مشاهدة النسخة كاملة : يدة البردى للامام البصيري"مدح النبي صلى الله عليه


ابراهيم الصافوري
06-02-2006, 05:04 PM
يدة البردى للامام البصيري"مدح النبي صلى الله عليه وسلم


البردة المباركة
للإمام شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد البوصيري


أمِنْ تَــذَكِّرِ جيرانٍ بــذي سَــلَمِ
مَزَجْتَ دَمعــا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ

أَم هَبَّتِ الريحُ مِن تلقــاءِ كــاظِمَةٍ
وأومَضَ البرقُ في الظَّلمـاءِ مِن اِضَمِ

فـما لِعَينـيك اِن قُلتَ اكْفُفَـا هَمَـتَا
وما لقلبِكَ اِن قلتَ اسـتَفِقْ يَهِــمِ

أيحَســب الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِــمٌ
ما بينَ منسَــجِمٍ منه ومُضْـطَـرِمِ

لولا الهوى لم تُرِقْ دمعـــا على طَلِلِ
ولا أَرِقْتَ لِــذِكْرِ البـانِ والعَلَـمِ

فكيفَ تُنْكِـرُ حبا بعدمـا شَــهِدَت
به عليـك عُدولُ الدمـعِ والسَّـقَمِ

وأثبَتَ الـوَجْدُ خَـطَّي عَبْرَةٍ وضَـنَى
مثلَ البَهَـارِ على خَدَّيـك والعَنَـمِ

نَعَم سـرى طيفُ مَن أهـوى فـأَرَّقَنِي
والحُبُّ يعتَـرِضُ اللـذاتِ بالأَلَـمِ

يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً
مِنِّي اليـك ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ

عَدَتْـــكَ حالي لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ
عن الوُشــاةِ ولا دائي بمُنحَسِــمِ

مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَســتُ أسمَعُهُ
اِنَّ المُحِبَّ عَنِ العُــذَّالِ في صَمَـمِ

اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّـيْبِ فِي عَذَلِي
والشَّـيْبُ أبعَـدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ

فـانَّ أمَّارَتِي بالسـوءِ مــا اتَّعَظَت
مِن جهلِـهَا بنذير الشَّـيْبِ والهَـرَمِ

ولا أعَــدَّتْ مِنَ الفِعلِ الجميلِ قِرَى
ضَيفٍ أَلَـمَّ برأسـي غيرَ مُحتشِـمِ

لــو كنتُ أعلـمُ أنِّي مــا أُوَقِّرُهُ
كتمتُ سِـرَّا بَــدَا لي منه بالكَتَمِ

مَن لي بِرَدِّ جِمَــاح مِن غَوَايتِهَــا
كما يُرَدُّ جِمَاَحُ الخيــلِ بالُّلُـجُمِ

فـلا تَرُمْ بالمعاصي كَسْـرَ شـهوَتهَا
اِنَّ الطعـامَ يُقوِّي شــهوةَ النَّهِمِ

فاصْرِف هواهــا وحاذِر أَن تُوَلِّيَهُ
اِنَّ الهوى مـا تَـوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ

وراعِهَـا وهْيَ في الأعمال سـائِمَةٌ
واِنْ هِيَ استَحْلَتِ المَرعى فلا تُسِـمِ

كَـم حسَّــنَتْ لَـذَّةً للمرءِ قاتِلَةً
مِن حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ

واخْشَ الدَّسَائِسَ مِن جوعٍ ومِن شِبَعٍ
فَرُبَّ مخمَصَةٍ شَـــرٌّ مِنَ التُّـخَمِ

واستَفرِغِ الدمعَ مِن عينٍ قَـدِ امْتَلأتْ
مِن المَحَـارِمِ والْزَمْ حِميَـةَ َالنَّـدَمِ

وخالِفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِـمَا
واِنْ همـا مَحَّضَـاكَ النُّصحَ فاتَّهِـمِ

ولا تُطِعْ منهما خصمَا ولا حكَمَــا
فأنت تعرفُ كيـدَ الخَصمِ والحَكَـمِ

ظَلمتُ سُـنَّةَ مَن أحيــا الظلامَ الى
أنِ اشـتَكَتْ قدمَــاهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ

وشَدَّ مِن سَغَبٍ أحشــاءَهُ وطَـوَى
تحتَ الحجارةِ كَشْــحَاَ ًمُتْرَفَ الأَدَمِ

وراوَدَتْــهُ الجبالُ الشُّـمُّ مِن ذَهَبٍ
عن نفسِـه فـأراها أيَّمَـــا شَمَمِ

وأكَّــدَت زُهدَهُ فيها ضرورَتُــهُ
اِنَّ الضرورةَ لا تعــدُو على العِصَمِ

محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ
والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ

نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ
أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ

هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ
لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ

دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ
مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ

فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ
ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ

وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ
غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَـمِ

وواقِفُـونَ لَدَيــهِ عنـدَ حَدِّهِــمِ
مِن نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَـمِ

فَهْوَ الـــذي تَمَّ معنــاهُ وصورَتُهُ
ثم اصطفـاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَــمِ

مُنَـزَّهٌ عـن شـريكٍ في محاسِــنِهِ
فجَـوهَرُ الحُسـنِ فيه غيرُ منقَسِـمِ

دَع مــا ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِـمِ
واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِـمِ

وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شـئتَ مِن شَـرَفٍ
وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَـمِ

