مشاهدة النسخة كاملة : السادة الزملاء الافاضل انتم جميعا مدعوون لحضور الافطار الجماعى بالنقابة العامة للمعلم


محمد عباس 011
30-07-2012, 01:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
..........................
السادة الزملاء الافاضل .............. السيدات الزميلات الفضليات
بعد التحية
انتم جميعا مدعوون لحضور الافطار الجماعى بالنقابة العامة للمعلمين بالجزيرة بالقاهرة ... بمبنى النقابة العامة ... وذلك يوم السبت الموافق 16 من رمضان .. لاحياء ذكرى فطار العام السابق .. يبدأ اليوم بحضور اجتماع المعلمين مع الدكتور الحلوانى وبعض اعضاء مجلس ادارة النقابة العامة ..بعد صلاة العصر مباشرة ( اى من الساعة الخامسه حتى الساعة السادة والنصف بعد العصر ) لمناقشة ورقة العمل الذى قدمها نقيب المعلمين للسيد الرئيس من أسبوع ..... ومناقشة احوال وقضايا المعلمين ودور النقابة العامة فى الوقوف بجانب قضايا المعلمين .. وبعدة افطار جماعى للسادة الحضور وعلى كل معلم التصرف فى افطارة بمعرفتة .. وبعد الفطار لقاء حر مع الزملاء والاصدقاء واحاديث جانبية
تنبيـــــــــــــــــه :
......................
على كل من يريد عرض أمر من الامور على السادة الحضور كتابة ورق عمل وتسليمها للجنة المنظمة وطلب التعليق فى عجاله عليها
نشكركم لتعاونكم على انجاح فطار العمل .. وكل عام وانتم بخير..
اخوكم / محمود عبدالرحيم الاشقر ....

منقول من صفجة اتحاد معلمى مصر على الفيس بوك

مسز إيمي
30-07-2012, 02:41 AM
وماذا عن النقابات الفرعية في باقي المحافظات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟

عوضكو
30-07-2012, 02:44 AM
لو سمحت أنا مش من القاهرة ممكن أعرف مضمون ورقة العمل الذى قدمها نقيب المعلمين للسيد الرئيس من أسبوع ..... وما هو الدور الذى قامت به النقابة العامة فى الوقوف بجانب قضايا المعلمين ؟

waleed shoaib
30-07-2012, 05:23 AM
طب كانت الفلوس دي أتوفرت لحاجة أنفع

الأستاذ نادي ربيع
30-07-2012, 10:44 AM
طب كانت الفلوس دي أتوفرت لحاجة أنفع

فلوس اية يا استاذ ؟ بيقولوا كل واحد يتصرف في افطاره بمعرفته؟!!!!!!!!!!!!!!!!!

صبري الحبيشي
30-07-2012, 01:28 PM
ليه هو النقابة افتقرت عشان مفيش فيها تمن فطار للمعلمين يبطلوا سرقة شوية

مستر مصطفى الناقه
31-07-2012, 09:50 AM
والله يااخى حاجه تكسف النقابة بتاعتنا دى تعتبر اغنى نقابة فى مصر لكن متعرفش ايه اللى بيحصل
نقابة المهندسين العامه والفرعية فى كل المحافظات والمراكز بتعمل افطار كل سنه وافطار افطار وبتعمل رحلات حج وعمرة بالتقسيط وحجز شقق وحاجات محترمة كتير
احنا ونقابتنا فين من ده كله

alien2
31-07-2012, 02:21 PM
ثروت الخرباوي يكتب عن الجماعة التى كان منها وكانت منه «الحلقة الأولى»

