الكفار بالمعنى الأول للفظ... أي من يغطي نِعَمَ الله ويخفيها ولا يعترف بها؟!، ولماذا اختُص الكفار باليأس من الموتى مع أن المؤمنَ أيضاً يمكنه أن ييأس من أصحاب القبور كالكافر تماماً ذلك أننا أمام حقيقة إنسانية عامة هي الموت!..
أم أن اللفظ يشير إلى الكفر بمعناه الثاني والذي يعني تغطية البذرة بالتراب انتظاراً لإنباتها؟!..
أم أن هناك معنىً ثالثاً يمكن أن نضيفه إلى سابقيه؟!!...
من الواضح أن نظرةً متسرعةً نلقيها على الآية الكريمة المشارُ إليها سوف تدفعنا باتجاه المعنى الأول لكلمة "كافر"؛ وهو المعنى الأكثر شيوعاً؛ والأكثر تعارفاً عليه بين الناس.. لكن هل يمكن أن يوجد لهذا اللفظ معنىً ثالثاً يكون مُشتقاً من الأصل اللغوي، ولا يكون مجرد إسقاطٍ لمعنىً على آخر؟!...
لنبحث عن القرينة التي تحدثنا عنها سابقاً، والتي يمكنها أن تفيدنا في تحديد أي وجوه معاني اللفظ المذكور هي المقصودة، ولنسأل أنفسنا سؤالاً: من هم أصحاب القبور؟!... والجواب: هم الأموات بالطبع!!.. ونسألُ أنفسنا مرةً أخرىً: فما علاقة الكُفار بالأموات؟!... والجواب: أن من يَدفن(28) ميتاً فهو كافرٌ له، وهو أكثرُ الناسِ علماً بحقيقةِ موته، فهو الذي يدفعه في حفرته، ويغطيه ،من ثمَّ، ليهيل عليه التراب بعد ذلك!!... والمعنى هنا يشترك مع غيره من المعاني السالفةِ الذكر (تغطية أنعم الله وسترها، وتغطية البذرة بالتراب) في أن جميعها تشترك في الأصل اللغوي الذي انبثقت عنه، ألا وهو التغطية والستر؟!!... وهي وجوهُ معانٍ متعددة، وذات مضامين نسبية للفظ لغويٍّ واحد!!..
ومع اعتقادنا بأن ظاهرة "النسبية" في القرآن الكريم هي قانون عام؛ إلا أننا نظن بأنها تناسب المصطلحات الخاصة بالزمن بشكلٍ خاص؛ حيث لم يحدد القرآنُ الكريم قيماً محددةً لكثيرٍ من الألفاظ الواردة فيه ذات الدلالة الزمنية؛ والمتداولةٌ بشكلٍ واسعٍ في حياتنا اليومية، حيث نعبر من خلالها عن قيم محددةٍ ثابتةٍ تختص بالوقت.
فالقرآن الكريم يتحدث عن "اليوم"، لكنه لا يقصدُ ،دائما، اليوم الذي نعرفه، والذي حدده الإنسان حديثاً بمقدار الزمن الذي تسستغرقه الكرة الأرضية لكي تكمل دورةً كاملةً حول نفسها، والمقدّر بأربعٍ وعشرين ساعة من زمننا الأرضي. وُجلُّ حديثِ القرآن الكريم في هذا الشأن (كلمة يوم) يتمحورُ حول مفهوم "اليوم الآخر": {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورُهم بين أيديهم وبأيمْانِهِم، بُشْراكُمُ اليومَ جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها}(الحديد:12)، وكذلك في قوله تعالى: {لن تنفعكم أرحامُكم ولا أولادُكم يوم القيامة يفصل بينكم}(الممتحنة:3) والقرينة الموضحة للمعنى المقصود واضحةٌ في سياق كلتا الآيتين سالفتي الذكر..
لكنَّ كلمة "يوم" في القرآن الكريم لا يقتصر ورودها على المواضع غير محددة المضمون كيوم القيامة، إذ يمكن أن يطال معناها ما تعارفنا عليه في حياتنا اليومية من معانٍ، وذلك باقترانها بقرينةٍ تُقيدها على وجهٍ يفيدُ هذا الفهم، وذلك كما في قوله تعالى: {إذا نودي للصلاةِ من يومِ الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}(الجمعة:9) وقد حُدِد مفهومُ كلمةِ "يوم" هنا من خلال اقترانها بكلمة "الجمعة"، فهو إذن أحد أيام الأسبوع على كوكب الأرض؟!... وهو عينه المعنى المراد في قوله تعالى: {فانطلقوا وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين}(القلم:24) والقرينة في المثال الأخير واضحةٌ، فهو حديثُ البشرِ للبشر عما هم متعارفون عليه من أيام الأسبوع!..
أما الإطلاقات العجيبة لكلمة "يوم" في القرآن الكريم فهي تجعله مدةً زمنيةً حائرة؟!؛ فهي ليست مما تعارفنا عليه نحنُ سكان كوكب الأرض، كما أنها لا تحمل قيمةً محددةً في حدّ ذاتها، بل جاءت لتحملَ قيمةً نسبيةً ،بالقياس إلى قيمة اليوم على كوكب الأرض؛ وذلك كما في قوله تعالى: {تعرجُ الملائكةُ والروحُ إليه في يومٍ كان مقدارُه خمسيَن ألف سنة)(المعارج:4)... وكذلك قوله تعالى: {وإن يوماً عند ربك كألفِ سنةٍ مما تعدون}(الحج:47)... وهنا تبدو الآيات الكريمة وكأنها تحملُ إشاراتٍ واضحةً لمفاهيم فيزيائية حديثة حول "نسبية الزمن" والتي ناقشتها نظريةُ النسبية لآينشتاين بعد ذلك بمئات السنين!!..
كذلك فإن مصطلح "الساعة" كان من المفاهيم الزمنية التي تحدث عنها القرآن الكريم، لكنه لم يقصد به ،على الإطلاق، ما نتداوله اليوم من معانيها، فهو لم يقصد الفترة الزمنية المكونة من ستين دقيقة!.. بل قصد من ورائه ،في بعض المواضع، فترةً زمنيةً قصيرةً نسبياً؛ وذلك كما في قوله تعالى: {لقد تاب الله على النبيّ والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة}(التوبة:117)، وكذلك قوله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}(الأعراف:34)..
وهي لم تأتِ في كلّ المواضع لتعبرَ عن نفس القيمة الزمنية القصيرة، بل إن أكثر إطلاقاتها قد جاءت لتخبرَ عن يوم الهول العظيم: {ويوم تقومُ الساعةُ يومئذ يتفرقون}(الروم:14)، كذلك قوله تعالى: {حتى إذا جاءتهم الساعة بغتةً قالوا يا حسرتنا}(الأنعام:31)..
وقد يبدو لنا ،في كثيرٍ من المواضع القرآنية، تلاشي واختفاء الحدود الزمنية المعهودة لدينا، فنرى في بعض المواضع أن الآيات تتحدث عن المستقبل بصيغة الماضي، وتتحدثُ عما سيأتي كما لو أنه قد تَمّ بالفعل!، كما في قوله تعالى: {إذا السماءُ انفطرت، وإذا الكواكبُ انتثرت، وإذا البحار فجّرت}(الانفطار:1-3)، وقوله تعالى:{إذا السماء انشقت}(الانشقاق:1).. والآية الكريمة: {وسيق الذين اتقواْ ربهم إلى الجنة زمرا، حتى إذا جاءوها وفُتحت أبوابُها وقال لهم خزنتها سلامٌ عليكم طبتم فادخلوها خالدين}(الزمر:73).. وهي ،بلا شك، ظاهرةٌ تستحقُ التوقف عندها من خلال دراسةٍ متأنيةٍ واعية.
ولعل من ملامح "ظاهرة النسبية" في القرآن الكريم استخدام بعض الأدوات اللغوية ،في بعض المواضع، للتعبير عن معانٍ غير تلك التي شاع استخدامها للتعبير عنها!!...
فالفعل "كان" ،على سبيل المثال، والذي شاع استخدامه للتعبير عن حدوث فعلٍ ما في الزمن الماضي، قد ورد في مواضعَ معينةٍ من القرآن الكريم للتعبير عن: "الحقيقة الثابتة"؛ والتي لا علاقة لها بالتحولات الزمنية؛ كقوله تعالى:{وكان الله غفوراً رحيماً}(الأحزاب:50) وكذلك قوله تعالى: {كنتم خير أمةِ أُخرجت للناس}(آل عمران:110) حيث أشير إلى أن المقصود من ورائها هو وجودُ شيءٍ ما في زمانٍ ماضٍ على سبيل الإبهام، وليس فيه دليلٌ على عَدَمٍ سابق، ولا على انقطاع طارئ.
كذلك من ملامح ظاهرة النسبية، استخدام الحرف "ثم" ،ذو الدلالة الزمنية المعروفة(29)؛ بشكل غير مألوف، ففي الوقت الذي يردُ فيه هذا الحرف في بعض المواضع لتكونَ له دلالةٌ زمنيةٌ واضحةٌ كما في قوله تعالى: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلةً ثم اتخذتم العجلَ من بعده وأنتم ظالمون}(البقرة:51-52) وجدناه في مواضع أخرى يفتقدُ إلى تلك الدلالة، وليتجاوزَ مهمة "التعبير عن الزمن" إلى مهمةٍ جديدةٍ هي "التعبير عن الربط الموضوعي" بين كيانين موضوعيين، ولتصبح الدلالة الزمنية وفق الاستخدام الجديد ذات قيمة هامشية غير ذات أهمية!. مثالُ ذلك: التعبير غير المألوف الوارد في قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون (ثم) كُلي من كلّ الثمرات}(النحل:68)... فحرف (ثم) هنا إنما يقوم بمهمة الربط الموضوعي بين مقامين موضوعيين هما مقام (اتخاذ البيوت) و مقام (الأكل)، ولو دققنا النظر فسنجدُ أنْ ليست هناك علاقة تراتُبٍ زمنيٍ بين عملية (اتخاذ البيوت) وبين عملية (الأكل)، إذ لا يُعقلْ أن يظَلَّ النحلُ بدون أكل إلى أن ينتهي من عملية اتخاذ البيوت!؛ وهي العملية التي يُعتقد أنها استنفدت آلاف السنين لتستقرَ على حالها النهائي؛ بعد تنقلها من الجبال، إلى الشجر، وإلى ما يعرشون!!...
إن من شأن النظر إلى حرف (ثم) من خلال المنظور الجديد ،الذي لا يشترط الدلالة الزمنية في الحرف، من شأنه أن يلقي مزيداً من الضوء على بعض المواضع في القرآن الكريم غير كاملة الوضوح بالنسبة لنا كبشر، في الإطار الزمني الذي نعيش فيه وذلك مثل قوله تعالى : {الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام (ثم) استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا}(الفرقان:59)...
بقي أن نذكر أنّ "ظاهرة النسبية" في القرآن الكريم هي المبرر الوحيد لصلاحية الألفاظ "المحدودة" للتعبير عن معانٍ "مطلقة"، فالدين ،أي دين، مجالُه عالم الغيب المطلق، لكن ذلك لا يعني انفصاله عن عالم الواقع المحدود، وهو في الوقت الذي يتناولُ فيه غيرَ المُدرَك من المعاني المطلقة؛ فإنه يتعامل في الوقت ذاته مع المدرك والمحسوس في حياة الناس، لذلك كان من المنطقي أن يقرِن القرآنُ الكريم بين هاتين الحقيقتين فيأتي بهما في آيةٍ واحدة {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}(البقرة:3) فالإيمان هنا يمس عالم الغيب، بينما الصلاة حقيقةٌ من حقائق الواقع المحسوس!.. وهو ما يوضح حقيقة أن قيّم المعاني المحتملة للفظٍ ما يمكن أن تكون جدّ متباعدة؛ وذلك إذا ما تم استخدام تلك اللفظة للتعبير عن معنيين من عالمين مختلفين يفصل بينهما كلّ ذلك التباعد، كأن يكون الأول غيبياً والآخر محسوس!...
من هنا فقد زادت الحاجة لدينا للتفريق بين الوجوه المتعددة والمحتملة للفظٍ ما، لأن الخلط بين تلك الوجوه كثيراً ما كان يؤدي إلى خلل خطير في الفهم... مثال ذلك ما كان يحدث عندما يتم فهم صفات الله عز وجل (وهي غيب) على ضوء فهمنا وإدراكنا لمعاني تلك الصفات في عالمنا المادي المحسوس!.
المهم هنا هو أننا أصبحنا الآن ندركُ جيداً مدى حاجتنا إلى إرساء قاعدة "المحتوى النسبي المتدرج للألفاظ"؛ والتي بدونها لا يمكن لنا أن نقترب من فهم النص القرآني على وجهه الصحيح..
إن ما يبدو لنا واضحاً الآن هو أن تجاهل قاعدة "النسبية" في القرآن الكريم؛ إنما سيجعل المرءَ أسيراً للمعاني القريبة للألفاظ، بما ينعكس سلباً على طريقة إدراكنا لمعاني الآيات فيحدّ من آفاقها!..
ولعلنا ندرك اليوم حاجتنا إلى إفراد تلك الظاهرة بدراسة خاصة بها، تجلي معناها، وتقدم مزيدا من الشرح والتوضيح لأمثلتها، وهو العمل الذي يحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت.
(http://ebook/alswerkee/nsbea1.htm) (http://ebook/alswerkee/nsbea2.htm)


