عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 20-08-2010, 01:40 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

رمضان يُنادي: استعدوا يرحمكم الله!!
أسأل الله أنْ يشملنا وإياكم برحمته الواسعة، وأنْ يلطف بنا فيما جَرَتْ به المقادير.
معاشر الإخوة!
إذا كانت أول ليلة من رمضان؛ فإنَّ هناك مناد ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر! تخيَّلوا أيها الأحبة! إذا كان الخالق جلَّ وعلا يُعِدُّ العدة لنا بكونه وجنته لهذا الشهر المفضال الكريم، ويُهيِّئ الجو للطاعات؛ فتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتُسلسل الشياطين وتُقيَّد، والخير منتشرٌ بين ربوع الدنيا؛ فكان شهراً عظيماً: شهرٌ للغنى بعد الفقر!!
وللصحة بعد المرض!!
وللعزة والقوة بعد الذلة والضعف!!
شهرُ الخير والحب والودِّ والألفة بين الناس!!
شهرٌ للإنفاق والصدقة والعطاء!!
شهرٌ تمنَّى النبي صلى الله عليه وسلم لقاءه، ومقابلته قبل موعدِ قدومه وموعد ميلاده، قائلاً: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان).
شهرٌ كله خيرات: بكاءٌ ودموعٌ، خضوعٌ وخشوعٌ، تبتلٌ وابتهالٌ، تذكُّرٌ وتدبُّرٌ..
شهرٌ كله نفحاتٌ، ومن أصابته نفحةٌ من نفحات ربه؛ فلا يشقى بعدها أبدا!!
هذا الشهر أيُّها الإخوة:
جعله النبي عليه الصلاة والسلام شهراً لميزان عبدٍ على عبدٍ، وأفضليةِ إنسانٍ على إنسانٍ، فقد روى ابن ماجة -رحمه الله- في سننه -وصحَّحه الشيخ الألباني رحمه الله- كما عن طلحة بن عبيد الله -رحمه الله- وهو يقصُّ علينا خبر رجلين من الصحب الكرام كان إسلامهما جميعاً، فكان أحدهما أشدَّ اجتهاداً من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستُشهِد، ثمَّ مكث الآخر بعدهُ سنةً ثم تُوفِّي.
قال طلحة رضي الله عنه: فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي تُوفِّي الآخِر منهما، ثُمَّ خرج فأذن للذي استُشهِد، ثم رجع إلي فقال: ارجع؛ فإنَّك لم يأنِ لك بعدُ، فأصبح طلحةُ يُحدِّث به الناس؛ فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه بالحديث، فقال: مِنْ أيِّ ذلك تعجبون؟!!
فقالوا: يا رسول الله! هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهاداً ثم استُشهِد، ودخل هذا الآخِرُ الجنةَ قبله!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى! قال: وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟! قالوا: بلى!
قال رسول الله -وانظروا أيُّها الإخوة إلى فضل وقيمة من حضر خيراتِ رمضان-: »فما بينهما أبعدُ مما بين السماء والأرض« يا الله!!
الله أكبر..
تخيلوا إخواني!
إنَّ بلوغَ رمضانَ نعمةٌ عظيمةٌ، ومنَّةٌ جليلةٌ، وفضلٌ كبيرٌ من الله تعالى على عبده، حتى إنَّ العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يُدركوا رمضان.
هكذا نوقِن أنَّ بلوغ رمضان نعمةٌ من نعم الله علينا، { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا } [إبراهيم:34] { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ } [النحل:53].
انظروا! كم من قريبٍ كان بجوارنا فارقناه!!
وكم من عزيزٍ بأيدينا في التراب وضعناه ودفناه!!
وكم من مسلمٍ كان يُصلي بصلاتنا، وكان يصوم بصيامنا ويُفطر معنا، ويذكر ويُسبِّح، الآن: هو بين التراب آملاً في رحمة مولاه!! وسيأتي دور كلِّ واحدٍ منَّا -بلا شكٍّ- فلم الغفلة عن هذا الموعد؟!! نأكل ونشرب ونتمتَّع بالدنيا وكأننا فيها مخلَّدون!! ولا حول ولا قوة إلا بالله..
ومِنْ هُنا فإنَّه يلزم على كلِّ واحدٍ منَّا أنْ إذا حضره رمضان أو حضر هو في رمضان أنْ يحمد الله ويشكره، فالحمد لله والشكر لله، ونسأله كما بلَّغنا شعبان وخواتيمه أنْ يبلِّغنا رمضان وخيراته ورحماته.
أيُّها الأحبة:
هذا الضيف الغالي رمضان، يحبُّ منَّا أشياء ويكره أشياء!!
فتعالوا بنا نتعرَّف على ضيفنا مدرسة الصيام!! التي يجب أنْ نتوقَّف عن محطات الدنيا الممتعة اللذيذة الفانية؛ لنأخذ بأيدي أبنائنا وبناتنا وزوجاتنا للالتحاق بهذه المدرسة؛ لنتعلَّم كل خلقٍ قويمٍ فاضلٍ ربَّى عليه ربنا سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وربَّانا عليه من بعدهم؛ عسانا نفوز في النهاية بالتقديرِ الممتازِ المتميِّزِ!!
رمضان في قلبي هماهمُ نشوةٍ من قبلِ رؤيةِ وجهكَ الوضاءِ
وعلى فمي طعمٌ أُحسُّ بأنهُ من طعمِ تلك الجنةِ الخضراءِ
قالوا بأنََّكَ قادمٌ فتهلَّلتْ بالبشرِ أوجُهنا وبالخيلاءِ
تهفوا إليه وفي القلوب وفي النُهى شوقٌ لمقدمهِ وحسنُ رجاءِ
رد مع اقتباس