هل تريدون أن ألخِّص لكم الجزء الأول من كتاب «قلب الإخوان» فى كلمة أو فى بضع كلمات؟ إذن فاسمعوا خفقات قلبى وهى تقول:
فى جماعة الإخوان كانت لى أيام.. صرت أنا من الإخوان وصار الإخوان منى.. وفى الإخوان نزفتُ نفسى وللإخوان سكبتُ نفسى وفى الإخوان نسيتُ نفسى.. فتلاشيتُ كقطرة ماء تبخرت.. وحين يوم وقعت قطرة الماء من السحابة فتألمَت ومن ألمها ستنبت خضرة.. وذات يوم عرفت قطرة الماء أن الضياء ينير الطريق ولكنه أحيانا يعمى البصر
مرت سنوات وأنا فى قلب الإخوان، رأيت فيها أفكارا ترتفع وأفكارا تتهاوى، شخصيات حملت الجماعة، وشخصيات حملتها الجماعة، كان فى ظنى أن التنظيم ما هو إلا وسيلة لتوجيه طاقات الفرد الإبداعية وتنميتها، فإذا به وسيلة لتكبيل الفرد فى سلسلة بشرية طويلة أشبه ما تكون بسلسلة العبيد التى كانت تُحمل إلى أمريكا من بداية القرن السادس عشر، الفارق أن «كونتا كنتى» الشاب الإفريقى المسكين الذى كان يتم أسره من غرب إفريقيا قهرا وغصبا ليدخل فى سلسلة المستعبدين، كان لا ينفك عن التمرد على العبودية إلى أن يستنيم لها مجبرا، ولكنه يظل أبد الآبدين مستعبد الجسد طليق الروح والنَّفْس، ثم تخرج من صلبه بعد ذلك أجيال لا تعرف إلا العبودية فتظنها الحياة وحينها تكون هذه الأجيال هى أعدى أعداء الحرية، ويكون السجان هو سيدها وقُرَّة عينها، أما الذى يفتح لها الأبواب المغلَّقة لتنطلق إلى حريتها فهو العدو الذى يجب أن تقاومه.
عبودية التنظيمات الحديدية هى أشد وأنكى من عبودية «كونتا كنتى» إذ إنها عبودية الأجساد والأرواح والأنفس، هى أشبه ما تكون بقصة «فاوست»، الذى كان يبحث عن «حجر الفلاسفة» فباع برغبته روحه للشيطان، ما أقسى أن ترهن روحك لآخرين حتى ولو كانوا ملائكة، وما أروع أن تكون عبدا لله وحده، حين قرأت ترجمة الفيلسوف المصرى عبد الرحمن بدوى لقصة «فاوست» لجوتة، أدركت أن شقاء الإنسان لا يكون إلا بفعله، ولكن هل يدرك الإنسان حجم المأساة التى تنتج عن تفريطه فى حريته! لا شك أنه قد لا يدرك عمق المأساة وقت التفريط فى الحرية، ولكنه قد يعرف فداحة فعله بعد حين، وقد يظل عمره كله جاهلا ما وقع فيه، انظروا إلى هذا الشاب غض الإهاب، الذى لم يُعجم عوده بعد، والذى تدفعه عاطفته الدينية إلى الوقوف فى صف السلسلة البشرية المستعبدة منتظرا دوره فى التكبيل التنظيمى على أحرّ من الجمر وكأنه يتعبد لله حين يصبح فردا يقوده راعى البشر، ما أغبانا حين يقودنا الراعى بعصا الدين والأخلاق والشريعة، ونحن نهش له، يا لله! كم من العبوديات تُرتكب باسم الله، أصاب طاغور الحكيم حين قال «ثقيلة هى قيودى والحرية هى مناىَ ولكننى لا أستطيع أن أحبو إليها، فمن استعبدونى رفعوا لافتات الفضيلة وجعلوها حائطا بينى وبين حريتى».
سر عضو «الإخوان» الذى كـــــان عميلا لأمن الدولة
هل من الممكن أن أصف لكم مشاعرى وأبث لكم شجونى، أنا الآن أحلِّق فى السماء، كالطير يجنح نحو الأفق، أو كسهمٍ مَرَق، ولعلنى اليوم أعرف مدى سعادة الطير وهو يجوب الآفاق حرًّا، لا تظن أبدا أن الهواء هو الذى يحمل الطير حين يحلق، الحرية فقط هى التى تحمله، ما أعظم الحرية حين تداعب مشاعر من عاش مقيدا مكبلا، كانت آخر أيامى فى تنظيم الإخوان هى أسعد أيام حياتى، ويالها من أيام، كنت قد عقدت العزم على التخلص من تلك القيود الثقيلة التى أقعدتنى وعرقلتنى وحاولت تكبيل أفكارى، فالنَّفْس السوية ترفض الاستبداد حتى ولو كانت قيوده من ذهب، أو كانت جدرانه قد شُيِّدت من لافتات الفضيلة، ها هى اللحظات الأخيرة تداعب خيالى من جديد، تحث ذاكرتى على العودة إلى لحظات الخروج، تلك اللحظات التى اعتبرتها أزمنة قدسية، زمن الحصول على صكّ الحرية هو الأعظم فى تاريخى، قبلها نشبت معركة طاحنة بين قلبى وعقلى، هل أترك الجماعة، أم أظل فيها حتى ولو تحكَّم فيها الاستبداد؟فتحتُ حوارات مع أصدقائى عن قيمة الحرية، قلت لعاطف عواد الذى ترك الجماعة قبلى: عظيمة هى قصة «وداعا شاوشنك» تلك القصة الرائعة التى كتبها ستيفن كينج، ثم تحوَّلَتْ إلى فيلم سينمائى بطولة تيم روبنز ومورجان فريمان، دخل روبنز سجن شاوشنك ولكنه ظل عشرين عاما يبحث عن حريته إلى أن حصل عليها فى الوقت الذى أصبح فيه هذا السجن هو كل الدنيا لمساجين آخرين، لا يعرفون غيره ولا يتقبلون سواه كأنه هو الحياة، أظن جماعة الإخوان تحولت إلى سجن بشرى لا يحفل كثيرا بقيمة الحرية، يستحقون الرثاء من عاشوا فى الظلام وينزعجون من النور، من يقبعون فى أقبيتهم وسراديبهم الضيقة وهم يحسبون أن الطريق إلى الدين والفضيلة لا يكون إلا من خلال الأقبية والسراديب المغلقة.
قال عاطف «الذى أصبح فى ما بعد عضوا بالهيئة العليا لحزب الوسط»: كأنك تستعيد يا صديقى قول لامارتين «أى قيمة للفضيلة إذا لم توجد حرية؟!».
قلت له: لامارتين! لو سمعوك لقالوا إنك صبأت وأصبحت من الليبراليين أو العلمانيين وساء أولئك رفيقا، ثم استطردت وأنا أغالط نفسى: ولكن هل يطاوعنى قلبى على أن أترك جماعة أحببتها.. أتركها والفساد يعشش فى رأسها ويضرب بجذوره فى أطنابها.. لك أن تعرف أن عديدا من الإخوان النبهاء من أصحاب العقول النيرة والقلوب المضيئة يجاهدون داخل الجماعة حتى لا تصبح خاوية على عروشها بلا مصلحين... فلماذا أتركهم وحدهم؟ أكون حينئذ قد تخليت عنهم.
قال وقد نفد صبره: يا سيدى.. الإصلاحيون لا يستطيعون التنفس داخل جماعة «كتم النفس» هذه.. عبد المنعم أبو الفتوح يظن أنه يستطيع الإصلاح ويحاول أن يجمع معه جيل الوسطيين مثل إبراهيم الزعفرانى وآخرين، لكنهم جميعهم يعيشون على وهم لن يتحقق، إن الفريق الذى سرق الجماعة يقوم بدوره بنجاح ملحوظ وهم يسحبون حاليا كل الملفات التى كان أبو الفتوح مسؤولا عنها، أصبح عبد المنعم الآن يجلس فى الجماعة بلا عمل، وأظن أنه سيستيقظ ذات يوم من حلم الإصلاح هذا على قطار الإخوان وقد ابتعد عنه وتركه وحيدا بلا جماعة.
تأملت قوله وانتابتنى لحظة صمت وسرعان ما قطعتها قائلا: أصدقك القول، لقد كنت أشعر منذ آماد طويلة أن هذه الجماعة سجن وقيود وأنا السجين الذى لا يستطيع أن يحبو إلى حريته.. ثقيلة هى قيودى.. ندت عنى ابتسامة ساخرة وأنا أقول: أخشى أن أكون قد أدمنت السجن والسجان.
الآن وبعد سنوات عديدة من يوم الخروج من الجماعة أجلس فى غرفة مكتبى وحيدا أخطّ هذه الذكريات، أذكر آخر لقاء جمعنى بالمستشار مأمون الهضيبى، كان ذلك فى غضون عام 2002 صدمنى الرجل بكلماته الجافة الخشنة، أهكذا يكون الدعاة! كان اللقاء قد دفعنى إليه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من أجل تخفيف حدة الهجوم ضدى داخل الجماعة، كان من المفترض وفقا لما وقَرَ فى يقينى أن لقائى المستشار مأمون الهضيبى سيكون ثريًّا له قيمته، فالرجل يحمل فوق كتفيه تاريخا ويختزن فى مكنون ذاته كمًّا متنوعًا من المعارف القانونية والخبرات السياسية والتنظيمية، إلا أننى تذكرت عند لقائى الأخير معه ذلك المثل العربى الذى يقول «أن تسمع بالمعيدى خير من أن تراه». ويبدو أن معارف الإنسان وخبراته قد تكون عبئا عليه أو يكون هو عبئا عليها إن لم تكن له بصيرة وسِعة أفق، كذلك الجواهرى الذى وهبه الله ذهبا وجواهر نفيسة فقذفها فى اليم إلى غير رجعة!
كان عديد من اللقاءات الإخوانية التنظيمية قد جمعنى بالمستشار الهضيبى سابقا إلا أنه فى الغالب الأعم كان قليل الكلام يميل إلى الاستماع ولا يعقّب إلا بكلمات قليلات... وكان معظم الحوارات التى جمعتنا تدور فى مجملها حول شؤون تنظيمية وحركية لا علاقة لها بالفكر كما لم تكن لها علاقة بالإنسانيات والمشاعر، لذلك لم تتح لى الفرصة كى أختبر عن كثب بصيرة هذا الرجل وقلبه، إلا أنه ظهر لى من خلال خبرتى فى التعامل معه كما ظهر لآخرين أنه يتسم بضيق الصدر وسرعة نفاد الصبر.
كان لقائى إياه هو خاتمة قصتى مع الجماعة، حين تكلم ظهرت على قَسَمَات وجهى مخايل الدهشة حتى إننى كدت أهزّ رأسى لأعيد عقلى إلى مكانه المعهود، هممت بالوقوف للانصراف، فدفقات الكلام الذى خرج من فمه توحى بأنه كان يعيش فى مرحلة ذهنية متأخرة.
أشار إلىّ بيده يأمرنى بالجلوس وهو يقول: اقعد.. اقعد.. هل تظن أن «دخول الحمام كما الخروج منه؟!».
جلست وأنا أقول فى نفسى بعد أن غالبت ابتسامة طفت على سطح وجهى «ما دام الرجل يعتبر بيته حمَّامًا فكان من المفروض أن أدخل بقدمى اليسرى وأقول وأنا داخل: اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث».
ودون تمهيد بادرنى بلهجة يشوبها الاستعلاء وكأنه رئيس مجلس إدارة شركة يخاطب أحد الموظفين عنده: أنت أخطأت فى حق الجماعة يا ثروت.. ويبدو أنك لم تعرف ما قاله حسن البنا.. قال «نحن جماعة انتظمنا فى صف واحد فإذا خرج منا واحد لن يقول الناس خرج واحد ولكن سيقولون صف أعوج»، تركته يسترسل فى حديثه إلى أن قال: نحن نتحالف مع من يستطيع أن يقرِّبنا من دوائر صنع القرار.. نحن تحالفنا فى «الأطباء» مع حمدى السيد ومع حسب الله الكفراوى فى «المهندسين» لهذا السبب.. وأى شخص قريب من دوائر السلطة العليا سنتحالف معه ولن نقبل أن يخرج أى واحد منا عن هذا القانون.. هذا هو دستور الجماعة.. دستور الجماعة.. وأنت رجل قانون.