فَــاِنَّ فَضلَ رســولِ اللهِ ليـس له
حَـدٌّ فَيُعـرِبَ عنـهُ نــاطِقٌ بِفَمِ

لو نـاسَـبَتْ قَـدْرَهُ آيـاتُهُ عِظَمَـاً
أحيـا اسمُهُ حين يُـدعَى دارِسَ الرِّمَمِ

لم يمتَحِنَّــا بمـا تَعيَــا العقولُ بـه
حِرصَـاً علينـا فلم نرتَـبْ ولم نَهِمِ

أعيـا الورى فَهْمُ معنــاهُ فليسَ يُرَى
في القُرْبِ والبُعـدِ فيه غـيرُ مُنفَحِمِ

كـالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُــعُدٍ
صغيرةً وتُكِـلُّ الطَّـرْفَ مِن أَمَـمِ

وكيفَ يُــدرِكُ في الدنيــا حقيقَتَهُ
قَــوْمٌ نِيَــامٌ تَسَلَّوا عنه بـالحُلُمِ

فمَبْلَغُ العِــلمِ فيه أنــه بَشَــرٌ
وأَنَّــهُ خيرُ خلْـقِ الله كُـــلِّهِمِ

وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا
فــانمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ

فـاِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا
يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنــاسِ في الظُّلَمِ

أكــرِمْ بخَلْـقِ نبيٍّ زانَــهُ خُلُـقٌ
بالحُسـنِ مشـتَمِلٌ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ

كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبـدرِ في شَـرَفٍ
والبحرِ في كَــرَمٍ والـدهرِ في هِمَمِ

كــأنَّهُ وهْـوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِــهِ
في عسـكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَــمِ

كـــأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ
مِن مَعْــدِنَيْ مَنْطِـقٍ منه ومبتَسَـمِ

لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْبَـا ضَمَّ أعظُمَهُ
طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ

أبــانَ مولِدُهُ عن طِيــبِ عنصُرِهِ
يـــا طِيبَ مُبتَـدَاٍ منه ومُختَتَـمِ

يَــومٌ تَفَرَّسَ فيــه الفُرسُ أنَّهُـمُ
قَــد أُنـذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ

وبـاتَ اِيوَانُ كِسـرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ
كَشَـملِ أصحابِ كِسـرَى غيرَ مُلتَئِمِ

والنارُ خـامِدَةُ الأنفـاسِ مِن أَسَـفٍ
عليه والنهرُ سـاهي العَيْنِ مِن سَـدَمِ

وسـاءَ سـاوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَـا
وَرُدَّ وارِدُهَـا بــالغَيْظِ حينَ ظَـمِي

كــأَنَّ بالنـارِ ما بالمـاءِ مِن بَلَـلٍ
حُزْنَـاً وبـالماءِ ما بـالنار مِن ضَـرَمِ

والجِنُّ تَهتِفُ والأنــوارُ ســاطِعَةٌ
والحـقُّ يظهَـرُ مِن معنىً ومِن كَـلِمِ

عَمُوا وصَمُّوا فــاِعلانُ البشـائِرِ لم
تُسمَعْ وبـــارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَـمِ

مِن بعـدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كــاهِنُهُم
بــأنَّ دينَـهُـمُ المُعـوَجَّ لم يَقُـمِ

وبعـد ما عاينُوا في الأُفقِِ مِن شُـهُبٍ
مُنقَضَّةٍ وَفـقَ مـا في الأرضِ مِن صَنَمِ

حتى غَــدا عن طـريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ
مِن الشـياطينِ يقفُو اِثْــرَ مُنهَـزِمِ

كــأنَّهُم هَرَبَــا أبطــالُ أبْرَهَـةٍ
أو عَسكَرٌ بـالحَصَى مِن راحَتَيْـهِ رُمِي

نَبْذَا به بَعــدَ تسـبيحٍ بِبَـطنِهِمَــا
نَبْـذَ المُسَبِّحِ مِن أحشــاءِ ملتَقِـمِ

جاءت لِــدَعوَتِهِ الأشـجارُ سـاجِدَةً
تمشِـي اِليه على سـاقٍ بــلا قَدَمِ

كــأنَّمَا سَـطَرَتْ سـطرا لِمَا كَتَبَتْ
فُرُوعُهَـا مِن بـديعِ الخَطِّ في الَّلـقَمِ

مثلَ الغمــامَةِ أَنَّى سـارَ ســائِرَةً
تَقِيـهِ حَرَّ وَطِيـسٍ للهَجِــيرِ حَمِي

وما حوى الغـــارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ
وكُــلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي

فالصدقُ في الغــارِ والصدِّيقُ لم يَرِمَـا
وهُم يقولون مـا بالغــارِ مِن أَرِمِ

منقول لجمال القصيده

علمي علوم
06-02-2006, 09:46 PM
قصيدة رائعة جدااااااااا
شكرا جزيلا وجزاك الله خيراً

mR . mOstafa Fathi
06-02-2006, 10:50 PM
تسلم يا ابراهيم
جزااك الله كل خيرااا

.. Mysterious ..
17-02-2009, 04:15 PM
حقيقي الله يفتح عليك يا فندم
ياليت كل الكلام يبقي على سيرة رسول الله صلي الله عليه وسلم
فما اجمل هذا الاحساس
وما اروع القراءة في سيرة المصطفي
جزاك الله خيرا يا فندم
وجعله الله لك في ميزان حسناتك

hend ere
23-02-2009, 02:15 PM
مرسى كثير ليك