مشاهدة النسخة كاملة : نص الخطبة البتراء


محمود فؤاد
24-03-2013, 12:25 AM
الخطبة البتراء
القائل : زياد بن أبيه سمى بذلك لاختلاف الناس في أبيه حيث نسبه بعضهم لرجل يدعى عبيد فقيل زياد بن عبيد ونسبه بعضهم إلى أبى سفيان ابن حرب فقيل زياد بن أبى سفيان ونسبه بعضهم إلى أمه سمية فقيل زياد ابن سمية وأهل الورع يدعونه زياد أبيه . وكان من بلغاء العرب ونوابغها .
نوع النثر : الخطابة (عصر أموي).
موضوع الخطبة : بيان سياسته لأهل بغداد بعدما ولى عليهم .
جو الخطبة والمناسبة : أن زياداً ابن أبيه أرسله معاوية والياً على أهل بغداد فرأى الجور والفسق متفشياً في نواحيها منتشراً بين أهلها فأخذهم بالشدة وألقى على مسامعهم هذه الخطبة التي أبان بها سياسته معهم .
النص :
( أما بعد ) فإن الجهالة الجهلاء ، والظلالة العمياء ، والغي الموفى بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم ، ويشتمل عليه حلماؤكم . من الأمور العظام ينبت فيه الصغير ، ولا ينحاش عنها الكبير ، كأنكم لم تقرءوا كتاب الله ، ولم تسمعوا ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته ، والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول.
أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا ، وسدت مسامعه الشهوات ، واختار الفانية على الباقية ، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام لأذى لم تسبقوا إليه ، من ترككم الضعيف يقهر ، ويؤخذ ماله ، وهذه المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة ، في النهار المبصر ، والعدد غير قليل.
ألم تكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل ، وغارة النهار ؟ قرّبتم القرابة ، وباعدتم الدين ، تعتذرون بغير العذر ، وتعضون على المختلس النكر أليس كل امرئ منكم يذب عن سفيهه ؟ ! صنع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معاداً .
إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله : لين في غير ضعف ، وشدة في غير *** . وإني لأقسم بالله لأخذن الولي بالمولى ، والمقيمُ بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والمطيع بالعاصي ، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقى منكم أخاه فيقول : انج سعد فقد هلك سعيد ، أو تستقيم قناتكم .
وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن ، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة. فمن غرق قوماً غرقناه ، ومن أحرق قوماً أحرقناه ، ومن نقب بيتاً نقبنا عن نقلبه ، ومن نبش قبراً دفناه فيه حياً ، فكفوا عنى أيديكم وألسنتكم أكفف عنكم يدى ولسانى ولا تظهر على أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه.


الشرح و سبب تقريع أهل البصرة:
أراد زياد أن يبين سياسته مع أهل البصرة بعدما فشا فيهم الفسق والفجور فبدأ بسبهم وتقريعهم وتأنيبهم على ما فشا بينهم ولم سبه للسفهاء بل تعداه إلى العقلاء وكيف لا ! ! فقد وقف الجميع أمام المصائب سواء فكم من مفاسد ومساوئ كثيرة عمت الصغير والكبير ولم يحرك غافل أو عاقل ساكناً تجاهاه فكأنهم غافلون عن تعاليم الدين راضون بالدنيا تاركين الآخرة ، ولم يقف الأمر بهم عند هذا الحد بل ابتدعوا جرائم لم تسبق في عصرهم فالقوى عندهم هو الطاغية المستبد والضعيف ما لا ناصر له ، وقد تفشت مصائب ومساوئ كثيرة كل هذا أمام أعين الجميع .. ولا رقيب ولا محاسب ، تاهت خطى الدين من تحت أقدامهم فذلوا وانغمسوا في ملذاتهم.
ثم بعد ذلك يعلن السياسة التي سيتبعها وهى لين دون ضعف ولا خور وقوة دون *** ولا خشونة ، وهذه السياسة هي التي كانت سبباً في صلاح المسلمين الأوائل وستصلح آخر الأمور بها أيضاً.
ثم أبان وكشف صراحة أنه أعد لكل ذنب عقوبة ، ولن يترك مذنباً من غير عقوبة فكانت عقوبة نابش القبور أن يدفن فيها حياً ، وأنهم إذا ما ارتدعوا عن غيهم هادنهم وسالمهم.
أ- تقريع ووعيد
( أما بعد ) فإن الجهالة الجهلاء ، والظلالة العمياء ، والغي الموفى بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم ، ويشتمل عليه حلماؤكم . من الأمور العظام ينبت فيه الصغير ، ولا ينحاش عنها الكبير ، كأنكم لم تقرءوا كتاب الله ، ولم تسمعوا ما أعد الله من الثواب الكريم لأهل طاعته ، والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول.
معاني الكلمات :-
الكلمة
مرادفها
الكلمة
مرادفها
الجهلاء
الشديدة
الضلالة العمياء
التي لا اهتداء معها
الموفى
المُقرَّب والمُشرف
سفهاؤكم
جمع سفيه وهو من لا عقل له
إنحاش
نفر وابتعد
الحلماء
أصحاب العقول الراجحة
أعد
هيئ
السرمدي
الدائم
أهله
المتصفين به
الغي
مجاوزة الحد في الظلم والضلال