انتظرت إلى أن استكمل كلامه ثم قلت: قانون التحالف مع من يكون قريبا من السلطة أظن أنه من الممكن أن يكون وسيلة مرحلية وليس دستورا دائما.
ظهر الضيق على وجهه ثم قال بنفاد صبر: لا تجادلنى، أنت رجل قانون، لماذا وضعتْ الدولة قانونا للمرور؟ طبعا حتى لا تتصادم السيارات، ماذا لو خالفت سيارة قانون الدولة وقطعت الإشارة الحمراء؟ قطعًا ستقع حوادث وستصطدم السيارات بالمارة، ماذا لو أقام أحدهم بناية دون ترخيص من الحىّ وفقا للقانون؟ سيصبح الحال فوضى... هناك قانون للعقوبات، مَن يخالفه يكون قد ارتكب جريمة، أليس كذلك؟
تنفست الصعداء وأنا أقول: لا ليس كذلك.
- ماذا تقصد؟ قالها مقاطعا وهو يبدى استغرابه.
أكملت كلامى وأنا أتناول كتابا كان على المنضدة وكأنه لم يقاطعنى: هناك مواد فى القانون تتم محاكمة الإخوان بموجبها مثل المادة 86 من المدونة العقابية.. وبالمناسبة الإخوان يخالفون هذه المادة ويرتكبون بمخالفتهم هذه جريمة إنشاء تنظيم دون أن يكون لهذا التنظيم رخصة من الجهات الرسمية.. فإذا كان قانون الجماعة فى رأيك يجب أن يتم احترامه كما نحترم قانون المرور وقانون العقوبات فحينئذ يجب أن نعلن عن حل الجماعة لأنها تخالف قوانين الدولة، لأنها نشأت دون رخصة كما البنايات التى تنشأ من غير رخصة، وإلا لأدت هذه المخالفة إلى اصطدام السيارات ووقوع الحوادث وإشاعة حالة فوضى.. أليس كذلك؟
هبَّ الرجل واقفا وهو يقول بعصبية وحِدّة وهو يشير إلى الباب: اتفضل يا أستاذ المقابلة انتهت.
تجمع فى ذهنى فى تلك اللحظة كل العمر الذى قضيته فى الجماعة وكل ما مر بى من أحداث، مرّ شريط الذكريات كأنه دهر ولكنه مرّ فى جزء من الثانية، رأيت أمام عين خيالى تلك المشاهد الرائعة التى شاركت فيها أو اقتربت منها أو تفاعلت معها، رأيت أشخاصا أفذاذا فى الفقه والفهم وسِعة الأفق، رأيت عقولا موسوعية وقلوبا نورانية، والآن واحسرتاه أرى جماعة بلا قلب.. هذا هو قلب الإخوان!! فى مكانه فراغ!! فقد تبخر القلب وتناثر خلف من ماتوا ومع من خرجوا.. اندثر القلب وضاع مِن يد مَن قَلَبَ الإخوان إلى ناحية أخرى.. الآن آن لى أن أختار.. آن لى أن أحسم أمرى.. أحببت جماعة الإخوان ووهبتها قلبى ومشاعرى وعقلى، فضّلتها على نفسى وبيتى وأولادى، لم أكن أحبها لذاتها كذلك المحب الولِه العاشق الذى يتدله حبا فى محبوبته لذاتها، ولكننى أحببتها لما ترمى إليه، لأنها دعوة وحكمة ووسطية وفهم واعتدال.. والآن تبدل الحال فلِمَ أبقى؟ لِمَ أظل أسيرا فى حبائل تلك الجماعة التى فقدت قلبها؟ لِمَ أرضى بالأسر والحبس فى أسوار عالية تمنع الرؤية وتحجب الرؤيا.. فلا خيال ولا إبداع؟ أأظل رهينة فى محبسهم مكبلا بأغلالهم وأنا من تاقت نفسه إلى سماء بلا قيود وأرض بلا حدود كطائر الباتروس الذى يقضى حياته محلِّقا فوق مياه البحار والمحيطات..؟ طِرْ أيها الطائر.. غادرهم.. اذهب إلى سمائك.. واحذر من أولئك الذى سيقولون لك إنك ستطير فى سماء ملبدة وتسير فى أرض مظلمة، فالنور فى قلبى وبين جوانحى، فعلام أخشى السير فى الظلماء؟ علامَ أخشى الطيران فى العتماء؟ كُنْ كالنسر فوق القمة الشمَّاء ولا تكن كدودة الأرض فى جحر كئيب وجُبٍّ سحيق.. لك نظر ولك بصيرة، فأين انتفاعك بنظرك ونظرتك؟ لله در المتنبى حين قال: وما انتفاع أخى الدنيا بناظره/ إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَم.. قُم الآن وأمعِن النظر ويجب إذا نظرت أن تحسن الخروج كما أحسنت الدخول.
قمت متثاقلا ثم قلت بهدوء وأنا أنظر إلى الناحية الأخرى: المقابلة انتهت قبل أن تبدأ.. الآن آن لى أن أختار الصواب.. أنا الآن لست معكم فى الإخوان.
كان الفرار من ضيق التنظيم فرصتى للحرية، إلا أننى رأيت وأنا خارج قلب الإخوان أشياء تحير منها الألباب وتستعصى على التصديق.
تقول الأسطورة اليونانية إن إيكاروس كان يعيش مع أبيه فى جزيرة كريت، أحب إيكاروس الطيران، فصنع لنفسه أجنحة أخذها من الطيور، ولصقها فى يديه بالشمع، ثم تهيأ للطيران، وقبل أن يطير نصحه أبوه: لا ترتفع كثيرا يا إيكاروس، لا تفكر فى الوصول للشمس، فإنك إن وصلت إليها فقدت حياتك، ولكن إيكاروس كان طموحا للمعرفة فلم يستمع إلى نصيحة أبيه وطار وطار وطار محلقًا فى الأجواء حتى اقترب من الشمس، اقترب من الحقيقة التى كان تواقا إليها، ولكن أشعة الشمس القوية الحارقة أذابت الشمع وحرقت الأجنحة فوقع إيكاروس ميِّتًا قبل أن يصل إلى مبتغاه.
فهل كنت كإيكاروس عندما حاولت أن أصل للحقيقة فى جماعة الإخوان، وهل سأنال ما ناله؟ كانت رحلتى نحو الحقيقة قد بدأت مصادفة، إذ لم يرد فى خاطرى أن جماعة الإخوان تضمر فى نفسها حقائق مفزعة لا يعرفها معظم الإخوان، فالأسرار محفوظة عند الكهنة الكبار، فى صندوق خفىّ لا يستطيع أحد أن يطّلع على ما فيه، إذ إن العتمة التى يعيشها أفراد الجماعة تحجب عنهم نور الحقيقة، وحين سرتُ وراء بصيص الضوء أرانى الله ما يعجز العقل عن استيعابه لأول وهلة، فمن عاش فى العتمة زمنا يفاجئه النور فيعشى بصره للحظات ويصعب على حدقتيه استيعاب الضياء.
كان من قدر الله أن تم القبض على بعض إخوة لى من الإخوان عام 1999 فى القضية التى عُرفت بقضية النقابيين، كان هؤلاء الإخوة يحضرون اجتماعا خاصا بقسم المهنيين بالجماعة فى مقر إحدى الجمعيات التابعة لنقابة المهندسين فى منطقة المعادى، وعندما تم القبض عليهم كان رد فعل الجماعة على المستوى الإعلامى والسياسى رديئا بطيئا، وحين وجدت أن الجماعة لم تُلقِ بالًا لهذه القضية، أخذت أبحث عن سر هذا التهاون، فالمستغرَب أن بعض المقبوض عليهم كانوا من كبار قيادات الجماعة، فمنهم الدكتور محمد بديع عضو مكتب الإرشاد وقتها ومرشد الإخوان فى ما بعد، ومنهم أيضا الدكتور محمد بشر عضو مكتب الإرشاد، والأستاذ مختار نوح مسؤول قسم المحامين بالجماعة وغيرهم، إلا أننى لم أصل فى الأشهر للأولى للقضية إلى شىء، فقد شغلتنى الأحداث عن تتبع «حقيقة الإعراض».
حينما وجدت أن الإخوان صنعوا لأنفسهم أُذنًا من طين وأُذنًا من عجين بخصوص قضية النقابيين، أخذت أدفع قسم المحامين إلى القيام بدور فاعل ومؤثر، وكان الدكتور محمد بديع وإخوانه فى السجن يرسلون إلىّ رسائل شبه يومية يطلبون منى فيها أن أتحرك مع المحامين على المستوى السياسى والقانونى بعيدا عن أقسام الجماعة الرسمية التى رأوا أنها خذلتهم، كانت رسائلهم لى تقطر أسى وحزنا من إخوانهم فى الله الذين تركوهم بلا اهتمام، حتى إن مكتب الإرشاد عندما قرر تخصيص مرتب شهرى لأسر الإخوة المحبوسين، أغدق على البعض وحرم البعض الآخر! كان شهر أكتوبر من عام 1999 هو الشهر الذى تم القبض فيه على الإخوان فى هذه القضية، وكأن شهر الخريف هو الشهر الذى أسفر عن بصيص الضوء الذى تتبعته لأصل إلى صندوق الأسرار، وفى منتصف شهر نوفمبر من نفس العام صدر قرار رئيس الجمهورية بإحالتهم إلى المحكمة العسكرية، وكان قرار الإحالة هذا على غير ما أنبأنا به الوسطاء! لذلك كان وقعه على نفسى مؤلما جارحا، وبعد يوم من قرار الإحالة إلى المحكمة العسكرية عقدنا فى قسم المحامين بالجماعة اجتماعا فى مكتب الأخ بهاء عبد الرحمن المحامى عضو مجلس نقابة المحامين.
كان بهاء من الإخوة الذين كان من المقدر لهم أن يحضروا الاجتماع الذى تم القبض فيه على الدكتور بديع وإخوانه إلا أنه تأخر فى الوصول إلى المكان وكان من حسن طالعه أن ذهب فى أثناء القبض على الإخوة فرأى قوات الشرطة المدججة بالسلاح تطوّق الشارع ففر هاربا بنفسه وترك سيارته، وذهب إلى مترو الأنفاق وكاد يقبض عليه أحد المخبرين إلا أن الله سلَّم.
مكتب بهاء عبد الرحمن يقع فى منطقة عابدين وهو مكتب متسع الحجرات والردهات، بدأت وفود الإخوة تهل على المكان حتى اكتمل الجمع فى الساعة العاشرة صباحا، وحين بدأت وقائع اجتماعنا تحدث الأستاذ محمد طوسون عضو الجماعة، وقال إن الدكتور محمد بديع المحبوس فى القضية طلب منه تشكيل لجنة إخوانية تكون مهمتها إدارة معركة هذه القضية من الناحيتين السياسية والقانونية، واقترح الأستاذ طوسون أن يكون اسم هذه اللجنة هو «لجنة إدارة الأزمة» وأن تكون بالانتخاب وفقا للائحة قسم المحامين، أخذ كل واحد من الإخوة يدلى برأيه فى الاقتراح، وتحدث كل ممثلى المحافظات، كان كلام الجميع حماسيا إلا أنه تلاحظ لى أن كلام المشاعر كان خطابيا بليدا كأنه من تماثيل الشمع التى تشبه الحقيقة ولكنها ليست هى، نظرت إلى الإخوان الذين يتحدثون وكأننى أجلس فى متحف «مدام تيسو» للشمع فى لندن! تخيلت أننى أقترب من حماسهم المتدفق لألمسه وأتبين حقيقته فإذا بى أكتشف أنه بلا حياة، مزيفون، كلهم مزيفون، إلا هو، شعرت بصدقه وحرقة قلبه، أحمد ربيع غزالى... كان أحمد ربيع يتولى مسؤولية قسم الأشبال بجماعة الإخوان فى محافظة الجيزة، وكان عضوا بمجلس شورى الجماعة وأمينا لصندوق نقابة المحامين بالجيزة، كان هو أعلى الموجودين فى رتبته الإخوانية، وشعرت أنه أعلاهم فى رتبته الإنسانية، والحق أننى لم أكن من أصدقاء أحمد ربيع المقربين، ولذلك لم أكن أراه كثيرا قبل وقائع هذه القضية، ولكننى كنت أشعر بنفسى تهفو إليه دونما سبب ظاهر، ولكأنما كانت جرأته فى الحق هى سبب انشداهى له، ولربما كان صدقه هو الرابطة التى أوصلته لفؤادى، وأشهد أننى لم أكن أراه من قبل إلا من خلال ضوء ضعيف، هو ضوء «الروابط الإخوانية» وهو أخفت من ضوء الشمعة، وضوء الشمعة لا يكفى لكى تكتشف الجمال الإنسانى فى من تحبهم.