الباحث الفلسطيني محمد صبحي السويركي
swairky*************
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1)قرأ الشيء: جمعه وضم بعضه إلى بعض. قرأ قراءةً وقرآنا، واقترأ الكتاب: أي نطق بالمكتوب فيه أو ألقى النظر عليه وطالَعَه، أقرأَ الرجلَ: أي جعله يقرأ. استقرأ فلانا: أي طلب إليه أن يقرأ، واستقرأ الأمور: أي تتبعها لمعرفة أحوالها وخواصها.(المنجد في اللغة والأدب والعلوم،ص616).
((2) مباحث في علوم القرآن، مرجع سابق، ص297.
(3) السحر المشار إليه هنا هو السحر بمعناه الطيب، وهو السحر الكلامي والذي يقصد به: (غرابة الكلام ولطافته المؤثرة في القلوب؛ المحوِلة إياها من حالٍ إلى حال) (المنجد في اللغة والأدب والعلوم، مرجع سابق، ص323).
((5) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مصطفى صادق الرافعي، ط3، ص221.
(6) قبيل غير قبيل الكلام: أي ليس مثل الكلام البشري، ولا يشابهه.
((7) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مرجع سابق، ط3، ص221.
((8) ختنه: بكسر الخاء وتسكين التاء، أي: زوج أخته.
(9) عن سيرة ابن هشام، نقلا عن التصوير الفني في القرآن، ص10.
((10) أي في القرآن.
(11) باتَ مُسَهَداً، أي بات مؤرقا وقد جافاه النوم.
(12)لا إشارةً خفيفةً في السورة الأولى التي تحدثت عن خلق الإنسان من علق.
(13)وهي السورة الرابعة والثمانون من حيث ترتيب النزول.
(14) التصوير الفني في القرآن، سيد قطب، دار الشروق، ص16.
(15) إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، مرجع سابق، ط3، ص152.
(16) التصوير الفني في القرآن، مرجع سابق، ص23.
(17) نقلا عن كتاب مباحث في علوم القرآن، مرجع سابق، ص301.
(18) البيان في إعجاز القرآن، د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، دار عمّار، ص114، نقلا عن "فكرة إعجاز القرآن، ص95.
( 19)البيان في إعجاز القرآن، مرجع سابق، ص124.) البيان في إعجاز القرآن، مرجع سابق، ص124-125.
(20) علوم القرآن الكريم، عدنان زرزور، ص254، بتصرف (نقلا عن البيان في إعجاز القرآن)، مرجع سابق، ص142.
(21) لا يصلح ما نورده في هذا الكتاب للدلالة القاطعة على صحة "ظاهرة النسبية في القرآن الكريم"، إلا أننا نتمنى أن تثبت صحتها إما من خلال كتاب منفصل يخصص لهذه الغاية، وإما من خلال دراسات متخصصة يقوم بها باحثون متخصصون في الدراسات القرآنية.
(22) من أمرٍ، ونهيٍ، وحلالٍ، وحرامٍ، وفرائض، وحدود..
( 23){قل لو كان البحرُ مداداً لكلمات ربي لنَفِدَ البحرُ قبل أن تنفدّ كلماتُ ربي}(الكهف:109)
( 24)أو هكذا يبدو لنا؛ إلى أن يتم إثبات هذا الأمر أو نفيه.
(25) كفر: كُفرا، كفر الشيء: أي ستره وغطاه، يقال: كفر درعه بثوبه: أي غطاها به ولبسه فوقها. (المنجد في اللغة والأدب والعلوم، مرجع سابق، ص691).
(26) قال الحسن البصري في تفسيرها: الكفار الأحياء قد يئسوا من الأموات، وقال قتادة: كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحابُ القبور الذين ماتوا، وكذا قال الضحاك.(تفسير القرآن العظيم،ج4، مرجع سابق، ص457).
(27) أو هو الحانوتي بلهجة إخواننا المصريين.
(28) يستخدم حرف "ثم" عادةً للتعبير عن تعاقُب حدثين من الناحية الزمنية، كأن نقول: دخل التلاميذُ الفصلَ ثم تبعهم المدرس.
(29) هذا الوصف لأستاذي الدكتور يونس محيي الدين الأسطل، وأرجو أن يكون حجة لي لا عليّ!!

