عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 20-08-2010, 01:50 PM
عمروعبده عمروعبده غير متواجد حالياً
مدرس لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 4,781
معدل تقييم المستوى: 20
عمروعبده is on a distinguished road
افتراضي

هذا الضيف رمضان:
تنادي فيه الحور العين، فتقول: يارب! اجعل لنا من رمضان أزواجاً
وتنادي الجنة فتقول: أي رب! اجعل لنا في رمضان سكاناً..
رمضان: تُفتح فيه أبواب الجنان فلا يُغلق منها بابٌ.
رمضان: تُغلق فيه أبواب النار فلا يُفتح منها بابٌ.
رمضان: تُصفَّد فيه مردة الجن والشياطين، وتُسلسل وتُقيَّد؛ تيسيراً لطاعة الرحمن.
رمضان: فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ (83 عاماً وأربعة أشهر تقريباً).
رمضان: من صامه إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.
رمضان: من قام ليله إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه.
رمضان: ليلةُ القدر فيه مَنْ قامها ومن حضرها فقد حضر الخير كله، ومن حُرمها فقد حُرم الخير كله.
رمضان: هذا الشهر الكريم، أُعِدَّ فيه بابٌ للصائمين فقط (باب الريان) لا يدخله إلا الصائمون، فإذا دخلوا أُغلق دونهم.
رمضان: خلوفُ ورائحةُ فم الصائم فيه أطيب عند الله من ريح المسك العطر.
رمضان: شهرٌ تتزيَّنُ فيه الجنة، ويُنادي رب العزة عليها ويقول: تزيَّني واستعدِّي لأهل طاعتي وكرامتي؛ فعسى أنْ يستريحوا من دار الدنيا وأعبائها ويأتون إليك يا دار رحمتي!
رمضان: شهر الجود والكرم، الذي كان فيه حبيبنا أجود من الريح المرسلة بالخير، عليه الصلاة والسلام.
رمضان: لا يعلم ثواب الصائم فيه إلا الله؛ دليلاً على عظمة ثواب الصائمين: (كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، قال العلماء:
يعني: الله وحده هو الذي يعرف ثواب الصائم؛ فالصيام قرين الصبر وأخوه، وقد أكَّد الحقُّ في كتابه أنَّ الصابرين يُوفَّون أُجورهم بغير حسابٍ.
رمضان: يُغفر في آخر ليلةٍ منه للصائمين إيماناً واحتساباً.
رمضان: يُعتق في كلِّ ليلةٍ منه رقاب أُناسٍ من النار استوجبوا واستحقوا النار، فإذا كانت آخر ليلة -وانظروا وتأملوا- تُعتق رقابٌ من النار بقدر ما أعتق الله في رمضان من أوله إلى آخره.
رمضان: دعوةُ الصائم فيه مستجابةٌ عند فطره، ويفرح به.
رمضان: شهر التوبة للعُصاة والمذنبين، نسأل الله أن يتوب علينا جميعاً.
رمضان: شهرٌ وقف النبي صلى الله عليه وسلم ليهنئ في ربوع المدينة حيث كانت البشرى، ففي مدينة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام كانت البشرى تُزَفُّ لأولئك الأطهار، من الصحابة الأخيار رضي الله عنهم، يزفُّها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تُفتَّح فيه أبواب السماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر! من حُرِم خيرها فقد حُرِم) »رواه النسائي والبيهقي، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب«.
قال ابن رجب رحمه الله -كما في لطائف المعارف، وهو يتحدث عن لطائف شهر رمضان-، يقول ناقلاً عن بعض العلماء: »هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضُهمبعضاً بشهر رمضان.
كيف لا يُـبشَّر المؤمن والعاقل بفتح أبواب الجنان؟!
كيف لا يُـبشَّر المذنب بغلق أبواب النيران؟!
كيف لا يُبشَّر العاقل بوقتٍ تُغلُّ فيه الشيطان؟!
نعم! إنَّها البشارة التي عمل لها العاملون، وشمَّر لها المشمِّرون، وفرح بقدومها المؤمنون الصالحون، فأين فرحتك؟! وأين شوقك؟! وأنت ترى الأيام تدنو منك رويداً رويداً؛ لتضع بين يديك فرحةَ كلِّ مسلمٍ.
