عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-03-2010, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابو البراء محمد بن محمود
ابو البراء محمد بن محمود ابو البراء محمد بن محمود غير متواجد حالياً
معلم
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 15
ابو البراء محمد بن محمود is on a distinguished road
افتراضي

الأمر السابع : من الأمور التي يكون بها المرء مفتاحا للخير تجنب مراود الفتن والشبهات والحذر منها وهذا يحقق للعبد السلامة في نفسه وأيضا السلامة من أن يكون مفتاح شرعلى الناس وأيضا لا أطيل هنا لكن أكتفي بذكر أثر واحد عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه رواه غير واحد من أهل العلم منهم ابن بطة العكبري في كتابه الإبانة وغيره من أهل العلم قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتؤدة فإنك أن تكون تابعا في الخير خيرا من أن تكون رأسا في الشر فهنا من أراد لنفسه أن يكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر لينتبه في الأمور المشتبهات وأمور الفتن فلا يبرز لها ولا يتصدر ولا يندفع اندفاع الطائشين المتهورين الذين يوقعون أنفسهم في الهلكة ويوقعون غيرهم فيها فليتأنى وليبتعد قال : فعليكم بالتؤدة فإنك أن تكون تابعا في الخير خيرا من أن تكون رأسا في الشر. ولهذا أمور الفتن والأمور المشتبهات لا يندفع الشاب وراءها بل يتأنى ويتروى ويتصل بالعلماء الكبار والأئمة الأكابر يستشيرهم ويسترشد بأراءهم لا يندفع برأي رأه أو هوى هواه أو كلاما قيل له و دفع نحوه لأنه إذا اندفع اندفاعا بلا تؤدة ولاأناة ورّط نفسه في الشر وأيضا صار مفتاح شرعلى الآخرين ولهذا يجب على الإنسان أن يتأنى ، وأن يتإذ وأن يأخذ الأمور بالهدوء والأناة وأن يشاور دعاة العلم وأن يكثر دعاء الله سبحانه وتعالى أن يجنبه الشر لا أن يندفع وينساق وراء الفتن والشبهات ويبرز لها ويتصدر ثم يتورط بأن يكون قد فتح شرا على نفسه وعلى الآخرين .



الأمر الثامن : من الأمور التي يكون فيها المرء مفتاحا للخير وأقف هنا وقفة وأقول من فضل الله سبحانه وتعالى أن الأخ المقدم ومعالي المدير عندما دعوني إلى هذه المحاضرة لم يحددوا وقتا ولهذا أرجو أن تصبروا عليّ لأن الموضوع واسع وأنا أحاول قدر الإستطاعة أن أطيل فإذا أطلت إطالة مملة إذا دعاني معالي المدير للتوقف فأنا رهن الإشارة الأمر الثامن الرفق في الأموروالتعامل مع الناس بمكارم الأخلاق فإن هذا من أعظم الرواتج لأن تكون مفتاحا للخير وثق أيها الأخ الموفق أن صاحب الخلق الغليظ والمعاملة السيئة لا يمكن أن يفتح بها قلوب الناس لا يمكن أن يفتح قلوب الناس بأخلاق فظة والمعاملة الغليظة وقد قال الله سبحانه وتعالى لنبيه سيد ولد آدم قال (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) النفوس تنفر من الغليظ من الشديد من العنيد من سيء الأخلاق حتى ولو كان الذي يقول لهم خيرا فإن رعونة أخلاقه وسوء معاملته وفضاضة أسلوبه تنفر الناس من حوله ولهذا يحتاج الإنسان ليكون مفتاح للخير أن يتعامل مع الناس المعاملة الرقيقة وأن يكلمهم بالكلام الطيب الهادىء الكلام الذي فيه التواضع ليس فيه التعالي وليس فيه الترفع على الناس وليس فيه التطاول عليهم ولقد أضرب الأمثلة على ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم طال بنا الوقت ولكن أضرب مثالا واحدا جميلا ومدهشا عندما دخل نبينا عليه الصلاة والسلام مكة فاتحا في البلد الذي أوذي فيه أشد الأذى لما دخل مكة فاتحا ذهب أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأتى بوالده ووالده لم يكن قد أسلم بعد أتى به إلى النبي عليه الصلاة والسلام ممسكا بيده وكان شعرلحيته ورأسه وحواجبه أبيض كأنه ثغامة رجل كبير في السن لحيته بيضاء شعره أبيض فجاء به أبو بكر إلى النبي عليه الصلاة والسلام فماذا قال عليه الصلاة والسلام قال : يا أبا بكر لماذا جعلت هذا الشيخ يأتينا ألا أخبرتني أنا الذي أتيه ؟ هذا الخلق العظيم الرفيع من رجل دخل فاتحا في بلد أوذي فيه أشد الأذى ماذا يصنع ؟ ثم وضع عليه الصلاة والسلام يده على صدره وقال تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله . وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل وهو يضع يده على كتفه وهو شاب صغير من شبان الصحابة : يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .. وضع يده على كتفه بكل لطف وهدوء وبحنان يا معاذ إني أحبك فلا تدعن بين دبر كل صلاة أن تقول كذا وكذا فرق بين هذا وبين من يخاطب الصغير يا ولد أو يا جاهل أو يا كذا بعبارات غليظة لماذا لا تفعل كذا ؟ النفس تغلق . ولهذا من أراد لنفسه أن يكون مفتاحا للخير أن يتحلى بمكارم الأخلاق ونبيلها وقد قال عليه الصلاة والسلام :" إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق .



