الموضوع: حوار مع صوفى
عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 11-05-2010, 06:41 AM
محب القوم محب القوم غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 40
معدل تقييم المستوى: 0
محب القوم is on a distinguished road
افتراضي

السؤال: 15ـ ما قولكم فيمن يقوم لما يدعيه من وصول الحضرة النبوية في الموالد ، و هل يحضر الرسول عليه الصلاة و السلام فعلاً تلك الموالد في وقت واحد ؟ ، و هل يصح ذلك عقلا ؟.
الجواب:
قال الشيخ يوسف خطار محمد في كتابه الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية ما يلي:
[باب] القيام في نهاية المولد:
مفهوم خاطئ : يظن بعض من يحضر المولد النبوي ويقوم مع القائمين أن الناس يقومون معتقدين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدخل إلى المجلس في تلك اللحظة بجسده الشريف حقيقة وأن البخور والطيب الذي يوضع هو له فهذه الظنون باطلة لا أصل لها.
نعم نحن نعتقد أنه صلى الله عليه وآله وسلم حي حياة برزخية كاملة لائقة بمقامه وإن روحه جوالة في ملكوت الله سبحانه وتعالى ويمكن أن تحضر مجالس الخير وكذلك أرواح الأولياء والصالحين من أتباعه وقد قال مالك: بلغني أن الروح مرسلة تذهب حيث شاءت وقال سلمان الفارسي: أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت(الروح لابن القيم ص (144).
وإن القيام في المولد ليس سنة ولا واجبا وإنما هي حركة جرت عادة الناس بها واستحسن ذلك من استحسنه من أهل العلم يقول البرزنجي مؤلف أحد الموالد النبوية ما نصه: وقد استحسن القيام عند ذكر مولده الشريف أئمة ذوو رواية وروية فطوبى لمن كان تعظيمه صلى الله عليه وآله وسلم غاية مرامه ومرماه.
ويقول أيضا:
وقد سن أهل العلم والفضل والتقى
قياما على الأقدام مع حسن إمعان
بتشخيص ذات المصطفى وهو حاضر
بأي مقام فيه يذكر بل دان
فأنت تراه يقول: وقد سن أهل العلم ولم يقل سن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الخلفاء الراشدون ولم يقل: سنة مطلقة بل قال: وقد سن أهل العلم وبعدها يقول: بتشخيص ذات المصطفى أي أن هذا القيام لتصور شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الذهن وهذا التصور شيء محمود ومطلوب بل لابد من أن يتوفر في ذهن المسلم الصادق في كل حين ليكمل اتباعه له صلى الله عليه وآله وسلم وتزيد محبته فيه صلى الله عليه وآله وسلم ويكون هواه تبعا لما جاء به فالناس يقومون احتراما وتقديرا لهذا التصور الواقع في نفوسهم عن شخصية ذلك الرسول العظيم مستشعرين جلال الموقف وعظمة المقام وهو أمر عادي كما تقدم ولذلك فإن من لم يقم لا شيء عليه ولا يكون آثما شرعا.
فالقيام كما قدمنا أمر استحسنه العلماء شرقا وغربا والقصد فيه تعظيم صاحب المولد وجرى به العمل في سائر البلاد وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن كما مر في حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
وقال الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي: وقد وجد القيام عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم من عالم الأمة ومقتدى الأئمة دينا وورعا الإمام تقي الدين السبكي اجتمع عنده جمع كثير من علماء عصره فأنشد قول البوصيري في مدحه صلى الله عليه وآله وسلم:
قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب
على ورق من خط أحسن من كتب
وأن تنهض الأشراف عند سماعه
قياما صفوفا او جثيا على الركب
فعند ذلك قام السبكي رحمه الله وجميع من في المجلس فحصل أنس كبير بذلك المجلس ويكفي مثل ذلك في الاقتداء (السيرة الحلبية (1/83 - 84) والسيرة النبوية لزيني دحلان ص (51( .
السؤال: 16ـ مصادر التشريع عند المسلمين هما الكتاب و السنة ، و عندكم الكشوف والمنامات و الوساوس و الخطرات ، و حدثني قلبي عن ربي ، فهل هذا هو الدين ؟
الجواب:
بل إن مصادر التشريع عند الصوفية هو الكتاب والسنة والإجماع والقياس وبعض الأمور المختلف بينها بين القفهاء في أصول الاستباط...
وهذا الاتهام للصوفية من الكذب الصراح والتشويه القبيح للتصوف حيث يوهم الوهابية الناس بأن الصوفية يستقون تشريعهم من الكشوفات والمنامات، يريدون بذلك تشويهم صورتهم وتكفيرهم ، قبحهم الله.
ولا يعلمون أن الصوفية لهم مذاهب فقهية كسائر المسلمين كالحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة..
ولكن إن حصل للقوم (الصوفية) كشف أو بشارات منامية، فإنها تعرض على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فما وافقها أخذوه وما خالفها تركوه.
لذلك كان الشيخ أبو الحسن الشاذلي الصوفي الكبير والعلم المشهور رحمه الله تعالى يقول : [إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام) ["إِيقاظ الهمم" ج2. ص302ـ303]
وقال أبو سعيد الخراز الصوفي رحمه الله تعالى: [كلُّ باطنٍ يخالفه ظاهرٌ فهو باطلٌ) ["الرسالة القشيرية" ص27]
ومن الأمور المسلم بها عند المحققين من العلماء أن بعض الصالحين يأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعيه وأذكاراً تنطبق على الشرع ولا تنافيه ويبين لهم فيها فضلاً خاصاً ولنذكر ما قاله إمامان جليلان يكثر منهما ويستكثر بهما جماعة أنصار السنة المحمدية وهما:
الإمام أبو اسحق الشاطبي في أكثر كتبه رواجاً عندهم: كتاب (الاعتصام) والإمام أبن الحاج في أكثر كتبه رواجاً عندهم وهو كتاب(المدخل).
قال الإمام أبو اسحق الشاطبي في كتابه الاعتصام (1/260) : [إن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية فإن سوغتها عمل بمقتضاها وإلا وجب تركها والإعراض عنها وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة وأما استفادة الأحكام فلا كما يحكي عن الكتاني رحمة الله تعالى : ((رأيت رسول الله صلى الله عليم وسلم في المنام فقلت ادع الله ألا يميت قلبي فقال :قل كل يوم أربعين مرة : يا حي يا قيوم لا إله أنت )) فهذا كلام حسن لا إشكال في صحته وكون الذكر يحي القلب صحيح شرعاً وفائدة الرؤيا التنبيه على الخير وهو من ناحية البشارة وإنما يبقي الكلام في التحديد بالأربعين وإذا في المنام وإذا لم يوجد على اللزوم واستقام وعن أبي يزيد البسطامي رحمه الله : رأيت ربي في المنام فقلت كيف الطريق إليك فقال أترك نفسك وتعال وشأن هذا الكلام من الشرع موجود فالعمل بمقتضاه صحيح).
والسؤال هنا : هل يصح ان نطلق على الشيخ الكتاني أنه دجال كذاب ؟؟؟ وهل كتم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الذكر عن الصحابة ؟؟؟ الايستطيع سيدنا ابوبكر ان يحمل هذا الذكر ؟؟؟ وماذا نقول في العلامة ابن الحاج على مايرويه لنا من مثل هذه الروايات التي كان يعتقد صحتها ؟؟؟
قال الشيخ أبن القيم رحمه الله في كتابه (مدارج السالكين(1/448:
(من تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت " أورثه الله حياة القلب والعقل)
وكان شيخ الإسلام أبن تيمية – قدس الله روحه – شديد اللهج بها وقال لي يوماً: لهذين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب وكان يشير إلي أنهما الأسم الأعظم وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر" يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث " حصلت له حياة القلب ولم يمت قلبه)
وماذا تقول في ما أتى به ابن تيمية ؟؟؟ والذي نقله عنه تلميذه ابن القيم؟!! ومن اين اتى ابن تيمية بهذا الذكر الذي لم يرد عندنا في السنة ؟؟؟ ومن الذي قال له ان هذا النوع من الذكر يحي القلب ؟؟؟ أهو النبي صلى الله عليه وسلم أم هو من نسج الخيال واتباع الاوهام ؟؟؟
وقال الإمام العلامة المالكي ابن الحاج في المدخل (4/129):
(وقع بعض الناس في شدة كبيرة فشكى ذلك للشيخ – يعني الحافظ أبن أبي جمرة رحمه الله – فرأي النبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يشير على الشخص بأن يسبح مائة مرة ويحمد الله مائة مرة ويكبر مائة مرة ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له مائة مرة ثم يصلى اثني عشرة ركعة ويدعوا بعدها بما يظهر له ثم يصلى ركعتين ثم يقرأ في الختمة خمسين آية من آخر سورة البقرة ثم يصلى أربعاً وعشرين ركعة ثم يدعوا بهذا الدعاء وهو : اللهم لا فرج إلا فرجك ففرج عنا كل شدة وكربة يا من بيده مفاتيح الفرج أكفنا شر من يريد ضرنا من أنس وجن وأدفعه عنا بيدك القوية بإذنك وقدرتك إنك على كل شي قدير.
ففعله فذهبت تلك الشدة التي كان فيها ذلك الشخص وكان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يقول في النوم للذي أخبره بما تقدم من التسبيح والصلاة والدعاء إن من فعل هذا صادقاً فرج الله عنه شدته من يومه ولو كانت أي شئ كان).
وياترى ماهو رأي الوهابية في ما قاله امام السنة المحدث عبدالله ابن ابي جمرة ؟؟؟ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأن يتلو بعض الاذكار ويصلي بعض الصلوات ؟؟؟ وهل مثل هذا الكلام كان معروفاً عند الصحابة ؟؟؟ وهل يضر المسلم شيئ اذا فعل مثل هذا الفعل ؟؟؟
السؤال: 17ـ ما قولكم فيمن يأمر المريد باستحضار صورة الشيخ و الاستمداد من قواه الروحية كالنقشبندية ، و هو ما يسميه بعضهم بالرابطة بين الشيخ والمريد ، ، أو ليس هذا شركا أكبر مخرجاً من الملة.
