عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 09-10-2013, 11:21 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فالحياة الطيبة في هذه الدنيا في السعادة، وفي طمأنينة النفس، وفي القناعة، وفي الزهد، وفي الآخرة بدخول الجنة، ورؤية الرب -جل وعلا، فهذا النبي عيسى -عليه السلام- وصفه الله -تعالى- بأنه وجيه في الدنيا، ووجيه في الآخرة، وأنه من المقربين، وهكذا أنبياء الله –تعالى؛ لأنهم المصطفون من عباده، فنَفْهَم من قوله -عليه الصلاة والسلام: « للهِ أَهْلُونَ». أو في الرواية الأخرى: « إِنَّ للهِ أَهْلِينَ». لما سُئِل -عليه الصلاة والسلام: مَنْ هم يا رسول الله؟ قال: « أَهْلُ الْقُرْآنِ، هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ». وأكد ذلك بالخصوصية أيضًا بأنهم يظهرون كلام الله -جل وعلا- ويقرؤونه وينشرونه؛ إما بتلاوته، أو بالدعوة إليه، أو بالعمل بأحكامه، أو بالسير على منهاجه، فكل هذا العمل داخل في هذه القربة إلى الله -تعالى.
إذن نفهم من قوله: « إِنَّ للهِ مِنَ النَّاسِ أَهْلِينَ». أن أهل القرآن هم أولياء الله -تعالى، وهم أقرب الناس إلى ربهم وخاصته، اختصهم الله -تعالى- من بين سائر الناس؛ لأن الناس في هذه الحياة الدنيا يلهون ويسرحون ويمرحون وينخدعون بزخارفها ومتاعها وشهواتها، فمنهم العاصي من المؤمنين، ومنهم الكافر الذي كفر بربه، فهؤلاء بعيدون عن القرآن؛ فأهل الكفر بعيدون كلَّ البعد، وأهل المعاصي يتركون القرآن تارة ويبتعدون عنه تارة.
ولكن أهل الطاعة هم أهل الإيمان، وهم أهل القرآن، وهم أهل الخاصة، وهم خاصة الناس المقربون إلى الله -جل وعلا- في كل شؤونهم وأحوالهم، فلا تنفك حياتهم ولا أعمالهم عن القرآن، فكما يأكلون ويشربون وينامون ولا يتخلون عن هذه الأمور، فإنهم لا يتخلون عن القرآن؛ لأن مَن دَاوم على القرآن الكريم حصلت له طمأنينة النفس وسعادتها وفلاحها ونجاحها في هذه الدنيا، وحصل له الخير العظيم في الدنيا وفي الآخرة؛ لأنه يعمل بهذا القرآن ويتلوه.
والمؤمن عليه أن يخصص لنفسه دائمًا وقتًا يقرأ فيه القرآن؛ حتى ينال هذا الوصف العظيم الذي جاء من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أهل القرآن هم أهل القرب من الله -جل وعلا، وهذه الصفة لا تكون إلا للعاملين بالقرآن، كما تقدم في الآيات: ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ(22)، أي: يعملون به حق العمل، فالعاملون بالقرآن المتبعون له المتدبرون لآياته المستجيبون لأوامره، هؤلاء هم أهل القرآن، وهؤلاء هم أولياء الله، وهؤلاء هم المقربون من الله -جل وعلا، قد عصمهم الله من الموبقات، ومن وساوس الشيطان.
فالْمُقْدِم على الله -تعالى- بالطاعة والعبادة -ومن أعظمها تلاوة القرآن- لا يستطيع الشيطان أن يأتيه، أو يوسوس له، أو يضله، أو يغويه: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾(23). وقال: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾(24). أي: عبادي الْخُلَّص من هؤلاء المؤمنون حق الإيمان، التالين لكتاب الله -تعالى.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص جاء أيضًا في بيان ثواب قارئ القرآن في الآخرة، كما أنه نال الثواب في الدنيا، وصبر واحتسب، وانقطع عن زخارف الدنيا، ومتاعها وشهواتها، وأقبل على القرآن يتلوه ويتعلمه، ويتدبر ما فيه؛ لذلك ستكون النتيجة يوم القيامة، وستكون الثمرة العظمى؛ لأنه صبَر واحتسب، وسهر الليل، وداوم على القراءة آناء الليل وآناء النهار، فسوف يجد هذا العمل -إذا اقترن بالإخلاص لله -تعالى- في يوم القيامة، في ذلك اليوم الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين، لأهل القرآن فيه خصوصية على غيرهم، ومن هذه الخصوصية: أنه يُنَادَى حينما يدخل الجنة، ويقال له: اقرأ القرآن، وارقَ هذه الدرجات التي أعدها الله -تعالى- لأهل القرآن العاملين به: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ(25).
