مشاهدة النسخة كاملة : بيوتنا مرحة


abomokhtar
29-05-2012, 11:33 AM
يظن بعض الرجال أن السيطرة والقمع والعبوس والتوجيهات الحادة واللوم والتقريع بكل قوة.. من وسائل السيطرة على بيته، وهي وسيلة ناجحة في إدارته، متناسيًا حال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، فقد كانت الدعابة والمرح والانبساط الصادق هو النهج الذي يحرك الأمور، تراه في أحد أسفاره يداعب أمنا عائشة- رضي الله عنها- يسابقها لكنها سبقته، ومرت الأيام وكبرت في السن، وكثر اللحم في جسدها وتكررت الملاعبة، ولكن الفوز كان من نصيبه صلى الله عليه وسلم وقتها، فقال لها بروح الزوج المحب لزوجته: «هذه بتلك السبقة».
نتمنى أن ترجع بيوتنا سعيدة لا تخلو من دعابة ومرح، ألم يكن النبي "صلى الله عليه وسلم" بسامًا طوال وقته، بل من أبش الناس وأطيبهم نفسًا صلى الله عليه وسلم.
ليس عذرًا أن الواحد منا يحمل ما يحمل، ووقته مشغول، وضغوط عمله صعبة عسيرة، فهذا خير البشر صلى الله عليه وسلم يحمل أكبر دعوة في تاريخ البشرية، ومع هذا.. كان إذا دخل بيته بسامًا بشوشا، فهو واحد من أهل البيت، يكنس داره، ويخصف نعله، ويرفل ثوبه .. فقد كان في مهنة أهله صلى الله عليه وسلم .
بل كان له شأن مع صغار البيت.. فكان الحسن والحسين- رضي الله عنهما- يركبان على ظهره، وفي مرة كان يَصُفُّ عبدالله وعبيدالله وكثيرًا من بني العباس- رضي الله عنهم- ثم يقول: «من سبق إلى فله كذا وكذا»، قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم.. وهكذا كان صلى الله عليه وسلم في بيته.
الحياة فن يا سادة..
يقول الأستاذ أحمد أمين في كتابه الرائع فيض الخاطر: «ليس المبتسمون للحياة أسعد حالًا لأنفسهم فقط.. بل هم كذلك أقدر على العمل، وأكثر احتمالًا للمسؤولية، وأصلح لمواجهة الشدائد، ومعالجة الصعاب، والإتيان بعظائم الأمور.. وهناك نفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء شقاء.. ونفوس تستطيع أن تصنع من كل شيء سعادة.. فهناك المرأة في بيتها كل شيء أسود في يومها؛ لأن طبقًا كُسر؛ ولأن نوعًا من الطعام زاد الملح فيه ولأن... وهناك رجل يُنغص على نفسه حياته، وكذلك على كل من حوله، من كلمة يسمعها أو يؤولها تأويلًا سيئًا، أو من عمل تافه حدث له».
ويقول: "الحياة فن.. وفنٌ يتعلم.. فاجتهد أن تتعلم هذا الفن، والنفس الباسمة هي التي تجيد أن تقوم بهذا الفن، فترى الصعاب مذللة يمكن التغلب عليها، ترى الجبال الشاهقة وديانًا سهلة يمكنها المشي عليها.. أما هذه النفس العابسة فترى الصغائر عظائم يصعب تجاوزها، ودائمًا تتعلل بلو وإذا وإن.. إن صاحب هذه النفس يود أن ينجح في حياته.. أن يحقق أحلامه وطموحه، ولا يريد أن يدفع الثمن، إنه ينتظر السماء حتى تمطر ذهبًا وفضة أو تنشق الأرض فتخرج له كنزًا".
فهيا نتعلم فن الحياة، ونملأ بيوتنا مرحًا وسعادة وحبًّا.