عمروعبده
28-06-2010, 08:09 PM
اليهود والتحالف مع الأقوى



قال تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (آل عمران:112)
ضربت عليهم الذلة أي اليهود ، أينما ثقفوا أي أينما وجدوا ، إلا بحبل من الله وحبل من الناس ، أكثر المفسرين فسرها بعهد الله وعهد الناس .
أخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ قال: بعهد من الله وعهد من الناس .
ومن معاني الحبل هو العهد والوصل والسبب .
فمعنى الحبل في هذه الآية السبب فاليهود ضربت عليهم الذلة أينما وجودا إلا بسبب من الله وهو إتباعهم الوحي والهدي النبوي عندما اتبعوا سيدنا موسى عليه السلام فأعزهم الله بعدما كانوا أذلة، أو بسبب من الناس من خلال تملق الأقوياء والتحالف معهم وجعلهم أداة ووسيلة تحقيق أهدافهم .
وهذا ما يصدقه الواقع والتاريخ فاليهود قوم انتهازيين وصوليين ، يتملقون الأقوياء ويتحالفون معهم من أجل خدمة أهدافهم .
فحين ظهر قورش الفارسي في بلاد فارس ، وأصبح قوة جبارة، ساعده اليهود واعتبروه مخلصاً ربانياً لهم ، بل وصفوه بالمسيح المنتظر ، وجاء في سفر أشعيا
(هكذا يقول الرب لمسيحه ، لقورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمماً ، وأحل أحزمة ملوك ، لأفتح أمامه المصراعين ، فلا تغلق الأبواب ، إنني أمشي أمامك ، وأمهد الهضاب ، وأحطم مصراعي النحاس ، وأكسر مزاليج الحديد ، وأعطيك مكنونات الكنوز وذخائر المخابئ ، حتى تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك ، لقبتك وأنت لا تعرفني).
و قد قدم قورش هذا وعداً لليهود بالعودة إلى فلسطين ، على نفس الطريقة التي صدر بها وعد بلفور .
و عندما كانت العلاقات بين الكلدانيين والمصريين متوترة ، ومرشحة للاصطدام ، قدر اليهود أن النصر سيكون حليف المصريين ، لذلك سارعوا للتحالف معهم ، وخالفهم في ذلك النبي " أرميا الكاهن " فقد كان أعتقاده أن النصر سكون من نصيب بختنصر وجيشه.
و لما انتصر جيش بختنصر ، اقتحم بختنصر القدس وساق اليهود أسرى إلى بابل ، وقَدَر للنبي " أرميا " موقفه فترك له الحرية في البقاء أو الهجرة .
وحين برز المسلمون كقوة عالمية سارع اليهود للتحالف معهم وكسب ودهم، بل راحوا يتجسسون لهم على الروم وغيرهم .
وفي الأندلس استقبلوا المسلمين ، فلما خرجوا منها كانوا معهم ، واستقروا في أقطار المغرب وتركيا ، فلما أفل نجم المسلمين، راحوا يتجسسون عليهم لمصلحة الاستعمار الغربي ، بل راحوا يغرونه بالغزو.
وحين سطع نجم هولاكوا في المشرق كاتبه يهود بغداد وحالفوه وقدموا له المال والمشورة، قبل أن يصل إلى بغداد، فلما دخلها وقتل الخليفة ومليوناً من المسلمين سلم اليهود ، فلم يقتل منهم أحد ، كما سلمت أموالهم من النهب والسلب وفي العصر الحديث ابتدأ رهانهم على فرنسا فحالفوها ، وراحوا يتعلمون الفرنسية ، ويعلمون في خدمة النفوذ الفرنسي، فلما برزت إنكلترا قوة جديدة ، تحولوا إليها وربطوا مصيرهم بها ، وراحوا يغرون الإنكليز باستعمار فلسطين وغيرها ، واتخذوا من " لندن " مقراً لحركتهم ونشاطهم ، فلما توحدت ألمانيا وبرزت قوة سياسية ، تركوا لندن ، توجهوا إلى برلين ، وقام بعضهم بترجمة التوراة للألمانية ، كما راحوا يتعلمون الألمانية ، ويعقدون المؤتمرات هناك ، ويكتبون بالألمانية كافة القرارات ، وبقي الحال هكذا حتى بعد ظهور هتلر ، حيث ظلوا على صلة به ، يحاولون استثمار كرهه للمساعدة في الهجرة إلى فلسطين .
في كتاب الصهيونية في زمن الدكتاتورية " لكاتبه اليهودي ليني برينر " والذي قام بترجمته والتقديم له د. محجوب عمر وأصدرته :" مؤسسة البحوث العربية " قد كشف المؤلف عن وثيقة باسم " أنقرة " وفيها أدلة على اتصال الإرهابي " شتيرن " صاحب العصابة التي حملت اسمه ، وقد قام بالاتصال أولاً بالفاشيين الإيطاليين ثم جانبهم ، بشرط المساعدة على قيام دولة إسرائيل ، وكان هذا عام 1940 حين كان نجم " المحور " في صعود وانتصاراتهم تدوي في العالم ، وخسارتهم للحرب تبدوا بعيدة جداً .
ففي عام 1940 م جرى اتصال بيهودي يعمل مع الشرطة البريطانية في القدس وكان عميلاً " لموسليني " ، وكان الاتفاق يقضي بأن يعترف ( موسليني ) بدولة عبرية في فلسطين ، وفي مقابل ذلك يحارب اليهود إلي جانب المحور .
و لم يكتف " شتيرن " بهذا الاتصال ، فأراد أن يكون مع الألمان وبشكل مباشر ، لذا أرسل " نفتالي لونستيك " إلى بيروت ( وكانت بحكم حكومة " فيشي" التي أقامها المحور في فرنسا ) .
و في كانون الثاني 1941 م قابل " لونستيك" الألماني " رودلف روزين وأوتوفرن " الذي كان مسؤلاً عن الإدارة الشرقية في الخارجية الألمانية . إن تاريخ الوثيقة هو 11كانون الثاني 1941 م ، وكانت جماعة " شتيرن " لا يزالون يعتبرون أنفسهم " الأرجون الحقيقي" .
ولم يتبنوا اسم " المقاتلين من أجل الحرية " إلا فيما بعد ، ( حيث حصل الانشقاق ) وفي الوثيقة قالت مجموعة " شتيرن " للنازيين : (إن جلاء اليهود عن أوروبا هو شرط مسبق لحل المسألة اليهودية ، وهذا لا يمكن إلا من خلال إقامة الدولة اليهودية وفي حدودها التاريخية ، وإن المصالح المشتركة يمكن أن تكون في إقامة نظام جديد في أوروبا، متسق مع المفهوم الألماني والطموحات القومية للشعب اليهودي ، كما تجسدها المنظمة العسكرية القومية ، وإن التعاون بين ألمانيا الجديدة وبين عبرانية شعبية متجددة ممكن ، كما أن إقامة الدولة اليهودية التاريخية على أسس قومية شمولية ، ومرتبط بمعادة مع الريخ الألمانية ، ستكون في مصلحة الحفاظ على موقع نفوذ ألماني مستقبلي في الشرق الأوسط وتقويته . وانطلاقاً من هذه الطموحات القومية المذكورة والخاصة بحركة الحرية الإسرائيلية من جانب الرايخ الثالث ( هتلر) ، تعرض أن تشارك بنشاط في الحرب إلى جانب ألمانيا ) .
و الغريب أن " شتيرن " ويشاركه آخرون يشعرون بأن الصهاينة هم الذي خانوا المحور وليس العكس .
و يوم أن قام هتلر بإغلاق النوادي اليهودية ، ومصادرة صحفها ، استثنى الصحف الصهيونية ، حيث استمرت على الكتابة والنشر ، وهذه الصلة صارت البحث فيها ، من المحرمات ومن يبحث فلن يجد داراً تنشر له ، لأن سيف الإرهاب الصهيوني مسلط فوق الرؤوس في الغرب .
ثم تحولوا بعد ذلك إلى لندن وحالفوا الإنكليز .
وبعد الحرب العالمية الثانية أدركوا أن مركز القوة قد تحول إلى أمريكا ، فتوجهوا إلى هناك، رامين بثقلهم المالي والإعلامي والتنظيمي .
و غداً إذا ما شعروا بان روسيا أو الصين مرشحة للصعود