وعلى آخر النهار تمت انتخابات «لجنة إدارة الأزمة» وانتخابات الإخوان لها طبيعة خاصة، فلا يجوز فيها أن يتقدم أحد للترشيح، ولكن الكل ينتخب، والكل مرشح، وأسفرت الانتخابات عن فوزى برئاسة لجنة الأزمة «بالإجماع» ما عدا صوتى أنا فقد ذهب لأحمد ربيع، ونجح فى عضوية اللجنة تسعة أعضاء كان منهم أحمد ربيع وبهاء عبد الرحمن، وجمال حنفى عضو مجلس الشعب فى ما بعد، وبعض أفراد آخرين، وأخذت اللجنة بعد ذلك دورها فى إدارة الأزمة، ويبدو أن هذه اللجنة كانت مصدر قلق للجماعة، وكان الذى أثار اندهاشى أن الأستاذ محمد طوسون عندما رأى السرعة التى نسير بها لنصرة إخواننا كان يقول لى ولأحمد ربيع مستنكرا وقد اشتد به الحنق: لماذا هذا الحماس؟! هذه ليست أول قضية يتم حبس الإخوان فيها، خفِّفا عنكما فقد يكون حبسهم فيه مصلحة للجماعة!
لماذا أكتب هذه الذكريات؟ يلومنى البعض عليها ويقولون إنك بها تفتّ عضد الجماعة التى تربيت فيها، ولكنهم لا يعلمون أن الحكايات التى نكبتها ولا نكتبها تصبح غنيمة لأعدائنا، لا يعلمون أننا لا نرتفع إلا إذا تعلمنا من تجاريب الحياة، ومن يقص علينا تلك التجاريب أبد الدهر لا أبا لك يرفعنا وينفعنا.
فى إحدى الجلسات الهامة بالمحكمة العسكرية التى انعقدت لمحاكمة النقابيين الإخوان تذكرت واقعة خطيرة كانت قد حدثت عام 1995، كان النظام قد قبض على عدد كبير من الإخوان ما بين عامى 1995 و1996، وكان المقبوض عليهم من أعلى قيادات الجماعة، فمنهم عصام العريان وخيرت الشاطر وعبد المنعم أبو الفتوح وعبد الحميد الغزالى ولاشين أبو شنب وجمعة أمين ورشاد البيومى ومحمد حبيب ومحمود عزت ومهدى عاكف وإبراهيم الزعفرانى وسعد الحسينى وحسن الجمل والسيد النزيلى ومحسن راضى ومحيى الزايط وحلمى الجزار وأبو العلا ماضى وآخرون ،وأخذت هذه القضايا أرقام 8 و11 لسنة 1995 و5 لسنة 1996، وكان الدكتور محمد سليم العوا هو رئيس هيئة الدفاع ومعه مختار نوح الذى كان منسقا لهيئة الدفاع، وقتها قام الإخوان باستقدام عدد من المحامين الإنجليز لحضور جلسات المحاكمات بصفتهم مراقبين، وكان من حظى أن كنت مكلفا من الإخوان مع بعض المحامين الإخوان بمرافقة هذا الوفد، كان الدكتور العوا هو الشخص الوحيد الذى كان مؤهلا للتعامل مع هذا الفريق، أما نحن فقد كنا مجرد رفقاء طريق، فالدكتور العوا لديه كل تفصيلات القضايا حسب موقعه فى رئاسة فريق الدفاع كما أنه يجيد الإنجليزية إجادته للعربية، وفى هذه الفترة عرفت من خلال أحد الإخوة المقربين من الدكتور العوا أنه أى الدكتور العوا تدخّل سياسيًّا للصلح بين جماعة الإخوان والنظام، كان هدف الدكتور العوا من الوساطة للصلح أن يتيح للحركة الإسلامية مساحة كبيرة فى الحركة الدعوية، فالدعوة هى الوسيلة الإنسانية الرفيعة التى من شأنها الارتقاء بمفاهيم وقيم الناس، وترشيد سلوكياتهم، وبالدعوة تقوم الحضارات، فما من حضارة إلا ولها دعوة ودعاة.
طلب الدكتور العوا مقابلة اللواء عمر سليمان مدير المخابرات فحدد له الأخير موعدا، وفى الاجتماع عرض العوا الوساطة فى الصلح، فوافق عمر سليمان إلا أنه اشترط عدة شروط، منها أن يمتنع الإخوان عن خوض أى انتخابات نقابية أو برلمانية لمدة خمس سنوات، على أن يتيح لهم النظام مساحة حركة من خلال المساجد، فإذا وافق الإخوان على هذا الشرط يتم الإفراج عن كل المحبوسين الإخوان، كان هذا العرض مرضيا للدكتور العوا، ظن وقتها أن قيادات الإخوان ستوافق على هذا العرض وسترحب به أيما ترحيب، فهى فرصة نادرة لا تتكرر، وقبل أن يغادر العوا مكتب عمر سليمان قال له هذا الأخير: على فكرة يا دكتور.. الإخوان لن يوافقوا على هذا العرض، مأمون الهضيبى سيرفض بشدة... ويبدو أن الدكتور العوا أصابته حالة من الاندهاش عندما جاء له رد المستشار الهضيبى قاطعا برفض العرض!! كيف يرفض الهضيبى اتفاقا كهذا، ومن أنّى لعمر سليمان أن يعرف الرفض مسبقا!! إلا إذا كان صندوق الأسرار لا يزال يرفض البوح بأسراره.
جرت هذه الذكريات فى خاطرى وأنا فى المحكمة العسكرية أنتظر مع باقى المحامين مشاهدة شريط الفيديو الذى سجلته مباحث أمن الدولة للمتهمين لحظة القبض عليهم فى الاجتماع الذى عقدوه بالمعادى، انعقدت الجلسة برئاسة اللواء أحمد الأنور، وبعد الإجراءات القانونية الأولى تم استدعاء شاهد الإثبات الأول الذى كان ضابطا بمباحث أمن الدولة ومسؤول قسم الإخوان بالجهاز وكان اسمه الحركى عاطف الحسينى، وكان من المعروف عن عاطف الحسينى أنه يعرف كل كبيرة وصغيرة فى الإخوان ويحفظ وجوه أفرادهم فردا فردا، قام عاطف الحسينى بتشغيل شريط الفيديو وبدأت الصورة تظهر على شاشة التليفزيون، كانت الصور التى تتابعت هى صور بعض الإخوان وهم يدخلون إلى مقر الاجتماع، وطلبت المحكمة من الشاهد عاطف الحسينى أن يوقف الشريط عند كل فرد دخل إلى المكان ثم يقوم بالتعريف بهذا الشخص، وكانت المحكمة تستدعى كل متهم تعرَّف عليه الشاهد فى الشريط لتقوم بمناظرته، وظهر أن الشاهد يعرف الجميع.
هل تعرفون قصة المرشد السرى، ليس قصدى هنا مرشد جماعة الإخوان السرى، فقد تحدثت عنه بما فيه الكفاية فى الجزء الأول من كتابى، وأظن أن الحديث عنه أثار حالة من الجدل التاريخية، إثباتا أو نفيا، ولكن المرشد السرى هنا هو ذلك الأخ الإخوانى الذى قام بإبلاغ مباحث أمن الدولة عن هذا اللقاء، نعم فجهاز أمن الدولة وفقا لما قاله الدكتور محمد حبيب فى أكثر من لقاء استطاع اختراق الجماعة من أعلاها إلى أدناها، وكانت الشكوك قد حامت حول بعض الإخوة الذين تخلفوا فجأة عن حضور هذا الاجتماع الهام، فلربما قام أحدهم بالإبلاغ عن هذا اللقاء، أخذت الاتهامات تصيب الكثير من أفراد الجماعة من الذين كانوا يعرفون خبر هذا اللقاء، وكانت هذه الاتهامات والشبهات تزعزع الثقة فى كثير من الإخوة كما أنها كانت تصيب هؤلاء الإخوة بحالة من الغضب والإحباط، فما أقسى الاتهامات التى لا تكون بلا سند أو دليل.
إلا أن الشاهد عاطف الحسينى فى شهادته أمام المحكمة قال إنه اتفق مع مرشده السرى الإخوانى على حضور الاجتماع وجهزه بالتسجيلات اللازمة لتسجيل كل شاردة وواردة فى اللقاء، وكنا فى جلسة سابقة قد سمعنا التسجيلات، وبقى أن نعرف من هو المرشد السرى؟!
الدكتور عمرو عبد الإله البلبيسى، هو أحد الإخوان الفاعلين فى قسم النقابيين بالإخوان، وعندما بدأ المهندس أبو العلا ماضى فى تشكيل حزب الوسط أواخر عام 1995 انضم عمرو إلى الحزب، وبعد أن احتدمت الخلافات بين أبو العلا والإخوان طلب المستشار الهضيبى من كل الإخوان الذين كانوا قد حرروا توكيلات لوكيل المؤسسين أبو العلا ماضى أن يقوموا بإلغائها، فقام عمرو البلبيسى بإلغاء التوكيل فورا، لم يكن البلبيسى وحده هو من فعل ذلك ولكن كان معه فى ذلك صلاح عبد المقصود وجمال حشمت وغيرهم، الكل انساق خلف مأمون الهضيبى الذى كان يسوق الجماعة فتنساق له، وفى لقاء جمع أبو العلا ماضى بعمرو البلبيسى، بكى البلبيسى أسفًا على إلغاء التوكيل وقال: لم يكن لى حيلة فى ذلك، فرد عليه أبو العلا ردا قاسيا: يبدو يا دكتور عمرو أن قادة الجماعة قامت بعملية «إخصاء» لأفراد الجماعة الأمر الذى ترتب عليه فقدكم لرجولتكم!
كان الدكتور عمرو البلبيسى قد حضر لقاء النقابيين وانصرف منه قبل القبض على الإخوة بعشر دقائق، وكنا نعرف هذا الأمر، كان العجب يلفنا، لماذا لم يتم القبض على البلبيسى رغم أنه كان من الحاضرين، بل إن أحد من حضروا اللقاء كان قد انصرف هو الآخر إلا أن ضباط أمن الدولة قبضوا عليه قبل أن يركب مترو الأنفاق، وتم تقديمه فى القضية مع باقى المتهمين، بل إن الدكتور محمد بشر عضو مكتب الإرشاد لم يحضر اللقاء من الأصل ومع ذلك تم القبض عليه! فلماذا تم استثناء عمرو البلبيسى؟! كانت هذه الأفكار تباغتنى وأنا أشاهد شريط الفيديو مع باقى المحامين بجلسة المحكمة العسكرية، وكان عاطف الحسينى لا يزال يتوقف عند صورة كل متهم ليقوم بتعريفه، وفجأة ظهر على الشاشة صورة عمرو البلبيسى وهو يدخل المكان، ثم ظهرت بعد ذلك صورته وهو يغادر المكان قبل القبض على المتهمين بدقائق، طلب اللواء أحمد الأنور رئيس المحكمة، إيقاف الشريط عند صورة عمرو البلبيسى وقال للشاهد عاطف الحسينى: مَن هذا؟ هل تعرفه؟ هل هو من المتهمين؟ وهنا نظرتُ إلى وجه الشاهد الحسينى لأقرأه ثم نظرت إلى وجوه بعض المحامين من الإخوان لأترقب رد فعلهم، وجاءت إجابة عاطف الحسينى من أغرب ما يمكن.



















