مشاهدة النسخة كاملة : معركة ليبانتو


abomokhtar
14-05-2013, 09:51 PM
[/URL] معركة ليبانتو هي [URL="http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A8%D8%AD%D8%B1% D9%8A%D8%A9"]معركة بحرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D9%84%D9%8A%D8%A8% D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%88#.D9.85.D8.B1.D8.A7.D8.AC.D 8.B9) وقعت في 7 أكتوبر (http://ar.wikipedia.org/wiki/7_%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1)- 1571 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1571) بين العثمانيين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7% D9%86%D9%8A%D8%A9) وتحالف أوروبي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A)، وقد انتهت بهزيمة العثمانيين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 9%8A%D9%86).


ما قبل المعركة

كانت الدولة العثمانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9) عند وفاة السلطان سليمان القانوني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84% D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A) قد بلغت أقصى اتساعها وخاضت الحروب في ميادين الشرق والغرب وحققت لها هيبة كبيرة في العالم، وبقدر هذه الهيبة الكبيرة كان لها أعداؤها الأقوياء الذين ينتظرون أي بادرة ضعف حتى ينالوا منها.
وعندما جلس سليم الثاني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7% D9%86%D9%8A) على العرش خلفا لوالده القانوني في ربيع 974هـ/ أيلول/سبتمبر 1566 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1566) ظهر بعض التمرد في الدولة، فقامت حركة تمرد في اليمن (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86) سنة 1567 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1567) استطاعت حصر العثمانيين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86) في الشريط الساحلي، ولم يستطع العثمانيون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 9%88%D9%86) إعادة سيطرتهم على اليمن (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86) إلا بعد عامين.
وظهرت في تلك الفترة في أروقة الدولة العثمانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9) كثير من المشاريع الكبيرة التي استهلكت الكثير من الوقت من الدولة دون أن توضع موضع التنفيذ، أو ربما تعرضت للفشل، حيث فكرت الدولة في فتح قناة السويس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88% D9%8A%D8%B3) بين البحر الأبيض (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A3% D8%A8%D9%8A%D8%B6) والبحر الأحمر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A3% D8%AD%D9%85%D8%B1) لإعادة حركة التجارة العالمية (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9 %84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8% B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1) من رأس الرجاء الصالح (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D8%A3%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7% D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD) الذي سيطرت عليه البرتغال (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D8%AA%D8%BA%D8%A7%D9%84) إلى طريق التجارة القديم.
كما شرعت الدولة سنة 1569 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1569) في فتح قناة بين نهري الدون والفولجا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%88%D9%84%D8% AC%D8%A7&action=edit&redlink=1) وتأمين المرور بين البحر الأسود (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A3% D8%B3%D9%88%D8%AF) و بحر الخزر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%AD%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B2%D8%B1) ، حيث إن هذه القناة ستربط تركيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7) بمنطقة تركستان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86) وتحول دون تهديد الروس والإيرانيين لتركستان، ولذا قامت الدولة العثمانية بحملة عسكرية على "إمارة أسترخان" لكن فتح هذه القناة المهمة لم يؤخذ مأخذ الجد نظرا لوجود مصالح لحكام الأقاليم تتعارض مع شق مثل هذه القناة، وأكد ذلك خان القرم بقوله: "عندما تبدأ الجنود العثمانية القدوم إلى الأراضي القبجاقية وشيروان (منطقة أوكرانيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7) وشمال أذربيجان حاليا) فسوف لا تبقى هناك قيمة للتتر ويحتمل أن تذهب قرم (أوكرانيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7)) من أيدينا".
كان العثمانيون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 9%88%D9%86) رغم المشاريع الكبيرة التي أعلنوا عنها في تلك الفترة يركزون اهتمامهم على فتح جزيرة قبرص (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A8%D8%B1%D8%B5) التي كانت عقبة كبيرة في طريق التجارة المنتعشة بين مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) وإسطانبول (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D8%A7%D9%86%D8% A8%D9%88%D9%84&action=edit&redlink=1) والتي يسيطر عليها البنادقة (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8% AF%D9%82%D8%A9&action=edit&redlink=1) ويمارسون من خلالها بعض أعمال القرصنة البحرية، ولذا شرع العثمانيون في فتحها رغم إدراكهم أن فتح هذه الجزيرة سوف يؤدي إلى قيام تحالف مسيحي قوي ضدهم.