عمروعبده
28-06-2010, 08:13 PM
ذكر كلمة الملك في سورة يوسف



عندما يذكر القرآن حكام مصر القدامى لا يذكرهم إلا بلقب (فرعون) وذلك في حوالي ستين آية كريمة إلا في سورة واحدة ذكر فيها حاكم مصر بلقب (ملك) وذلك في سورة يوسف ، قال تعالى : ) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ(( (http://ebook/E_3A/duhaa.net/43.HTM#_ftn1#_ftn1)1)، وقوله تعالى: )وقـال الـملك ائتـوني به (( (http://ebook/E_3A/duhaa.net/43.HTM#_ftn2#_ftn2)2) . إنها سورة يوسف … لم يذكر فيها لقب فرعون مع أن يوسف عليه السلام عـاش في مصر … وذكرت السورة في ثلاث آيات هي ( 43 و 50 و 54 ) أن حاكم مصر كان لقبه ملكاً وليس فرعوناً فكيف هذا ؟..
بقيت هذه الآيات الثلاث إعجازاً قرآنياً، حتى فكك ( شامبليون ) حجر رشيد وتعرف على الكتابة الهيرروغلوفية في أواخر القرن التاسع عشر، فتعرف العالم على تاريخ مصر في مطلع القرن الحالي بشكل دقيق فظهرت المعجزة.
إن حياة يوسف عليه السلام في مصر كانت أيام ( الملوك الرعاة : الهكسوس ) الذين تغلبوا على جيوش الفراعنة ، وظلوا في مصر من 1730 ق.م إلى 1580 ق.م حتى أخرجهم أحمس الأول وشكل الدولة الحديثة (الإمبراطورية) .
لذلك كان القرآن العظيم دقيقاً جداً في كلماته لم يقل : قال فرعون ائتوني به ، ولم يقل : وقال فرعون إني أرى سبع بقرات سمان ، بل قال : ) وقال الملك( .
لأن يوسف عليه السلام عاش في مصر أيام ( الملوك الرعاة ) حيث تربع على مصر ملوك بدل الفراعنة الذين انحسر حكمهم إلى الصعيد وجعلوا عاصمتهم طيبة .
أليس هذه معجزة قرآنية تاريخية تشهد بدقته وصحته… وتشهد بالتـالي بنبـوة محمد بن عبدالله r ؟!(3) (http://ebook/E_3A/duhaa.net/43.HTM#_ftn3#_ftn3)".
(1) (http://ebook/E_3A/duhaa.net/43.HTM#_ftnref1#_ftnref1) سورة يوسف : الآية (43).
(2) (http://ebook/E_3A/duhaa.net/43.HTM#_ftnref2#_ftnref2) سورة يوسف : الآيات (50) و (54).

عمروعبده
28-06-2010, 08:19 PM
و إنه لفي زبر الأولين



لقد أخذ الله تعالى الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وينصروه إذا بعث وهم أحياء ، وأن يبلغوا أقوامهم بذلك ليشيع خبره بين جميع الأمم .قال تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾(آل عمران:81).وذلك لأن الرسل كانوا يبعثون في أقوامهم خاصة ، وبعث محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة،فبشر به جميع الأنبياء، وكان مما قاله عيسى عليه السلام لقومه كما ذكر الله تعالى عنه﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾(الصف:6)(2) .والبشارات في الكتب السابقة(3) هي تلك الأنباء والأوصاف التي وردت عن مقدم محمد صلى الله عليه وسلم مبينة اسمه وصفاته البدنية والمعنوية ونسبه ومكان بعثته، وصفة أصحابه وصفة أعدائه ، ومعالم الدين الذي يدعو إليه، والحوادث التي تواجهه، والزمن الذي يبعث فيه، ليكون ذلك دليلاً على صدقه عند ظهوره بانطباق تلك الأوصاف عليه ، وهي أوصاف وبشارات تلقاها أهل تلك الأديان نقلاً عن رهبانهم وأحبارهم وكهنتهم قبل ولادة محمد صلى الله عليه وسلم بقرون كثيرة. وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك البشارات، ودلل بها على صدق محمد صلى الله عليه وسلم . فقال تعالى﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾(الرعد:43).وقال تعالى﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ ءَايَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾(الشعراء:197).وقال تعالى﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾(الشعراء:196).وقال تعالى عن محمدصلى الله عليه وسلم :﴿الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ﴾(البقرة:146).وهذا يعني أن انطباق البشارات على محمد صلى الله عليه وسلم يدل على أنه المقصود بها ، وأنه الرسول الذي أخبر الله بمقدمه ، ومن هذه البشارات ما يأتي:

