مشاهدة النسخة كاملة : شرح مصطلحات الاخلاق الطبية


علاء حنفى القاضى
01-12-2015, 07:33 PM
الرجاء الدعاء بالرحمة لمربي الاجيال
أ/ عماد مهني موجه الفلسفة بطوخ






ما هو موافقة مستنيرة
الموافقة التي يحصل عليها الكادر الطبي من المريض لإجراء عمليّة جراحيّة ما او الخضوع للدراسات السريريّة بعد تحقيق فهم العديد من الحقائق الطبية المرتبطة بالدراسة والمخاطر المُحتملة . يتم اعتماد موافقة خطيّة من المريض ذات صيغة مفهومة وتاريخ موثق كما يُشترط ان يتواجد شاهد واحد على الاقل . وتتضمن صيغة الموافقة الكشف عن تفاصيل العملية ومخاطرها كما لا تُحجب الرعاية عن المريض في حال رفض منح الموافقة لكون الموافقة اختياريّة . قانونياً يتوجب الحصول على موافقة المريض قبل عدة ايام من اجراء العمليّات المختلفة كالاجهاض العلاجي او التعقيم ( سلب القدرة على الانجاب جراحياً ) او الخضوع للدراسة السريريّة . كما يُشترط ان يكون المريض مؤهلاً وتجاوز عمراً مُحدداً يؤهله على اتخاذ القرارات .


عني الموافقةُ المستنيرة تزويدَ المريض بكافَّة المعلومات المتعلِّقة بماهية التجربة الإكلينيكيَّة، على أن تتضمَّن هذه المعلومات أيضاً احتمال وقوع مخاطر أو مَنافع، وبذلك يقرِّر المريضُ ما إذا كان يريد المشاركة أم لا.

الموافقة المستنيرة ضروريَّة في الدراسات الإكلينيكيَّة، كما تنصُّ عليه قوانينُ العديد من الدول.

في البداية، يشرح الأطبَّاء والممرضون المشاركون في التجربة طبيعةَ العلاج؛ وهذا البرنامج الحاسوبي هو جزء من عمليَّة الشرح.

بعد ذلك، يتمُّ إعطاءُ المريض استمارة الموافقة المستنيرة لقراءتها والتمعُّن فيها. بإمكان المريض توقيعُ الاستمارة إذا ما وافق على المشاركة، كما يمكنه بالطبع أن يرفضَ المشاركة.

يستمرُّ تزويدُ المريض بالمعلومات حول العلاج حتَّى بعد بدء التجربة، إذ من الممكن أن تؤثِّرَ هذه المعلوماتُ في رغبة المريض بالاستمرار. كما لا يُلزِم توقيعُ الموافقة المستنيرة المريضَ بالدراسة، إذ بإمكانه أن يتوقَّف متى شاء.

على المريض في أيِّ وقت أن يطرحَ على الأطبَّاء كافَّة الأسئلة المتعلِّقة بالدراسة. وإذا لم يكتفِ المريضُ من الإجابات المُقدَّمة، يمكنه إعادة النظر في مشاركته. وإذا قرَّر المريضُ أن يتوقَّف، فليست هناك أيَّة تدابير تُتَّخذ ضدَّه، وعلى المريض ألاَّ يخافَ من توقُّف الرعاية في وقت لاحق. وبإمكانه مناقشة علاجات وطرق رعاية مختلفة مع أطبَّائه وممرِّضيه.


“قوانين نومبرج” تحرم العلاقات ال***ية بين الألمان و اليهود

أصدر الزعيم النازي أدولف هتلر مجموعة من القوانين العنصرية عرفت باسم “قوانين نورمبرج” في 15 سبتمبر من عام 1935م، تستهدف الفصل القانوني والاجتماعي بين اليهود والألمان في ألمانيا، و تتبنى علم الصليب المعقوف كشعار رسمي لألمانيا النازية.

وتضمنت حرمان اليهود الألمان من حق المواطنة؛ الذي برزت معالمه بوضوح في أهم تشريعين و هما “قانون مواطنة الرايخ” و”قانون حماية الدم الألماني والشرف الألماني” واللذين ألغيا مواطنة اليهود كونهم أبناء عنصر آخر ومنعَا قيام علاقات ***ية بين الألمان و اليهود أو تشغيل الخادمات الألمانيات في المنازل اليهودية.

قوانين نورمبرج للسلالات:

ولم تحدد قوانين نورمبرج، تعريف الشخص “اليهودي” على أنه شخص ذو معتقدات دينية محددة. بل كانت تصنفه وفقا لإنتمائه إلى 3 أو 4 أجداد يهود بغض النظر عن إعلان الفرد عن انتمائه للديانة اليهودية.

ووجد العديد من الألمان ممن لم يمارسوا اليهودية لسنوات أنفسهم تحت تهديد قوانين النازية، حتى أولئك الأفراد الذين ينتمون لجدود يهود وتحولوا للديانة المسيحية حيث كانت تحددهم النازية على أنهم يهود، من بينهم قساوسة كاثوليك رومان و بروتستانت كان أجدادهم من اليهود.

“غير مرحب باليهود هنا”:

و شاعت حالة من الذعر بين اليهود بعد اجتماع الحزب السنوي المقام في نورمبرج عام 1935، عندما أعلن النازيون عن قوانينهم التي تستثني اليهود الألمان من مواطنة الرايخ وتحرم عليهم الزواج أو الدخول في علاقة ***ية مع أشخاص من “ألمانيا أو مع من ينتسبون لهذه الدماء.” وجردتهم من حقوقهم الشرعية وحرمتهم من معظم الحقوق السياسية.

و صدر مرسوم مكمل لقوانين نورمبرج تقرر تحريم الزواج أو الدخول في علاقة ***ية مع أشخاص قد ينتج عنها ذرية “مشكوك فيها عنصريًا”.

و أكد وزير الداخلية على أن هذا القانون النومبرجي يسري على العلاقات بين الألمان، و أصحاب البشرة السوداء، والرومان (الغجر).

و لكن بعد أسابيع من الإجتماع و أثناء الألعاب الأولمبية في عام 1936م المقامة في برلين، تحسب هتلر من توجيه نقد دولي لحكومته تتسبب في تحويل الألعاب الأوليمبية لدولة أخرى الأمر الذي يهز هيبة ألمانيا أمام العالم، فخفف النظام النازي من هجماته المعادية لليهود و استبعد بعض الإشارات مثل تلك التي تحمل عبارة “غير مرحب باليهود هنا” من الأماكن العامة.

وفي عامي 1937 و1938م، طالبت الحكومة الألمانية اليهود بتسجيل ممتلكاتهم، ثم تحويل تلك الممتلكات إلى أشخاص آريين، الأمر الذي أدى إلى إستيلاء الألمان على ملكية أغلب الشركات اليهودية، الذين اشتروها بأسعار زهيدة حددها النازيون، و بالتالي تم طرد العمال والمديرين اليهود.

علامات تعريف خاصة في بطاقات اليهود:

و أضافت الحكومة علامات تعريف خاصة لبطاقات اليهود بإضافة حرف “J” باللون الأحمر، كما تم فرض اسم جديد في منتصف الاسم على كافة اليهود الذين لا يشير اسمهم الأول تلقائيًا إلى أنه “يهودي” وكان هذا الاسم هو “إسرائيل” للرجال و”سارة” للنساء. وكان متعدد العروق يعامل كمجرم وينسب له إسم “العار العرقي”.

قانون حماية الصحة الوراثية للشعب الألماني:

رفضت حكومة الرايخ الألماني إعطاء شهادات صحية للتصريح بالزواج لمن يعانون من “الأمراض الوراثية”، و ذلك وفقا لقانون حماية الصحة الوراثية للشعب الألماني الصادر في 18 أكتوبر 1935م، الذي يلزم كافة الأزواج المحتملين المقبلين على الزواج الحصول على شهادة من سلطات الصحة العامة للتصريح بهذا الزواج.


قوانين نورمبرج للسلالات

الارتباطات ذات الصلة

حشود متجمعة في اجتماع الحزب النازي في نورمبرج. نورمبرج، ألمانيا، عام 1935.
— US Holocaust Memorial Museum
عرض الصور الفوتوغرافية

عرض الشهادات المصورة

عرض الآثر التاريخي

في اجتماع الحزب السنوي المقام في نورمبرج عام 1935، أعلن النازيون عن القوانين الجديدة التي أسست للعديد من النظريات العنصرية المسيطرة على الفكر النازي. وتستثني هذه القوانين اليهود الألمان من مواطنة الرايخ وتحرم عليهم الزواج أو الدخول في علاقة ***ية مع أشخاص من "ألمانيا أو مع من ينتسبون لهذه الدماء." وجردت القوانين المحلية التي تمت إضافتها إلى القوانين اليهود من حقوقهم الشرعية وحرمتهم من أغلب الحقوق السياسية.

ولم تحدد قوانين نورمبرج، كما عرف فيما بعد، "اليهودي" على أنه شخص ذو معتقدات دينية محددة. وبدلاً من ذلك، كان أي شخص ينتمي لثلاثة أو أربعة جدود يهود يحدد على أنه يهودي، بغض النظر عما إذا كان الفرد يقول عن نفسه أنه يهودي أم لا أو منتمٍ لمجتمع الديانة اليهودية أم لا. ووجد العديد من الألمان ممن لم يمارسوا اليهودية لسنوات أنفسهم تحت قبضة الذعر النازي. حتى الأفراد الذين ينتمون لجدود يهود وتحولوا للديانة المسيحية كانوا يحددون على أنهم يهود.
وبعد إصدار قوانين نورمبرج بفترة قصيرة، وفي الأسابيع التالية وأثناء الألعاب الأولمبية عام 1936 المقامة في برلين، خفف النظام النازي من هجماته المعادية لليهود حتى أنه استبعد بعض الإشارات التي تشير إلى "غير مرحب باليهود هنا" من الأماكن العامة. ولم يرغب هتلر في توجيه نقد دولي لحكومته ينتج عنه تحويل الألعاب لدولة أخرى. فقد تكون هذه الخسارة ضربة خطيرة لهيبة ألمانيا.

وبعد الألعاب الأولمبية (التي لم يسمح فيها النازيون باشتراك الألمان اليهود الرياضيين)، عاد النازيون مرةً أخرى لاضطهاد اليهود الألمان. وفي عامي 1937 و1938، أرادت الحكومة إفقار اليهود وذلك من خلال مطالبتهم بتسجيل ممتلكاتهم، ثم بعد ذلك "تحويل تلك الممتلكات إلى أشخاص آريين". وكان هذا يعني طرد العمال والمديرين اليهود، والاستيلاء على ملكية أغلب الشركات اليهودية لصالح الألمان من غير اليهود والذين اشتروها بأسعار زهيدة حددها النازيون. ومُنع الأطباء اليهود من معالجة غير اليهود، ولم يسمح للمحامين اليهود بممارسة القانون.

ومثل أي شخص في ألمانيا، طلب من اليهود حمل بطاقة هوية، لكن الحكومة أضافت علامات تعريف خاصة لبطاقاتهم: فكانت تضيف حرف "J" باللون الأحمر إلى البطاقة، كما تم فرض اسم جديد في منتصف الاسم على كافة اليهود الذين لا يعرف اسمهم الأول تلقائيًا على أنه "يهودي" – وكان هذا الاسم هو "إسرائيل" للرجال و"سارة" للنساء. وسمحت تلك البطاقات للبوليس بتحديد اليهود بسهولة.

تواريخ هامة
15 سبتمبر 1935
وضع قوانين نورمبرج
.في اجتماع الحزب السنوي، أعلن النازيون قانونًا جديدًا لإلغاء مواطنة الرايخ لليهود وحرمان اليهود من الزواج أو الدخول في علاقات ***ية مع أشخاص "ألمان أو ممن ينتسبون لهذه الدماء". وكان "العار العرقي"، كما أصبح يُطلق عليه وقتها، بمثابة جريمة. ووصفت قوانين نورمبرج "اليهودي" على أنه شخص ينحدر من ثلاثة أو أربعة أجداد يهود. وبالتالي، صنف النازيون آلافًا من الأشخاص الذين تحولوا من اليهودية إلى أية ديانة أخرى على أنهم يهود، ومن بينهم حتى قساوسة كاثوليك رومان وقساوسة بروتستانت كان أجدادهم يهود.

18 أكتوبر 1935
فرض متطلبات جديدة للزواج
ألزم "قانون حماية الصحة الوراثية للشعب الألماني" كافة الأزواج المحتملين المقبلين على الزواج الحصول على شهادة من سلطات الصحة العامة للتصريح بهذا الزواج. وتم رفض إعطاء مثل هذه الشهادات لمن يعانون من "الأمراض الوراثية" والأمراض المعدية والذين يحاولون الزواج خرقًا لقوانين نورمبرج.

14 نوفمبر 1935
قوانين نورمبرج تمتد لتشمل مجموعات أخرى
امتد أول مرسوم مكمل لقوانين نورمبرج إلى تحريم الزواج أو الدخول في علاقة ***ية مع أشخاص قد ينتج عنه ذرية "مشكوك فيها عنصريًا". وبعد مرور أسبوع، فسر وزير الداخلية هذا الأمر على أنه يسري على العلاقات بين "الأشخاص الألمان أو من ينتسبون لهذه الدماء" والرومان (الغجر) والأشخاص أصحاب البشرة السوداء أو ذرياتهم.




الرئيسية / الدين الحياة / أخلاقيات البيولوجيا والعلم الحديث
أخلاقيات البيولوجيا والعلم الحديث
في الدين الحياة 30 أكتوبر,2015 نسخة للطباعة


مساعد المفتي العام للسلطنة:
هذه العلوم لا بد لها من إطار أخلاقي يوجهها ويؤطرها بقيم دينية تجنب كل ضرر ومفاسد
ـــ الله تعالى يأمر الإنسان السير في الأرض ليكتشف نواميسها لتحقيق الصلاح ودرء الفساد
ــ كل عمل يقوم به المسلم لابد أن ينضبط بضوابط هذا الدين
إعداد ـ احمد بن سعيد الجرداني:
(أخلاقيات البيولوجيا) لها معانٍ كثيرة، فقد توصل العلم في هذا الجانب المهم إلى أمور ومعارف عظيمة، سواء في حياة الإنسان او الحيوان والنبات .. وحول أخلاقيات هذا العلم كانت لنا هذه المتابعة من خلال برنامج (سؤال أهل الذكر) والذي بثه التلفزيون العماني خلال هذا العام .. حيث كان ضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة .. فإليك أخي القارئ ما قاله فضيلته:
في البداية تحدث فضيلة الشيخ عن الأدلة والمعاني التي تكتنف عقد مؤتمر دولي في (أخلاق البيولوجيا) فقد أشار بقوله: عقد هذا المؤتمر في السلطنة له معاني عدة منها الرغبة والتطلع للتعرف لما توصل إليه العلم في (أخلاق البيولوجيا) وما يتصل بالعلوم الحياتية سواء حياة الإنسان أو الحيوان أو النبات ولهذا أهمية بالغة.
ولابد أن يصاحب هذه العلوم إطار أخلاقي يوجهها ويسدد مسيرة الاكتشافات ويأطرها بقيم دينية تجنب كل ضرر ومفاسد وتجلب كل خير للإنسان وهذا المؤتمر فرصة للتلاقي بين العلماء ليتعرف لما وصل إليه العالم في هذه المجالات وما هي القوانين التي تحكمهم عندما يتعاملون ويطبقون وفي صدارة ذلك علوم الطب لأن به تتحقق صحة الابدان وبالدين تتحقق صحة الأرواح ولذلك حفظ النفس يأتي بعد حفظ الدين.
* قضيتان مهمتان
وفي هذا الجانب يقول فضيلة الشيخ الدكتور كهلان الخروصي: هناك قضيتان مهمتان هما: القضية الأولى ما جاء به الدين وما حث عليه من تدبر وتأمل قال تعالى:(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) ويأمر الله تعالى الإنسان أن يسير في الأرض ليكتشف نواميسها لتحقيق الصلاح ودرأ الفساد وأمر المؤمنين بالتعلم والاكتشاف ومن ثم تسخيرها لمنفعة الإنسان ولا غنى للمسلمين أن يسلكوا بأنفسهم مسالك الاكتشافات وتبين قوانين الأرض.
القضية الثانية: كل عمل يقوم به المسلم لابد أن ينضبط بضوابط هذا الدين ويشمل أيضا الأخلاق والقيم التي جاء بها الدين ومن أجل ذلك فكل حركة من أجل الاكتشاف لابد أن تنضبط بالقواعد الشرعية، وقد فعل المسلمون ذلك خلال قرون متتالية حينما كانت الريادة لهم فانطلقوا مكتشفين ومتبينين من خلال الأسس الدينية والقيم الأخلاقية النبيلة وعندما حصل التراجع الحضاري بسبب عدم فهم الدين صبغوا العلم بصبغة واقعهم وحضارتهم وثقافتهم ولذلك وجد تفاوت وتباين فما عادت بعض الأخلاق والقيم عندهم موجودة الآن وهذا أوجد الكثير من التعقيدات والمشكلات الفقهية والعقدية وولد مشكلات أخلاقية كبيرة كالتلاعب بالجينات وخلق الإنسان وقضايا تحويل ال*** وعدم الاكتراث للأمومة فقد شرعوا الزواج المثلي.
* موجة الإلحاد الطاغية
وحذّر فضيلة الشيخ من قضية الإلحاد فقال: موجة الإلحاد الطاغية التي تهيمن على مجالات البحث العلمي فهي تسعى لهدم القيم والاعتراض للدين، وهذا يلزم على المعنيين بالأخلاق والدين أن يهتموا بهذه القضايا وتوجيه هذه العلوم وجهة رشيدة وبحيث لا تمس ما يتصل بخلق الإنسان وأصل الفطرة لأن خلل كبير سيترتب على الإنسانية من جراء ذلك ،فهناك مدارس تعلي من شأن الأخلاق ولها صوت وتأثير.
* المبدأ الأخلاقي
ثم تحدث فضيلة الشيخ عن المبدأ الأخلاقي في هذا المؤتمر قائلا: ما يتصل بالجانب الإنساني وفطرته والكون الذي نعيش فيه وما يتصل بالدين .ووضع مبدأ واطار عام وهو مبدأ الاستقلال كأن يكون من يجري عليه البحوث حرا وباختياره وهناك مبدأ العدالة ومبدأ الإحسان ومبدأ دفع الضرر، هناك أخلاق ذات طابع عالمي شامل لكن المسلمون لم يسخروها في هذا المجال فهناك الكثير من التقصير وهناك غايات تبذل لنشر هذه الأخلاق.
وفي جانب ما توصل إليه العلم في تغيير بعض خلق الإنسان كعمليات التجميل وغيرها قال فضيلته: هذه القضية تعود لنوعين النوع الأول إزالة التشوه والعيوب وباتفاق العقلاء فإنه لا يمنع شرعا وهو من التداوي المشروع وإزالة التشوه ليس مرجعه للإنسان أن يحكم بنفسه أنه تشوه ومرد ذلك للعقلاء فإن كان بحسب الذوق العام إنه من التشوه فلا حرج في إزالته .
النوع الثاني ما كان تجملا محضا فهذا منهي عنه وذلك لسد باب عدم الرضا بما خلق الله فنجد الإنسان مشغول بما قسمه له الله من صورة ويترتب على ذلك آثار نفسية وصرف المال والوقت والجهد من أجل ذلك التعهد والحرص على النظافة من الامور التي أمر بها الإسلام، التزين كالنمص والوصل وتفلج الأسنان وفعل النساء ذلك للحسن كما ذكر الرسول (.. والمتفلجات للحسن) فمثل هذا ممنوع شرعا وورد فيها نصوص شرعية بتحريمه.
* الوصية بالتبرع بالأعضاء بعد الموت
وحول هل يجوز كتابة الوصية بالتبرع بالأعضاء بعد الموت؟ قال فضيلته: بعد الوفاة لا انتفاع بهذه الأعضاء لكن البحث في الموت السريري أو الدماغي وهذه من المسائل التي تناقش ومازالت محل بحث ومثل هذه القضية لا ينبغي الافتاء بها افتاء فرديا.
وكذلك هل يجوز شراء الأعضاء لزراعتها؟؟ أجاب قائلا: الشراء غير مسموح به شرعا وإنما الجواز التبرع .وينبغي التورع والتحرز لأن أكثر هذه الأعضاء المعروضة للبيع موبوءة.


الأخلاقيات التطبيقية ومسألة القيم

1

د. عمر بوفتاس (رحمه الله)
كلية الآداب بنمسيك/الدار البيضاء



"الأخلاقيات التطبيقية Les éthiques appliquées" ظاهرة ملفتة للنظر، فقد غزت هذه المباحث التي تندرج في إطار ما يعرف بـ "الفكر الأخلاقي الجديد" جل ميادين البحث والممارسة في الدول المتقدمة، وصاحبتها ظاهرة أخرى لا تقل عنها إثارة للاهتمام تتمثل في تزايد الطلب على الأخلاق والدعوة لتخليق كل ميادين المجتمع الحديث (تخليق المهن، تخليق السياسة، تخليق مؤسسات الدولة، تخليق التعليم والصحة، تخليق البنوك والمؤسسات المالية، تخليق الصحافة ووسائل الإعلام، تخليق الفضاء العمومي... الخ)، فما المقصود بالأخلاقيات التطبيقية؟ وما السر وراء تزايد الطلب على الأخلاق والدعوة لتخليق كل مناحي الحياة المعاصرة؟ وما مدى مواكبة الفكر العربي والإسلامي المعاصر لهذه الظاهرة؟ وما علاقة الفلسفة بهذا التطور وبهذه الحركية الذين يعرفهما الفكر الأخلاقي المعاصر؟ تلك بعض التساؤلات التي سنحاول أن نعالج بها هذا الموضوع الهام دون أن ندعي أننا نملك عنها إجابات وافية.

في العقود الأخيرة من القرن الماضي، بدأت المواضيع الكلاسيكية للفكر الفلسفي تتراجع تباعا بعد أن أوشكت على استنفاذ أغراضها، هناك أولا؛ تراجع التيارات الفلسفية التي هيمنت على الساحة الفكرية والثقافية منذ عقود خلت: العقلانية والتجريبية، الوضعية والماركسية، الوجودية والبنيوية؛ بل نلاحظ تراجعا حتى في تيارات أكثر حداثة كان من المنتظر أن تستمر مدة أطول في الساحة الفكرية والثقافية مثل التأويلية والتفكيكية والتحليلية وغيرها.

هناك ثانيا؛ انطفاء متتالي للرموز الفلسفية الكبرى التي تركت بصماتها الواضحة على الفكر الفلسفي خلال القرن الماضي، ومن أبرزهم في العالم الغربي بالتتابع: (لودفيج فدجنشتاين، وميرلوبونتي، وغاستون باشلار، وألكسندر كويري، وكارل ياسبرز، وتيودور أدورنو، وماكس هوركهايمر، وحنّا آرنت، ومارتن هايدغر، وهربرت ماركيوز، وجان بول سارتر، وجاك لاكان، وميشيل فوكو، ولوي ألتوسير، وفيليكس جواتاري، وهانس يوناس، وجيل دولوز، وجان فرانسوا ليوتار، وميشيل هنري، وهانس جورج غادامير، وجون رولس، وجاك دريدا، وبول ريكور، وكلود ليفي ستروس...الخ). ومن أبرز الأسماء العربية التي غادرتنا مؤخرا إلى دار البقاء: محمد عابد الجابري ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد.

لم تتمكن أسماء أخرى من ملئ الفراغ الذي تركته تلك الرموز الفلسفية الوازنة، خاصة وأنها خلفت إرثا فلسفيا يتميز بالضخامة والغنى والتنوع، لذلك أصبحت الساحة الفلسفية تعرف ظاهرة أخرى هي الاشتغال على أعمال الفلاسفة السابقين. صحيح أن الفلاسفة كانوا دائما ينطلقون من أعمال ومشاريع سابقيهم، غير أنهم كانوا أيضا يشيدون انطلاقا منها أعمالا ومشاريع جديدة. ويبدو أن السابقين لم يتركوا للاحقين مجالا لبناء مشاريع جديدة، وبعبارة أخرى: لقد انتهى عصر الأنساق والرموز الفلسفية؛ أي أن المنتظر بعد ذلك الانطفاء لم يعد هو ظهور رموز جديدة، بل حقبة فلسفية جديدة تنسجم مع عصر المعلومات، الذي أفسح المجال لجماعات البحث والحوار، والتفكير الجماعي في ظل تكامل المعارف والتخصصات.

في مقابل تراجع الفكر الفلسفي النسقي، واصلت العلوم والتكنولوجيات مسيرتها المظفرة والكاسحة، وتطورها النوعي المتسارع، وأصبحت الاكتشافات العلمية والإنجازات التكنولوجية تستحوذ على اهتمام الفلاسفة والمفكرين بشكل عام، لدرجة أصبح يستحيل معها في الوقت الراهن على الفيلسوف أن يفكر بعيدا عن تلك الاكتشافات العلمية والإنجازات التكنولوجية.

هذا الوضع هو الذي جعل بعض المهتمين بمستقبل الفكر الفلسفي يعتقدون أن تجديد هذا الفكر سيتم في مجال "الأخلاقيات التطبيقية"، هذا المبحث الجديد الذي أصبح يثبت تدريجيا أن عصر الفيلسوف الموسوعي أو الباحث العصامي قد ولى وترك المجال للتفكير الجماعي والدراسات والبحوث التي يجريها باحثون ينتمون لتخصصات متعددة ومختلفة، وأن الفيلسوف الأكاديمي الذي يمارس التفكير النظري في قضايا المعرفة والوجود والقيم، وفي أمور اللغة والتواصل والتفكيك والتأويل، بل وفي مسائل السياسة والاجتماع والأخلاق والدين بعيدا عن اهتمامات الأجيال الجديدة، فيلسوف يحكم على نفسه وربما على الفلسفة معه بالتهميش.

أبطال السباق الفلسفي الجدد هم منشطو الفلسفة الشعبية والمقاهي الفلسفية وجماعات الحوار والنقاش. ومواضيع النقاش والحوار التي تسترعي الاهتمام وتشدّ الانتباه هي مواضيع الفلسفة العملية مثل: الفلسفة السياسية، والفلسفة النسوية، وفلسفة البيئة، وفلسفة حقوق الإنسان، وفلسفة التكنولوجيا، وفلسفة الطب والبيولوجيا، وفلسفة الجسد... الخ. ويبقى أبرز ميادين الفلسفة العملية في الوقت الراهن هو "الأخلاقيات التطبيقية".

يركز بعض الباحثين والفلاسفة على ميدان معين من ميادين الأخلاقيات التطبيقية كميدان يتم فيع تجديد الفكر الفلسفي مثل الفيلسوف الإنجليزي ستيفن تولمين Stephen Toulmin الذي يرى أن ميدان الطب البيولوجي Biomédecine وما يرتبط به من "أخلاقيات الطب والبيولوجيا" يشكل مناسبة هامة للتجديد الفلسفي حيث قال: "لقد أنقذ الطب البيولوجي الأخلاق والفلسفة2"،يقول غيره "لقد أبدع الطب فلسفة" مما يذكرنا بقول ألتوسير أيام ازدهار الدراسات الإبستمولوجية: "لقد أبدع العلم حقا فلسفة".



