عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 17-06-2012, 10:58 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New خطبت فتاة ثم فسخت الخطبة من قبلهم بدون سبب فهل هم ظلمة؟

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، جزاكم الله خيرا على هذا الجهد الجهيد، جعله الله في ميزان حسناتكم يوم القيامة.

مشكلتي أنني خطبت فتاة محجبة جميلة متدينة جدا حافظة لكتاب الله، ومن أسرة على قدر كبير من الصلاح والاستقامة نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله أبدا، واكتشفت بعد الخطوبة أنهم أغنياء أيضا وأنا من أسرة متوسطة شبة ميسورة ولله الحمد والفضل، ووعدناهم بالاستجابة لكل متطلبات ومستلزمات الزواج وتم الاتفاق على كل شيء، وقاموا جميعا بمعاينة شقة الزوجية ولم تعجب خطيبتي ووعدتها أنا بالبحث عن أخرى فورا، إلا أن والدها رفض وقال لي إن الشقة جيدة والإنسان يبدأ حياته صغيرا ثم يكبر وينمو مع الأيام ويأتيه الرزق والسعة من عند الله، وكان الرجل قمة في علمه وتواضعه وأخلاقه وفوق ذلك كان مقتنعا بي ويحبني ويحترمني جدا، دامت الخطبة أسابيع قليلة جدا، ثم فوجئت باتصال تليفوني من والدتها تخبر والدتي أن كل شيء نصيب وشاكرين لكم، وهكذا وبكل بساطة انتهى الموضوع وبدون أي أسباب، أنا لم أحاول الاتصال بهم مرة ثانية، على أساس أن الإنسان لديه كرامة وأن هؤلاء الناس

( غفر الله لهم ) يقولون لك لا نريدك، وبالتالي اتصالي يعتبر تطفلا عليهم، وانتهى الموضوع، ويشهد الله أنني لم أرتكب أي مخالفة معهم سواء أكانت دينية أو دنيوية، وكنت في الأيام القليلة التي قضيتها معهم مثالا لحسن الخلق والأمانة والأدب، لم يؤثر في هذا الموضوع كثيرا وقمت بخطبة فتاة أخرى رشحها أخي من أسرة فقيرة ولكن ذات دين وأخلاق حسنة، كنت أتوسم في فتاتي الجديدة الخير والالتزام وتزوجتها، وللأسف وجدتها عصبية جدا وسيئة الخلق حتى مع أهلها، لا تحافظ على صلواتها ولا تحترم وتقدر زوجها حتى بت أظن أنها تكره نفسها أيضا مع كمية الحقد والغيرة التي تملأ قلبها وتحكم تصرفاتها وسلوكها، وإلى الآن أن صابر عليها وأحاول أن أعالجها بما يرضي الله من وعظ وتذكير أحيانا ومن حب وحنان وإكرام أحيانا أخرى، وأتذكر على فترات متابعة فتاتي الأولى وأقول سامحكم الله، لماذا فسختم الخطبة والتي هي وعد بالزواج بدون أي سبب واضح ديني أو دنيوي معنويا أو ماديا، ـ قدر الله تعالى وما شاء فعل ـ ولله الحمد والفضل والمنة والثناء الحسن.

والسؤال هل أنا أعتبر مظلوما في هذه الحالة؟ وهل أثاب على ما حدث معي، وجزاكم الله كل خير وجعلكم في عون إخوانكم المسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طاهر الشيخ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فقبل الإجابة على سؤالك الكريم الذي ختمت به هذه الرسالة نود أن نهنئك تهنئة من صميم قلوبنا على هذا الموقف النبيل الذي قد قمت به، إنك شاب بحمد الله عز وجل تحترم نفسك وتقدر كرامتك، وأيضًا فأنت لم تحملك العزة على الإثم، فلا زلت تثني على والد مخطوبتك الأولى الثناء العطر الطيب، مما يدل على أن لديك الإنصاف بحمد الله ولديك حفظ المودة. وأيضًا فقد صنت كرامتك بعدم إلقاء نفسك على الناس وقد صرحوا لك بعدم الرغبة في إتمام الزواج، ولا ريب أن هذا القرار عادة لا يتم إلا بعد اتفاق الأسرة، نعم قد يكون هنالك بعض الخلافات بينهم ولكن القرار لا يصدر إلا باتفاق من ولي أمرها مع باقي الأسرة كما لا يخفى على نظرك الكريم. فقد أحسنت بأن سددت باب المشاكل بينك وبينهم وأبقيت ذكرًا حسنًا ومودة في الله عز وجل.

ثم لك التهنئة الأخرى على هذا الموقف العظيم الذي جعلك تنظر لمصلحتك، فأنت لم تتشبث بهذه المخطوبة وتجلس واضعًا يدك على خدك كاسفًا حزينًا ولكنك بحثت عن صاحبة الخلق والدين لتعف نفسك ولتجد الزوجة الصالحة التي تقر عينك، وبحمد الله أن هذا قد تم وهأنت الآن صاحب زوجة ولله الحمد وسيأتي التعقيب على كلامك الذي أشرت إليه عن أخلاق زوجتك الكريمة.