الاستعداد للمعركة

كانت قبرص (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A8%D8%B1%D8%B5) تمثل أهمية خاصة للعالم المسيحي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85_%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD% D9%8A) في صراعه مع الدولة العثمانية، وعندما علمت أوروبا بنوايا العثمانيين تجاه قبرص تحرك البابا بيوس الخامس وعقد معاهدة اتفاق ضد الدولة العثمانية في 25 أيار/مايو 1571 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1571) مع ملك أسبانيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7) والبندقية وبعض الدويلات المسيحية، وكان هذا الاتفاق المسيحي هو الاتفاق الثالث عشر الذي تعقده أوروبا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7) ضد الدولة العثمانية منذ تأسيسها.
ونص الكتاب الذي أرسله البابا بيوس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8% A7_%D8%A8%D9%8A%D9%88%D8%B3&action=edit&redlink=1) إلى ملك أسبانيا على "أنه لا توجد في العالم المسيحي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84% D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A) أية دولة مسيحية يمكنها أن تقف بمفردها في مواجهة الدولة العثمانية ولذا فالواجب على كافة الدول المسيحية أن تتحد لكسر الغرور التركي"، وهكذا بدأ يتشكل الائتلاف المسيحي لحرب الدولة العثمانية.
واستطاعت أجهزة المخابرات العثمانية في البندقية وروما أن ترصد هذا الاتفاق وهو في طور التكوين وأبلغت به إستانبول، وتحرك الأسطول العثماني للبحث عن الأسطول الصليبي وإبادته، وتحرك الوزير العثماني برتو باشا قائد الأسطول لتنفيذ تلك المهمة.
كان التحالف المسيحي القوي الذي تغذية مشاعر الكراهية للدولة العثمانية يتمتع بأسطول على قدر كبير من القوة والخبرة في القتال البحري والكثافة في عدد السفن ووجود عدد من كبار قادة البحر، فكان الأرمادا (الأسطول) يضم 295 سفينة و30 ألف جندي و16 ألف جداف و208 سفن حربية، وكان القائد العام للأسطول هو دون جون وهو ابن غير شرعي للإمبراطور الأسباني كارلوس الثاني وهو من كبار قادة البحر.
أما الأسطول العثماني في البحر المتوسط (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85% D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7) والبالغ حوالي 400 سفينة فقد توزعت سفنه عند حلول فصل الخريف إلى عدد من القواعد، وبقيت حوالي 184 سفينة تحت قيادة برتو باشا ومؤذن باشا وذهبت هذه السفن إلى ميناء "إينبختي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A5%D9%8A%D9%86%D8%A8%D8%AE%D8% AA%D9%8A&action=edit&redlink=1)" أو "ليبانتو Lepanto (وكان ميناء عثمانيا في اليونان على خليجي باتراس-كورنثوس).
وعندما حل فصل الشتاء على السفن التي يقودها برتو باشا بدأ الضباط في التسرب لقضاء الشتاء بعدما رؤوا السفن العثمانية ألقت مراسيها في إينبختي ظنا منهم أنه لن يوجد قتال في هذا الموسم، ولم تظهر من برتو أو مؤذن قدرة على ضبط الأسطول، إضافة إلى أنه كان يوجد عدد من السفن في حاجة إلى إصلاح، كما أن جدافة الأسطول العثماني كانوا من المسيحيين.
وكانت النقطة المهمة في الأمر أن القائدين برتو باشا ومؤذن-زاده علي باشا لم يكونا من القادة البحريين ولكنهما من قادة الجيش البري وتوليا مهمة قيادة الأسطول منذ فترة وجيزة، وكان يوجد بعض القادة البحريين في الأسطول العثماني مثل حسن باشا الذي يبلغ من العمر 71 عاما، و أولوج علي باشا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC_%D8%B9%D9%84%D9%8A_ %D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%A7) ويبلغ من العمر 64 عاما لكن لم تكن لهما السيطرة على القرار
سير المعركة

عندما اقترب الأسطول الصليبي من ميناء إينبختي الذي يرسو فيه الأسطول العثماني اجتمع برتو باشا مع كبار قادة البحر لبحث الموقف، وانفض هذا الاجتماع دون أن يتوصل القادة إلى خطة لمواجهة المعركة القادمة التي لا يفصل بينها وبينهم إلا وقت قصير.
وكانت المؤشرات تؤكد أن هناك ميلا لما يطرحه برتو باشا ومؤذن باشا لمواجهة الموقف المتأزم على اعتبار أنهما المسئولين أمام الدولة في إستانبول.