أولا: الأخلاقيات التطبيقية

هي مجموعة من القواعد الأخلاقية العملية المجالية، تسعى لتنظيم الممارسة داخل مختلف ميادين العلم والتكنولوجيا وما يرتبط بها من أنشطة اجتماعية واقتصادية ومهنية، كما تحاول أن تحل المشاكل الأخلاقية التي تطرحها تلك الميادين، لا انطلاقا من معايير أخلاقية جاهزة ومطلقة، بل اعتمادا على ما يتم التوصل إليه بواسطة التداول والتوافق، وعلى المعالجة الأخلاقية للحالات الخاصة والمعقدة أو المستعصية casuistique. وفيما يلي أبرز مجالات الأخلاقيات التطبيقية:

1. "أخلاقيات الطب والبيولوجيا" أو "البيوإتيقا La bioéthique: التي ترتبط بميدان علوم الحياة وما يطرحه، بعد تبلور ما يعرف بتكنولوجيا الحياة Biotechnologie، من تساؤلات تتعلق بـ"الإنجاب الاصطناعي Procréation artificielle" من شاكلة: هل يتم الإنجاب دون *** مثلما يتم ال*** دون إنجاب (يتم الحديث عن تقنيات الإنجاب السلبية والإيجابية)؟ هل يمكن تعمد إنجاب اليتامى في حالة تخصيب الزوجة بمني زوجها بعد وفاته (إعادة النظر في عوائد ومفاهيم درج عليه البشر لآلاف السنين مثل مفهوم العائلة ومفهوم الأمومة ومفهوم البنوة ومفهوم الهوية البيولوجية) أو بـ"الموت الرحيم Euthanasie" من قبيل: هل يقبل الأطباء على انتزاع أجهزة التنفس والتغذية الاصطناعية عن المرضى الذين يعانون من غيبوبة طويلة الأمد رحمة بهم أم يواصلون إبقاءهم أحياء بشكل اصطناعي رغم عدم جدوى حياتهم؛ أي ما أصبح يعرف بـ"الإصرار على مواصلة العلاج Acharnement thérapeutique؟

2. أخلاقيات البيئة L’éthique environnementale: التي ترتبط بميدان البيئة وما يطرحه من تساؤلات أهمها: هل ستستمر موارد البيئة دون نفاذ كما تنم عن ذلك الطريقة التي نستغل بها تلك الموارد؟ وإذا علمنا ما ينتظر تلك الموارد من نضوب هل نعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية فنستمر في استغلالها بشكل مكثف أم نعطي الأولوية للحفاظ على موارد البيئة وحمايتها من الاستغلال المفرط ولو على حساب التنمية الاقتصادية؟ وما هو الإنسان الجديد الذي تبشر به الفلسفة البيئية؟ وما هي أهم التيارات البيئية التي يجري بينها حوار حو المعضلات البيئية الأساسية؟

3. أخلاقيات الاقتصاد L’éthique économique: التي ترتبط بميدان الحياة الاقتصادية الذي يعتبر من ضمن الميادين الأساسية التي أصبحت تعرف في العقود الأخيرة تزايد الطلب على الأخلاق تحت عناوين متعددة مثل: "أخلاقيات التجارة والأعمال L’éthique des affaires" و"أخلاقيات المقاولة L’éthique de l’entreprise" و"أخلاقيات التسيير والتدبير الاقتصادي L’éthique de la gestion économique" الخ. ويطرح هذا الميدان بدوره عدة مشاكل أخلاقية إلى جانب مشاكله الكلاسيكية المرتبطة بالاقتصاد السياسي، مثل هيمنة الصبغة التجارية والبضاعية للأشياء والأشخاص في آن واحد؛ وسبل التوفيق بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على موارد البيئة وحماية هذه الأخيرة من التلوث؛ وما تطرحه المجالات الاقتصادية الجديدة من رهانات ومشاكل مثل "الاقتصاد البيئي" و"اقتصاد المشاركة" و"اقتصاد المعرفة"... الخ.

4. أخلاقيات المعلومات L’éthique de l’informatique: التي ترتبط بميدان التكنولوجيا المعلوماتية التي تشمل مختلف التقنيات التي تخص إنتاج وجمع وحفظ ونشر وبث واسترجاع المعلومات، إلى جانب ظهور مجموعة من المفاهيم التي تنم عن التحولات العميقة التي حصلت في المجتمعات المعاصرة، على رأسها مفهوم "إنتاج المعرفة" الذي هو حصيلة التفاعل بين التقنيات الجديدة والمعرفة الإنسانية؛ ومفهوم "اقتصاد المعرفة" الذي أدخل المعرفة إلى عالم الاقتصاد والتجارة، فتحولت بذلك هي الأخرى إلى سلع ومنتوجات تباع وتشترى مما أضفى عليها قيمة مادية وباعد بينها وبين قيمتها المعنوية العتيقة؛ والفرق بين مفهومين أساسيين هما: "مجتمع المعلومات" الذي يقوم على تعميم التقنيات المعلوماتية، و"مجتمع المعرفة" الذي يتجاوز ذلك لإنتاج المعلومات وما يرتبط بها من تقنيات. وتعالج "أخلاقيات المعلومات" مجموعة من الإشكاليات الراهنة المرتبطة في آن واحد بميدان الإعلاميات من جهة، وميادين أخرى كالفضاء والإعلام والهندسة الوراثية وغيرها من جهة ثانية، مثل الحرب المعلوماتية والواقع الافتراضي والتصرف في المعلومات الوراثية وغيرها.

5. أخلاقيات الإعلام والاتصال L’éthique des mass média: التي ترتبط بالثورة التكنولوجية الحاصلة في ميدان وسائل الإعلام في تقاطع مع الثورة المعلوماتية وخاصة في إطار الإنترنت، وما يتعلق بها من مسائل توجيه الرأي العام والتحكم في اختياراته، وما يرتبط أيضا بهيمنة ثقافة الصورة ودور وسائل الإعلام في قلب الحقائق وتشويه الأحداث والنيل من كرامة الأشخاص، أو قيامها،خلافا ذلك، بتنوير الرأي العام والدفاع عن القضايا العادلة ومواجهة الظلم والاستبداد... الخ.

6. أخلاقيات التكنولوجيا La technoéthique: تعتبر من ميادين "الأخلاقيات التطبيقية" الأساسية التي تلتقي في إطارها جملة من الميادين الفرعية. وهكذا يمكن أن نتكلم عن "أخلاقيات تكنولوجيا الإعلام" و"أخلاقيات تكنولوجيا المعلومات"، و"أخلاقيات تكنولوجيا الحياة"، و"أخلاقيات تكنولوجيا الفضاء" و"أخلاقيات التكنولوجيا العسكرية"... الخ، وكل ميدان من هذه الميادين يمكن أن ينقسم بدوره إلى ميادين فرعية أخرى، فميدان "أخلاقيات تكنولوجيا الحياة" يمكن أن تتفرع عنه على سبيل المثال: "أخلاقيات تكنولوجيا الإنجاب" و"أخلاقيات تكنولوجيا التصرف في الجهاز العصبي" و"أخلاقيات التقنية الوراثية" و"أخلاقيات تكنولوجيا الموت"... الخ.

ويطرح كل ميدان من هذه الميادين التكنولوجية إشكاليات أخلاقية نوعية، إضافة إلى المشاكل الأخلاقية العامة التي تطرحها علاقة الإنسان بالتقنية، وخاصة بعد أن أصبحت التقنية هي الموجه الرئيسي لكثير من تعاملاتنا اليومية من أبسط الأمور إلى أشدها تعقيداً، وأضحت تشكل بديلاً عن الواقع الحقيقي، وتطرح، بذلك، مشاكل متعلقة بالهوية الإنسانية، وأخرى ترتبط بحرية الإنسان في علاقته بالتقنية ومدى إمكانية الحديث عن تبعية الإنسان للتقنية، ومدى قدرته على ضبط مساراتها والتحكم في أشكال انفلاتها، وكذا الحيلولة دون تسببها في تغيير طبيعة الإنسان الأخلاقية وبعده القيمي عموما. وعلى العموم تطرح، في هذا الإطار، قضية أساسية تتعلق بالتوتر الدائم والمستمر الذي يطبع العلاقة بين الزوج (علم/تقنية) الذي يتسم بالتقدم والتطور المستمر، والزوج (أخلاق/قيم) الذي يتسم على خلاف ذلك بالمحافظة والثبات أو على الأقل يسعى جاهدا لذلك.

7. أخلاقيات تكنولوجيا الفضاء L’éthique de la technologie spatiale: التي ترتبط بميدان الفضاء، فبعد تطور تكنولوجيا الفضاء وتزايد الاهتمام بالفضاء والدراسات الفضائية، طرحت مسألة القواعد الأخلاقية التي أصبحت تفرض نفسها في إطار التعامل مع هذا المجال الواسع الذي يرتبط بكثير مما يحدث في عالمنا المعاصر، وأصبح هو الآخر يطرح تساؤلات من شاكلة: إلى متى سيستمر استغلال الفضاء حكرا على دول معينة دون غيرها خاصة وأن احتكار تكنولوجيا الفضاء هو هيمنة على الإعلام وتوجيه للرأي العام العالمي؟ وهل سيأتي زمان يقسم فيه الفضاء إلى مناطق نفوذ ويسطر بالحدود كما حصل بالنسبة للبر والبحر؟ وهل يمكن أن نعثر على ظروف ملائمة للحياة خارج الغلاف الجوي؟ وهل بوسع للإنسان أن يعيش في كوكب آخر غير الأرض؟ هل يستطيع أن يحمل معه خارج الأرض العناصر الضرورية للحياة لآماد طويلة؟ وهل هناك كائنات حية أو عاقلة قد تفوقنا ذكاء خارج الأرض…؟ الخ.



ثانيا: نماذج من الأخلاقيات التطبيقية

لتحديد أبرز خصائص "الأخلاقيات التطبيقية"، سنركز على ثلاثة نماذج أساسية أوردتها الفيلسوفة الكندية المتخصصة في "الأخلاقيات التطبيقية" ماري إلين باريزوMarie-Hélène Parizeau في موسوعة "الأخلاقيات والفلسفة الأخلاقية" وهي "الأخلاقيات المهنية" و"أخلاقيات البيئة" و"أخلاقيات الطب والبيولوجيا3."



1. "أخلاقيات الطب والبيولوجيا أو البيوإتيقا La bioéthique"

ظهرت "أخلاقيات الطب والبيولوجيا" في مستهل السبعينات من القرن الماضي كتخصص جديد يهتم بالمشاكل الأخلاقية التي تطرحها الممارسة العلمية والتكنولوجية في ميادين الطب والبيولوجيا والصحة، فقد عرفت هذه الميادين ثورة علمية وتكنولوجية منذ أواسط القرن الماضي، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية التي امتازت بالسبق العلمي والتكنولوجي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ونتجت عن تلك الثورة العلمية والتكنولوجية مشاكل أخلاقية غير مسبوقة اتضح أن الفكر الأخلاقي الكلاسيكي عاجز عن استيعابها وتقديم الحلول المناسبة لها.

تزامنت تلك الثورة العلمية والتكنولوجية مع ثورة اجتماعية وثقافية، تجلت داخل الولايات المتحدة الأمريكية في تبلور "حركات اجتماعية-ثقافية" تطالب بمجموعة من الحقوق المدنية كالمساواة بين ال***ين وحذف الطلاق من لائحة المحظورات وتمكين المرضى من حقهم في تقرير المصير، وما صاحب ذلك من مواجهة لمختلف المؤسسات التي كانت ترمز للسلطة الاجتماعية وخاصة منها سلطة الأطباء والباحثين التي بدأت تثير الكثير من الجدال والنقاش منذ أواسط القرن الماضي.

في إطار ربط الفكر بالسياق الثقافي والاجتماعي الذي ظهر فيه، لابد من الوقوف عند هذه الحركة الاجتماعية التي عرفها المجتمع الأمريكي أواخر الستينات من القرن الماضي، والتي كان من مظاهرها البارزة مواجهة السلطة الطبية، خاصة بعد أن أصبح الأطباء وبعض المشتغلين بمهام البحث العلمي في مختلف ميادين الطب والصحة، يقومون بممارسات تتعارض مع المبادئ والقواعد التي تقوم عليها "أخلاقيات مهنة الطب". إن البيوإتيقا بهذا تترجم في جانب من جوانبها موجة السخط والنقمة التي عبرت عنها فئات عريضة من المجتمع الأمريكي تجاه فئة من الباحثين في ميدان الطب، أجبرت فئات من الأطفال والزنوج والسجناء والعجزة على الخضوع لتجارب طبية خطيرة، دون أخذ موافقتهم أو إخبارهم بما قد ينجم عنها من انعكاسات سلبية على صحتهم وحياتهم، علما بأن هذه الفئات كان من المفروض أن تكون محط عنايتهم ورعايتهم الطبية. كان ذلك من أبرز العوامل التي دفعت للتفكير في تطوير الفكر الأخلاقي، وبالفعل تبلورت منذ ذلك الوقت طرق جديدة للتعامل مع المشاكل الأخلاقية التي تطرحها الممارسة الطبية، ولمواجهة ما تتعرض له الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان من انتهاك في إطار أبحاث وتجارب الطب والبيولوجيا .

تزامن التفكير في وضع قواعد أخلاقية جديدة توجه الممارسة الطبية والبيولوجية مع تبلور فكر أخلاقي تطبيقي طال عدة ميادين أهمها ميادين التجارة والبيئة والإعلام، وقد أدى كل ذلك إلى استبدال مصطلح "الأخلاق Moral" بمصطلح "الأخلاقيات: Ethics"، وإلى إدراج الفكر الأخلاقي الذي يرتبط بهذه الميادين وغيرها في إطار عبارة "الأخلاقيات التطبيقية" كما سبقت الإشارة إلى ذلك؛ وفي هذا السياق ظهر مصطلح جديد للتعبير عن المبحث الأخلاقي الجديد الذي يعالج المشاكل الأخلاقية التي تثيرها ثورة الطب والبيولوجيا، وهو مصطلح "Bioethics".

ترجم هذا المصطلح الجديد الذي استعمله عالم السرطان الأمريكي "فان بوتر رينسلايرVan Potter Rensselayer" باللغة الإنجليزية سنة 1970 إلى الفرنسية بمصطلح "La bioéthique"، أما في اللغة العربية، فيمكن تقسيم محاولات ترجمة هذا المصطلح الجديد إلى ثلاثة أقسام: يحاول القسم الأول أن يبحث للمصطلح عن مقابل في اللغة العربية، وهي محاولة صعبة؛ لأن المصطلح مشتق في الأصل من كلمتين يونانيتين هما: Bios بمعنى الحياة، وEthos:Ethique؛ بمعنى الأخلاق أو الأخلاقيات، كما يحيل شقه الأول في اللغة الفرنسية "Bio" إلى علوم الحياة أو البيولوجيا..

لذلك نجد من يترجم المصطلح بـ"الأخلاق الطبية" أو "أخلاقيات الطب" أو "أخلاقيات الطب والبيولوجيا" أو "أخلاقيات علوم الصحة والحياة" أو "أخلاقيات علوم الحياة"، بينما يحاول القسم الثاني الدمج بين جزء من المعنى العربي وجزء من المصطلح اللاتيني، وهذا ما نجده عند الذين ترجموا الكلمة بـ"البيو-أخلاق" أو "البيو-أخلاقيات"، وأخيرا تسعى المحاولة الثالثة إلى تجاوز فوضى الترجمة بالإبقاء على الكلمة اللاتينية، وهذا ما نجده عند الذين ترجموا الكلمة بـ"البيوإتيك". ونحن من جهتنا، إلى جانب تفضيلنا لعبارة "أخلاقيات الطب والبيولوجيا"، نقترح الإبقاء على الأصل اللاتيني للكلمة مع إدخال تغيير طفيف عليه تسهيلا للاستعمال، وبالتالي استعمال كلمة "البيوإتيقا"، وذلك على غرار احتفاظ اللغة العربية بالكثير من الكلمات اللاتينية وحتى اليونانية لنفس الغرض، رغم وجود ترجمات دقيقة لها مثل: ابستمولوجيا، إيديولوجيا، ميتافيزيقا، انطولوجيا...الخ .

هناك تصوران يتنازعان "البيوإتيقا" على مستوى المجالات التي تغطيها: يمثل "أندري هيليغرز André Hellegers" تصورا أول يرى أن "البيوإتيقا" تشكل استمرارية لأخلاقيات الطب الكلاسيكية، وبالتالي فالمقابل المناسب لها هو "أخلاقيات الطب Éthique médicale". بينما يمثل "بوتر" التصور الثاني الذي يرى بأن "البيوإتيقا" تشكل مقاربة جديدة لأخلاقيات الطب بشكل خاص، وللأخلاقيات التطبيقية بشكل عام.

وبذلك فهي تتميز بطابع الشمولية بحيث تتضمن "أخلاقيات الطب" كفصل من فصولها وكمرحلة تاريخية ممهدة لها من جهة، كما تتضمن من جهة ثانية كل أشكال "الأخلاقيات التطبيقية" الأخرى وخاصة منها "أخلاقيات البيئة" مادامت تعالج قضايا ومشاكل أخلاقية ذات ارتباط بعالمي النبات والحيوان كما هو الشأن بالنسبة للنباتات والحيوانات المعدلة وراثيا والتجارب على الحيوانات بشكل عام، إضافة إلى الفيروسات التي يستعان بها لإجراء مختلف أشكال التعديل الوراثي والأسلحة البيولوجية...الخ.

يمكن أن نقول مع الفيلسوف الأمريكي "دانيال كالاهان Daniel Callahan" أن "البيوإتيقا" كانت بالفعل تعبيرا ثقافيا عن كل التغيرات التي عرفها المجتمع الأمريكي ما بعد الحرب العالمية الثانية بشكل خاص، وتلك التي عرفها العالم المتقدم بشكل عام. فعلى مستوى السياق العام، استدعى ما بعد الحرب العالمية الثانية القيام بتجديد حقيقي على المستوى القيمي والإيديولوجي والفلسفي؛ أما على مستوى السياق الخاص، فقد كان للسبق الأمريكي في إطار التقدم العلمي والتكنولوجي في ميادين علوم الحياة، ولنفور المفكرين الأمريكيين من كل ما هو نظري وتشبعهم بالفلسفات العملية والبراغماتية، وما صاحب ذلك خلال ستينيات القرن الماضي من تجاوزات من طرف الأطباء والباحثين، مما أدى إلى مراجعة جذرية قام بها كل من "جوزيف فلتشر Joseph Fletcher" وهو أول من درّس "أخلاقيات الطب" في جامعة فرجينيا، ويعتبر رائدا في مجال البيوإتيقا من خلال كتابه "الأخلاق والطب Morals and Medicine" الذي صدر سنة 1954 وهو أول عمل بيوإتيقي حقيقي ظهر قبل استعمال "بوتر" لمصطلح "بيوإتيقا"، ففي هذا الكتاب أقام "فلتشر" فكره الأخلاقي لا انطلاقا من العقائد اللاهوتية المسيحية، ولا انطلاقا من مواقف الأطباء، بل انطلاقا ولأول مرة من مطالب المرضى وحقوقهم، وقد كان "استقلال المريض كشخص" هو النقطة المحورية في موقفه هذا، كما وضع "فلتشر" أيضا أسس نظرية أخلاقية جديدة في كتابه الذي صدر سنة 1966: "أخلاقيات الحالات الخاصة: التوجه الأخلاقي الجديد Situation Ethics: the new Morality"؛ و"هنري بيتشر Henry Beecher" الذي كان أستاذا متخصصا في التخدير يدرس في جامعة هارفارد، وقد نشر سنة 1966 أيضا مقالا ذا أهمية قصوى في جريدة "New England Journal of Medicine" تحت عنوان: "الأخلاق والبحث العلمي في مجال الطب Ethics and Medical Research". كل ذلك انصهر مع دور رجال الدين المتحررين، إضافة إلى الفلاسفة ورجال السياسة والقانون لكي ينتج هذا المولود الفكري الجديد .

أما الجذور النظرية التي يرجع إليها الفكر الأخلاقي الجديد الذي تبلور في ميادين الطب والبيولوجيا، فيرجعها بعض الباحثين إلى المرحلة اليونانية: سواء تعلق الأمر بالثورة الطبية والبيولوجية أو بالثورة الأخلاقية المصاحبة لها. بالنسبة للمستوى الأول، يربط بعض الباحثين الثورة الطبية البيولوجية بالأساطير اليونانية التي تناول بعضها موضوع الإنسان القوي بفضل معارفه التي مكنته من إخضاع الطبيعة وتسخيرها لصالحه، والإشارة هنا بالخصوص إلى بطل أسطورة "النار المقدسة" بروميثيوس؛ وعالج بعضها الآخر موضوع تطور الإنسان وتشبهه بالآلهة على مستوى قدراته، والإحالة هنا إلى "أنصاف الآلهة" في الميثولوجيا الإغريقية، وإلى المسوخ والهجائن التي تناولتها تلك الميثولوجيا بشكل مسهب.

كما يحيل بعض الباحثين، في إطار نظرية تحسين النسل، إلى أفلاطون واقتراحه في جمهوريته تزويج الأقوياء من ال***ين ببعضهم البعض وتعقيم الضعاف والتخلص من العجزة كإحدى سبل تحقيق المجتمع المثالي. أما المستوى الثاني، فتتم الإحالة بشأنه إلى أبوقراط وقسمه المشهور الذي ضمّنه بعض القواعد الأخلاقية الموجهة للأطباء أثناء مزاولتهم لمهنتهم والتي ما زال تأثيرها قائما إلى اليوم، وإلى أرسطو في إطار نظريته الأخلاقية التي تقوم على الحيطة والحذر، والحكمة والتعقل، والتي تعتبر موجها أخلاقيا أساسيا للممارسة في ميادين الطب والبيولوجيا.
نعثر على جذور أخرى للفكر الأخلاقي الجديد في عصر الأنوار وخاصة مع فرانسيس بيكون الذي كان يدعو إلى السيطرة على الطبيعة بواسطة العلم؛ وديكارت الذي كان يؤكد أنه بالعقل يمكن للإنسان أن ينفذ إلى أعماق كل العوالم والموجودات؛ ولوك الذي كان يدعو للحد من سلطة الحكام ورجال السياسة وضمنيا من كل سلطة تسيء للأفراد في الوقت الذي تدعي أنها تعمل لمصلحتهم؛ وكانط الذي انطلق من أخلاقيات الواجب ليؤكد أن "الكرامة" خاصية تميز البشر عن غيرهم من الكائنات. وفي إطار تشكل الفكر البيوإتيقي الذي يطبعه النقاش والحوار بين تخصصات متعددة، يجب أن ننظر لهذه المواقف في تعارضاتها أيضا.

هناك جذور أخرى ترجع إلى فكرة "حقوق الإنسان" وتتمحور حول الحرية والعدالة والمساواة. وسيتم استدعاء هذه الجذور في إطار "علاقة الطبيب بالمريض" حيث يدعو المهتمون بحقوق المرضى" إلى تجاوز مفهوم "السلطة الأبوية للطبيب Paternalisme" ومنح المرضى حق تقرير المصير واشتراط "مبدأ الموافقة الواعية" لعلاج المرضى؛ أو في إطار المطالبة "بالحق في الموت بكرامة"؛ أو في إطار المطالبة بتكافؤ الفرص فيما يتعلق بولوج العلاج الطبي وتخصيص الموارد الصحية؛ وفي إطار الدعوة المتزايدة إلى احترام حقوق الإنسان في مجال أبحاث الهندسة الوراثية والاستنساخ... الخ.
من جذور الفكر البيوإتيقي الهامة أيضا،"مبدأ المسؤولية" الذي نجد له أصولا فلسفية في فلسفة سارتر، وخاصة الأبعاد الجديدة التي أخذها مع "هانس يوناس". ويتم استدعاء هذا المبدأ في إطار التأكيد على مسؤوليات الأطباء والباحثين المتعددة، مسئوليتهم ليس على المرضى الحاليين فحسب، ولكن على الأجيال القادمة أيضا، هذه المسؤولية التي أصبحت تتعاظم بعد ما أصبح يتوفر عليه هؤلاء الباحثون من قدرة على معرفة تفاصيل المخزون الوراثي للإنسان وإقدامهم على إحداث تغييرات في هذا المخزون الوراثي قد تتعدى آثارها الأجيال الحالية للأجيال القادمة.

يعتبر "قانون نورنبرغ" بدوره من أبرز الجذور التي ترجع إليها "أخلاقيات الطب والبيولوجيا"، ويتم استدعاؤه لحظر التجارب على البشر التي لا تتم بناء على موافقة واعية، ولإدانة كل ما يمكن أن يندرج في إطار "الجريمة ضد الإنسانية" من أبحاث وتجارب تجرى على الأجنة أو تستهدف استنساخ الإنسان. ويندرج في هذا السياق ما قام به بعض الباحثين الأمريكيين منهم "هنري بيتشر" خلال الستينات من القرن الماضي من فضح للتجارب اللامشروعة التي أجراها الباحثون داخل المستشفيات الأمريكية دون احترام أو تقدير لكرامة الأشخاص الذين أجريت عليهم، وما أثاره ذلك من سخط عارم وسط الرأي العام الأمريكي سيكون له دور في المبادرة إلى تأسيس لجان الأخلاقيات الأولى .
عدم التمييز بين جذور الفكر البيوإتيقي ونشأته الفعلية، وبين هذه النشأة ولحظات التطور، أدى إلى وجود خلط في بعض الكتابات التي تؤرخ له: فهناك من يرجعه إلى "قانون نورنبرغ"، وهناك من يرجعه إلى "مؤتمر أسيلومار"، وهناك (من الفرنسيين خاصة) من يربطه بلحظة تأسيس لجنة الأخلاقيات الفرنسية سنة 1983؛ والحقيقة أن للفكر البيوإتيقي جذورا متعددة، غير أن نشأته الرسمية كانت سنة 1970 حين أبدع "بوتر" المصطلح، وعرف منعرجا أساسيا بعد مؤتمر "أسيلومار" سنة 1974، وبدأ يأخذ صبغة عالمية منذ تأسيس لجنة الأخلاقيات الفرنسية سنة 1983.

مر الفكر البيوإتيقي بثلاثة مراحل أساسية ومرحلة تمهيدية ينعتها البعض بـ "مرحلة ما قبل البيوإتيقا"، وترجع إلى الفترة اليونانية مع "قسم أبوقراط" وما تلاه من حقب تاريخية تميزت بهيمنة "السلطة الأبوية للطبيب"، وقد عرفت الفترة الأخيرة من هذه المرحلة سعيا حقيقيا للتخلص من الخطاب الأخلاقي الكلاسيكي الذي يستند للسلطة الأبوية للأطباء. أما المرحلة البيوإتيقية الأولى المعروفة "بالمرحلة الأخلاقية واللاهوتية" فتتميز بتأسيس "مبحث البيوإتيقا" بطابعه البيئي الشمولي الذي أكد علية مبدع المصطلح "بوتر"، وبتأسيس لجان الأخلاقيات الأولى وإرساء خطاب أخلاقي جديد قادر على مسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي عرفته تلك الميادين؛ ورغم ذلك،عرفت هذه المرحلة صراعا قويا بين الفلاسفة ورجال القانون الذين حاولوا جاهدين إضفاء الصبغة العلمانية على الفكر البيوإتيقي، وبين رجال الدين المسيحي الذين نجحوا في بسط هيمنة الخطاب الديني على الحركة البيوإتيقية في بداية نشأتها.

وتتميز المرحلة البيوإتيقية الثالثة المعروفة بـ"المرحلة القانونية والفلسفية" بتراجع تصور "بوتر" أمام تصور "هيليغرز" الذي ينازعه السبق في استعمال المصطلح، وهكذا سيتمحور اهتمام المفكرين في هذه المرحلة حول المواضيع والقضايا الطبية، وخاصة ما يتعلق بالتطور الذي عرفته العلاقة بين الطبيب والمريض والشكل الجديد للقرار الطبي الذي أصبح يشارك فيه أشخاص قادمون من خارج ميدان الطب وما يرتبط بهما من قضايا مثل "الاستقلال الذاتي للمريض" وعدم إفشاء أسراره واحترام حياته الخاصة. وفي المرحلة الأخيرة التي هيمن فيها الطابع التجاري والاقتصادي، سيتم الاهتمام بمشاكل الصحة العمومية وما يرتبط بها من قضايا توزيع الموارد وتحديد من سيستفيد أولا من العلاج الطبي وولوج المرافق الصحية المختلفة. بالموازاة مع ذلك، سترجع الاهتمامات الأخلاقية والدينية بقوة، وسيوجه اللوم والنقد للمقاربة القانونية التي يطبعها الجفاء وترجح كفة التعاقد في ميدان يحتاج أكثر إلى الإحسان والمواساة والعلاقة الإنسانية الحميمة.
على مستوى التيارات التي تتنازع في إطار البيوإتيقا، هناك أساسا التيار المبدئي Principisme الذي يهيمن على الفكر البيوإتيقي الأمريكي؛ والذي يؤسس الممارسة الطبية والبيولوجية على أربعة مبادئ أصبحت تعتبر كلاسيكية، وهي مبدأ الاستقلال الذاتي Autonomie ومبدأ الإحسان Bienfaisance ومبدأ عدم الإساءة Non malfaisance ومبدأ العدالة Justice. وإذا كان السياق الأمريكي قد عرف انتقادات وتعديلات موجهة لهذا النموذج الكلاسيكي، فإن المراجعة الأساسية التي عرفها حصلت في دول أوروبا اللاتينية وخاصة في فرنسا؛ ولم تكتف هذه الدول بانتقاد التيار المبدئي والمطالبة بإدخال تعديلات جوهرية عليه، بل قدمت نموذجا بديلا أصبح يعرف بالنموذج البيوإتيقي الأوروبي اللاتيني.

