مشاهدة النسخة كاملة : عثمان بن عفان رضي الله عنه


abomokhtar
11-07-2013, 05:48 PM
عثمان بن عفان رضي الله عنه



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، الحمد لله الذي مَنَّ علينا بالإسلام ومنّ علينا بالصحابة الكِرام، هؤلاء هم مَن قال عنهم الله - عز وجل - في كتابه الحكيم: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، وسوف نتحدث في هذه المقالة عن رجل كان تستحيي منه الملائكة وهو ثالث خلفاء المسلمين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم مَن رفعوا رايات الجهاد، وأعزَّ الله بهم الإسلام، فصدقوا الله، فصدقهم الله.

عثمان بن عفان:
عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف، يجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف، وأمُّه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وأُمُّها أمُّ حكيم البيضاء بنت عبدالمطلب، فأمه بنت عمّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويُنسَب عثمان إلى أمية بن عبد شمس، وهو سيِّد بني أميَّة وأفضلهم - رضي الله عنه[1].

ذو النورين[2]:
تزوَّج عثمان بن عفان السيدة أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة أختها رقية عام بدر، وقد عقد عليها في ربيع الأول ودخل بها في جمادى الآخرة، ولما خطبها من النبي قال له: ((لو كان لي يا عثمان عشرة لزوَّجتك واحدة بعد الأخرى))، ويقال: لم يتزوَّج أحد بابنتَي نبي واحدة بعد الأخرى غيره، ولهذا كان يقال له: ذو النورين.

إسلام عثمان - رضي الله عنه -:
أسلم عثمان بن عفان في أول الإسلام قبل دخول محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، وكان عمره قد تجاوَز الثلاثين، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام قائلاً له: ويحك يا عثمان! والله إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحقّ من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع ولا تُبصِر ولا تضر ولا تنفع‏؟‏ فقال‏:‏ بلى والله، إنها كذلك، قال أبو بكر‏:‏ هذا محمد بن عبدالله قد بعثه الله برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏، وفي الحال مرَّ رسول الله فقال‏:‏ ‏‏يا عثمان أجِب الله إلى جنته فإني رسول الله إليك وإلى جميع خلقه‏‏،‏ قال‏:‏ فوالله ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمتَ، وشهِدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبد الله ورسوله[3].

بذَلْتَ بِشْرَكَ للصدِّيق حينَ دَعا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لله ربًّا ورُمْتَ الله ديَّانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

نبذْتَ للهِ قولَ الجاهليَّةِ بل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
أوسعْتَ مكَّةَ إذْ آذَوْكَ هجرانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

رجحْتَ عقلاً بفضْلِ الهِجرتين كما http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
رجحْتَ في الأجْرِ عندَ اللهِ ميزانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

جاورْتَ ربَّكَ إذ فارقتَ آصِرَةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مِن أهلِ مكَّةَ أحبابًا وإخوانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكُنتَ مِن ذاك عندَ الله في حرَمٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مِن التُّقَى وجنَيْتَ الخَيرَ صِنوانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

شهدتَ كلَّ عظيماتِ الخطوبِ مع ال http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
مختار تصدمُ أسيافًا ومُرَّانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ولَم تكن غيْرَ بدرٍ قطُّ ملحمةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلاَّ وكنتَ لَها قلبًا وإنسانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وأنتَ جافيتَ ركْنَ البيتِ حينَ نأى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عنه النبِيُّ فلَم تقرَب وإن دانَى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تأدُّبًا منك كافاكَ النبِيُّ به http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ببيعةٍ جَمعتْ عفوًا ورضوانَا[4] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



مواقف من حياته - رضي الله عنه - مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
• قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن يحفِر بئر رومة فله الجنة))، فحفرها عثمان، وقال: ((مَن جهَّز جيشَ العسرة فله الجنة))، فجهزه عثمان[5].

• عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نَعدِل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نُفاضِل بينهم"[6].

• صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أُحدًا ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان))[7].

• عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخِذَيه، أو ساقَيه، فاستأذن أبو بكر فأذِن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذِن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوَّى ثيابه - قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدَّث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تُباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تُباله، ثم دخل عثمان فجلست وسوَّيتَ ثيابك فقال: ((ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة))[8].

أحرزْتَ مِن ثقةِ الْمُختارِ أوثَقَها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
حِصنًا وأكمَلَها حُسنًا وإحسانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فكنتَ زوجَ ابنتَيْهِ وهْيَ منْزلةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ما نالَها أحَدٌ في الكونِ مَن كانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

لذاك سُمِّيتَ ذا النُّورين حين بدا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
سناكَ بالصِّهر مقرونًا ومُزْدانَا[9]http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



مواقف من حياة عثمان بن عفان:
جمْع القرآن:
عن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدِم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا بالصحف، ننسخها في المصاحف ثم نردّها إليك، فأرسلت بها حفصةُ إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحفَ في المصاحف، ردَّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرَق[10].

رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
دعا رسول الله عمر بن الخطاب ليكون رسولاً إلى أهل مكة، فقال: يا رسول الله إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغلظتي عليها، ولكني أدلُّك على رجل أعز بها مني: عثمان بن عفان، فقَبِل الرسول منه الاعتذار، واستحسن ما عرَضه عليه، فدعا عثمان فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش ليُخبِرهم بقصد رسول الله، فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص، فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلَّغ رسالة رسول الله، فقالوا لعثمان: إن شئتَ أن تطوف بالبيت فطف، قال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم[11].

صوم ذي النورين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -:
حبيب محمد ووزير صِدْق http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
ورابع خير من وَطِىء الترابا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



قال أبو نعيم عنه: "حظه من النهار الجود والصيام، ومن الليل السجود والقيام، مُبشَّر بالبلوى، ومُنعَّم بالنجوى".

وعن الزبير بن عبدالله، عن جدة له يقال لها: هيمة قالت: "كان عثمان يصوم الدهر، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله - رضي الله عنه - ***وه وقد كان صائمًا"[12].

م***ه رضي الله عنه:
ماذا جنَوْا بعد أن أردَوْا خليفتَهمْ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وعفَّروا خدَّهُ ظلمًا وعِصْيانَا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تفرَّقوا شِيَعًا في شأنِه وجرَى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
من ذلك الدَّمُ أنْهارًا وغُدْرانَا[13] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif



صلى صلاة الصبح ذات يوم فلما فرَغ أقبل على الناس فقال: إني رأيتُ أبا بكر وعمر أتياني الليلة فقالا لي: صم يا عثمان فإنك تفطر عندنا، وإني أُشهِدكم أني وقد أصبحت صائمًا، وإني أعزم على من كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخرج من الدار سالمًا مسلومًا منه، ثم دعا بالمصحف فأكبَّ عليه - رضي الله عنه - ما طوى المصحف، و***وه وهو يقرؤه"[14].

[1] الجوهرة في نسب النبي وأصحابه العشرة (2: 169).

[2] السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (2 :231)

[3] البداية والنهاية؛ ط إحياء التراث (7: 223).

[4] ديوان البنا؛ لعبدالله محمد عمر البنا.

[5] صحيح البخاري (5: 13).

[6] صحيح البخاري (5: 15).

[7] المرجع السابق.

[8] صحيح مسلم (4: 1866).

[9] ديوان البنا لعبدالله محمد عمر البنا.

[10] مشكاة المصابيح (7: 329).

[11] السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (2: 331).

[12] "الحلية" (1: 56)، و"صفة الصفوة" (1:302).

[13] ديوان البنا؛ لعبدالله محمد عمر البنا.

[14] البداية والنهاية: (7: 207).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/57122/#ixzz2Yki0dPik