الجواب:
يعتقد الوهابية أن الرابطة النقشبندية التي يفعلها السادة النقشبندية شرك ، لكن الشرك هو عبادة غير الله، ولا يعني استحضار الكعبة عند ذكر الله أنك تعبد الكعبة، أو عندما تستحضر الموت أو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكر الله، لا يعني استحضار هذه الأشياء للاستعانة بها على الحضور والخشوع لا يعني أنك تعبدها.
وأما الرابطة النقشبندية فهي استحضار روح الشيخ ليحصل قوة الذكر والمدد ويحصل النشاط لانجذاب الأرواح الطاهرة، وهذه يعرفها أربابها، ومن ذاق عرف.
وبعد هذا البيان المتواضع يأتي إمام المدرسة الوهابية ابن تيمية ليبرر لنا أنها ليست شرك، لكن أتباعه الوهابية يخالفونه ويعدون من يقولها شرك، يعني حتى إمامهم ابن تيمية ربما سيكفره الوهابية لأنه يقول بالرابطة النقشبندية !!
يقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله في فتاواه :
))ومما يحقق هذه الأمور أن المحب يجذب، والمحبوب يجذب‏.‏ فمن أحب شيئًا جذبه إليه بحسب قوته، ومن أحب صورة جذبته تلك الصورة إلى المحبوب الموجود في الخارج بحسب قوته‏.‏ فإن المحب عـلته فاعلية، والمحـبوب علته غائية، وكـل منهـما لـه تأثير في وجود المعلول، والمحب إنما يجذب المحبوب بما في قلب المحب من صورته التي يتمثلها، فتلك الصورة تجذبه بمعنى انجذابه إليها، لا أنها هي في نفسها قصد وفعل، فإن في المحبوب من المعنى المناسب ما يقتضى انجذاب المحب إليه، كما ينجذب الإنسان إلى الطعام ليأكله، وإلى امرأة ليباشرها، وإلى / صديقه ليعاشره، وكما تنجذب قلوب المحبين للّه ورسوله إلى اللّه ورسوله، والصالحين من عباده لما اتصف به سبحانه من الصفات التي يستحق؛ لأجلها أن يحب ويعبد‏.‏
بل لايجوز أن يحب شيء من الموجودات، لذاته إلا هو سبحانه وبحمده، فكل محبوب في العالم إنما يجوز أن يحب لغيره، لا لذاته، والرب تعالى هوالذي يجب أن يحب لنفسه، وهذا من معاني إلهيته و ‏{‏لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 22‏]‏، فإن محبة الشيء لذاته شرك، فلا يحب لذاته إلا اللّه، فإن ذلك من خصائص إلهيته، فلا يستحق ذلك إلا اللّه وحده، وكل محبوب سواه إن لم يحب لأجله، أو لما يحب لأجله فمحبته فاسدة‏.‏
واللّه ـ تعالى ـ خلق في النفوس حب الغذاء، وحب النساء، لما في ذلك من حفظ الأبدان وبقاء الإنسان، فإنه لولا حب الغذاء لما أكل الناس ففسدت أبدانهم، ولولا حب النساء لما تزوجوا فانقطع النسل، والمقصود بوجود ذلك‏:‏ بقاء كل منهم ؛ليعبدوا اللّه وحده، ويكون هو المحبوب المعبود لذاته الذي لا يستحق ذلك غيره‏.‏
وإنما تحب الأنبياء والصالحون تبعا لمحبته، فإن من تمام حبه حب ما يحبه، وهو يحب الأنبياء والصالحين، ويحب الأعمال الصالحة، فحبها / للّه هو من تمام حبه، وأما الحب معه فهو حب المشركين الذين يحبون أندادهم كحب اللّه، فالمخلوق إذا أحب للّه كان حبه جاذبًا إلى حب اللّه، وإذا تحاب الرجلان في اللّه اجتمعا على ذلك، وتفرقا عليه، كان كل منهما جاذبا للآخر إلى حب اللّه، كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتجالسين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، وإن للّه عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بقربهم من اللّه، وهم قوم تحابوا بروح اللّه علي غير أموال يتباذلونها، ولا أرحام يتواصلون بها، إن لوجوههم لنورًا، وإنهم لعلى كراسي من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس‏)‏‏.‏
فإنك إذا أحببت الشخص للّه كان اللّه هو المحبوب لذاته، فكلما تصورته في قلبك تصورت محبوب الحق فأحببته، فازداد حبك للّه، كما إذا ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء قبله، والمرسلين وأصحابهم الصالحين، وتصورتهم في قلبك، فإن ذلك يجـذب قلبك إلى محبة اللّه المنعم عليهم، وبهم إذا كنت تحبهم للّه، فالمحبوب للّه يجذب إلى محبة اللّه، والمحب للّه، إذا أحب شخصًا للّه، فإن اللّه هو محبوبه، فهو يحب أن يجذبه إلى اللّه تعالى، وكل من المحب للّه والمحبوب للّه يجذب إلى اللّه))‏.‏ [مجموع فتاوى ابن تيمية المجلد العاشر]
ثم قال الوهابي:
بل و من شرك التعظيم ، و له تعلُّقٌ بشرك الاستغاثة و التصرف
الجواب:
نعم يقع في الشرك من يعتقد أن الإغاثة من المخلوق من دون إذن الله، أو تصرف الولي (المخلوق) بغير إذن الله.
وإنما نحن نقول أن النفع والضر يجري على يد العبد الصالح بإذن الله، كما أخبر سبحانه وتعالى عن سيدنا عيسى: {وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله} فالإحياء والشفاء أجراهما الله على يد سيدنا عيسى عليه السلام، ونسب الفعل لسيدنا عيسى وعلقه على إذن الله فقال: {وأحي الموتى بإذن الله} وهذا هو التوحيد .
فموضوع الاستغاثة توجد أدلته مفصلة في هذا الموضوع:
كتاب الإغاثة بأدلة الاستغاثة
وموضوع التصرف موجود على هذا الرابط:
الصحابة والصالحون الذين تصرفوا في الكون
وسأذكر بعضها:
طوي الأرض
جاء في (سير أعلام النبلاء ج: 17 ص: 612) لمحمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله (673-748هـ) : في حديثه عن (القزويني) الإمام القدوة العارف شيخ العراق أبو الحسن علي بن عمر بن محمد ابن القزويني البغدادي الحربي لصاحب، قال: وحدثني علي بن محمد الطراح الوكيل قال رأيت الملك أبا طاهر بن بويه قائما بين يدي الشيخ أبي الحسن يومىء بالجلوس فيأبى ثم سرد له ابن المجلي كرامات منها شهوده عرفة وهو ببغداد ومنها ذهابه إلى مكة فطاف ورجع من ليلته.
تسخير الحيوانات
جاء في (المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ج: 2 ص: 391) لبرهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المتوفى سنة 884هـ : 919 محمد بن الحسن بن جعفر الراذاني المقرىء الفقيه لصاحب صحب القاضي أبا يعلى وكان زاهدا ورعا عالما بالقراءات وغيرها وممن تفقه عليه قال ابن السمعاني كان فقيها مقرئا من الزهاد المنقطعين والعباد الورعين مجاب الدعوة صاحب كرامات وأراد مرة أن يخرج إلى الصلاة فجاء ابنه وهو صغير فقال يا ابي أريد غزالا ألع به فسكت الشيخ وقال غدا يجيئك غزال فلما كان الغد جاء غزال ووقف على باب الشيخ وجعل يضرب بقرنه الباب إلى أن فتحوا له ودخل فقال الشيخ لابنه يا بني جاءك الغزال ورئي بعرفة في سنة لم يحج فيها ولم يخرج من بلده وصله إنسان بالطلاق أنه رآه فيها فأخبر الشيخ بذلك فقال أجمعت الأمة قاطبة على أن إبليس عدو الله يسير من المشرق إلى المغرب في افتتان مسلم أو مسلة في لحظة واحدة فلا ينكر العبد من عباد الله أن يمضي في طاعة الله بإذن الله في ليلة إلى مكة ويعود ثم التفت إلى الحالف وقال طب نفسا فإن زوجتك معك حلال توفي يوم الأحد رابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وأربعمائة .
تسخير الغمام بالدعوة المستجابة
وأيضأً في تهذيب التهذيب ج: 5 ص: 223)) للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله)) :
ع ص الستة والنسائي في خصائص علي عبد الله بن شريك العامري الكوفي: قال بن أبي حاتم عن أبي زرعة ثقة وقال العجلي ثقة وكان يحمل على علي وقال الجريري كان عبد الله بن شقيق مجاب الدعوة كانت تمر به السحابة فيقول اللهم لا تجوز كذا وكذا حتى تمطر فلا تجوز ذلك الموضع حتى تمطر حكاه بن أبي خيثمة في تاريخه.
جريان نهر النيل بأمر من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
جاء في كرامات الأولياء ج: 1 ص: 119) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ : أنا محمد بن أبي بكر قال ثنا محمد بن مخلد قال ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا عبد الله بن صالح حدثني ابن لهيعة عن قيس بن حجاج عمن حدثه قال لما حسنة مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم فقالوا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال وما ذاك قالوا إذا كان ثنتا عشرة ليلة خلون من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال له عمرو إن هذا مما لا يكون في الإسلام إن الإسلام يهدم ما قبله قال فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فلما رأى ذلك عمرو كتب بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب إنك قد أصبت بالذي فعلت وإن الإسلام يهدم ما قبله وإني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي هذا فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك قال فألقى البطاقة في النيل فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم السبت وقد أجراه الله تعالى ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تعالى تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .
