العلاج الوجودي
دور الأخصائي الاجتماعي:-
إن الدور الرئيسي للأخصائي الاجتماعي الممارس بالعلاج الوجودي هو في فهم العالم الذاتي للطالب من أجل مساعدته على الوصول إلى فهم جديد وخيارات جديدة.
ومن هنا كان التركيز على الموقف الحالي للطالب أي على الحاضر وليس على الماضي (May & Yalom, 1995). لأن التركيز على الماضي والاستغراق في ذلك لا يقدم للطالب الفهم الواعي حول الموقف الإشكالي بينما الحاضر بكل أحداثه هو نقطة الانطلاق نحو تصور أوضح يساعد على استخلاص المعاني.
وبالإضافة إلى ذلك فإن دور الأخصائي الاجتماعي يتمثل في مساعدة الطالب على إدراك الحرية المسؤولة وكيفية استخدامها للوصول إلى إجابات مقنعة حول الحياة، وتحديد الهوية الشخصية وطبيعة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
أيضاً، يسعى الأخصائي إلى تعليم الطالب كيف يحقق التوازن بين تحقيق الذات وإيجاد الهوية وبين الارتباط بالآخرين وما يمليه هذا الارتباط من تأثيرات على معالم شخصيته.
والأخصائي الاجتماعي في سعيه إلى لعب الأدوار المشار إليها يقوم بمواجهة الطالب حول المعوقات التي تعوق تكيفهم والتي في الغالب تنشأ من الطالب نفسه من خلال الطريقة التي يتبعها في محاولاته للتغلب على المواقف الإشكالية.
ودور المواجه يتطلب من الأخصائي الاجتماعي مهارات مهنية لأن المواجهة عملية قاسية على الطلاب يحاولون التهرب منها. وما لم يكن الأخصائي الاجتماعي قادراً على التدرج في عملية المواجهة سيكون العلاج عامل طرد للطالب وقد يصل إلى نهايته قبل أن يتحقق أهداف التدخل المهني.
وعلى هذا فإقامة العلاقة المهنية مع الطلاب تعتبر حجر الزاوية في التدخل المهني الوجودي. حيث أن الطلاب يحتاجون في بداية التدخل المهني إلى بناء الثقة في الأخصائي الاجتماعي وفي المؤسسة التي تقدم المساعدة من خلالها.
ولأن العلاج الوجودي يرتكز على البحث في أعماق عالم الطالب فكرياً وعاطفياً فإن العلاقة المهنية يجب أن تكون قوية بدرجة تسمح للطالب بتقبل المواجهة وما تتضمنه من نقد صريح لأفكاره ومشاعره.
أساليب التدخل المهني
العلاج الوجودي ليس كغيره من الأساليب العلاجية من حيث صياغة أساليب تدخل مهني تكون مرتبطة به وتوجه عملية تقديم المساعدة للطلاب. فهو أسلوب علاجي يعتمد على أطر فلسفية ومفاهيم نظرية ترتبط بوجود الطبيعة الإنسانية والاستغراق في الوصول إلى جملة المعاني التي تفرزها عملية التفكير الواعي في الأحداث التي يتعرض لها الإنسان.
ومن هذا المنطلق فالممارسين لهذا الأسلوب العلاجي يعتمدون في طريقة العلاج عل جملة من الأساليب العلاجية المرتبطة بالنماذج العلاجية الأخرى كالعلاج المعرفي والعلاج المتمركز حول العميل.
ومع ذلك نجد أن هناك من أنصار هذا الأسلوب العلاج مثل (Van Deurzen-Smith, 1990) من يرى أهمية الأساليب العلاجية وضرورة أن يكون للأخصائى الاجتماعي استراتيجية مهنية في التعامل مع الحالات. ومنأساليب التدخل المهني التي يرى أنها مهمة في الممارسة المهنية ما يلي:-
1- التفكير الذاتي: ويقصد به مقدرة كل من الأخصائي الاجتماعي والطالب على التفكير العميق والاستغراق في طبيعة المشكلة التي يواجهها الطالب من خلال الوصول إلى المعاني واستخدام الحرية الفكرية في تقرير المصير والاختيار من بين البدائل. وقد أشار (Baldwin, 1987) إلى هذه العملية بمسمى "استخدام الذات". وأضاف أن على الأخصائي الاجتماعي أن يستخدم ذاته المهنية وخبراته في مساعدة الطالب وتعليمه أسس التفكير الواعي في أبعاد الموقف الإشكالي الذي يواجهه.
ومما يشار إليه أن الممارسين للأسلوب الوجودي في التدخل المهني يرون أن أفضل ما يقدمه التدخل هو تلك المرحلة أو الحالة التي يتم فيها التقاء التفكير الذاتي العميق لكل من الطالب والأخصائي الاجتماعي.
2- المواجهة: ويقصد بها قدرة الأخصائي الاجتماعي على مواجهة الطالب من خلال استثارة تفكيره في الطرق التي يستخدمها للوصول إلى تفسير وتحليل للموقف الإشكالي الذي يواجهه. ويحاول الأخصائي الاجتماعي أن يجعل الطالب يسأل ذاته حول ماهية وجود مشكلاته. كما يحفزه على اختيار مشاعره وقيمه وأفكاره وتأثير الآخرين فيها ودرجة تأثير ذلك كله في الموقف الإشكالي الذي يعانيه. وهو بذلك يحاول أن يجعل الطالب يفكر في دور الآخرين في الأفعال التي تصدر عن الطالب.
ثم يحاول الأخصائي الاجتماعي مع تقدم عملية المساعدة أن يجعل الطالب يختبر مصداقية الإطار القيمي في حياته والذي يطلق عليه "الاكتشاف الذاتي" (Corey, 1996) في محاولة لمساعدة الطالب على زيادة الاستبصار وإعادة بناء الإطار القيمي.
وعموماً فإن أساليب التدخل المهني للعلاج الوجودي يتمحور حول مساعدة الطالب على وضع نتائج التفكير الذاتي موضع التنفيذ من خلال تحديد الهوية الشخصية وتنمية الحرية الشخصية.
|