1- النبي الأمي:
لقد أشار القرآن الكريم إلى أمية الرسول صلى الله عليه وسلم وأنها مذكورة عند أهل التوراة والإنجيل.قال تعالى ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾(الأعراف:157). إن أمية النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية بدء الوحي إليه لأول مرة موجود عند أهل الكتاب إلى يومنا هذا .فقد جاء في سفر أشعيا: " ويدفع الكتاب للأمي ويقال له : اقرأ هذا أرجوك فيقول: أنا أمي " (4) أي لست بقارئ . (أ) وهذا ترجمة للنص الذي ورد في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس المعتمدة عند النصارى وهي أوثق النسخ للتوراة والإنجيل عندهم(5) . وفي النسخة المسماة Bible Good News ورد ما ترجمته كالآتي:
" إذا تعطيه إلى شخص لا يستطيع القراءة وتطلب إليه أن يقرأه عليك سيجيب بأنه لا يعرف كيف ." (ب) وبينما نجد هذا النص الواضح في الطبعات الإنجليزية نرى أن القسس العرب قد حرفوا هذا النص في نسخته العربية فجعلوا العبارة كالآتي :
"أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا فيقول : لا أعرف الكتابة" (6).(ت) فانظر كيف حرفوا النص ! فالسائل يطلب القراءة والنبي ينفي عن نفسه معرفة الكتابة ! وهذا التحريف مقصود لئلا تتطابق الحادثة المذكورة في النص السابق مع قصة نزول جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ومطالبته له بالقراءة فنفى النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه القدرة على القراءة. قال الحافظ ابن حجر : وقد وقع في مرسل عبيد بن عمير عند ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال : اقرأ ، قلت : ما أنا بقارئ" (7) .وكم من الزمن قد مر بعد عيسى عليه السلام ، وما نزل وحي على نبي أمي إلا على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدون أميته مكتوبةً عندهم حتى يومنا هذا .
2- اسم النبي:
أ - لا تزال نسخ التوراة باللغة العبرية تحمل اسم محمد جلياً واضحاً إلى يومنا هذا. ففي نشيد الأنشاد من التوراة في الاصحاح الخامس الفقرة السادسة عشر وردت هذه الكلمات: حِكو مَمْتَكيم فِكلّو محمديم زيه دُودي فَزيه ريعي.(ث) ومعنى هذا : "كلامه أحلى الكلام إنه محمد العظيم هذا حبيبي وهذا خليلي". فالفظ العبري يذكر اسم محمد جلياً واضحاً ويلحقه بـيم التي تستعمل في العبرية للتعظيم. واسم محمد مذكور أيضاً في المعجم المفهرس للتوراة8))(ث) عند بيانه هذا اللفظ المتعلق بالنص السابق "محمد يم"(9) . لكن يد التحريف عند اليهود والنصارى تأبى التسليم بأن لفظ "محمد" هو اسم النبي وتصر على أنه صفة للنبي وليس اسماً له . فيقولون إن معنى لفظ "محمد يم" هو "المتصف بالصفات الحميدة" كما جاء في نسخة الملك جيمس المعتمدة عند النصارى .(ج) وعليه فيكون المعنى لهذه الإشارة عندهم "كلامه أحلى الكلام(10)إنه صاحب الصفات الحميدة ". (ح)
فمن هو ، يا أهل الكتاب ، غير "محمد يم" محمد العظيم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كلامه أحسن الكلام وهو المحمود في صفاته كلها ، وهو حبيب الله وخليله كما جاء ذلك في نفس النشيد عقب ذكر اسمه . "هذا هو حبيبي وهذا هو خليلي".(ج،ح)
ب- وأما ما جاء عن اسمه عند النصارى ، فقد ورد في عدة أماكن، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى عليه السلام وهو يخاطب أصحابه : "لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي الفارقليط."(خ)
وكلمة "المعزي" أصلها منقول عن الكلمة اليونانية باراكلي طوس المحرفة عن الكلمة بيركلوطوس التي تعني محمد أو أحمد. "إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً ، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة ، وإن تصحيف "بيركلوطوس" إلى "باراكلي طوس" من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس ، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى."(12)
جـ وهناك إنجيل اسمه إنجيل "برنابا" استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من البابا جلاسيوس ، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه "فرامرينو" الذي عثر على رسائل "الإبريانوس" وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا "سكتش الخامس" فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب "22":" وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله".وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس(13) .
د- هذا وقد كان اسم النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً بجلاء في كتب اليهود والنصارى عبر التاريخ ، وكان علماء المسلمين يحاجون الأحبار والرهبان بما هو موجود من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم،قال تعالى :
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157)
ومن ذلك:
• جاء في سفر أشعيا :" إني جعلت اسمك محمداً ، يا محمد يا قدوس الرب ، اسمك موجود من الأبد " ذكر هذه الفقرة علي بن ربّن الطبري الذي كان نصرانياً فهداه الله للإسلام في كتابه : الدين والدولة ، وقد توفي عام 247هـ(14) .
• وجاء في سفر أشعيا أيضاً :" سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد "(15)
• وجاء في سفر حبقوق :" إن الله جاء من التيمان ، والقدوس من جبل فاران ، لقد أضاءت السماء من بهاء محمد ، وامتلأت الأرض من حمده " ذكره علي بن ربن الطبري في كتابه الدين والدولة(16) وذكره إبراهيم خليل احمد ، الذي كان قساً نصرانياً فاسلم في عصرنا ونشر العبارة السابقة في كتاب له عام 1409هـ .
• وجاء في سفر أشعيا أيضاً : "وما أعطيه لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً ، يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البَرّية وسكانها ، ويوحدون الله على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية"(17) . وذكره عبد الله الترجمان الذي كان اسمه : انسلم تورميدا ، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ . ولقد روى جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله e يقول : إِنَّ لِي أَسْمَاءً ، أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي،وَأَنَا الْعَاقِبُ(18) .قال الله تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِين﴾(الصف:6).
• ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام ، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري في كتابه : محمد في الكتاب المقدس(19) : إن العبارة الشائعة عند النصارى : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة " لم تكن هكذا ، بل كانت : " المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام ، وللناس أحمد "
هـ و لقد جاء ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المقدسة عند الهندوس فقد جاء في كتاب "السامافيدا"(20)ما نصه " أحمد تلقى الشريعة من ربه وهي مملوءة بالحكمة وقد قبست من النور كما يقبس من الشمس ".. (د)