ويتجلى الجديد الذي قدمه هذا النموذج الأوروبي في التأكيد على مبادئ حقوق الإنسان وإعطاء الأولوية للنزعة الأخلاقية الكانطية التي تقوم على مبدأ "الكرامة الإنسانية" عوض النزعة النفعية وخاصة في وجهها البراغماتي. ولا يعني ذلك أن النموذج المبدئي قد تم إقصاؤه بصفة نهائية من هذه البلدان، بل يعني فقط أن المجال قد فتح سواء في أمريكا أو في أوروبا لنماذج جديدة ومقاربات بديلة أهمها: تلك التي تقوم على أساس تقدير مسؤولية الأطباء والباحثين، وتلك التي تعيد الاعتبار للنساء، وأخيرا تلك التي تراهن على التعاطف مع المرضى والتأكيد على حقوقهم...الخ .

إلى جانب اهتمامه بالمبادئ التي يلزم أن توجه الممارسة في ميادين الطب والبيولوجيا؛ يهتم الفكر البيوإتيقي بالمشاكل الأخلاقية التي تطرحها هذه الممارسة، وبالتالي بالحلول التي يجب البحث عنها لتجاوز تلك المشاكل، والتعارض الحاصل بين الأطراف المعنية بها، وتتوزع تلك المشاكل بين ميادين الطب والعلاج من جهة، وميادين البيولوجيا والهندسة الوراثية من جهة ثانية.
في ميادين الطب، تطرح أولا المشاكل المتعلقة بالتجارب الطبية والدوائية، وتتمحور حول مشكل "الموافقة الواعية"، وحول جملة من التعارضات أهمها: التعارض بين مبدأ "الموافقة الواعية" ومبدأ "احترام الأشخاص" من جهة، وبين مبدأي العدالة والإحسان من جهة ثانية. غير أن "التجارب على البشر" تحمل إضافة إلى ذلك دلالة متميزة، نظرا لكونها موضوعا رئيسيا لمحاكمات نورنبرغ من جهة، ولأنها من جهة ثانية، كانت منطلقا لانبعاث الفكر الأخلاقي في الولايات المتحدة الأمريكية أواخر الستينات من القرن الماضي في إطار الممارسة الطبية والبيولوجية. أما بالنسبة لقضية زرع الأعضاء، فتطرح المشاكل المتعلقة بالمانحين والمستفيدين، وخاصة منها ما يرتبط بندرة الأعضاء القابلة للزرع، مما يقود إلى مشكل الاتجار بالأعضاء وتعريض الإنسان للاستغلال والامتهان.

لذلك، هناك سعي عالمي لحماية المتبرعين بالأعضاء من الأحياء والأموات، من خلال سن مجموعة من القوانين تستند إلى مبادئ الموافقة الواعية وسرية المتبرعين ومجانية الأعضاء وبطاقة المتبرع. أما مشاكل "طب الاحتضار" فترتبط بالخصوص بمعاناة المتقدمين في السن مع أمراض الشيخوخة ونبذ المحيط؛ وبما يقاسيه ضحايا الحوادث الخطيرة من جراء إصرار الأطباء على مواصلة علاجهم مهما كلف الثمن؛ وأخيرا ما يرتبط في إطار "الموت الرحيم" بمطالب من يعانون من مخلفات المراحل النهائية لبعض الأمراض الخطيرة كالسيدا والسرطان، حيث يلحون على وضع حد لمعاناتهم واستفادتهم بالتالي مما أصبح يعرف بـ"الحق في الموت بكرامة"؛ وما يقابل هذا الحل من مطالبة البعض باستبدال الموت الرحيم الذي يعتبرونه ***ا مقنعا أو انتحارا طبيا، بمرافقة المحتضرين ومواساتهم وتسكين آلامهم.
بالنسبة للجهاز العصبي، أصبحت "علوم الجهاز العصبي"، بعدما فتحت باب الأمل لعلاج أمراضه، تطرح مشاكل أخلاقية ترتبط بمحاولات التحكم في الجهاز العصبي، وظهر بالخصوص تخوف من التحكم في عقل الإنسان وتفكيره سواء كفرد أو كجماعة؛ وتطرح محاولات التحكم في الجهاز العصبي بواسطة الجراحة وزرع الأنسجة والخلايا الجذعية، مشاكل أخلاقية ترتبط بتغيير شخصية الإنسان والنيل من كرامته وانتهاك حقوق الأجنة؛ أما التحكم في الجهاز العصبي بواسطة العقاقير، فيثير تخوفا خاصا من السعي لتغيير تفكير الأفراد أو إخضاع المجتمعات للتخدير وتحويلها إلى آلات بشرية منصاعة كليا.

ويطرح "موت الدماغ" مشكل التوافق حول قبوله كمعيار لوقوع الموت؛ وتحديد متى يحصل: هل بموت الدماغ ككل أم بموت الدماغ العلوي رغم استمرار جذع الدماغ في أداء وظائفه؛ ومشكل الحسم في ماهية الطبيعة الإنسانية وهل تتعلق بالجانب الجسمي أم بالجانب النفسي أم بهما معا؟ وأخيرا تطرح "الحالة النباتية" مشكل التمييز بين الغيبوبة القصيرة الأمد والطويلة الأمد التي وصلت إلى نقطة اللا رجوع ؛ ومشكل مدى مشروعية نزع الوسائل الاصطناعية الداعمة، وأخيرا مشكل قيمة الحياة وهل نقدر الحياة النوعية فقط أم أن الحياة في جميع أشكالها تتطلب منا التقدير والاحترام. وعموما، تستلزم قواعد الأخلاق الجديدة التصرف في الجهاز العصبي وفق مبدأ الموافقة الواعية، وتحقق الثقة اللازمة بين الطبيب والمريض؛ والامتناع عن كل ما يهدد بانتهاك الكرامة الإنسانية أو بإحداث التغيير في الطبيعة الإنسانية.
بالنسبة للمشاكل التي تطرحها محاولات التحكم في الإنجاب، مع التأكيد على النتائج الإيجابية الكثيرة التي تحققت في هذا الميدان، سواء على مستوى تنظيم النسل حيث نجح الكثيرون في المباعدة بين الولادات وما لذلك من انعكاسات إيجابية على صحة الأم وتربية الأبناء وتراجع نسبة النمو الديمغرافي، أو على مستوى الإنجاب الاصطناعي حيث تم التغلب بنسبة لا يستهان بها على معضلة العقم؛ سنكتفي بإشارة موجزة إلى أهم تلك المشاكل حسب القضايا التي ترتبط بها، فتنظيم النسل يطرح مشاكل ترتبط بحريات الأفراد وخاصة حين يندرج في إطار مشاريع الدولة، وما يمكن أن يرتبط بها من أهداف ذات علاقة "بتحسين النسل؛ أما الإجهاض فيطرح مشاكل تتعلق بوضعية الجنين ومتى يكتسب صفة "الشخص"، وتعارض حقوق الجنين مع حقوق الأم، وتعارض حقوقهما معا مع حقوق المجتمع؛ ويطرح الإجهاض الانتقائي مشاكل إضافية تتعلق بالميز ال***ي.

يطرح الإنجاب الاصطناعي مشاكل أخلاقية أخرى تتعلق بعدة مسائل منها مسألة التلقيح الاصطناعي وخاصة في حالة اللجوء إلى طرف ثالث متبرع بالمني، مما يطرح مشكل هوية الطفل وحقه في التعرف على والده البيولوجي؛ ومسألة الإخصاب خارج الرحم وما يطرحه من مشاكل تتعلق بانطلاق عملية "تصنيع الإنسان" والسعي لتغيير طرق الإنجاب الطبيعية؛ وبنوك المني وما تطرحه من مشاكل الاتجار في عناصر الجسم البشري وخاصة بعد الترويج لما عرف ببنوك مني العباقرة؛ ومسألة بنوك الأجنة وما تطرحه من مشاكل شروط حفظها، ومدى مشروعية التخلص من الأجنة الفائضة، ومشكل إنتاج أجنة بشرية خصيصا للبحث العلمي، وما يطرحه ذلك من تعارض مع مبدأ كرامة الإنسان؛ وأخيرا مسألة استئجار الأرحام وما تطرحه من مشاكل تتعلق بامتهان إحدى الوظائف الإنسانية الأساسية التي تؤديها المرأة وهي وظيفة الأمومة، إضافة إلى تشييء الأم الحاضنة والطفل معا والابتزاز المادي الذي يحتمل أن يتعرض له الزوجان من طرف الأم الحاضنة، وما يمكن أن يتعرض له الطفل سواء من طرف الأم الحاضنة أو من طرف الأم الاجتماعية من إهمال في حالة إصابته بتشوه أو مرض وراثي خطير.
تتميز المشاكل الأخلاقية التي تطرحها تقنيات وقضايا الهندسة الوراثية بشدة خطورتها وإثارتها للكثير من الجدال والخلاف: هناك أولا مسألة الجينوم البشري، فإلى جانب ما تعد به من آمال واسعة في إطار تحقيق معرفة أحسن بالإنسان، وبالأمراض الخطيرة التي تهدده والجينات المسؤولة عنها، مما سيسهل إعداد الأدوية الناجعة لها؛ هناك أيضا المشاكل التي يطرحها فك أسرار الوراثة البشرية والمخاوف التي يثيرها التصرف فيها، ومنها مشكل "التنبؤ الوراثي" وإمكانية أن يعرف الإنسان مستقبله الصحي سلفا، وما يمكن أن تسببه له تلك المعرفة من اضطراب في حياته خاصة إذا علم أنه سيصاب بمرض خطير في وقت محدد دون أن تتوفر إمكانية علاجه، إضافة إلى ما يمكن أن تتعرض له المعلومات الوراثية الخاصة بالأفراد من عمليات القرصنة والاستغلال من طرف شركات التأمين ومكاتب التشغيل التي يمكن أن تمارس بناء عليها عنصرية من نوع جديد وإقصاء للمهددين بالإصابة بالأمراض الوراثية الخطيرة من الاستفادة من التأمين والشغل والضمان الاجتماعي، ومن المشاكل المطروحة أيضا ما يتعلق بقراءة جينوم الأجنة من إمكانية تزايد إجهاض الأجنة ولو لأتفه الأسباب.

مع ما ينتظره منها البعض من توفير مخزون احتياطي للأعضاء والأنسجة والخلايا البديلة وعلاج للأمراض الوراثية وقضاء نهائي على العقم وفتح صفحة جديدة في إطار الوجود البشري تجعل الإنسان يتطلع إلى تحقيق حلمه القديم في الخلود، تطرح مسألة الاستنساخ البشري بدورها مشاكل متعددة غير مسبوقة تتمحور حول طبيعة الإنسان ومستقبل وجوده وما يمكن أن ينجم عن تحقيق ذلك من مضار وانعكاسات سلبية، سواء على الأفراد المستنسخين الذين سيعانون من مشكل الشيخوخة المبكرة الذي تسبب في موت "النعجة دوللي قبل الأوان"، ومن الحرمان من عائلة حقيقية وهوية مميزة، ومن الحيرة في تحديد نوع العلاقة التي تربطهم سواء بالأصول أو بالفروع أو بالأقارب، وعلى المجتمعات التي ستضطر في حالة تزايد أعداد المستنسخين إلى إعادة النظر فيما درجت عليه لقرون من أنظمة القرابة والإرث والزواج وغيرها، وعلى البشرية ككل حيث يرى بعض الباحثين أن تحقيق الاستنساخ البشري على نطاق واسع يهدد الأجيال القادمة بالفقر البيولوجي كما يهددها بالانقراض بناء على تشجيعه لفصل الإنجاب على ال*** وبالتالي للتحكم الكامل في الجينوم البشري وتحويل الإنسان إلى كائن مصنوع سيفقد الخصائص البشرية بالتدريج.

بعلاقة بكل القضايا والمشاكل السالفة الذكر، يطرح "تحسين السلالة البشرية Eugénisme" المشاكل المركزية للفكر الأخلاقي الجديد: فبالإضافة إلى ما يمارسه موضوع تحسين النسل من إغراء للإنسان العادي وإغواء للأطباء والباحثين، تعتبر كل تقنيات الطب والبيولوجيا والهندسة الوراثية أدوات محتملة لممارسة تحسين النسل، وإذا كانت أصول نزعة تحسين النسل ترجع إلى عهود سابقة وخاصة أواخر القرن التاسع عشر بتضافر عدة عوامل منها تدهور الحالة الاجتماعية والصحية لكثير من المدن الصناعية الأوروبية إضافة إلى تبلور النزعة العنصرية وعلم الوراثة والداروينية الاجتماعية، وارتبط بخطط وإجراءات عنصرية تشرف عليها أنظمة شمولية بمبررات التطهير العرقي أو أنظمة ديمقراطية بمبررات تحقيق الرفاه؛ فإن هذه النزعة انبعثت من جديد في غمار ثورة الطب والبيولوجيا متمثلة بالخصوص في تقنيات الهندسة الوراثية، ورفعت شعار التطهير الوراثي بدل شعار التطهير العرقي، وأصبحت حسب الباحث الفرنسي المتخصص في الإنجاب الاصطناعي "جاك تيستار Jacques Testart" تؤدي مهمتها بصمت واعتمادا على مبررات يقبلها الجميع أهمها السعي للقضاء على الأمراض الوراثية وتحقيق صحة جيدة للأفراد وتقدم وازدهار للمجتمعات.

بسبب ذلك استقطب موضوع تحسين النسل عدة فعاليات علمية وفلسفية ودار حوله نقاش حاد بين نزعتين؛ تدافع إحداهما عن التقدم العلمي والتكنولوجي مؤكدة أن علوم الحياة لا يمكن فصلها عن تحسين النسل، وتدافع الأخرى عن حقوق الإنسان وكرامته وتؤكد أن الانسياق مع أهداف دعاة تحسين النسل وتعريض البشرية للمخاطر ليس مأمون العواقب.
الوعي بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن تكنولوجيا الحياة والنزاع بين من يؤكد على أولوية دعم تقدم العلوم والتقنيات في ميادين الطب والبيولوجيا، وبين من يدافع عن أولوية دعم الكرامة الإنسانية والحفاظ على طبيعة الإنسان وضمان استمراره في الوجود؛ هذا كله أدى إلى سعي حثيث لتقنين هذا الميدان وتنظيمه محليا ودوليا بناء على مبادئ حقوق الإنسان.
تطرح "أخلاقيات الطب والبيولوجيا" أو البيوإتيقا رهانات متعددة: أخلاقية وقانونية وحقوقية وفلسفية، سنحاول تسليط بعض الأضواء على الرهان الفلسفي وحده: فالفلاسفة يوجدون في طليعة المهتمين بالفكر البيوإتيقي؛ لأن البيوإتيقا تفكير فلسفي أيضا في المشاكل الأخلاقية الناجمة عن الأبحاث والدراسات المعاصرة في ميادين علوم الحياة؛ ولأن آراء الفلاسفة وطرقهم في التفكير ومفاهيمهم كانت من ضمن الأدوات التي استعان بها الفكر الأخلاقي الجديد لتحليل ومعالجة تلك المشاكل؛ كما أن ممارسات الأطباء والباحثين كثيرا ما تستدعي التأمل الفلسفي في مواضيع موت الإنسان وحياته ووجوده وطبيعته ومصيره...الخ.

ومن مهام الفكر الأخلاقي الجديد كما ترى دراسة حديثة حول الموضوع: توسيع مجال مفهوم حقوق الإنسان، وإعادة صياغة معاني مفاهيم الحرية والواجب والمسؤولية في ميادين البحث العلمي حتى لا تتيه العلوم عن منهج حماية الإنسان في كرامته ووجوده، وفي طبيعته وبيئته. وهناك أمارات واضحة على أن تلك المحاولات، بتساؤلاتها الجديدة حول معنى الحياة والمصير والإنسانية والقيم التي عاشت عليها حتى الآن، ستنعش الفكر الفلسفي المعاصر وتعمق أبعاده وتفتح أمامه آفاقا جديدة .
لم ينحصر دور الفلاسفة المعاصرين في إمداد الفكر الأخلاقي الجديد بأدوات اشتغاله وتأمله في المعضلات التي تطرحها الممارسة الطبية والبيولوجية، بل ساهموا في إغناء الحوار الذي يدور في ميادين علوم الحياة، بين تيارات ونزعات يمكن أن نقدم كنموذج لها الحوار الذي يدور بين النزعة العقلانية الإنسانية الجديدة أو "الكانطية الجديدة"، وبين النزعة العلموية أو البيكونية الجديدة: حوار يدور حول الطبيعة الإنسانية وما يمكن أن يلحقها من تغيير، ومصير ال*** البشري الذي ترى النزعة الأولى أنه مهدد بالانقراض، وعلينا لتلافي ذلك أن نخضع الأبحاث العلمية في ميادين الطب والبيولوجيا لقواعد أخلاقية وقانونية تقوم على أساس مبادئ حقوق الإنسان؛ وترى النزعة الثانية أننا لا نسير نحو الانقراض، بل نقترب بفضل ثورة الطب والبيولوجيا من مرحلة تطور نوعية هي مرحلة إنسان أعلى له قدرات بيولوجية وعقلية تتجاوز تلك التي يتوفر عليها حاليا.

تفضل النزعة العقلانية الإنسانية الحيطة والحذر، مؤكدة أننا إذا لم نتخذ الاحتياطات اللازمة، ولم نلجم العلم والتقنية بلجام القانون والأخلاق وحقوق الإنسان، وتركنا لعلماء الهندسة الوراثية حرية تعديل الخصائص الوراثية لل*** البشري كما يشاءون، فسنسير لا محالة نحو تطور ال*** البشري، غير أن هذا التطور قد يقودنا إلى مصير مجهول، ولكنه أسوأ على كل حال من وضعيتنا الحالية؛ لأنه سيفقدنا تلقائيتنا وحريتنا في الاختيار.



2. "أخلاقيات المهنة Ethique professionnelle"

تشكل "الأخلاقيات المهنية" حقلا واسعا للتساؤلات الأخلاقية نظرا لكون كل القطاعات المهنية في المجتمعات المعاصرة معنية بها مبدئيا: الطب، الهندسة، التجارة والأعمال، الاتصالات، الصحافة، التربية والتعليم، الإدارة والتسيير، المهن الحقوقية كالمحاماة والقضاء... الخ.
توجد "الأخلاقيات المهنية" في قلب التساؤلات التي تطرحها بنية المجتمعات الصناعية، ويلزم التذكير هنا أن هذه المجتمعات لها مجموعة من الخصائص التي تشرط التساؤلات الأخلاقية. فهذه المجتمعات تستند تاريخيا على ثلاثة قوى معيارية متداخلة ومتعارضة: أولاها: الاقتصاد الذي يفرز مجموعة من القيم الخاصة به كالفعالية والإنتاجية والتنافسية، إضافة إلى معقولية اقتصادية يتم وفقها تقويم كل شيء بناء على مفاهيم الكلفة والربح، والعرض والطلب، والإنتاج والاستهلاك؛ وثانيها: التقدم العلمي التكنولوجي الذي يعتمد معقولية من نوع آخر تقوم على أساس إجرائي اختباري وعملياتي، تمد الاقتصاد بالطرق والوسائل الضرورية؛ وثالثها: الحق والقانون الذي يحدد المعايير والممنوعات من خلال ضبط وتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.

والحال أن التفاعل المحدود بين الاقتصاد والعلم التكنولوجي technoscienceأدى إلى انزياح الوظائف نحو القطاع الاقتصادي الثالث (بعد قطاعي الفلاحة والصناعة) وهو قطاع الخدمات الذي أصبح يستقطب ما يقارب ثلثي الأعمال والوظائف. ويتطلب هذا القطاع كفاءات اختصاصية ملائمة للقيام بمهام غاية في الاختصاص تتميز بالمهنية والاحترافية. إن ظاهرة تزايد الطابع الاحترافي في دائرة الأشغال والمهن تستدعي أن تضع كل مهنة معايير وقواعد تنظيمية داخلية لضبط وتنظيم الممارسة الداخلية، وتتخذ عدة أشكال أهمها: "قواعد الممارسة الجيدة" وهي في الغالب قواعد تقنية وآداب مهنية ومدونات أخلاقية تحدد أبرز القيم الخاصة بكل مهنة على حدة؛ والالتزامات والحقوق والمسؤوليات المرتبطة بممارسة المهنة؛ ومدونة واجبات المهنة التي تتضمن مجموعة من المبادئ والإجراءات التنظيمية والتدابير القانونية المعدة لمواجهة الحالات التي يتم فيها الخروج عن قواعد المهنة أو التي تتم فيها مخالفة القانون.
إن النمو والتحول الحاصل في ممارسة مختلف الوظائف والمهن والذي يتجلى في تزايد عدد المهنيين وحصول أزمة ثقة تجاه أنماط الخبرة المهنية، إضافة إلى انتشار البيروقراطية التي تتجلى في تنظيم وتقسيم الشغل بناء على معايير معينة للمعقولية. كلها ظواهر تساهم في تعقيد البنيات الاجتماعية وتأزّم العلاقات داخل المجتمعات الصناعية. ونجد أنفسنا هنا أمام مفارقة تسبب الحيرة لكل مهتم بالفكر الأخلاقي المعاصر، بين نمو وتطور "الأخلاقيات المهنية" من جهة وتراجع الالتزام الأخلاقي داخل مختلف المهن من جهة ثانية مما يؤدي إل تناسل التساؤلات الأخلاقية داخل هذا الميدان.

غالبا ما تحيل التساؤلات الأخلاقية المطروحة في ميدان "أخلاقيات المهنة" إلى المشاكل العملية المهنية التي تعترض طريق العاملين داخل نفس المهنة، وذلك مثل المخاطر المرتبطة ببعض الآلات والتقنيات الجديدة، ومسألة المسؤولية الاجتماعية للمهنيين، ونزاهة العمال والحرفيين، وما يرتبط بحفظ السر المهني وعقوبة إفشاء سر المهنة، والمساواة وتكافؤ الفرص أمام مناصب الشغل والوظائف والحرف المختلفة. وتتجاوز "الأخلاقيات المهنية" هذا الإطار المهني الضيق، كي تتساءل خارجه حول الدور الاجتماعي للمهنة وحول مسؤولياتها الاجتماعية ومواقفها من المخاطر المحتملة في إطار مجال ممارستها وعلاقتها بالبيئة ؛ مثلها مثل "أخلاقيات الطب والبيولوجيا"، تتميز "الأخلاقيات المهنية" بإثارة النقاش والحوار بين ممثلي تخصصات متعددة ومختلفة: فالأخلاق والقانون وحقوق الإنسان والأنثروبولوجيا على سبيل المثال، كلها تتيح توسيع دائرة مناقشة المشاكل المهنية المطروحة من منظور لا مركزي بحيث لا ينحصر النقاش في إطار معارف مرتبطة بتخصصات ضيقة، وتوسيع دائرة النقاش هو ما يبرر حضور الفكر الفلسفي فيها.

على المستوى المنهجي، يهتم التحليل والمعالجة الأخلاقية في هذا الميدان بدراسة حالات خاصة ملموسة مما يتطلب تزويده بعدة وثائقية سواء على المستوى التقني أو غيره من المستويات، ويهدف بذلك إلى تسليط الأضواء على المعضلات الأخلاقية لأجل تقديم سبل معيارية أو حلول فعلية. وتأخذ "الأخلاقيات المهنية" أيضا شكل خطابات تتجلى فيما يكتب حولها وأنشطة مرتبطة بالتكوين الأكاديمي والاختصاصي. ومع ذلك، لا ترقى هذه الأنشطة المتعددة الاختصاصات إلى مستوى ما يحصل في ميدان "أخلاقيات الطب والبيولوجيا".



3. أخلاقيات البيئة Éthique environnementale

لم تكن المشاكل البيئية مطروحة، في يوم من الأيام، بنفس الحدة التي تطرح بها في الوقت الراهن، والسبب هو أن هناك تهديدا حقيقيا لوجود الإنسان على وجه الأرض، بل إن التدمير يطال الكرة الأرضية بجمادها ونباتها وحيوانها، في برّها وبحرها وجوّها، بسبب ما وفرته الثورة الصناعية والتكنولوجية من إمكانات هائلة للإنسان ضاعفت طاقاته آلاف المرات ومكنته في استغلاله للطبيعة من أن يضاعف تدميرها بالقدر نفسه أو أكثر.
لقد أدى التدمير المتزايد لعناصر البيئة إلى ظهور فعاليات مختلفة هدفها الدفاع عن البيئة والتصدي لأشكال الإضرار بها، وأدى من جهة أخرى إلى ظهور مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الجديدة التي بدأت تنتشر في الساحة الفكرية المعاصرة وتفرض نفسها على المهتمين بقضايا البيئة والتنمية والاقتصاد والصناعة والشأن العام: أخلاقيات البيئة، قوانين وحقوق البيئة، حقوق الحيوان، الفلسفة البيئية، السياسات البيئية، أحزاب الخضر، جمعيات حماية البيئة، الحركة البيئية... الخ، تندرج هذه المفاهيم وما تتضمنه من قضايا وتساؤلات في إطار الفكر البيئي المعاصر.

بناءً على ما سبق، لا ينحصر الفكر البيئي المعاصر في الدفاع عن قضايا البيئة والتصدي لمختلف التصرفات الإنسانية اللامسؤولة تجاه مواردها، ولا حتى في اتخاذ قرارات والقيام بإجراءات فردية وجماعية، أخلاقية وقانونية لأجل حماية البيئة والحيلولة دون استمرارها في التدهور، بل يتعدى ذلك للتعبير عن فلسفة جديدة تتصور الإنسان في إطار وضع اجتماعي وثقافي وبيئي متأزم، وتحاول أن تقدم رؤية جديدة للإنسان في علاقته بمحيطه البيئي.
تدمير البيئة: تعامل الإنسان البدائي مع الطبيعة بحب واحترام ممزوج بنوع من الانبهار والتوجس، (المتوحش الطيب حسب تعبير جان جاك روسو) لا يأخذ منها إلا ما تقتضيه الضرورة القصوى، واستطاع بذلك أن يعيش لآلاف السنين بطريقة لم تترك أية آثار بيئية سلبية، خاصة وأنه كان آنذاك يعيش في مجموعات صغيرة وبأعداد محدودة، ويعتمد في حياته على الصيد وجمع الغذاء والسكن في الكهوف والمغارات والأشجار. غير أنه بازدياد عدد البشر، أصبحت هذه الطريقة غير مقبولة، وغير منسجمة مع تطور الإنسان وطموحاته المتنامية.

حصل تغير هام في علاقة الإنسان بالطبيعة عندما انتقل منذ ما يقرب من عشرة آلاف سنة من القطف والصيد والترحال المستمر إلى الزراعة وتدجين الحيوانات والاستقرار. وستبلغ هذه المرحلة الثانية أوجها مع الحضارة اليونانية التي ستعرف تحوّلا هاما في علاقة الإنسان بالطبيعة، فإلى جانب ترسيخ الأساليب الزراعية وتحويل المعادن والاستقرار فيما سيعرف بالمدينة-الدولة؛ عرف اليونان أيضا البدايات الأولى للتفكير المنهجي مع الفلاسفة والمعرفة الجنينية لقوانين الطبيعة ولو بشكل نظري عام، وخاصة مع أرسطو وبطليموس وأوقليدس وأبوقراط. ما يهمنا من كل هذا هو ازدياد استغلال الإنسان لموارد الطبيعة وانطلاق عمليات الحفر والقطع والإحراق والتحويل (تحويل المعادن، تحويل الصخور والأتربة، تحويل مجاري المياه...الخ). لأول مرة في التاريخ أصبح بمقدور الإنسان، ليس فقط فهم الطبيعة، ولكن أيضا وأساسا القدرة على التأثير فيها بقوة وتطويعها بناء على تلك المعرفة.
فهم الطبيعة والاستعانة بقوانينها في استغلالها والتحكم فيها ليس إلا الخطوة الأولى في علاقة الإنسان السلبية مع بيئته، ستتلوها خطوة أخرى أكثر جرأة ستنقله من استغلال موارد الطبيعة إلى تدمير البيئة وإنهاكها واستنزاف خيراتها، خلال بحثه عن علم وتقنية يحقق بها حلمه الكبير في التخلص من كل أشكال المعاناة وتحقيق السعادة لبني ***ه. وستكون بداية هذه المرحلة حسب الباحث الفرنسي لوك بيجان Luc Bégin مع انطلاقة عصور الحداثة الأوروبية وخاصة في القرن السادس عشر قرن الثورة الميكانيكية التجريبية (فرانسيس بيكون وجاليليو ونيوتن) وما نجم عنها من ثورة صناعية في القرن الثامن عشر ستقود تدريجيا إلى سيطرة الإنسان وهيمنته على الطبيعة .