وكان رأي القادة البحريين في الأسطول هو عدم الدخول في هذه المعركة -غير المتكافئة- إلا بعد أن تقصف مدافع القلاع العثمانية سفن العدو وتتلفها، وهو ما يعطي فرصة كبيرة لسفن الأسطول العثماني لتتبع ومطاردة الأسطول الصليبي، أو بمعنى آخر إنهاك الأسطول الصليبي قبل بدء المعركة ثم الانقضاض عليه بعد ذلك. ولكن برتو باشا ومؤذن باشا أعلنا أنهما تسلما أمرا بالهجوم على الأسطول الصليبي.
ولما رأى قادة البحر في الأسطول العثماني ذلك نصحوهما بأن يخرجا إلى القتال في البحار المفتوحة لأن ذلك يعطي الفرصة للسفن العثمانية بأن تقوم بالمناورة وأن تستخدم مدفعيتها القوية بكفاءة عالية ضد الأسطول الصليبي.
إلا أن برتو وغيره من القادة لم يستمعوا إلى هذه النصائح من أهل الخبرة في القتال البحري، وأعلن أنه سيقاتل بالقرب من الساحل، وقال: "أي كلب هو ذلك الكافر حتى نخافه؟" ثم قال: "إنني لا أخشى على منصبي ولا على رأسي، إن الأوامر الواردة تشير بالهجوم، لا ضير من نقص خمسة أو عشرة أشخاص من كل سفينة، ألا توجد غيرة على الإسلام؟ ألا يُصان شرف البادشاه؟!".
وكانت هذه المقولة تعبر عن الجهل بالحقائق ولا تعبر عن شجاعة أو حماسة دينية، إذ إنه من غير المعقول أن تدار حرب بحرية على الساحل، ومن ثم فقد كانت النتيجة في تلك المعركة محسومة لصالح الأسطول الصليبي قبل أن تبدأ.
اتسمت معركة ليبانتو بالدموية وال*** الشديدين، فاستشهد قائد القوة البحرية مؤذن علي باشا وابنه مع بداية المعركة كما أسر ابنه الثاني، وغرقت سفينة القيادة في الأسطول العثماني التي فيها برتو باشا وتم سحبها إلى الشاطئ بتضحيات كبيرة.
أما القائد البحري العثماني أولوج الذي كان يقود الجناح الأيمن فإنه لم يخسر أيا من سفنه البالغة 42 سفينة واستطاع أن يقضي على الأسطول المالطي بالكامل الذي يتكون من ست سفن واغتنم رايته، وعندما رأى أن الهزيمة تقع بالأسطول العثماني وأن تدخله لإنقاذه هو انتحار مؤكد، رأى أن من الحكمة الابتعاد عن الميدان حفاظا على بقية الأسطول والاستعداد لمعركة قادمة.
كانت الخسائر في تلك المعركة ضخمة للغاية لكلا الطرفين فقد خسر العثمانيون 142 سفينة بين غارقة وجانحة وأسر الصليبيون 60 سفينة عثمانية، واستولوا كذلك على 117 مدفعا كبيرا، و256 مدفعا صغيرا، كما تم تخليص 30 ألف جداف مسيحي كانوا في الأسر، وسقط من العثمانيين حوالي 20 ألف قتيل وأسير، من بينهم 3460 أسيرا، ومن بين الأسرى 3 برتبة لواء بحري، وحاز الصليبيون راية مؤذن باشا الحريرية المطرزة بالذهب، وقد أعادها بابا روما إلى تركيا سنة (1385هـ= 1965م) كتعبير عن الصداقة بين الجانبين.
و*** من الصليبيين حوالي 8 آلاف وسقط 20 ألف جريح، وأصيبت غالبية السفن المسيحية، وكان من بين الأسرى المسيحيين ميغال دي سرفانتس الذي فقد ذراعه الأيسر وعاش أسيرا في الجزائر وألف روايته المشهورة دون كيشوت .
والواقع أن خسائر العثمانيين المعنوية كانت أشد فداحة من خسائرهم المادية، حيث كانت تلك المعركة الكبيرة ذات مردود سلبي في علاقة الدولة العثمانية بالأوربيين فزال من نفوس الأوربيين أن الدولة العثمانية دولة لا تقهر، وهو ما شجع التحالفات الأوربية ضدها بعد ذلك، وظهرت المراهنات على هزيمتها.
