عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 06-11-2012, 10:15 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الجهاد في سبيل الله


علي بن عبدالعزيز الراجحي

تعريف الجهاد :
الجهاد لغة : مصدر من الجهد والجهد بفتح الجيم وضمها وهما الطاقة والمشقة ، تقول : جهد دابته وأجهدها : بلغ جهدها وحمل عليها في السير فوق طاقتها .
والاجتهاد : بذل الوسع والمجهود . أما في الشرع ، فله إطلاقان :
أ ـ إطلاق خاص ، ويراد به : بذل الجهد في قتال الكفار والبغاة .
ب ـ إطلاق عام ، وقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية. ـ رحمه الله ـ بقوله: ( الجهاد حقيقة الاجتهاد في حصول ما يحب الله من الإيمان والعمل الصالح ، ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان ). (مجموع الفتاوي 10 /191)
وعلى هذا ، فكل ما يبذله المؤمن من جهد في الإيمان بالله تعالى وطاعته، ومقاومة الشر والفساد والانحراف ، ومجاهدة النفس في استقامتها على دين الله تعالى، ومجاهدة الشيطان لدفع وسواسه ، كذلك من الجهاد في سبيل الله .

أقسام الجهاد :
ينقسم الجهاد باعتبار إطلاقه إلى ما يلي :
1- مجاهدة النفس ، ويكون بالتزود من العلم الشرعي الذي ينير البصيرة ، ويوضح الطريق ثم بمجاهدتها للاستقامة على العمل الصالح المبني على العلم الصحيح .
ومن جهاد النفس : مجاهدتها بكبح أهوائها وغرائزها التي تجنح بالإنسان إلى الانغماس في الشهوات المحرمة ، يقول تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) . (سورة العنكبوت آية 69) .
ومن جهادها أيضاً : بذل المال في وجوه الخير بعامة ، وفي إعداد القتال بخاصة ، يقول تعالى : ( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ). (سورة الأنفال آية 60)
2- مجاهدة الشيطان ، ويكون بدفع ما يلقي الشيطان في النفس من الشبهات المضلة ، والشهوات المحرمة .
3- مجاهدة الفساق ، ويكون بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وتوجيههم وإرشادهم ونصحهم بالتي هي أحسن .
4- مجاهدة المنافقين ، ويكون بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، ودحض شبهاتهم وإرجافاتهم ، وبيان زيف ادعاءاتهم .
5- مجاهدة الكفار بدعوتهم وقتالهم.ينظر : ( زاد المعاد لابن القيم 3/5 ) .

فضل الجهاد في سبيل الله :
الجهاد في سبيل الله الذي هو قتال الكفار ذورة سنام الإسلام ، وبه قام هذا الدين ، وارتفعت رايته ، وهو من أعلى القربات ، وأجل الطاعات ، شرع لإعلاء كلمة الله تعالى ، وتبليغ دعوته للناس كافة ، والآيات الكثيرة ، والأحاديث النبوية دالة على هذا الفضل ، يقول تعالى ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله في***ون وي***ون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) (سورة التوبة آية 111) ويقول تعالى ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم) (سورة التوبة الآيات 20 ـ22 ) ويقول تعالى ( ولا تحسبن الذين ***وا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ). (سورة آل عمران الآيات 169 ـ 171) .
وروى الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العمل أفضل ؟ فقال : ( إيمان بالله ورسوله ) ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : ( الجهاد في سبيل الله .. ) الحديث (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الإيمان ، باب من قال إن افيمان هو العمل 1/77 برقم 26 ، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1/88 برقم83 ) .
وأخرجا أيضاً عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً : ( لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ). (أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد ، باب الغدوة والروحة في سبيل الله 6/13 برقم2792 ، وأخرجه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب فضل الغدوة والروحة 3/1499 برقم 1880 ) .

حكم الجهاد :
اتفق علماء المسلمين على أن جهاد الكفار وقتالهم لنشر دين الله فرض ، ولكنه فرض كفاية ، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، وذلك لقوله تعالى : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) . (سورة النساء آية 95)
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وهذا يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم). (المغني 13/6).
وقال تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) (سورة التوبة آية 122) فنفى الله تعالى أن ينفر المسلمون للجهاد كافة ، وحض على أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة تقوم بفرض الجهاد الذي يسقط عن الطائفة الباقية .

الحالات التي يتعين فيها الجهاد :
ذكر العلماء أن الجهاد يتعين على الشخص في حالات ثلاث :
1- إذا تقابل الصفان ، فيحرم على من حضر الانصراف ، يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار* ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ). (سورة الأنفال آيات 15 ، 16) .
2- إذا نزل الكفار ببلد معين ، تعين على أهله قتالهم ودفعهم ، فالدفاع عن النفس واجب ، قال تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذي يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) (سورة البقرة آية 190) .
3- إذا استنفر ولي الأمر قوماً لزمهم النفير ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل * إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير ) (سورة التوبة آيات 38 ، 39)

متى يكون القتال جهاداً في سبيل الله ؟
لا يخرج القتال عن مقصدين :
1- أن يكون تلبية لأمر الله ، وتضحية في سبيله ، ونشراً لعقيدة التوحيد ، ودفاعاً عن حياض الإسلام وديار المسلمين وإعلاء لكلمة الله ، فهذا الجهاد في سبيل الله .
2- أن يكون خلاف ذلك المقصد ، كأن يقاتل شجاعة ، أو حمية أو قومية ، أو طلباً لمال ، ونحو ذلك من الشعارات والمذاهب الباطلة ، فهذا لا يكون في سبيل الله . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ قال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ). (أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد ، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 6/28 ، برقم 2810 ، وأخرجه مسلم كتاب الإمارة ، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 3/1512 برقم 1904 )

الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة :
من حكمة الله تعالى أن جعل الصراع بين الحق والباطل باقٍ إلى يوم القيامة ، وما دام هذا الصراع موجوداً فالجهاد موجود ، لا يحد بوقت معين ، فمتى وجد الباطل والضلال والكفر ، فالجهاد ماض ، وفضيلته باقية بحسب كل زمان ومكان ، قال تعالى ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) (سورة البقرة آية 217)
وعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) . ( رواه مسلم في الإمارة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة .. ) 3/1524 رقم 1923. وقال صلى الله عليه وسلم ( الخير معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) (رواه البخاري رقم 2849 ، ومسلم رقم 1871 ) .
__________________
رد مع اقتباس