إنها سيطرة لن تكون بدون انعكاسات سلبية تتفاقم إلى أن تصل إلى درجة الكوارث التي تهدد بقاء الإنسانية مثلما تهدد الكرة الأرضية وكل من عليها، فقد خلفت الثورة الصناعية آثارا بيئية خطيرة بفعل تزايد الطلب على الطاقة والمواد الخام وتطورت وسائل النقل بشكل سريع، ونتج عن ذلك زيادة استغلال الموارد غير المتجددة وما ينتج عنها من تلوث الهواء والماء والتربة وتنامي حجم النفايات الكيماوية والنووية غير القابلة للتحلل، فظهرت أشكال جديدة من التلوث وأنواع جديدة من الأمراض، لقد طال تدمير الإنسان للبيئة أهم جوانبها البرية والبحرية والجوية، ولابد أن نشير هنا إلى الدور السلبي للحداثة باعتبارها قوة وسيطرة وهيمنة الإنسان على الطبيعة (لا يعني هذا بطبيعة الحال أننا نرفض الحداثة كتجاوز للفكر التقليدي، ولا كتدبير عقلاني لحياة الإنسان الاجتماعية والسياسية)، بل هي دعوة لمراجعة الحداثة في بعض جوانبها، مراجعة ستحدّ ولا شك من وقع ما تحدث عنه هايدغر من "شقاء وعي الموجود بذاته كتهديد للوجود في ذاته". كان ذلك من أسباب مسارعة المهتمين بمستقبل الإنسان والبيئة التي يتقاسمها مع غيره من الكائنات الحية وغير الحية للبحث عن قيم جديدة أو أخلاقيات للبيئة أو أخلاقيات للأرض.

سينطلق الفلاسفة المهتمون بقضايا البيئة من طرح تساؤلات أساسية حول علاقة البشر بالطبيعة: هل البشر وحدهم من يملك قيمة أخلاقية أصلية في الكون أم يمكن أن نعتبر أن الطبيعة والنباتات والحيوانات تمتلك بدورها قيمتها الخاصة باستقلال عن نفعها للبشر؟ وهل مسؤولياتنا والتزاماتنا الأخلاقية هي التزامات نحو الآخرين من البشر فقط أم تتعداهم لمختلف الأنظمة البيئية الأخرى؟ وهل على البشر مسؤوليات تجاه الأجيال القادمة أيضا؟ وبناء على هذا، هل يجوز تدمير الأنظمة البيئية المختلفة بحجة التقدم التقني وتحقيق الرفاهية للإنسان؟
تعتقد أخلاقيات البيئة أنه من الممكن حل المشاكل البيئية وتجاوز الأزمات التي يعاني منها الإنسان بسبب تدهور الأنظمة البيئية بالاعتماد على أخلاقيات جديدة لا تنحصر آفاقها في الدفاع عن حق الإنسان في العيش والبقاء، بل تتجاوز ذلك إلى إدماج باقي الكائنات الأخرى والتشديد على منح هذه الكائنات حقوقا واعتبارات أخلاقية من خلال إسقاط تلك المعايير الأخلاقية المتمركزة حول البشر، وفي هذا الإطار يتم الحديث عن حقوق الحيوان وحقوق البيئة وحقوق الأرض. هكذا ينتقد المدافعون عن أخلاقيات البيئة المركزية البشرية بحدة نظرا لما لها من دور في انبثاق فكر ثنائي البشرية-الطبيعة ترجع أصوله للفلسفة الديكارتية التي قسمت الوجود إلى فكر وامتداد، وقد كرست الفلسفة الكانطية البعد الأخلاقي لتلك الثنائية من خلال حديثها عن عالم البشر باعتباره مملكة الغايات مقابل باقي الكائنات التي لا تعدو أن تكون وسائل لتلك الغايات. وقد منحت هذه الثنائية للبشر مجموعة من السلط تخولهم استعمال الكائنات الأخرى كوسائل لتحقيق مصالحهم وتصريف رغباتهم.

لقد سبق لبعض الفلاسفة أن نبهوا إلى مخاطر السعي للسيطرة على الطبيعة وإلى مخاطر الوحشية التي يتم بها التعامل مع بقية الأحياء (جون لوك، إيمانويل كانط، جيريمي بنتام) وإلى الانعكاسات السلبية للتقنية على البيئة وعلى الإنسان، على الوجود والموجود في آن واحد حسب تعبير هايدغر. إلا أن الانطلاقة الفعلية لأخلاقيات البيئة كانت مع المفكر الأمريكي المتخصص في الحياة البرية "ألدو ليوبولد" الذي لفت الانتباه إلى ضرورة أن يشمل الاعتبار الأخلاقي باقي مكونات المجال الحيوي وليس الإنسان وحده. إن ألدو ليوبولد بإدانته لموقف الاستخفاف الذي تتخذه المجتمعات الحديثة تجاه الطبيعة باعتبارها مجموعة من الأشياء للإنسان كامل الحرية في تملكها والتصرف فيها، يدعو إلى أخلاقيات جديدة تدمج باقي المكونات البيئية في الاعتبارات الأخلاقية للإنسان .
يرى المفكر الفرنسي في مجال البيئة "ميشيل سير " أننا أصبحنا في حاجة لعقد جديد سماه "العقد الطبيعي" أو "العقد البيئي" نحدد فيه علاقتنا مع البيئة ومختلف أنظمتها على غرار "العقد الاجتماعي" الذي نادى به روسو في القرن الثامن عشر، عقد يأمل ميشيل سير أن يحدث تغييرا جذريا أو ثورة في علاقة البشر بالبيئة مثلما حصل في المجال الاجتماعي والسياسي بتأثير من روسو وباقي أصحاب فكرة العقد الاجتماعي.

في نفس السياق، تعتبر الفيلسوفة الفرنسية "جاكلين روس" أن الأخلاقيات الإيكولوجية العميقة التي نادى بها الفيلسوف الألماني هانس يوناس في كتابه "مبدأ المسؤولية" من شأنها أن تساهم في التراجع عن "مركزية الإنسان" وتأسيس قانون طبيعي تحتل فيه الطبيعة مكان الصدارة ويتم الإعلان عن سقوط كل ذاتية متسلطة مدعية لامتلاك القيم المطلقة، وقانون أخلاقي يذيب كل الذوات ويدمجها في إطار بيئي واحد يعترف بحقوق كل العناصر الإيكولوجية على قدم المساواة.

إن الحركة الإيكولوجية بشكل عام تقتضي حصول توفق بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين، والحال أن هذا التوافق غير حاصل على مستوى المبادئ؛ لأن التعارض في الرؤى يحصل بالضبط في إطار هذه المبادئ المرتبطة بالبيئة، وهناك بالخصوص تعارض بين مواقف نزعتين أساسيتين: النزعة المتمركزة حول الإنسان Anthropocentrisme والتي تعطي للطبيعة دورا ثانويا إن لم نقل هامشيا في الوجود في مقابل دور الإنسان الذي تعتبره محوريا، ما دام هذا الأخير في اعتقادها هو سيد الوجود وله كامل الحرية في التصرف فيه كما يريد؛ والنزعة المتمركزة حول البيئة Ecocentrisme والتي تعطي دورا أساسيا للطبيعة في الوجود، دور مساو لدور الإنسان، إن لم يكن دورا أهم منه .



ثالثا: العلاقة بين "الأخلاقيات التطبيقية" و"الفلسفة الأخلاقية"

يعتبر التمييز بين "الأخلاقيات التطبيقية" و"الفلسفة الأخلاقية" قضية معاصرة ما دامت عبارة "الأخلاقيات التطبيقية" ذاتها لم تظهر إلا أواخر الستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية مع انبثاق حقول معرفية جديدة تطرح تساؤلات أخلاقية غير مسبوقة، وقد أوردت الفيلسوفة الفرنسية "جاكلين روس" في كتابها الهام في هذا المجال "الفكر الأخلاقي المعاصر" خمسة ميادين بارزة للأخلاقيات التطبيقية، ركزت بشكل كبير على ميدان "أخلاقيات الطب والبيولوجيا"، وأوردت الميادين الأربعة المتبقية بالتتابع حسب درجة أهميتها من منظورها الخاص: "أخلاقيات البيئة" و"أخلاقيات الأعمال" و"أخلاقيات وسائل الإعلام" و"أخلاقيات الممارسة السياسية ."

ما هي أولا الشروط التي أدت إلى تطور هذه الميادين وإلى ظهور هذه التساؤلات الأخلاقية الجديدة؟ لقد كانت الفلسفة الأخلاقية الأمريكية والأنجلوساكسونية عموما خلال النصف الأول من القرن الماضي، تهيمن عليها قضايا ما وراء الأخلاق Méta Éthique بتأثير من الفلسفة الوضعية والتحليلية، فقد تمحورت الأبحاث والاهتمامات آنذاك حول التحليل المنطقي واللغوي لمضمون العبارات الأخلاقية، وذلك من خلال التساؤل على سبيل المثال، حول طبيعة ودلالة ودوافع استعمال المفاهيم الأخلاقية مثل "الخير" و"العدل" و"الفضيلة" و"الواجب"... الخ. وتطرح عملية التحليل ذاتها باعتبارها عملية محايدة من الناحية القيمية أو الأكسيولوجية.
خلال هذه المرحلة التي سادت فيها الدراسات التحليلية والماورائية للعبارات الأخلاقية، تمت معالجة مسألة المضمون الأخلاقي من منظورات اختصاصية تدافع إما عن مواقف دوغمائية (انطلاقا من نسق ديني معين) أو عن مواقف نسبانية (تحاول إضفاء الطابع السيكولوجي أو الأنثروبولوجي على الأخلاق). وهكذا نجد في ميدان الطب على سبيل المثال، أن بعض اللاهوتيين الكاثوليك كانوا، ابتداء من خمسينات القرن الماضي، يدافعون عن الأخلاق انطلاقا من نصوص بابوية خلال مناقشتهم لقضايا طبية جديدة تتعلق بالإخصاب الاصطناعي والتجارب على البشر وزرع الأعضاء... الخ. أما النسبانيون فكانوا، خلال نفس المرحلة، يستندون إلى علم النفس والتحليل النفسي اللذين يؤكدان على دور العواطف والانفعالات والرغبات اللاشعورية في توجيه القناعات الأخلاقية؛ أو إلى الأنثربولوجيا التي تبرز اختلاف الجماعات البشرية حول الأخلاق والعادات. وتبدو الأخلاق في هذا المنظور كأنها مسألة ذوق أكثر مما هي موضوع للعقل.

في مستهل الستينات من القرن الماضي، تدخلت مجموعة من العوامل لتغيير هذا الوضع: فمن جهة الفلسفة الأخلاقية، عرفت الاهتمامات المرتبطة بما وراء الأخلاق تراجعا تجلى في التخلي عن تحليل قواعد استعمال المضامين الأخلاقية لصالح جوانب أخرى من الخطاب الأخلاقي منها عالمية هذا الخطاب، ومدى ارتباطه بحاجات ومصالح الأفراد والجماعات، وأخيرا الاعتبارات التي توجه الممارسة. وهكذا اتجه الفلاسفة من جديد نحو الأخلاق الماهوية، وإن بمنظور جديد؛ أي اعتماد نظريات أخلاقية تحدد في نفس الوقت مفهوم الخير المرتبط بالنسق الأخلاقي، وشروط التداول التي تتيح تبرير الفعل الأخلاقي وإجراءات اتخاذ القرار الأخلاقي العقلاني.
من أسباب رجوع الاهتمام بالأخلاق الماهوية: التحولات الاجتماعية الكبيرة التي لا تتوقف وانعكاساتها سواء على مستوى حياة الأفراد الخاصة (التحرّر ال***ي، ترسّخ القيمة المادية للأشياء، تزايد الاحتجاج على كل أشكال السلطة التسلط... الخ) أو على مستوى الحياة العمومية (التأكيد على حقوق الأفراد والجماعات، التخلص من مختلف أشكال الاستغلال والاستعمار، تنامي دولة الرعاية... الخ). من جهة أخرى، ارتبط هذا الاهتمام الأخلاقي خصوصا بتطور العلوم والتقنيات، سواء من جهة ما تحققه من مصالح وخدمات على رأسها تحسّن شروط العيش من صحة وتغذية وسكن ومواصلات، أو من جهة ما تحمله من مخاطر تهدد الأمن والحياة البشريين. هكذا تمحور الحوار المرتبط بفلسفة الأخلاق حول قضايا العدالة والإنصاف والأشكال العقلانية للدولة، إلى جانب قضايا الحياة السعيدة والعيش الرغيد، وعلاقة ذلك بمضمون الحياة الأخلاقية للأفراد داخل مجتمعات تتميز بالتعدد الفكري والتنوع الثقافي، مجتمعات لم تعد فيها المرجعيات الأخلاقية مرجعيات مشتركة بالضرورة، ولكنها إلى جانب ذلك رسخت أخلاقيات الحوار واحترام الاختلاف والتناوب الفعلي والتعايش الإيديولوجي.

ارتبط جانب من هذا الحوار الأخلاقي الجديد بحالات محدّدة من الحياة اليومية المعاصرة، حيث تمحورت أبرز الإشكاليات الأخلاقية حول تحليل ومعالجة حالات واقعية ملموسة وغير مسبوقة تحصل داخل المستشفيات ومختبرات تجارب الطب والبيولوجيا، أو المقاولات في علاقتها باستغلال الموارد الطبيعية وتلويث البيئة، أو الهيئات الحكومية وعلاقتها بالفضائح السياسية والأخلاقية، وقضايا الرأي العام التي تثيرها مختلف وسائل الإعلام... الخ. ومثل هذه القضايا والمشاكل تتطلب معالجة متعددة التخصصات، وفي هذا الإطار تم اجتذاب خبراء الأخلاقيات والفلاسفة وعلماء الدين كي يقدموا آراءهم وتحليلاتهم وتوضيحاتهم حول الرهانات المطروحة. إن هذه المقاربة الأخلاقية المرتبطة أساسا بمعالجة الحالات الخاصة المستعصية Etude de cas داخل مختلف ميادين البحث والممارسة، هي التي أصبحت تعرف ب"الأخلاقيات التطبيقية". فبارتباطها بالمعالجة الأخلاقية للحالات الخاصة، تركز هذه الأخلاقيات على الحلول العملية، وتعطى الأولوية في هذا الإطار لسياق الفعل وتحليل النتائج واتخاذ القرار، ويعتمد هذا المنظور الأخلاقي الذي تترجح في إطاره الأجرأة والعمل على التأمل والنظر، في مختلف ميادين الممارسة الاجتماعية والمهنية . وهو نظر وتأمل يتغيّى البحث عن حلول عملية ترضي الأطراف والمنظورات المختلفة داخل المجتمع لأجل التوصل إلى حلول ناجعة للمشاكل المستعصية.

قبل التعرض لهذه النماذج، سأحاول أن ألخص أهم خصائص الأخلاقيات التطبيقية:
1. هي أولا واقع عملي وثقافي جديد تعيشه المجتمعات الغربية، أما نحن في العالم العربي فبالكاد تصلنا أصداؤه.
2. كما تمثل آخر صيحة للفلسفة العملية، وتشكل قواعد جديدة لتوجيه الممارسة داخل مختلف الميادين العلمية والعملية في المجتمعات المعاصرة. وصحيح أنها قواعد أخلاقية، غير أنها قابلة أن تتحول إلى سياسات تشريعية وقوانين في إطار ما أصبح يعرف في البلدان ما بعد الصناعية بـ"الانتقال من الأخلاقيات إلى القوانين".
3. هي بناء على ما سبق، قواعد عملية وليست نظرية، ورغم ذلك فهي تقوم على مفاهيم أخلاقية كلاسيكية مثل مفهوم الحق ومفهوم المسؤولية ومفهوم الواجب ومفهوم الكرامة... الخ، ولكنها تجدد مضامينها وتعطيها أبعادا جديدة ترتبط بما يطرحه العلم التكنولوجي من معضلات، وذلك مثل الأبعاد الجديدة لمفهوم الواجب في ميدان أخلاقيات الطب والبيولوجيا، والأبعاد الجديدة لمفهوم المسؤولية في ميدان أخلاقيات البيئة... الخ.
4. هي أيضا قواعد براغماتية، لا يراعى فيها الصدق والكذب أو الخطأ والصواب أو حتى الخير والشر، بل تراعى فيها الصلاحية.
5. كما أنها قواعد علمانية، فهي لا تستمد من الدين، بل غرضها تنظيم الحياة العملية، وإن كان علماء الدين يساهمون أحيانا في بلورتها، ولذلك ليست قارة وثابتة، بل هي قابلة للتغيير والتعديل بناء على الحاجات العملية وعلى عملية التداول.
6. هي أخيرا قواعد تداولية توافقية، لا تستحدثها جهة معينة، بل تأتي نتيجة التشاور والتداول بين العاملين داخل ميدان معين أو مهنة معينة، بالتعاون مع ممثلي تخصصات أخرى في الوقت الذي يتعلق فيه الأمر بقضايا أو معضلات تهم جميع مكونات المجتمع، وقد تتخذ طابعا عالميا تهم جميع الناس في بعض الحالات مثل قضايا البيئة وقضايا الطب والبيولوجيا.

7. غالبا ما يتم تداول مثل هذه القضايا التي تهم جميع فعاليات المجتمعات المعاصرة داخل ما يعرف بـ"لجان الأخلاقيات Comités d’éthique"، وهي هيئات جديدة أفرزتها المعضلات والمشاكل التي خلفتها نتائج التقدم العلمي والتكنولوجي ميادين متعددة ومختلفة، ويتكون أعضاؤها من ممثلي التخصصات المعنية مباشرة بتلك المشاكل، بالإضافة إلى مختلف فعاليات المجتمعات الحديثة من محامين ورجال القضاء والقانون ورجال الاقتصاد والسياسة والمهتمين بالبيئة وحقوق الإنسان والمتخصصين في العلوم الإنسانية والفلاسفة... .

بهذا أفرزت "الأخلاقيات التطبيقية" فكرا يتميز بتعدد وتفاعل مختلف المعارف والاختصاصات، وقد أسهم هذا الفكر الأخلاقي الجديد بشكل خاص في تطوير القانون وحقوق الإنسان، والمأمول بالنسبة لنا أن يكون له دور أساسي في تطوير وتجديد الفكر الفلسفي والديني معا.
بعد التعريف بميادين "الأخلاقيات التطبيقية" الأساسية، والوقوف عند نماذجها الأكثر استقطابا للاهتمام وإثارة للجدل، نرجع للتأكيد أن ما يثيره هذا الموضوع من ضرورة إعادة النظر في القيم الإنسانية ومراجعة طابعها المطلق، والدعوة، بناء على ذلك، إلى تنسيب القيم وإضفاء الطابع العملي، بل والبراغماتي النفعي على الأخلاق؛ أقول: لا يمكن لذلك أن يترك المفكرين العرب والمسلمين دون أن يبذلوا قصارى جهدهم، وخاصة على مستويين:
8. يتمثل المستوى الأول في ضرورة الاطلاع على كل ما استجد في الفكر الغربي في إطار "الأخلاقيات التطبيقية"، بالموازاة مع مراجعة الفكر الأخلاقي العربي الإسلامي القديم، وإبراز جوانبه التي يمكن أن تمت بصلة لمستجدات الفكر الغربي المعاصر.
9. أما المستوى الثاني، فيتمثل في ضرورة تقويم الفكر الأخلاقي والقيمي عموما، لأجل التمييز بين الجوانب التي يمكن أن تخضع للنسبية والتطور، والجوانب التي يمكن أن نسمها بالإطلاقية والكونية، وذلك جانب آخر من هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة مستقلة.

الهوامش

----------------------------------------------------------

1 . دراسة منشورة ضمن أعمال الندوة العلمية الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء، أيام 21-22-23 جمادى الثانية 1432ﻫ الموافق لـ25-26-27 ماي 2011م، الدار البيضاء، حول موضوع: "سؤال الأخلاق والقيم في عالمنا المعاصر"، ص109-137.

2 . يراجع الكتاب الذي ألفه سنة 1988 بالاشتراك مع الباحث الأمريكي المتخصص في البيوإتيقا أو أخلاقيات الطب والبيولوجيا Albert R. Jonsen: The Abuse of Casuistry: A History of Moral Reasoning: Les abus de la casuistique: une histoire du raisonnement moral (الترجمة المقترحة لعنوان الكتاب: تجاوزات مقاربة دراسة الحالات المستعصية: تاريخ للتعقّل الأخلاقي).


3 . Marie-Hélène Parizeau, Ethique appliquée, in «Dictionnaire d’éthique et de philosophie
Morale», puf, paris, 1996, P: 535 – 536.


4 . Hubert Doucet, Au pays de la bioéthique, Labor et Fides, 1996, P: 18-19.

5 . تراجع في هذا الإطار المراجع التالية:
ـ عمر بوفتاس، أثر فلسفة الحق الكانطية في تأسيس البيوإتيقا، ضمن أعمال المائدة المستديرة: فلسفة الحق: كانط والفلسفة المعاصرة، تنسيق: محمد المصباحي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2007، ص232-233.
ـ عبد الرزاق الدواي، حوار العلم والفلسفة والأخلاق في مطالع الألفية الثالثة، شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء، 2004، ص48-49.
ـ محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر الغربي المعاصر، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،، 1997، ص65.

6 . Au Pays de la bioéthique, op.cit, p: 21-23.

7 . Ibid.


8 . Hubert Doucet, «La théologie et le développement de la bioéthique américaine», in Revue des sciences religieuses, faculté de théologie catholique, Palais universitaire, Strasbourg, N° 1, Janvier 2000, p: 9-13 (بتصرف).

9 . «Dictionnaire d’éthique et de philosophie Morale», op.cit, p: 536.

10 . Gilbert Hottois et Marie-Hélène Parizeau, Les mots de la bioéthique, Terme: Ethique environnementale, De oeck université, 1995, p: 192.

11 . ibid., p: 193.

12 . Jacqueline Russ, La pensée éthique contemporaine, op.cit, p: 111.

13 . يراجع في هذا الإطار كتابه الهام: "Le contrat naturel".

14 . نستحضر هنا موقف جيمس لوفلوكJames Loveloock في كتابه "جايا ***â" حيث يعتبر انطلاقا من الميثولوجيا اليونانية أن جايا هي روح الأرض، وأن الطبيعة أو البيئة تشكل كلا ونسقا مكونا من مجموعة من العناصر المتكاملة فيما بينها، والتي تسعى لهدف أساسي هو الحفاظ على الحياة في كوكب الأرض، والعنصر الذي قد يهدد هذا الكل سرعان ما تتخلص منه الطبيعة وتستبدله بعنصر أكثر خدمة للأهداف الكل.

15 . Jacqueline Russ, La pensée éthique contemporaine, que sais-je? Puf, 1995, P: 190-121.

16 . Marie-Hélène Parizeau, Ethique appliquée, in «Dictionnaire d’éthique et de philosophie
Morale», puf, paris, 1996, P: 535.

17 . للتوسع في إطار موضوع "لجان الأخلاقيات"، يمكن الرجوع للمرجع التالي:
Claire Ambroselli, Le comité d’éthique, Que sais-je? puf, 1991.

سم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله ومن والاه

لا شك أن جميع الأمم والأديان قد اهتمت بالاخلاق اهتماما بالغا منذ فجر الحضارات الأولى. وكان للطب وأخلاقيات المهنة نصيب وافر لدى الحضارة السومرية والبابلية والآشورية واشتهر قانون حامورابي وكان موضوع ضمان الطبيب والعقوبات عليه تشكل : المواد من 218 الى 222 ، وظهر في الحضارة المصرية القديمة تعليمات الطبيب امحوتب( إله الطب) ، وذلك منذ 4800 سنة من عصرنا الحالي .

واشتهرت اليونان بالطب منذ عهد اسقليبوس الطبيب الذي جعلوه أيضا إلها للطب ثم ظهر أبقراط ( القرن الخامس قبل الميلاد ) ، وتحول الطب على يديه الى علم يدرس ، وهو صاحب القسم المعروف بقسم أبقراط (Hippocrates) ، وقد استمر هذا القسم منذ ذلك العهد واستخدمه المسلمون بعد تعديله .

وكان لابد لمن يريد ممارسة الطب أن يقسم هذا القسم عند تخرجه من كلية الطب . ثم بدأت بعض الجامعات وكليات الطب في التخلي عن هذا القسم في الثلث الاخير من القرن العشرين .

وعندما ظهر الاسلام قبل أربعة عشر قرنا كانت تعاليم الاسلام كلها تركز على الأخلاق

قال تعالى : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) سورة القلم:4

وقال صلى الله عليه و سلم :

” إنما بعـثـت لأتـمـم مـكـارم الأخـلاق“

” إنمــا الأعـمــال بالـنـيـات، وإنمـا لكل امـرئ ما نوى ” أخرجه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم: ” من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن ” أخرجه أبو داود .

وقال صلى الله عليه وسلم:“ المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل الخير“.

يقول العز بن عبدالسلام في كتابه قواعد الأحكام :“ الطب كالشرع وضع لجلب مصالح السلامة والعافية ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام“.

ومنذ فترة مبكرة قرر فقهاء الاسلام ان الشخص لا يمكن ان يمارس الطب الا اذا كان قد درس الطب على يد الأطباء المعترف بهم رسميا وسمحوا له بذلك ، ووضعوا نظام الحسبة ( مراقبة الأطباء وغيرهم ) وذكر الفقيه المالكي عبد الملك بن حبيب الاندلسي(ت 236هـ) في كتابه الطب النبوي أن على الطبيب أولا أن يأخذ إذن الطبيب المحتسب ثم يأخذ اذن العليل (Patient) أو وليه إذا كان قاصرا أو فاقد الأهلية . وإذا مارس الطب بدون هذين الشرطين كان ضامنا وتقع عليه عقوبة اضافية يقررها القاضي .

وكانت المبادئ البقراطية المشهورة في قسم ابقراط توجه الأطباء في سلوكهم معتمدة على:

مبدأ الإحسان ( عمل الخير ) Beneficence
مبدأ عدم الضرر maleficence Non
ومبدأ حفظ حرمة المريض وسره Confidentiality
وكان الطبيب في المبادئ البقراطية يتصرف بما يراه مناسباً للزمان والمكان، وشخصية المريض الذي يعالجه، ولم يكن يُعطي اعتبارا كبيراً لرغبات المريض العاقل البالغ، بل كان هو يتولى ما يراه الأصلح وهو ما يعرف اليوم بالأبوية Paternalism .

ولكننا نرى منذ فترة مبكرة اتجاها مغايرا لدى فقهاء المسلمين حيث أوجبوا على الطبيب أن يحصل على إذن بممارسة مهنة الطب من المحتسب، ثم لابد له من إذن المريض أو وليه.

وقال الأمام النووي في روضة الطالبين : ( ولو قطع السلعه أو العضو المتأكل من الشخص المستقل بغير أذنه فمات ، لزمه القصاص لأنه متعدي) .

و لا نرى هذا الاهتمام بإذن المريض إلا في العصور الحديثة وبالذات من بداية السبعينات من القرن العشرين حيث ظهر مفهوم الإذن المتبصر الواعي Informed Consent ولم يعد يكفي إذن المريض أو وليه إذا لم يكن المريض قد فهم نوعية الإجراء الطبي أو الجراحي أو أي نوع من أنواع الفحوصات Invasive Procedures

اهتم الطب الحديث بمفهوم استقلالية المريض Autonomy اهتماما بالغاً، ويندرج تحت مفهوم استقلالية المريض Autonomy قدرته على اتخاذ القرار بقبول العلاج أو رفضه المبني على المعلومات الصحيحة والواضحة من الفريق الصحي، المقدم لهذه الخدمة الصحية .