ورغم هذا الانتصار الباهر للأوربيين في معركة ليبانتو البحرية فإن الأوربيين لم يستطيعوا استغلال هذا الانتصار الكبير من الناحية الإستراتيجية، فقد استطاع العثمانيون بعد أقل من عام واحد على هذه الهزيمة بناء أسطول جديد كان أكثر قوة وعددا من الأسطول الذي تحطم في تلك المعركة، وهو ما أثبت أن الدولة العثمانية ما زالت تحتفظ بقوتها وأنها تستطيع في الوقت القليل تعويض الفاقد من قوتها وخسائرها نظرا لما تتمتع به الدولة من موارد وطاقات ضخمة.
بناء الأسطول العثماني

ومن المفارقة أنه بينما كانت البندقية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AF%D9%82%D9%8A%D8%A9) وغيرها من الدول التي شاركت في ليبانتو يشربون كئوس الانتصار وينحتون التماثيل تخليدا لذلك الانتصار الكبير، كان العثمانيون يعملون على قدم وساق في بناء أسطولهم الجديد، حتى إن السلطان العثماني نفسه خصص جزءا من حديقته الخاصة لإنشاء مصنع لبناء 8 سفن جديدة، واستطاع العثمانيون خلال الشتاء الذي أعقب المعركة أن يشيدوا ما يقرب من 153 سفينة حربية.
ولم ينس العثمانيون تقوية الروح المعنوية لشعبهم، وتذكيرهم بأن خسارة معركة لا تعني بحال من الأحوال خسارة الصراع، ولذا قام أولوج علي باشا القائد البحري بالدخول إلى إستانبول بعد الهزيمة بحوالي شهرين في أسطول كبير مكون من 87 سفينة وتمت ترقيته إلى قائد القوات البحرية.
ولم يلبث أولوج علي باشا أن غادر إستانبول مع 245 سفينة في حزيران/يونيو 1572 للدفاع عن قبرص بعدما علم أن الأسطول الصليبي يسعى للاستيلاء عليها، وعندما رأى دون جون الأسطول العثماني متجها نحوه أدرك أنه ليس في استطاعته مقاتلته بعدما تمكن العثمانيون من تعويض خسائرهم. أما البابا بيوس الخامس فكتب إلى الشاه إسماعيل الصفوي وإلى إمام اليمن يطلب منهما التحالف لقتال الدولة العثمانية.
ولم تنس الدولة العثمانية القصاص لهزيمتها في ليبانتو فعقدت معاهدة مع البندقية في 7 آذار/مارس 1573 تكونت من سبعة بنود، منها: أن تسدد البندقية إلى الدولة العثمانية 300 ألف ليرة ذهبية كغرامة حرب، وأن تعترف بالسيادة العثمانية على قبرص، وبعد أقل من عام قامت 220 سفينة عثمانية بتدمير سواحل إيطاليا الجنوبية.

abomokhtar
14-05-2013, 09:52 PM
أسباب معركة ليبانتو(*)
ارتعدت فرائص الأمم المسيحية من الخطر الإسلامي العظيم الذي هدد القارة الأوروبية، من جراء تدفق جيوش الدولة العثمانية (http://islamstory.com/ar/%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D9%87%D8%A7) براً وبحراً فأخذ البابا بيوس الخامس (1566 - 1572م) يسعى من جديد لجمع شمل البلاد الأوروبية المختلفة وتوحيد قواها براً وبحراً تحت راية البابوية [1] وقد كتب يقول: "... إن السلطنة التركية قد تبسطت تبسطاً هائلاً بسبب نذالتنا" [2].
القوى الصليبية ضد العثمانيين
عقد البابا بيوس الخامس وفيليب الثاني ملك إسبانيا وجمهورية البندقية معاهدة في أوائل 979هـ/ مايو 1571م، تعهدوا فيه بالقيام بهجوم بحري ضد العثمانيين، شارك في الحلف كذلك بعض المدن الإيطالية، وذلك بعد تحريك بيوس الخامس لروح التحالف، فارتبطت توسكاني وجنوة، وسافوي، وبعض الإيطاليين في الحلف المقدس [3].
