مشاهدة النسخة كاملة : مقالات فى تطوير الذوات


alfa
15-11-2008, 10:34 PM
الأولى بعنوان لاتحطمك التوافه....!!!
===

كم من مهمومٍ سببُ همِّهِ أمرٌ حقيرٌ تافهٌ لا يُذْكَرُ !! .

انظر إلى المنافقين ، ما أسقط همَمَهُم ،وما أبْردَ عزائِمَهُمْ . هذه أقوالُهم : ﴿لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ﴾ ، ﴿ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾ ،

﴿بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾ ، ﴿ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ ﴾ ، ﴿ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾ .

يا لخيبةِ هذِهِ المعاطس يا لتعاسةِ هذهِ النفوسِ .

همهم البطونُ والصحونُ والدورُ والقصورُ ، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المُثُلِ ، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل . همُّ

أحدِهِمْ ومبلغُ عِلْمِهِ : دابَّتهُ وثوبُهُ ونعلُهُ ومأدبتُهُ ، وانظرْ لقطَّاعٍ هائلٍ منَ الناسِ تراهم صباح مساء سببُ همومهمْ خلافٌ مع

الزوجةِ ، أو الابنِ ، أو القريبِ ، أو سماعُ كلمةٍ نابيةٍ ، أو موقفٌ تافهٌ . هذه مصائبُ هؤلاءِ البشَرِ ، ليس عندهم من المقاصدِ

العليا ما يشغلُهم ، ليس عندهم من الاهتماماتِ الجليلةِ ما يملأُ وقتهم ، وقدْ قالوا : إذا خرج الماءُ من الإناءِ ملأهُ الهواءُ ، إذاً

ففكرْ في الأمرِ الذي تهتمُّ له وتغتمُّ ، هلْ يستحقُ هذا الجهد وهذا العناءَ ، لأنك أعطيته من عقلِك ولَحْمِك ودَمِك وراحتِك ووقتِك

، وهذا غُبْنٌ في الصفقةِ ، وخسارةٌ هائلةٌ ثمنُها بخسٌ ، وعلماءُ النفسِ يقولون : اجعلْ لكلِ شيء حداً معقولاً ، وأصدق من هذا

قولهُ تعالى : ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾ فأعطِ القضية حجْمها ووزنها وقدْرها وإياكَ والظلم والغُلُوَّ .

هؤلاءِ الصحابةُ الأبرارُ همهم تحت الشجرةِ الوفاءُ بالبيعةِ فنالوا رِضوان اللهِ ، ورجُلٌ معهم أهمَّه جملُهُ حتى فاتهُ البيعُ فكان

جزاءهُ الحرمانُ والمقتُ ,

فاطرحِ التوافِه والاشتغال بها تجدْ أنَّ أكثر همومِك ذهبتْ عنك وعُدْتَ فَرِحاً مسروراً .

*******************************
الكاتب : عايض القرني ..
============

الثانية
بعنوان تعلم الانصات يحبك الناس
الناس تستغرق 40% من وقتها في الإنصات وكثيرون لا يجيدونه
لم أجد أسهل مجهوداً ولا أفعل تأثيراً في تملك قلوب الناس من الإنصات إليهم. فعندما تشعر بالضيق من أمر ما أو تكاد تطير فرحاً إلى من تتجه؟ بالتأكيد إلى من يحسن الإنصات إليك ، حتى وإن اختلف الفارق السني أو الفكري أو العمري مع من يحسن الإنصات فإنك ستفضله على غيره. تذكر أي تجربة أليمة أو سعيدة جداً .. هل تذكر أنك استغرق وقتاً طويلا لمعرفة من تقولها له. بالتأكيد لا فاسمه يأتيك ببرهة. بنظرة فاحصة على أصدقائنا الذين " نحبهم" نجد أنهم يشتركون في صفة الإنصات إلينا ولذلك نحبهم.