الأمر التاسع : لا يتحقق للعبد أن يكون متمما للفتح على الناس بالخير إلا إذا كان هو معتني بالخير فاعل له سباقا إليه وانظروا إلى قول شعيب عليه السلام عندما قال لقومه: (( ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه )) ولهذا من يدعو الناس إلى الخير ينبغي أن يكون سباقا للخير قال تعالى (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) فلا يكفي أن يكون الإنسان داعية بلسان مقاله وأن يكون مثبطا مضيعا لواقع حاله بل ينبغي أن تكون أفعاله قدوة وهنا تبلغ المسألة خطورتها عندما يكون الإنسان الذي يدعو الناس إلى الخير أعماله تدعو الناس إلى الشر وهنا أقرأ لكم كلاما لابن القيم رحمه الله في سطورأربع فقط يقول رحمه الله : علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها بأقوالهم ويدعون إلى النار بأفعالهم فكلما قالت أقوالهم للناس هلموا قالت أفعالهم لا تسمعوا منهم فلو كان ما دعوا إلأيه حق كانوا أول المستجيبين له فهم في الصورة أدلاء أي هؤلاء العلماء علماء السوء في الصورة أدلاء أي يدلون الناس إلى الجنة وفي الحقيقة قطاع طريق . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى .



الأمر العاشر : من الأمور التي يكون فيها الإنسان مفتاح للخير أن يذكر الآخرة والقيام بين يدي الله تبارك وتعالى ومجازاة الناس على أعمالهم وأن هناك جنة ونار وجزاء وعقاب وأن ما تقوله وما يصدر منك وما يكون منك من عمل كل ذلك تلقى الله عز وجل به يوم القيامة وتذكر في هذا الباب أن الجنة لها ثمانية أبواب والنار لها سبعة أبواب قال الله تبارك وتعالى في أواخر سورة الزمر: (( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقّت كلمة العذاب على الكافرين قيل أدخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنة حيث نشآء فنعم أجر العاملين )) الجنة لها أبواب وأبوابها لها مفاتيح والنار لها أبواب وأبوابها لها مفاتيح ومفاتيح الجنة والنار في الدنيا وليست في الآخرة في الآخرة ليس هناك إلا الجزاء والحساب ، أما الدنيا هي التي فيها المفاتيح مفتاح الجنة : التوحيد ، الصلاة ، الصيام طاعة الله عز وجل الإمتثال للأوامر، والنار مفاتيحها الشرك بالله والكفر به سبحانه وتعالى والمعاصي والآثام أما الشرك والكفر بالله تعالى فإن من مات عليه فتحت له أبواب النار وخلّد فيها أبد الآباد وإذا كانت معاصي وذنوب دخل النار فإنه يعذب فيها على قدر ذنوبه ولا يخلّد في النار إلا المشرك . جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أنفق زوجين في سبيل الله نودي يوم القيامة من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فإن كان من أهل الصلاة نودي من باب الصلاة وإن كان من أهل الصيام نودي من باب الرّيان وإن كان من أهل الجهاد نودي من باب الجهاد وإن كان من أهل الصدقة نودي من باب الصدقة . قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ما على من نودي من هذه الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها ؟ قال نعم وأرجو أن تكون منهم . فإذا محافظة العبد على هذا الطاعات وهذه العبادات الصلاة ، الصيام ، الصدقة إلى غيرذلك هذه كلها مفاتيح للجنة وكذلك دعوة الإنسان الآخرين " الدال على الخير كفاعله " وهذا فضل عظيم تدعو شخص إلى طاعة فيقوم بها يكتب لك مثل أجره وترتفع درجاتك في جنات النعيم وأنت كنت بذلك دال على الخير مفتاح للخير فإذا هذا من الأمور المهمة في هذا الباب العظيم أن تذكر الجنة والنار والوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى .



الأمر الحادي عشر : مرافقة الأخيار ومجالسة الصالحين وفي هذا حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مثل الجليس الصالح والجليس السوء مثل حامل المسك ونافخ الكير أما حامل المسك فإما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه رائحة طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة " إذا من أراد أن يكون مفتاحا للخير فليصبر نفسه مع أهل الخير وأهل الفضل وأهل النبل وأهل الطاعة قال الله عز وجل : (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )) .

[size=3.5][/size]
__________________
لا تطمعوا ان تهينونا ونكرمكم .....وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنَّا لا نحبكم ..............ولا نلومكم إن لم تحبونا
رد مع اقتباس