وأرسل البابا بيوس الخامس إلى ملك فرنسا يريد العون، فاعتذر شارل التاسع بحجة ارتباطه بمعاهدات مع العثمانيين، فأجابه البابا طالباً منه التحلل من مواثيقه هذه، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى نقض الإمبراطور عهوده ومواثيقه التي أبرمها مع العثمانيين، واتجه نحو إيفان ملك الروس يطلب إجابته نفير الحرب، ووجد تباطؤاً عند ملك بولونيا، واختير (دون جوان) النمساوي قائداً للحملة وجاء في أحد بنود المعاهدة النصرانية: "إنَّ البابا بيوس الخامس وفيليب ملك إسبانيا وجمهورية البندقية، يعلنون الحرب الهجومية والدفاعية على الأتراك؛ لأجل أن يستردوا جميع المواقع التي اغتصبوها من المسيحيين، ومن جملتها تونس والجزائر وطرابلس" [4].
الاستعداد لمعركة ليبانتو
سار دون جون إلى البحر الأدرياتيك، حتى وصل إلى الجزء الضيق من خليج كورنث بالقرب من باتراس وليس ببعيدة عن ليبانتو والذي اسمها أعطى للمعركة.
كان من رأي قادة الأسطول الإسلامي الإفادة من تحصين الخليج وعدم الاشتباك بالأسطول الصليبي، غير أن القائد العام علي باشا صمم على الخروج للمعركة معتمداً على تفوقه في عدد سفنه، ونظم علي باشا قواته فوضع سفنه على نسق واحد من الشمال إلى الجنوب، بحيث كانت ميمنتها تستند إلى مرفأ ليبانتو، ومسيرتها في عرض البحر، وقد قسمها علي باشا إلى جناحين وقلب، فكان هو في القلب وسيروكو في الجناح الأيمن وبقي الجناح الأيسر بقيادة قلج علي.
ومقابل ذلك نظم دون جون قواته فوضع سفنه على نسق يقابل النسق الإسلامي ووضع جناحه الأيمن بقيادة دوريا مقابل قلج علي، وأسند قيادة جناحه الأيسر إلى بربريجو مقابل سيروكو وجعل دون نفسه لقيادة القلب وترك أسطولاً احتياطياً بقيادة سانت كروز [5].
احتدام معركة ليبانتو
احتدمت معركة ليبانتو في 17 جمادي الأولى سنة 979هـ/ 17 أكتوبر 1571م، أحاط الأسطول الإسلامي بالأسطول المسيحي، وأوغل العثمانيون بين سفن العدو، ودارت معركة قاسية أظهر فيها الفريقان بطولة كبيرة وشجاعة نادرة [6].
خسائر الأسطول العثماني في المعركة
وشاءت إرادة الله هزيمة المسلمين ففقدوا ثلاثين ألف مقاتل، وقيل عشرين ألفاً، وخسروا 200 سفينة حربية، منها 93 غرقت، والباقي غنمه العدو وتقاسمته الأساطيل النصرانية المتحدة [7]، وأسر لهم عشرة آلاف رجل [8]، واستطاع قلج علي إنقاذ سفنه، واستطاع كذلك المحافظة على بعض السفن التي غنمها، ومن بينها السفينة التي تحمل عمل البابا، رجع بها لإسطنبول، التي استقبلته استقبال الفاتحين، رغم الشعور بمرارة الهزيمة [9]، وبادر السلطان سليم الثاني (http://islamstory.com/ar/%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84) أثر ذلك بترفيع قلج علي إلى رتبة قائد البحرية العثمانية "قبودان باشا"، مع الاستمرار في منصبه كبيرلبك للجزائر [10].
أثر ليبانتو على أوروبا والدولة العثمانية
احتفلت القارة الأوربية بنصر ليبانتو، فلأول مرة منذ أوائل القرن الخامس عشر تحل الهزيمة بالعثمانيين [11]، فهلل الأوروبيون وكبروا لذلك الانتصار، وأقيمت معالم الزينات في كل مكان، وأفرطت في التسبيح بحمد دون جون أمير الأساطيل المتحدة الذي أحرز هذا الانتصار، إلى حد أن البابا لم يتورع عن القول أثناء الاحتفال في كنيسة القديس بطرس، بمناسبة هذا النصر: "إن الإنجيل قد عنى دون جون نفسه، حيث بشر بمجيء رجل من الله يدعى حنا"، وظل العالم المسيحي ومؤرخوه ينوهون بهذا النصر البحري، حتى أن القواميس المدرسية الحديثة لا تذكر ثغر ليبانت، إلا وتذكر معه دون جون المشار إليه على اعتبار أنه أنقذ المسيحية من خطر كان يحيق بها [12].
