مشاهدة النسخة كاملة : محاولة فاشلة لخلق قصة حب


abomokhtar
18-07-2012, 10:27 PM
هي تحب رجلًا ولم تفقد هدوءها بعد؛ لتتهور وتخبره بذلك، وهو ـ أي الرجل ـ الذي تُحبه يحب أخرى يتورع عن فقدانها إذا تجرأ وأعلن عما يضطرب في قلبه نحوها، هي ـ أي البنت التي يحبها الرجل الذي تحبه ـ أنثى، ولم تخبره حتى هذه اللحظة، تحب رجلا آخر تظن أن اعترافها له يعد خرقًا للطبيعة بأن تبادر أنثى بتسليم نفسها ببرود لرجل مجهول، الرجل الرابع في الحكاية لا يحب أحدًا؛ لأنه يثق بحكمة تقول: "النساء حصالة مهما ادخرت فيها ستجدها فارغة في قمة احتياجك".
هذه الحكمة أنا من ابتدعها، وعلى ذكر ما أبتكره فكل الأربعة الذين أوردتهم فيما سبق من نسج خيالي، ويشرفني أن أضعهم في شبكة وأحركهم حسب مزاجي، كما سيتبع:
هي تحب رجلًا ولم تفقد هدوءها بعد؛ لتتهور وتخبره بذلك.
وكنت سأدفعها لتفعل ذلك لأنها تدين له بسعادة دغدغت قلبها ذات مرة. أنا أريد أن أجعل أنثى تحب رجلا تحت وطأة فكرة لذة عابرة، لا يمكن توسيع حجمها مهما بذلت، ولأني فارغ سأضعها في موقف محرج: كانت في مطار جدة الذي يُطلق عليه اسم شخص أعرفه جيدًا ولا يعرفني ككل الأشخاص الذين لا يعرفونني ولا أرغب في ذلك، كانت في مطار جدة تنتظر الموظف أن يخبرها عن رسوم الشحن الزائد، وحين أخبرها لم ترتبك رغم أنها تعلم أنها لا تملك ما يكفي من المال.
هنا كان ممكنا أن أضع رقمًا معينًا من خلاله يمكن تصنيف الطبقة التي تنتمي إليها، فلو كان المبلغ كبيرًا ولا تملك منه حتى الفتات فهي من طبقة العمال، الطبقة الغير مُعترف فيها بعد رغم أنها تمثل أكبر شريحة، وأقول أكبر بناء على وضعي المادي، فبحسبة صغيرة اكتشفت أن الأجر الذي أحصل عليه من وظيفتي الحقيرة هو 93 ريالا بمعدل أقل من أجر أي عامل، وهناك فرق شاسع بحجم خططهم التنموية التي لا تنفّذ بين العامل والحرفي.
سأضطر أن أعود لخلق موقف الأنثى البطلة في هذه الحكاية، بعد أن فتشت في جيب بنطلون الجينز كآخر مكان يمكن أن تعثر فيه على مبلغ تسدد به قيمة الوزن الزائد ابتسمت في اللحظة الدقيقة تمامًا، ابتسامة صغيرة تبدأ من طرف فمها الأيسر في مجال رؤية الرجل الذي كان يتلصص عليها من الزاوية، أخرج من جيبه العلوي الواقع فوق قلبه كإشارة من الرجل الذي اخترع أول ثوب سعودي أن كل ما يرتبط بالقلب يتأثر بالمال، سدد عنها المبلغ كاستجابة طبيعية لأي رجل شهم في ضائقة كهذه.
هو شهم حتى لو أنه كان سينظر باحتقار في موقف مشابه إن كان الطرف الآخر في الموقف رجل أو أنثى لا تستحق المغامرة، ولكن سيبقى في نظري شهما، عطفا على معدنه وشخصيته التي أريد أن أجعله عليها. ومضى دون أن يلتفت نحوها ويمنحها رقمه في حال رغبتها في رد الدين دون أن يشعر أنها مدينة له، وهي أيضًا لم تعتبر موقفه معروفًا تنصهر حدودها معه كنوع من التودد، ومضت، ومضى، دون أن أبقي لهم طريقة في أن يمتن أحدهما للآخر، وكأن ما حدث حظ جميل لم يكترث له أحد، وهذا لا يحدث البتة.