تُلحّ علىَّ أحيانا الرغبة فى الصمت.. اصمت، اكسر قلمك، إنك لن تصلِح الكون أبدا، سيجهل قومك مقصدك، سيمزقون صورتك، سيتهمونك فى وطنيتك أحيانا وفى عقيدتك أحيانا أخرى، كن كباقى أصحابك، امسك العصا من المنتصف، حاول أن ترضى الجميع، ما الذى ستربحه من كشف الحقيقة؟! هل تظن أن الحياة مثل الحدوتة التى نقصّها على الصغار؟! فى الحدوتة يدور الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، وفى النهاية ينتصر الخير وتعلو راية الحق، ولكن الدنيا غير ذلك، الخير لا ينتصر دائما وراية الباطل تعلو كثيرا، ولكن يهزنى «فعل أمر» يصدر من أعماقى، هو «اكتب، اكتب» الكتابة تسبق القراءة، ولولاها ما قال الله لنا «اقرأ»، يبدأ الإنسان طريق المعرفة بقراءة الكتب ثم يرتقى فيقرأ الناس ثم يرتقى فيقرأ الحياة ثم يرتقى فيقرأ الموت ، ولكى نقرأ يجب أن نكتب.

عدد من أعضاء الإخوان كانوا ضباط مباحث ويقدمون للجماعة خدمات كثيرة

بديع حثَّ قيادات الجماعة خلال وجوده فى السجن على الثناء على مبارك ليثبت للجميع أن «الإخوان» لا تعارض من أجل المعارضة
القاعة الكبرى فى المحكمة العسكرية بالهايكستب هى فى الأصل قاعة مسرح، كنا نعيش فى أجوائها وكأننا بالفعل على مسرح تجريبى، نشاهد مسرحية عبثية، يشترك فيها الممثلون والجمهور، يؤدى بعضهم دوره ارتجاليا، ويؤدى البعض الآخر دوره المرسوم له من المؤلف العبقرى الذى كاد ينافس شكسبير فى حبكاته الدرامية، تقع منصة القضاة على خشبة المسرح، وأمامهم ميكروفونات ليصل صوتهم بوضوح إلى كل الجمهور، يقف المحامون والشهود خلف منصة خاصة بهم أسفل خشبة المسرح، أمامهم هم أيضا ميكروفونات، قفص المحكمة كئيب متشابك الأسلاك بحيث يصعب عليك أن تتبين بوضوح وجوه الأشخاص الذين يقبعون خلفه، أما القاعة فتتسع لنحو ثلاثمئة شخص، وبجوار منصة المحامين منضدة مرتفعة وضعوا عليها جهاز تليفزيون كبيرا وجهاز فيديو، وبجوارهما يقف ضابط أمن الدولة عاطف الحسينى، كان العرض المسرحى الذى نشاهده ونشترك فيه هو تسجيل فيديو لمدخل عمارة، الصورة أمامنا جامدة ولكنها كانت تتحرك كل فترة بدخول أحدهم العمارة.

حين دخل الدكتور عمرو البلبيسى لم ينبس الضابط عاطف الحسينى ببنت شفه، تفحصت وجهه لحظتئذٍ فوجدته جامدا لا يشى بما بداخله، وفى نهايات عرض الشريط خرج عمرو البلبيسى من العمارة فلم يحرك عاطف الحسينى ساكنا أو يوقف شريطا، قطع صوت اللواء أحمد الأنور صمت القاعة قائلا: لم تُجب عن سؤالى يا عاطف بك، من هذا؟

رد عاطف الحسينى قائلا: لا أعرفه! فى الغالب هو أحد سكان العمارة ولا علاقة له بتنظيم الإخوان.

كنت أقف بجوار عاطف الحسينى حينما قام بإغلاق شريط الفيديو وصوت الحاجب يخترق آذاننا قائلا: محكمة، معلنا رفع الجلسة، رَبَتَ أحد المحامين على كتفى قائلا: الدكتور بديع يريد أن يتكلم معك.

ذهبت إلى القفص فوجدت عاطف عواد يتحدث مع الدكتور بديع ومختار نوح من خارج القفص، وقفت بجوار عاطف صامتا فسألنى الدكتور بديع: من هذا الذى سأل عنه رئيس المحكمة؟ هل هو واحد من الإخوان؟

قلت هامسا: نعم هو عمرو البلبيسى.

بديع: الحمد لله أن الضابط لم يتعرف عليه وإلا لكانوا قد قبضوا عليه هو الآخر، ربنا نجاه وأعمى بصرهم وبصيرتهم.

أنا: الحمد لله يا دكتور، ربنا ينجيكم.
بديع: على فكرة، إخوانك فى السجن يحبونك كلهم ويدعون لك بظهر الغيب، ويطلبون منك الأخذ بالأسباب، ولا تيأس إن لم تتحقق النتائج فما علينا إلا العمل.

أنا: طبعا طبعا يا دكتور، إحنا تلاميذك.

بديع: أنا من سجنى أساعدك قدر المستطاع، وقد أرسلت إلى إخوانك فى المكتب «مكتب الإرشاد» كى يكتبوا مقالة باسم الحاج مصطفى مشهور وينشروها فى جريدة «الشعب» عن زيارة الرئيس مبارك لبيروت ودعمه لها ولإميل لحود بعد الاعتداءات الإسرائيلية لها.

تدخَّل عاطف عواد قائلا: يا ريت تطلب منهم يا دكتور يكتبوها كويس ربنا يكرمك، أنا خايف يشتموا فى لبنان أو إميل لحود ويقولوا عليه شيعى أو دُرزى!

ابتسم الدكتور بديع وهو يقول: لا أنا طلبت منهم يمدحوا مبارك جدًّا، هذه فرصة لنا كى نثبت أننا لا نعارض من أجل المعارضة.

عاطف عواد: هوّ ده الكلام يا دكتور، ربنا يكرمك، ينبغى أن لا نكون عدميين، نحن نعارض الخطأ ونوافق على الصواب.

بعد انتهاء جلسة المحكمة جلست مع أحمد ربيع فى السيارة لمدة ساعة نتداول ما حدث بالجلسة، قلت له وأنا أختبر فراسته: أظن المسألة واضحة.

ضحك بخيبة أمل: للأسف آه.

استرسلت قائلا: هل يُعقل أن يكون عاطف الحسينى بجلالة قدر أهله لا يعرف مَن هو عمرو عبد الإله البلبيسى، عمرو العضو البارز بقسم المهنيين، عمرو الذى كتب توكيلا لحزب الوسط ثم سحبه؟!

قال أحمد وهو يبتسم ابتسامة ساخرة: أزيدك من الشعر بيتا، عمرو الذى استدعاه عاطف الحسينى أكثر من مرة للتحقيق معه فى أنشطة قسم النقابيين!

قلت: إذن هو من قام بالإبلاغ.

أحمد ربيع: قد لا يكون وحده، العصافير تغرد فى سماء الإخوان.

رددت قائلا: هل تشك فى آخرين؟

أحمد ربيع: هل تعرف أن الأخ إسماعيل بكير كان يعرف خبر اللقاء وكان من المفترض أن يذهب مع مختار نوح وخالد بدوى بسيارته إلا أنه اعتذر فى اللحظة الأخيرة مما جعلهما يستعينان بعم محمود سائق التاكسى المسكين الذى قبضت عليه مباحث أمن الدولة لأيام؟!

أنا: ولكن هذا ليس دليلا على شىء.

أحمد ربيع: نعم ولكن الاحتياط واجب، وخذ بالك أنت تعرف أن بعض أعضاء الإخوان كانوا ضباط مباحث سابقين وهم على صلة قوية بالأمن ويقدمون لقيادات الجماعة خدمات كثيرة من خلال علاقتهم بالقيادات الأمنية فى مصر.

أنا: اعقلها وتوكل.

ضحك أحمد ربيع قائلا: هل ستفعل كحسنى مبارك، مبارك قال مرة فى خطبة له «اعقلها وتوكل» وهو يشير إلى رأسه، وكأنه يظن أن اعقلها من إعمال العقل.

بادلته الضحك وأنا أقول: إذن اربطها وتوكل.

يسألنى صديقى دائما، ما الذى كسبته من محاولاتك التى بذلتها كى تصل إلى الحقيقة؟ أظنك خسرت كثيرا.، نعم يا صديقى، خسرت كثيرا، كى أكسب نفسى.

أعود إلى أوراقى التى دونت فيها مذكراتى كى آخذكم خطوة خطوة نحو كشف المستور، فالقصة لم تبدأ بعد، والحكاية ما زالت فى قلب الحاكى، تضع نفسها على الأوراق على مهل وتؤدة، وها أنا ذا أقرأ قصة «إيكاروس» الذى رام الوصول إلى الحقيقة فأخذ ينشد أهازيجه مترنما:

من رام نبع النور حاك نسيجه

حبلا إلى آفاقه ثم ارتقى

فتسلقوا صوب السماء وشمسها

فلرُبّ طين ٍ قد سما فتسلقا

ظنى أن كل من يحاول الوصول إلى الحقيقة هو «إيكاروس» الجديد، فخلف كل تجربة إنسانية ثرية «إيكاروس» الذى لن يموت ما بقيت الحياة.