وركزت أخلاقيات مهنة الطب على جانبين أساسين في أخلاقيات المهنة وهما:

الفلسفة النفعيةUtilitarianism (جيرمي بينثام و جون ستيوارت ميل) ويمكن تلخيصها في المفهوم الفقهي الإسلامي “المصلحة” ، ولكن المصلحة في المفهوم الإسلامي محدّدة بمفهوم الشرع، وهي المصلحة المعتبرة شرعا، وكل مصلحة لفرد أو جماعة تناقض الشرع أو مصالح الأمة أو تضر بالآخرين فهي مصلحة مهدرة.
فلسفة تأدية الواجب (عمانويل كانت)
ويندرج تحت مبدأ احترام شخصية المريض مبدأ استقلالية المريض Autonomy والإذن المتبصر الواعي Informed Consent ومبدأ الإخلاص والأمانة Fidelity ومبدأ الصدق Veracity ومبدأ المحافظة على سر المريض Confidentiality.

ولم يكن الطبيب في المبادئ البقراطية يلتفت إلى المجتمع بأي حال من الأحوال، وهي المبادئ التي استمرت حتى بداية أو منتصف القرن العشرين.

وباتساع دور الطبيب والخدمات الصحية كان من الواضح أن هناك قصوراً في المبادئ البقراطية في جانب المجتمع وعدالة توزيع الخدمة الصحية.

وقد أهتم المسلمون منذ العصر العباسي في عهد الخليفة المقتدر( القرن العاشر الميلادي ) بإرسال الأطباء والأدوية إلى الأرياف والنجوع والقرى البعيدة كما اهتموا بمداواة المسجونين والأسرى، اهتماما بالغاً.

وشهد النصف الثاني من القرن العشرين تطورات سريعة ومتلاحقة في المفاهيم الطبية. وطالت هذه التغييرات المتسارعة المهنة الطبية.

أصبح يطلق على المريض اسم العميل Client وعلى الطبيب اسم مقدم الخدمة الصحية Health Provider. واستطاعت أفكار السوق والعمل التجاري (Business (Consumerism، أن تغزو المهن الصحية على نطاق واسع. وكان للولايات المتحدة الدور الريادي في هذا التحول ، وازداد شراسة بدخول عصر العولمة.

وتمكنت الشركات الضخمة في المجال الصحي وصناعة الأدوية أن تسيطر على النظام الصحي في الدول المتقدمة ، وبالتبعية دخلت جميع الدول الأخرى تحت عباءتها وتأثيراتها.

واستطاعت الولايات المتحدة بإيجاد نظام السوق والعمل التجاري في المهن الطبية أن تطور هذه الخدمات من ناحية ، ولكنها من ناحية أخرى جعلت أكثر من أربعين مليون مواطن أمريكي بدون أي تأمين صحي على الإطلاق. واستطاعت كوبا رغم الحصار والمحاربة أن يكون مستواها الصحي أفضل بكثير من مستوى أربعين مليون أمريكي بدون تأمين صحي.

ولا توجد عدالة في النظام العالمي الجديد حيث يذكر ان دخل أغنى 100 شخص أكثر من دخل 3 ألاف مليون من البشر، أغلبهم في العالم الثالث . وقصة افريقيا وامراضها المرعبة وخاصة الايدز والايبولا دليل على انعدام العدالة في توزيع الثروات والخدمات الصحية في عالم اليوم . وهو ما ينذر بكوارث متتابعة لن ينجوا منها أحد الا إذا غيرنا هذا النظام العالمي الى نظام أكثر عدالة وإنسانية .

و مع التطور الطبي التكنلوجي الهائل ظهرت مواضيع جديدة في تقنية الانجاب مثل مشاريع أطفال الانابيب واختيار *** الجنين والفحص قبل الانغراز PGD والتدخل في الامراض الوراثية الجينية ، وآخرها زرع ميتكوندريا من امرأة متبرعة في بويضة امرأة اخرى تحمل في طياتها مرضا وراثيا عبر الميتوكوندريا . وبذلك يكون للجنين أبا وأمان ( الأم الأصلية والام التي ساهمت بجزء ضئيل من الجينات الموجودة في الميتوكوندريا ) وقد أقر البرلمان البريطاني هذا الاجراء لانقاذ الطفل . وهو موضوع لم يبحث بعد لدى المجامع الفقهية الاسلامية .

وهناك مئات القرارات الفقهية حول الامراض الجينية والخلايا الجذعية وزرع الاعضاء بما فيها الاعضاء التناسلية وعمليات الجراحة التجميلية Cosmetic Surgery وعمليات تغيير ال*** ، وموضوع منع الحمل والاجهاض وموضوع موت الدماغ وحالات الانعاش الرئوي القلبي DNR ومتى يتوقف العلاج الى غير ذلك من القضايا التي سيساهم مؤتمرنا هذا في القاء الضوء الكاشف على ما جدّ منها .

د. محمد علي البار

مدير مركز أخلاقيات الطب

مركز الطبي الدولي – جدة

المملكة العربية السعودية

[1] نص هذا المقال مستمد من محاضرة تم إلقائها أثناء “المؤتمر الأول للأخلاق الطبية والحيوية” المنعقد في مسقط، عمان خلال الفترة 8-11 مارس 2015.

الأخلاقيات الطبية

في المقام الأول مجال تطبيق قواعد السلوك ، ودراسة القيم الأخلاقية والأحكام من حيث انطباقها على الدواء. آداب مهنة الطب في تطبيقها العملي في العيادات وكذلك العمل على التاريخ ، والفلسفة ، واللاهوت ، وعلم الاجتماع.
آداب مهنة الطب أسهم العديد من المبادئ مع الفروع الأخرى للأخلاقيات الرعاية الصحية ، مثل أخلاقيات التمريض.
التاريخ
تاريخيا ، والأخلاقيات الطبية الغربية ويمكن إرجاعها إلى المبادئ التوجيهية على واجب الأطباء في العصور القديمة ، مثل القسم الطبي ، وبداية الحاخامية والتعاليم المسيحية. في العصور الوسطى وبداية العصر الحديث ، فإن ميدان مدين لأطباء المسلمين مثل اسحق بن علي Rahawi (الذي كتب سلوك الطبيب ، وهو أول كتاب مكرس لآداب مهنة الطب) و آل الرازي (المعروف في الغرب Rhazes) ، الروم الكاثوليك الدراسية المفكرين مثل توما الاكويني ، وحالة والتحليل الموجه نحو (الإفتاء في قضايا الضمير) الأخلاقية اهوت الكاثوليكي. هذه التقاليد الفكرية في مواصلة الكاثوليكية والإسلامية لآداب مهنة الطب.
قرن 18-19 برزت الاخلاق الطبية أكثر وعيا، على سبيل المثال ، مؤلفين مثل الطبيب البريطاني توماس بيرسيفال (1740-1804) وكتب عن "فقه الطبية" ، وقيل إنه صاغ عبارة "آداب مهنة الطب". بيرسيفال المبادئ التوجيهية المتعلقة الطبيب المشاورات قد تعرض للانتقاد باعتباره الحماية المفرطة للطبيب سمعة الوطن.
جيفري Berlant هو واحد من هؤلاء النقاد الذين ترى بيرسيفال مدونات الطبيب مشاورات مبكرة باعتبارها مثالا المناهضة للمنافسة
في عام 1847 ، اعتمدت الجمعية الطبية الأميركية أول مدونة لقواعد السلوك ، مع ذلك تقوم في جزء كبير منه على بيرسيفال عمل . في حين أن مجال اقترضت علماني إلى حد كبير من الأخلاق الطبية الكاثوليكية ، في القرن 20th مميز عبر عنها مفكرون مثل جوزيف فليتشر. في 1960 و 1970 ، بناء على النظرية الليبرالية والعدالة الإجرائية ، فإن الكثير من الخطاب لآداب مهنة الطب من خلال توجه مثير إلى حد كبير وتحول نفسها الى إعادة أخلاقيات علم الأحياء.



القيم في الأخلاقيات الطبية

ست من القيم التي تنطبق على الشائعة الأخلاقيات الطبية المناقشات :
• الإحسان -- وهو ممارس وينبغي أن يعمل في مصلحة المريض.
• عدم الإيذائية -- "أولا ، لا تضر".
• الحكم الذاتي -- المريض له الحق في اختيار أو رفض العلاج.
• العدل -- الشواغل توزيع الموارد الشحيحة والصحة ، وبقرار من يحصل على ماذا المعاملة والإنصاف والمساواة.
• الكرامة -- المريض (وعلاج الشخص المريض) ، والحق في الكرامة.
• الصدق والامانة --

مثل هذه القيم لا تعطي إجابات لكيفية التعامل مع حالة معينة ، ولكن توفر إطارا مفيدا لفهم الصراعات.

عندما تكون القيم الأخلاقية في الصراع ، فإن النتيجة قد تكون معضلة أخلاقية أو الأزمات. كتاب عن آداب مهنة الطب واقترح العديد من وسائل للمساعدة في حل الصراعات التي تنطوي على آداب مهنة الطب. في بعض الأحيان ، لا فائدة من حل لمعضلة موجودة في الأخلاقيات الطبية ، وأحيانا ، على قيم المجتمع الطبي (أي المستشفى وموظفيها) يتعارض مع قيم الفرد المريض ، والأسرة ، أو غير الطبية أكبر للمجتمع. ويمكن أيضا أن تنشأ المنازعات بين مقدمي الرعاية الصحية ، أو بين أفراد الأسرة.
في المملكة المتحدة ، والمجلس الطبي العام وتوفر الكلية الحديثة توجيهات واضحة في شكل 'الممارسة الطبية الجيدة'. منظمات أخرى ، مثل جمعية حماية الطبية وعدد من الأقسام الجامعية ، وكثيرا ما تكون عن طريق استشارة الأطباء البريطانيين بشأن المسائل المتعلقة بالأخلاقيات.

كيف يمكن ضمان أن القيم الأخلاقية المناسبة يجري تطبيقها داخل المستشفيات؟ المستشفى فعالة اعتماد الاعتبارات الأخلاقية تقتضي أن تؤخذ في الاعتبار ، على سبيل المثال بالنسبة للطبيب والنزاهة ، وتضارب المصالح ، والبحث والأخلاق وزرع الأخلاق.
علم
في علم الأخلاق وعادة ما يشير إلى فكرة أن الشخص يجب أن تكون على علم وفهم المخاطر والفوائد المحتملة التي يختارونها للعلاج. قيام شخص ما عن جهل هو عرضة للخطأ في عملية الاختيار لا يعكس القيم حياته أو رغبات. فهو لا يعني على وجه التحديد عملية الحصول على الموافقة ، ولا للشروط القانونية المحددة ، والتي تختلف من مكان إلى آخر ، من أجل القدرة على ذلك. المرضى يمكن أن ينتخب لجعل القرارات الطبية الخاصة بها ، أو يمكن أن يفوض سلطة اتخاذ القرار إلى طرف آخر. إذا كان المريض غير قادر ، والقوانين في جميع أنحاء العالم يسمي العمليات المختلفة للحصول على الموافقة المستنيرة ، وذلك عادة عن طريق وجود الشخص المعين من قبل المريض أو أقرب أقارب لهم في اتخاذ القرارات. قيمة علم وثيق الصلة قيم الاستقلالية وقول الحقيقة.


السرية
هو السرية المطبقة على محادثات بين الأطباء والمرضى. هذا المفهوم كما هو معلوم من المريض الطبيب الامتياز.
الحماية القانونية التي تمنع الأطباء من الكشف عن مناقشاتهم مع المرضى ، وحتى تحت القسم في المحكمة.
سرية مكلفة من قبل في أمريكا HIPAA القوانين ، وتحديدا المادة الخصوصية ، وقوانين الولايات المختلفة ، فإن بعض أكثر صرامة مما HIPAA.
تحدى السرية في حالات مثل تشخيص الأمراض المنقولة ***يا في المريض الذي يرفض الكشف عن تشخيص لأحد الزوجين ، أو في إنهاء الحمل في دون المريض ، من دون علم والدي المريض. العديد من الولايات في الولايات المتحدة لديها قوانين تنظم دون إخطار أهله في الإجهاض.




الإحسان

فكرة جيدة للبشرية بصفة عامة. وهذا هو مبدأ القيام بأعمال من شأنها أن تعود بالفائدة على المرضى ، والتي هي في مصلحة..
العديد من ممارسي الرعاية الصحية هي التي تحرك النوايا الإيثار : الراغبة في فعل الخير للغير ، أو رغبة في أن تكون مفيدة. قد يكون ذلك على أساس التاريخ الشخصي ، مثل التي ولدت في عائلة طبية أو نفسية أو مشاكل اجتماعية ، وبالتالي لديها المستفادة لمواجهة هذا الأمر أو أن تصبح مختصة في مساعدة الآخرين.
أحيانا يمكن أن يكون يشوبه كثير من الأحيان بين وعيه -- الأنانية جوانب : "القيام good'ers". في مهنة الطب ، ويعتبر هذا بحذر ، لأنها قد تؤدي إلى الأشخاص الذين يرغبون في مساعدة الآخرين مساعدة في الحالات التي يكون فيها ليست هناك حاجة فعلا ، أو الاعتماد على الذات من شأنه أن تنتج أكثر فائدة في الأجل الطويل. وغالبا ما يوجد هناك من المشاركين في الاعتماد على مثل هذه العلاقة بين "إفعل good'ers" و "الرعاية الصحية المتسوقين" (الأشخاص الذين يخرجون من ممارس لآخر أحيانا في السعي لإيجاد العزاء الحقيقي ، ولكن صحيح أيضا في بعض الأحيان لأن من شأنه أن يساعد القضاء أو أعراض المرض ، والاستحقاقات الاجتماعية والمرضى ويجوز لأي شخص أن تترتب عليها).
الإحسان ، والرعاية الصحية ، وتدعو لمزيد من الاهتمام العام في مجال الرعاية الصحية الوقائية ، وليس فيها هذا المرض ، ولكن التركيز هو الصحية وأسلوب عملها.

الاستقلال الذاتي

مبدأ الاستقلال الذاتي وتعترف بحقوق الأفراد في تقرير المصير. هذه هي الجذور في المجتمع واحترام الأفراد القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المسائل الشخصية. الحكم الذاتي قد أصبح أكثر أهمية القيم الاجتماعية تحولت طبية لتحديد نوعية من حيث النتائج التي تعتبر مهمة للمريض بدلا من المهنيين الطبيين. تزايد أهمية الحكم الذاتي يمكن اعتبار الاجتماعية ردا على "أبوية" في مجال الرعاية الصحية في إطار التقاليد. [الاقتباس حاجة] وشكك البعض فيما إذا كان رد فعل عنيف ضد الأبوية المفرطة تاريخيا لصالح الحكم الذاتي المريض قد تحول دون الاستخدام السليم للالأبوية لينة حساب النتائج بالنسبة لبعض المرضى [4]. احترام الاستقلال الذاتي هو الأساس لعلم وتوجيهات مسبقة. الحكم الذاتي في كثير من الأحيان يمكن أن تتناقض مع الإحسان عند المرضى الذين لا يوافقون على التوصيات التي والمتخصصين في الرعاية الصحية ويعتقد في مصلحة المريض. الأفراد القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة ، قد يكون موضع شك خلال حل النزاعات بين الحكم الذاتي والإحسان. دور الطب البديل صانعي القرار هي امتداد لمبدأ الحكم الذاتي.
الحكم الذاتي هو مؤشر على الصحة العامة. كثير من diseaes تتميز فقدان الاستقلال الذاتي ، وبطرق شتى. وهذا يجعل من الاستقلال الذاتي لكل مؤشر الرفاه الشخصي ، وعلى رفاه المهنة. الآثار المترتبة على ذلك للنظر في الأخلاقيات الطبية : "الهدف من الرعاية الصحية لعمل الخير ، والاستفادة منه؟" ، أو "هو الهدف من الرعاية الصحية لعمل الخير للآخرين ، ومنها ، والمجتمع ، والاستفادة من هذا؟ ". (آداب -- بحكم تعريفها -- يحاول إيجاد توازن بين النفع أنشطة الفرد وآثاره على جماعية.)
من خلال النظر في الحكم الذاتي باعتبارها مقياسا للمعلمة (الذاتية) والرعاية الصحية والطبية والأخلاقية على حد سواء للاستفادة من إشارة ضمنية إلى الصحة.


غير الإيذائية

مفهوم عدم إيذاء ويتجسد ذلك من خلال استخدام عبارة "أولا ، لا تضر" ، أو لاتيني ، primum غير nocere. ويرى الكثيرون أنه ينبغي أن يكون الاعتبار الأساسي أو الرئيسي) ، ومن ثم primum) : أنه أكثر أهمية عدم الاساءة الى المريض الخاص بك ، بدلا من القيام بها جيدا. ويعود ذلك جزئيا متحمسا الممارسين عرضة لاستخدام العلاجات التي يعتقدون أنها ستفعل جيدة ، دون أن تقيم لها وجود على نحو كاف للتأكد من أنها لا (أو مستويات مقبولة من (الضرر. الكثير من الضرر للمرضى نتيجة لذلك.
انها ليست اكثر اهمية عدم إلحاق أي ضرر من فعل الخير ، بل من المهم أيضا أن نعرف كيف ومن المرجح أن علاجه يصيب المريض. حتى الطبيب يجب ان تذهب الى ابعد من أدوية لا يعرفون أن يكون ضارا -- أو لا ينبغي أن يصف الأدوية (أو علاج المريض) ما لم ق / لانه يعلم ان العلاج من غير المرجح أن يكون ضارا ، أو على أقل تقدير ، أن المريض يدرك المخاطر والفوائد ، والفوائد المحتملة تفوق المخاطر المحتملة.
في الممارسة العملية ، إلا أن العديد من العلاجات تقوم بعض خطر وقوع ضرر. في بعض الظروف ، مثلا ، اليأس في الحالات التي تكون فيها النتيجة من دون علاج سيكون خطيرا ، والتي تنطوي على مخاطر المعالجات عالية فرصة لإيذاء المريض سيكون له ما يبرره ، حيث أن مخاطر عدم علاج كما من المرجح جدا أن يلحق أي ضرر. حتى مبدأ عدم إيذاء ليست مطلقة ، ويجب أن يكون هناك توازن بين مبدأ إحسان (فعل الخير).
ال*** الرحيم في بعض البلدان من المقبول في الممارسة الطبية. إسناد هذه اللوائح القانونية لمهنة الطب. في مثل هذه الدول ، والهدف من ذلك هو التخفيف من معاناة المرضى من الأمراض المستعصية من المعروف أن وسائل معروفة من قبل في تلك الثقافة. وبهذا المعنى ، فإن "Primum لا Nocere" يقوم على إدراك أن عدم قدرة الخبير الطبي لتقديم المساعدة ، ويخلق معروفة وكبيرة في استمرار معاناة المريض. "لا تعمل" في الحالات التي يعتقد أن أكثر ضررا من بنشاط تخفيف معاناة المريض. ومن الواضح أن القدرة على تقديم المساعدة على الحد من ممارسة ما يمكن أن تفعله. هذه القيود هي سمة لكل شكل من أشكال مختلفة من الشفاء ، والنظام القانوني للثقافة معينة. بهدف "لا ضرر" لا تزال هي هي. أنه يعطي طبيب مسؤولية لمساعدة المرضى ، والمقصود في تخفيف معاناة النشطة ، في الحالات التي لا يمكن تقديمها العلاج.
"عدم إيذاء" يعرف من قبل الثقافي. كل ثقافة لها الثقافي الجماعي تعاريف 'طيبة' و 'الشر'. تعاريفها يعتمد على الدرجة التي تضع الثقافة والقيم الثقافية بصرف النظر عن طبيعتها. في بعض الثقافات شروط "جيد" و "الشر" غائبة : لها معنى هذه العبارة هو عدم وجود خبرة لا طبيعة تميزانها عن الطبيعة. الثقافات الأخرى تضع البشر في التفاعل مع الطبيعة ، بل ان البعض وضع البشر في وضع يمكنه من السيطرة على الطبيعة. الأديان هي أهم وسيلة للتعبير عن هذه الاعتبارات.
واعتمادا على توافق الآراء التكييف الثقافي (كما أعرب عنه والدينية والسياسية والقانونية والنظام الاجتماعي) التعريف القانوني لعدم إيذاء يختلف. انتهاكا لعدم إيذاء هو موضوع سوء الممارسة الطبية التقاضي. وتختلف الأنظمة منها ، مع مرور الوقت ، لكل أمة.

ضعف تأثير
التدخلات التي تقوم بها بعض الأطباء يمكن تحقيق نتائج إيجابية في الوقت الذي يمكن أن يضر أيضا. الجمع بين هذين الظروف المعروفة باسم "تأثير مزدوج". أكثر الأمثلة التي تنطبق على هذه الظاهرة هو استخدام المورفين في وفاة المريض. هذا ويمكن استخدام المورفين تخفيف الألم والمعاناة للمريض ، في الوقت نفسه على التعجيل بزوال المريض خلال قمع مسيرة التنفسي.

أهمية الاتصال
كثير ما يسمى "الصراعات الأخلاقية" آداب مهنة الطب أن تعزى إلى نقص في الاتصال. تعطل الاتصالات بين المرضى وفريق الرعاية الصحية ، وبين أفراد الأسرة ، أو بين أفراد المجتمع الطبي ، يمكن أن يؤدي إلى خلافات ومشاعر قوية. هذه الأعطال يجب معالجتها ، ويبدو أن العديد من تذليلها "أخلاقيات" المشاكل لا يمكن حلها مع خطوط اتصال مفتوحة.

لجان الأخلاقيات
مرات كثيرة ، بسيطة والاتصال ليست كافية لحسم الصراع ، ومستشفى لجنة للأخلاقيات مخصصة الطبيعة يجب أن تقرر أن يعقد مسألة معقدة. هيئات دائمة ، أنشئت مجالس أخلاقية إلى حد كبير باعتبارها مسائل أخلاقية وتميل إلى زيادة. هذه الهيئات تتكون من مهنيي الرعاية الصحية ، والفلاسفة ووضع الناس ، ومازال رجال الدين.
احالة أو رجال الدين والفلاسفة ويعكس الأهمية التي يعلقها المجتمع على القيم الأساسية التي ينطوي عليها.

الاهتمامات الثقافية
ثقافة الخلافات يمكن أن تخلق مشاكل صعبة آداب مهنة الطب. بعض الثقافات الروحية السحرية أو النظريات حول أسباب المرض ، على سبيل المثال ، والتوفيق بين هذه المعتقدات مع مبادئ الطب الغربي يمكن أن يكون صعبا.
الحقيقة
بعض الثقافات لا تضع أهمية كبيرة على المريض إعلام للتشخيص ، لا سيما عند تشخيص السرطان. حتى الثقافة الأميركية لم نؤكد على قول الحقيقة في حالة الإصابة بالسرطان ، حتى 1970s. الأمريكي في الطب ، ومبدأ الموافقة المستنيرة الأسبقية على غيرها من القيم الأخلاقية ، والمرضى وعادة ما لا يقل عما اذا كانوا يريدون أن يعرفوا التشخيص.

الممارسات التجارية على الإنترنت
توصيل الانترنت تشخيص المرضى يؤدي إلى الاعتقاد بأن الأطباء في بعض أنحاء البلاد في خدمة مباشرة من شركات الادوية. العثور على تشخيص ملائم حسب ما المخدرات لا يزال على حقوق براءات الاختراع. الأطباء وشركات الأدوية وجدت أن المنافسة على المراكز العشرة الأولى في محرك البحث لتخفيض التكاليف في صفوف بيع هذه العقاقير مع قليل من الصبر لعدم المشاركة

تضارب المصالح
وينبغي ألا نسمح للأطباء وجود تضارب في المصالح الطبية للتأثير على الحكم. في بعض الحالات ، صراعات يصعب تجنبها ، والأطباء وتقع عليها مسؤولية تجنب الدخول في مثل هذه الحالات. للأسف ، أظهرت البحوث أن تضارب المصالح شائعة جدا بين كل من الأطباء وأطباء الأكاديمية في الممارسة العملية. فإن صناديق بيو الخيرية أعلنت الوصفة مشروع "المراكز الطبية الجامعية ، والجمعيات الطبية المهنية في القطاعين العام والخاص لوضع حد للمكلفين تضارب المصالح الناتجة عن 12 مليار دولار تنفق سنويا على التسويق للأدوية".

إحالة
على سبيل المثال ، والأطباء الذين يحصلون على دخل من المرضى مشيرا لاجراء فحوص طبية وقد ثبت أن أشير المزيد من المرضى لاجراء فحوص طبية. وهذه الممارسة محظورة من قبل الكلية الامريكية لأطباء الأخلاقيات الدليل.
تقاسم الأتعاب والمدفوعات للجان لجذب إحالات المرضى يعتبر غير أخلاقي وغير مقبول في معظم أنحاء العالم -- في الوقت الذي سرعان ما أصبحت روتينية في بلدان أخرى ، مثل الهند ، حيث العديد من المدن الممارسين حاليا بدفع نسبة مئوية من رسوم زيارة المكاتب ، والفحوصات المخبرية ، فضلا عن الرعاية الصحية في المستشفيات لغير معتمدة "الدجالون" ، أو شبه معتمد "ممارسي الطب البديل" ، الذي يحيل المريض. ومن التسامح في بعض المناطق في الولايات المتحدة إضافة إلى الرعاية الطبية.

علاقات الموردين
وتشير الدراسات إلى أن الاطباء يمكن أن تتأثر الشركة إغراءات بما في ذلك الهبات والغذاء. صناعة وصف أنماط تأثير البرامج. كثير من المرضى الذين شملهم الاستطلاع في دراسة واحدة واتفق على أن الطبيب هدايا من شركات الأدوية تؤثر على وصف الممارسات.

معاملة أفراد الأسرة
كثير من الأطباء في علاج أفراد أسرهم. الأطباء الذين يجب أن يكون يقظا حتى لا تؤدي إلى تضارب في المصالح أو معاملة غير لائق.

العلاقات ال***ية
العلاقات ال***ية بين الأطباء والمرضى والأخلاقية يمكن أن تخلق الصراعات.