إحياء الميت بإذن الله بعد موته (وأحيي الموتى بإذن الله)
وجاء في (الإصابة ج: 3 ص: 390) لأحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي (773-852) : 3996 شيبان النخعي له إدراك روى إبراهيم الحربي من طريق مجالد عن الشعبي قال خرج رجل من النخع يقال له شيبان في جيش على حمار له في زمن عمر فوقع الحمار ميتا فدعاه أصحابه ليحملوه ومتاعه فامتنع فقام فتوضأ ثم قام ثم رأسه فقال اللهم إني أسلمت لك طائعا وهاجرت مختارا في سبيلك ابتغاء مرضاتك وإن حماري كان يعينني ويكفيني عن الناس فقوني به وأحيه لي ولا تجعل لأحد علي منة غيرك فنفض الحمار رأسه وقام فشد عليه ولحق بأصحابه.. وذكر مثل ذلك أيضاً بن تيمية في (مجموع فتاواه ج11 ص 281) وبن كثير في (تاريخ ابن كثير 6 : 150، 292) .
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتابه (من عاش بعد الموت ص 28) بسنده عن أنس بن مالك : عدت شاباً من الأنصار، فما كان بأسرع أنْ مات، فأغمضناه، ومددنا عليه الثوب، فقال بعضنا لأمه : احتسبيه،قالت : وقد مات..؟؟ قلنا : نعم، قالت : أحق ما تقولون..؟؟ قلنا : نعم. فمدت يدها نحو السماء وقالت : اللهم إني آمنت بك، وهاجرت إلى رسولك، فإذا أنزلت بي شدة شديدة ففرجتها، فأسألك اللهم أنْ لا تحمل عليّ هذه المصيبة اليوم، قال : فانكشف الثوب عن وجهه، فما برحنا حتى أكلنا وأكل معنا.
دعا بتأخير أجله فاستجاب الله له:
جاء في (كرامات الأولياء ج: 1 ص: 129) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي المتوفى سنة 418هـ: 79 أخبرنا علي بن محمد بن عيسى قال أنا علي بن محمد الواعظ قال ثنا يوسف يعني ابن يزيد قال ثنا أسد قال ثنا حاتم بن إسماعيل قال ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده قال دعا سعد فقال يا رب إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا فأخر عنه الموت عشرين سنة..!!
وأيضاً في (صفوة الصفوة ج: 1 ص: 360) لعبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج (510-597هـ) : وعن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن جده قال دعا سعد فقال يا رب إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا فأخر عنه الموت عشرين سنة. وكذالك رواه في (كرامات الأولياء ج: 1 ص: 129) لهبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي، وفي (سير أعلام النبلاء ج: 1 ص: 117) للذهبي.
وبعد الاطلاع على هذين الموضوعين ستجد أن هذا الأمر مذكور ووارد في كتب أهل السنة والجماعة وموجود أن قائله هم السلف الصالح، فيا ليت هؤلاء السلفية يرجعون لسلفهم، أو إن كفروا الصوفية أن يكفروا سلفهم لأنهم قالوا بهذا !
السؤال: 18 ـ ما قولكم في تكفير بعض الطرق بعضها البعض؟

الجواب:
إن كان التكفير على حق قلنا به، وإن كان التكفير وقع على غير حق فكلام التكفير مردود عليه فـ ((من قال لأخيه يا كافر فقد باء (رجع) بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)) رواه البخاري في الصحيح.
السؤال: 19ـ ما رأيكم في تعاون الصوفية مع المستعمر الأجنبي ، و هل ذلك من الاسلام في شيء ؟، و أين الولاء و البراء ؟
الجواب:
وما الدليل على ذلك؟
إنما الوهابية الذين وقفوا مع المستعمر الإتكليزي في حربهم ضد الدولة العثمانية الذين كان شيوخ دولتهم أغلبهم صوفية أصحاب الطريقة النقشبندية، فهؤلاء الوهابية هم أولى بالقدح بهم، فهم من وقفوا ضد الاستعمار في كل الميادين.
قال الباحث الدكتور الشيخ عمر مسعود التيجاني في رسالته التصوف وموقعه من الإسلام :
))لقد أخطأ المهاجمون في فهم التصوف لأنهم أخطأوا في فهم روح الإسلام ورسالته فليس التصوف خمولاً ولا انهزاماً كما ادعوا وليس التصوف تواكلاً وهواناً ورضاً بالذل ولو كان هذا ما كان صاحبه مسلماً كاملاً ولا عابداً عارفاً بالله .
إن التصوف قوة وبأس ونضال إنه تصعيد بالحياة إلى أعلى إنه معرفة وإيمان وإيقان أنه قوة روحية تكمن وراء كل حركة وخاطرة إن تعلق بالله وحده يرفع من معنوية الإنسان في الحياة فلا يأبه بطغيان طاغية ولا جبروت سلطان ولا يزن أعماله إلا بميزان دقيق أساسه مراقبة الله وتحكيم الحق الصرف في كل عمل وفي كل حركة وفي كل خاطرة وفي كل التفاتة .
والحركة الفكرية والتجديدية في الإسلام إنما كانت أثراً لأئمة التصوف الإسلامي ولجهودهم الضخمة في نصرة الإسلام والعمل على النهوض بالمسلمين بل إن الإسلام لم ينتشر في أواسط إفريقيا وفي الممالك النائية في آسيا وفي جزر المحيط الهندي وفي إندونيسيا وفي ماليزيا وأيضاً في أوروبا في بلغاريا وفي رومانيا وفي بلاد يوغسلافيا وفي البوسنة والهرسك وكوسوفو ( بلاد الصغالبة ) لم يكن كل ذلك إلا على أيدي الدعاة من الصوفية المجاهدين .
وكيف ننسى هذا التراث الروحي الكبير أو ننتقص من قيمته وهو جزء مهم من تاريخنا الوطني والسياسي فهؤلاء الصوفيون الأعلام هم الذين قاوموا طغيان الحكام وانتصروا للشعب في محنته وكافحوا الاستعمار الصليبي والإيطالي والفرنسي والإنجليزي كما كافحوا من قبل ظلم المماليك وطغيانهم . ( انظر كتاب التاريخ للإمام الجبرتي ) لقد كان الصوفية هم من وراء تأهيل المصريين لزعامة العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة وبتأييدهم وحشود مريديهم ومحبيهم انتصر المسلمون على الصليبيين في حطين وفي دمياط وفي المنصورة وانتصروا على التتار في عين جالوت وانظر تاريخ الشيخ أحمد الدرديري شيخ الطريقة الخلوتية وانظر تاريخ الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الطريقة الشاذلية وانظر تاريخ الشيخ السادات والشيخ عمر مكرم والشيخ أحمد بن السنباطي وكل هؤلاء صوفيون.
وفي تاريخنا المعاصر كان هنالك الشيخ النوراني محمد بن علي السنوسي الصوفي الكبير شيخ الطريقة السنوسية في ليبيا التي كافحت الجهل والفوضى التي جاهدت الاستعمار الإيطالي في ليبيا جهاداً شديداً إن الشيخ الشريف أحمد السنوسي حفيد شيخ الطريقة قد قضى حياته في كفاح الاستعمار الإيطالي وأزعج الدويتش موسيليني زعيم الحزب الفاشستي ورئيس الدولة الإيطالية وجهاد الشريف أحمد السنوسي يعتبر من أيام البطولات الخالدة في تاريخنا المعاصر ويكفي الطريقة السنوسية المجاهدة فخراً أن الشيخ عمر المختار هو أحد رجالات هذه الطريقة ومن كبار مقدميها ومن أخلص التلاميذ لقائد الجهاد الأعلى الشيخ الشريف أحمد ابن السنوسي ) انظر كتاب حاضر العالم الإسلامي ) تأليف لوثورب وترجمة شكيب أرسلان .
وكان من قبل الشيخ شمس الدين الدمياطي يرابط في ثغر دمياط في مواجهة العدو وكان الشيخ محمد خفاجي الصوفي الجليل يقيم هو وأسرته في دمياط في جهاد العدو كما هو مدون في تاريخه ولا ننسى الشيخ الصوفي المحدث العلامة ضياء الدين الكمشخانوي من كبار رجال الطريقة النقشبندية الذين حاربوا الروس في غزوهم الظالم لمنطقة القوقاز سنة 1280هـ ولا ننسى الشيخ أحمد شاكر بن خليل علامة الروم الذي قاد كتيبة من المتطوعين من تلاميذ الزوايا الصوفية حتى فتحوا مدينة ( علكسانيج ) في حرب الصرب وألقى يوم الفتح خطبة الجمعة باسم الخليفة في أكبر كنيسة هنالك .
ولا ننسى شيخ الإسلام الصوفي محمد سعد الدين ( المتوفى عام 1008 ) الذي كان مع السلطان محمد الثالث في حرب ( هنغاريا ) وحضر المعركة المشهورة باسم ( أكري ))]
ولو لم نرد الاختصار والإيجاز لتبحرنا أكثر عن ذكر هذه البطولات ورجالها وقد ذكرنا من قبل في الردود السابقة ما فيه الشفا لاصاحب هذه الشبهات فلتراجع.