و- وجاء في كتاب أدروافيدم أدهروويدم وهو كتاب مقدس عند الهندوس(21) " أيها الناس اسمعوا وعوا يبعث المحمد بين أظهر الناس ... وعظمته تحمد حتى في الجنة ويجعلها خاضعة له وهو المحامد"(22) . (ذ)
ز- وجاء في كتاب هندوسي آخر هو بفوشيا برانم "بهوشى بهوشى برانم"(23): " في ذلك الحين يبعث أجنبي مع أصحابه باسم محامد الملقب بأستاذ العالم(24) ، والملك يطهره بالخمس المطهرات" . (ر) وفي قوله الخمس المطهرات إشارة إلى الصلوات الخمس التي يتطهر بها المسلم من ذنوبه كل يوم(25)
3- نسبه صلى الله عليه وسلم
لقد دعا سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام الله وهما بمكة أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة له ، وأن يبعث فيهم رسولاً منهم ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى دعاءهما في قوله تعالى﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ128رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ129﴾(البقرة:128-129).
أ- وقد جاء في التوراة ذكر للوعد الإلهي لإبراهيم أن يجعل من ذرية إسماعيل أمة هداية عظيمة ، فقد ورد في سفر التكوين(26) مايأتي:" وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، هاأنا أباركه وأثمّره وأكثّره كثيراً جداً. اثنى عشر رئيساً يلد ، واجعله أمة كبيرة ." (ز)
ب- وورد فيه أيضاً: "وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك"(27).(س) ولم تكن هناك أمة هداية من نسل إسماعيل إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي قال الله عنها :﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾(آل عمران:110).
ج- وقد جاء في التوراة في سفر التثنية(28)على لسان موسى عليه السلام :" قال لي الرب : قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه. "(ش)والمقصود باخوتهم أبناء إسماعيل عليه السلام لأنه أخو إسحاق عليه السلام الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، حيث هما ابنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه و سلم من ذرية إسماعيل ولو كانت البشارة تخص أحداً من بني إسرائيل لقالت: "منهم"(29) . فمحمد صلى الله عليه وسلم هو من وسط أخوتهم ، وهو مثل موسى عليه السلام نبي ورسول وصاحب شريعة جديدة ، وحارب المشركين وتزوج وكان راعي غنم ، ولا تنطبق هذه البشارة على يوشع كما يزعم اليهود لأن يوشع لم يوح إليه بكتاب ، كما جاء في سفر التثنية : " ولم يقم بعُد نبي في إسرائيل مثل موسى. "(30) (ض) كما أن البشارة لا تنطبق على عيسى عليه السلام كما يزعم النصارى، إذ لم يكن مثل موسى عليه السلام من وجوه ، فقد ولد من غيرأب وتكلم في المهد ولم تكن له شريعة كما لموسى عليه السلام ، ولم يمت بل رفعه الله تعالى إليه .
د- وفي إنجيل متى(31)جاء ما يلي:" قال لهم يسوع(32)أما قرأتم قط في الكتب.الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية.من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا.لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ".(ط)وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى ، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل .
4- مكان بعثته صلى الله عليه وسلم :
أ- تذكر التوراة المكان الذي نشأ فيه إسماعيل عليه السلام، فقد جاء في سفر التكوين(33):"وفتح الله عينيها(34)فأبصرت بئرماء(35)فذهبت وملأت القربة ماءً وسقت الغلام(36)وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران"(ظ)وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن إسماعيل عليه السلام كان رامياً، فقد مر على نفر من قبيلة أسلم يرمون بالسهام فقال لهم:( ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا )(37).
ب- كما جاء في التوراة في سفر أشعيا(38): " وحي من جهة بلاد العرب " (ع) وهذا إعلان عن المكان والأمة التي سيخرج منها الرسول حاملاً الوحي من الله إلى الناس .
ج- ويأتي تحديد آخر للمكان الذي سترتفع فيه الدعوة الجديدة بشعاراتها الجديدة التي ترفع من رؤوس الجبال ويهتف بها الناس، فتقول التوراة في سفر أشعيا(39):" غنوا للرب أغنية جديدة ، تسبيحهُ من أقصى الأرض ، أيها المنحدرون في البحر وملؤه، والجزائر وسكانها ، لترفع البرّية ومدنها صوتها(40)الديار التي سكنها قيدار(41). لتترنم سكان سالع(42)من رؤوس الجبال ليهتفوا(43)"(غ) والأغنية عندهم هي الهتاف بذكر الله الذي يرفع به الصوت من رؤوس الجبال ، وهذا لا ينطبق إلا على الأذان عند المسلمين ، كما أن سكان سالع ، والديار التي سكنها قيدار هي أماكن في جزيرة العرب،وكل ذلك يدل على أن مكان الرسالة الجديدة والرسول المبشر به هو جزيرة العرب.
د- وجاء في التوراة في سفر التثنية(44):"جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلالأ من جبل فاران".(ف)
ويرى بعض شراح التوراة ممن أسلم أن هذه العبارة الموجودة في التوراة تشير إلى أماكن نزول الهدى الإلهي إلى الأرض
فمجيئه من سيناء : إعطاؤه التوراة لموسى عليه السلام . وإشراقه من ساعير : إعطاؤه الإنجيل للمسيح عيسى عليه السلام. وساعير : سلسلة جبال ممتدة في الجهة الشرقية من وادي عربة في فلسطين وهي الأرض التي عاش فيها عيسى عليه السلام .وتلألؤه من جبل فاران : إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم . وفاران هو الاسم القديم لأرض مكة التي سكنها إسماعيل عليه السلام .
هـ وجاء في التوراة أن داود عليه السلام يترنم ببيت الله ويتمنى أن يكون فيه ، ويعلل ذلك بمضاعفة الأجر هناك(45)
وتقول التوراة نقلاً عنه(46): " ما أسعد أولئك الذين يتلقون قوتهم منك، الذين يتوقون لأداء الحج إلى جبل المجتمع الديني الذي خَلُصَ لعبادة الله(47)وهم يمرون عبر وادي بكه الجاف فيصبح مكاناً للينابيع"(48).(ق) وفي نسخة أخرى : " فيصيرونه بئراً(49)أو ينبوعاً(50)" ووادي بكة قد ورد ذكره في القرآن الكريم وأنه هو الذي فيه البيت الحرام قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ96فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ97﴾ (آل عمران:96-97). وقد ذكر الله جفاف هذا الوادي بقوله سبحانه وهو يذكر دعاء إبراهيم عليه السلام:﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ …﴾ (إبراهيم:37).ومعلوم أن هذا الوادي الجاف قد جعل الله فيه بئر زمزم عندما سكنت هاجر فيه مع ابنها إسماعيل عليه السلام .
وقد أُحرج النصارى العرب بالنص على وادي بكة ! فحرفوه كما في الكتاب المقدس عندهم في الطبعة العربية فقالوا :
" عابرين في وادي البكاء " (ل) وحذفوا أيضاً لفظ "الحجاج" الذي ورد في النص الإنجليزي المذكورة ترجمته سابقاً . ولا توجد صلة بين وادي بكة والبكاء ، وقد ورد اسم "بكة" في النص الإنجليزي مبتدئاً بحرف كبير مما يدل على أنه علم غير قابل للترجمة Baca . و كما جاء في الكتب الزرادشتية(51)بشارات تشير إلى المكان الذي تظهر فيه دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك : "إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النار في هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام "(52) (ن)