دراسة علمية :
أظهرت دراسة علمية على مهارات الاتصال بين الناس أن الناس يستغرقون ما نسبته 75% من يومهم في الإنصات والتحدث فقط ، 40% للإنصات و35% للتحدث ، بينما يقضي 16% من أوقتهم في القراءة و 9% في الكتابة. وهو ما يؤكد أن الإنصات يحتل النصيب الأسد من أنشطتنا اليومية. وقد ذكرت الدراسة في كتاب مادلين بورلي آلن في كتابها الاستماع صفحة 2.
وبالرغم من أنه ليس هناك اعتبار يذكر لتدريس مادة الإنصات في دول عديدة كمادة أساسية للتعلم مقارنة بالقراءة والكتابة والتحدث إلا أننا نحظى بعدد لا بأس به من المنصتين في هذه الكرة الأرضية الجميلة ويشترك هؤلاء بمحبتنا لهم لعوامل عديدة.


لماذا يُحَب المنصت؟ :
يحب الناس المنصت لأنه المغناطيس الذي يلجأ إليه الناس لتفريغ همومهم وأحزانهم وحتى أفراحهم. فهو الذي يشعرهم في كنفه بالاحتضان والتقدير. فما أجمل أن ترى أذناً صاغية بهدوء ووقار لشخص يكاد يضيع بالغضب أو الحزن ذرعاً. إنها خدمة جليلة يقدمها إلينا من دون مقابل مادي.
ويحب المنصت لقلة أخطاء لسانه. فمقارنة بعشاق التحدث فإنه أقل عرضة لزلة اللسان و أقل تصادماً معهم سواء في النقاشات أو المشادات الكلامية وغيرها. المنصت يفضل حبس لسان ويرسل أذنيه إلى عالم المتحدثين الصاخب.
المنصت لا يعرف من بين الحضور إلا عندما تكتشفه أعين المتحدثين وهو منزوي في هدوء وترقب فتتابعه بحرص ، علماً بأنه لم ينطق ببنت شفة. وذلك دليل على أن المنصت شخصية لا تقل أهمية في المجالس عن كثيرين الأسئلة والمتحدثين ، فإنصاته يشعرهم بالقبول والمتابعة. كيف ترى مجلساً تتحدث فيه ولا أحد ينصت إليك!
ويزود الإنصات المنصت بمعلومات كثيرة ، فكلما زاد إنصاته زادت معلوماته وبالتالي حاجة الناس إليه والأنس بوجوده.
كما يندر أن يجابه دخول المنصت إلى مجلس ما بالاشمئزاز أو التأفف فهو يحمل رصيداً يكاد يكون خالياً من الصدامات أو الأحقاد في المجالس التي يذهب إليها ، لقلة حديثة. وصدق القائل " لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك".
والمنصت ليس كما يتصوره البعض قليل الأصحاب ، فهو معروف بإنصاته لكل ما تأتي به ألسنت جلسائه ، ويكفيه ذلك فخراً.


عدم الإنصات والمشاكل :
من أهم أسباب مشاكل الناس هي عدم إحسان الإنصات إليهم. فكم من موضوع أسيئ فهمه سواءً كان مع أسرنا ، أصدقائنا ، زملائنا في العمل..الخ وأدى إلى قطيعة أو خلاف بدأ صغيراً ثم أصبح كبيراً.


كيف تكون منصتاً جيداً ؟


الإنصات بالعينين !
أن تكون منصتاً جيداً ليس معناه أن تنصت بأذنيك فقط ، وإنما بعينيك أيضاً ! هذه ليست دعابة فقد أثبتت دراسات عديدة أن تتبع المنصتين لأعين المتحدثين يزيد الفئة الأولى تركيزاً ومتابعة ويزيد الثانية راحة أكثر في الحديث. في مجتمعاتنا الشرقية يعود أطفالنا على عدم النظر إلى عينين الكبار حيث يعتبرونها نوعاً من أنواع عدم الاحترام ، وفي الحقيقة هي نظرية ليست صحيحة.


