مشاهدة النسخة كاملة : "هيلاريوني" رئيس أساقفة روسيا:اضطهاد المسيحيين في ظل الحضارة الإسلامية أكذوبة .


Khaled Soliman
27-08-2011, 05:01 PM
"هيلاريوني" رئيس أساقفة روسيا:اضطهاد المسيحيين في ظل الحضارة الإسلامية أكذوبة .

http://www.tanseerel.com/main/images/arrow_main.gif اضطهاد المسيحيين في ظل الحضارة الإسلامية أكذوبة .
http://cdn.tanseerel.com/upload/home_pictures/170700.jpg

“تؤكد المراجع التاريخية المنصفة أن أتباع المسيحية واليهودية عاشوا في ظل حضارة الإسلام ورعايته لأتباعهما وحماية الكنائس والمعابد والأموال أكرم حياة” .
تلك كانت العبارة الأبرز في حوار صريح مع كبير أساقفة روسيا القس هيلاريوني الذي أكد أن هذا الاضطهاد أكذوبة تاريخية غرضها إفساد العلاقة بين أصحاب الأديان الإبراهيمية .

هيلاريوني شدد كذلك على أن “الأديان بريئة من أي عمل فيه معصية للرب الذي أمرنا بأن نحافظ على أرواح الأبرياء بكل الوسائل” مشيراً إلى أن “كل عمل إرهابي مرفوض من كل الأديان حتى لو ادعى منفذوه أنهم فعلوا ذلك خدمة لهذا الدين” . وفي الحوار أيضاً يدعو هيلاريوني قادة الأديان إلى الحوار في ما دون العقائد، بمعنى أن يتركوا الحوار العقائدي ويتجهوا إلى ما أسماه “المشتركات الإنسانية” . . مؤكداً أن “العلمانية” تريد تشويه صورة الأديان جميعها، وتنحيتها عن قيادة البشرية . . وفي الحوار تفاصيل أخرى:

قمتم مؤخراً بزيارة للأزهر وألقيتم محاضرة فيه . . فهل يعني هذا أنكم فتحتم صفحة جديدة للحوار مع المؤسسات الإسلامية الكبرى؟

نحن ندرك أهمية الحوار مع المرجعيات الإسلامية الكبرى لبناء جسور من الثقة وإزالة أي سوء تفاهم قد يحدث لأسباب خارجة عن الإرادة، ولهذا فنحن حريصون على الحوار المتواصل من أجل توضيح كل الصور التي تشوب الفكر المتشدد، ونحن نعرف دور الأزهر في نشر وسطية الدين الإسلامي، وندرك اهتمامه بالحوار الدائم بين مختلف الأديان من منطلق احترامه لها، وأنا كواحد من أكثر من ملياري مسيحي في العالم أؤكد أننا نطمح إلى حوار جاد مع كل البشر لمصلحة الجميع، مع تأكيدنا لضرورة الابتعاد عن الحوار في المعتقدات، لأن أحداً لا يمكن أن يتنازل عن معتقداته من أجل الآخر .

تحدثت عن بعض المحاذير في حوار الأديان، فما الصورة المثالية له من وجهة نظركم، وبخاصة أنه لم يؤت ثماره المنشودة إلى الآن؟

يجب الابتعاد في حوار الأديان عن المعتقدات، لأنه لن يتنازل عنها أحد من أجل الآخر، وللعلم فإن الحوار بين الأديان ليس وليد اليوم ولكن عمره طويل ولم يؤت ثماره لأسباب عدة، بعضها يتصل بعدم التفاهم بين المتحاورين على القضايا المشتركة التي يجب أن يتركز الحوار عليها، وهي المشكلات الدنيوية المشتركة مثل المحافظة على البيئة ونصرة المظلومين ومساعدة الفقراء وعلاج المرضى وعمل مشروعات تنموية مشتركة تسهم في محاربة البطالة . . وبمعنى أشمل التعاون في كل ما من شأنه تحقيق سعادة الإنسان والتعايش السلمي ونشر الأمن والأمان .

لكننا نرى مثلاً باسم المسيحية أحد القساوسة الأمريكيين قام بحرق القرآن الكريم والإساءة لرسول الإسلام، فما موقفكم من تلك التصرفات التي يظن فاعلها أنه يخدم المسيحية؟

هذه من محاولات الوقيعة بين أتباع الأديان، وقد رفضنا بشدة كل وسائل الهجوم على الأديان الأخرى بوجه عام ومنها الإسلام، ويزداد رفضنا إذا حاول من يسيء للإسلام الادعاء بأن فعله الشائن هذا باسم المسيحية أو خدمة لها، لأنه في الحقيقة يخالف تعاليمها الداعية للتسامح .