5- صفاته صلى الله عليه وسلم :
من صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أمي ، وقد سبق بيانه .
أ- كما وصف في سفر أشعيا(53) بأنه راكب الجمل وفي هذا إشارة إلى أنه من الصحراء وهكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم .
ب- ووصف في المزامير(54)بـأن : " ملوك شبا وسبأ يقدمون هدية "(هـ)، وقد انتهى ملوك اليمن ولم يظهر نبي دان له ملوك اليمن إلا محمد صلى الله عليه وسلم .
جـ ووصف فيها أيضاً(55)بأنه " يصلى عليه ويبارك عليه كل وقت" وهكذا شأن محمد صلى الله عليه وسلم فالمسلمون يباركون عليه كل يوم عدة مرات في صلاتهم .
د- ووصف فيها أيضاً(56)بأنه "متقلد سيفاً" ، وفيها أيضاً(57)مايلي: " وأنه يرمي بالنبل " .
هـ وجاء في إنجيل متى(58) وصفه بأنه الحجر الذي أتم بناء النبوة ، ففيه : " قال لهم يسوع(59)أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره "(ط) وأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمة أمية ، لم يكن لها شأن بين الأمم ، وكان من العجيب أن يكون الرسول الذي يخرج منها هو رأس الزاوية في بناء النبوة. وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ )(60)وتذكر هذه البشارة على لسان عيسى عليه السلام أن صاحب هذا الوصف ليس من بني إسرائيل ، وأن النبوة ستنزع من بني إسرائيل وتعطى لأمة أخرى "تعمل أثماره" أي تحقق ثماره، فكانت هذه الأمة التي كانت مزدراة في أعين الناس هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،وهي الأمة الجديدة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس
و- وجاء في سفر أشعيا(61): "وحي من جهة بلاد العرب. في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين(62). هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب. فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار وبقية عدد قِسِيّ أبطال بني قيدار تقل، لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم ".(ع) تفيد هذه البشارة أن الله أوحى إلى أشعيا :" لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم " بأن وحياً سيأتي من جهة بلاد العرب : " وحي من جهة بلاد العرب " وأن تلك الجهة من بلاد العرب هي الوعر التي تبيت فيها قوافل الددانيين ، وددان قرب المدينة النبوية المنورة كما تدل على ذلك الخرائط الكنسية القديمة . ويأمر الوحي الذي تلقاه أشعيا أهل تيماء أن يقدموا الشراب والطعام لهارب يهرب من أمام السيوف ، ومجيئ الأمر بعد الإخبار عن الوحي الذي يكون من جهة بلاد العرب قرينة بأن الهارب هو صاحب ذلك الوحي الذي يأمر الله أهل تيماء بمناصرته : " هاتوا ماءً لملاقاة العطشان ، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه " وأرض تيماء منطقة من أعمال المدينة ، وفيها يهود تيماء الذين انتقل معظمهم إلى يثرب. ويذكر المؤرخون الإخباريون العرب نقلا عن اليهود في الجزيرة العربية أن أول قدوم اليهود إلى الحجاز كان في زمن موسى عليه السلام عندما أرسلهم في حملة ضد العماليق في تيماء، وبعد قضائهم على العالميق وعودتهم إلى الشام بعد موت موسى منعوا من دخول الشام بحجة مخالفتهم لشريعة موسى لاستبقائهم إبناً لملك العماليق. فاضطروا للعودة إلى الحجاز والاستقرار في تيماء(63)ثم انتقل معظمهم إلى يثرب(64). فأهل يثرب من اليهود هم من أهل تيماء المخاطبين في النص. وكان تاريخ مخاطبة اشعياء لاهل تيماء في هذا الاصحاح هو النصف الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد. ويفيد الوحي إلى أشعيا أن الهارب هرب ومعه آخرون:"فإنهم من أمام السيوف قد هربوا".ثم يذكر الوحي الخراب الذي يحل بمجد قيدار بعد سنة من هذه الحادثة ، مما يدل على أن الهروب كان منهم ، وأن عقابهم كان بسبب تلك الحادثة : " فإنه هكذا قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " وتنطبق هذه البشارة على محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته تمام الانطباق ، فقد نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب ، وفي الوعر من بلاد العرب، في مكة والمدينة. وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة من أرض بني قيدار(65)قريش الذين كانوا قد عينوا من كل بطن من بطونهم شاباً جلداً ليجتمعوا لقتل محمد صلى الله عليه وسلم ليلة هجرته ، فجاء الشباب ومعهم أسلحتهم فخرج الرسول مهاجراً هارباً ، فتعقبته قريش بسيوفها وقسيها كما تذكر العبارة : " فإنهم من أمام السيوف قد هربوا ، من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة ". ثم عاقب الله قريشاً أبناء قيدار بعد سنة ونيف من هجرته صلى الله عليه وسلم بما حدث في غزوة بدر من هزيمة نكراء أذهبت مجد قريش ، وقتلت عدداً من أبطالهم : " كما قال لي السيد الله : في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار ، وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل " .وتؤكد العبارة أن هذا الإخبار وأن هذا التبشير بنزول الوحي في بلاد العرب ، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما يجري له من هجرة ونصر هو بوحي من الله : " لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم " إن ما حملته هذه البشارة من معانٍ لابد أن يكون قد وقع ، لأنه يقع في عصرٍ آلة الحرب فيه السيف والنبل ، وقد انتهى عصر الحرب بالسيف والنبل .‍‍‍‍
• فهل نزل وحي في بلاد العرب غير القرآن ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
•‍‍‍ و هناك نبي هاجر من مكة إلى المدينة واستقبله أهل تيماء غير محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
• وهل هناك هزيمة لقريش بعد عام من الهجرة إلا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ؟! إن هذه البشارة تدل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنها إعلان إلهي عن مقدمه ينقلها أحد أنبياء بني إسرائيل أشعيا(66) ، وبقي هذا النص إلى يومنا هذا على الرغم من حرص كفرة أهل الكتاب على التحريف والتبديل .
ز- وجاء في صفته في المزامير(67):" انسكبت النعمة على شفتيك،لذلك باركك الله إلى الأبد تقلد سيفك " (و)
ح- وجاء في التوراة في سفر أشعيا(68)في وصفه: " هو ذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي ، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم. لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته " (ي) وهذا يتطابق مع ما نقله الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو رضي الله عنه من التوراة التي قرأها في زمنه ، فقد قال عطاء بن يسار له : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي،سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ(69)فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ،وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا:لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا(70).
ط- وجاء في صفة الدين الذي يأتي به ما يأتي :
أولاً : الأذان للصلاة كما سبق بيانه .
ثانياً : الصلاة كتفاً إلى كتف : فقد جاء في التوراة في سفر صفنيا(71)ما يأتي:
"لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شَفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة"(أً)
وبالإسلام توحدت لغة العبادة لله ، فيقرأ القرآن في الصلاة بلغة واحدة هي العربية، ويصفون كتفاً إلى كتف .
ثالثاً : تحويل القبلة : فقد جاء في إنجيل يوحنا(72)ما يأتي : إن امرأة سامرية تقول لعيسى عليه السلام : " آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم(73)الموضع الذي ينبغي أن يسجد فيه ، قال لها يسوع(74)يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون " (بً) وهذا إعلان بأن القبلة ستتحول من بيت المقدس. ولا يكون ذلك إلا على يد رسول، كما حدث على يد النبي صلى الله عليه وسلم وفقاً لأمر الله القائل﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ (البقرة:144).
رابعاً : الهداية إلى جميع الدين الحق : فقد جاء في إنجيل يوحنا(75)ما يأتي: يقول عيسى عليه السلام :" إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتيه " (تً) قال الله تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ (النحل:89). وقال تعالى﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى4﴾(النجم:3-4).
خامساً : ذكر بعض شعائر دينه صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة : فقد جاء في كتاب: بفوشيا برانم(76)وصف لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم: "هم الذين يختتنون ، ولا يربون القزع، ويربون اللحى ،وهم مجاهدون وينادون الناس للدعاء(77)بصوت عال، ويأكلون أكثر الحيوانات إلا الخنزير، ولا يستعملون الدرباء(78)للتطهير بل الشهداء هم المتطهرون ، ويسمون"بمسلي"(79)بسبب أنهم يقاتلون من يلبس الحق بالباطل ، ودينهم هذا يخرج منا وأنا الخالق".(ثً) وجاء في كتاب "محمد في الأسفار العالمية" ما ترجمه الأستاذ عبدالحق من كتب الزرادشتية بشأن محمد وأصحابه" إن أمة زرادشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون، وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس، ويخضع الفرس المتكبرين، وبعد عبادة النارفي هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم التي تطهرت من الأصنام،ويومئذ يصبحون هم أتباع النبي رحمة للعالمين،وسادة لفارس ومديان وطوس وبلخ. (80)وإن نبيهم ليكونن فصيحاً يتحدث بالمعجزات" (81). (ن)
المصدر :بحث للشيخ عبد المجيد الزنداني .
المراجع :