عقم
مفهوم الطبية عقم كان موضوعا هاما في المناقشات لآداب مهنة الطب. ما الذي ينبغي القيام به إذا لم يكن هناك احتمال أن المريض على قيد الحياة من أفراد الأسرة ولكن الإصرار على الرعاية المتقدمة؟


د. وســــــــــــــــام حســـــــــــــــــــــــــين

أخلاقيات التمريض[عدل]
أخلاقيات التمريض هي فرع من الأخلاق التطبيقية التي تهتم بأنشطة في مجال التمريض. أخلاقيات التمريض أسهمت العديد من المبادئ مع شرف المهنة الطبية، مثل الخير، وعدم إيذاء، واحترام الاستقلال الذاتي. ويمكن تمييزها بتركيزها على العلاقات، الحفاظ على الكرامة والرعاية التعاونية
محتويات [أخف]
1 تطوير الموضوع
2 الطابع المميز
3 بعض المواضيع في أخلاقيات التمريض
4 انظر أيضًا
5 المراجع
6 وصلات خارجية
تطوير الموضوع[عدل]
طبيعة التمريض تعني أن أخلاقيات التمريض تميل لدراسة أخلاقيات الرعاية بدلا من 'علاج' من خلال استكشاف العلاقة بين الممرضة والشخص في مجال الرعاية.[1] المحاولات المبكرة لتعريف الأخلاقيات في مجال التمريض أكثر تركيزا على الفضائل التي من شأنها أن تجعل ممرضة جيدة، بدلا من النظر إلى أي سلوك ضروري لاحترام حقوق الإنسان للشخص في الرعاية ومع ذلك، مؤخرا، أخلاقيات التمريض ساهمت أيضا نحو مزيد من واجب الممرضة احترام حقوق الإنسان للمريض وينعكس هذا في عدد من رموز المهنية للممرضين والممرضات.[2] على سبيل المثال، كان هذاواضحا في آخر قانون من المجلس الدولي للممرضات
الطابع المميز[عدل]
ورغم أن الكثير من الأخلاق يمكن أن تظهر في كثير من الأحيان التمريض مماثلة ل آداب مهنة الطب، هناك بعض العوامل التي تميزها. {1}[3][4][3]{/1} للحصول على سبيل المثال ,الاهتمام لتعزيز الإحسان قد يمكن التعبير عنه في الأخلاق الطبية التقليدية عن طريق ممارسة {2}الأبوية{/2}. ومع ذلك، هذا النهج من شأنه أن لا تكون متوافقة مع أخلاقيات التمريض. {1}[5]{/1} وذلك لأن نظرية التمريض تسعى إلى إقامة علاقة تعاونية مع الشخص في الرعاية. المواضيع التي تؤكد احترام الاستقلال وكرامة {1}المريض{/1}عن طريق تعزيز الاختيار والسيطرة على كامل بيئتها عادة ما ينظر إليها. هذأعلى نقيض من ممارسة الأبوية حيث الصحة المهنية تختار ما هو في المصلحة الفضلى للشخص من المنظور الراغب في علاجه. التمييز يمكن كشفه من زوايا أخلاقية مختلفة.
رغم التحرك نحو مزيد من {0}مواضيع آداب المهنة{/0} من قبل البعض، لا يزال هناك اهتمام {1}بالأخلاق الفضيلة{/1} {3}{2}[6]{/2}{/3} في أخلاقيات التمريض وبعض الدعم ل {4}أخلاقيات الرعاية{/4}. {5}{3}[4]{/3}{/5} ويضع دعاتها هذا في مجال الاعتبار من اجل التركيز أكثر على العلاقات من المبادئ وبالتالي تعكس علاقة الرعاية في مجال التمريض أكثر دقة من وجهات النظر الأخلاقية الأخرى.
بعض المواضيع في أخلاقيات التمريض[عدل]
الممرضات تسعى إلى الدفاع عن كرامة هذه في العناية بهم.[4] من حيث مستوى النظرية الأخلاقية، وهذا انحياز مع وجود احترام الناس وخياراتهم المستقلة. ثم يتم تمكين الناس من اتخاذ قرارات بشأن المعاملة الخاصة بهم. ومن بين أشياء أخرى هذا أساس ممارسة الموافقة المسبقة التي ينبغي احترامها من قبل الممرضة. {2}[5][5][5]{/2} على الرغم من أن الكثير من النقاش يكمن في مناقشة الحالات التي يكون فيها الناس غير قادرين على اتخاذ قرارات حول المعاملة التي يلقونها الخاصة نظرا لكونهمغير قادرين أو وجود مرض عقلي يؤثر على حكمهم. وهناك طريقة للحفاظ على الحكم الذاتي هو للشخص لكتابة تعليمات مسبقة، تحدد الكيفية التي يرغب في أن يعامل في هذا الحدث منها عدم القدرة على اتخاذ قرار مستنير، وبالتالي تجنب الأبوية لا مبرر لها.وهناك طريقة للحفاظ على الحكم الذاتي للشخص عن طريق كتابة التوجيه المسبق، تحدد الكيفية التي يرغب في أن يعامل بها في هذا الحدث منها عدم القدرة على اتخاذ قرار مستنير، وبالتالي تجنب الأبوية لا مبرر له.
موضوع آخر هو السرية وهذا هو مبدأ هام في كثير من المدونات الأخلاقية التمريض. هذا حيث المعلومات عن الشخص فقط يتم تبادلها مع الآخرين بعد أخذ إذن من الشخص، إلا أن يشعر ان المعلومات يجب أن يتم تبادلهالامتثال أعلى واجب مثل الحفاظ على الحياة. {1}[5]{/1}.
وأيضا المعلومات ذات الصلة المعطاة لمناقشة قول الحقيقة المتعلقة في التفاعل مع الشخص في مجال الرعاية. هناك توازن بين الناس الحاصلين على المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار مستقل، وعلى الجانب الآخر، لا داع للاسى بسبب الحقيقة. عموما التوازن لصالح قول الحقيقة بسبب احترام الحكم الذاتي، ولكن الناس في بعض الأحيان سيطلبون الا يخبروا به، أو ربما عدم القدرة على فهم الآثار المترتبة عليها. {1}[6][8][6]{/1}
من خلال مراقبة المبادئ المذكورة أعلاه، يمكن للممرضة التصرف بطريقة تحترم كرامة الفرد في رعايتهم. وإن كان في الممارسة التمريضية طعن في بعض الأحيان بالموارد، والسياسة أو القيود البيئية في مجال الممارسة. {1}[4][7][4]{/1}
انظر أيضًا[عدل]
أخلاقيات بيولوجية
حكم السريرة
الرعاية الصحية
آداب مهنة الطب
تأييد المريض
فلسفة الرعاية الصحية

الموت الدماغي (بالإنكليزية: brain death) تعريف قانوني للموت ظهر في الستينات من القرن العشرين نتيجة تطور إمكانيات الإنعاش في المحافظة على التهوية والدوران. التعريف المبسط للموت الدماغي هو التوقف اللاعكوس لكامل نشاط الدماغ، بما في ذلك قدرته على التحكم اللاإرادي بالوظائف الحيوية، نتيجة موت عصبونات الدماغ والقطع الرقبية العليا للنخاع بسبب توقف الدوران والأكسجة، مع استمرار الدوران والتهوية بفضل التهوية الآلية المستمرة. يجب عدم الخلط بين الموت الدماغي والحالة الإنباتية المستديمة.
مراحل مفهوم الموت للدماغ[عدل]
موت المخ: أو موت قشر الدماغ ويسمى بالحالة النباتية وهو موت خلايا القشرة المخية المسؤولة عن الوظائف العليا عند الإنسان دون أن تتأثر المراكز الدماغية المسؤولة عن العمليات الحيوية كالتنفس وعمل القلب
موت جذع الدماغ: أو ما يسمى بالحياة غير المستقرة أو حركة الذبوح.وهو موت الجزء الذي فيه مراكز عصبية تنظم ضربات القلب وتنظم عمليات التنفس.
موت الدماغ: أي توقف النشاط الكهربائى للدماغ كلية.
الموت الدماغي ونقل الأعضاء[عدل]
قانونياً (في بعض الدول) يمكن ازالة أعضاء الميت دماغيّا ونقلها إلى من يحتاجها من المرضى بشرط أن يتم إبقاء الميت دماغيا تحت التنفس الاصطناعي وإبقاء ضغط الدم في الحدودالطبيعية وقد يتم استخدام بعض الأدوية.و يتطلب موافقة المريض الخطية أو موافقة الوصي القانوني عليه ويتم نقل الأعضاء للمرضى المتقاربين معه بالنواحي الجينية حسب وزمرة الدم وتكون الأولوية بالطبع للمرضى أصحاب الأقدمية على لائحة الانتظار.

يبوبة[عدل]
هذه المقالة عن غيبوبة. لتصفح عناوين مشابهة، انظر غيبوبة (توضيح).
الغيبوبة (بالإنجليزية: Coma، وتعني باليونانية النوم العميق)، هي حالة فقدان وعي عميقة، لا يمكن للفرد خلالها أن يتفاعل مع البيئة المحيطة به، ولا يمكنه أيضا الاستجابة للمؤثرات الخارجية. تتميز الغيبوبة بفشل عمل نظام التنشيط الشبكي الصاعد[1](بالإنجليزية: ascending reticular activating system / ARAS). الشخص الواقع تحت تأثير الغيبوبة هو شخص على قيد الحياة، لكنه ليس نائما. موجة نشاط الدماغ لشخص في غيبوبة تختلف كثيرا عن تلك لدى شخص نائم، يمكنك إيقاظ شخص من النوم، لكن لا يمكنك إيقاظ شخص من حالة غيبوبة.
يمكن للغيبوبة أن تنجم بسبب المرض، أو بسبب حدوث صدمات للدماغ. عادة لا تستغرق الغيبوبة أكثر من بضعة أسابيع. الكثير من الافراد يستعيدون أدائهم البدني والعقلي بشكل كامل عندما يخرجون من الغيبوبة. لكن البعض يحتاج إلى أشكال مختلفة من العلاج لاستعادة القدرة على أداء وظائف معينة بصورة مقبولة. بعض المرضى لا يستعيدون أي شيء بخلاف وظائف الجسم الأساسية والبسيطة.
في بعض الأحيان، وبعد الغيبوبة، يمكن أن ينزلق المصاب إلى حالة يطلق عليها حالة إنباتية مستديمة (بالإنجليزية: persistent vegetative state) ؛ المصابون ضمن هذه الحالة هم مرضى فقدوا كل الوظائف العصبية الإدراكية ولكن أجسامهم بقيت قادرة على التنفس، ويمكن لها (الاجسام) أن تقوم بحركات عفوية مختلفة. يمكن للجسم أن يبدوا مستيقظا وطبيعيا، ولكن بسبب فقدان جزء الوظيفة المعرفية من الدماغ، فالجسم يفقد القدرة على الاستجابة للبيئة. هذه الحالة الانباتية قد تستمر لسنوات.
وهناك حالات أخرى، بالإضافة إلى حالة الغيبوبة والإنباتية، تصف مستويات متفاوتة من فقدان الوعي وقدرة الشخص على الاستجابة للمحفزات. تشمل هذه حالة الذهول (بالإنجليزية: stupor)، وهي حالة الشخص فاقد الوعي ولكنه يستجب للمحفزات المتكررة المنشطة. هنالك أيضا حالة تلبد الاحساس (بالإنجليزية: obtundation) وحالة النوام (بالإنجليزية: lethargy)، التي تصف شخص لم يفقد وعيه تماما ولكنه لا تستجيب للمحفزات. والغيبوبة، وغيرها من حالات عدم الوعي تعتبر حالات طوارئ، وييتوجب اتخاذ إجراءات طبية على وجه السرعة لتجنب ضرر دائم.

هل يتمكن الجسد من البقاء على قيد الحياة بعد توقف الدماغ؟
سؤال كان مطروحاً . . وقد ظهرت الإجابة عنه أخيراً من حالة طفلة أمريكية، لكن ذلك لا يدوم كثيراً كما تبين، ولا يتم أبداً من دون مساعدة من الأجهزة الطبية .
فقد تمكنت فتاة من كاليفورينا تبلغ من العمر 13 عاماً من البقاء على قيد الحياة معتمدة على جهاز تنفس بعد إعلان الأطباء عن موت دماغها .
صحيح أن الشخص الذي يموت دماغه لا يعتبر من الناحية القانونية متوفياً، ولكن ما أعضاء الجسم التي يمكن أن تواصل العمل بمساعدة التكنولوجيا؟ وإلى أي مدى زمني؟
في الأسابيع القليلة الماضية، اعتبر الأطباء أن هذه الطفلة وتدعى جاهي ماكماث، ميتة دماغياً بعد معاناتها تعقيدات شديدة ونادرة حدثت لها بعدما أجرت عملية جراحية لاستئصال اللوز . وقد كافحت أسرة جاهي لإبقاء ابنتهم موضوعة على جهاز تنفس على أمل أن تعود إلى الحياة، بيد أن قاضي محكمة أصدر أمراً بإيقاف تشغيل الجهاز بعد أسبوع .
ومن الناحية القانونية البحتة، يعتبر أي شخص ميتاً عندما يفقد أي نشاط عصبي في الدماغ أو في جذع الدماغ، وهذا يعني أن النبضات الكهربائية التي تنتقل بين خلايا الدماغ لا تتمكن من الحركة .
وللتأكد من وفاة شخص ما دماغياً، يجري الأطباء عدداً من الفحوص لتحديد ذلك، وواحدة منها تختبر ما إذا كان بمقدور المريض استهلال تنفسه، وهي حركة استجابة لا إرادية أولية وفطرية للغاية يجريها جذع الدماغ .
وفي الولايات المتحدة ودول أخرى كثيرة، يعد الشخص ميتاً إذا فقد كل نشاطه الدماغي (موت دماغي) أو جميع وظائفه التنفسية والدورة الدموية . وفي حالة جاهي، خلص ثلاثة أطباء إلى نتيجة مفادها أنها تعتبر ميتة دماغياً .
والنظام الكهربائي الذاتي للقلب يمكنه إبقاء العضو نابضاً لفترة قصيرة بعد موت الدماغ . وفي الحقيقة، يمكن للقلب أن ينبض حتى خارج الجسم، ولكن من دون جهاز التنفس الذي يسهم في إبقاء الدم والأكسجين في حالة حركة، سيتوقف هذا النبض بسرعة شديدة، وغالباً في أقل من ساعة .
وتقول البروفيسورة ديانا شاندوس، أستاذة جراحة الأعصاب في جامعة أوهايو أن جهاز التنفس يمكنه إبقاء بعض العمليات البيولوجية (بما فيها وظائف الكلى والمعدة) تعمل لفترة تبلغ نحو 7 أيام . ومن المعروف أيضاً أن الشعر والأظافر يمكنها النمو حتى بعد وفاة الفرد .
وينوه الباحث كينيث غودمان، مدير برنامج الأخلاقيات البيولوجية في جامعة ميامي، إلى أن عمل هذه الوظائف لا يعني أن الشخص لا يزال حياً . ويضيف قائلاً: "إذا مات الإنسان دماغياً، فإن هذا يعني أنه ميت، ولكن، بمساعدة التكنولوجيا، يمكننا جعل الجسم يقوم ببعض الأشياء التي اعتاد القيام بها عندما كان حياً" .
ومن دون الدماغ، لا يفرز الجسم هرمونات مهمة يحتاجها للمحافظة على أداء عمليات بيولوجية (تشمل المعدة، الكلى والوظائف المناعية) لفترات تزيد على أسبوع . فالغدة الدرقية على سبيل المثال، تعتبر مهمة لضبط وتنظيم أيض الجسم، وهرمون فازوبريسين يحتاجه الجسم لجعل الكلى تحتفظ بالماء .
وتقول الدكتورة شاندوس إن ضغط الدم الطبيعي، الذي يعد مهماً ايضاً للوظائف الجسمانية، لا يمكن في الغالب المحافظة عليه لدى شخص ميت دماغياً، من دون أدوية ضغط الدم . والشخص الميت دماغياً لا يمكنه أيضا المحافظة على درجة حرارة جسمه، ولذلك يبقي الأطباء على دفء الجسم بتغطيته ببطانية، وإبقاؤه في غرفة درجة حرارتها عالية، وفي بعض الأحيان يلجأ الأطباء إلى استخدام سوائل وريدية دافئة .
وتشير الدكتورة شاندوس إلى أن جسم الشخص الميت دماغياً لا يحصل على الدعم من بقية الأجهزة في العادة لفترة طويلة، وفي بعض الأحيان يوفر الأطباء الدعم (على شكل جهاز تنفس، هرمونات، سوائل، الخ) لعدة أيام إذا كانت الأعضاء ستستخدم للتبرع، أو بناءً على طلب أسرة المريض التي قد تكون بحاجة لقضاء مزيد من الوقت مع مريضها .
وإذا استوفيت جميع معايير موت الدماغ، لا يتبقى وفقاً للبروفيسورة شاندوس أي شيء آخر يمكن عمله، وبذلك يكون الجسم في وضع الدعم الاصطناعي . وترى البروفيسورة شاندوس أن قضية جاهي تعد مأساوية، وكونها أمّاً فإنها تشعر بأسى بالغ حيال أسرتها .
وتوجد دراسات قليلة جداً فيما يتعلق بالمدى الزمني الذي يمكن المحافظة عبره على جسم شخص ميت دماغياً . وبدأ الجدل حول موت الدماغ في حقبة الخمسينات من القرن الماضي في فرنسا عندما أبقى الأطباء على 6 مرضى أحياء لفترة تراوح بين يومين و26 يوماً من دون تروية دموية للدماغ . وقد أفرزت هذه الواقعة الطبية المفهوم القائل إن ثمة طريقة ثانية للموت، لأن هؤلاء المرضى سيموتون في النهاية . (في السابق، كان الشخص يعد ميتاً فقط عندما يتوقف قلبه وتنفسه) .
واليوم، وبوجود أجهزة التنفس، وأدوية ضغط الدم والهرمونات، يمكن (نظرياً) إبقاء جسم شخص ميتاً دماغياً، يعمل لمدة أطول، قد تكون غير محددة، ولكن بمرور الوقت تزداد صعوبة المحافظة على جسم شخص ميت دماغياً، وترتفع مخاطر إصابة النسيج بالتهاب .
وقالت أسرة تيري شيافو، التي قاتلت من أجل إبقاء ابنتها التي أصيبت بتلف دماغي، على أجهزة ووسائل الدعم الحياتي لفترة 15 عاماً، إنها ستسعى للإسهام في نقل الطفلة جاهي إلى مستشفى آخر لضمان المحافظة على الدعم الاصطناعي لفترة طويلة . وبخلاف جاهي، لم تكن تيري شيافو ميتة دماغياً، لكنها كانت في حالة تسمى طبياً ب: (الإنبات الدماغي المستديم) وهي حالة يتسم بها المريض ببعض مظاهر النشاط الدماغي .
هل يحكم بموت المتوفى دماغيا؟
هل يحكم بموت المتوفى دماغيا؟
أولا: الأجزاء الرئيسية للدماغ وكيفية حدوث موت الدماغ .
يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية :
1- المخ .
2- المخيخ .
3- جذع المخ .
وكل واحد من هذه الأجزاء له وظائف رئيسية إذا عرفناها استطعنا أن نعرف أي هذه الأجزاء الذي إذا مات يكون علامة على موت البدن كما هو عند الأطباء .
فالجزء الأول المخ : ووظيفته تتعلق بالتفكير والذاكرة والإحساس .
والجزء الثاني المخيخ : ووظيفته تتعلق بتوازن الجسم .
والجزء الثالث جذع المخ : وهو أهم هذه الأجزاء ووظائفه وظائف أساسية ففيه المراكز الأساسية للحياة مثل مراكز التنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية .
.
المخ إذا أصيب لا يعني هذا حصول الموت لأن وظيفة المخ تتعلق بالذاكرة والإحساس والتفكير فيفوت عليه التفكير والإحساس وتفوت عليه الذاكرة فيحي كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض ، ويمكث على هذه الحال سنوات ، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل.
وكذلك المخيخ لو مات فإنه يفقد توازن الجسم ولا أثر له في موت الإنسان ، فالأطباء يقولون : إذا مات المخ أو المخيخ أمكن للإنسان أن يحيى حياة غير عادية يعني حياة نباتية جسدية فيفقد وعيه الكامل لكنه لا يزال يتنفس وقلبه ينبض ويتغذى .
أما جذع المخ فعند أكثر الأطباء يحصل الموت إذا أصيب جذع المخ فهذه علامة من علامات الموت عند الأطباء ، وبعض الأطباء يخالف في ذلك ، والغالب أن موته أو إصابته تكون بسبب الحوادث ؛ حوادث السيارات أو القطارات أو الطائرات وما يحصل فيها من الارتطامات والاصطدام الذي يحصل في هذا الجزء من الدماغ . وكذلك من أسباب موت جذع المخ ؛ النزيف الداخلي .
ثانيا: علامات موت جذع المخ .
ولما كان إصابة جذع المخ عند أكثر الأطباء دليلا على موت الإنسان فإن الأطباء يذكرون لموت جذع المخ علامات منها :
الإغماء الكامل .
عدم الحركة .
عدم التنفس وانقطاعه ولهذا يحتاج إلى أجهزة الإنعاش - وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله- .
عدم وجود أي انفعالات انعكاسية ، كظهور آثار الحزن أو السرور .
وهي من أهمها مع عدم التنفس عدم وجود نشاط كهربائي في رسم المخ بطريقة معروفة عند الأطباء ، فالأطباء يرسمون المخ فقد يوجد عند هذا المصاب شيء من الرسم الكهربائي ، قد يكون قويا وقد يكون ضعيفا وقد لا يوجد فإذا لم يوجد أي نشاط كهربائي عند رسم المخ بآلاتهم المعروفة فهذا مما يستدلون به على أن جذع المخ قد مات .
ثالثا: تعريف موت الدماغ:
عرف الأطباء موت الدماغ بأنه تلف دائم في الدماغ يؤدي إلى توقف دائم لجميع وظائفه بما فيها وظائف جذع الدماغ.
أو هو: توقف الدماغ عن العمل تماماً وعدم قابليته للحياة.
فإذا مات المخيخ فإن الإنسان يمكن أن يعيش ، وإذا مات المخ فإن الإنسان أيضاً يمكن أن يعيش وإن كانت حياته حياة غير إنسانية بل حياة نباتية.
أما إذا مات جذع الدماغ فهنا اختلف الأطباء على قولين:
الأول: الاعتراف بموت جذع الدماغ نهاية للحياة الإنسانية بدلاً من توقف القلب والدورة الدموية وهذا قول أكثر الأطباء. (وهنا ترى المدرسة الأمريكية أنه لا بد من موت الدماغ بأكمله ، والمدرسة البريطانية على أن الموت يكون بموت جذع الدماغ فقط)
الثاني: عدم الاعتراف بموت الدماغ نهاية للحياة الإنسانية، والبقاء على العلامة المتيقنة حيث يتوقف جهاز التنفس والقلب عن أداء وظائفهما
رابعا: تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء والأطباء في الحكم على عامة الوفيات بالموت بمفارقة الروح البدن وذلك في الحالات التي لا تدخل تحت أجهزة الإنعاش . وهذا يقع في أكثر الموتى في العالم، ويكون ذلك بموت الدماغ وتوقف القلب عن النبض.
2-اتفق الفقهاء والأطباء على أن الغيبوبة وتوقف الدماغ ليس موتاً فحالات الغيبوبة المؤقتة مهما طالت والإغماء الطويل أو السبات العميق (أي غياب الوعي مهما طال الزمن)وكذلك السكتة الدماغية وهي خلل مفاجيء في تدفق الدم في جزء من الدماغ) فلا تعتبر موتاً ، وقد استطاع الطب الحديث علاج العديد من المصابين بالسكتة الدماغية وتأهيلهم. وهكذا القلب يمكن أن يتوقف عدة مرات (السكتة القلبية) ولكن خلايا القلب حية فلا يعتبر ميتاً لأن الجهاز العصبي لم يمت ويمكن إسعافه ما دام الدماغ حياً عبر أدوات الرعاية المركزة وأجهزة الإنعاش الصناعي.
3-ثم وقع الخلاف بينهم فيما إذا تم تشخيص موت الدماغ وفق الأصول المشروطة طبيا، وبواسطة الأطباء الموثوق بهم، وأمكن الإبقاء على التنفس وعمل القلب عبر أجهزة الإنعاش الصناعي=فهل يحكم بموت الشخص بمجرد موت دماغه ولا ينظر إلى عمل القلب، أم لا بد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان؟ ودونك أقوال أهل العلم في المسألة:
القول الأول: أن موت دماغ الشخص دون قلبه لا يعد موتاً بل لا بد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
القائلون بهذا القول:
1-المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي[ الدورة العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة عام 1408ه]
2-لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/433)
3-الشيخ عبد العزيز بن باز [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة(13/366-367)].
4-الشيخ جاد الحق علي جاد الحق[بحوث وفتاوى في قضايا معاصرة(5/612-625)]
5-الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد[فقه النوازل له(ص/233-243)]
6- الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي[قضايا فقهية معاصرة له(ص/127)]
7-الدكتور توفيق الواعي[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/461-484)
8-الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي[أحكام الجراحة الطبية(ص/352-354)]
9-الشيخ عبد الله البسام[أحكام الجراحة الطبية(ص/344)]
10-محمد المختار السلامي[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/451)
11-الشيخ بدر المتولي عبد الباسط [ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/445)
12-الشيخ عبد القادر محمد العمادي [ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/485)
أدلة القائلين بهذا القول
1- قوله تعالى:] أم حسبت أن أصحاب الكهف …إلى قوله: ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا[ سورة الكهف ، الآيات (9-12) وجه الدلالة : أن قوله سبحانه (بعثناهم) أي أيقظناهم ،وهذه الآيات فيها دليل واضح على أن مجرد فقد الإحساس والشعور وحده لا يعتبر دليلاً كافياً للحكم بكون الإنسان ميتاً كما دلت عليه الآية الكريمة.
2- قاعدة (اليقين لا يزول بالشك).
وجه الاستدلال : أن اليقين في هذه الحالة المختلف فيها هو حياة المريض باعتبار الأصل ولأن قلبه ينبض ، والشك في موته لأنه دماغه ميت فوجب علينا اعتبار اليقين الموجب للحكم بحياته حتى نجد يقيناً مثله يوجب علينا الحكم بموته.
3 ـ قاعدة (الأصل بقاء ما كان على ما كان) .
وجه الاستدلال : أن الأصل أن المريض حي فنحن نبقى على هذا الأصل حتى نجزم بزواله
4 ـ الاستصحاب :
ووجهه أن حالة المريض قبل موت الدماغ متفق على اعتباره حياً فيها فنحن نستصحب الحكم الموجود فيها إلى هذه الحالة التي اختلفنا فيها ونقول إنه حي لبقاء نبضه.
5- النظر: ووجهه : أن حفظ النفس يعتبر من مقاصد الشريعة الإسلامية التي بلغت مرتبة الضروريات التي تجب المحافظة عليها ، ولا شك أن الحكم باعتبار المريض في هذه الحالة حياً فيه محافظة على النفس وذلك يتفق مع هذا المقصد العظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية والعكس بالعكس.
القول الثاني: القول الثاني: يعتبر موت دماغ الشخص دون قلبه موتاً حقيقياً ، ولا يشترط توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان .
القائلون بهذا القول:
1- مجمع الفقه الإسلامي بجدة[قرارات وتوصيات المجمع للدورات من (1-10)(ص/36)]
2-الدكتور عمر سليمان الأشقر[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/146)
3-الدكتور محمد سليمان الأشقر[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/428)(11)
4-الدكتور محمد نعيم ياسين[ بحوث ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها(ص/420)
5- الدكتور أحمد شرف الدين[الأحكام الشرعية للأعمال الطبية(ص/176-177)]
6-الدكتور محمد علي البار[موت القلب و موت الدماغ له(ص/87)]
أدلة القائلين بهذا القول:
1 ـ أن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حياً ولو تنفس أو بال أو تحرك كذا قال الإمام مالك (رحمه الله). فما لم يكن الفعل إرادياً استجابة لتنظيم الدماغ لا يعتبر أمارة حياةوهذا واقع فيمن مات دماغه فيأخذ حكم المولود الذي لم يصرخ.
ونوقش بأن المسألة مختلف فيها ثم إن المولود مشكوكٌ في حياته وهذا بخلاف ما نحن فيه فالأصل حياة المريض فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
2 ـ أن الأطباء هم أهل الاختصاص والخبرة في هذا الفن وهم مؤتمنون في هذا المجال فينبغي علينا تصديقهم وقبول قولهم فيما يختص بوظيفتهم . وقد قال الأطباء: إذا رفض المخ قبول التغذية مات الإنسان.
فالموت هو مفارقة الإنسان للحياة بعد التحقق من الموت الكامل لجذع الدماغ ويكفي للتأكد من الموت التحقق من موت جميع خلايا مخه ومن التوقف التلقائي للوظائف الأساسية للحياة في الجسم ، ومن ثم أخذ الدماغ في التحلل.
وبهذا أوصت ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها المنعقدة في الكويت ووافق عليه كلٌ من الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور محمد علي البار والدكتور محمد أيمن صافي وغيرهم. فإذا توقف جذع المخ ففقد الجهاز العصبي خواصه الوظيفية الأساسية فإنه يعد ميتاً من الناحية الطبية والشرعية وهو ما أفتت به دور الإفتاء بمصر والمملكة العربية السعودية ومجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة بعمان وهو ما قررته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت.
الترجيح
الذي يظهر لدي-والله أعلم- أنه لا يحكم بموته إلا إذا تيقنا من ذلك بتوقف القلب والتنفس ، وإن كان توقف دماغ المريض من العلامات القوية على موته لكن الحكم بالموت يترتب عليه أمورٌ شرعية كقسمة تركته ونكاح امرأته إذا رغبت وغيرها ولذلك فلا يجوز الحكم بموته إلا بيقين،خاصة وأني أرى أن أصحاب القول الأول أسعد حظا بالأدلة العقلية والنقلية من أصحاب القول الثاني والله أعلى وأعلم وأعز وأحكم.
المراجع
[(( بحوث لبعض النوازل الفقهية المعاصرة)) كتبها : أحد طلبة العلم،و(( بحث بمجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد (42) ص/30)) للدكتور بلحاج العربي بن أحمد بعنوان (الأحكام الشرعية والطبية للمتوفى في الفقه الإسلامي).،و(( موت الدماغ بين الطب والإسلام)) لندى محمد نعيم الدقر.،و(( مجلة المجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي العدد3 الجزء2 ص545))،و(( فقه النوازل)) د/بكر أبو زيد،و(( الأحكام الشرعية للأعمال الطبية ))د/ أحمد شرف الدين،و(( مجلة البحوث الإسلامية العدد (58)) و((الوفاة وعلاماتها بين الفقهاء والأطباء)) د/ عبدالله بن صالح الحديثي،و(( هل هناك طب نبوي ))د/ محمد علي البار.،و(( موت القلب وموت الدماغ)) د/ محمد علي البار. و((الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي)) ، طبع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية،و((فقه الطبيب)) للشيخ مصطفى أبو الغيط.،و((المسائل الطبية والمعاملات المالية المعاصرة ))للشيخ خالد المشيقح.
__________________
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..
لمراد بموت الدماغ:
عرف الأطباء موت الدماغ بأنه تلف دائم في الدماغ يؤدي إلى توقف دائم لجميع وظائفه بما فيها وظائف جذع الدماغ[1].
أو هو: توقف الدماغ عن العمل تماماً وعدم قابليته للحياة[2].
فإذا مات المخيخ فإن الإنسان يمكن أن يعيش ، وإذا مات المخ فإن الإنسان أيضاً يمكن أن يعيش وإن كانت حياته حياة غير إنسانية بل حياة نباتية[3].
أما إذا مات جذع الدماغ فهنا اختلف الأطباء على قولين:
الأول: الاعتراف بموت جذع الدماغ نهاية للحياة الإنسانية بدلاً من توقف القلب والدورة الدموية وهذا قول أكثر الأطباء. (وهنا ترى المدرسة الأمريكية أنه لا بد من موت الدماغ بأكمله ، والمدرسة البريطانية على أن الموت يكون بموت جذع الدماغ فقط)
الثاني: عدم الاعتراف بموت الدماغ نهاية للحياة الإنسانية[4]
ج) موت الدماغ: ( جذع المخ )[5] وعلاماته:
إن الدماغ ( أو جذع المخ) هو المكان المعين في المخ الذي ترد عليه جميع الأحاسيس ، وهو المركز الرئيسي للتنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية ، فهو المسئول عن وعي الإنسان ونومه ويقظته وحياته ، فموت هذا الجزء من الدماغ يؤدي إلى إثبات الوفاة طبياً. إن موت جذع الدماغ بشكل دائم مرة واحدة يؤدي حتماً إلى خروج الروح من البدن ، حتى وإن كان القلب سليماً ، وذلك لأنه لا يمكن طبياً تبديل لا القشرة الدماغية الميتة ولا الدماغ لميت.
وقد استقر الطب الحديث على أن الموت الكامل لخلايا المخ ( أي الدماغ) الذي يؤدي إلى توقف المراكز العصبية عن العمل هو المعيار الشرعي والقانوني لموت الإنسان موتاً حقيقياً لا رجعة فيه . والمقصود بموت المخ: كلية الغيبوبة النهائية التامة ، حيث تتوقف مراكز الاتصال والتفكير والذاكرة والسلوك وغيرها عن العمل . فتخرج بذلك حالة موت جزء من خلايا المخ فقط وهي: الغيبوبة المؤقتة ، إذ إن موت المخ لاخلاف بين الأطباء في أنه ليس موتاً. فالموت هو من الناحية الطبية توقف جهاز التنفس والدورة الدموية والجهاز العصبي توقفاً تاماً لبضع دقائق وما يتبع ذلك من ظهور علامات وتغيرات ومنها ظهور الجسم بمظهر الجثة ويتم ذلك بعد حوالي ساعتين وهو ما يعبر عنه بموت الأنسجة.
ويمكن تلخيص العلامات الدالة على موت الدماغ فيما يلي :
1 ـ الإغماء الكامل وعدم الاستجابة لأي مؤثرات لتنبيه المصاب مهما كانت قوية.
2 ـ عدم الحركة التلقائية .
3 ـ عدم التنفس لمدة ثلاث أو أربع دقائق (على خلاف بين المدارس الطبية)بعد إبعاد المنفسة .
4ـ عدم وجود أي نشاط كهربائي في رسم المخ بعد إمراره بطريقة معينة معروفة عند الأطباء.
5ـ عدم وجود أيٍ من الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ الدالة على نشاط الجهاز العصبي مثل:
أ ـ عدم حركة حدقتي العينين للضوء الشديد.
ب- لا يرمش المصاب رغم وضع قطعة من القطن على قرنية العين.
ج- لا تتحرك مقلة العين رغم إدخال ماء بارد في الأذن.
د- لا يقطب المصاب جبينه رغم الضغط على الجبين بالإبهام.
هـ عدم التحكم أو الكحة عند لمس الحنك وباطن الحلق بالإبهام ، وعدم استجابة
عضلات الحنجرة لتحريك أنبوب بالقصبة الهوائية.
وـ عدم وجود حركة الدمية عند تحريك الرأس.
ويجب إعادة فحص وظائف الدماغ من فريق آخر بعد مرور عدة ساعات (إما ست أو أربع وعشرين على خلاف بين الأطباء)
ولا بد أن يجري التشخيص طبيبان على الأقل من الأطباء المختصين الثقات أحدهما مختص في جراحة الأعصاب (أو طب الأمراض العصبية).
وحين يصاب الدماغ إصابات بالغة نتيجة الحوادث فقد يموت الدماغ وتقوم الأجهزة الحديثة بإنعاش القلب والتنفس وجعلهما يستمران في وظيفتهما وبما أن جذع الدماغ هو المتحكم في جهازي التنفس والقلب والدورة الدموية فإن توقف جذع الدماغ وموته يؤدي لا محالة إلى توقف القلب والدورة الدموية والتنفس ولو بعد حين. ولكن لا بد من التأكد التام من التوقف الكامل الذي لا رجعة فيه لوظائف جذع الدماغ مع وجود إصاباتٍ باثيولوجية وتشريحية. ولا يكفي ذلك لإعلان موت الدماغ مالم تزل الأسباب المؤقتة التي قد تؤدي لتوقف وظيفة جذع الدماغ مؤقتاً ، ومنها:
1 ـ بعض العقاقير كالكحول والمنومات.
2 ـ برودة الجسم فقد تحدث بسببها نوبة إغماء وتوقف للتنفس .
3 ـ التسمم نتيجة الغازات السامة وغاز أول أكسيد الكربون.
4 ـ زيادة البولينا في الدم.
5 ـ نقص السكر أو زيادته في الدم.
6 ـ نقص الهرمونات أو زيادتها في الدم.
7 ـ حالات الغرق وتوقف القلب الفجائي.
8 ـ الحالات التي أجري لها عمليات كبيرة في الدماغ.
9 ـ أخماج ميكروبية ( فيروسية وبكتيرية ) تصيب جذع الدماغ.
وفي حالات الشك وخاصة في الأطفال تجري فحوص إضافية وهي :
1ـ حقن شرايين الدماغ الأربعة فإذا لم توجد دورة دموية في الدماغ كان ذلك دليلاً قاطعاً على موت الدماغ.
2 ـ إجراء الفحص السابق بواسطة المواد المشعة لسهولته النسبية وعدم الحاجة فيه لنقل المريض.
وقد توجد ذبذبات خفيفة تدل على وجود خلايا في الدماغ فوق مستوى جذع الدماغ ، ولذا يقترح بعضهم القيام بقياس الدورة الدموية في الدماغ.
هذا ولا يعد رسم الدماغ أساسياً في تشخيص موت الدماغ ، غير أنه إذا توافر كان دليلاً إضافياً مفيداً من الناحية الشرعية والقانونية ، ولا تكفي هذه الشروط لإعلان موت الإنسان ، بل لا بد أن يكون توقف وظائف جذع الدماغ مصحوباً بعلامات طبية ( باثولوجية وتشريحية ) وما يتبع ذلك من ظهور تغيرات : كحدوث تغييرات بالعين ، وبهاتة لون الجسم ، وبرودة الجسم وفقد حرارته الجوية ، والزرقة الرمية ، وغيرها من علامات ظهور الجسم بمظاهر الجثة تنتهي بتحليل الجسم تحللاً كاملاً.
{..} موت الدماغ: التعريفات والمفاهيم {..} بالتفصيـــل





