عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-10-2013, 02:12 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

هذا نوع من التدبر؛ ولهذا هنا فائدة في التدبر: أن التدبر للقرآن الكريم يورث العلم، كيف يكون ذلك؟ لا يحصل لك علم بالقرآن الكريم وما فيه من الهداية والدلالات إلا بالتدبر والتأمل والتفكر، فإذا تدبرت هذه الآيات ازددت علمًا، ومعنى التدبر أنك إذا قرأت الآية فاذهب واقرأ تفسيرها في كتب التفسير، وراجع ما قاله أهل العلم من الصحابة والتابعين أولاً من تفسير القرآن، فكل آية لها تفسير تأخذه من القرآن أو من السنة أو من أقوال الصحابة أو من أقوال التابعين أو من الاستنباطات التي يستنبطها أهل العلم في كتبهم ومؤلفاتهم في التفسير، فيزول عنك الإشكال وتزداد بذلك العلم؛ ولهذا قالوا: التدبر يورث العلم، ذكر هذا ابن القيم(55)-رحمه الله تعالى.
كما أن اتباع القرآن يورث العمل، فنحن بين تدبر وبين اتباع، قال الله -تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ(56)، وقال -تعالى- في آية أخرى عن الاتباع: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم(57)، وقال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(58)، فرتب على الاتباع حصول التقوى فقال: ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
فاتباع القرآن الكريم يدفعك إلى العمل به، هذا هو الاتباع الحقيقي، فالاتباع ليس أقوالاً جوفاء فحسب، وإنما هو أعمال، فإذا حرم الله -تعالى- عليك الربا، فاتبع هذا الأمر، ولا تحدثك نفسك أو تميل بك شهوتك في الدنيا وحب المال إلى أن تقترف هذا المحرم.
فالربا حرمه الله -تعالى- بكل صوره فقال: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا(59)، فمن كانت تنازعه نفسه بين ربا أو غيره فإذا جاءه أمر القرآن ترك الربا، ولا يتردد في ذلك، واتبع أمر الله -تعالى- وسلك المسلك الصحيح، وهذا الأمر وقع فيه في هذا الزمن كثير من الناس؛ ولهذا بيَّن الله -جل وعلا- في آيات الربا دلالات عظيمة لمن تأملها لأن ذلك:
أولاً: مرتبط بالإيمان بالله، فمن ارتكب شيئًا من المعاملات الربوية فقد خالف مقتضى الإيمان، ورد هذا في آيتين من القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا(60)، فصدرها بالإيمان، وقال -تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا(61)

ثانيًا: أنه -تعالى- ذكرنا باليوم الآخر في آخر السياق فقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ(62)، وأنه سيكون هناك حساب وعقاب ومسائلة على هذا العمل وعلى هذا الفعل، فالإنسان يتبع القرآن، فالاتباع يورث العمل، والتدبر يورث العلم، فإذا أردت أن تعلم ما في هذا القرآن من الدلالات والمعاني والدقائق ولطائف التفسير عليك بالتدبر وقراءة التفسير حول هذه الآيات التي تقرأها.
لذا؛ يقول المؤلف: (منْ تَدبرَ كلامَه -أي كلام ربه- عَرفَ ربَّه -عزّ وجلّ)، أي: حق المعرفة، فعظم الله في نفسه؛ لأنه يقرأ كلام ربه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، وعظَّم كلامه -جل وعلا- وعظَّم أمره ونهيه، لأنه إذا تدبر القرآن واتبعه وعمل بما فيه أعزه الله ولو كان ذليلاً، وأغناه ولو كان فقيرًا، ورفعه ولو كان حقيرًا، هكذا يكون أهل القرآن دائمًا، فهم مرفوعون عند الله في الدنيا وفي الآخرة، قال الله -تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ(63).
قال أهل العلم: إن المراد بهم أهل القرآن، كما ذكر ذلك أهل التفسير، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال في صحيح مسلم في قصة عمر بن الخطاب: « إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»(64)، إذا كان ثمة تدبر واتباع للقرآن الكريم فثم السعادة حينئذ والحياة الطيبة.
(1) فاطر: 29- 30.
(2) الإسراء: 9- 10.
(3) الإسراء: 82.
(4) يونس: 57.
(5) النساء: 174- 175.
(6) آل عمران: 103.
(7) الزمر: 23.
(8) ص: 29.
(9) طه: 113.
(10) الزمر: 17- 18.
(11) الزمر: 54- 55.
(12) الأعراف: 204.
(13) ق: 45.
(14) الجن: 1 - 2.
(15) الأحقاف: 29 - 31.
(16) ق: 1.
(17) ق: 35.
(18) ق: 37.
(19) محمد: 24.
(20) النساء: 82.
(21) فاطر: 29 - 30.
(22) الأنعام: 115.
(23) صحيح: أخرجه الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر (2910). قال الترمذي: حسن صحيح غريب. قال الألباني في صحيح الترمذي: صحيح.
(24) المائدة: 16.
(25) الفاتحة: 6.
(26) الإسراء: 82.
(27) النساء: 175.
(28) آل عمران: 103.
(29) الزمر: 23.
(30) الأعراف: 204.
(31) الأعراف: 156.
(32) الأعراف: 56.
(33) العلق: 19.
(34) الزمر: 18.
(35) يوسف: 3.
(36) محمد: 17.
(37) مريم: 76.
(38) هود: 114.
(39) الرعد: 28.
(40) التوبة: 122
(41) صحيح: أخرجه أحمد في المسند (6799)، أبو داود: كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة (1464)، الترمذي: كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من كتاب الله ما له من الأجر (2914)، قال الترمذي: حسن صحيح، من حديث عبد الله بن عمرو، وقال الألباني في صحيح أبي داود: حسن صحيح.
(42) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة (804) من حديث أبي أمامة الباهلي.
(43) حسن صحيح: أخرجه أحمد في المسند (6626)، الحاكم في المستدرك (1/740) من حديث عبد الله بن عمرو، قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: حسن صحيح.
(44) ق: 1.
(45) ق: 45.
(46) ص: 29.
(47) النساء: 82.
(48) محمد: 24.
(49) محمد: 16.
(50) ص: 29.
(51) التوبة: 119.
(52) فصلت: 42.
(53) الإسراء: 88.
(54) البقرة: 179.
(55) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز، شمس الدين أبو عبد الله، الزرعي، ثم الدمشقي. الفقيه الأصولي، المفسر النحوي، العارف.ابن قيم الجوزية. تفقه في المذهب الحنبلي، وبرع وأفتى، ولازم شيخ الإسلام ابن تيميَّة. وكان ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة، ولهج بالذكر. له تواليف حسان؛ منها: "زاد المعاد"، و"بدائع الفوائد". ولد سنة إحدى وتسعين وست مئة، وتوفي سنة إحدة وخمسين وسبع مئة. انظر: البداية والنهاية (18/ 523)، والذيل على طبقات الحنابلة (5/ 170 ترجمة 600).
(56) ص: 29.

(57) الأعراف: 3.
(58) الأنعام: 155.
(59) البقرة: 275.
(60) آل عمران: 130.
(61) البقرة: 278.
(62) البقرة: 281.
(63) المجادلة: 11.
(64) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يؤم بالقرآن ويعلمه وفضل من تعلم حكمه، (817) من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.
__________________
رد مع اقتباس