لقد فرح البابا فرحاً عظيماً على الرغم من عدم ارتياحه؛ لأنَّ عدوه لا يزال عظيماً مرهوب الجانب، وحاول إثارة شكوك الشيعة الاثنى عشرية (http://islamstory.com/ar/node/21809) الصفوية ضد العثمانيين، مستغلاً بعض الضغائن والمشكلات والاختلاف العقائدي، فأرسل إلى الشاه طهماسب ملك العجم ومن جملة ما قال له:
".. لن تجد أبداً فرصة أحسن من هذه الفرصة لأجل الهجوم على العثمانيين، إذ هم عرضة للهجوم من جميع الجهات ..." [13].
وأرسل يستعدي ملك الحبشة وإمام اليمن (http://islamstory.com/ar/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86_ %D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85_%D8%AF_%D8%B1%D8%A7%D8%BA %D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86% D9%8A) على الدولة العثمانية ولكن المنية عاجلته [14].
إن نتيجة معركة ليبانتو، كانت مخيبة لآمال العثمانيين، فقد زال خطر السيادة العثمانية في البحر المتوسط ومع زوال الخطر، زال الخوف الذي كان قوياً، للمحافظة على حلف مقدسي دائم و استعاد الحسد والغيرة نشاطه بين الدول المسيحية [15].
إن أهمية ليبانتو كانت عظيمة وأسطورة عدم قهر العثمانيين قد اختفت، ولم تعد للوجود ثانية على أقل تقدير في البحر، وأزيح ذلك الخوف عن قلوب حكام إيطاليا وإسبانيا، وتزعزع تأثير الدولة العثمانية على سياسة القوى الغربية لأوروبا، إذ كانت من الحقيقة القوات العثمانية هائلة في كل المجال البري والمجال البحري [16]، كما أن الانتصار المسيحي في ليبانتو كان إشارة لتحضير حاسم في ميزان القوة البحرية في البحر المتوسط، كما أنه أنهى عصراً من عصور العمليات البحرية الطموحة في البحر المتوسط، والتي تكاليفها باهظة [17].
لم يعد يفكر العثمانيون بعد تلك الهزيمة في إضافة حلقة أخرى إلى سلسلة أمجادهم البحرية [18]، إذ كان هذا الانكسار نقطة البداية نحو توقف عصر الازدهار لقوة الدولة البحرية [19].
المصدر: علي محمد الصلابي: الدولة العُثمانية - عَوَامل النهُوض وأسباب السُّقوط، الناشر: دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001م، جـ1/ 280- 283.




* ليبانتو: تقع في الطرف الشمالي للفم الغربي لخليج كورنث في اليونان اليوم.
[1] أحمد توفيق مدني: حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا، الطبعة الثانية، 1984م، ص396.
[2] د. علي حسون: تاريخ الدولة العثمانية، المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة 1415هـ 1994م، ص125.
[3] د. نبيل عبد الحي رضوان: جهود العثمانيين لإنقاذ الأندلس في مطلع العصر الحديث، مكتبة الطالب الجامعي، الطبعة الأولى 1408هـ/1988م، ص452.
[4] انظر: تاريخ الدولة العثمانية، ص125،126.
[5] انظر: حرب الثلاثمائة سنة، ص396.
[6] انظر: جهود العثمانيين، ص454.
[7] انظر: تاريخ الدولة العثمانية، ص126.
[8] المصدر السابق نفسه، ص126.
[9] انظر: الحرب الثلاثمائة سنة، ص398،399.
[10] انظر: جهود العثمانيين، ص454.
[11] أحمد عبد الرحيم مصطفى: في أصول التاريخ العثماني، دار الشروق، الطبعة الثانية، 1986م/1406هـ، ص147.
[12] محمد جميل بيهم: فلسفة التاريخ العثماني، أسباب انحطاط الإمبراطورية العثمانية وزوالها - شركة فرج الله للمطبوعات، بيروت، 1954م، ص143.
[13] انظر: تاريخ الدولة العثمانية، ص126.
[14] المصدر السابق نفسه، ص126.
[15] انظر: جهود العثمانيين، ص455.
[16] المصدر السابق نفسه، ص455.
[17] المصدر السابق نفسه، ص455.
[18] محمد الغربي: بداية الحكم المغربي من السودان الغربي، الدار الوطنية للتوزيع والنشر، طبعة عام 1982م، ص94.
[19] انظر: فلسفة التاريخ العثماني، ص143.