فمَن حفظ القرآن -كله أو بعضه- وعمل بما فيه، وتأدب بآدابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، وتخلق بأخلاق القرآن الكريم، واتصف به - هو الذي ينطبق عليه حينئذ الوصف العظيم؛ ولهذا كان من صفات النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يتخلق بأخلاق القرآن الكريم، فما من خلق جاء في القرآن الكريم إلا وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام.
وفي صحيح مسلم: جاء رجل إلى عائشة -رضي الله عنها- يسألها عن الأخلاق، التي كان يتصف بها -عليه الصلاة والسلام- حتى يتعلمها؛ فأوجزت له العبارة، وقالت: أولست تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قالت: كان خلقه القرآن(26). أي: كان يتأدب بآدابه، ويحل حلاله، ويحرم حرامه، ويأتمر بأمره، فالقرآن كله أوامر ونواهٍ وأخبار عن الله -تعالى، فمن كان كذلك في حياته فقد تخلق بأخلاق القرآن، وسوف يجد هذه الثمرة غدًا يوم القيامة، ﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾(27). في يوم يكون الإنسان مرتهن بعمله، فلا ينفعه فيه أحد من الناس، لا من البعيد ولا من القريب، إلا ما قدم من العمل: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(28). أي: بعملها، فلا تظن أنك حينما تقبل على هذا القرآن أنك تفرط في الوقت، وتضيع عليك أمور، بل إنك تجمع خيرات وحسنات عظيمة، إذا كانت مقرونة بالإخلاص لله -جل وعلا.
وهكذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرغب أمته، ويرغب أصحابه، فيرغب أمته بالإقبال على القرآن الكريم بهذه الأجور العظيمة المترتبة على تلاوة القرآن، كما ورد: « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ، كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا». فحينما يقول -عليه الصلاة والسلام- هذا الكلام العظيم لأصحابه، فإن نفوسهم تنطلق إلى القرآن الكريم، ويقبلون عليه، ويحفظونه، ويتدارسونه فيما بينهم؛ لأنهم سمعوا هذا الأجر والثواب من الصادق، الذي وعده لا يُخْلف؛ وهو ربنا -جل وعلا- على لسان نبينا -عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا أيضًا بيان لأن الإنسان سوف يرى أثر عمله في الآخرة، وسوف يرى أثر هذا العمل، وقراءة القرآن عمل، فإذا قرأ الإنسان القرآن الكريم، ودوام على ذلك، وكانت أغلب حياته وأغلب أوقاته مشغولة بالقرآن الكريم، فسوف ينال هذا الثواب العظيم الذي جاء في هذا الحديث، حتى إنه يقال له: « كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ». فليس هناك فرق بين ما كنت تقرأ في الدنيا، وما ستقرأ في الآخرة، فاقرأ كقراءتك في الدنيا.
وهذا يعطينا أيضًا فائدة، وهي أن الترتيل أفضل من غيره من أنواع القراءة، أو مراتب القراءة -كما تقدم في الأربع- وأن الترتيل هو أفضلها، فالذي يرتل في الدنيا سوف يرتل في الآخرة، فهذه الصفة -صفة التلاوة- بهذا النوع ستكون معه أيضًا في الآخرة، فكانت -من هذا الوجه- له أفضلية هذا الكلام، فيقال لقارئ القرآن: اقرأ. حينما يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ويتوجه العاملون إلى مراتبهم في الجنة، لكن صاحب القرآن من بين هؤلاء العاملين خُصَّ بخاصية عظيمة، وهي أنه في هذه الدرجات لا يتوقف إلا عندما تنتهي قراءته، فالذي يحفظ القرآن الكريم كاملاً يقف عند آخر آية، والذي يحفظ النصف كذلك، أو الربع، أو الثلث، أو أقل من ذلك، فهذا الفضل متفاوت حينئذ.
فمَن كان حافظًا للقرآن كله، عاملاً به، مقتديًا به، متأدبًا بآدابه، فهو أفضل ممن حفظ النصف، أو حفظ الربع، أو حفظ أقل من ذلك، فسَجِّل بنفسك هذه الحسنات، وادخر لنفسك هذا الثواب العظيم بقراءة القرآن الكريم، ومعنى قوله: « ارْقَ». أي: اصعد درجات هذه الجنة التي أعدها الله -تعالى- لأوليائه، على قدر ما تحفظه من هذه الآيات المصحوبة بالعمل، فإن كان حافظًا للقرآن كله كان في أعلى الدرجات، وإن كان أقل من ذلك كان أقل درجة أيضًا.
