عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 28-07-2009, 11:15 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,414
معدل تقييم المستوى: 17
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي تمرد

ذات حكاية ، أتمرد على العادي و المعتاد و أقرر أن أعدل نصاب الأمور . أقول للولدين : أتريدان أن تصبحا مثل هؤلاء الأبطال الذين ترونهما في التلفاز ، يجيدون فنون القتال ، ينتصرون على الأعداء ؟
إليكم الخطة : نصلي المغرب في المصلى المجاور للبيت و ندعو لأهل غزة أن يدمر الله دبابات أعدائهم، دعوتنا تجمع قوة كافية كي تضرب الدبابة ، تتعطل أجهزتها برهة فيستغل مجاهد سريع البديهة تلك اللحظة ، ينقض على اليهودي الذي بداخلها و يقطعه إرباً .
أريهما إيصالاً دفعت فيه مبلغاً باسمهما للجنة خيرية تبعث المال لأهل فلسطين .
أقول : أنتما بطلين فعلاً ، على الأرض عند الواقع الذي يتحقق .
أتلو بصوت مرتفع ، أعطى الولدين مالاًً لإتحاد الأطباء العرب لإيصالهما لأهل غزة ، مال يضع طعاماً على موائد و كساء على أجساد ، يعين من انقطعت بهم السبل على البقاء و الصمود و المواصلة ، ربما حاسب في يد من يوجهه إلى عدو في مستقبل .
تأخذ الصغير الحماسة . أما الكبير ، لا أعرف إن كنت أقنعته أم لا .
أضع طرحتي بينما هما عند الباب بانتظار أن نذهب للمصلى نصلي المغرب و ننفذ الخطة .
يصل سمعي المرح في الحديقة . أسرع متتبعة مصدر الصوت فيفاجأني منظر البلل يغرقهما و الثياب . مشروع بدأ بنية الوضوء و انتهى بالإستحمام تحت رشاشات الحديقة !
أسأل : من الفاعل ؟
يداري كل منهما خطأه بأن يجد له شريك جرم . يتفرق الدم في القبائل ، ثم يطمس الجدل الجرم أبعد .
نغرق في جدل يبعد عنّـا صلاة الجماعة بينما يغيران ثيابهما .
لنصل ِ إذاً في البيت ، يروغ مني الكبير مرة تلو الأخرى ، عادته هذه الأيام .
إذاً أصلي مع صغيري ابتغاء رضا المولى .
يقف الكبير أمامنا (كما يفعلون في المدرسة ، لا يجدون من يردعهم) ، يهرج ، يعطلنا عن الصلاة ، يضايقني نوعاً ما ، انصرف عنه ، فقد اعتدت أن أصلي بينما يلعبون حولي على نحو مماثل و إن كانوا أكبر سناً و أثبت تكليفاً .
نجلس للدعاء فيرتفع صوت السخرية عالياً .
الآن ألقي القنبلة ، أي صغيري لك عشر نقاط في مسابقة التحدي ، ترشحك لهدية و المزيد من التقدم .
تصدر عنه أصوات الرضا ، حبيبي يستجيب للتشجيع بشكل مرضي ، يظهر الكبير عدم اكتراثه .
استعدوا : سأضرب ضربتي . أعرض عليه نماذج من خشب الأركيت المقطع لديناصور و حشرة عملاقة ، تقطع ثم تركب بحسب خارطة موجودة معها ، وحده الصغير ذو الحق في الإختيار .
بالطبع يعجبه الديناصور ، كائن مخيف .
الآن يستبد الغضب بالكبير ، ينتظر قليلاً حتى ابتعد ، يلحق بأخيه ليلحق به الأذى ، يستنجد بي الصغير ، أحمل الكبير و أثبته على الأريكة و أجلس جواره ، أصمم ان لا ينال أخاه ، يثور هيجاناً و يقاوم يداي يقول بغضب أن في صك الأخوة بند يسمح بالضرب !
أناقش هذه المسألة و سلطتي عليه بينما يداي تثبتانه في مكانه فهو لم يهدأ بعد .
ألينُ قليلاً ، أحايله حتى يصلي المغرب . يفعل فيهدأ و ينصلح حاله .
ما هذا العطب الذي ينسج حباله حولنا ؟
هذا نتاج التلفزيون : عالم أوهام نسجه كارتون الفضائيات العربية ، بينما سذاجة طفل تحسب ذلك حقيقة و يحاول تحقيقه على الأرض بينما الكبار في عوالمهم المغلقة . أظن الكبار سعداء بهذا التلفاز ، يريحهم من عبء الصحبة و رعاية الأطفال .
أفكر : تحتاج لتحدي تعمل فيه عقلك و يداك يا صغيري .
المشهد التالي : آخذ الأولاد و نزور أمي فنجد يداها غارقتين في بحور المطبخ بينما دوامة المحشي تسرق قوت يومها طاقة و وقتاً .
نشمر عن سواعدنا ، فكل أوقاتنا فداء محشي أمي !
للأولاد قدرة عالية على استخدام أيديهم . تحل بنا السعادة إذ يستفيدون من هذه الأيدي الصغيرة .
أعين الكبير قائد المهام .
الإجتماع الأول في المطبخ بينما يشرح لنا القائد أول مهامنا : مساعدة الجدة في حشي المحشي. (طبعاً تنال أيديهم الصغيرة من المهام ما يستطيعونها ، المهام الأثقل أتولاها أنا و أمي) .
قائد المهام ينجح و يصيب الفلاح كل ما يلمسه حين يجتهد .(و العكس بالعكس ، و لعلنا جميعاً على هذا النحو) .
يؤذن الآذان فنقرر أن نصلي في المصلى ، هذه المرة قائدي الملهم الجدية الفائقة . يفتح لنا بوابة العالم الإفتراضي بمفتاح فيغا و أشعة الليزر !
يلقي قنابل حارقة على كل تنانين الفضاء التي يلقاها في طريقه (بعض الصخور التي تعترض طريقنا) . و بالطبع هناك فجوة الفضاء السوداء (بالوعة مغطاة بإحكام في الطريق) هذه لها نصيبها من كروت شنايدر الخارق !
ننتهي من الصلاة و أتركهم يلعبون في حديقة البيت حتى المساء . (أفضل بكثير من الإستلقاء على الأريكة أمام التلفزيون) .

جولة رابحة ، و التالية ؟!!

قصة خطتها أنامل الحياة بخط الضنى . و قد قدمت شكوى عريضة ضد هذا الضنى فرفع عنيالمولى منه حملاً كاد ينقض ظهري ، فما كان إلا أن نضب معين القصص . لحظة ، الذاكرة تحوي منها حملاً ، تسكبه وقتما تشاء . لكن رمضان في الأجواء يشغلنا عن كل ما عداه .