السؤال: 20ـ لماذا تتحاشون العلم الشرعي ، و تغطُّّون أعين تابعيكم عنه ، أم أنَّ ذلك لكونِه يفضح جهلكم أمام أتباعِكم ، أو ليس الاسلام يأمر بالعلم و يحث عليه ؟
الجواب:
هذا كلام يناقض الواقع الذي نراه
فنحن نرى أن جل الصوفية علماء (وأنا لا أتكلم عن التصوف الذي شوهه وبث فيه ما ليس منه)
ففي عصرنا الحالي نرى أن مشايخ الصوفية علماء ودعاة إلى الله: فمن أشهرهم:
الحبيب عمر بن حفيظ، الحبيب علي الجفري، الحبيب علي بن مشهور، السيد محمد بن علوي المالكي محدث الحجاز، الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري وأبوه وجده (العائلة الغمارية أهل الحديث)، الشيخ عبد الهادي الخرسة، الشيخ عبد الرحمن الشاغوري شيخ الشاذلية رحمه الله، الشيخ محمود أبو الهدى الحسيني، الشيخ عبد القادر عيسى، الشيخ أحمد حسون (مفتي سوريا حالياً)، ووالده الشيخ أديب حسون، وكلاهما نقشبندي الطريقة، والشيخ أحمد كفتارو (مفتي سوريا سابقاً رحمه الله)، وأبوه الشيخ أمين كفتارو، والشيخ أديب الكلاس، والشيخ أسعد الصاغرجي، والشيخ محمود الحوت، والشيخ عبد الوهاب بوعافية، والشيخ محمد أبو الهدى الحسيني ، وأبوه مفتي المالكية في دمشق رحمه الله، والشيخ علي جمعة مفتي مصر حالياً، والشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، والشيخ مضر مهملات، والشيخ سعيد كحيل شيخ حمص، والشيخ حبيب سلامي، والشيخ عبد القادر السقاف، وهذا غيض من فيض وهؤلاء مما حضر الذهن وإلا فهم كثيرون ولله الحمد ..
ومن العلماء السابقين: واعلم أنّ مشايخ القوم هم علماء عاملون فقهاء مشهورون نذكر بعض علمائهم لا على سبيل الحصر انما على سبيل المثال منهم:
الحافظ الأصبهاني، والمحدث والمؤرخ الروذباري، والغزالي، والقاضي بكار بن قتيبة، والقاضي رويم البغدادي، وأبو القاسم القشيري، والفقيه ابن خفيف الشيرازي، والحافظ أبو الفضل المقدسي، والعز بن عبد السلام المالكي، والحافظ ابن الصلاح، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام، والحافظ النووي، والإمام تقي الدين السبكي، والفقيه تاج الدين السبكي، والمفسر النحوي أبو حيان الأندلسي، والحافظ قطب الدين القسطلاني، والحافظ السيوطي، وأبو الحسين محمد النوري، وأبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز، وأبو العباس أحمد ابن عطاء البغدادي، وأبو عبد الله عمرو بن عثمان المكي، وأبو يعقوب يوسف بن حمدان السوسي ,و ابو يعقوب اسحاق بن محمد بن أيوب النهرجوري، وأبو محمد الحسن بن محمد الجريري، وأبو عبد الله محمد بن علي الكناني، وأبو اسحاق ابراهيم بن أحمد الخواص، وأبو بكر محمد بن موسى الواسطي، وأبو بكر الشبلي وغيرهم.
والشيخ أبو الحسن الشاذلي الذي كان لا يقبل مريداً عنده حتى يعد للمناظرة في علوم الشريعة (كما ذكر في كتاب المدرسة الشاذلية لعبد الحليم محمود رحمه الله)، والشيخ عبد القادر الجيلاني الذي نشر المذهب الحنبلي بسببه، والشيخ أحمد الرفاعي العالم الكبير والولي الصالح المشهور، والإمام الجنيد بن محمد شيخ الشريعة والحقيقة لذلك سمي بإمام الطائفتين... وغيرهم الكثير ممن ذكرهم الحافظ الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء.
ومن العبارات المشهورة عند الصوفية قول سيدنا أحمد الرفاعي قدس الله سره: ((ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ولو اتخذه لعلمه((
يقول الشيخ شمس الفيضة التجانية الشيخ ابراهيم عبد الله انياس رضي الله عنه وعنا به آمين في كتابه كاشف الإلباس عن فيضة سيدي أبى العباس رضي الله عنه وعنا به آمين صفحة 66 ما نصه :-
إعلم يا أخي رحمك الله أن علم التصوف عبارة عن علم انقدح من قلوب الأولياء حتى استنارت بالعمل بالكتاب والسنة ، فكل من عمل به إنقدح له من ذلك علوم وآداب وأسرار وحقائق تعجز الألسن عنها نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من الأحكام حتى عملوا بما علموا من أحكامها ؛ فالتصوف إنما هو زبدة عمل العبد بأحكام الشريعة إذا خلا من عمله العلل وحظوظ النفس كما إن علم المعاني والبيان زبدة علم النحو ؛ فمن جعل علم التصوف علما مستقلاً صدق ، ومن جعله عين أحكام الشريعة صدق ؛ كما أن من جعل عمل المعاني والبيان علم مستقلاً صدق ، ومن جعله من جملة علم النحو صدق لكن لا يشرق على ذوق أن علم التصوف يتفرع من عين الشريعة إلا من تبحر في علم الشريعة حتى بلغ الغاية ((..
وقال سيدنا الامام الكبير احمد الرفاعي رضي الله عنه للقطب ابي اسحاق ابراهيم الاعزب رضي الله عنه:"ما أخذ جدك طريقًا لله إلا اتباع رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فان من صحت صحبته مع سرِّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) اتبع ءادابه وأخلاقه وشريعته وسنته، ومن سقط من هذه الوجوه فقد سلك سبيل الهالكين" اهـ، وقال أيضًا: "واعلم ان كل طريقة تخالف الشريعة فهي زندقة" اهـ، وقال رضي الله عنه أيضا: "الصوفي هو الفقيه العامل بعلمه " اهـ.
وقد حكى العارف بالله الشعراني في مقدمة كتابه الطبقات إجماع القوم على انه لا يصلح للتصدر في طريق الصوفية إلا من تبحر في علم الشريعة وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها، وتبحر في لغة العرب حتى عرف مَجازاتها واستِعاراتِها وغير ذلك.
والحكمة في هذا الاجماع الذي حكاه الشعراني ظاهرةٌ لان الشخص إذا تصدَّرَ للمشيخة والإرشاد اتخذه المريدون قدوة لهم ومرجعًا يرجعون اليه في مسائل دينهم، فإذا لم يكن متقنًا لعلم الشرع متبحرًا فيه قد يضل المريدين بفتواه فيحل لهم الحرام ويحرم عليهم الحلال وهو لا يشعر، أيضا فان أغلب البدع القبيحة والخرافات إنما دخلت في الطريق بسبب كثير من المشايخ الذين تصدروا بغير علم ونصبوا انفسهم للإرشاد من غير ان يكونوا مستحقين لهذا المنصب الجليل، ولذلك تجد الكثير من المنتسبين إلى التصوف اليوم والى طرق اهله قد أعماهم الجهل فيظنون أنهم بمجرد أخذهم لطريقة صوفية معيّنة يرتقون إلى اعالي الدرجات، وبمجرد قراءتهم للاوراد يصلون إلى مقام الإرشاد، وهؤلاء هم المبتدعة الذين لا يجعلون من العلم مطية للسلوك إلى الله، بل يعبدون الله على جهل، فهؤلاء هم الذين شوهوا التصوف الصحيح.
لكون التصوف مبنيًّا على الكتاب والسنة دخل فيه عظماء العلماء وانضم إلى زمرة اهلهِ فحولٌ من الكبراء كالحافظ أبي نُعَيمٍ، والمحدث المؤرخ أبي القاسم النصرَاباذي، وأبي علي الرَوذباري، وأبي العباسْ الدَينوري، وأبي حامد الغزالي، والقاضي بكارِ بن قتيبةَ، والقاضي رُوَيمْ بن أحمد البغدادي، وأبي القاسمِ عبد الكريم بن هوازن القشيري الجامع بين الشريعة والحقيقة، والشيخ الفقيه محمد بن خَفيفٍ الشيرازي الشافعي، والحافظ ذي المصنفات في الحديث والرجال أبي الفضل محمد المقدسي، والشيخ عز الدين بن عبد السلام ، والحافظ ابن الصلاح، والنووي، وتقي الدين السبكي وابنه تاج الدين السبكي، وأبي الحسن الهِيكاري، والفقيه نجم الدين الخَبوشاني الشافعي، والفقيه المحقق سراج الدين أبي حفص عمر المعروف بابن الملقِّن الشافعي، والحافظ جمال الدين محمد بن علي الصابوني، والحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي، والحافظ أبي طاهر السِّلَفي، والمسند المعمّر جمال الدين أبي المحاسنْ يوسف الحنبلي، وقاضي القضاة شمس الدين أبي عبد الله محمد المقدسي، والمفتي شرف الدين أبي البركات محمد الجُذامي المالكي، والإمام بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة، والحافظ أبي القاسم سليمان الطبراني صاحب المعاجم المعروفة، والمفتي جمال الدين محمد المعروف بابن النقيب، وقاضي القضاة الشيخ عز الدين عبد العزيز، ووالده قاضي القضاة بدر الدين أبي عبد الله محمد، ووالده شيخ الإسلام برهان الدين ابراهيم بن سعد بن جماعة الكِناني الشافعي، والشيخ أبي عبد الله محمد بن الفُرات، وقاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحموي الشافعي، وشيخ الإسلام صدر الدين أبي الحسن محمد، وشيخ شيوخ عصره عماد الدين أبي الفتح عمر، وشيخ الإسلام معين الدين أبي عبد الله محمد، والشيخ المفسّر النحوي أبي حيان الاندلسي، وقطب الدين القَسطلاني المشهور، والمفسر كمال الدين ابن النقيب، والحافظ أبي موسى المَديني، والعلامة نجم الدين أبي النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي، والحافظ جلال الدين السيوطي، والشيخ عبد الواحد بن عاشرٍ الانصاري المالكي، والعلامة المحققِ الشيخ أحمد بن المبارك اللّمْطي، وغيرهم خلق كثير مما تضيق عن ذكرهم هذه الأسطر، فلا تجد عالمًا كبيرًا ومحققا شهيرا إلا ودخل في طريق القوم والتمس بركتهم ونال الحظوة بسبب الانتسابِ اليهم، فمن قرأ تراجم العلماء والمحدثين وتتبع سيرتَم واستقصى أخبارهم أدرك ذلك، ومن انكر ذلك فهو جاهل متعنت لا اعتداد به ولا عبرة بما يقول.