المقاطعة :
لا تقاطع أبداً. بل انتظر لحين انتهاء محدثيك فذلك من شأنه تعويدهم على أسلوبك والذي سيكون سبباً في ارتياحهم عند التحدث إليك.


التفاعل والتمثيل :
تفاعل مع ما يقال بصدق ومن دون تمثيل ، وتذكر أن هناك أناساً كثيرون لديهم من الفطنة والبداهة ما قد يفوق توقعاتك. مرة أخرى ، لا تتصنع المتابعة فرائحتها يسهل على أي شخص التعرف عليها مما قد يفسد عليك جميع محاولاتك.


الوقت والمكان :
إن اختيار الوقت والمكان هما في غاية الأهمية. فكيف يراد من شخصاً ما أن ينصت وهو مستغرق في متابعة برنامج تلفزيوني محبب لديه أو مستغرقاً في عمل يدوي ما أو أن يكون على وشكل الخروج من منزله أو مكتبه. فمن يريد إنصاتا يرضيه فليختر الوقت والمكان المناسبين.


الغزالي والإنصات :
يقول أبو حامد الغزالي في صفات المنصتين الجيدين " أن يكون مصغياً إلى ما يقوله القائل ، حاضر القلب ، قليل الالتفات إلى الجوانب متحرزاً عن النظر إلى وجوه المستمعين وما يظهر عليهم من أحوال الوجد ، مشتغلاً بنفسه ومراعاة قلبه، ومراقبة ما يفتح الله تعالى له من رحمته في سره ، متحفظاً عن حركة تشوش على أصحابه... " ويضف في كتابه الرائع إحياء علوم الدين المجلد الثاني ص 416 " بل يكون ساكن الظاهر هادئ الأطراف ، متحفظاً عن التنحنح والتثاؤب ، ويجلس مطرقاً رأسه كجلوسه في فكر ..." ويدعو إلى الحذر من " التصنع والتكلف والمراءاة" أثناء الإنصات و أن يكون " ساكتاً عن النطق في أثناء القول بكل ما عنه بد ، فإن غلبه الوجد وحركه بغير اختيار فهو فيه معذور غير مذموم" داعياً إياه إلى الرجوع إلى "هدوئه وسكونه" وهو ينصت.


إنصات النبي صلى الله عليه وسلم
روى الطبراني بإسناد صحيح عن عمر بن العاص رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم ، يتألفه بذلك، وكان يقبل بوجهه وحديثه عليّ حتى ظننت أني خير القوم.


حكمة
قال بعض الحكماء: إذا جالست الجهال فأنصت لهم. وإذا جالست العلماء فأنصت لهم، فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وإن في انصاتك للعلماء زيادة في العلم
======
الثالثة بعنوان حتى لاينال منك الإحباط
كثيرا ما نسمع : كم أنا محبط !!!

فلان شديد الإحباط لأنه لم يتزوج فلانة

الطالب .. محبط لأنه نال معدلا منخفضا في الدراسة هذا العام

انظر إلى مشاعر الإحباط بادية في وجه ذلك الشخص بسبب خسارته في

الأسهم هذا اليوم .


ماذا نعني بالإحباط ؟!

الإحباط مجموعة من مشاعر مؤلمة (ضيق ، توتر ، كدر ،غضب ، قلق ،

شعور بالذنب ، شعور بالعجز ، شعور بالدونية ، صرف انتباه ) تنتج عن وجود

عائق يحول دون إشباع حاجة من الحاجات أو معالجة مشكلة من المشكلات

لديك.


هب أن لديك حاجة تود إشباعها، أو أن لك هدفا تسعى لتحقيقه ،وكنت

مستعدا لعمل ما يوصلك إليه ثم وجدت عائقا منعك وحال بينك وبينه ،

ستحاول إزالة ذلك العائق بشتى الطرق والقوى الممكنة لديك ، فإذا لم

تستطع إزالة العائق وتجاوزه لمرمى هدفك ظهرت لديك مشاعر التوتر والقلق

والكدر والغضب والعجز .... وكلما زادت رغبتك في إشباع الحاجة أو تحقيق

الهدف زاد توترك وقلقك و .. و ..

