عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 28-10-2011, 11:50 PM
osama_mma14 osama_mma14 غير متواجد حالياً
عضو متواصل
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 867
معدل تقييم المستوى: 16
osama_mma14 is on a distinguished road
افتراضي

وقفات مع مقال"الحرية شئ والردة شئ آخر"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه،أما بعد:
فقد اطلعت على ما كتبه الكاتب/سعود البلوي بعنوان:"الحرية شئ،والردة شئ آخر"،والذي نشر في جريدة الوطن في 27/ربيع الأول/1429،ونقل فيه ما قرره محمد عابد الجابري حول مفهوم الردة في الإسلام نقلَ مصدِّقٍ به،ومؤيدٍ له؛وبما أن هذا المقال متضمن لمغالطات وتلبيس فقد رغبت في بيان ذلك من خلال هذه الوقفات على عجل؛والله من وراء القصد،ولا حول ولا قوة إلا بالله...

الوقفة الأولى:قول الكاتب:"في كتابه"الديموقراطية وحقوق الإنسان"يحاول المفكر المعروف محمد عابد الجابري أن يبدي رأياً جديداً بخصوص قضية"الردة"عن الدين الإسلامي"ا.هـ.
وهذا تصريح من الكاتب بأن ما ذهب إليه الجابري في هذه المسألة الكبيرة هو رأي جديد من كيسه،ليس له فيه سلف.
ومع هذا فقد نقل عنه آخر المقال ما يخالف هذا الكلام؛فيقول:"ويرى المؤلف أن فقهاء الإسلام كانوا يفكرون في المرتد لا من زاوية أنه شخص يمارس حرية الاعتقاد،بل من زاوية أنه شخص خان المجتمع الإسلامي،وخرج ضده نوعاً من الخروج"ا.هـ.
فكيف يصرِّح بأنه رأي جديدٌ ثم ينسبه في آخر المقال إلى الفقهاء؟!

الوقفة الثانية:قوله:"خصوصاً بعد عاصفة الفتاوى التكفيرية بتهمة الردة،والآراء التضامنية الداعمة لها"ا.هـ.

ويلاحظ عليه أمران:
ا
لأمر الأول:محاولة التهوين من شأن المسائل الشرعية التي تضمنتها هذه الفتاوى،ومنها الحكم بالردة لمن أتى بناقض من نواقض الإسلام المتفق عليها بين علماء الأمة،وأنها مجرد آراء شخصية لأصحابها مع كونها بحاجة إلى من يدعمها.
وهذا شأنهم في سائر المسائل الشرعية التي يثيرونها.

الثاني:الانتقائية التي يتحلى بها هؤلاء الإعلاميون؛فقد اعتمدوا كثيراً على فتاوى هؤلاء العلماء أنفسهم-ومنهم الشيخ العلامة صالح الفوزان،والشيخ العلامة عبدالرحمن البراك وغيرهم-في استنكار ما وقع فيه فئة من الشباب من التكفير غير المنضبط،وما نتج عنه من التفجيرات الآثمة التي وقعت في هذه البلاد المباركة،وصدَّروا صحفهم بهذه الفتاوى،ونشروها في قنواتهم،بينما يتهمون هؤلاء المفتين أنفسهم هذه الأيام بأنهم تكفيريون!!

فهل هذا لائق بالمثقفين التنويريين؟!

وهل هذا هو حق المواطنة التي ينادون بها في صحيفة تحمل اسم "الوطن"؟!

ولكنه الهوى؛"فهو عن الخير صاد،وللعقل مضاد،لأنه ينتج من الأخلاق قبائحها،ويظهر من الأفعال فضائحها،ويجعل سِتر المروءة مهتوكاً،ومدخل الشر مسلوكاً"."أدب الدنيا والدين"ص33.