إن تعريف الموت، خاصة موت الدماغ (BD)? قد تزايدت أهميته بالنسبة للمشتغلين بعلاج الحالات الحرجة. والمناقشات هنا تعارض فكرة أن «موت جذع الدماغ» مساوٍ لموت الدماغ، وتؤيد فكرة «الموت الكلي للدماغ».

كما تناولت المناقشة مشكلة أن نصف الدماغ الذي يعلو جذع الدماغ الميت يبقى حيا بعده. وعلى الرغم من أن الاختفاء الخِلقي للدماغ كله أو معظمه والحياة النباتية المستمرة لا تتحقق فيهما معايير موت الدماغ، إلا أنهما يعتبران سببا مقبولا لإيقاف إجراءات استمرار الحياة لكنهما قد لا يستخدمان كمصدر لنقل الأعضاء. ويقترح أن يطبق الشيء نفسه على مرضى «موت جذع الدماغ»، طالما لم تتحقق فيه معايير الموت الكُلّي للدماغ.


مقدمة:


من المقبول بوجه عام في مهنة الطب وعند العامة وسائر الأديان الرئيسة أن الشخص يعتبر ميتا حين تتوقف وظائف الدماغ بحيث لا تقبل الإعادة.(1،2).. ويستفيد كثير من المرضى الأحياء من قبول هذا التصور الذي جعل من الممكن نقل الأعضاء المأخوذة من المتبرعين من موتى الدماغ. ومع ذلك، فقد استمر موت الدماغ يثير أسئلة ومجادلات مهنية وأخلاقية وفلسفية. إن مثل هذا الاضطراب وانعدام الاتفاق على التصورات الأساسية حتى بين أولئك المختصين المشاركين في اتخاذ القرارات التي تحدد مصير أولئك المرضى الميتين لأمر يبعث على القلق.(3).. بل إنه حتى بين مؤلفي الدراسات العلمية عن هذه القضايا، فإن بعض النقاط من مجالي الأحياء ووظائف الأعضاء - دع جانبا الجوانب الفلسفية - لا تزال بعيدة عن الحسم.(4).. ويتضح هذا في الكم المتزايد باستمرار في الكتابات المتعلقة بالموضوع، بالإضافة إلى عدد من مجموعات المعايير والاتفاقيات التشخيصية، ومنذ نشرت«معايير هارفارد»الأصلية عام 1968.(5).، دخل إلى ميدان الاستخدام جيل جديد من المعايير.(6،7،8).. ومما يجب التأكيد عليه، مع ذلك، أنه على الرغم من الخلافات في الرأي، فإن الملاحظة الدقيقة لمعظم مجموعات القواعد تضمن تشخيصا آمنا.


أسباب التشخيص المبكر لموت الدماغ:


لماذا يجب الوصول إلى تشخيص لموت الدماغ في مرحلة مبكرة؟ ثمة أسباب عدة.(9). للتشخيص المبكر:
1 ـ اهتمام فريق نقل الأعضاء باستخدام الميت باعتباره متبرعا بأعضائه.
2 ـ تكاليف الملاحظة في العناية المركزة.
3 ـ الحاجة إلى السرير في وحدة العناية المركزة لحالة أخرى.
4 ـ التقليل من الفترة المحزنة للأقارب.
5 ـ الإحباط الذي يصيب العاملين في وحدة العناية المركزة حين يجبرون على تمريض جسم شخص ميت.
6 ـ الإساءة إلى المتوفى.


النظرة الحالية لموت الدماغ:


طبقا للنظرة المقبولة حاليا عن موت الدماغ والتي تتزايد أهميتها باستمرار(2،10).، فإن الموت الفعلي للخلية غير مطلوب كمعيار، ومن ثم فإن الواجب قبل تشخيص الموت أن نبرهن على الغياب الدائم للوظيفة أكثر من البرهنة على الموت الموضعي. وأكثر من ذلك، فإن شرط توقف الوظيفة غير القابل للإعادة لا يتضمن إثبات أن كل واحدة من ملايين الخلايا العصبية قد تلفت تلفا لا صلاح له. ولهذا أهميته من حيث إنه أصبح واضحاً أن الجزر الصغيرة من قشرة المخ يمكن أن تبقى حية لفترات زمنية مختلفة بعد أن يكون ما بقي من أجزاء الدماغ قد تعرض للتلف الموضعي.(11).. والتفسير الشائع لموت الدماغ هو أن الشخص يموت حين تكون الوظائف الشاملة للدماغ قد توقفت ككل توقفا مستمرا. وعند البعض أن الجزء الخطير جذع الدماغ. ويزعم مؤيدوا هذا التصور أن ليس هناك أي حالة معروفة ثبت فيها موت جذع الدماغ حدثت بعدها استعادة للوعي.
(12،13،14).. وحالة بقاء فلقات الدماغ (hemispheres) حية فوق جذع دماغ ميت ثابتة بقوة في تقرير حديث عن طفلة في الخامسة من عمرها سقطت مريضة مرضا حادا وظهرت عليها أعراض وعلامات إصابة في النقرة الخلفية.(15).، مع فشل في جذع الدماغ لكن وظائف الفلقات ظلت باقية.


التشخيص السريري لموت الدماغ:

مقدمة:


ظل الناس قرونا يعتبرون الحياة موجودة طالما بقي الفرد يتنفس. ثم صرنا ندرس أن التنفس إنما هو وسيلة لصيانة القلب المسؤول عن دورة الدم. وطالما وفّر مثل هذا النشاط حاجات الدماغ الغذائية فإن الشخص يبقى حيا. لكن الأطباء في منتصف هذا القرن أصبحوا يدركون أن الدماغ يتطلب طاقة أكثر من بقية الأعضاء، فإن لم تتوفر له حاجاته فإنه يتوقف عن النشاط، بينما الأجزاء الأخرى من الجسم (التي تتطلب طاقة أقل) قد تبقى حية وقد تستعيد نشاطها ما دامت الدورة الدموية مستمرة. والنتيجة أن يوجد دماغ ميت في جسم حي. فهل مثل هذا يعتبر حيا أو ميتا؟ علينا، قبل إجابة هذا السؤال، أن نرسي المبادىء العامة التي على أساسها يمكن أن نشخص الدماغ الميت. علينا أن نعرف سبب الغيبوبة كي نعالجه إن كان ممكنا. يمكن التثبت من الوضع السريري عن طريق الاختبار المعياري العصبي. كما أن علينا أن نعتمد على الاختبارات التأكيدية لتقرير موت الدماغ، من مثل رسم المخ الألكتروني والاختبارات الكمية للجوانب الأخرى كرسم الأوعية الإشعاعي.(16).. فإذا تقررت الحالة السريرية للمريض، فالمعتاد ألا يجد الطبيب مشكلة في إعطاء شهادة بالموت.


التشخيص:


نشأت معظم الخلافات حول معايير تشخيص الموت من عدم الرغبة في تحديد معنى الموت. «كان هناك فقط نوع من الموت البشري: فقدان القدرة نهائيا على الوعي مصحوبا بفقد القدرة على التنفس تماما (ومن ثم على النبض التلقائي). فالموت التام على هذا التصور، هي موت جذع الدماغ.(17).. وكان موت جذع الدماغ يمثّل دائماً الآثار التحتية في خيمة المخ لما حدث فيها من الخارج. وكان ينطوي على موت «الدماغ ككل». إن «موت كل الدماغ» يعني موت كل خلية عصبية داخل التجويف الجمجمي. أما «موت جذع الدماغ» فيعني موت «الدماغ ككل».(18)..


تعليقات على معايير قواعد «موت الدماغ»:

قواعد الولايات المتحدة:

ظل «موت الدماغ» في الولايات المتحدة، معناه وتطبيقاته، يمثل مشكلة. أولا، معايير موت الدماغ، أعني الفقدان النهائي لكل أنشطة المخ، كانت مقبولة لأسباب عملية (دون اتفاق واسع على سبب اعتبار من فقدوا كل وظائف الدماغ موتى). وكانت الأسباب العملية:
1 ـ اتخاذ قرار بموت الدماغ هو أيسر التشخيصات نسبيا عند الأكفاء من أطباء وجرّاحي الأعصاب وأطباء العناية بالحالات الحرجة.
2 ـ حين يتم إجراء تشخيص موت الدماغ يصبح من المؤكد احتمال أن المريض لن يسترجع وعيه أبدا وأن نبضه سيتوقف بعد وقت قصير? وذلك على الرغم من مغامرات التدخل المستمرة، ومع ذلك، فإن تعريف موت «كل الدماغ» قد حظي باعتماد «الجمعية الطبية الأمريكية».

معايير التشخيص:


1 ـ حادثة عصبية كافية لإحداث موت الدماغ.
2 ـ اختبار موثوق فيه يبين اختفاء وظيفة جذع الدماغ.

نتائج الاختبار الطبيعي:


1 ـ غيبوبة عميقة.. «فقدان للوعي مصحوب بعيون مغلقة».
2 ـ انعدام حركة العينين.. وانعدام استجابة البؤبؤ.
3 ـ انعدام الانعكاسات من القرنية.
4 ـ انعدام انعكاسات السعال أو الكِعام (gag reflex)... انعدام رد الفعل الحركي no motor response.
5 ـ انعدام أي محاولة تنفس بدون المَنْفَسة خلال ثلاث دقائق.. وللوصول إلى هذه النتيجة يجب أن يعيش المريض على هواء الغرفة لمدة عشر دقائق قبل الاختبار. ملاحظة: إذا كان محتملا تبرع المريض بأعضائه، فالواجب عدم إجراء هذا الاختبار، وإن أجري، فيجب اتباع اتفاقية وحدات العناية المركزية (ICU) باستخدام أكسجين صافٍ 100% كما يجب ألا يجرى إلا بعد استشارة منسق نقل الأعضاء.

التأكيد المختبري:


فحص تتبعي للذرات المشعة لإظهار انعدام تدفق الدم في الدماغ.
رسم للمخ EEG موثوق به، خاصة في حالات جرعات التخدير الزائدة أو انخفاض الحرارة.

الجوانب القانونية:

إذا تحققت المعايير السابقة فإن المريض يعتبر ميتا قانونا ولا ضرورة للاستمرار في العلاج. ومن المهم تسجيل وقت الموت في التقرير الطبي للحالة، وذلك قبل إيقاف المنفسة ventilator)).

الجوانب الإنسانية:


موتى الدماغ من المرضى قد لا يبدو عليهم أنهم كذلك.. فمن المهم التعامل مع العائلة بحيث «تهدأ مشاعرهم بسهولة» ويتقبلون موت عزيزهم. قد نحتاج أحيانا إلى إبقاء المنفسة بعض الوقت للسماح بهذا التقبل.
قواعد خاصة في الولايات المتحدة:

معايير هارفارد:


كان نشر «معايير هارفارد».(5). تطورا تاريخيا رئيسا في تشخيص موت الدماغ. وتشتمل البنود الأساسية في هذه المعايير على ما يلي:
ـ انعدام الاستجابة لمثير مؤذ إيذاء شديدا (غيبوبة لا استجابة معها).
ـ غياب كلي للتنفس الطبيعي.
ـ غياب الانعكاسات من جذع الدماغ والحبل الشوكي.
ـ غياب النشاط الوضعي (Postural activity) كما في مثل حالة إزالة المخ أو وقف نشاطه.
ـ رسم مخ (EEG) مسطح.
ـ وكذلك، يجب استبعاد انخفاض الحرارة ووجود مخفضات لنشاط النظام العصبي المركزي (CNS) من مثل أحد مشتقات حمض البربيتوريك.
ـ وأخيرا، يجب ألا تتغير النتائج السريرية ونتائج رسم المخ في التقييم الثاني بعد 24 ساعة على الأقل.

معايير مينيسوتا:


أدت تجربة «معايير هارفارد» سريريا إلى القول بأن قيودها قد تكون شديدة الغلو. ودفع هذا كلا من «موهانداس» Mohondas و«تشو» Chow.(19). إلى تقديم «معايير مينيسوتا» لموت الدماغ، والملاحظ أنه قد اختفى من هذه القائمة عنصران: اختفاء الانعكاسات الشوكية ومعيار رسم المخ (حيث نُظر إليهما على أنهما اختباران اختياريان للتثبت). والعناصر الأساسية في معايير مينيسوتا هي:
أ ـ غياب الحركة الطبيعية.
ب ـ غياب التنفس الطبيعي لفترة اختبار تزيد على أربع دقائق.
ج ـ غياب انعكاسات الدماغ كما يظهرها ثبات البؤبؤ واتساعه; وغياب انعكاسات الكِعام (gag) والقرنية والأهداب الشوكية; غياب حركات عيون الدمية (Dolls’eye movements)، غياب الاستجابة للمثير الحراري Coloric; وغياب الانعكاس لمنشط الرقبة.
د ـ بقاء الوضع دون تغير لمدة اثنتي عشرة ساعة.
هـ ـ الحالة المرضية المسؤولة التي يتفق على أنها غير قابلة للعلاج.

القواعد الكندية: (Canadian Code)


اعتادت «الجمعية الطبية الكندية» أن تنشر من وقت لآخر إرشادات عامة لتشخيص موت الدماغ. وقد نشرت أحدث مجموعة إرشادات عام 1987.(20،21).. وهذه الإرشادات توجب اتباع القواعد التالية:
1 ـ يجب أن يُقَرّر موت الدماغ سريريا طبيب متمرس وفقا للمعايير الطبية المتعارف عليها.
2 ـ يجب أن يكون هناك تحديد مسبق لأسباب موت الدماغ.
3 ـ يجب استبعاد الحالات القابلة للإعادة (مثل التسمم بالمخدرات، اضطرابات التمثيل الغذائي القابلة للعلاج، انخفاض درجة الحرارة (درجة حرارة داخل الجسم ْ32.2)، الصدمة، الاختلال الوظيفي العصبي العضلي).
4 ـ يجب أن يكون المريض في غيبوبة عميقة وليس به أي استجابة لأي مثير في نطاق التوزيع العصبي الجمجمي.
5 ـ يجب ألا يكون هناك أي حركات، مثل النوبات، أو حركات الاختلال الحيوي، أو الوضعية (posture) الناشئة عن إزالة قشرة الدماغ أو الدماغ نفسه.
6 ـ يجب أن تنعدم انعكاسات جذع الدماغ.
7 ـ يجب أن يكون المريض في حالة اختناق.(22، 23، 24، 25، 26)..
8 ـ تصرّ الشروط السريرية المحددة أعلاه على إعادة التقييم. وتتفاوت الفترة الزمنية بين مرات إعادة التقييم حسب أسباب المرض (عادة ما بين ساعتين وأربع وعشرين ساعة).
لاحظ أن الإرشادات الكندية لا تتطلب غياب الانعكاسات الشوكية. كما لا تتطلب اختبارات مساعدة مثل رسم المخ.

قواعد المملكة المتحدة


تتوجه قواعد المملكة المتحدة.(27). في تصور فكرة الموت إلى جذع الدماغ، وتركيز قواعد المملكة المتحدة ينصب على الأهمية الكبرى لمسألة «السياق». فما لم تتوفر المتطلبات الصارمة، وتستبعد بوجه خاص حالات معينة، فإن تشخيص موت الدماغ لا يكون حتى محل نظر. وقد ندر أن تنبه لهذه النقطة أولئك الذين ينتقدون هذه القواعد. وهذا المخطط بهذه الصورة سليم علميا وسهل من حيث التطبيق. لكن بقيت بعض المشكلات المتعلقة بالمصطلحات.(28).. فالمذكرة التي قدمها «مؤتمر المدارس الطبية الملكية وكلياتها» كانت العنوان: «تشخيص موت الدماغ».(27).. وجاء في نص المذكرة، أنه، على كل حال، «يعتبر الموت الوظيفي المستمر لجذع الدماغ هو الذي يحدد الموت». أما المتطلبات لإعلان موت الدماغ فتتمثل في وجود آفة أولية أو ثانوية في الدماغ واستبعاد آثار المخدر أو انخفاض حرارة الجسم أو اضطرابات الغدد الصماء.

القواعد الكوبية


"القواعد الكوبية لتشخيص موت الدماغ» (29، 30). تشتمل على منهج متتابع الخطوات لتشخيص موت الدماغ، وذلك باستخدام الإمكانات المثارة بوسائل متعددة
(multi - modality evoked potentials) (MEPs) ورسم إلكتروني للشبكية (ERG) كخطوة أساسية. وبمراجعة ما كتب عن هذا الموضوع اتضح أن معظم مجموعات المعايير لم تأخذ هذا المنهج ذا الخطوات المتتابعة بعين الاعتبار. ولم يَشِعْ إدراج اختبار الإمكانات المثارة بوسائل عديدة (MEPs) أو رسم الشبكية (ERG) كاختباري تثبّت. والجمع بين المنهج التتابعي وتطبيق مجموعة اختبارات تضم الإمكانات المثارة بوسائل عدة ورسم الشبكية يمكن أن يفيد في التغلب على المشكلات التي تثيرها الشروط التي تعتبر عادة أدوات استبعاد لتشخيص موت الدماغ، كما يمكن أن تسهل الممارسة السريرية، من أجل إقامة تشخيص دقيق ومبكّر لموت الدماغ، وهو ما يعتبر أساسيا بالنسبة لنقل الأعضاء.(31)..

الاختبارات المساعدة:


على الرغم من أن تشخيص موت الدماغ عمل سريري، فإن الممارس السريري قد يلجأ من حين لآخر إلى الاستهداء بمجموعة من الاختبارات الإضافية. عموما، بعد التثبت من الترابط بين الغيبوبة المصحوبة بانقطاع التنفس وانعدام الانعكاس العصبي (كما في حالات الإصابات البالغة في أعلى خيمة الدماغ) تكون هناك أربعة خيارات متاحة:
1 ـ انتظار مدة 12 ساعة.
2 ـ سكون في كهرباء قشرة الدماغ كما يظهر في رسم المخ EEG)).
3 ـ خطوة نحو إلغاء إمكانات جذع الدماغ السمعية المثارة في سلسلة اختبارات متتابعة.
4 ـ إظهار توقف دورة الدم داخل المخ، عن طريق رسم للأوعية أو رسم صوتي
(Sonograph) طبقا لنظرية دوبلر (Doppler).
في الإصابات الأساسية في داخل خيمة المخ يمكن أن تستمر وظائف القشرة الدماغية لعدة ساعات أو أيام. من هنا كان لازما إظهار توقف نشاط القشرة الكهربي عن طريق رسم المخ.
ولعل أشيع اختبار من هذا النوع هو الرسم الإلكتروني للرأس (EEG). والنتيجة المتوقعة هي «رسم للمخ» «مسطح» (flat) أو «متكاهر» (isoelectric; متساوي الجهد الكهربي)(32).. كذلك، فإنه يمكن أن يصبح سهلا أن نتأكد من موت جذع الدماغ عن طريق ملاحظة إمكانات جذع الدماغ السمعية المثارة (BAEP) في استجابتها لمثير سمعي(33).. ويمكن تبين اختفاء دورة الدم في المخ عن طريق رسم لأربعة من الأوعية وبطرق الذرات المشعة(34).. كذلك، اقترح مؤخرا عمل صورة بالموجات فوق الصوتية طبقا لنظرية دوبلر على الجمجمة، كوسيلة لدراسة دورة الدم في المخ في حالة موت الدماغ


وحين تتوقف وظائف جذع الدماغ أو يصيبه التلف، لا تبقى هناك علامة سريرية أو طريقة اختبار تظهر حالة فلقات الدماغ hemispheres) ). أما الاختبارات السريرية لموت الدماغ فتشمل فقط فحص انعكاسات جذع الدماغ.
والقواعد المؤسسة على معايير سريرية فقط تحاول أن تتحايل على هذه المشكلة عن طريق اشتراط مدة ملاحظة أطول، أي: تكرار التأكد من تحقق جميع المعايير على فترات تصل إلى ، أو 24، أو 48 ساعة(38).، وذلك بناء على افتراض أن موت جذع الدماغ، بعد هذه الفترات، يتلوه دون تغير موت فلقات الدماغ. وهذا الأمر، كما سبقت الإشارة، لا يصدق دائما، خاصة في حالات الإصابة الأساسية داخل خيمة المخ. وحالة مقدمة الدماغ في مثل هذه الحالات لا يمكن تقييمها إلا بإحدى الوسائل المساعدة. وهذه الوسائل تأخذ وضع الاختبار المؤكّد. ومن أشيع الطرق استخداما رسم المخ (EEG) ورسم الأوعية الإشعاعي. ومن مزايا استخدام هذه الطرق أنها يمكن أن تقصر طول الفترات الزمنية المطلوبة بين كل اختبارين (مثلا، 12 إلى 6 ساعات في المعايير الأمريكية(37).).