ومن الحديث السابق أخذ العلماء جواز واستحباب أنْ يُقابل المسلم أخاه قائلاً له: (كل عامٍ أنتم بخير)، أو (تقبَّل الله منَّا ومنكم)، هذه التهنئة بقدوم رمضان!!
وبعد أنْ تعرَّفنا على ضيفنا وعرفنا هداياه لعُشَّاقِ أيامه ولياليه، والسؤال الآن: ما هي الأشياء التي يكرهها رمضان؟ وكيف نستعدُّ له؟
نقول وبالله التوفيق:
إنَّ رمضان المبارك يكره منَّا الآتي:
أولاً: يكره التسويف -مشكلة المشاكل، ومصيبة المصائب في حياة المسلمين؛ فما أهلك الناس هذا الهلاك مثل ما فعل التسويف في الأمة، في الطاعات والأعمال والإنتاج- نسمع: (سوف أختم القرآن - سوف أتصدَّق - سوف أَصِلُ رحمي - سوف أذكر وأسبح - سوف أعمل وأجتهد.. سوف سوف سوف.. إلخ)، فرمضان يكره منَّا أنْ نسوِّف في الأعمال الصالحة.
نسمع في أول رمضان:
· سيكون رمضان هذا العام شيئاًآخر!
· سأختم القرآن ثلاث مراتٍ على الأقل!
· لن أُضيِّع ليلةً منغير تهجُّدٍ!
· سأحصل على أكبر قدرٍ من الحسنات!
· سأزور عدداً كبيراً من أهلي وأصدقائي!
· سأنفق نفقةً لم أنفقها من قبل!
أليست هذه عبارات نردِّدها بحماسٍ قبل رمضان، أو في بدايته، وتمرُّ الأيام وسرعان ما تمرُّ حتى نجد أنفسنا في آخر شهر رمضان؛ فيردِّد الكثير منَّا: (يا ويلتي! ضاع الشهر ولم أفعل شيئاً)، لا زلتُ في الجزء السابع عشر ولم أختم حتى المرة الأولى.. وعباراتٌ كثيرةٌ تُعبِّر عن الندم والحسرة على ما فات من رمضان ولم نغتنمهلماذا؟!!
سؤالٌ يحتاج إلى جوابٍ؛ لأنَّنا لم نضعْ حدًّا لتضييع رمضان!!
كما أنَّ ربنا يكره هذا التسويف المذموم، فالأصل: (وسارعوا – سابقوا - وفي ذلك فليتنافس المتنافسون - فاستبقوا الخيرات)، هذا هو الأصل: المسارعة والمسابقة والإنجاز والإيجابية والجدية والعمل لا الكسل!!
ثانياً: يكره رمضان أنْ نقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً:
(الذين يقضون نهار رمضان نوماً -وكأنَّه يقول: أسلي صيامي- هؤلاء الذين يعكسون آية الله في أنْ يكون النهار جهادٌ وعملٌ، والليل نومٌ وراحةٌ للقدرة على مواصلة الأعمال نهاراً -إلا لضرورة ما- فليحذر هؤلاء من ذلك).
يقول علماؤنا: الصائم في رمضان له جهادان: جهاد النهار يكون بالصيام والصبر عليه، وجهاد الليل بالقيام والصبر عليه، فكيف يتسنَّى لمسلمٍ عاقلٍ أنْ يُضيِّع ثواب الجهادين، الصيام والقيام، فيعكس الآية الكونية.
فهذا مما يكرهه رمضان!
ثالثاً: الشحُّ والبخلُ خوفاً من الإنفاق:
رمضان شهر الجود يكره أنْ يكون الإنسان بخيلاً شحيحاً بالخير والإنفاق؛ بحجة: (اللي يعوزه البيت يحرم ع الجامع)، ولماذا تَحْرِمُ نفسك من خيرٍ عميمٍ للمتصدقين والمنفقين، يخلف الله على المتصدِّق خيراً، ويعطيه الجنة ثواباً على ما يبذله، ويجعله في ظلِّ صدقته، وهكذا الثواب كبيرٌ!
فلماذا البخل والشح؟ وقد كان رسول الله في رمضان حالته مع الصدقة أفضل من غير رمضان!!
رابعاً: السهر وإضاعة الوقت فيما لا يُفيد!
