عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-10-2013, 02:07 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثواب القرآن
قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(1). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا(2). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَننَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ ولاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا(3). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ(4). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا(5). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا(6). وَحَبْلُ اللهِ هُوَ الْقُرْآنُ. وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(7). وَقَالَ -تَعَالَى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ(8). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا(9).
ثُمَّ إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعَدَ مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى كَلاَمِهِ، فَأَحْسَنَ الأَدَبَ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ، بِالاعْتِبَارِ الْجَمِيلِ، وَلُزُومِ الْوَاجِبِ لاتِّبَاعِهِ، وَالْعَمِلِ بِهِ - أَنْ بَشَّرَهُ اللهُ مِنْهُ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَوَعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ أَفْضَلَ الثَّوَابِ؛ فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِي * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ(10). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ(11)).
قال محمد بن الحسين: (فَكُلُّ كَلاَمِ رَبِّنَا حَسَنٌ لِمَنْ تَلاَهُ، وَلِمَنِ اسْتَمَعَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا هَذَا -وَاللهُ أَعْلَمُ- صِفَةُ قَوْمٍ إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَتَبَّعُوا مِنَ الْقُرْآنِ أَحْسَنَ مَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى- مِمَّا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ مَوْلاَهُمْ الْكَرِيمُ، يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ رِضَاهُ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ، سَمِعُوا اللهَ قَالَ: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(12). فَكَانَ حُسْنُ اسْتِمَاعِهِمْ يَبْعَثُهُمْ عَلَى التَّذَكُّرِ لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَسَمِعُوا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ(13).
وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللهُ عَنِ الْجِنِّ فِي حُسْنِ اسْتِمَاعِهِمْ لِلْقُرْآنِ، وَاسْتِجَابَتِهِمْ لِمَا نَدَبَهُمْ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَوَعَظُوهُمْ بِمَا سَمِعُوا مِنَ الْقُرْآنِ بِأَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَوْعِظَةِ، قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا(14). وَقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ﴾(15)).
قال محمد بن الحسين: (وَقَدْ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي سُورَةِ ق: ﴿وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ(16). مَا دَلَّنَا عَلَى عَظِيمِ مَا خَلَقَ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ عَجَائِبِ حِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَوْتَ وَعَظِيمَ شَأْنِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ وَعَظِيمَ شَأْنِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْجَنَّةَ وَمَا أَعَدَّ فِيهَا لأَوْلِيَائِهِ، فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ(17)... إِلَى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾(18).
فَأَخْبَرَ -جَلَّ ذِكْرُهُ- أَنَّ الْمُسْتَمِعَ بِأُذُنَيْهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مُشَاهِدًا بِقَلْبِهِ مَا يَتْلُو وَمَا يَسْتَمِعُ؛ لِيَنْتَفعَ بِتِلاَوَتِهِ لِلْقُرْآنِ، وَبِالاسْتِمَاعِ مِمَّنْ يَتْلُوهُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- حَثَّ خَلْقَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَبَّرُوا الْقُرْآنَ، فَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(19). وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا(20)).
قال محمد بن الحسين: (هَلْ تَرَوْنَ -رَحِمَكُمُ اللهُ- إِلَى مَوْلاَكُمُ الْكَرِيمِ، كَيْفَ يَحُثُّ خَلْقَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَبَّرُوا كَلاَمَهُ؟! وَمَنْ تَدَبَّرَ كَلاَمَهُ عَرِفَ الرَّبَّ -عَزَّ وَجَلَّ، وَعَرِفَ عَظِيمَ سُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَعَرِفَ عَظِيمَ تَفَضُّلُهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَعِرَفَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَرْضِ عِبَادَتِهِ، فَأَلْزَمَ نَفْسَهُ الْوَاجِبَ، فَحَذِرَ مِمَّا حَذَّرَ مَوْلاَهُ الْكَرِيمُ، وَرَغِبَ فِيمَا رَغَّبَ فِيهِ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ عِنْدَ تِلاَوَتِهِ لِلْقُرَآنِ، وَعِنْدَ اسْتِمَاعِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ الْقُرْآنُ لَهُ شِفَاءً، فَاسْتَغْنَى بِلاَ مَالٍ، وَعَزَّ بِلاَ عَشِيرَةٍ، وَأَنِسَ بِمَا يَسْتَوْحِشُ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَكَانَ هَمُّهُ عِنْدَ تِلاَوَةِ السُّورَةِ إِذَا افْتَتَحَهَا: مَتَى اتَّعِظُ بِمَا أَتْلُو؟ وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ: مَتَى أَخْتِمُ السُّورَةَ؟! وَإِنَّمَا مُرَادُهُ: مِتَى أَعْقِلُ عَنِ اللهِ الْخِطَابَ؟ مَتَى أَضَّجِرُ؟ مَتَى أَعْتَبِرُ؟ لأَنَّ تِلاَوَتَهُ لِلْقُرْآنِ عِبَادَةٌ، وَالْعِبَادَةُ لاَ تَكُونُ بِغَفْلَةِ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ).

وفي المسألة الثالثة: بدأ يذكر المؤلف ثواب تلاوة القرآن، واستشهد بآية سورة فاطر: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ(21). وهذه الآية سماها أهل العلم: آية القُرَّاء؛ حيث بَيَّن الله -تعالى- فيها الثواب العظيم المترتب للذين يقرؤون القرآن الكريم، ويداومون على تلاوته، ويحافظون على أوامره، ويطبقونها في حياتهم؛ ولهذا ذكر الله -تعالى- الركن الثاني من أركان الإسلام في الأجر والثواب لأهل القرآن، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ﴾. وهذا يدل على أن الذي يقرأ القرآن ويتلوه، عليه أن يعمل به، فمَن تلاه حقَّ تلاوته، دَلَّه إلى العمل، وإلى كل خير من الأعمال الصالحة، ومن أعظمها وأجلِّها الصلاة.
وأجور أهل القرآن عظيمة وكثيرة ومتعددة، أجملها الله -تعالى- في هذه الآية التي هي آية القراء، وسَمَّى قراءةَ القرآن والمداومةَ عليها التجارةَ النافعةَ، وهي التجارة الرابحة، التي لا يتطرق إليها بوار ولا كساد ولا فساد، فالأجر متحقق، والثواب متحقق من الله -جل وعلا، ووعده حق، وكلامه صدق: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(22).
وبيَّن النبي -عليه والصلاة السلام- تفصيلاً الأجر المترتب على التلاوة بيانًا دقيقًا واضحًا في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عند الترمذي، قال -عليه الصلاة والسلام: « مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ فِيهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بَعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ: آلم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»(23).
فإذا كان قارئ القرآن يأجر على تلاوته بالحرف الواحد، وأنه إذا قرأ هذا القرآن حصل على أجور متعددة ومضاعفة من الله -جل وعلا، وإذا كان العلماء قد عَدُّوا آيات القرآن الكريم، وأنها تربو على ستة آلاف، فكيف بالحروف؟!
__________________
رد مع اقتباس