عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 15-07-2018, 06:24 PM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






افعل ولا حرج

هكذا كان يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
يوم الحج لأصحابه رضوان الله عليهم،
عندما كانوا يأتون إليه ويقول الواحد منهم،
فعلت كذا يا رسول الله ، ويقول الآخر فعلت كذا يا رسول الله،
فكان جواب الرسول قليل الكلام كثير المعنى،
«افعل ولا حرج»،
كأن الرسول أراد أن يعلم أصحابه أن يكونوا رفقاء رحماء بينهم،
وأراد ان يخفف عليه وعلينا مشقة الحج،
فهذا النُسك يجب أن يحفه الاخلاص لله،
ولا يعكر صفوه التكالب والتزاحم والجدال،
كأن الرسول يريد أن يؤكد معنى الآية الكريمة من سورة البقرة
«الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير
الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب»

(البقرة/197).




وهنا نلحظ أن الحق قد جمع بين ثلاث كلمات هي
الرفث والفسوق والجدال،
وهذه الكلمات تحمل بين طياتها كل فعل أو سلوك سيئ
يمكن ان يقوم به الإنسان،
والحق سبحانه قد نهى عن كل ذلك
بثلاثة حروف للنهي متعاقبة في الآية الكريمة،
كأن الحق يريد أن يقول لنا لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا،
تشديدا في النهي، حتى ننتهي عن كل ذلك في الحج ولا نفعله،
لأن كل هذه الأفعال والسلوكيات تضر بصاحبها
وتضر بمن حوله من الناس.




والرسالة التي أراد الله ورسوله إيصالها إلينا جميعا،
هي أن نذهب إلى الحج ولا ننسى ما أراد الله ورسوله،
وكثيرا ما نسمع ممن ذهب الى الحج عن التدافع الكبير بين الناس،
والتزاحم لأداء المناسك، ونسى الناس أو تناسوا،
أننا يجب ألا نتزاحم ولا نتصارع للوصول أولا،
فندفع الناس ومنهم كبار السن ومنهم من لا يملك صحة
أو جسما قويا ومنهم النساء والمرضى،
كل هؤلاء يجتمعون في الحج،
فيجب أن نكون رحماء رفقاء على بعضنا البعض،
لأن المعنى الأصيل لكل ما أراد الله ورسوله
يشمل البعد الإنساني قبل كل شيء،
لأنه لا معنى لعبادة تؤذي فيها الناس،
ولا معنى لعبادة تظهر فيها الفاحش والبذيء من الأقوال،
ولا معنى لعبادة يكون فيها الجدل العقيم حاضرا،
الذي لا يفضي الى شيء، بل هو جدل لمجرد الجدل،
ولا فائدة ولا طائل منه،
وكم أناس يذهبون هناك لكي يجادلوا ويفتعلوا المشاكل والقلاقل،
وكل ذلك الله ورسوله منه براء.




وهناك نقطة مهمة نؤكد عليها، هي الزحام والتدافع،
كما قلت آنفا، دائما ما نسمع عن ذلك،
ويقول من ذهب إنه رأى حجاجا يدفعون الناس
لكي يصلوا الى الكعبة أو مكان رمي الجمار
أو غيرهما من الأماكن التي تشهد زحاما،
لماذا ندفع بعضنا بعضا والله ورسوله قد يسرا علينا،
وأرادا لنا الخير؟
فقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم«افعل ولا حرج»
يشمل معنى التيسير، وهذا بدوره يرفع الحرج عن الناس،
ويجعلهم في سكينة وطمأنينة أثناء تأديتهم مناسك الحج،
فلا عجلة ولا تزاحم ولا رفث ولا فسوق ولا جدال،
كل هذا للتخفيف ورفع المشقة، ونسعى الى عكس ذلك،
وننسى أو نتناسى ما أمرنا الله ورسوله به،
فالأمر يحتاج الى وقفة لمراجعة ما نقوم به،
نعم أعداد الحجاج كبيرة، والزحام شديد،
ويقطع الناس آلاف الأميال، ويعانون مشقة السفر،
كل ذلك يجعلنا نفكر فيما نفعل،
فلو كانت السكينة والهدوء في أداء المناسك، لاستراح الحاج وأراح،
وأبعد عن نفسه كل ما يعكر صفو حجه،
ولو استحضرنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الشريف ما معناه
«من حج فلم يرفث ولم يفسق عاد من حجه كيوم ولدته أمه»




أي بشرى أعظم من ذلك؟
مَنْ منا لا يحب أن يتطهر من الخطايا والذنوب
التي نحملها على كاهلنا كالجبال الراسيات؟
اللهم إنا نسألك أن تجعل حجهم حجا مبرورا،
ونسألك أن تهون عليهم السفر،
ويكونوا ممن أردت لهم الخير،
وممن قبلت حجهم،
ولا تجعلهم ممن يرفثون أو يفسقون أو يجادلون.







رد مع اقتباس