ويكفي في بيان فضل الصوفية ما ذكر عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه انه كان يقول لأبي حمزة الصوفي: "ماذا تقول يا صوفي " ا.هـ.،
فالصوفي عند من يعرفه هو العامل بالكتاب والسنة يؤدي الواجبات ويجتنب المحرمات ويترك التنعم في المأكل والملبس ونحو ذلك، فهذه الصفة في الحقيقة صفة الخلفاء الأربعة، فلذلك صنف الحافظ أبو نُعيم كتابه الضخم المسمى "حلية الأولياء" أراد به ان يميز الصوفية المحققين من غيرهم لمّا كثر في زمانه الطعن من بعض الناس في الصوفية، ودعوى التصوف من طائفة أخرى هم خلاف الصوفية في المعنى، فبدأ بذكر الخلفاء الأربعة، وقد صنف خلق كثير من العلماء كتبًا في هذا الشان منها طبقات الصوفية للمحدث الحافظ أبي عبد الرحمن محمد السُلَميّ النيسابوري، وطبقات الصوفية للحافظ البارع أبي سعيد النقّاش الحنبلي، وطبقات الصوفية للحكيم الترمذي، وطبقات الصوفية للحافظ ابن الملقّن الشافعي وكل هؤلاء من اهل الحديث.
وقد أكثر الحافظ البيهقي الرواية عن شيخه أبي علي الرَوذْباري أحد مشاهير الصوفية الذي كان تلميذ الجنيد رضي الله عنه. قال الشيخ منصور البُهوتي الحنبلي في كتابه كشاف القناع ما نصه: "ونقل إبراهيم بن عبد الله القلانسي ان الإمام أحمد قال عن الصوفية- أي الصادقين-: لا أعلم أقوامًا أفضل منهم، قيل: انهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحون مع الله ساعة، قيل: فمنهم من يموت ومنهم من يُغشى عليه فقال: ﴿وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾(سورة الزمر/٤٧) ولعل مُراده سماع القرءان، وعذرهم لقوة الوارد، قاله في الفروع"، اهـ. وصاحب الفروع هو شمس الدين بن مفلح الحنبلي.
ويكفي أن الإمام أبو حنيفة كان شيخ طريقة صوفية، كما ذكر نقل الفقيه الحنفي الحصكفي صاحب الدر: أن أبا علي الدقاق رحمه الله تعالى قال: (أنا أخذتُ هذه الطريقة من أبي القاسم النصر أباذي، وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي، وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة رضي الله عنه، وكلٌ منهم أثنى عليه وأقرّ بفضله..) ثم قال صاحب الدر معلقاً: (فيا عجباً لك يا أخي! ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار ؟ أكانوا مُتَّهمين في هذا الإِقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة وأرباب الشريعة والحقيقة ؟ ومَن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود مبتدع) [الدر المختار ج1. ص43.
يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى في حاشيته متحدثاً عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، تعليقاً على كلام صاحب الدر الآنف الذكر: (هو فارس هذا الميدان، فإِن مبنى علم الحقيقة على العلم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن حنبل [رحمه الله تعالى] في حقه: إِنه كان من العلم والورع والزهد وإِيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضُرِب بالسياط لِيَلِيَ القضاء، فلم يفعل. وقال عبد الله بن المبارك [رحمه الله تعالى]: ليس أحد أحق من أن يُقْتَدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إِماماً تقياً نقياً ورعاً عالماً فقيهاً، كشف العلم كشفاً لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. وقال الثوري لمن قال له: جئتُ من عند أبي حنيفة: لقد جئتَ من عند أعبد أهل الأرض) ["حاشية ابن عابدين" ج1. ص43]
ويكفي أن الإمام مالك رحمه الله كان متخذاً شيخاً له في التصوف اسمه ابن هرمز كما ذكر صاحب المدارك، ويكفي أن الإمام الشافعي كان يحضر مجالس الصوفية كما ذكر العجلوني في كتاب كشف الخفاء في قوله بالنقل عنه: ((صحبت الصوفية))، ولو ظللنا نستقصي العلماء الصوفية لبلغت كتاباً بأكمله.
فهذه حجة واهية أن الصوفية جهال كما أثبتنا من الواقع المكذب لهؤلاء الوهابية .
السؤال: 21 ـ هل لبِسَ الرسول عليه الصلاة و السلام الخرقة أو ألبسها أحدا من أصحابه ؟.
الجواب:
ويذكر السهروردى أن الخرقة خرقتان: خرقة إرادة وخرقة تبرك، ومقصود الصوفية هو الأولى منهما، أما الثانية فتأتى تبعا لها. وقد أفاض القاشانى فى بيان الفوائد التى تترتب على لبس الخرقة. وإن للخرقة التي يعتبرونها الصوفية إسنادا متصلا إلى الحسن البصرى عن الإمام علي كرم الله وجهه عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويذكر الإمام الشعراني أن ابن حجر والسيوطي صححا هذا الإسناد.
الإمام السيوطي:
ذكر الإمام الحافظ السيوطي في كتابه تأييد الحقيقية العلية وتشييد الطريقة الشاذلية (الفصل العاشر في لبس الخرقة( :
قال الشيخ الإمام الحافظ تقي الدين بن الصلاح إمام الشافعية والمحدثين في عصره: لبس الخرقة من القرب , وقد استخرج لها بعض المشايخ أصلا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم , وهو حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بكسوة فيها خميصة, فقال: ( من ترون أحق بهذه؟) فسكت القوم. فقال: (ائتوني بأم خالد) فأتي بها. فألبسها إياها، ثم قال: (أبلي وأخلقي) مرتين. أخرجه البخاري.
قال ابن الصلاح: ولي في لبس الخرقة إسناد عال جدا: ألبسني الخرقة أبو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي, قال: أخذت الخرقة من أبي الأسعد هبة الرحمن بن أبى سعيد عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري قال: أخذت الخرقة من جدي أبى القاسم, وهو أخذها من أبي علي الدقاق, وهو أخذها من أبى القاسم إبراهيم بن محمد بن حمويه النصر اباذي, هو أخذها من أبي بكر دلف بن جحدر الشبلي, وهو أخذها من الجنيد, وهو أخذها من السري, هو أخذها من معروف الكرخي, وهو أخذها من داود الطائي, وهو أخذها من حبيب العجمي, هو أخذها من الحسن البصري, وهو أخذها من علي بن أبى طالب, وهو أخذها من النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن الصلاح: وليس بقادح فيما أوردناه كون لبس الخرقة ليس متصلا إلى منتهاه على شرط أصحاب الحديث في الأسانيد, فإن المراد ما يحصل البركة والفائدة باتصالها بجماعة من السادة الصالحين.
الإمام الذهبي:
قال الإمام الذهبي في كتابه السير الجزء 22 / 377 .. :
( .. ألبسني خرقة التصوف شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الانصاري بالقاهرة ، وقال : ألبسنيها الشيخ شهاب الدين - يقصد السهروردي صاحب عوارف المعارف - بمكة ، عن عمه أبي النجيب ..) أهـ كلام الحافظ الذهبي .
ونقل الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص 331 أن عدداً من الحفاظ وأعلام الأمة حرصوا على لبس التصوف بل وألبسوها وهم : الدمياطي والذهبي والهكاري وأبي حيان والعلائي ومغلطاي والعراقي وابن الملقن والأنباسي والبرهان الحلبي وابن ناصر .. ثم قال السخاوي أنه هو أيضا لبسها من بعض الصوفية...
شيخ الوهابية ابن تيمية:
ذكر في مجموع فتاوى ابن تيميةالمجلد الحادي عشر :
وأما لباس الخرقة التي يلبسه ابعض المشايخ المريدين : فهذه ليس لها أصل يدل عليها الدلالة المعتبرة من جهة الكتابوالسنة ولا كان المشايخ المتقدمون وأكثر المتأخرين يلبسونها المريدين، ولكن طائفةمن المتأخرين رأوا ذلك واستحبوه وقد استدل بعضهم بأن { النبي صلى الله عليه وسلم ألبس أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ثوبا وقال لها : سنا } والسنا بلسان الحبشةالحسن . وكانت قد ولدت بأرض الحبشة فلهذا خاطبها بذلك اللسان واستدلوا أيضا بحديث { البردة التي نسجتها امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله إياها بعض الصحابة فأعطاهإياها وقال : أردت أن تكون كفنا لي } . وليس في هذين الحديثين دليل على الوجه الذي يفعلونه . فإن إعطاء الرجل لغيره ما يلبسه كإعطائه إياه ما ينفعه وأخذ ثوب من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه البركة كأخذ شعره على وجه البركة وليس هذا كلباس ثوب أو قلنسوة على وجه المتابعة والاقتداء ؛ ولكن [ يشبه ] من بعض الوجوه خلع الملوك التي يخلعونها على من يولونه كأنها شعار وعلامة على الولاية والكرامة ؛ولهذا يسمونها تشريفا. وهذا ونحوه غايته أن يجعل من جنس المباحات ؛ فإن اقترن به نية صالحة كان حسنا من هذه الجهة وأما جعل ذلك سنة وطريقا إلى الله سبحانه وتعالى فليس الأمر كذلك.
سلطان العلماء الشيخ العز بن عبد السلام:
لقد لبس الخرقة على يد الصوفي الكبير شهاب الدين السهروردي.
قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في ترجمة العز :
((له كرامات كثيرة ولبس خرقة التصوفمن الشهاب السهروردي، وكان يحضر عند الشيخ أبي الحسن الشاذلي ، ويسمع كلامه في الحقيقة ويعظمه)). [حسن المحاضرة (1/273) دار الكتب العلمية]
ويقول الإمام السبكي: ((وذكر(أي القاضي عز الدين الهكاري) أن الشيخ لبس خرقة التصوف من شهاب الدين السهروردي، وأخذ عنه، وذكر أنه كان يقرأ بين يديه ((رسالة القشيري)) فحضره مرة الشيخ أبو العباس المرسي لما قدم من الأسكندرية إلى القاهرة فقال له الشيخ عز الدين: تكلمعلى هذا الفصل. فأخذ الشيخ المرسي يتكلم والشيخ عز الدين يزحف في الحلقة ويقول: اسمعوا هذا الكلام الذي هو حديث عهد بربه.
السؤال: 22ـ لماذا هذا التشابه الواضح بين الصوفية و بعض الفلسفات الوثنية الشرقية القديمة كالغنُّوصية و البراهمة ، و هل المنبع واحد ؟
الجواب:
أنا لا أعرف أين وجه التشابه بين المسلمين وبين البراهمة.
فالصوفية من المسلمين السنة يعبدون الله الواحد القهار يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون الصلوات الخمس، ويزكون زكاة أموالهم، ويصومون رمضان، ويحجون إلى البيت الحرام، ويقيمون شعائر الله.
وأما البراهمة فهم كفار لا يصلون ولا يزكون ولا يصومون كصيامنا ولا يحجون إلى البيت الحرام، فالفرق شاسع، إلا أنهم يأخذون بمبدأ الزهد في الدنيا (وهو تصوف) إلا أن الزهد في ديننا تقرب إلى الله ، وزهدهم لا يزيدهم إلا بعداً عن الله لأنهم كفار.
والزهد قد جاء في ديننا فلم يأخذ الصوفية الزهد في الدنيا من البراهمة وغيرهم، بل أخذوه عن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد اشتهر الشيخ ابن باز بزهده فهل هو برهمي أم هندوسي أم أنه صوفي ؟؟!
ولنعرف أيها الاخوة أن ضد الزهد الطمع، وقد حذر منه رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله:
عن عقبة بن عامر قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ***ى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع إلى المنبر فقال ( إني بين أيديكم فرط وإني عليكم لشهيد وإن موعدكم حوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا وتنافسوها (وهو المعبر عنه بالطمع وعدم الزهد). (رواه البخاري في صحيحه) .
وروى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دُلَّني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال له: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك" [رواه ابن ماجه في كتاب الزهد]
وقال تعالى: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوٌ ولَعِبٌ وإنَّ الدارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحيوانُ لو كانوا يعلمونَ} [العنكبوت: 64]
وقال تعالى: {المالُ والبنونَ زينَةُ الحياة الدنيا والباقياتُ الصالحاتُ خيرٌ عندَ ربِّكَ ثواباً وخيرٌ أملاً} [الكهف: 46]
وليس معنى الزهد أن يتخلى المؤمن عن الدنيا فيفرغ يده من المال، ويترك الكسب الحلال ويكون عالة على غيره.
وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم المقصود الحقيقي من الزهد حين قال: "الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة أن تكون بما في يد الله تعالى أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أُصبت بها أرغبَ منك فيها لو أنها أُبقيتْ لك" [أخرجه الترمذي في كتاب الزهد عن أبي ذر رضي الله عنه، وقال: حديث غريب]
قال العلامة المناوي رحمه الله تعالى معلقاً على هذا الحديث: (فليس الزهد تجنب المال بالكلية بل تساوي وجوده وعدمه، وعدمُ تعلقه بالقلب إليه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة الزاهدين، يأكل اللحم والحلوى والعسل، ويحب النساء والطيب والثياب الحسنة، فخذ من الطيبات بلا سرف ولا مخيلة، وإياك وزهد الرهبان) ["فيض القدير شرح الجامع الصغير" للمناوي ج4/ص72]
وهكذا فهم السادة الصوفية أن الزهد مرتبة قلبية. قال عمرو بن عثمان المكي: (اعلم أن رأس الزهد وأصله في القلوب هو احتقار الدنيا واستصغارها، والنظر إليها بعين القلة، وهذا هو الأصل الذي يكون منه حقيقة الزهد)[ "طبقات الصوفية" للسلمي ص203]
وقد عبر سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره عن مفهوم الزهد الحقيقي تعبيراً واضحاً جامعاً حين قال: (أخرج الدنيا من قلبك وضعها في يدك أو في جيبك، فإنها لا تضرك) ["الفتح الرباني" للشيخ عبد القادر الجيلاني]
وإن من الحماقة والغباء أن ننسب التصوف الإسلامي إلى البوذية والبرهمية وإلى الفرق التي ظهرت في الهند وغيرها، لأن التصوف كان ظهوره منذ عهد التابعين والسلف الصالح حيث لم تكن تلك الفلسفات، فالتصوف هو المعبر عنه بمقام الإحسان أحد أركان الدين الثلاث الإسلام والإيمان والإحسان.
قال الدكتور أحمد عَلْوَشْ: (قد يتساءل الكثيرون عن السبب في عدم انتشار الدعوة إلى التصوف في صدر الإسلام، وعدم ظهور هذه الدعوة إلا بعد عهد الصحابة والتابعين ؛ والجواب عن هذا: إنه لم تكن من حاجة إليها في العصر الأول، لأن أهل هذا العصر كانوا أهل تقوى وورع، وأرباب مجاهدة وإقبال على العبادة بطبيعتهم، وبحكم قرب اتصالهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتسابقون ويتبارون في الاقتداء به في ذلك كله، فلم يكن ثمَّة ما يدعو إلى تلقينهم علماً يرشدهم إلى أمرٍ هُم قائمون به فعلاً، وإنما مثلهم في ذلك كله كمثل العربي القُحِّ، يعرف اللغة العربية بالتوارث كابراً عن كابر؛ حتى إنه ليقرض الشعر البليغ بالسليقة والفطرة، دون أن يعرف شيئاَ من قواعد اللغة والإعراب والنظم والقريض، فمثل هذا لا يلزمه أن يتعلم النحو ودروس البلاغة، ولكن علم النحو وقواعد اللغة والشعر تصبح لازمة وضرورية عند تفشي اللحن، وضعف التعبير، أو لمن يريد من الأجانب أن يتفهمها ويتعرف عليها، أو عندما يصبح هذا العلم ضرورة من ضرورات الاجتماع كبقية العلوم التي نشأت وتألفت على توالي العصور في أوقاتها المناسبة.
فالصحابة والتابعون ـ وإن لم يتسموا باسم المتصوفين ـ كانوا صوفيين فعلاً وإن لم يكونوا كذلك اسماً، وماذا يراد بالتصوف أكثر من أن يعيش المرء لربه لا لنفسه، ويتحلى بالزهد وملازمة العبودية، والإقبال على الله بالروح والقلب في جميع الأوقات، وسائر الكمالات التي وصل بها الصحابة والتابعون من حيث الرقي الروحي إلى أسمى الدرجات فهم لم يكتفوا بالإقرار في عقائد الإيمان، والقيام بفروض الإسلام، بل قرنوا الإقرار بالتذوق والوجدان، وزادوا على الفروض الإتيان بكل ما استحبه الرسول صلى الله عليه وسلم من نوافل العبادات، وابتعدوا عن المكروهات فضلاً عن المحرمات، حتى استنارت بصائرهم، وتفجرت ينابيع الحكمة من قلوبهم، وفاضت الأسرار الربانية على جوانحهم. وكذلك كان شأن التابعين وتابعي التابعين، وهذه العصور الثلاثة كانت أزهى عصور الإسلام وخيرها على الإطلاق، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "خير القرون قرني هذا فالذي يليه والذي يليه" ["خير الناس قرني هذا ثم الذين يلونهم.." أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات. وفي "صحيح مسلم" في فضائل الصحابة عن ابن مسعود رضي الله عنه]
فلما تقادم العهد، ودخل في حظيرة الإسلام أُمم شتى، وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ قام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحو في الصدر الأول ـ علم الفقه، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض "الميراث" وغيرها..
وحدث بعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، ولم يكن ذلك منهم احتجاجاً على انصراف الطوائف الأخرى إلى تدوين علومهم ـ كما يظن ذلك خطأً بعض المستشرقين ـ بل كان يجب أن يكون سداً للنقص، واستكمالاً لحاجات الدين في جميع نواحي النشاط، مما لا بد منه لحصول التعاون على تمهيد أسباب البر والتقوى" ["المسلم مجلة العشيرة المحمدية" عدد محرم 1376هـ. من بحث: التصوف من الوجهة التاريخية للدكتور أحمد علوش، وهو من الرواد الأوائل الذين نقلوا حقائق التصوف الإسلامي إلى اللغات الأجنبية، وقد ألف فضيلته كتاباً باللغة الإنكليزية عن التصوف الإسلامي، كان له أكبر الأثر في تصحيح الأفكار والرد على المستشرقين كما ألف كتابه "الجامع" عن الإسلام الذي رد فيه على التهم المفتراة على دين الله، وكان له أثره البعيد في خدمة هذا الدين]
قال الشيخ عبد القادر عيسى رحمه الله في كتابه حقائق عن التصوف:
وقد بنى أئمة الصوفية الأولون أصول طريقتهم على ما ثبت في تاريخ الإسلام نقلاً عن الثقات الأعلام.
أما تاريخ التصوف فيظهر في فتوى للإمام الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه الله، فقد سئل عن أول من أسس التصوف ؟ وهل هو بوحي سماوي ؟ فأجاب:
(أما أول من أسس الطريقة، فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي، إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما بيَّنها واحداً واحداً ديناً بقوله: "هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم" [جزء من حديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه] وهو الإسلام والإيمان والإحسان.
فالإسلام طاعة وعبادة، والإيمان نور وعقيدة، والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"...