الوقفة الثالثة:طرْح الكاتب ونظرائه بعضَ المسائل الشرعية،والتشغيب حول كل مسألة،وإثارة الشبه حولها في وقت واحد،وأخذهم ببعض النصوص الشرعية من القرآن أو السنة،ولوي أعناقها لتتأييد ما يريدون التوصل إليه.
ويذكرني هذا النهج بقول الكاتب نفسه وهو يتحدث عن سلفه من المثقفين التنويريين!! في مصر:"اتبع كثير من المثقفين بشكل ملحوظ أسلوب الاقتراب من الخطاب الإسلامي بطرح الموضوعات الإسلامية،ومن أولئك طه حسين ومحمد حسين هيكل وأحمد أمين وعباس محمود العقاد وغيرهم؛مما خلق أزمة في التوجه الفكري لديهم.
ويشير الباحث الألماني (يورغن فازلا) إلى جدل بين بعض الباحثين الغربيين حول هذه الأزمة:
فهناك من فسّرها بتخلي المثقفين الليبراليين عن قيمهم"التقدمية"التي يتبنونها،واتخاذهم موقفاً إسلامياً رومانسياً غير واضح المعالم،غير أنّ هناك من عارض هذا الرأي مشيراً إلى أن موقف المثقفين الليبراليين لم يتغير؛حيث إن المؤلفات ذات الصبغة الإسلامية لبعض المثقفين لم تكن موجهة للنخبة المثقفة بقدر ما كانت موجهة لعامة الناس؛إرضاءً لذوقهم،وكذلك تفادياً لردود الأفعال الرسمية والشعبية كالتي حدثت لعلي عبدالرزاق أو طه حسين؛ معتبرين أن تلك الاتجاهات فرضتها حاجة المجتمع والوضع السائد آنذاك"ا.هـ.مقال"التنوير العربي:ما مصيره"،الوطن،29/صفر/1429.

الوقفة الرابعة:قوله:"ففي السور المكيّة-التي تحدثت بعض آياتها عن الردة لاحظ الجابري أن حكم المرتد فيها هو عقاب إلهي بحت،مثل لعنة الله،غضب الله،جهنم...،وليس ال***- الذي هو عقاب يختص به البشر-،مع ملاحظة أنّ باب التوبة في كل الحالات بقي مفتوحاً،وذلك من خلال سياق الآيات التالية،قال-تعالى-:"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم"،"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خَلاق لهم في الآخرة"،"كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"،"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوَله ما تولّى ونصْلِهِ جهنم وساءت مصيراً"،"من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم""ا.هـ.

وهذا من عجائب القوم؛فإن هذه الآيات آيات مدنية ما عدا الأخيرة منها،وليست مكية كما ادعى؛فقوله-تعالى-:"ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم"من سورة البقرة،رقم217،وهي مدنية بإجماع العلماء.
وقوله-تعالى-"إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خَلاق لهم في الآخرة"من سورة آل عمران،رقم77،وكذا قوله-تعالى-:"كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"من سورة آل عمران،رقم86،وهي مدنية بإجماع العلماء.
وقوله-تعالى-"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوَله ما تولّى ونصْلِهِ جهنم وساءت مصيراً"من سورة النساء،رقم115،وهي مدنية على الأصح.
وإذا بطل هذا التقسيم بطل ما بني عليه.

تنبيه:
وقع في الآيات المذكورة بعض الأخطاء في المقال المنشور؛أصلحتها في الرد؛يدرك ذلك من قرأ المقال من الصحيفة مباشرة.

وللحديث بقية....

__________________

عندما يعلن بعض العلمانيين انكارهم لوجود الله أصلا, فلم يعد هناك مجال للكره, بل أتبرى منها و ألعنها. عندما يعلن بعضهم أن الله موجود و لكن اختصاصاته لا علاقة لها بحياة الانسان, هنا أيضا أنا أتبرى و ألعن ..عندما تصبح الفلسفة النفعية البراغماتية ركيزة للعلمانية, و مبادئ الميكافيلية روحا لها, هنا أغلق الباب في وجها..عندما تدعو الى فصل الدين عن الدولة و السياسة, و تقيم العالم على أساس مادي قبيح, هنا أحس بمدى خبث سريرتها
رد مع اقتباس