مظاهر الجمال :-
1- ( الضالة العمياء ) : مجاز عقلي (الحالية)حيث أسند العمى للضلالة وأراد أصحابها .
2- (سفهاؤكم – وحلماؤكم) (الصغير والكبير):: طباق يؤكد المعني ويوضحه.
3- بين(ما أعد الله من الثواب الكريم لآهل طاعته)وقوله (والعذاب الأليم لآهل معصيته): المقابلة .
4- (الجهالة – الجهلاء ) جناس اشتقاق يعطي إيقاع موسيقي. * ينبت فيه الصغير : أسلوب قصر وتصوير .
5- والغي الموفى بأهله على النار : تصوير للغي بإنسان له أهل يصل بهم إلى النار .
6- (الذي لا يزول): علاقتها لما قبلها تأكيد لقوله قبله( الزمن السرمدي) ، وهي توحي بالاستمرارية .
ب- أعمال ظالمة توجب العقاب
أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا ، وسدت مسامعه الشهوات ، واختار الفانية على الباقية ، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث لم تسبقوا إليه ، من ترككم الضعيف يقهر، ويؤخذ ماله ، وهذه المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة ، في النهار المبصر ، والعدد غير قليل.
ألم تكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل ، وغارة النهار ؟ قرّبتم القرابة ، وباعدتم الدين تعتذرون بغير العذر ، وتعضون على المختلس النكر أليس كل امرئ منكم يذب عن سفيهه ؟! صنع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معاداً .
معاني الكلمات :-
الكلمة
مرادفها
الكلمة
مرادفها
طرفت عينه
صرفته إليها
سدت مسامعه الشهوات
منعته أن يستمع إلى صوت الحق
الفانية
الدنيا
الباقية
الآخرة
الضعيفة
المرأة
مواخير
جمع ماخور وهو بيت الفاحشة.
المبصر
المضيء
المسلوبة
المأخوذة قهراً أو يؤخذ ما عليها
دلج
ظُلمة
نهاة
من ينهون عن المنكر ، ف: ناهِ
يذب
يدافع
الغواة
العصاة ، ف : عاصِ
يقهر
يغتصب
تغضون
تتهاونون و يتركون
المختلس
السارق
النكر
المنبوذ ، أو المكروه
عاقبة
نهاية
يرجو معادا
يتمنى الخاتمة الطيبة
أحدثتم
ابتدعتم
غارة
المعركة المفاجئة والخاطفة

مظاهر الجمال :-
1-( أتكونون كمن طرفت عينه )تشبيه (لأهل البصرة ) في غفلتهم عن الآخرة بمن صرفته الدنيا إليها والي متاعها، وفيه تحقير لهم . وفيه كنايه عن الاستمتاع بالدنيا وتفضيلها على الآخرة .
2- (أتكونون ): أسلوب إنشائي نوعه استفهام غرضه التعجب والإنكار .
3-(سدت مسامعه الشهوات) : تصوير للشهوات بسد منيع
4- (طرفت عينه الدنيا)(سدت مسامعه الشهوات) : أسلوب قصر بتقديم المفعول به على الفاعل (الدنيا ، الشهوات).
5- ( ألم تكن منكم نهاة) (أليس كل امرئ): أسلوب إنشائي نوعه الاستفهام غرضه التقرير .
6- (الفانية – الباقية ) :طباق يبرز المعنى ويوضحه . * صنع : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا.
7- قربتم - القرابة)( أحدثتم - الحدث) : بينهما جناس ناقص .
8- من ترككم الضعيف يقهر ........... : علاقتها بما قبلها تفصيل بعد إجمال .
ج-سياسة زياد العقابية القادمة
إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله : لين في غير ضعف ، وشدة في غير *** . وإني لأقسم بالله لأخذن الولي بالمولى ، والمقيمُ بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والمطيع بالعاصي ، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقى منكم أخاه فيقول : انج سعد فقد هلك سعيد ، أو تستقيم قناتكم .
وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن ، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة. فمن غرق قوماً غرقناه ، ومن أحرق قوماً أحرقناه ، ومن نقب بيتاً نقبنا عن قلبه ، ومن نبش قبراً دفناه فيه حياً، فكفوا عنى أيديكم وألسنتكم أكفف عنكم يدي ولساني ولا تظهر على أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه.
معاني الكلمات :-
الكلمة
مرادفها
الكلمة
مرادفها
الولي
الجار
أخر هذا الأمر
الحكم في زمن بني أمية
الظاعن
المسافر
بما صلح به أوله
حكم النبيr
لين
حلم
القناة
الرمح أو الاستقامة في الأشياء
لآخذنّ
لأعاقبنّ
الولي
الصديق أو الجار أو القريب
السقيم
المريض
المدبر
العاصي أو الخارج أو المتقهقر
هلك
مات ، انتهى
أنج سعد
مثل يُضرب به في تتابع الشرور
أحدثتم
ابتدعتم
نقب
دخل البيت من غير بابه لسرقته
أحداثا
بدعا
نبش قبرا
فتحه لسرقة أكفان الموتى
أحدثنا
أعددنا
عقوبة
جزاء
ذنب
إثم
كفوا ،، أكفف
امنعوا ،، أترك
عامتكم
جميعكم
عنقه
رقبته
الريبة
التهمه يريد أنه لا يشتبه في أحد أنه ينوي الخروج علي الجماعة إلا ***ه