ثم قال السيد محمد صديق الغماري في رسالته تلك: (فإنه كما في الحديث عبارة عن الأركان الثلاثة، فمن أخل بهذا المقام(الإحسان) الذي هو الطريقة، فدينه ناقص بلا شك لتركه ركناً من أركانه. فغاية ما تدعو إليه الطريقة وتشير إليه هو مقام الإحسان؛ بعد تصحيح الإسلام والإيمان) ["الانتصار لطريق الصوفية" ص 6 للمحدث محمد صديق الغماري]
وذُكر في "كشف الظنون" أن أول من سمي بالصوفي أبو هاشم الصوفي المتوفى سنة خمسين ومئة) ["الانتصار لطريق الصوفية" للمحدث الغماري ص17 ـ 18]
وأورد صاحب "كشف الظنون" في حديثه عن علم التصوف كلاماً للإمام القشيري قال فيه: (اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية عِلْمٍ سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم الصحابة، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ـ ممن لهم شدة عناية بأمر الدين ـ الزهاد والعُبَّاد، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهاداً، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم التصوف، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة) ["كشف الظنون" عن أسماء الكتب والفنون، لحاجي خليفة ج1/ص414]
من هذه النصوص السابقة، يتبين لنا أن التصوف ليس أمراً مستحدثاً جديداً؛ ولكنه مأخوذ من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه الكرام، كما أنه ليس مستقى من أُصول لا تمت إلى الإسلام بصلة، كما يزعم أعداء الإسلام من المستشرقين وتلامذتهم الذين ابتدعوا أسماءً مبتكرة، فأطلقوا اسم التصوف على الرهبنة البوذية، والكهانة النصرانية، والشعوذة الهندية فقالوا: هناك تصوف بوذي وهندي ونصراني وفارسي...
يريدون بذلك تشويه اسم التصوف من جهة، واتهام التصوف بأنه يرجع في نشأته إلى هذه الأصول القديمة والفلسفات الضالة من جهة أخرى، ولكن الإنسان المؤمن لا ينساق بتياراتهم الفكرية، ولا يقع بأحابيلهم الماكرة، ويتبين الأمور، ويتثبت في البحث عن الحقيقة، فيرى أن التصوف هو التطبيق العملي للإسلام، وأنه ليس هناك إلا التصوف الإسلامي فحسب.

السؤال: 24ـ ما سبب التقارب بين الصوفية و أهل التشيع على مر التاريخ الاسلامي ، بل إن شيعة هذا العصر صفويي إيران تعود أصولهم إلى الطريقة الصوفية التي تشيعت و شيعت إيران و ما حولها ، و هل الروافض يستخدمون التصوف قنطرة لمذهبهم الخبيث ؟.
25 ـ لماذا توجد دائما بذور التشيع في التراث الصوفي ، مثلا : الطبقات للشعراني ، كتابات زيني دحلان ، و كتابات بعض الصوفية المعاصرين ...الخ .
26 ـ ما سر الدعم الغربي لدعوات التشييع في العالم الاسلامي ، و التي تستخدم كثيراً من سدنة التصوف في هذا العصر ، و الذين أصبحوا دعاةً للتشيع ، مثلاً : أحمد الحسونة الصوفي مفتي سوريا ، والصوفي تاج الدين الهلالي مفتي عموم مسلمي استراليا، والصوفي علي جمعة مفتي مصر الذي تمرَّرُ من حوله عقائد الرافضة من القول بتحريف القرآن و سب الصحابة و هو عن كلِّ ذلك مشغولٌ بسب الوهابية "السلفية" و تحليل ما حرَّم الله .
28ـ لماذا هذا التنسيق الأمريكي مع طابوره الخامس من أهل التصوف الباطل في سبيل نشر التشيع الإيراني بفتح القنوات الدبلوماسية و الإعلامية لنشر مثل هذا التوجه ؟

الجواب:
نجد الكثير من المغرضين يشوهون صورة التصوف بين الناس لينفروهم منهم، وقد رمى الوهابية للصوفية بأنهم شيعة، ويحسبون أنهم على حد زعمهم أن ذلك منقصة لهم.
وما سموهم بذلك إلا لأنهم أخذوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسمى بحديث الثقلين فعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " إني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض " (رواه الإما أحمد 3/14) وللحديث شواهد كثيرة بلغت حد التواتر المعنوي.
وما رمونا بالتشيع إلا لأننا نمدح آل بيت رسول الله ونهيم في حبهم(مع حبنا لجميع الصحابة( .
وما رمونا بالتشيع إلا لأننا اتبعنا توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحب آل بيته!! وكأن لسان حالهم يقول: أن تعشق أهل بيت رسول الله هي السنة!! بل نقول لهم بل نصبكم لأهل البيت هو عين البدعة الضلالة، إذ بحبهم حب الله وببغضهم بغض ألله.
فقد أخرج أحمد، والترمذي وصححه،والنسائي، والحاكم عن المطلب بن ربيعة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لا يدخل قلب امريء مسلم إيمان، حتى يحبكم لله ولقرابتي.
وأخرج مسلم، والترمذي، والنسائي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي.
وأخرج البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: قال: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته.
وأخرج ابن حبان في صحيحه والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت رجل، إلاّ أدخله الله النار.
وقد قالوا عن الصوفية التصوف قنطرة التشيع.
ونقول لهم كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إنكان رفضًا حب آل محمد .... فليشهد الثقلان أني رافضي
ونقول لمن ينبزنا بالنصب بحبنا للصحابة، كما قال ابن القيم رحمه الله:
وإن كان نصبًا حب صحب محمد .... فليشهد الثقلان أني ناصبي
ولا نعرف كيف يعتقد أناس من السذج أن الصوفية هم شيعة (المعروفون في زماننا)، وهم يتبعون أصحاب المذاهب الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل؟!!!
وعقيدتهم هي عقيدة أهل السنة والجماعة من جمهور الأمة ، ويعتقدون أن العصمة لا تكون إلا للأنبياء فلا تكون لغيرهم من آل البيت بخلاف الروافض الشيعة الذين يقولون بعصمة آل البيت الاثني عشر.
كما أن الذي يميز أهل السنة عن الشيعة هو الإقرار بإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو رفضها (كما فعل الشيعة الروافض لإمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) ، فالصوفية يقولون بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ويعتقدون أفضلية أبي بكر أولاً ثم عمر بن الخطاب ثانياً وعثمان ثالثاً وعلي رابعاً ، بخلاف الروافض.
وما وجدنا أحداً من الصوفية يوافق الروافض بهذا الأمر.
فبالله عليكم كيف يكون الصوفية شيعة وعقيدتهم هي عقيدة أهل السنة والجماعة؟!!!!
فلا عيب إن قيل للمحب للآل البيت أنه شيعي (لغة لا اصطلاحا)، ولا يؤبه لمن قيل للمحب لصحابة رسول الله أنه ناصبي، لأن هذا الكلام ينم عن الجهل بمصطلح النصب.
فهل نترك أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بحب آل البيت الأطهار، لأنه الروافض اشتهر عنهم محبة آل البيت ؟ الجواب: كلا .
كما أن من الافتراء أن نقول أن الشيخ أحمد حسون مفتي سوريا ينشر التشيع، أو نتهم مفتي مصر بنشر التشيع وسب الصحابة، فنحن نتحدى من يقول هذا الكلام بأن يأتي لنا بدليل ، فإن لم يفعل ولن يفعل فليبرأ قائل هذا الكلام منه، وليتب إلى الله توبةً نصوحاً فإن الله يقبل التائبين.
وأما بالنسبة لقنوات الشيعة، فمن الذي قال أن الصوفية لهم يد معهم؟
نحن نتمنى من الله أن تكون للصوفية قناة تنشر الفكر الصافي البعيد عن التشويه الذي شوهه بعض المغرضين وأعداء الدين ومن لبس لباس التصوف وجعل يشوه صورته بعلم منه أو بجهل بهذا التشويه.

الفروق الجلية بين الشيعة الروافض والصوفية
1 ـ أعلام الصوفية ليسوا بشيعة
دائما ما يغمز المتشددون المتنطعون أعلام الصوفية ويقولون أن بينهم وبين الشيعة روابط قوية ، يحضرنى الآن مثال قوى على دحض ما يقولون .
معظم الصوفية يقدرون الشيخ محى الدين بن العربى صاحب الفتوحات المكية ، وإن كان بعضهم يحرم النظر فى كتبه بسبب صعوبة ما فيها ، وقد يكون بسبب بعض الدس الذى دس فى كتبه وهو منه برئ. بعض التيارات - والعياذ بالله - تكفر محيى الدين بن العربى.
أئمة كبار أثنوا عليه وأئمة آخرون توقفوا فيه ، وبعضهم أغلظ فيه القول ، وقد كتب فى تبرئته الإمام السيوطى رسالة سماها " تنبيه الغبى فى تبرئة ابن عربى ".
