مشاهدة النسخة كاملة : نص في الفخر لعمرو بن كلثوم


محمود فؤاد
24-03-2013, 12:22 AM
في الفخر لعمرو بن كلثوم
السيرة الذاتية لعمرو بن كلثوم : هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير التغليي ، ينتهي نسبه بمعد بن عدنان ، كان شاعراً فارساً عظيماً عاش في الجاهلية وتزعم قبيلة تغلب وهو في الخامسة عشرة من عمره ، وقد اشتهر ب***ه الملك عمرو بن هند ، وقد نبغ عمرو بن كلثوم صغيراً ودانت (خضعت) له رقاب صناديد القبيلة اعترافاً بنبوغه المبكر ، أما السبب في ***ه عمرو بن هند فقد روى الراوون أن هذا الملك سأل جلاسه قائلا : هل تعلمون أحداً من العرب تأنف (تستكبر) أمه من خدمة أمي قالوا : لا نعلم إلا ليلى بنت المهلهل بن ربيعة أم عمرو بن كلثوم سيد قبيلة تغلب ، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيده (يطلبه للزيارة) ، ويسأله أن يصحب معه أمه فأقبل عمرو بن كلثوم من الجزيرة في جماعة من قومه وأمه معه ، ودخل على مجلس الملك ، أما أمه ليلى بنت مهلهل بن ربيعة فقد دخلت على أم الملك هند في قبتها ، ولما حان وقت الطعام قالت هند لليلى : ناوليني ذلك الطبق . فقالت : لتقم صاحبة الحاجة إليه ، فأعادت عليها وألحت فصاحت ليلى قائلة : وا ذلاه يا لتغلب ، فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم فاختطف سيفا لعمرو بن هند كان معلقاً وضرب به رأسه حتى مات ، ونادى قومه فنهبوا جميع ما كان أمامهم ، وساقوا إبل الملك وعادوا إلى الجزيرة .. وقد قاسى التغلبيون الكثير من العناء بعد هذه الحادثة وطاردهم المناذرة وضيقوا عليهم ، فتوجهوا نحو الغساسنة في الشام ، وما لبثوا أن اختلفوا معهم واندلعت الحرب بين الفريقين .
وبقي عمرو بن كلثوم يصول ويجول بين القبائل العربية يثير الحماسة والجرأة في نفوس أبناء قبيلته حتى اصطدم بقبيلة بني حنيفة في اليمامة ، وعلى رأسها فارسها الصلب المقدام يزيد بن عمرو بن شمر فتنازلا (تقاتلا) وكانت الغلبة ليزيد بن عمرو فقد سدد نحوه طعنة أصابته ، وانقض عليه وأسره وسار به حتى بلغ قصراً من قصور القبيلة فأنزله فيه ونحر له وكساه ، فقد كانت قبائل نجد كلها تعرف مكانة هذا الشاعر الفارس المقدام . وقد حظيت معلقة عمرو بن كلثوم بالاهتمام منذ ذلك التاريخ ، وقد عمّر ومات عام 570 ميلادية ، وعمره مائة وخمسون عاماً . المناسبة : أراد الشاعر أن يفتخر بقومه بني تغلب ويذكر أمجادهم العريقة يشيع فيها القوة والشجاعة والإباء
الغرض: الفخر. العاطفة : جاءت عاطفة الشعر قوية هادرة معتزة سعيدة بانتصارات وأمجاد قومه بين القبائل.
أسلوب الشاعر : جاء أسلوب الشاعر في القصيدة سهلاً بعيداً عن الغرابة مع قوة سبك وجزالة في الألفاظ أدت إلى وضوح المعاني وشيوع الأخيلة.
النص :
1- وقد علم القبائل مــــــــــــن معد إذا قبب بأبطحـــــــــــــــــها بنينا
2- بأنا العاصمـــــــــــــــون إذا أطعنا وأنا الغارمـــــــــــــــون إذا عُصينا
3- وأنا الحاكمــــــــــــــون بــما أردنا وأنا النازلــــــــــــــون بحيثُ شينا
4- ونشـرب إن وردنا الـماء صفـــــــوا ويشــرب غـيـرنا كــدراً وطـيـنا
5- قريناكـــــــــــم فعجلنا قراكم قبيل الصبــــــــــح مرداة طحونا
6- إذا ما الملكُ سام الناس خسفاً أبينا أن نقـــــــــــــــــــر الذل فينا
7- ألا لا يجهلنْ أحـــــــــــــــــدُ علينا فنجهل فوق جهــــــــل الجاهلينا
8- إذا بلــــــــــغ الفطـام لـنا رضــيع تخـــرُ لـــــه الجـبابــر ساجدينــا