مظاهر الجمال :-
1- (وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن) : توكيد بقد ، كناية عن ظهور المعصية والبدع .
3- ( فكفوا) : أسلوب إنشائي نوعه أمر غرضه النصح والتحذير .
4- (لين في غير ضعف , وشدة في غير *** ): بينهما مقابلة .
5- (أخر , أول) (المقيم, والظاعن)و(الصحيح , والسقيم)و (المدبر , والمقبل) و(المطيع , والعاصي): طباق .
6- ( يدي ولساني): مجاز مرسل فيدي علاقته السببية عن الضرب ، ولساني علاقته الآلية عن السب والكلام.
7- (نقبنا عن قلبه) ( وتظهر .. ريبة) : استعارة مكنية للقلب بشيء يُسرق ويُ*** ، وللريبة بشيء يظهر .
** استخدم الخطيب أساليب قصر متنوعة منها :- (يفيد التوكيد والحصر والتخصيص)
1- لا يصلح إلا بما صلح: بالنفي والاستثناء.
2-(وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة ): توكيد بقد ، وقصر بتقديم الجار والمجرور على المفعول به (عقوبة) .
3- (حتى يلقى منكم أخاه) : بتقديم الجار والمجرور على المفعول به (أخاه) .
4- (فكفوا عنى أيديكم ) ( أكفف عنكم يدي) : بتقديم الجار والمجرور على المفعول به .
(ولا تظهر على أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه : ثلاثة أساليب قصر.
** استخدم الخطيب أساليب توكيد متنوعة مثل (إن)و(اللام) ولقسم ، مثل (وإني لأقسم بالله لأخذن )
** استخدم أسلوب الشرط مثل (من أحرق ، من نقب ، من نبش .. ) للتهديد والوعيد .
** ( أغرقناه , أحرقناه , نقبنا عن قلبه , دفناه فيه حيا ): سجع يعطي إيقاعا موسيقيا يجذب السامع ويثيره.
التعليق العام على الخطبة :
س : تسمى هذه الخطبة بالبتراء فلم ؟
جـ : لأنها لم تبدأ بالتحميد ولم تستفتح بالتمجيد .
س : ما سر عدم بدء زياد خطبته بالتحميد؟
جـ : لأنه أراد أن يجابه أهل البصرة بما يخوفهم ويسوءهم .
س : هل له في ذلك مثلاً ؟
جـ : نعم له في ذلك مثلاً من القرآن في سورة ( براءة ) التوبة حيث لم تبدأ بالبسملة لأنها كلها تهديد ووعيد للمشركين .
س : هل وافقت الخطبة المقام ؟
جـ : نعم وافقت المقام لأنها جاءت قوية شديدة عنيفة لتناسب جرمهم وخطأهم فهي بليغة لمناسبتها للمقام.
س : ما سماتها في الألفاظ والأساليب ؟
جـ : 1- استخدام السجع المطبوع ، قصيرة المقاطع . 5- استخدام الصور البيانية .
3- كثرة الأساليب الإنشائية . 4- استخدامه للأمثال (انج سع فقد هلك سعيد).
5- التأثر بالقرآن في سورة (التوبة) 6- استخدام الشدة ال*** والتهديد.
س : ما الذي يؤخذ على زياد ؟
جـ : يؤخذ عليه أنه حاد عما ر سمة الإسلام في العقوبات وبالغ في ذلك ، وبالغ في ذلك بغير ما أنزل الله،
وقد خاطبه أحد الخوارج (أبو مرداس بلال بن أديه) بذلك (عقوباته المستحدثة) فرد عليه زياد :
"" إنا لا نبلغ ما نريد فيك وفي أصحابك حتى نخوض إليكم الباطل خوضاً "" .
س : ما الذي يُنسب إلى زياد بن أبيه ؟
1- بداية الخطبة بدون التحميد والتمجيد . 2- قانون الطوارئ وحظر التجول .

Step By Step
30-03-2013, 02:54 PM
ما شاء الله عمل رائع .. ومجهود يستحق التقدير جزاك الله خيرا

مشتاقه الى رضا الرحمن
01-04-2013, 05:08 PM
جزاك الله خيرا

قلب محب لله
18-01-2015, 10:17 AM
جزاكم الله خيرا كثيرا... فتح الله لكم