لكن بعض فاعلي ذلك يتذرعون باسم حرية التعبير والإبداع كرسامي الكاريكاتير الدنماركيين الذين أساءوا لرسول الإسلام وأعيد نشر تلك الرسوم في كثير من الصحف الأوربية . . فهل توافقون على هذا المعنى للحرية؟

لا بالتأكيد . . لأنه يجب احترام حرية الآخر ومعتقداته ومقدساته وعدم المساس بها باسم الحرية في التعبير، لأن الحرية من وجهة نظري مسؤولية وليست فوضى أو انتهاكا لحرية الآخر أو التطاول عليه، وقد أعلنت الكنيسة الروسية مرارا وتكرارا رفضها أي سلوك قولي أو فعلي يؤدي لتعكير العلاقة بين البشر جميعا . . سواء من أتباع الأديان أو حتى من اللادينيين .

بعض من يفعلون ذلك يظنون أنهم يقدمون خدمة جليلة لأديانهم بل إنهم يعتبرون أنهم يتعبدون لله بإهانة الآخر فما قولكم؟

من المؤسف أن هذه المفاهيم المغلوطة حاول بعض المتعصبين من قادة الأديان غرسها في نفوس الشباب الذين ليس لديهم معرفة كاملة بالأديان، فيفعلون ما يخالف أديانهم وهم يحسبون أنهم يخدمونها، وهذا يرجع لميراث التاريخ العدائي الذي تم خلاله تسخير الدين لتحقيق أطماع سياسية لا علاقة لها به، إضافة إلى عملية الشحن المعنوي المضاد للآخر بغرض استبعاده، وليس التعايش السلمي معه كما تدعو الأديان .

وقد رسخ في نفوس هؤلاء أن هدم وإحراق دور العبادة للآخر و*** واستباحة دماء الغير والاعتداء على ممتلكاتهم وأموالهم أفضل عبادة يتقربون بها إلى الله، مع أنهم في الحقيقة يضرون أديانهم ولا يخدمونها، ولذا فأنا أؤكد أن المسيحية وكل الأديان السماوية بريئة من سلوكيات أمثال هؤلاء الجهال الذين يضرون بمستقبل البشرية عن طريق إشعال الفتن الطائفية وإثارة النعرات العرقية، وادعاء الأفضلية على الآخرين، مع أن الحساب على المعتقدات بيد الله وحده، ولا يجوز لأي بشر أن ينصب نفسه إلها يحاسب الخلق على أديانهم .

مع وجود تلك المفاهيم التي تؤكد عليها هناك من يلصق كل الأعمال الإرهابية بالأديان . . وبخاصة الإسلام . . فماذا تقولون؟

الأديان بريئة من أي عمل فيه معصية للرب الذي أمرنا بأن نحافظ على أرواح الأبرياء بكل الوسائل، ولذلك فإن كل عمل إرهابي مرفوض من كل الأديان حتى لو ادعى منفذوه أنهم فعلوا ذلك خدمة لهذا الدين، أو روج الإعلام ظلما أن القائمين بالإرهاب نفذوا ذلك بناء على أوامر دينية، أنا أؤكد أن صورة الأديان قد زادت من تشويهها تلك الحرب التي تواجهها من دعاة العلمانية ومروجي القيم الغربية الرافضة للأديان، حتى وصل الأمر إلى ترويجها للزواج المثلي والدعوة إلى هدم القيم الدينية التي تقوم عليها الأسرة في الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها لا تتناسب مع قيم الحضارة الغربية التي تدعو إلى ال*****ة وتمرد المرأة على الأسرة التقليدية باسم الحرية والتحضر

يروج البعض أن المسيحيين عانوا اضطهاداً في ظل حضارة الإسلام فما قولكم في مثل هذا الاتهام؟

تؤكد المراجع التاريخية المنصفة أن أتباع المسيحية واليهودية عاشوا في ظل حضارة الإسلام ورعايته لأتباعهما وحماية الكنائس والمعابد والأموال أكرم حياة، ومن الأدلة أنه تمت المحافظة على المقتنيات النادرة بدير سانت كاترين بسيناء، بفضل موقف المسلمين، وبالتالي إذا حدثت أي حوادث فردية فإننا نؤكد أنها كانت مرفوضة من الغالبية المسلمة، الأمر الذي يؤكد أن قيام قلة من المسلمين بحرق أو هدم كنائس أو معابد أو الاعتداء على المخالفين لهم في العقيدة هم في الحقيقة بعيدون عن تعاليم الإسلام ويسيئون إليه وهم يظنون أنهم يخدمونه .

وقد حثنا الإنجيل على أن نحب الأقرباء كما نحب أنفسنا، ونحن بدورنا كمسيحيين نحب المسلمين كأقرباء لنا وفي الوقت نفسه نجد القرآن قد حث المسلمين على حسن معاملة أهل الكتاب بوجه عام، وأوصى بالمسيحيين بوجه خاص، مؤكداً أنهم أقرب الناس مودة للمسلمين، وحث على الحوار بالحسنى معهم كوسيلة للتواصل مع الطوائف الدينية .