وهو أي الرجل الذي تُحبه يحب أخرى يتورع عن فقدانها إذا تجرأ وأعلن عما يضطرب في قلبه نحوها.
في هذه الحكاية سيكون طبيعيًا أن الرجل البطل هو الشهم، وإن كنت لم تستوعب من يكون يمكنك مراجعة الحكاية السابقة، وسأتصرف بتلقائية وأجعله هو نفسه بينما يمكنني أن أبتكر شخصًا جديدًا ولن أفعل. في الطائرة المتجهة من جدة إلى مدينة بعيدة، هذه المدينة حسب ظهور الأسماء في الأحوال الجوية كانت تحتل المرتبة الأولى بصفتها العاصمة ثم تراجعت إلى المرتبة الثالثة بصعود مدينتين مقدستين بما يوحي أن هذا البلد يعطي أولوية للدين وطبقًا للواقع لا يمكن تصديق ذلك.
في الطائرة المتجهة من جدة كانت الأنثى في الدرجة السياحية وبجوارها مقعد شاغر خبثا مني جعلته للرجل الشهم، وبكل بلادة طلبت الأنثى من المضيف الأنيق والبليد في الوقت ذاته أن تنقل هذا الرجل بعيدًا حتى لو اضطر لمغادرة الطائرة لتحقيق مبدأ عدم الخلوة، على الرغم من أن أي مبدأ في العالم يفترض أن يكون منطلقًا من إتاحة الفرص عكس ما لدينا، فنحن نستند على نظرية المنع أولا، وللتبرير في حين أن الإتاحة هي الوضع الطبيعي، فأنا أفكر بطريقة رجل بدائي كان في تاريخ غير الذي أعيشه الآن.
استجاب المضيف وقذف بالرجل الشهم في مقعد فارغ في آخر الطائرة، وللأمانة التي بت أتحلى بها منذ يومين فقد خطر ببالي أن أضع الرجل الشهم بجوار خادمة كانت ستحب أن تنشغل في الطريق بمغازلة سعودي كشرف لن تحظى به فيما بعد، شرف لأنها تعد نفسها أقل من أن ترفع أمنياتها رغم أنها أنثى ولكن ***يتها تجعلها أقل، يا لنا من محظوظين بال***ية التي بين يديهم، يديهم أي من يملك عِصمة أمرنا، رضي الله عنهم ما أعدلهم. بعد أن صارت الطائرة على مقربة من الهبوط ظهر مضيف آخر أنيق أيضًا وبليد ومبتسم ببلاهة مجنون يدفع عربة المبيعات ثم توقف عند الرجل الشهم ووضع على طاولته عُلبة صغيرة، عبارة عن هدية من شخص كما وضح المضيف الجميل، ولو أنه متاح لي أن أضيف حرف التاء فيصبح "شخصة"، ولكن المعنى لا يستقيم حين أقرأ ذلك بصوت مرتفع، فارتأيت أن أترك الهدية من شخص مجهول لم أُعرّفه حتى الآن.
هي أي البنت التي يحبها الرجل الذي تحبه أنثى ولم تخبره حتى هذه اللحظة تحب رجلًا آخر تظن أن اعترافها له يعد خرقًا للطبيعة بأن تبادر أنثى بتسليم نفسها ببرود لرجل مجهول.
هذه الحكاية الثالثة من سلسلة قصصي الساذجة التي لا أتوقف عن كتابتها، فعندما تلتقي فاتنتان في مكان ما كصالة مطار العاصمة مثلا، إحداهن غريبة الأطوار بناء على تصرفاتها التي ألصقتها بها مجازا لأن الأجدر أن أقول تصرفاتها التي فعلتها من تلقاء نفسها لأني منحتها حرية التصرف بعفوية فطرتها، فالجدير بالحديث أن أبين أنه حينما تلتقي فاتنتان فإن الشيطان يضع قدمًا فوق قدم، رغم أنني لا أعلم هل هو نحيل ولكني أتخيله صعلوكًا بما ينفي عني أن أكون نسخة شيطانية في جسد آدمي، لسبب بسيط أنني حتى لحظة كتابة هذه الحروف مازلت أتمتع بكل ترهل لحمي رغم أنف ضيقي مني.