أ-الوصف بقوة الإرادة والمنعة
1- وقد علم القبائل مــــــــــــن معد إذا قبب بأبطحـــــــــــــــــها بنينا
2- بأنا العاصمـــــــــــــــون إذا أطعنا وأنا الغارمـــــــــــــــون إذا عُصينا
3- وأنا الحاكمــــــــــــــون بــما أردنا وأنا النازلــــــــــــــون بحيثُ شينا
4- ونشـرب إن وردنا الـماء صفـــــــوا ويشــرب غـيـرنا كــدراً وطـيـنا
معاني الكلمات :-
- أ ) القبائل : جمع قبيلة : وهى الجماعة من الناس تنسب إلى أب أو جد واحد .
ب ) معد : اسم قبيلة عربية . ج ) قبب : جمع قبة وهى خيمة صغيرة أعلاها مستدير.
د ) الأبطح : مؤنثها البطحاء : وهى الأرض المستوية أو السهل ذو الرسل.
2- أ ) العاصمون : جمع عاصم وهى الحامي الذي يدافع عن غيره ويحميه .
ب) الغارمون : جمع غارم : الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به من الحماية والدفاع.
3- أ ) الحاكمون : جمع حاكم وهو من نصب للحكم بين الناس .
ب) النازلون : جمع نازل وهو المقيم بالمكان.
4- أ ) وردنا : القوم يردون الماء ويطلبونه . ب) صفواً : صافيا نقياً لا شوائب به .
ج ) كدراً : عكر غير صاف فهو كدير.
الشرح
1- يفتتح الشاعر معلقته بالفخر المبالغ فيه أحياناً فيرينا من خلال الأبيات مواضع فخره بآبائه وأجداده التغلبيين في قوة الإرادة والمنعة فيحدثنا عن تاريخهم السالف بأن جميع القبائل العربية من معد تعرف أن الخيام التي تقام بالبطحاء يكون أعلاها وأفخمها وأرفعها شأناً خيامنا ولا يصل أحد إلى علوها.
2- كما أننا نستطيع أن نمنع وندافع عن غيرنا إذا هو أطاعنا ونحميه من أن يعتدي عليه أحد ، وإذا ما كان العصيان من نصيب أحد نغرمه ما لا يستطيع الدفاع عنه من الأموال والأرواح جزاء عصيانه.
3- وأننا وصل الأمر بعزتنا أننا نحكم بما نريد فلا يرد أحد حكمنا ، وننزل من المواطن والأمان والأراضي ما نرغب ونريد فلا يمنعنا أحد.
4- وأننا نرد الماء فنشر به صفواً قبل ان نرد . غيرنا فيعكره ولا يستطيع أحد ذلك ، ثم يترك الماء مكدراً معكراً بعد أن تغير صفوه أنعامنا فيتحول إلى كدر وطين.
مظاهر الجمال :-
1- قد علم القبائل : مجاز مرسل علاقته المحلية أهل القبائل . وقد للتوكيد ، والقبائل بالجمع للكثرة .
2- معد : مجاز مرسل علاقته السببية عن أصل العرب .
3- ( قد علم القبائل ..... ) : كناية عن الشهرة و زيوع الصيت بالمجد للفخر .
4- المقابلة بين العاصمون – أطعنا : الغارمون – عصينا .
5- وفى ( أنا العاصمون ..) و ( أنا الغارمون ... ) كناية عن القوة والمنعة
6- ( وأنا الحاكمون .. ) كناية عن قوة الإرادة .
7- ( ونشرب إن وردنا الماء .. ) كناية عن العزة والشمم .
8-( ويشرب غيرنا كدرا .. ) كناية عن الإذلال لغيرهم.
9- المقابلة بين شطري البيت ( ونشرب ... ويشرب غيرنا ).
10- إذا اطعنا - إذا عصينا – إن وردن الماء : إيجاز بحذف جواب الشرط لدلالة ما قبله عليه .
11- شينا : حذفت الهمزة للتسهيل .
ب- الوصف بالشجاعة
5- قريناكـــــــــــم فعجلنا قراكم قبيل الصبــــــــــح مرداة طحونا
6- إذا ما الملكُ سام الناس خسفاً أبينا أن نقـــــــــــــــــــر الذل فينا
7- ألا لا يجهلنْ أحـــــــــــــــــدُ علينا فنجهل فوق جهــــــــل الجاهلينا
8- إذا بلــــــــــغ الفطـام لـنا رضــيع تخـــرُ لـــــه الجـبابــر ساجدينــا
معاني الكلمات :-
أ ) القرى : ما يقدم للضيوف من الطعام والضيافة .
ب) مرداة طحونا : هلاكا طاحناً لا ينجو منه أحد.
6- أ ) الملك : جمعه ملوك وهو صاحب الملك وصاحب الأمر أو السلطة على أمة أو قبيلة.
ب) سام : أذاقهم العذاب وصنوفه . ج ) خسفاً : ظلماً . د ) أبينا : كرهنا ورفضنا
7- أ ) الجهل : الطيش والحمق .
8- أ ) بلغ : وصل الرضيع سن الفطام . ب) تخر : تخضع وتذعن
ج ) الجبابرة : جمع جبار وهو القاهر العاتى المتسلط.
الشرح
1- يواصل الشاعر فخره فيرينا في الأبيات السابقة افتخاره بشجاعتهم وقوة بأسهم ، فيذكر أن قومه استضافوا عدوهم وأطعموهم هلاكاً طاحناً قبل طلوع الصبح وهذا يدل على قوتهم وخبرتهم بفنون الحرب واللقاء.
2- ثم يذكر أن قبيلته لا ترضى بالذل والظلم وتقع عن نفسها الهوان إذا ما أراد الملك أن يذيق الناس عذابه ، فلا ينزل بهم ما أراده الملك الظالم.
3- ثم يعرض الشاعر بنهى الناس عن التغابي والتجاهل عليهم ؛ لأن عاقبة تجاهلهم وطيشهم فوق ما يحتملون إذ أننا ستقابل جهلهم بجهل أشد منه وأفظع منه.
4- ثم يبالغ الشاعر بفخره ، فيجعل عزتهم ليست لكبارهم فقط بل أن صغارنا يتمتعون بما يتمتع به كبارهم ، حيث إن الرضيع إذا بلغ موعد فطامه خرت وذلت وخضعت له الرؤوس وليست أي رؤوس بل رؤوس الجبابرة من الناس .