على المستوى العملي لديكم في روسيا . . كيف هي طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين؟

بوجه عام يتعامل المسلمون والمسيحيون على مر القرون بحسن الجوار والاحترام المتبادل، وبالنسبة لعلاقة مسلمي ومسيحيي روسيا فهي تدور في الإطار ذاته، فمسلمو روسيا يحترمون الكنيسة الروسية منذ دخول الإسلام قبل أكثر من ألف عام، ونحن نتعاون معهم بروح الاحترام نفسها على المستوى الرسمي مثل مجلس المفتين في روسيا وممثلي الإدارات الدينية، وكذلك بين أفراد الشعب الروسي . . ولم يشهد التاريخ حروبا دينية أو طائفية في بلادنا، ورغم أن المسلمين أقلية من حيث العدد، فإنهم يتمتعون بحقوق المسيحيين نفسها، لأن الإسلام هو الديانة الثانية بعد الأرثوذكسية من حيث التعداد .

نود أن تعرض لنا نماذج من التعايش الإسلامي المسيحي في روسيا .

تعد مدينة قازان ذات تاريخ فريد يبرز التسامح في التفكير الروسي، حيث تعايشت فيها على مدى أكثر من ألف سنة ثقافات وأديان مختلفة، وهذا ما تؤكده بشكل مباشر كل معالم المدينة وتاريخها وما فيها من مزيج ثقافي وحضاري وفنون معمارية تتارية وايطالية وروسية وإسلامية، وفيها مجمع للأديان يتكون من كنيسة ومسجد وكنيس يهودي ومعبد بوذي .

وكيف تنظر القيادة الروسية إلى الوجود الإسلامي فيها؟

تنظر القيادات الروسية إليهم كمواطنين كاملي المواطنة لهم الحقوق نفسها وعليهم الواجبات نفسها تجاه الوطن، وقد عبر الرئيس السابق فلاديمير بوتين عن ذلك بقوله “إن مسلمي روسيا تميزوا دائماً بالتسامح وحب السلام والتعامل الطيب مع تقاليد حسن الجوار والتفاهم المتبادل، وأنا مقتنع بأنهم يساهمون في تطوير الحوار بين الأديان وتعزيز التوافق والتعاون بين الناس” وقد جاء هذا الكلام أثناء تهنئته لهم بعيد الفطر ووصف الإسلام بأنه يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الإرث الروحي الغني لشعب روسيا متعدد القوميات، كما وافق بوتين أيضاً على فكرة إنشاء “البيت العربي” في موسكو، ليعد دليلا على سياسة التعاون مع العالم العربي والإسلامي التي تنتهجها روسيا .

والتسامح نفسه يمارسه الرئيس ميدفيديف ما يؤكد أن الدولة الروسية حريصة على المحافظة على التنوع الديني، فميدفيديف لا يمانع في إنشاء المزيد من المساجد، حيث استجاب لمطلب الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس المفتين بتشييد مسجد بمدينة سوتشي التي تعتبر أهم المنتجعات الروسية، وستستضيف الألعاب الأولمبية الشتوية في عام ،2014 ووعده بتلبية هذا الطلب قائلاً “إن عدد المسلمين عندنا يتزايد في روسيا ولا بد أن يشعروا بالراحة” .

وماذا عن علاقات روسيا بالعالم الإسلامي باعتبارها عضواً مراقباً في منظمة المؤتمر الإسلامي؟

يؤكد التاريخ أن العلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي طيبة ولم يشبها صراع إلا في فترات متقطعة، وقد أسهم هذا في توطيد العلاقات والتعاون المشترك ومناصرة روسيا الحقوق العربية، وضرورة حل الصراع العربي “الإسرائيلي” عن طريق الحوار والالتزام بمبادئ القانون الدولي وقرارات هيئة الأمم المتحدة، وهناك تقارب في وجهات النظر لعدد من القضايا العالمية بين روسيا والعالم الإسلامي، إضافة إلى انه تربطنا علاقات روحية مع العالم الإسلامي باعتبارنا من أتباع الأديان الإبراهيمية .

على ذكر روسيا وميراثها الشيوعي الثقيل . . هل هناك أمل في زيادة أعداد المؤمنين بالأديان في روسيا؟

بالتأكيد في تزايد مستمر . . وهذا ما أكدته دراسات ميدانية قامت بها مؤسسات أكاديمية حيث توقع زيادة كبيرة في أعداد المؤمنين في روسيا بحلول عام ،2015 وبخاصة في ظل الإقبال الشديد من أتباع الأديان للتعرف إلى صحيح الأديان وتحول كثير من اللادينيين إلى الأديان الإبراهيمية، ما يعد مؤشراً ايجابياً على أن التأثير السلبي للعداء الشيوعي للأديان أيام الاتحاد السوفييتي في طريقه للانحسار والتراجع، لأن الإنسان بفطرته يميل إلى التدين والارتباط بخالق الكون .