عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 14-06-2018, 08:10 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي



دمعات على فراق رمضان..
وداعا رمضان
******************



لقد دار الدهر دورته .. ، ومضت الأيام تلو الأيام .. ،
وإذا بشهرنا تغيض أنواره .. وتبلى أستاره ..
ويأفل نجمه بعد أن سطع .. ، ويُظلم ليله بعد أن لمع .. ،
ويُخيم السكون على الكون .. بعدما كان كل الوجود يستعد ،
ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم ..



فقبل أيام معدودات نزلت منا الدمعات
فرحاً بدخول شهر الرحمات ،
وابتهاجاً بحلول موسم الطاعات ،
واليوم وما أدراك ما اليوم؟

اليوم تتقرح الأكباد على فراق شهرنا الكريم ،
اليوم تدمع العيون ،
إنها ليست دمعات الفرح بمقدم رمضان ؛
لكنها دمعات الأسف الشديد ،
دمعات الأسى والحزن على فراق شهر رمضان
الذي قال عنه الله - عز وجل -:
{ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا
أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.. الآية }

[البقرة:184]

فما كان أحلاها من أيام ، وأحلاها من ليالٍ ،
وأجملها من لحظات ، إنها تستحق البكاء والنحيب ،
ولا ينظر إلى لوم اللوام في ذلك.

يا لائمي في البـكا زدنـي به كلفاً ..... واسمع غريب أحاديـث وأشـعار
ما كـان أحسننا والشـمل مجتمـع ..... منا المصلـي ومنا القـانت القاري
وفي التـراويح للـراحات جامعـة ..... فيها المصـابيح تزهو مثل أزهـار
شـهرٌ به يُعتـق الله العصـاة وقـد ..... أشفوا على جُرف من حـصة النار
فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموا ..... مـا قد بقي فهو حقٌ عنكم جاري



ويبقى أمر مهمٌ حتى تتأكد معالم الخير في الأمة
نقول لمن أجهدوا الأجساد في هذا الشهر ؛ لترتاح الأرواح:



* أتبع الحسنة بالحسنة ، واختم عملك بالاستغفار
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر عمره ،
وبعد سنوات من الجهاد ، وزمن من الكفاح والسعي
في الله - عز وجل - ، والاجتهاد في الطاعات ؛
يقول له الرب - جل في علاه -
{ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي
دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }

[سورة النصر] ،
فيكثر المسلم من الاستغفار بعد كل طاعة ؛
علَّ ذلك أن يسد ما فيها من خلل ، ويكمل ما فيها من نقص.

* وليس ذلك فقط ، بل لا بد أن يكثر أهل الطاعات
- بعد الفراغ منها - من الدعاء
بأن يتقبل الله - عز وجل - الأعمال
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }

[المؤمنون:60] ،

وقد جاء أن عائشة - رضي الله عنها -
أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عن هذه الآية { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة }
قالت عائشة: ((هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟
قال:لا يا بنت الصديق ،
ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ،
وهم يخافون أن لا يقبل منهم ،
أولئك الذين يسارعون في الخيرات))
[الألبانى:صحيح] ،

وهذا نبي الله إبراهيم - عليه السلام -
بعد إكماله لبناء بيت الله العتيق
هو وابنه إسماعيل - عليه السلام -
يلهج بالدعاء أن يتقبل الله منهما ما قدما
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

[البقرة:127].

نقول هذا الكلام لمن قطع رمضان وهو في صلاة وصيام ،
وذكر ودعاء ، ورجاء وبكاء ،
فما عسانا أن نقول لمن فرط في هذا الموسم العظيم؟
ما عسانا أن نقول لمن لم يذق لذة العبادة؟
ولم يعرف لرمضان قدره ، فأذهب أيامه ولياليه بالبعد عن الله ،
واقتراف المعاصي والمنكرات ، واقتحام الآثام والسيئات.

فهنيئاً لمن كان من أهل رمضان ،
وتعساً لمن كان من أعداء رمضان ،
هنيئاً لمن خرج من هذا الشهر الكريم بالعتق من النار ،
والفوز بتقوى الملك الجبار ،
وتعساً لمن فارق هذا الشهر ولم يحصل
على ما يتزود به إذا كان يوم الحشر.