مظاهر الجمال :-
1- الاستعارة التهكمية في ( قريناكم وعجلنا قراكم ... مرداة طعونا ) حيث استخدم ما ينفع (الطعام) في ما يضر (مرداة طحونا) . أو شبه الطعام تهكماً بآلة للطحن تهلك الأعداء
2- المشاكلة في ( لا يجهلن – فنجهل - جهل الجاهلينا ) مشاكلة الجناس ، وفى نفس التعبير مجاز مرسل علاقته السببية حيث سمى رد الجهل ( والقصاص ) جهلاً وهو ليس كذلك .
3- أبينا أن نقـــــــــــــــــــر الذل فينا : أ- شبه الذل بإنسان نكرهه ونرفضه .(أن نقر ) مصدر مؤول (م به)
ب- كناية عن عزتهم وقوة بأسهم .
4- بلــــــــــغ الفطـام لـنا رضــيع : أسلوب قصر بتقديم المفعول (الفطام) على الفاعل (رضيع) .
5- تخـــرُ لـــــه الجـبابــر : أسلوب قصر بتقديم الجار والمجرور (له) على الفاعل (الجبابر) .
6- تخـــرُ لـــــه الجـبابــر ساجدينا : كناية عن قوتهم وشجاعتهم .
3- المبالغة غير مقبولة لا عقلاً ولا عادة ويسمونها الغلة في ( إذا بلغ الفطام .. البيت)

خصائص أسلوب الشاعر :
في الألفاظ والأسلوب :
1- سهولة الأسلوب . 2- البعد عن الغرابة والتعقيد. 3- قوة الأسلوب وجزالته .
في المعاني والخيال :
1- وضوح المعاني . 2- شيوع الأخيلة . 3- روعة التصوير.
4- المبالغات البعيدة في الفخر وذكر الأمجاد .

لا تمطري يا سماء فالمطر للعرب لا يجوز نســو الزمان والقرآن والظلام يحوز

بالأمس أندلس واليوم غـزة ويا غــدا هـل تشرق الشمس والإسلام يفـوز