بعض مجموعات القواعد تدعو إلى عمل رسم مخ مرة واحدة، والبعض الآخر إلى تكراره كي يتبين غياب النشاط الكهربي للمخ. ومن المهم أن ندرك أن تتابع الأحداث في الأطفال قد يكون مختلفا، وذلك مردّه إلى أن مخ صغار السن أكثر مقاومة لنقص الأكسجين، ومن ثم يمكن استعادة النشاط بعد فترات انعدام أطول. ولهذا السبب يجب أن تطول الفترة الزمنية بين كل اختبارين سريريين ورسمَيْ مخ تتحقق فيهما معايير غياب نشاط المخ (مثلا، 12 ساعة للأطفال فوق سنة واحدة، و24 ساعة لمن أعمارهم من شهرين حتى 12 شهرا،و48 ساعة لمن هم بين أسبوع واحد وشهرين،و72 ساعة للمواليد الجدد(39).هذه الفترات باعتراف الجميع اعتباطية(24) وقد لا تكون مبنية على خبرة واسعة بدرجة كافية(40).ومع ذلك، فالمعتقد أنها توفر الأمان وتبدو المخاطرة بحدوث تشخيص إيجابي زائف(أي، لموت الدماغ في الطفل الحي) تصل إلى الصفر


يمكن بمقابلة رسم الأوعية (angiography) التقليدي الوصول إلى دليل فوري وحاسم لموت الدماغ، لكنه غير مقبول لدى معظم مجموعات القواعد. إنه يتطلب نقل المريض الواهن إلى قسم أشعة إكس; بل إن فيه مخاطرة أن يحدث تقلصا عضليا في أوعية داخل الجمجمة، أو هبوطا في ضعف الدم، مصحوبا بنتائج ضارة بدماغ يحتمل أنه لا يزال حيا(42). أما رسم الأوعية المشع الذي يُجْرَى إلى جانب السرير فإنه يخلو من هذه المخاطرات وقد استُخدم فأدى إلى نتائج جيدة خلال أكثر من عشر سنوات(42). وتتوقع نتائج طيبة من الطريقة 99’Tc HMPAO(43)، كما أن الطرق الأخرى المستحدثة والتي تستخدم تصوير الأوعية الوريدي (Venous angiography)(44)، وطريقة صورة التردد المغنطيسي (MRI)(45)، واستخدام المسح المزدوج الملون (Color duplex Scanning)(46) تعد بما هو أكثر
سؤال:
هل العبرة في الحكم بالموت وفاة الدماغ أم القلب ؟

الجواب :
الحمد لله
أولاً : الدماغ يتكون من أجزاء ثلاثة هي:
المخ: وهو مركز التفكير، والذاكرة، والإحساس.
المخيخ: ووظيفته توازن الجسم.
جذع المخ: وهو المركز الأساسي للتنفس والتحكم في القلب ، والدورة الدموية .

فإذا مات المخ ، أو المخيخ ، من أجزاء الدماغ : أمكن للإنسان أن يحيا حياة غير عادية وهي: ما تسمى بالحياة النباتية .

أما إذا مات "جذع الدماغ " فإن هذا هو الذي تصير به نهاية الحياة الإنسانية عند الأطباء.
فإن أياً من الأعضاء أو الوظائف الرئيسية الأخرى ، كالقلب والتنفس قد يتوقف مؤقتا، ولكن يمكن إسعافه ، واستنقاذ عدد من المرضى ، مادام جذع المخ حيا...
أما إذا كان جذع المخ قد مات : فلا أمل في إنقاذه ، وإنما يكون المريض قد انتهت حياته، ولو ظلت في أجهزة أخرى من الجسم بقية من حركة أو وظيفة .
ينظر : "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (ع2 ، ج2، ص440).

وبناء على ذلك ظهرت عدة مسائل فقهية ، منها : هل يحكم بموت الإنسان بموت الدماغ فقط أم لا بد من موت القلب أيضاً ؟
وهل يجوز رفع أجهزة الإنعاش عمن توفي دماغيا ، ولو كان قلبه لا زال يعمل ؟

أما رفع أجهزة الإنعاش عمن حكم الأطباء بموته دماغياً : فعامة الفقهاء المعاصرين على جوازه ، لأنه لا يجب استمرار تلك الأجهزة مع كونه لا أمل في شفائه ، وبذلك صدرت القرارات من المجامع الفقهية .
وينظر جواب السؤال : (115104) .

ثانياً :
أما الحكم بموته شرعاً ، فاختلف العلماء المعاصرون في موت جذع الدماغ ، هل يعتبر نهاية للحياة الإنسانية ، على قولين:
القول الأول: يعتبر موت دماغ الشخص دون قلبه موتًا حقيقيًّا ، ولا يشترط توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان .
وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعه المنعقد في عمان عام 1986م . ينظر: " مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (ع 3، ج2/809).
وجاء في قراره: " يعتبر شرعاً أن الشخص قد مات ، وتترتب عليه جميع الأحكام المقررة شرعاً للوفاة عند ذلك ، إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين :
أولاً : إذا توقف قلبه وتنفسه توقفاً تاماً ، وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه .
ثانياً : إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلاً نهائياً ، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه ، وأخذ دماغه في التحلل ".
انتهى من " قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي" (ص: 12).

واستدلوا على ذلك : بأن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حيًّا، ولو تنفس أو بال أو تحرك، فالفعل الذي لا يكون إراديًّا ، واستجابة لتنظيم الدماغ : لا يعد أمارة على الحياة ، وهذا واقع فيمن مات دماغه ، فيأخذ حكم المولود الذي لم يصرخ.

ونوقش هذا : بأن مسألة المولود مختلف فيها، ثم إن المولود مشكوكٌ في حياته، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فالأصل حياة المريض، فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
والقول الثاني: أن موت دماغ الشخص دون قلبه لا يُعد موتًا ، بل لابد من توقف القلب عن النبض حتى يحكم بموت الإنسان.
وهو ما قرره المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة 1408 هـ.
وجاء في قراره : " المريض الذي ركبت على جسمه أجهزة الإنعاش : يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه نهائياً، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء، أن التعطل لا رجعة فيه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً، بفعل الأجهزة المركبة.
لكن لا يحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب، توقفاً تاماً بعد رفع هذه الأجهزة ".
انتهى من "قرارات المجمع الفقهي الإسلامي للرابطة " (ص: 49).

واستدلوا على ذلك بقصة أصحاب الكهف وقوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) ، وقوله : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ).
وجه الدلالة: أن قوله سبحانه (بَعَثْنَاهُمْ) أي: أيقظناهم، وهذه الآيات فيها دليل واضح على أن مجرد فقد الإحساس والشعور وحده : لا يعتبر دليلًا كافيًا للحكم بكون الإنسان ميتًا، كما دلت عليه الآية الكريمة.
ولأن (اليقين لا يزول بالشك) ، واليقين في هذه الحالة المختلف فيها : هو حياة المريض ، باعتبار الأصل ، ولأن قلبه ينبض، والشك في موته ، لأن دماغه ميت، فوجب علينا اعتبار اليقين .
فالأصل أن المريض حي، فنبقى على هذا الأصل حتى نجزم بزواله .
وأن حقيقة الوفاة عند الفقهاء هي: مفارقة الروح البدن ، وحقيقة المفارقة : خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، بحيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية .
قال الشيخ بكر أبو زيد : " فكما لا يسوغ إعلان الوفاة بمجرد سكوت القلب ... لوجود الشك ، فكذلك لا يسوغ إعلان الوفاة بموت الدماغ مع نبض القلب ، وتردد التنفس تحت الآلات .
وكما أن مجرد توقف القلب ليس حقيقة للوفاة ، بل هو من علاماته ، إذ من الجائز جداً توقف القلب ثم تعود الحياة بواسطة الإنعاش أو بدون بذل أي سبب .
وكذلك يقال أيضاً : إن موت الدماغ علامة وأمارة على الوفاة ، وليس هو كل الوفاة ، بدليل وجود حالات ووقائع متعددة يقرر الأطباء فيها موت الدماغ ، ثم يحيا ذلك الإنسان ، فيعود الأمر إذاً إلى ما قرره العلماء الفقهاء من أن حقيقة الوفاة هي : مفارقة الروح البدن ، وحينئذٍ تأتي كلمة الغزالي المهمة في معرفة ذلك فيقول : (باستعصاء الأعضاء على الروح) ، أي : حتى لا يبقى جزء في الإنسان مشتبكة به الروح ، والله تعالى أعلم ". انتهى من "فقه النوازل" (1/232).

ولعل الأقرب – والله أعلم - : أنه لا يحكم بموته إلا إذا تيقنا من ذلك بتوقف القلب والتنفس توقفاً تاماً ، وإن كان توقف دماغ المريض من العلامات القوية على موته ؛ لكن الحكم بالموت يترتب عليه أمورٌ شرعية : كقسمة تركته ، ونكاح امرأته إذا رغبت، وغيرها ، ولذلك فلا يجوز الحكم بموته إلا بيقين.

فلا يحكم بالموت بمجرد توقف النفس ، أو النبض ، أو موت جذع المخ مع بقاء أي علامة من العلامات الظاهرة أو الباطنة التي يستدل بها على بقاء شيء من الحياة.
وإذا كان الموت هو مفارقةَ الروح للجسد ، فإن هذه المفارقة لا تُدرَك بالحسّ ؛ لأن الروح لا تدرَك بالحواسّ ، إلا أن لمفارقتها البدنَ بالموت علاماتٍ استدل الفقهاء بها على موت من ظهَرَت عليه، منها: توقف القلب عن العمل، وانقطاع التنفس، واسترخاء الأطراف والأعصاب، وسكون الحركة في البدن، وتغير لون البدن، وشخوص البصر، وعدم انقباض العين عند المسّ ، وانخساف الصدغ، وميل الأنف، وانفراج الشفتين، وامتداد جلدة الوجه، وهذه العلامات لا تظهر في مرضى الغيبوبة الدماغية الذين يطلق عليهم تَجَوُّزًا "الموتى إكلينيكيًّا".
فأجسادهم تدب فيها الحياة ، من حيث استمرار عمل بعض الأجهزة كالقلب والكليتين وغيرهما.

واختار هذا أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين، ومنهم الشيخ بكر أبو زيد، والشيخ عبد الله البسام رحمه الله، والشيخ محمد المختار الشنقيطي في رسالته "أحكام الجراحة الطبية".
ينظر: "فقه النوازل"، للشيخ بكر أبو زيد، (1/232)، "أحكام الجراحة الطبية" للشيخ محمد المختار الشنقيطي، ص(325) ، "مجلة المجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي"، العدد3 الجزء2 ص(545) ،

وبناء على ذلك :
1-لا يصح أن يُرتب على هذا التشخيص ( الموت دماغيا) أي من الأحكام المرتبة على الحكم بالموت شرعاً.
2- كما لا يعتبر مبيحاً لنزع أعضائه الحيوية ، عند من يرى جواز نزع ذلك من الأموات ، دون الأحياء.

وللاستزادة ينظر : " الموسوعة الطبية الفقهية والنوازل المعاصرة" (2/36-61) ، و"المسائل الطبية المستجدة " (2/11) للدكتور محمد بن عبد الجواد النتشة.
والله أعلم .
"الإخصاب خارج الجسم" (In Vitro Fertilization - IVF) المعروف أيضا باسماء: "التلقيح الاصطناعي" و"تلقيح اأنابيب" هو أحد أكثر العلاجات انتشاراً بين علاجات الإخصاب المتقدمة. والإخصاب خارج الجسم هو أكثر تقنيات علاجات الإخصاب شيوعاً في العصر الحديث.

خلال عملية الإخصاب خارج الجسم يتم لقاء مبادر إليه بين البويضة والسائل المنوي في ظروف مخبرية، كبديل لمكان لقائهما الطبيعي – البوق في جسم المرأة. في إطار علاج الإخصاب يتم إجراء سحب بويضات من جسم المرأة، جمعها مع خلايا منوية وإخصابها في ظروف مخبرية. بعد ذلك، يتم إدخال الجنين إلى الرحم، مع تقديم علاج هرموني داعم لهذه العملية.

في الأصل، تم اختراع هذا العلاج من أجل تجاوز الحاجة إلى البوق، لدى نساء كان البوق(قناتي فالوب) عندهن ناقصاً أو مسدوداً، بيد أنه وخلال السنوات الأخيرة، يتم استعمال هذا العلاج من أجل حل عدة مشاكل أخرى، بما في ذلك مشاكل صعبة في الخلايا المنوية، الانتباذ البطاني الرحمي (نمو أنسجة بطانة الرحم في مناطق خارج الرحم)، اضطرابات مركبة في الإباضة والهرمونات ومشاكل ناجمة عن دمج عدة اضطرابات لدى الزوجين معاً.

بموجب قانون التأمين الصحي الرسمي، يتم تمويل علاجات الإخصاب خارج الجسم من قبل صناديق المرضى لأزواج لا أولاد لديهما من زواجهما الحالي (حتى ولدين) وكذلك، لمراة بدون أولاد معنية بإقامة عائلة أحادية الوالدين لإنجاب ولد أول وثان;
علاجات الإخصاب خارج الجسم - IVF تعطى لنساء بسن 18 – 45 (التبرع ببويضة يقدم إلى نساء بسن 18 حتى 54 سنة).

التحضيرات قبيل العلاج
إجراء فحوصات مخبرية مختلفة لاستبعاد أسباب من شأنها المس بالحمل، بصحة الأم أو بصحة الجنين. الفحوصات تشمل مضادات حصبة ألمانية، مضادات فشل مناعي، مستضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع- B ومن نوع - C وعينة فحص من عنق الرحم لاستبعاد تطور سرطان عنق الرحم، أو تلوثات، في حالة وجود اشتباه بذلك.
استبعاد أمراض وراثية من خلال تقييم الماضي العائلي.
تمثيل رحم سليم حسب صورة رحم حديثة أو منظار الرحم.
فحص خلايا منوية حديثة.
يتم أخذ عينة دم من أجل تحديد مستويات الهرمونات الأولية، بغية استبعاد امكانيات أخرى (مثل التلوثات).

إجراء العلاج
إثارة المبيض – هناك عدة طرق ممكنة للتسبب بإثارة المبيض، وبواسطة ذلك خلق عدد كبير من البويضات الملائمة للإخصاب.
سحب البويضات – بعد إثارة المبيض، تصل المرأة لعملية سحب البويضات. عملية السحب تتم في غرفة جراحية مجاورة لمختبر الإخصاب خارج الجسم. العملية تتم تحت تخدير موضعي في عنق الرحم أو بتخدير كامل قصير المدى. العملية منوطة بعدم ارتياح حتى الشعور بالألم، وبعدها هناك ضرورة للراحة لعدة ساعات.
إخصاب البويضات ونمو الأجنة – بعد السحب، يتم نقل البويضات إلى المختبر ووضعها في أنبوبة مخبري تحوي مفرش الحضانة. في الوقت ذاته، يقدم الرجل عينة سائل منوي، تمر بتحضير دقيق بعدها فقط يتم الجمع بين الخلايا المنوية والبويضات داخل سائل الحضانة.
إعادة الجنين إلى الرحم – هذه هي المرحلة الأخيرة. العملية بسيطة، لا تنطوي على آلام ولا تحتاج إلى تخدير. خلالها يتم إدخال أنبوبة أو قسطر دقيق جداً إلى الرحم عبر عنق الرحم، ويتم حقن الأجنة داخل تجويف الرحم. بعد إعادتها، نوصي بالراحة لمدة ساعتين بواسطة الرقود على الظهر. مع انتهاء مدة الراحة، يتم تسريح المرأة إلى بيتها وخلال اليوم التالي عليها الإكثار من الراحة ومن الرقود في السرير بشكل تام تقريباً. كذلك، يجب الامتناع عن ممارسة العلاقات ال***ية لفترة أسبوعين.

تعقيدات ومخاطر
في أعقاب إثارة المبيض قد تحدث إثارة زائدة، تظهر بعد يوم أو يومين من سحب البويضات وقد تستمر لمدة 3 – 4 أسابيع بعد سحب البويضات. يجب الخلود إلى الراحة والإكثار من شرب السوائل كعلاج. الإثارة الزائدة، المتوسطة أو الصعبة – هي ظاهرة نادرة، وتحتاج أحياناً إلى الرقود في المستشفى.

الإخصاب المجهري
حقن المني داخل البويضة هي عملية يمكن القيام بها في المختبر، تحت تكبير مجهري، في خلايا وحيدة. يمكن للعملية أن تؤدي إلى الإخصاب، تكون جنين وتحقيق الحمل، مع بويضة وخلية منوية وحيدتين. الطريقة تتيح إدخال المني مباشرة إلى داخل البويضة لدى أزواج يعاني الزوج منهما من اضطرابات خطيرة في الخلايا المنوية.
العملية تسمى - : ICSI - Intra Insemination Sperm Injection متبع إجراء حقن مني داخل بويضة في جميع الحالات التي خضعت لإخصاب خارج الجسم، وتحققت فيها نسب إخصاب تقل عن 20%.

الغيبوبة,تعريفها,أنواع الغيبوبة,أسباب الغيبوبة
الغيبوبة,تعريفها,أنواع الغيبوبة,أسباب الغيبوبة
الغيبوبة,تعريفها,أنواع الغيبوبة,أسباب الغيبوبة

ما هي الغيبوبة؟

الغيبوبة هي حالة من اللاوعي تستمر لفترات طويلة. خلال الغيبوبة، يكون الشخص غير قادر على الاستجابة لبيئته المحيطة به. ويكون الشخص خلالها على قيد الحياة، ويبدو وكأنه نائماً. ومع ذلك، خلافاً لما يحدث خلال النوم العميق، لا يمكن إيقاظ الشخص الراقد في الغيبوبة بأي نوع من المحفزات أو المؤثرات الخارجية، بما في ذلك الألم.

ما أسباب الإصابة بالغيبوبة؟
تحدث الغيبوبة بسبب التعرض لإصابة في المخ. قد تكون هذه الإصابة نتيجة ارتفاع ضغط الدم، نزيف المخ، فقدان ونقص الأكسجين أو تراكم السموم. ويمكن أن تكون الإصابة مؤقتة وقابلة للعلاج، كما يمكن أن تكون دائمة.
وتجدر الإشارة إلى أن 50% من حالات الغيبوبة تعود إلى صدمات أو رضوح الرأس أو حدوث اضطرابات في دورة المخ الدموية. وتشمل المشاكل التي قد تؤدي إلى الإصابة بالغيبوبة:
- الصدمات/ الرضوح: يمكن أن تسبب إصابات الرأس تورم أو نزيف المخ. عند تضخم وتورم المخ نتيجة التعرض لصدمة أو ضربة، ويضغط سائل المخ على الجمجمة. وهذا التورم قد يؤدي في النهاية إلى ضغط المخ على جذع الدماغ، الأمر الذي قد يدمر (نظام التنشيط الشبكي)، وهو جزء في المخ مسئول عن الاستيقاظ والوعي.
- التورم: يمكن أن يصاب الإنسان بتورم في أنسجة المخ. ففي بعض الأحيان، يؤدي نقص الأكسجين، وعدم توازن (الكهرل) المحلول الكهربائي أو الهرمونات إلى الإصابة بالتورم.
- النزيف: يمكن أن يسبب النزيف الذي يحدث في طبقات المخ الإصابة بالغيبوبة نتيجة التورم، والضغط على الجانب المصاب من المخ. هذا الضغط يتسبب في إزاحة المخ، مما يؤدي إلى تلف جذع المخ ونظام التنشيط الشبكي. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم، تمدد الأوعية الدموية الدماغية والأورام من أسباب الإصابة بنزيف المخ.
- السكتة الدماغية: عندما لا يكون هناك تدفق للدم إلى جزء كبير من جذع الدماغ، أو الإصابة بفقدان الدم المصحوب بالتورم، يمكن أن يصاب المريض بالغيبوبة.
- سكر الدم: يمكن أن يصاب الأشخاص المصابون بالسكرى بالغيبوبة عندما تظل مستويات السكر في الدم عالية للغاية. هذه الحالة المرضية يطلق عليها اسم فرط السكر في الدم. وتجدر الإشارة إلى أن فرط سكر الدم أو نقص مستوى السكر بالدم، كلاهما قد يؤدي إلى الإصابة بالغيبوبة. هذا النوع من الغيبوبة ينتهي بمجرد تصحيح وتعديل مستوى السكر في الدم.
- الحرمان من الأكسجين: يعتبر الأكسجين أساسياً لوظائف المخ. وعند الإصابة بتوقف القلب، ينقطع تدفق الدم والأكسجين فجأة عن المخ، وهي حالة تعرف باسم نقص الأكسجة أو نقص الأكسجين. بعد إنعاش القلب والرئة، يتعرض الناجون من توقف القلب للإصابة بالغيبوبة. كما قد يحدث نقص للأكسجين، في حالات الغرق أو الاختناق.
- العدوى: قد تسبب عدوى والتهابات الجهاز العصبي المركزي مثل التهاب السحايا أو التهاب الدماغ الدخول في غيبوبة.
- السموم: المواد الموجودة في الجسم بشكل طبيعي قد تتراكم لمستويات سامة، إذا فشل الجسم في التخلص منها بشكل صحيح. مثال على ذلك، الأمونيا بسبب أمراض الكبد، ثاني أكسيد الكربون بسبب أزمات الربو الحادة، أو اليوريا الناتجة عن الإصابة بالفشل الكلوي، حيث يمكن لهذه المواد أن تتراكم في الجسم حتى تصل إلى مستويات سامة. كما أن تناول المخدرات والعقاقير والكحول بكميات كبيرة قد يؤدي إلى تعطيل وظائف الخلايا العصبية في المخ.
- نوبات الصرع: نادراً ما قد تتسبب إحدى نوبات الصرع في الإصابة بالغيبوبة. لكن نوبات الصرع المستمرة والتي يطلق عليها اسم الحالة الصرعية، يمكن أن تسبب الإصابة بالغيبوبة. حيث أن نوبات الصرع المتكررة، تمنع المخ من التعافي خلال الفترة ما بين النوبات. هذا الأمر قد يسبب الغيبوبة وفقدان الوعي لفترات طويلة.

أنواع الغيبوبة:
- الاعتلال الدماغي الاستقلابي السام: وهي حالة مرضية حادة تؤدي إلى ضعف وظائف المخ تصاحبها أعراض التشويش أو الهذيان. وعادة ما يشفى المريض من هذه الحالة. وتختلف أسباب الإصابة بالاعتلال الدماغي الاستقلابي السام، وتشمل العدوى، قصور الأعضاء، الأمراض الجهازية وغيرها من الحالات المرضية.
- تأذي الدماغ بسبب نقص الأكسجين: هي حالة مرضية تصيب المخ بسبب نقص الأكسجين الموجود في المخ. حيث يؤدي نقص الأكسجين لبضع دقائق إلى موت خلايا أنسجة المخ. ويمكن أن يصاب الإنسان بتأذي المخ الناتج عن نقص الأكسجين، نتيجة الإصابة بالنوبات القلبية (توقف القلب)، صدمات أو ضربات الرأس، الغرق، جرعات زائدة من العقاقير أو التسمم.
- الحالة الانباتية المستديمة: تعتبر حالة من حالات فقدان الوعي الشديد. يكون خلالها الإنسان غير واعي بما يدور حوله، وغير قادر على الحركة الإرادية. خلال الإصابة بالحالة الانباتية المستديمة، يمكن أن يستيقظ الإنسان مرة أخرى، لكن مع توقف وظائف الجزء العلوي من المخ. ويمكن للشخص المصاب بهذه الحالية المرضية التنفس، بالإضافة إلى استمرار دورته الدموية، ودورات النوم واليقظة.
- متلازمة الحبس: هي حالة عصبية نادرة. يصاب فيها المريض بالشلل التام باستثاء عضلات العين، لكنه لا يزال مستيقظاً ومنتبهاُ وعقله سليم.
- موت المخ/ الموت الدماغي: هي حالة ينتج عنها توقف جميع وظائف المخ بشكل نهائي. ويمكن أن يصاب الإنسان بالموت الدماغي نتيجة ضرر دائم أو على نطاق واسع في المخ.

هل هناك أي علاج فعال للغيبوبة؟
تعتمد العلاجات الخاصة بالغيبوبة على سبب الإصابة. ويجب على الأشخاص ممن هم على مقربة من المريض إعطاء الطبيب أقصى حد ممكن من المعلومات، لمساعدته في تحديد سبب الإصابة بالغيبوبة. كما يعتبر تلقي العناية الطبية العاجلة أمراً حيوياً لعلاج حالات الإصابة بالغيبوبة التي يمكن التعافي منها والعودة مرة أخرى إلى الحياة. على سبيل المثال، إذا كان هناك عدوى أو إصابة تؤثر على المخ، قد يتطلب الأمر تناول المضادات الحيوية. وقد يكون هناك حاجة إلى الجلوكوز في حال الإصابة بصدمة السكرى (نقص السكر بالدم). وقد يقرر الطبيب ضرورة الخضوع لجراحة لتخفيف الضغط على المخ الناتج عن التورم، أو لاستئصال ورم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدوية التي يمكنها أن تخفف التورم. كما أن هناك بعض الأدوية التي يمكن أن تساعد في منع الإصابة بنوبات الصرع إذا لزم الأمر.
بشكل عام، علاج الغيبوبة هو علاج داعم. ويتم علاج والعناية بمرضى الغيبوبة أثناء تواجدهم في وحدة العناية المركزة، وغالباً ما يحتاجون إلى دعم كامل، حتى تتحسن حالتهم الصحية.

ما هي توقعات سير مرض الغيبوبة؟
تختلف توقعات سير مرض الغيبوبة مع كل حالة. ففرص شفاء المريض من المرض تعتمد على سبب الإصابة بالغيبوبة، وهل يمكن تصحيح وإصلاح المشكلة، وفترة البقاء في الغيبوبة. إذا كان يمكن حل المشكلة، عادة ما تعود وظائف الإنسان إلى مستواها الأصلي. في بعض الأحيان، إذا كان المخ قد تضرر بشكل كبير، قد يصاب الشخص بالعجز الدائم أو لا يستعيد وعيه مجدداً.
وتجدر الإشارة إلى أن الغيبوبة الناتجة عن الإصابة بتسمم العقاقير، لديها معدلات أعلى للشفاء، إذا تلقى المريض عناية طبية عاجلة. كما أن الغيبوبة الناتجة عن إصابات الرأس لديها معدلات أعلى في الشفاء، مقارنة بمرضى الغيبوبة الناتجة عن نقص الأكسجين.
من الصعب للغاية توقع متى يمكن لمريض راقد في الغيبوبة أن يتعافى. فكل مريض يختلف عن المرضى الآخرين، لذا من الأفضل استشارة الطبيب حول الأمر. وكما هو متوقع، كلما طالت فترة الغيبوبة، كلما كان سير المرض أسوأ. ومع ذلك، يمكن للعديد من المرضى أن يستيقظوا من الغيبوبة بعد أسابيع كثيرة، إلا أنهم قد يتعرضوا للإصابة بإعاقات كبيرة.

محمد الكيال
02-12-2015, 10:25 PM
جزاك الله خيرا

aymaan noor
02-12-2015, 10:35 PM
http://search-for.ws/images/img_1/2f677f91473e899448c5f88dd4dba52f.jpg