الجماعة محضن كالأم، ولكنها يجب أن تتصرف كأم راشدة، الأم الطيبة صاحبة الأمومة الخالصة لا تحرم الوطن من أبنائها، ولا تسيطر على قراراتهم، الإخوان أحوج ما يكونون إلى الوطن، يحتاجون إلى الوقوف على أرضية الوطن لا على أرضية الجماعة، هم فى أشد الحاجة إلى حضن الوطن لا حضن الجماعة، فإذا تنكّبوا سبيل الوطنية فيجب أن نأخذ على أيديهم ليعودوا إلى الصف الوطنى، هكذا حدثتنى روحى، وهكذا تحدثت أنا مع محمد منيب، من محمد منيب؟ إذن اسمعوا قصته وقصتى، تلك القصة التى أماطت اللثام عن جزء من أسرار جماعة الإخوان المخفية، أو قل أماطت اللثام فى المقام الأول عن نفسية من يعيش عمره أسيرا «تحت التوقيف» فى جماعة الإخوان، أو بالأحرى فى جماعة سرية لا تعرف كيف تمارس الاختلاف فى الرأى بل وتعتبره ذنبا كبيرا، الجماعة السرية هى جماعة «إلغاء العقول».

محمد منيب المحامى، نقابى شهير، شغل بعد هذه القصة عضوية مجلس نقابة المحامين متحالفا مع جماعة الإخوان المسلمين، ثم شغل عضوية مجلس الشعب متحالفا أيضا مع جماعة الإخوان، انخرط منيب فى الأنشطة السياسية الناصرية وكان متهما فى إحدى القضايا التى حوكم فيها الناصريون فى أوائل الثمانينيات، وبعد خروجه من المعتقل أسهم فى تأسيس حزب الكرامة وأصبح أحد رموزه، وقد ربطتنى به صلة صداقة واحترام متبادَل، فهو رجل مثقف دمث الخلق، يجيد عرض فكرته ويقاتل من أجلها، ولعلكم ستعجبون حين أقول لكم إن محمد منيب كان هو مفتاح البداية.

بعد فترة المخاض التى انتهت بخروجى من الجماعة عام 2002 والتى اعتبرتُها شهادة ميلاد جديدة لى، حرصت على مقابلة معظم رموز الحركة الوطنية فى مصر، والحديث معهم وإنصات السمع لهم، فالذى أُصيب بالصمم الجزئى بحيث أصبح لا يسمع إلا من اتجاه واحد، يتوق شوقا إلى كل الأصوات من كل الاتجاهات إذا ما انفتحت أذناه على الدنيا، وحين جمعتنى الأقدار بالأستاذ محمد منيب دار بيننا حوار طويل عن التجربة الناصرية والتجربة الإخوانية.

قلت لمنيب: منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أعيش حالة مراجعة فكرية عن الإخوان والحركة الإسلامية وأولوياتها وفهمها، وأظن أننى وصلت من خلال هذه المراجعات والقراءات المتنوعة إلى مرحلة متقدمة، أجدنى الآن أقف على أرض غير أرض الإخوان.

رد منيب مندهشا: مَرْحَى يا صديقى، نحن كذلك فى «الكرامة» فعلنا مثلما تفعل ولعلك تابعت تصريحات حمدين صباحى عن رؤيته للتجربة الناصرية ونقده ما يتعلق بسلبيات الفترة الناصرية فى ما يتعلق بالحريات.

قلت: أنا الآن أكتب بعض أفكار عن الأفكار التى اختلفتُ معها، أدوِّنها لنفسى.

منيب: ولماذا لا تنشرها؟ أنا أيضا شرعت فى كتابة أفكار عن التجربة الناصرية ما لها وما عليها.

قلت: والله شىء طيب، أنا مستعد للنشر، فمثل هذه الدراسات النقدية يجب أن تخرج للناس، ويكون من الأفضل أن ننشر معا، ليتك تكتب مقالات عن نقدك للتجربة الناصرية، وأظن أن هناك الكثير من الصحف التى سترحب بالنشر لنا.

منيب: سأكتب، تقترح فى أى مكان ننشر.

قلت: أنا متواصل مع كثير من الصحف، وأستطيع الاتفاق مع جريدة «صوت الأمة» على هذا.

منيب: فليكن، اكتب ثم سأكتب أنا بعدك.

عكفت عدة أيام على الكتابة حتى أخرجت ثلاث مقالات، وبعد أن كتبت ذهبت بالمقالات إلى صديقين إخوانيين من أحبابى المقربين من منطقة الزيتون، الأول هو أحد الإخوان الكبار واسمه «محمد البدراوى» وهو أخ له تاريخ كبير فى الجماعة إلا أنه كان يحمل فى نفسه العديد من الانتقادات لتنظيم الإخوان فى عهده الجديد بعد أن وقع فى قبضة القطبيين، والأخ الثانى هو أحد شيوخ الإخوان من أصحاب التأثير الكبير على عامة الناس واسمه الشيخ «جابر حمدى» وكان أيضا كثير النقد للجماعة ولكنه لم يصدح بنقده أمام الناس، إذ كان يكتفى بالحديث معنا عن الهُوَّة السحيقة التى وقعت فيها الجماعة، وأزعم أننى تعلمت الكثير من هذين الأخين وما زلت مدينا بالفضل لهما، وإن كانت الأيام والأحداث قد باعدت بينى وبين الشيخ جابر حمدى، كان الأخان، ولا يزالان، من أصحاب الحظوة فى نفسى، ولعلنى أفسح لبعض الأسرار الشخصية أن تتحدث عن أحد هذين الأخين وهو الشيخ جابر، حيث كتب الله لى الحج عام 2000 وكنت فى رحلة الحج هذه مع فوج لا أعرف فيه أىَّ حاج، وفى مِنى دعوت الله من قلبى صادقا أن يجمعنى لحظة الدعاء بشخص أحبه. ثق أنك فى الحج مستجاب الدعوة، فقد كنت أظن أننى أطير ولا أمشى على قدمين من فرط الحالة الوجدانية النورانية التى احتوتنى، وسبحان الله، لم أكمل الدعاء حتى رأيت أمامى الشيخ جابر، وكانت مفاجأة لى، إذ لم أكن أعرف أنه يحج هذا العام!

شغلتُكم كثيرا بالكلام عن بعض جواهر أسرارى، ولكن حديثى هنا له مغزى، وحكايتى لها دلالة، فحينما عرضت على الصديقين أصحاب الفضل علىَّ المقالات التى كتبتها عن خواطرى النقدية للإخوان، رحَّبا بها كثيرا وناقشانى فى بعض معانيها، وأضاف إلىَّ الشيخ جابر بعض أفكارها، وفى نفس الجلسة عرض الأخ محمد البدراوى أن يفتح لى مجالا فى قناة «الجزيرة» وقتها كانت الوحيدة للمشاركة فى برنامج عن الإخوان ورأْى بعض المنفصلين والمفصولين فيها وفى منهجها الفكرى الأخير.

والآن بعد أن مرّ على هذا اللقاء عشر سنوات كاملة، تسكن قلبى الطمأنينة وأنا أتذكر تأثير كلامهما الطيب على نفسى وعقلى: نحن لا نبتغى النقد للنقد، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، كان فى قلبى قبل هذا اللقاء بعض الشذرات التى تجرح ضميرى، كيف أنتقدهم؟! أليست هذه خيانة للعيش والملح؟! من أجل «عضم التربة» الذى جمعنا لا تجعل كلماتك تفرقنا.. بلا جدال كنت أشعر بالحرج من أننى سأتعرض للجماعة بالنقد العلنى، ولكن هبطت كلماتهما على فؤادى فهدهدت شكوكى، تأصيلهما الفقهى للنقد العلنى للجماعة سكن فى ضميرى وأراح فؤادى، قلت لهما قبل أن أنصرف: أنا لا أملك إلا كلمتى سأقولها، والأجر والثواب على الله.

كان صديقى الصحفى الكبير أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» وقتها قد قدمنى للأستاذ عادل حمودة فى أثناء قضية النقابيين، والحق أن الأستاذ عادل حمودة رغم خصومته الفكرية مع الإخوان فإنه فتح صحيفة «صوت الأمة» للدفاع عن الدكتور محمد بديع ومختار نوح وإخوانهما المحبوسين، كنت أنا بطبيعة الحال مصدر كل الأخبار التى تم نشرها فى الصحيفة دفاعا عن الإخوان، بل إنه فى أحد الأعداد نشر الأستاذ حمودة رسالة من الإخوان المحبوسين موجهة إلى الأستاذ رجائى عطية وجعلها العنوان الرئيسى للصفحة الأولى للجريدة، وكانت الرسالة مقصودة فى ذاتها لكى يصل صوت المحبوسين للرأى العام، قال لى الأستاذ عادل: أنا أختلف مع الإخوان جدا ولكننى مع حقهم فى الحرية.
عندما أخبرت الأستاذ حمودة بأن لدىَّ سلسلة مقالات عن الإخوان وهى بمثابة دراسة نقدية لهم، رحب بنشرها جميعا، كانت افتتاحية المقالة الأولى مشكلة، إذ انتقدتُ فيها المستشار مأمون الهضيبى، وقلت إنه قال فى مناظرته بمعرض الكتاب فى أوائل التسعينيات فى مواجهة فرج فودة «إن الإخوان يتعبّدون لله بأعمال النظام الخاص قبل الثورة»، وإن كلماته هذه كانت جارحة لمدنيتى وسلميتى، أنتعبد لله بالاغتيالات والتفجيرات؟!! أىُّ إسلام هذا؟! وما الذى دعا المستشار الذى يحترم القانون إلى أن يقول قولا لا يحترم القانون؟!