الإحباط قد يلعب دورا مهما في تحقيق الصحة النفسية أو التحول بها إلى

حالات المرض النفسي ؛ فهو يعتبر من أهم العوامل المؤثرة على توافقك

الشخصي ...

وكلما كانت قواك أعظم وتماسك شخصيتك أمتن وأصلب استطعت تحمل

الإحباط وثابرت في تجاوز عوائقه ومشاعره وانطلقت في الحياة محققا هدفك

أو معدله أو مغيره ناعما بحياتك وسعيدا بساعاتك ولحظاتك ..


تأمل ما يلي لتتعايش مع الإحباط ...


أخي وأختي احرص على ألا يكون تركيزك على كيفية تجنب الإحباط ..

فالإحباط أمر قد يقع بين الحين والآخر طالما أن لك أهدافا متنوعة وتتفاعل

في بيئة اجتماعية يتباين أفرادها وتتنوع خلفياتهم الفكرية والعقلية والنفسية

والاجتماعية والاقتصادية كما تتباين أهدافهم واتجاهاتهم وميولهم ..

وهل منا من حقق كل أهدافه وأشبع جميع رغباته ؟ !!!

أخي ليكن تركيزك منصباعلى كيفية أن ترفع من مستوى عتبة الإحباط لديك

وكيف تتجاوز الإحباط بنقاطه المتعددة وتفيد منه فهو أمر واقع لا محالة ..

إن التجارب النفسية التي درست الإحباط ونتائجه أكدت على أن هناك جوانب

إيجابية للإحباط وليست كلها سلبية ..

- اجعل من الإحباط محطة تسهم في رفع مستوى جلدك ومثابرتك ومضاعفة

جهدك لتحقيق هدفك وفي موازاة ذلك عود نفسك على الرضا ولتقنع بعد

تلك الجهود والمحاولات بما قسمه الله لك ولتصرف جزء من سعادتك في

التمتع بما لديك وليس في التأسي والندم على ما لم تحصل عليه ولك

الخيار ...

- نم لديك الاستفادة من التجربة .. اصقل مهاراتك .. طور معارفك .. لا تقف

عند نفس المستوى المعرفي والمهاري ..طور آليات عملك ...

- لا تغلق الباب والنوافذ وكأنك في سجن مقيت .. أوجد البدائل .. انطلق في

عالم الإبداع .. أعد الفكر في آلية تفكيرك واستراتيجيات انطلاقاتك ..

- عزيزي لا تحصر متعتك وسعادتك في حياتك على جانب واحد في هدف

ضيق .. فإن فعلت فإنك ستعيش معظم وقتك في غابة تزداد ظلمتها

بمشاعر الإحباط المؤلمة التي تنال منك ومن حياتك حتى تكون فريسة

للاضطرابات والأمراض النفسية وهذا ما لا أوده لك ...

- استحضر في كل محاولة البعد الإيماني .. ركز على الإيمان بالقدر في تقبل

النتائج والعمل في ضوئها لتكون متماسكا قويا .

- ركز على الإيمان باليوم الآخر ليبقى لديك مدخرا مهما عظمت خسارتك

وضاعت أهدافك وتبددت أحلامك

- احرص على أن تكون خزينتك الأخروية من الأجر والثواب والأمل بنيله من الله

عز وجل حاضرة في كل حين تستمد منها القوة والتجديد والرغبة في

الانطلاق من جديد كلما تعاظمت في وجهك الخطوب والعوائق والمشكلات.




