بوابة الثانوية العامة المصرية - نحو دور أكثر تأثيرا للمعارضة الوطنية

نحو دور أكثر تأثيرا للمعارضة الوطنية

http://www.masralarabia.com/images/t...50/cat_851.pngأحمد ماهر غنيم

تبقى الحالة السياسية المصرية رهينة جمود شبه تام فرضته أحداث عدة منذ الثالث من يوليو وحتى الان ،فالنظام مستمر في رفع راية محاربة الإرهاب كمسوغا له لتقزيم دوركافة مكونات الحياة السياسية من أحزاب وحركات وقوى شبابية وطلابية بوجه عام بالإضافة لحملات تشويه كبيرة من أدواته المختلفة للمعارضة الرئيسية سواء الإسلامية منها والتي كانت معارضة له منذ توالي الأحداث في الثالث من يوليو، أو من القوى التي دعمت خارطة الطريق في البداية لكنها سرعان ما سحبت هذا الدعم نتيجة لممارسات السلطة القمعية وإغلاقها الكامل لكافة نوافذ العمل السياسي، إضافة للإمعان غير المسبوق منها تجاه معارضيها .

أثّرت تراكمات الماضي وحالة فقدان الثقة بين أطراف المعارضة المصرية إلى غياب شبه تام لما يمكن أن يكون حدا أدنى مشترك للتنسيق فيما بينها، فانشغل الإخوان المسلمون في الاستمرار في الدفاع عن مطالب محددة دون أي تنازل على أي منها لحسابات معقدة يطول شرحها، وعلى الجانب الآخر أيضا كررت قوى المعارضة المختلفة لاءات واضحة رفعتها لأي عمل معارض منظم كان من أهمها عدم الاصطفاف مع جماعة الإخوان المسلمين أو حتى أيا من الأحزاب القريبة من تيار الإسلام السياسي .

استفاد النظام بصورة واضحة من هذه الفجوة الكبيرة بين خصومه السياسيين بالإنفراد في المشهد السياسي وحده، ساعده على ذلك أيضا مناخ عام أصبح أكثر تحفظا وأقل ثقة في جل النخب والمكونات السياسية المختلفة، يضاف على ذلك تجدد ثقافة الخوف عند بعض الجماهير والتي كانت نتاج التوجه القمعي الذي كان فوق توقعات الجميع من قبل النظام تجاه معارضيه أيا كان انتمائهم الأيديولوجي أو السياسي.

وبهذا المشهد أصبح وضع المعارضة في مصر شديد الهشاشة والضعف ومنغلق على نفسه في مساحة محددة غير قادر على تجاوزها، وهي مساحة رد الفعل وفقط، فأصبح التنديد والشجب لبعض ممارسات السلطة أو تسجيل المواقف المختلفة لكل حزب أو جماعة أو حركة في بيانات عبر الفضاء الإلكتروني ..هي أقصى ما يمكن أن تقدمه هذه الكيانات دون تفكير منها في كيفية تجاوز مساحة رد الفعل إلى مساحة الفعل والتأثير الحقيقي على هذا المشهد المتجمد والثابت.

وبرغم أنه قد يكون ما تقدمه الأحزاب من معارضة جزئية وتسجيلا للمواقف لبعض ممارسات السلطة مقبولا لأنه أفضل المتاح ..إلا أن هذه الصورة يمكن أن تري هكذا من داخل هذه الكيانات فقط، أما لمن يشاهد الوضع بصورة أكثر عمومية وبنظرة أكثر شمولية .. فإنه يرى وضع شديد الارتباك، فمساحات العمل تضيق، والسلطة تزداد انفرادا بكافة قرارات الوطن المصيرية، ومساحات الغضب التي تتسع لدى بعض شرائح الجماهير الغاضبة من سياسات النظام لا تجد من يستوعبها، وتتيه وسط خلافات أطياف المعارضة وتباين خطابها العام.

إن المعارضة المصرية الآن في مفترق طرق هام جدا وتاريخي، وأصبح واضحا أن مساحات الخلاف بينها مهما كانت متسعة، إلا أن التحديات الكبيرة التي تواجه الوطن تستوجب تجاوزا لها إنقاذا لهذا البلد ولمقدراته وثرواته، هذا الدور المطلوب والتجاوز للخلافات لايعني انصهارا كاملا بينها أو توحيد كامل لأجندتها الوطنية، إنما يستلزم على الأقل الانتقال من مساحة رد الفعل إلى مساحة الفعل، وبدء اتخاذ خطوات محددة من أجل تشكيل جبهة معارضة حقيقية يكون منطلقها طرح رؤى مشتركة حول القضايا التي لا خلاف عليها، كقضايا الحريات، وحقوق المعتقلين، ورفع الدعم، والموقف من انفراد السلطة في اتخاذ قرارات مصيرية تمس بالسلب ثروات البلاد ومواردها الأساسية، وغيرها من القضايا التي تمكن صوت المعارضة بأن يكون أكثر قوة ووضوح ويخلق مساحة اشتباك مع الجماهير لإعادة الالتفاف حول من يمثل مطالبها ومن يدافع عن حقوقها أمام انفراد السلطة واستهانتها بأي دور رقابي حقيقي وفعال.

وتقديري أن تجاوز المعارضة لمساحات الخلاف الرئيسية بين مكوناتها وبدء تبني سياسة جديده مشتركة نحو القضايا الأساسية والتي تتفق هذه المكونات في الرؤية تجاهها، يمكن أن تمكن القوى السياسية المختلفة من بدء التفكير فيما هو أبعد من ذلك وهو خلق (البديل) الذي من الممكن أن يكون مؤهلا لطرح رؤية سياسية واضحة تستفيد من أخطاء الماضي ،وقادرة على خلق ظهير شعبي قوى لها، مما يمنحها فرصة أكبر للنجاح في معركتها مع هذه السلطة القمعية التي تتجه بالبلاد لنفق شديد الظلام .

أخيرا.. فإن للشباب داخل الكيانات والحركات المختلفة دورا كبيرا في إنجاح جهد العمل المشترك فيما بينها، وهو دورمحوري وهام جدا يمكن أن يغير كثيرا من شكل المعادلة الحالية، ويعطي أملا نحو الانطلاق لبناء دولة يناير، دولة العيش والحرية والكرامة الإنسانية.