نُشرت المقالة فى جريدة «صوت الأمة»، وكانت بمثابة مفاجأة لكثيرين، أذكر أن المقالة الأولى أثارت حالة من الجدل، ولو عدنا إلى هذه المقالات لوجدتنى أستشرف فيها مستقبل الجماعة وأكتب أدواءها.

رنّ هاتفى المحمول مساء اليوم التالى لنشر المقال وكان الذى يهاتفنى هو الصديق الصحفى عبد الحفيظ سعد الذى كان يعمل وقتها فى «صوت الأمة».

قال لى عبد الحفيظ: المقال عامل ردود فعل كبيرة يا أبو يحيى، وهناك من أرسل إلينا ردًّا على مقالك.

استفسرت قائلا: مَن الذى أرسل؟

عبد الحفيظ: الأستاذ محمد البدراوى والشيخ جابر حمدى.

قلت: تقصد أنهما أرسلا يؤيدان نقدى أو يختلفان مع بعضه؟

عبد الحفيظ: لا، يردان عليك، يقولان كلاما سيئا فى حقك، سأحضر لك ردهما لأن الأستاذ عادل يريد أن ترد أنت عليهما، ستصاب «بالاستبحس» والذهول يا صديقى عندما تقرأ ردهما.

لم يتلقَّ عبد الحفيظ ردًّا منى فقد كان الصمت حينئذ أبلغ من الكلام.


آهٍ من هؤلاء الذين لا يرون إلا أنفسهم فلا يشعرون بآلام الآخرين، يبصرون ذاتهم فيجزعون من همسة تمسهم فيبطشون بأحبابهم، آهٍ منهم وهم يشعرون أنهم الشمس وأن أحبابهم هم الكواكب التى ينبغى أن تدور فى فلكهم، تحكى الأسطورة القديمة أنه كان هناك شاب اسمه نرسيس كان مفتونا بنفسه، رأى هذا الشاب بحيرة صافية فلم ينتبه إلى جمالها، ولكن أسعده فقط أنه كان يرى وجهه من خلال صفحة ماء البحيرة الصافى التى كانت فى جلاء المرآة، فكان يذهب إلى البحيرة كل يوم ليتأمل جمال وجهه، كان مفتونا بصورته ذاهلا عما حوله لدرجة أنه لم ينتبه إلى موضع قدميه فسقط فى البحيرة وغرق، وفى المكان الذى سقط فيه نبتت زهرة سُميت نرسيس (نرجس) وعندما مرت الملائكة على البحيرة وجدتها تحولت إلى دموع، لم يدهشهن هذا فلا بد أن البحيرة حزنت كثيرا على نرسيس الجميل الذى كان يأتى إليها كل يوم، ولكن البحيرة قالت للملائكة إنها لم تلاحظ أبدا أن نرسيس جميل لأنها كانت دائما مشغولة عندما ينحنى على ضفافها بتأمل جمال صفحتها فى عينيه. لم أتحدث من قبل عن الشيخ جابر حمدى ومنزلته فى قلبى، وأظنه يجهل هذه المنزلة لأنه لم ينظر إلى قلبى قط، وعلى قدر حبك لصديقك يكون مقدار ألمك، فما بالك عندما تكون الضربة الموجعة من صديقين هما الأقرب إلى قلبى، محمد البدراوى وجابر حمدى... قال لى عاطف عواد ذات يوم: لقد قدَّمتَ لهما الكثير، فقلت له: إنما كنت أقدم لنفسى عند الله.

عندما زارنى صديقى الصحفى عبد الحفيظ سعد أعطانى صورة من رد جابر حمدى ومحمد البدراوى على مقالى الأول، طويته ولم أرغب فى قراءته أمامه.

سألنى: أفلا تقرؤه؟
قلت باقتضاب: ليس الآن.
عبد الحفيظ: الأستاذ عادل منتظر تعقيبك على ردهما.
مستمرا فى اقتضابى: لن أرد.
عبد الحفيظ مندهشا: لماذا يا أبو يحيى، ردهما فيه إساءة إليك؟!

قلت بلا مبالاة مصطنعة: فليكن، أحب أن أحصل على حقى فى يوم أعظم من أيام الدنيا، ليتكم تنشرون ردهما كاملا، وسيظل العمود المواجه لردهما شاغرا لا يحير جوابا.

ظل الرد مطويا عندى ليوم لم أفضّه أو ألمسه، وكأن الزمن توقف عندى ولم يتحرك، أو كأن الدنيا تجمدت عند هذه الورقة، ألا يتحرك الزمن؟! ألا لعنة الله على الذاكرة، قد تنسى الإساءة وتغفر لأحبابك ولكنك لن تنسى الألم أبدا.

قرأت الرد، انغرست كلماته فى ذاكرتى، كانت الكلمات حادة قاسية غاضبة لا مشاعر فيها، وكأنها حجارة تدحرجت على رأسى من فوق جبل صخرى... أسلوب الكتابة كان للشيخ جابر حمدى، هكذا هى لغته عندما يكون غاضبا، أما محمد البدراوى فلا يغلق الأبواب أبدا فى وجه أحد، قد يفتحها على مصراعيها، وقد يواربها.

«... ما الجهة التى دفعتك لكتابة هذا المقال... ما سردته فى مقالك يصب فى مصلحة أعداء الإسلام... أفكارك هى أفكار من ظلوا يحاربون الإخوان لحاجة فى أنفسهم.. نقدك غير صحيح وقد حركه الهوى والغل وأنت تتجنّى على إخوانك أصحاب الفضل عليك، ما نسبته إلى أخينا الكبير المستشار محمد المأمون الهضيبى محض كذب... توقيع محمد حسنين البدراوى، جابر محمد حمدى».

غالبت دموعى وأنا أقرأ الرد، أقنعت نفسى أنه لا يهمّ أن يكون هذا هو سلوك الأصدقاء، المهم هو أن يكون سلوكك معبرا عن قيمتك، أنت تمارس قناعاتك أنت، فدعهم يمارسون طموحاتهم.

ولكن يبدو أن هناك أشياء لا أعرفها حدثت فألزمتهم بهذا الرد المؤلم! مأساة أن تكون مكبَّلا لا تستطيع أن تعبر عن رأيك، مأساة أن يكون قرارك وفكرك مرهونا عند آخرين يملكون إرغامك على الصمت وإرغامك على الكلام... بئست العبودية التى جعلت بعضنا مسوخا مشوهة.

كانت إرهاصات هذا الرد مفصحة عن نفسها قبل ساعات من نشر مقالى فى «صوت الأمة»، فقد كنت أحضر عزاء والد زوجة الشيخ جابر حمدى، وعندما سلمت عليه معزيا همس فى أذنى: لا تنشر المقالات، اسحبها فورا.

قلت له: قُضى الأمر الذى فيه تستفتيان، الجريدة خرجت من المطبعة وبعد ساعتين ستكون عند الباعة، ولكن لماذا أسحب المقال؟
زَمّ جابر شفتيه ثم قال: غيَّرت رأيى، لا أوافقك على النقد العلنى.

قلت مندهشا: ولكننى لم أغير رأيى، هذا مقالى وليس مقالك، هذه أفكارى استقيتها من تجربتى ومن تجارب الآخرين وأنت واحد من هؤلاء الذين كوّنت جزءا من رأيى من خلالهم.

أومأ جابر برأسه مبديا امتعاضه فأوجست خيفة، يبدو أن التاريخ ما فتئ يعيد عبارة قيصر: حتى أنت يا بروتس.

بعد أن قرأت الرد غمرتنى حالة من السكينة وكأننى أسبح فى بحر اليقين، كل الدنيا تتهاوى أمام اليقين، وما رحلتى فى جماعة الإخوان إلا خطوات مشيتها للبحث عن الحقيقة، ما الإخوان؟ ما الدنيا؟ ما الزمن؟ ما الحق؟ دار فى ضميرى أننا فى حياتنا الدنيا نسير فى رحلة اليقين، نصعد فى مدارجه، من علم اليقين، إلى عين اليقين، إلى حق اليقين، وإذا بنا من نور اليقين، وأين نحن من نور اليقين!

سمعت مفكرا كبيرا يقول: إن الحاضر لا زمن له، تأملت هذه الكلمة وأنا أسترجع الأحداث الرهيبة التى مرت بى وأنا فى جماعة الإخوان أو تلك التى مرت بى بعد أن تركتها، الحاضر لا زمن له، كلمة تستحق التأمل، هل يستطيع أحدنا أن يضبط الوقت الحاضر ويحبسه حتى لا يمر؟! نعم نحن نشاهده ونشعر به ولكنه فى عمر اللحظة لا شىء، ولكن وحده القلم هو الذى يستطيع أن يستدعى الماضى ويجعله حاضرا، تظل الكلمة مكتوبة فيظل الحاضر قائما.

ولكن ما جدوى أن يظل الحاضر قائما، أليس هذا مدعاة لأن يتكرر الألم، لأن يتكرر الألم أفضل من أن تضيع التجربة، فالتجربة هى إضافة ثرية تستفيد منها البشرية، والألم هو نغزة فى قلب واحد من البشر، والبشرية أبقى من البشر، وفى لحظات الألم يستدعى الإنسان من يخفف عنه ألمه، يبث لهم شجونه، خفت أن أحكى ما حدث من «الصديقين» لصديقى أحمد ربيع الذى كان رفيقا لى فى رحلة «التصحيح الإخوانية» فالله أعلم بما يدور فى كواليس الإخوان الخفية، وسبحان الله مقلِّب القلوب، ولكننى جلست مع صديقين آخرين لا علاقة لهما بالإخوان أحكى لهما وأنزف لهما ألمى.