تزود بالذي لا بد مـنـه ..... فإن اليوم ميقات العباد
وتب مما جنيت وأنـت حي ..... وكن متنبهاً قبل الرقاد
أترضى أن تكون رفيـق قوم ..... لهم زاد وأنت بغير زاد



إن القلبَ ليحزن ، وإن العينَ لتدمع ..
وإنّا على فراقك يا رمضان لمحزونون ...

انقضى رمضان .. ويا وَلْهِي عليه ..
انقضت أيامه ولياليه ..
ذهب .. ليعود على من بقى .. ،
وليودع من كان أجله قد حان ..
نعم .. ذهبت يا رمضان .. فجرت المدامع ..

يا راحلاً وجميل الصبر يتبعهُ ..... هل من سبيل إلى لقياك يتفقُ
ما أنصفتك دموعي وهي داميةٌ ..... ولا وفَّى لك قلبي وهو يحترقُ

هاهو رمضان، رحل عنا بعد أن انقضت أيامه وتصرمت لياليه،
ولسان حال الصائم منا يقول:
فيا شهر الصيام فدتك نفسـي ***تمهل بالرحيل والانتقال.
فما أدري إذا ما الحول ولـّى*** وعدت بقابل في خير حال.
أتلقاني مع الأحياء حياً أو*** أنك تلقني في اللحد بالي.



نعم .. انقضى رمضان .. ولكن .. ماذا بعده ؟!



إن عمل المؤمن لا ينقضي أبداً
انقضى رمضان .. ، وقد اعتاد كثيرٌ من المسلمين
على عمل الطاعات وفعل الخيرات،

* فيا من أَلِف الحق .. تمسك به .. ، واستمر عليه ..
نعم اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها
للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور ..

* نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي ..
عَلَّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت .. ،

* وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان ..
إن من علامات قبول العمل المواصلة فيه ، والاستمرار عليه ..
فاحكم أنت على صيامك .. هل هو مقبولٌ أم مردود ..
نعم احكم أنت ..

* فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب
واصل مسيرتك .. ، وجُدَّ في الطلب ..



* ويا من صامت عينهُ في رمضان عن النظر المحرم ..
غُض طرفك ما بقيت .. يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت ..

*ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول ،
وما يُستقذر .. من سماع غيبة .. ، أو نميمة .. ، أو لهو
اتق الله .. ، و لا تعد .. ، اتق الله ، ولا تعد ..

*ويا من صامت بطنه في رمضان عن الطعام .. ،
وعن أكل الحرام .. اتق الله في صيامك .،
ولا تذهب أجرك بذنبك .. ، وإياك ثم إياك من أكل الربا ..
فإن آكله محارب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ..
فهل تطيق ذلك ؟!

*ويا من صامت بطنه .. تذكر إخواناً لك في رمضان ،
وغيره يبيتون على الجوع والعُري ..
ولا يجد أحدهم ما يسدُّ به جوعته ، ولا فاقة عياله ..
تذكر أنهم ينتظرون منك .. نعم .. منك أنت
ومن أمثالك من يُمدُّ لهم يد العون ، والمساعدة ..



آآآهـ رمضان
رويدك رمضان لم نرتوى بعد
بالأمس استقبلناك فرحين مستبشرين
بنفحاتك الجميلة .. ونسماتك العليله
وهانحن اليوم نتأمل نجمك يأفِل أمام ناظرينا
وخيوط ليلك تُسدل
ترفق بنا ياشهرنا فمازالت نفوسنا تواقة
للنهل من معينك الذي لاينضب
شهرالرحمة .. كيف ترحل ؟!!
هلاّ أمهلتنا أيام أُخر .؟
كيف لك أن ترحل الآن
بعد أن هيضت نفوسنا .. وهيجت أرواحنا ..
وأذقتنا حلاوة الصيام والقيام
كيف لك بعد أن أذقتنا لذة قرآءة القرآن
لذة الوقوف بين يدي الكريم المنان
لذة الدعاء ... ولذة الحب والإخاء
ثم ها أنت ترحل أمام ناظرينا
محملا بأجورالعباد ..
ودموع المنطرحين
من يرجون رحمة ربهم
ويخشون عذابه
والله أنّا نبكيك
ونبكي روحانيتك
كيف لا ونحن نحس بطعم الإيمان الحق معك..!
سترحل شهرنا
ولا يبقى لنا سوى ماقدمنا
شاهدا لنا أم علينا
فاز من فاز
وخسر من خسر






رد مع اقتباس