الإحباط سهم أنت أوجدته هدفا أو حاجة فحالت بينك وبينه العوائق

فأنت موجهه

فقد توجهه لنحرك فيضرك

وقد توجهه لتحقيق ذلك الهدف أو الانطلاق لآخر

أنت فقط من يحدد وجهته فاختر الوجهة الصحيحة يحفظك الله

وفي كل الأحوال فإن عجلة الزمن تسير واللحظات لا تتوقف

وانت من يدفع الفاتورة من عمرك...

==========
الرابعة بعنوان فن خسارة الناس

كثيراً ما نقرأ ونسمع من خلال الكتب الكثيرة والمقالات المتنوعة، والتي تتناول فن كسب الناس والتقرب إليهم، وفن التعامل معهم، ومن أشهر تلك الكتب كتاب ( كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس)، وغيره من الكتب الكثيرة جداً، والتي تملأ رفوف المكتبات والمحلات التجارية، وهذا الفن في التعامل بحد ذاتية أمر جيد ومرغب فيه، وهو قبل كل شيء جزء من محاسن هذا الدين وفضائله، بيد أنه ثمة قضية معاكسة لهذا الأمر تماماً ومناقضة له، وهي قضية فن خسارة الناس وفقدانهم، فكما أننا نولي فن كسب الناس أهمية كبرى إلا أن واقعنا يحتم علينا دراسة الأساليب والطرق التي نفقد بها الناس ونخسرهم من باب قول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه

إننا لو تأملنا واقعنا اليومي من حين نصبح حتى نضع رؤوسنا على فراش النوم لوجد الكثير منا أن المحصلة النهائية ليومه ذلك قائمة عريضة من الخسائر لشرائح كثيرة من البشر الذين تعامل معهم خلال يومه ذاك يعرف منها وينكر، و من حيث يشعر أو لا يشعر، فهذا زميل له في العمل تجاهله، وهذا جار عبس في وجهه، و هذا ولد نهره، وهذه زوجة قهرها، وهذا بائع لمزه، وهذا خادم استحقره، وهكذا دواليك من مسلسل الخسائر التي لا تنقضي والناس بين مستقل ومستكثر، ومن له حظ وافر وقليل، وربما بعضهم لا يفطن لذلك إما لغفلة أو برود طبع و لو سلمنا بأن بعض هذه المواقف قد لا تكون مقصودة أو ربما تفسر عن حسن نية إلا أن تكررها يولد سيلاً جارفاً من البغضاء والكراهية والمقت لصاحبها، ولك - أخي الكريم- أن تتأمل مجتمعاً أو جماعة أو مؤسسة أو حتى عائلة قد سادها هذا الشعور وغطتها هذه الغمامة السوداء، ولا أعتقد أن أحداً يتمنى أن يكون في مثل هذا الموقف وهذه الحالة، بل لو تأملنا هذه الظاهرة من الناحية المادية أو إنتاجية الفرد لوجدت أنك تخسر بهذه المعاملة إبداع هذا الإنسان وقدراته الابتكارية، ولم تحصل إلا على شيء يسير من قدراته ومهاراته، ويزداد الأمر سوء إذا صدر من فئة غالية على النفوس ومحط أنظار الناس، وهم فئة الدعاة وطلاب العلم، فإن هذا الأمر غير مستساغ البتة،

وهو تمثيل مشوه لهذا الدين السمح، فأين أمثال هؤلاء من قول الباري _جل وعلا_: " أشداء على الكفار رحماء بينهم "، ومن قوله _تعالى_: " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "، ومن قوله: " وقولوا للناس حسنى"،


وأين هم من هدي الرحمة المهداة صاحب الخلق الحسن، والذي لم يكن فضاً غليظاً ولا فاحشاً ولا متفحشاً، وهو محمد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، والذي قالت عنه عائشة _رضي الله عنها_ :" كان خلقه القرآن "، وقال عنه خادمه أنس بن مالك _رضي الله عنه_: " خدمت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ عشر سنين فما نهرني ولا كهرني ولم يقل لشيء فعلته لم فعلته ؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا وكذا "،