الصديق الأول هو «السيد على حامد» وهو من الشخصيات النادرة التى قلّما تقابلها فى حياتك، فهو شخصية مسالمة راضية قنوعة هادئة متصالحة مع ذاتها، لا يحب المعارك ولا الخصومة، وقد كان رفيق رحلة عمر، قضينا فى مكتب المرحوم محمد علوان سنوات، ووقعّنا معا على استمارة عضوية بحزب الوفد عندما طلب منا فؤاد باشا سراج الدين ذلك، جمعتنا الأيام والأحداث فلم نفترق منذ أن تعارفنا، وهو مع قناعته وصل إلى أعلى المناصب فى قطاع البنوك.

طَيّب «سيد حامد» خاطرى وهدهد ألمى وأخذ يضاحكنى ويذكّرنى بمرافعة مضحكة ترافعها أحد الزملاء المحامين فى قضية إعلام وراثة وكأنها جناية ***، وطلب منى أن ألتمس العذر لأصدقائى فلعلهم أُرغموا على ذلك.

الصديق الثانى الذى رويت له ما حدث هو عاطف عواد الذى تعرفونه والذى ترك الإخوان قبلى، وقد أبدى عاطف أسفه مما حدث وقال لى: لقد رفعنا بعضهم فوق أكتافنا فلم نشمّ منهم إلا رائحة أحذيتهم الكريهة، ثم دعانى عاطف إلى حضور اجتماع مهم فى مكتب المحامى عصام سلطان بشارع قصر العينى.

حين حضرت الاجتماع كنت مشتت الذهن، لم أنتبه إلى تفصيلات الحوار وإن كنت قد عرفت مضمونه، كان الموضوع هو البحث عن صيغة تجتمع حولها قوى المعارضة لمواجهة مبارك ومسلسل التوريث، وقت هذا الاجتماع لم تكن «حركة كفاية» قد نشأت بعد، ويبدو أن هذا الاجتماع كان من إرهاصات «كفاية» كان الحاضرون هم: الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، والكاتب الصحفى جمال فهمى عضو مجلس نقابة الصحفيين، وعاطف عواد، وعصام سلطان، والمحامى الناصرى المثقف ياسر فتحى.

فى نهاية الاجتماع قال لى إبراهيم عيسى قبل أن ينصرف من اللقاء: أنا عرفت من عاطف وعصام إن بعض أصحابك أرسلوا ردا على مقالك لـ«صوت الأمة»، ماذا ستفعل هل سترد عليهما؟

قلت وأنا أصطنع ابتسامة: لا لن أرد.

إبراهيم عيسى ضاحكا: طول عمرى وأنا أقول إن هذه الجماعة هى عبارة عن جسد ديناصور وعقل عصفور، إذا حدث جديد أخبرنى فهذه الجماعة تمارس الأكشن والإثارة.

وفى نفس اليوم هاتفنى عبد الحفيظ سعد: أنا مش قادر أفهم الناس دى.
أنا: خير، حصل إيه تانى؟
عبد الحفيظ: ألغازهم باتت غير مفهومة.
قلت له مستفهما: هل من جديد؟

عبد الحفيظ: أرسل صاحبك محمد البدراوى محاميا إخوانيا مفوَّضًا منه ومن الجماعة يطلب سحب رده هو وجابر حمدى وعدم نشره، وأعطانا بدلا منه ردًّا من المستشار مأمون الهضيبى، وسآتى إليك برد الهضيبى لعلك ترد عليه.

أمامى ساعات ويجب أن أعقّب فيها على رد مأمون الهضيبى، ولكن رد الهضيبى أثار علامة استفهام كبرى فى خاطرى، الرجل يكذب، نعم مأمون الهضيبى كذاب، كذاب، يبدو أن مقدمة مقالى هى التى أوجعته فاضطر إلى الكذب وكأنه يدارى سوأته فطفق يخصف عليها من ورق بعض الكتب.

كنت قد كتبت فى مقدمة مقالى: صدمتنى عبارة قالها المستشار مأمون الهضيبى فى مناظرته بمعرض الكتاب عام 1992 فى مواجهة فرج فودة: «نحن نتعبد لله بأعمال النظام الخاص للإخوان المسلمين قبل الثورة».

كانت هذه العبارة فى مقالى هى موضع رد المستشار الهضيبى حيث قال: إن الكاتب لم يكن صادقا حين نسب هذه العبارة إلىّ.

استشهد الهضيبى فى رده بتفريغ المناظرة الذى قامت به هيئة الكتاب، حيث وضعت المناظرة كلها فى كتاب نشرته وطرحته فى الأسواق، وقال إن تفريغ هيئة الكتاب لم يَرِد به هذه العبارة مما يدل على أن الكاتب غير صادق، دار رأسى من هذا الرد، فأنا أثق بذاكرتى خصوصا أن هذه العبارة تركت أثرا عميقا فى نفسى بل كانت بداية لبحثى عن «الحقيقة»، هذه العبارة بالذات هى التى فتحت لى حوارا مع أسامة الغزاوى وهو أحد الإخوان من منطقة الزيتون الذى قصَّ علىَّ لماذا تذلف الهضيبى للنظام الخاص ورجاله، كانت قصته معهم مثل قصة «تاييس» التى كتبها الروائى الفرنسى «أناتول فرانس» عن تاييس والراهب بافنوس.. ذهب بافنوس إلى تاييس كى يسحبها إلى دائرة الإيمان فخرج هو من دائرة الإيمان، فهل يُعقل أن تكون هذه العبارة قد اختفت عند تفريغ المناظرة فى كتاب؟ هل كانت سقطة لسان من الهضيبى فخاف أن يمسكها الناس عليه؟ ولكن من الذى حذفها؟! هل الإخوان يسيطرون على الهيئة المصرية للكتاب دون أن يدرى أحد؟! كان لا بد أن يكون ردى موثَّقا فقضيت يومى أبحث عن أحد يكون قد سجل المناظرة، سألت صديقى الصحفى أسامة سلامة الذى سأل بدوره الكاتب الصحفى حلمى النمنم الذى يهتم بالتأريخ إلا أن الرد جاء محمولا بخيبة الأمل، تذكّر حلمى النمنم أن الهضيبى قال هذه العبارة إلا أنه لم يجد تسجيلا للمناظرة!

وكان من حظى أن عثرت عند عاطف عواد على تسجيل كاسيت، وشريط فيديو للمناظرة، ولكن المدهش أن هذه العبارة لم تكن موجودة فى الشريطين، لا الكاسيت ولا الفيديو، هل تبخرت؟! هل أنا أحد أفراد فيلم «المنسى» لجوليان مور «forgotten» حيث قامت كائنات فضائية بمحو ذاكرة البشر ولكنها فشلت فى أن تمحو طفلا صغيرا قامت باختطافه من ذاكرة أمه، قامت الكائنات الفضائية بمحو كل شىء يدل على وجود هذا الطفل إلا أن قلب الأم ظل حافظا له حتى إن الناس اتهموها بالجنون، فيلم «المنسى» الإخوانى لا يبتعد كثيرا عن فيلم جوليان مور، فقد قامت كائنات إخوانية بمحو كل شىء يدل على أن الهضيبى قال فى معرض الكتاب عام 1992: إن الإخوان يتعبّدون لله بأعمال النظام الخاص قبل الثورة! ولكن قلبى ظل متذكرا هذه العبارة التى كانت صادمة لى كما وصفتها فى مقالى.

نسى الكل هذه العبارة إلا صديقى المهندس أحمد حامد، لم تكن لأحمد حامد علاقة تنظيمية بالإخوان، إذ كان أحد نشطاء حزب الوسط، وكان من المتفاعلين مع أنشطة الحزب، بل كان مسؤولا فى فترة من الفترات عن تنظيم بعض فاعليات الحزب، وفى ذات الوقت كان من النشطاء فى جمعية «مصر للثقافة والحوار» وهو أحد التلاميذ المقربين للدكتور محمد سليم العوا، حيث كان يحضر كل محاضراته وندواته، وبحكم صداقته لى ولمجموعة من الأصدقاء المقربين منى، وفى نفس اليوم الذى كنت أبحث فيه عن تسجيل كامل للمناظرة جلست مع أصدقائنا فى مقهى قريب من جمعية «مصر للثقافة والحوار»، استمع أحمد حامد إلى كلماتى الساخطة المندهشة، ثم غاب عنا برهة، وكانت مفاجأة بمعنى الكلمة حين عاد وهو يحمل معه شريط فيديو للمناظرة، كان أحمد قد غافلنا وذهب إلى قريب له يسكن بالجوار وحصل من أحد أقاربه من كبار الإخوان على نسخة من الشريط الأصلى للمناظرة.

بعد نصف ساعة كنا نجلس عاطف عواد وأحمد حامد وأنا فى بيتى نشاهد الشريط، وحين وصلنا إلى الجزء الذى تحدث فيه الهضيبى كانت المفاجأة.

قرشم
03-08-2012, 09:58 AM
كرهت الاخوان بسبب معلمى الاخوان

لانهم بيعلموا الاولاد السلبية ومنتظرين قرار من فوق وانهم الفئة الوحيدة فى الدولة اللى بتتحرك بامر من سلطة عليا

وليسوا كالمعلمين الشرفاء يسعون الى حياة كريمة لاولادهم ولنفسهم

يعنى يضيع كرامة نفسه ورزق اولاده علشان مستنى قرار مش سلطة عليا

نحن لسنا قلة وسوف يعرف معلمى الاخوان ان فى معلمين شرفاء وهيجبوا حقهم

ومش منتظرين من معلمى الاخوان اى تحرك معانا خليكم نايمين زى ايام الثورة

انتم مش بتنزلوا ثورة الى تانى يوم هههههههههههههههههههههههه