وأما عن سؤالك هل تعتبر مظلومًا لأن أهل المخطوبة قد ردوك بغير سبب ظاهر، فهذا لا يعتبر من الظلم المحرم لأن لوليِّ الفتاة أن يرد الخطبة على الخاطب حتى ولو لم يكن هنالك سبب ظاهر، فإن الخطبة مجرد مواعدة وإبداء الموافقة المبدئية، وليس هنالك عقد شرعي يلزمهم بذلك. وأيضًا فإن هنالك أمورًا نفسيًّا قد اعتبرها الشرع الكريم، فقد لا تميل الفتاة للخاطب من جهة الرغبة ومن جهة الميل النفسي، وهذا أمر معتد به حتى صرح النبي - صلوات الله وسلامه عليه - في حكمه الشريف العدل الكريم بأنه يجوز للمرأة أن تطلب فراق زوجها إذا ثبت لديها أنها تبغضه ولا تستطيع أن تعيش معه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صحابية كريمة جاءته لا تنقم على زوجها دينًا ولا خلقًا فسألت فراق زوجها لأنها تبغضه ولأنها تخشى على نفسها الوقوع فيما يغضب الله في التعامل معه، فأمرها صلوات الله وسلامه عليه أن تختلع منه، فأخذ الأئمة الفقهاء – عليهم جميعًا رحمة الله تعالى – من هذا أن الكراهة التي قد تكون في النفس من جهة الزوجة للزوج أنها تبيح لها مثل هذا الشأن في فراق زوجها، فكيف بالخطبة التي هي مجرد مواعدة، وليس هذا شرطًا في أن يكون هذا هو السبب ولكن هذا الكلام سيق لك ليبين لك أن الأمور النفسية لها اعتدادها في الشرع، فقد تكون الفتاة غير مرتاحة للزواج من هذا الخاطب، ليس لأمر يعود في منظره أو يعود في أخلاقه، بل قد يكون الأمر مجرد شعور داخلي لديها نظرًا لعدم الألفة أو ظن عدم التوافق وغير ذلك من الأسباب التي قد تكون لدى الفتاة، على أن ترك الخطبة أمر جائز لولي الفتاة إذا رأى مصلحتها في ذلك أو لها إن رأت مصلحتها تتحقق بهذا، فليس في هذا من ظلم ولله الحمد، ومع هذا فأنت مأجور على ما وقع لك وهذا هو جواب الشق الثاني من سؤالك لأن كل ما وقع لك هو من جملة الأمور المحزنة التي يؤجر عليها المؤمن، ولذلك ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يصيب المسلم من نصب – أي تعب – ولا وصب – أي مرض – ولا هم ولا حزنٍ ولا أذىً ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ). فكل أذى يصيب المؤمن في بدنه أو في نفسه يؤجر عليه، ولا ريب أن مثل هذا يسبب لك حزنًا وهمًّا كما هو معلوم بحكم الطبيعة البشرية، فأنت مأجور مثاب - بحمد الله عز وجل – لاسيما وقد صبرت واحتسبت وصنت لسانك عن الوقوع في هؤلاء الناس لا كما يقع من بعضهم عندما يُرد فيبسط لسانه في مخطوبته وفي أهلها، فالحمد لله الذي صانك وعافاك وجعلك من المحسنين.

ويبقى ها هنا الإشارة إلى استيائك من أخلاق زوجتك الكريمة، فيا أخي لابد أن تعلم أن هذه الزوجة التي هي الآن في بيتك ويجمعك معها سقف واحد إنما هي زوجتك التي جعل الله لك عليها الرعاية وجعلك قيمًا عليها، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، فينبغي لك أن تنظر إلى هذه الزوجة على أنها هدية ساقها الله لك لكي تكون سببًا في زيادتها في الدين سببًا في إيمانها، سببًا في تحسين أخلاقها، ألا تكون داعية إلى الله جل وعلا؛ فأحق من بدأت بهم هم أهلك الأقربون، وها هي زوجتك من أهلك وهي أحق من أديت لها النصيحة وأحق من دللتها إلى طاعة الرحمن، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. وقال صلوات الله وسلامه عليه كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، فكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته) متفق على صحته.

فينبغي أن تتودد إليها وأن تكون مثالاً للزوج الصالح الذي يروي زوجته حبًّا وحنانًا وفضلاً وسعة صدر وخلقًا، هذا عدا ودادك إليها وتقديم الهدايا اللطيفة إليها وإظهار الفرحة بها والسرور والبهجة بقربها، فإن كل هذا يجعلك تملك قلبها، فإذا ملكت قلبها سهل عليك أن تؤدي إليها أفضل الأخلاق وأفضل الإرشادات والنصائح فتجدها مستجيبة - بإذن الله عز وجل – آخذة بما وصلها من الحق، فاعتبر زوجتك غنيمة ساقها الله إليك، واصبر عليها يا أخي، وما تجده من تقصير من جهتها فهذا أمر قد يقع لكثيرًا من الناس، فحاول أن تأخذ الأمر برفق وهدوء وأن تجعل من هذه الزوجة بابًا يفتح لك إلى الجنة بدعوتها والصبر عليها وإيصال الحق لها وإظهار البشاشة في وجهها، وتذكر وصية نبيك الناصح الأمين - صلوات الله وسلامه عليه – الذي يقول: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي في سننه.

والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين القائمين بما أمر الله تعالى على الوجه الذي يرضاه عنك وأن يجعلكم أهل بيت مؤمنين وأن يرزقكم الذرية الطيبة، وأهلاً وسهلاً بك


وبالله التوفيق.
__________________
رد مع اقتباس