( 1 ) زبر الأولين أي كتبهم . ( 2 ) وقد كان عيسى عليه السلام يرسل المبشرين للتبشير بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم ، بل إن معنى الإنجيل : البشارة ، وبقي المبشرون إلي يومنا هذا يحملون هذا الاسم .( 3 ) هي الكتب الدينية المقدسة عند أصحابها مثل التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى. ( 4 ) الإصحاح 29 الفقرة 2 .( 5 ) تجد في نهاية المبحث النصوص التوارتية والإنجيلية وغيرها المقتبسة مصورة من مراجعها المشار إليها ، ومتسلسلة حسب ورودها في المبحث ومعلمة بالحروف العربية .( 6 ) النصوص العربية كلها مقتبسة من "الكتاب المقدس" / دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط.( 7 ) فتح الباري ك/ التفسير ب/ تفسير سورة "اقرأ باسم ربك الذي خلق" .( 8 )
The New Stصلى الله عليه وسلم ong Exhaustive Concoصلى الله عليه وسلم dance of the Bible, James Stصلى الله عليه وسلم ong, LL.D. 5.T.D, Thomas Nelson Publisheصلى الله عليه وسلم s, Nashville , USA ,1984, p.64 (Hebصلى الله عليه وسلم ew Dictionaصلى الله عليه وسلم y)
( 9 )عند كتابة هذا اللفظ باللغة الإنجليزية يكتبونه كما يلي:machmad . ولإفتقار اللغة الإنجليزية للحرف "ح"فإنهم يعبرون عنه بالحرفين "ch" ويجعلونه أقرب إلى حرف الخاءكما ورد ذلك في المعجم المفهرس المذكوربأن هذا الحرف المكون من "ch" أقرب ما يكون للخاء الألمانية،أي أن استعمال "ch" جاء بدلاً عن حرف الحاء، فيكون الاسم هو محمد، اسم النبيصلى الله عليه وسلم . ( 10 ) كما جاء في النسخة القياسية المنقحة صلى الله عليه وسلم evised Standaصلى الله عليه وسلم d Veصلى الله عليه وسلم sion of the Bible ,The Inteصلى الله عليه وسلم national Council of Chuصلى الله عليه وسلم ches of Chصلى الله عليه وسلم ist in the United States, 1971
( 11 ) الإصحاح :16 ، الفقرة : 7( 12 ) إظهار الحق لمؤلفه رحمة الله بن خليل الهندي ، ط الدار البيضاء جـ2 ص280 ، وأشار إلى هذا التحريف مطران الموصل الذي أسلم ، وسمى نفسه عبد الأحد ، وهو عبد الأحد داود الآشوري ، وذلك في كتابه : محمد في الكتاب المقدس ص216 .( 13 ) خليل سعادة في مقدمته لترجمته لإنجيل برنابا إلى اللغة العربية ، وقد نقل قصة فرامرينو مما هو مدون في مقدمة النسخة الأسبانية كما رواها المستشرق سايل، في مقدمة له لترجمة القرآن .( 14 ) وذكرها صالح بن حسين الهاشمي المتوفى عام 668هـ في كتابه : تخجيل من حرف التوراة والإنجيل، وذكرها القرافي المتوفى عام 682هـ في كتابه : الأجوبة الفاخرة ، وذكرها ابن تيمية المتوفى عام 728هـ في كتابه : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح؛ وذكرها ابن قيم الجوزية المتوفي عام 751هـ في كتابه : هداية الحيارى من اليهود والنصارى .( 15 ) ذكره الأئمة : صالح الهاشمي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم السابق ذكرها.( 16 ) وذكره علي بن محمد الماوردي المتوفى عام 450هـ في كتابه : أعلام النبوة ، وأبو عبيده الخزرجي المتوفى عام 582هـ في كتابه : مقامع هامات الصلبان ومراتع روضات الإيمان؛ وذكره القرطبي المتوفى عام 671هـ في كتابه الإعلام؛ وكذلك ذكره الهاشمي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها .( 17 ) ذكره الأئمة : الخزرجي والهاشمي والقرطبي والقرافي وابن تيمية وابن القيم في كتبهم التي سبق ذكرها.( 18 ) أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسلم ك/ الفضائل ب/ في أسمائه صلى الله عليه وسلم ، والترمذي ك/ الأدب ب/ ما جاء في أسماء النبي ، والنسائي في السنن الكبرى 6/489 وأحمد في المسند 4/80 وغيرهم .( 19 ) فصل : الإسلام والأحمديات التي أعلنتها الملائكة ص 145- 154 .( 20 ) في الفقرتين 6 وَ 8 من الجزء الثاني .( 21 ) الجزء العشرين ، الفصل 127، الفقرة 1-3 .( 22 ) محامد : محمد .( 23 ) الجزء3 ، الفصل 3 ، العبارة 5 وما بعدها . ( 24 ) أستاذ العالم أي رسول للعالم.( 25 ) مأخوذ من كتاب التيارات الخفية في الديانات الهندية القديمة لمؤلفه "تى محمد" . أما النصوص الفارسية والهندية في نهاية هذا المبحث فمأخوذة من كتاب Muhammad in Paصلى الله عليه وسلم si , Hindoo and Buddhist Scصلى الله عليه وسلم iptuصلى الله عليه وسلم es , A.H. Vidyaصلى الله عليه وسلم thi and U.Ali.
( 26 ) الإصحاح 17 العبارات من 19-1 .( 27 ) الإصحاح.21 فقرة 12وَ 13.( 28 ) الإصحاح 18 الفقرة 17 .
( 29 ) لقد تنبه المحرفون لهذا فبدلوا العبارة التي تعني "من وسط اخوتهم" في النسخة الإنجليزية الحديثة Good News Bible إلى عبارة تعني "من بين قومهم" (fصلى الله عليه وسلم om among theiصلى الله عليه وسلم own people) ص ( 30 ) الإصحاح 34 ، الفقرة 10.
( 31 ) الإصحاح 21 الفقرة 41 – 42 .( 32 ) هو عيسى عليه السلام .( 33 ) الإصحاح 21 الفقرات 21 –22 .
( 34 ) هاجر أم إسماعيل .( 35 ) بئر زمزم .( 36 ) إسماعيل عليه السلام .( 37 ) أخرجه البخاري ك/ الجهاد والسير ب/ التحريض على الرمي ، وابن ماجه في السنن ك/ الجهاد ب/ الرمي في سبيل الله ، وأحمد في مسنده 1/364 و 4/50 وابن حبان في صحيحه 10/ 548 وغيرهم .( 38 ) الإصحاح 21الفقرة 12.( 39 ) الإصحاح 42 الفقرة 10-11.
( 40 )رفع الصوت بالأذان.( 41 )هو أحد أبناء إسماعيل عليه السلام كما تذكر ذلك التوراة في سفر التكوين إصحاح 25 فقرة 12-13
( 42 ) جبل سلع بالمدينة .( 43 ) رفع الصوت بالأذان .( 44 ) الإصحاح 33 الفقرة 2.( 45 ) المزمور 84 الفقرة 1-2-3-4 وَ 10 .( 46 ) المزمور 84 الفقرة 6 .( 47 ) هو بالنص الإنجليزي جبل Zion ، ومعنى Zion : المجتمع الديني الذي خلص لعبادة الله ، أو المدينة الفاضلة كما جاء ذلك في قاموس : Websteصلى الله عليه وسلم s Seventh New Collegiate Dictionaصلى الله عليه وسلم y ، وقد ذكر معاني أخرى لا تستقيم مع الموضع الجغرافي المذكور في النص. وعند الرجوع إلى أصل الكلمة (Zion) العبري تبين أنها مقتبسة من جذر يعني : جفاف ، صحراوي ، أجرد (أرض أو مكان) جاف ، مكان مقفر ، برية. وهذا كله يشير إلى أن المكان المعبر عنه بكلمه Zion في النص الإنجليزي هو برية مكة الجرداء المقفرة الجافة، راجع كتاب The New Stصلى الله عليه وسلم ong Exhaustive Concoصلى الله عليه وسلم dance of the Bible, James Stصلى الله عليه وسلم ong, LL.D. 5.T.D والمعجم العبري ص99 فقره: رقم 6723 . أنظر نهاية المبحث ( 48 ) ص585 Good News Bible.
(49) وادي بكه يصيرونه بئراً من المعجم سترونغ المفهرس الشامل للكتاب المقدس ص95 . ( 50 ) الكتاب المقدس الذي تصدره جمعية الكتاب المقدس بالشرق الأدنى .( 51 ) يذهب بعض الباحثين إلى أن الزرادشتية هي المجوسية ، وقيل بل المجوسية أسبق من الزرادشتية ، وإنما زرادشت أظهر المجوسية وحددها في القرن الثالث الميلادي . قال النبي صلى الله عليه وسلم "سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب" أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2/435 ومالك في الموطأ 1/278 ومن طريقه الشافعي في مسنده 1/209 ومن طريق الشافعي البيهقي في السنن الكبرى ، وكذلك رواه الطبراني في المعجم الكبير 19/437 قال في مجمع الزوائد 6/13 : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم ، وقال في تلخيص الحبير : ورواه (يعني الحديث) ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسند حسن . أنظر الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة 2/1149 . ( 52 ) من كتاب " محمد في الأسفار العالمية " للأستاذ عبدالحق.( 53 ) الإصحاح : 21 الفقرة : 6.( 54 ) في مزمور : 72 الفقرة :10 .( 55 ) مزمور :72 الفقرة :15.( 56 ) مزمور :45 الفقرة :3 .( 57 ) الفقرة : 5 من المزمور السابق .( 58 ) الإصحاح : 21 الفقرات : 41-44 .( 59 ) هو عيسى عليه السلام .( 60 ) أخرجه البخاري ك/ المناقب ب/ خاتم النبيين ، ومسلم ك/ الفضائل ب/ ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وابن حبان في صحيحه 14/315 .( 61 ) الإصحاح 21 الفقرة 13-17 .( 62 ) ددان : بلد أقرب من تيماء إلى المدينة النبوية المنورة .( 63 ) كان ذلك منذ اثني عشر قرناً قبل الميلاد .( 64 ) الروض المعطار في خبر الأقطار ، معجم جغرافي ، محمد بن عبدالمنعم الحميري ، مكتبة لبنان ، 1984م ص 146-147. وجاء مثل ذلك في : وفاء الوفاء بأخبار المصطفى ، للسمهودي ، دار احياء التراث العربي بيروت ج1 ص 159. ( 65 ) سبق البيان أن قيدار أحد أبناء إسماعيل الذي سكن برية فاران (مكة) .( 66 ) عاش في النصف الأخيرمن القرن الثامن قبل الميلاد.كماورد في Good News Bible ص665( 67 ) المزمور 45 الفقرة 3 .( 68 ) الإصحاح 42 الفقرة 1.( 69 ) السخب ويقال فيه الصخب هو رفع الصوت بالخصام .( 70 ) أخرجه البخاري ك/ البيوع ب/ كراهية السخب في الأسواق ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/45 وأحمد في المسند 2/678 .( 71 ) الإصحاح 3 الفقرة 9-10 .( 72 ) الإصحاح 4 الفقرة 20-21 .( 73 ) هي القدس .( 74 ) هو عيسى عليه السلام .( 75 ) الإصحاح 16 الفقرة 12-13 .( 76 ) الجزء 3 - فصل 3 ، وهو من كتب الهندوس كما سبق ذلك .( 77 ) ينادون للدعاء : أي ينادون للصلاة لأن الصلاة دعاء. ( 78 ) الدرباء نبات يخرج به الهنود الدم من جسم الإنسان ويعدون هذا العمل تطهيراً من الخطايا. ( 79 )" مسلي" أي يسمون بالمسلمين، دخل عليها شئ من التحريف.( 80 ) وهي الأماكن المقدسة للزرادشتيين ومن جاورهم.( 81 )"محمد في الأسفار العالمية"ص 47

shima'a
28-06-2010, 08:22 PM
شكرا على المعلومات القيمة
جزاك الله خيرا وجعله فى ميزان حسناتك

Observer
11-07-2010, 05:09 PM
الف شكر على الموضوع الجميل

كلى أمل
07-09-2010, 01:03 AM
http://i32.servimg.com/u/f32/13/82/37/52/ooou_o10.gif

محمود فتحي م
25-09-2010, 02:33 PM
مشكور على هذا المجهود الرائع

queen84
18-10-2010, 05:54 PM
جزاك الله خيرا

اشرف الشجري
15-11-2010, 01:12 PM
رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووعة

مستر محمد سلام
20-10-2012, 11:59 PM
يتم النقل لقسم الاعجاز العلمي

مسترسمير إبراهيم
26-10-2012, 05:35 PM
جزاكم الله الخير والتوفيق الدائم

فيض خاطري
26-10-2012, 06:22 PM
جزاكم الله خيرا على الموضوع الشيق