في أي شيء يكون ليلك؟ أقول: في أي شيء تستغلُّ ليلكَ في رمضان؟ أتجلس أمام التلفاز تُشاهد المسلسلات والأفلام والتهريج الدائر في الإعلام؛ مما يُضيِّع الصيام والقيم والأخلاق!
والعجيب أنَّهم ينسبون كل شيء مما يفعلونه إلى رمضان: (الخيمة الرمضانية - ألف خيبة وخيبة - المسلسل الرمضاني - الفزورة الرمضانية)، والأعجب أنَّك تسمع عن الشيشة الرمضانية!!! حتى الحرام صار يُنسب إلى رمضان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
فلنحذر من السهر على الحرام!!
خامساً: يكره النوم عن الصلوات والمكتوبة، وعدم تأدية صلاة التراويح كاملة:
أيُّها الإخوة!
كما تعلمون بأنَّ هذا الشهر شهرٌ تُضاعف فيه الحسنات، حتى أنَّه ورد بأنَّ النافلة تعدل فريضةً، والفريضة تُساوي سبعين فريضة فيما سوى رمضان، فلماذا ننسى ذلك الخير؟!
وتجد من ينام عن الصلوات المكتوبة المفروضة، فإذا كانت في غير رمضان فرضٌ مفروضٌ بمواقيتها، فهي في رمضان أشدُّ إيجاباً وفرضاً وإلزاماً؛ لكثرة الحسنات فيه!!
قال تعالى: { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } [النساء:103]، وقال سبحانه: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [البقرة:238]، وحذَّر المولى من جزاء من يتكاسل عن الصلاة، فأوضح لنا في سورة المدثر جزاء هؤلاء الذين دخلوا سقر، فتساءلوا: { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } [المدثر:42]؛ فكان الرد الأول: { لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } [المدثر:43]، يعني: متساهيلن في آدائها، فالذي يصوم رمضان ويقول: أنا صائم، ثم يترك الصلوات؛ كأنه يقول: أنا مؤمن بالصيام أما الصلاة فأنا ..... لماذا؟! الذي يصوم رمضان ولا يصلي -أنا أعجب- كيف يُقبَلُ صيامه؟!!
فاحرص يا رعاك الله! على الصلوات المكتوبة على وقتها!! فلا تربط مواعيد نومك بصلاةٍ مفروضةٍ!!
ويمكنكَ أنْ تسعين في وسط النهار على سُنَّةِ القيلولة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
ثمَّ إنَّ رمضان ليكره أنْ نترك صلاة التراويح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)، وقال عمن صلى خلف إمامه حتى ينصرف: (كُتب له قيام ليلة)، فلماذا نترك كلَّ هذا الخير: مغفرةَ وثوابَ القيام؟!!!
فلماذا تُضيِّعُ ذلك؟
يا أخي الكريم!
هل لك أنْ تستريح بالطاعة لله؟
لا تُضيِّع فرصةَ رمضان!! التي بسببها لمَّا صعد رسول الله ثلاث درجاتٍ على منبره، فقال: آمين!!
فلمَّا سُئل عن ذلك أخبر أصحابه بأنَّ أمين وحي السماء جبريل قال له: خاب وخسر من أدرك رمضان فلم يُغفر له!! فقل: آمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت آمين!!
ولكَ أنْ تتخيَّل أمين وحي السماء يدعو، وأمين وحي الله في الأرض يُؤَمِّنُ على الدعاء!!
فخيبةٌ وخسارةٌ لمن فرَّط في خير رمضان!!
خاب وخسر من دخل رمضان ولم يُغفر له!!
الذي يدخل رمضان ولا يُغفر له، فمتى يُغفر له؟!!
الذي يدخل إلى رمضان ولا يختم القرآن -على الأقل مرةً واحدةً- فمتى يختمه؟!!
الذي يدخل رمضان ولا يَصِلُ رحمه فمتى يصلها؟
الذي يدخل رمضان ولا يُصالح من خاصمهم ويعفو ويغفر، فمتى يكون منه ذلك؟!!
الذي يدخل رمضان ولا يتصدَّق، فمتى يُفضِّل حُبَّ الآخرة على الدنيا ويتصدَّق؟!!
رمضان فرصةٌ، أيقظوا قلبوكم وإيمانكم وعقولكم وأفهامكم في رمضان!!
رمضان إذا ضاع فقد ضاعت حياة الإنسان!! { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ } [الزمر:21].
رد مع اقتباس