مشاهدة النسخة كاملة : حتى يذوب الجليد! بقلم : محمد الفاروق


ابو الفاروق
06-03-2012, 04:29 PM
حتى يذوب الجليد
عاشت مصر ستين عام في صقيع يشبه صقيع العصور الجليدية.
إلى أن وصلنا لحالة من التبلد الفكري والثقافي لذلك فلا عجب لما نعاني منه الآن من تخبط.
فالأمة التي بلا أفكار وبلا قادة كالأم العاقر ..
تعالوا معي قبل أن نسترسل في مقال اليوم نتعرف سوياً على السياسة ومقومات وسمات رجال السياسة !!
.. السياسةُ ليست مُجرَّد شعاراتٌ تُرفع في الميادين ومناقشاتٌ جوفاء في غرفٍ مغلقةٍ ولعب على أوتارِ العواطف والمشاعرِ الإنسانيةِ والوطنيةِ , السياسةُ علمٌ وذكاءٌ عامٌ واجتماعيُ وفراسةٌ وسرعةُ بديهة وتَقَبُّل وفوقَ كل هذا ثقافة عامة , ويبقي توظيفُ كلَّ هذه المقومات والسمات لخدمةِ الوطنِ , وعند تَوَافِرهَا في شخصٍ ما فانه يُصَنَّفُ كسياسي بارع وفي الأغلبِ يَفرِضُ نَفْسَهُ ويَتََقّبلَهُ شَعْبَهُ كقائد لهم فالقادة الشعبيون هم صفوة الساسة البارعون .
.. الشعب الذي يثور نتيجة التحفيز الاقتصادي والاجتماعي يثور ويهدأ بمجرد الحصول على بعض المزايا المادية , والشعب الذي يثور نتيجة الوعي السياسي يثور ولا يهدأ إلا إذا نال كل ما ثار من أجلة , والشعب الذي يثور نتيجة الشحن العاطفي يثور وتولد ثورته كبيرة وتموت صغيرة , لان القاعدة النفسية تقول أن كل ما هو مرتبط بالعاطفة يولد كبير ويموت صغير وكل ما هو مرتبط بالأفكار يولد كبير ويظل كبير ويموت الشعب وتبقي أفكاره تتوارثها الأجيال .
.. “عيش حرية كرامة عدالة اجتماعية “ شعار شهير رفعته المظاهرات المصرية منذ يومها الأول, وعند تحليله سنجد انه اقتصادي اجتماعي من الدرجة الأولى ولا يختلف عليه اثنان في مصر, فكل شاب كان بداخله أمل في تحسين أحواله الاقتصادية والاجتماعية لذلك احتشد مئات الآلاف تحت راية هذا الشعار, وما أن بدأ سقوط الشهداء واحداً تلو الآخر حتى تأججت مشاعر الملايين وتم الربط بين سقوط الشهداء وسقوط النظام وهنا ظهرت اللافتات والهتافات السياسية ولكن على أكتاف ومن حناجر شعب ” فاض به الكيل ” متحفز اقتصادياً واجتماعياً وعاطفياً.
ممالا شك فيه أنه كان هناك البعض ممن يعتنقون القضية السياسية في المقام الأول ولكن لم يكن لهم أي دور في تواجد هذه الحشود الهائلة لعدم قدرتهم على التوعية السياسية من قبل ولكنهم وجدوا ضالتهم واكتمل العقد باللؤلؤة المفقودة “قوة الشعب”
.. وما أن سقط النظام حتى سقطت معه كل الأقنعة وتحولت الوسيلة إلي غاية وانصرف الجمع كلاً إلي مآربه وأعيد إلى الأذهان مشهد جماعة السهام يوم موقعة أحد , فها هو الشعب الآمل في الغنائم الاقتصادية غادر الميدان وتفرغ للفئويات , وها هم الساسة الطامعين في الغنائم السلطوية تركوا الميدان وتفرغوا للعرش , الجميع رحل قبل النصر إلا قلة مؤمنة بقضية وطنها فبقت , وتنوعت الشعارات بعد توحدها واختلفت وتنازعت ففشلت فذهب عطر الميدان .
.. ” ما صَحَّ بناءٌ إلا بقوة قواعده” والقواعد القوية ليست ” نشطاء سياسيين أو أعضاء ائتلافات ” هذه المسميات الجديدة على الأسماع والأذهان والتي لا يعرف الكثيرون ما هي مقوماتهم العلمية والثقافية وخلفياتهم ووجهتهم السياسية , وهل هي مسميات وظيفية أم وطنية أم مجرد ألقاب شرفية حصل عليها كل من شارك في الثورة ؟! ثم فوجىء المصريون بهم وكأنهم خلايا سرطانية تسرى في الوسائل الإعلامية تتحدث عن الثورة ودورهم فيها واختلط الحابل بالنابل ما بين مشارك أو قيادي أو مشاهد وفى جميع الأحوال فقد لعب الإعلامِ دوره المضلل المعهود ونَصَّبهم جميعاً متحدثون رسميون باسم الثورة والمصريين , وبمجرد تناول المشاهد البسيط لمخدر أسمه “ناشط أو ائتلافي” تصبح لديه القابلية لالتهام إناء العسل المسموم وينطلق بأفكار مسمومة ليتعامل بها مع كافة القضايا المثارة الآن.
.. قتلتنا الأنظمة السابقة فكرياً وثقافياً وبالتبعية سياسياً وشوهت منابرنا الدينية واعتقلت كل بادرة قيادية وأطفأت كل بارقة أمل علمية والآن يسير النشطاء السياسيين فوق جثثنا يمتصون دماءنا , وزرعوا بذرة خبيثة في أرض ٍ طيبة وعزموا على صناعة جيل جديد ربما يكون الأسوأ على الإطلاق.
.. ” إذا حضر الماء بطل التيمم” إن كنا نريد إصلاح واستكمال ثورتنا فليصمت كل من لا يعلم ويفسح المجال لرجال الدين والمعلمين والعلماء فهؤلاء هم قواعد الانطلاق لكل بناء مكين, وحتى يذوب الجليد لابد من سطوع شمس مصر استيقظوا من ثباتكم اخرجوا من بياتكم الشتوي لتوأدوا رسالتكم وسيروا في الأرض الطيبة ونقبوا عن البذرة الخبيثة التي زرعها الجهلاء في كنانتكم وطهروها بمياه التقوى والعلم والثقافة , واعلموا أن عملكم لن ينقطع أبدَ الدهر ولكن إن تخاذلتم فستنبت تلك الزرعة في أحضاننا يرعاها الآباء ويحصد طرحها الأعداء.
http://www.egynn.com/2012/03/26488.html

ابو الفاروق
06-03-2012, 08:09 PM
http://www.elfagr.org/index.php?option=com_content&view=article&id=137128:%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%82-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%AD%D8%AA%D9%89-%D9%8A%D8%B0%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%AF&catid=102:%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1&Itemid=146
المقال فى جريدة الفجر

د.عبدالله محمود
07-03-2012, 12:31 PM
جزيل الشكر على نقل المقال
جزاكم الله خيراً

صوت العقل
07-03-2012, 04:52 PM
شكرا على المقال الرائع .. جزاكم الله خيرااا