بل حتى الأعرابي والذي لقيه لأول مرة، والذي كان منه ما كان من البول في المسجد لما رأى حسن خلق الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وحكمته ما كان منه إلا أن قال: " فبأبي هو وأمي ما رأيت أحداً من الناس أحسن تعليماً منه، والله ما نهرني ولاكهرني ولا ضربني"،


بل وحتى مراعاته _عليه الصلاة والسلام_ للأمور النفسية والمعنوية لأصحابه حتى لا يبقى في النفس شيء، وهو بذلك يربي الأمة على هذا الخلق النبيل والمنزلة الرفيعة كما في قصة الصيد وكان محرماً، وقال لصاحب الصيد: " إنا لم نرده عليك إلا أننا حرم " تطييباً لخاطره ، وثنائه _عليه الصلاة والسلام_ على ذلك الرجل الذي يبيت وليس في قلبه غل على أحد من المسلمين كما في قصة عبد الله بن عمرو _رضي الله عنهما_.


إن الدعاة إلى الله وطلاب العلم هم الأمل بعد الله _تعالى_، وهم الذين تتطلع لهم النفوس اليائسة والقلوب المكلومة لنهضة الأمة بعد ركودها وبعثها بعد طول رقودها، وهم الحقيقون بالأخذ بزمام الأمور وقيادة الأمة إلى بر النجاة ورد الكرامة، فكيف يتحقق لهم ذلك ولم يتخلصوا من هذه العوائق وهذه السلبيات؟


ختاماً:


يا أيها الدعاة ويا طلاب العلم " قولوا للناس حسنى "


يا أيها الدعاة ويا طلاب العلم " خالقوا الناس بالخلق الحسن"


يا أيها الدعاة ويا طلاب العلم " اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون

=============
الخامسة نصائح عامة في علاج الخجل الشديد



* د. أحمد شيشاني

أسباب الخجل الشديد:



حسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن الخجل الشديد يعود لثلاثة أسباب متفاعلة هي:

- الوراثة.

- فقدان المهارات الاجتماعية.

- نظرة سلبية للنفس والذات.

وحسب رأي خبراء النفس فإن حوالي 10-15% من الأطفال يولدون ولديهم ميل واستعداد لأن يكونوا خجولين بصورة غير طبيعية، بينما الباقون يصبحون خجولين إما لأنهم بدون مهارات اجتماعية أو بسبب الخوف من عدم تقبل الآخرين لهم أو الخوف من تعرضهم للسخرية من الآخرين، مما يدل على فقدان الثقة بالنفس والذات.



تعريف الخجل الشديد:



الخجل الشديد كمفهوم، من الصعب جدا تحديده، ولكن وحسب رأي خبراء الصحة يمكن وصفه بنوع من أنواع القلق الاجتماعي الذي يؤدي إلى حدوث مشاعر متنوعة تتراوح بين القلق والتوتر البسيط إلى مشاعر رعب وهلع واضحة تصنف في علم النفس تحت إطار أمراض القلق والتوتر، خصوصا وأن النهاية الطبيعية للخجل الشديد هي الشعور بالوحدة والانعزال عن المجتمع، وكلاهما من أهم أسباب وربما نتائج مرض الاكتئاب، وهذا معناه بأن المصاب بالخجل الشديد سوف تتطور صحته النفسية للأسوأ.



أعراض وجود المرض:



الخجل غير الطبيعي شأنه شأن أي ضغط نفسي آخر يؤدي إلى ظهور مجموعة أعراض تندرج تحت ثلاثة تقسيمات هي:

1- أعراض سلوكية وتشمل:

- قلة التحدث والكلام بحضور الغرباء.

- النظر دائما لأي شيء عدا من يتحدث معه.

- تجنب لقاء الغرباء أو الأفراد غير المعروفين له.

- مشاعر ضيق عند الاضطرار للبدء بالحديث أولا.