انتبهت لأمر دون أن أعيد قراءة ما أسلفت في الثرثرة به وهو اعتمادي على ذكر سبب لكل فعل، وذلك ربما لمشكلة في طريقة تفكيري، حيث أربط كل شيء بدافع يجعله يحدث، حتى في الحب هناك سبب، وإن كنت قلت يومًا ما أن معرفة السبب تفسد جوهر الرغبة فقد كذبت. وحينما وضع الشيطان قدمًا فوق قدم هو يتيح الفرصة لفاتنتين فرصة العبث بكل الرجال دون أي تدخل منه، وهو حين يفعل ذلك يسلم زمام الفوضى ليد أنثى، ولكنهن بريئات جدًا، فلم أستسغ أن أقوم بدفعهن لممارسة أي نوع من الإرهاق على قلب أي رجل تواطئا مع قلبي أولا، لأني سأرغب في أن أكون جزءًا من أي حكاية غواية انتقامًا من فقر تاريخي الحياتي من أي إغراء وقد يعود ذلك لشخصيتي المُنفرة لكل ما هو ناعم.
تبًّا ليّ. فالحكاية هي خارج حدودي وأضطرني أحشر نفسي كأنثى شكاكة تُضيع وقتها في ملاحقة حبيبها الخائن، يا ملعونة كم تحتاجين من الوقت حتى تتخذي القرار المريح؟ تخلي عنه وذلك أسهل من ملاحقة شكوكك. ولحظة أن التقت الفاتنتان وجها لوجه كان هناك نوع من الرغبة في أن ترتميا في أحضان بعضهما كترف أنثوي يعجز معه السبب والدافع في التكهن عن مغزى هذه الرغبة ولكنها حدثت، تبادلا رقميهما، بعد أن تعارفت أرواحهما ومضيا، قبل أن تعرف إحداهما اسم الأخرى، وهذا نادرًا ما يحدث، ولكنه حدث.
الرجل الرابع في الحكاية لا يحب أحدًا لأنه يثق بحكمة تقول: "النساء حصالة مهما ادخرت فيها ستجدها فارغة في قمة احتياجك"
ولأنها الحكاية الرابعة فمن البديهي أن أخلط الشخصيات السابقة في حكاية واحدة، والخلط هو مهارة أنثوية بامتياز، فلو تخيلت أن من يكتب هذه الحكاية أنثى ستكون أسهل وأكثر سلاسة، فقد تخبرك عن وجود رجل يحب أنثى تحب رجلًا آخر يحب أنثى أخرى تحب رجلًا لا يحب أحدًا، اختصرت الأمر وليس لأنها تجيد الاختزال ولكن لأنها ستخبرك أن الرجل الذي يحب أنثى طويل ووسيم ويقدس الوجبات السريعة، وكان على علاقة بابنة جارهم الذي كان يخون زوجته مع خادمة خالتها التي كانت أرملة بعد وفاة زوجها في عملية انتحارية حدثت قبل ثلاث سنوات حينما كانت هي في الصف الثالث ثانوي لحظة أن تعرفت أول مرة على صديقتها التي صارت فيما بعد زوجة لأخيها الذي كان يبحث عن أنثى بمميزات تشبه فنانة ظهرت في مسلسل تلفزيوني في دور مسترجلة قبل أن يحقد عليها لأنها تبدلت شخصيتها في آخر حلقة التي لم يتمكن الجميع من مشاهدتها بسبب انقطاع التيار الكهربائي حينها دون إشعار سابق.
ولأنه لم يحدث في بلد مجيد كهذا البلد أن يتم إشعارنا بما سيحدث لنا، فمن الأوفر في الحديث عدم تمني الحصول على تقدير طالما أنك مجرد فرد، وأي فرد آخر قد يسد فراغ حضورك كما يفعل أبي حين يحضر لنا ضيفًا طارئًا ويأمرني باختيار نعجة لتقديمها له ويختصر الأمر بقولة: أي "وحدتن" منهن تسد اللزوم.


منقول