ماذا قال الشيخ محى الدين بن العربى بخصوص الشيعة ؟
قال فى الفتوحات المكية الباب الخامس والخمسون فى معرفة الخواطر الشيطانية " الخواطر أربعة لا خامس لها خاطر ربانى وخاطر ملكى وخاطر نفسى وخاطر نفسى وخاطر شيطانى ولا خامس هناك " ثم بعد ذلك بقليل قال "........ وعلى هذا جرى أهل البدع والأهواء فإن الشياطين ألقت إليهم أصلاً صحيحاً لا يشكون فيه ثم طرأت عليهم التلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا فينسب ذلك إلى الشيطان بحكم الأصل ، ولو علموا أنّ الشيطان فى تلك المسائل تلميذ له يتعلم منه وأكثر ما ظهر ذلك فى الشيعة ولاسيما فى الإمامية منهم ، فدخلت عليهم شياطين الجنّ أو لا يحب أهل البيت واستفرغ الحب فيهم ، ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى الله وكذلك هو لو وقفوا ولا يزيدون عليه إلا أنهم تعدّوا من حب أهل البيت إلى طريقين منهم من تبدى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب الدنيوية فكان منهم ما قد عرف واستفاض ، وطائفة زادت إلى سب الصحابة القدح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفى جبريل وفى الله جل جلاله حيث لم ينصوا على رتبتهم وتقديمهم فى الخلافة للناس حتى أنشد بعضهم ما كان من بعث الأمين أمينا وهذا كله واقع من أصل صحيح وهو حب أهل البيت أنتج فى نظرهم فاسداً فضلوا وأضلوا ، فانظر ما أدى إليه الغلوّ فى الدين أخرجهم عن الحد فانعكس أمرهم إلى الضد قال تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة77. أهـ
وقال فى الباب الثالث والسبعون : "وسموا رجبيون لأن حال هذا المقام لا يكون لهم إلا فى شهر رجب من أول استهلال هلاله إلى انفصاله ، ثم يفقدون ذلك الحال من أنفسهم فلا يجدونه إلى دخول رجب من السنة الآتية وقليل من يعرفهم من أهل هذا الطريق ، وهم متفرقون فى البلاد ويعرف بعضهم بعضاً ، منهم من يكون باليمن وبالشأم وبديار بكر لقيت واحدا منهم بدنيسير من ديار بكر مارأيت منهم غيره وكنت بالأشواق إلى رؤيتهم ، ومنهم من يبقى عليه فى سائر السنة أمر ما مما كان يكاشف به فى حاله فى رجب ، ومنهم من لا يبقى عليه شىء من ذلك ، وكان هذا الذى رأيته قد أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة ، فكان يراهم خنازير ، فيأتى الرجل المستور الذى لا يعرف منه هذا المذهب قط وهو فى نفسه مؤمن به يدين به ربه فإذا مر عليه يراه فى صورة خنزير فيستدعيه ويقول له تب إلى الله فإنك شيعى رافضى فيبقى الأخر متعجباً من ذلك فإن تاب وصدق فى توبته رآه إنساناً وإن قال له بلسانه تبت وهو يضمر مذهبه لا يزال يراه خنزيراً فيقول له كذبت فى قولك تبت وإذا صدق يقول له صدقت فيعرف ذلك الرجل صدقه فى كشفه فيرجع عن مذهبه ذلك الرافضى ولقد جرى لهذا مثل هذا مع رجلين عاقلين من أهل العدالة من الشافعية ما عرف منهما قط التشيع ولم يكونوا من بيت التشيع أداهما إليه نظرهما وكانا متمكنين من عقولهما فلم يظهرا ذلك وأصرا عليه بينهما وبين الله فكانا يعتقدان السوء فى أبى بكر وعمر ويتغالون فى على فلما مرا به ودخلا عليه أمر بإخراجهما من عنده فإن الله كشف له عن بواطنهما فى صورة خنازير وهى العلامة التى جعل الله له فى أهل هذا المذهب وكانا قد علما من نفوسهما أن أحداً من أهل الأرض ما اطلع على حالهما وكانا شاهدين عدلين مشهورين بالسنة فقالا له فى ذلك فقال أراكما خنزيرين وهى علامة بينى وبين الله فيمن كان مذهبه هذا فأضمرا التوبة فى نفوسهما فقال لهما إنكما الساعة قـد رجـعتما عن ذلك المذهـب فإنى أراكما إنسانين فتعجـبا من ذلك وتابا إلى الله ". أهـ
انتهى النقل والغرض منه ليس وصف الشيعة بالخنازير وإنما توضيح أن ابن عربى ليس بشيعى وتوضيح الفرق الكلى والجزئى بين الصوفية والشيعة حتى فيمن يتهمه المتمسلفة وبعض الإخوان المسلمين بأنه خارج عن الملة أو يقول بالاتحاد والحلول.
ولنا تساؤل مَنْ مِنْ أعلام الصوفية أمثال معروف الكرخى ، الجنيد ،السرى السقطى ، سهل التسترى ، أبو يزيد البسطامى شيعى ، وقد مدحه هؤلاء الأعلام كبار كبار الأئمة. وسوف ترى بنفسك من خلال هذا الكتاب أن الصوفية بكافة أنواعها وطوائفها وطرقها تختلف عن الشيعة. ونذكر الآن بعض العلماء ممن رد على الشيعة ولم يقع فى معاداة أهل البيت أثناء دفاعه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته وصحابته وخاصة من العصور المتأخرة وذلك لنرد على دعوة المتمسلفة أن الصوفية تهادن الشيعة وأنهما وجهان لعملة واحدة وأنه لم يرد عليهم إلا ابن تيمية .
نذكر من هؤلاء العلماء غير ما سبق:
- " إلقام الحجر لمن زكى ساب أبى بكر وعمر رضى الله عنهما " للإمام الحافظ جلال الدين السيوطى (911).
- " الصواعق المحرقة على أهل الرفض والزندقة " للشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمى مفتى الحجاز المتوفى ( 973 هـ) وهو كتاب مطبوع .
- " رسالة رد الروافض " لمجدد الألف الثانية أحمد الفاروقى السرهندى النقشبندى (971 - 1034 هـ).
- " رسالة فى كيفية المناظر مع الشيعة والرد عليهم " للسيد أحمد بن زينى دحلان مفتى الشافعية بمكة.
- " الأساليب البديعة فى فضل الصحابة وإقناع الشيعة " للشيخ يوسف النبهانى.
والعلماء الأربع السابقون لهم كلام شديد فى ابن تيمية ، والسيد أحمد بن زينى دحلان ، والشيخ يوسف النبهانى لهم ردود على فتنة الوهابية.
قائمة بأسماء علماء الأتراك الذين ردوا على الروافض (وأفتوا بالتكفير والتفسيق)
" محل الرد فى البراءة من الشيخين أو طعن عائشة أو القول بالتحريف أو العصمة"
وكان لعلماء الدولة العثمانية الصوفية والأتراك ردود كثيرة على الشيعة ، منهم:
1- زنبيللى أفندى شيخ الإسلام.
2- أبو السعود أفندى شيخ الإسلام فى فتاواه.
3- صاحب تنقيح الحامدية ابن عابدين.
4- صاحب الحامدية.
5- الفتاوى الهندية.
6- ابن كمال باشا له عدة رسائل فى الرد على الشيعة.
7- المولى البركلى.
8- السويدى صاحب الصارم الحديد فى الرد على ابن أبى الحديد.
9- أحمد رضا قادرى له عدة مؤلفات فى رد الرافضة منها كتاب محمد خاتم النبيين وكتاب المعتمد المستند.
10- العينى فى شرح الهداية وعقد الجمان وعمدة القارى.
11- فتاوى قاضى خان.
12- فتاوى الخيرية لنفع البرية.
13- ابن عابدين فى رد المحتار (باب الردة ، باب النكاح).
14- الملا الطورى فى تكملة البحر.
15- القونوى شارح عقيدة الطحاوى.
16- علاء الدين البخارى صاحب الكشف.
17- البابرتى فى شرح الطحاوى.
18- البرجانى والخلخالى والسيالكوتى فى حواشى النسفية.
19- العقائد النسفية.
20- المقاصد للتفتزانى.
21- مواقف الإيجى وشروحها.
22- العلاء القوشجى فى شرح تجريد النصير الطوسى حيث استنكر علاء الدين القوشجى ضلال الطوسى.
24- العلاء البخارى " فاضحة الملحدين ".
25- العلامة بدر الدين الرشيد.
25- صاحب ملتقى الأبحر إبراهيم الحلبى الفقيه.
26- التمرتاشى صاحب تنوير الأبصار (فيما يخص الكفر والردة).
وسوف نعرض فى آخر هذا الرد رسالة لمفتى مكة الشيخ دحلان فى الرد على الشيعة ورسالة من رسائل مفتى الخلافة العثمانية ابن كمال باشا.
تنبيه :
بعض ممن يرد على الشيعة قد يقع فى أخطاء عظيمة بحق أهل البيت دون أن يدرى ، ومكمن الخطورة فى أن من يرد على الشيعة يريد أن يفند جميع أدلة الشيعة سواء كانت أدلة صحيحة أو غير صحيحة ، فلا يجد دليلا على غير ما يذهب إليه - وإن احتج به أهل السنة - إلا وفنده ولا يجد دليلا على عكس ما يقول إلا تجاهله.
كما حدث مع ابن تيمية حيث ادعى فى رده على ابن مطهر الشيعى أن السيدة فاطمة لها قوادح وأن السيدة خديجة إيمانها غير كامل ، وقال أن أثناء خلافة سيدنا على حدث فساد ، وأن علياً مات ولم يعلم كثير من السنة ، وتحامل تحاملا شديدا على مولانا الحسن والحسين وعلى زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم أجمعين إلى آخر ما سطرناه فى كتاب " أخطاء ابن تيمية فى حق رسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته " وكتاب " خصوصية وبشرية النبى صلى الله عليه وآله وسلم عند ***ة الحسين ".
قال ابن حجر فى لسان الميزان ( 6 / 319 ) فى ترجمة ابن المطهر الحلى تعليقا على ابن تيمية فى رده على ابن المطهر : " لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية فى رد الأحاديث التى يوردها ابن المطهر وأن كان معظم ذلك من الموضوعات والواهيات ، لكنه رد فى رده كثيرا من الأحاديث الجياد التى لم يستحضر حالة التصنيف مظانها لأنه كان لاتساعه فى الحفظ يتكل على ما فى صدره والإنسان عامد للنسيان . وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضى أدته أحيانا إلى تنقيص على ، وهذه الترجمة لا تحتمل إيضاح ذلك وإيراد أمثلته ". ا هـ كلام الحافظ بحروفه .
قلت:
ماذا يكون رد فعل الإخوة المتنطعين وأصحاب الكيل بمكيالين لو كان ابن تيمية انتقص الصديق .
فالحمد لله " الصوفية هى الوسطية " ما بين محبة أهل البيت وبين توقير وتعظيم صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصوفية الحقة تعلم أن الشيعة تكفرهم. اقرأ معى تكفير الشيعة للصوفية.
يتبع بمشيئة الله