- عدم القدرة على الحديث والتكلم في المناسبات الاجتماعية والشعور بالإحراج الشديد إذا تم تكليفه بذلك.

- التردد الشديد في التطوع لأداء مهام فردية أو اجتماعية (أي مع الآخرين).



2- أعراض جسدية تشمل:

- زيادة النبض.

- مشاكل وآلام في المعدة.

- رطوبة وعرق زائد في اليدين والكفين.

- دقات قلب قوية.

- جفاف في الفم والحلق.

- الارتجاف والارتعاش اللاإرادي.



3- أعراض انفعالية داخلية (مشاعر نفسية داخلية) وتشمل:

- الشعور والتركيز على النفس.

- الشعور بالإحراج.

- الشعور بعدم الأمان.

- محاولة البقاء بعيدا عن الأضواء.

- الشعور بالنقص.



وحسب رأي خبراء الصحة النفسية فإن المصابين بالخجل الشديد لديهم حساسية مبالغ بها باتجاه النفس وما يحدث لها بحيث يكون محور الاهتمام والتركيز لديهم هو مدى تأثيرهم على الآخرين وكذلك نظرة الآخرين لهم، وبالتالي وبهذا التركيز على النفس الداخلية ومشاعر النقص والارتباك الذي يحدث لهم بحضور الآخرين أو عند التعامل مع الآخرين، فإن المصابين بالخجل الشديد يفقدون القدرة على الاهتمام والتركيز على الآخرين والشعور بمشاعر الآخرين، وبالتالي يزداد العزل الاجتماعي الذي يعاني منه الفرد المصاب بمرض الخجل الشديد.



وسائل علاج الخجل الشديد:



الخجل الشديد حاليا مشكلة اجتماعية منتشرة بشكل واسع، وبالتالي فإن خبراء علم الاجتماع ركزوا جهودهم على إيجاد وسائل وطرق معالجة هذه الظاهرة المرضية، وهناك عيادات متخصصة تعالج مشاكل الخجل الشديد باستخدام الطرق التالية:

- تعليم وتدريب الأفراد المرضى على اكتساب المهارات الاجتماعية الفردية للاتصال والتفاعل مع الآخرين.



- تعليم أنماط التفكير السليم والمنطقي في التعامل مع الآخرين.





- تعليم وتدريب الفرد على زيادة ثقة المريض بنفسه وقدراته وبأهميته كفرد في المجتمع.



- مواجهة وإزالة أسباب الخجل من خلال تعريض المريض تدريجيا لخبرات اجتماعية إيجابية، إحدى هذه الطرق هي ما تسمى بالتمثيل أو تقمص الأدوار والمواقف، بحيث يقوم المريض بالتظاهر بتمثيل دور إيجابي في مواقف تسبب الإحراج للمريض مثل التظاهر بالاتصال مع الآخرين وبدء حديث معهم وبمرور الوقت يتحول التظاهر والتمثيل إلى سلوك في الحياة الواقعية العادية.





- تدريبه على تولي زمام المبادرة في مساعدة نفسه على التخلص من الخجل من خلال الإقدام على أداء شيء معين.. إما يحب أن يقوم به أو من الضروري القيام به ولكنه لا يفعله لأنه خجول.



ويقدم علماء الصحة النفسية والاجتماع النصائح التالية لمرضى الخجل الشديد:



- اكتب على الورقة ماذا تنوي القيام به وأسباب ترددك في القيام به ثم قيم نفسك من خلال تسجيل عدد المرات التي قمت فيها بالفعل بتنفيذ ما نويت وعزمت على أدائه، وماذا حدث لك بعد أن نفذت ما نويت.

- اعمل فورا على تنميه مهاراتك الاجتماعية

- احمرار وتورد الوجه.

- حسب رأي زيمباردو، تنمية المهارات الاجتماعية الخاصة بالاتصال والتفاعل مع الآخرين ضرورة ملحة في علاج الخجل الشديد. والنصائح التالية في حالة اتباعها ستكون بداية الطريق في تنمية المهارات الاجتماعية:



- كن البادئ في الحديث مع الآخرين ومن أفضل وسائل افتتاح الحديث هو الثناء أو إبداء الإعجاب بصفة أو شيء معين في الآخرين.





- ألقِِ التحية يوميا على خمسة أشخاص غرباء على الأقل ولا تصرفهم ولا تنس أن تكون مبتسما عندما تلقي التحية.



- اخرج للسوق واسأل عن أماكن أو محلات معينة حتى ولو كنت تعرف مكانها وكيفية الوصول إليها، المهم أن تبادر الآخرين بالحديث ولا تنس أن تشكر من سألتهم على لطفهم وأدبهم عندما أرشدوك للعنوان المطلوب.





نصائح عامة في علاج الخجل الشديد:



البروفيسور فيليب زيمباردو، هو أحد خبراء علم النفس والذي يعرف باهتمامه بموضوع ظاهرة الخجل الاجتماعي باعتباره رائد أبحاث ودراسات الخجل في الولايات المتحدة وبالتحديد في جامعة ستانفورد.



وحسب رأي زيمباردو مؤلف كتاب الخجل، فإن الخجل عندما يكون مناسبا للموقف يعتبر ميزة وصفة إيجابية ويعكس مواصفات الأدب والتهذيب والخلق الكريم إضافة لمواصفات الذوق والكياسة والتواضع واللطف، وبالتأكيد جميع هذه المواصفات تعتبر إيجابية.

على أي حال، الخجل السلبي كما يسميه المؤلف، هو الخلل الذي يحدث في السلوك الاجتماعي للفرد لأنه خجل غير مبرر وله عواقب نفسية سيئة على الفرد من ضمنها تدهور الصحة النفسية . ويواصل زيمباردو تقديم نصائحه للمصابين بالخجل الشديد:

1. حاول أن تكتب رسالة إلى نفسك عندما تكون لديك مشاعر داخلية حول موضوع معين وتريد التعبير عنها، وإذا لم تكن راغبا في الكتابة لا بأس من استخدام آلة تسجيل واستمع للشريط أو اقرأ الرسالة بعد الانتهاء من التسجيل أو الكتابة.



2. حاول أن تكسب الثقة بنفسك وبقدراتك من خلال كتابة نقاط ضعفك كما تراها في عمود خاص واكتب مقابل كل نقطة ضعف الصفة أو المضادة لنقطة ضعفك مثال:

- لا أثق بالآخرين ____________ أثق بنفسي.

- الآخرون يكرهونني __________أنا محبوب من الآخرين.

- الحياء من الإيمان___________ يد الله مع الجماعة



3. بعد كتابة المشاعر المتعارضة، حاول أن تفكر بنفسك وبسلوكك على أنك تتمتع بالمواصفات والمبادئ الصحية (جهة اليسار).



4. حاول أن تتخيل مواقف سوف تسبب لك القلق والارتباك والإحراج لأنك خجول، وحاول بالمقابل أن تفكر بما كنت ستفعله لو لم تكن خجولا واستمر يوميا على نفس المنوال ولمدة أسبوع وبعدها إذا واجهت على أرض الواقع موقفا طبق ما فكرت به.





5. ضع نفسك في الطابور، سواء في مواقف الباصات أو السوبر ماركت أو مطعم الحمص والفلافل أو الدوائر الحكومية.



6. لا تنس أن تأخذ مكانك آخر الطابور وابدأ الحديث مع الذي أمامك أو خلفك بسؤال مناسب لموقف الطابور ومن ذلك السؤال اتبع شعار الحديث ذو شجون.







7. احمل معك كتابا أو شيئا ملفتا للانتباه يثير فضول الكثيرين، وكن جاهزا للرد على الاستفسارات أو ملاحظات الآخرين