وأما حديث عبد الله بن عمرو أيضًا، وهو ملحق بالحديث السابق، وقد أخرجه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود(29)، وهذا من الثواب العظيم الذي يُضَمُّ إلى الآية السابقة التي وردت في أول الكتاب، وذكرها المؤلف، وهي آية عظيمة في سورة فاطر: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾(30). فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ﴾. أكدها بحرف (إن) المؤكدة، ثم أيضًا باسم الموصول (الذين)، ثم بصفة التلاوة: (يتلون) القرآن الكريم، ثم بوصف القرآن بـ (كتاب الله)، ثم بالإضافة (يتلون كتاب الله)، أي: يتلون هذا القرآن تلاوة -كما تقدم- مصحوبة بالعمل والتدبر والاتباع.
أما القراءة المجردة عن هذه الأمور، فإنها لا تدخل في هذه الآية، وربما تكون وبالاً على صاحبها؛ كما جاء في الحديث الآخر عند مسلم: « وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ»(31). يكون حجة لك إذا تلوته، وعملت بما فيه، وطبقت أحكامه، ووقفت عند حدوده، وما أحوج الإنسان لهذه الحجة يوم القيامة التي تدافع عنه، وهناك حجج مقبولة وقوية، ويظهرها الله -تعالى- يوم القيامة، وهناك حجج واهية وباطلة لا تنفع أصحابها يوم القيامة، كما قال -تعالى- عن الكفار: ﴿ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ(32).
أما أصحاب الحق والإيمان، والعمل الصالح، وأهل القرآن فحجتهم ظاهرة وقوية ونافعة في الدنيا وفي الآخرة، فإن الذين يتلون كتاب الله مع العمل بما فيه، فإن ذلك يثمر المحافظة على الصلاة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ(33). وأثمر الإنفاق في سبيل الله، والإنفاق على القربى، وعلى المساكين، وعلى الفقراء، وعلى المحتاجين من هذا الرزق الذي رزقه الله -تعالى- لهم، فأنفقوا منه ولو كان قليلاً، فلا يعنى أن الإنسان إذا كان تاجرًا ثريًّا أنفق، ولو كان فقيرًا لا ينفق.
إذن، انظر إلى القرآن الكريم الذي هو أساس عقيدة المسلمين، ماذا أثمر؟! أثمر العبادة الصالحة، والعبادة ماذا أثمرت؟ أثمرت الأخلاق، وما هي الأخلاق؟ الأخلاق: التعاون والإنفاق والرحمة والإحسان...
فالعقيدة الصحيحة المأخوذة من القرآن والسنة تثمر العبادة، وهذه العبادة هي: الصلاة والزكاة والصيام والحج... وهذه عبادات مفروضة، والعبادات المفروضة ماذا تثمر؟ تثمر الأخلاق وحسن التعامل، وانظر مثلاً إلى الصلاة في قول الله -تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾(34). فإذا كانت تنهى عن الفحشاء، فمعنى ذلك أنها تأمر بالخير، وهذا الأمر من الأخلاق.
كذلك الزكاة: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بهَا(35). فهذه هي الثمرة، والحج ماذا يثمر؟ ﴿ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ(36). والصيام ماذا يثمر؟ يثمر التقوى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(37). وآخر آية ذكرت التقوى، فكأن الصيام محافظ لسياج التقوى في أول آية وآخر آية، قال -تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾(38). وفي الآية الأولى قال: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. فالصوم يثمر التقوى، والتقوى لها منافع متعددة على حياة العبد، قال -تعالى: ﴿ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً(39). أي: في الخفاء وفي العلن، ومع ذلك يكرمهم الله -تعالى، ويزيدهم أجورًا على أجور، قال -تعالى: ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ(40). أي: يزيدهم على ذلك، ويزيدهم من فضله، والذي يقول هذا الكلام هو الذي وعده حق وصدق: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ(41). ﴿ وَيزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾(42). غفور لسيئاتهم وذنوبهم، يشكر الله أعمالهم هذه، فهذه أعظم آية جاءت في ثواب أهل القرآن الكريم؛ ولهذا سماها بعض السلف: آية القُرَّاء.
فهذه من الآيات الملَقَّبَات، كما جاء في آية الكرسي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- سماها آية الكرسي، وسميت آية الدين آخر سورة البقرة وسميت آخر آية في سورة الإسراء: آية العز: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾(43). فسماها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما عند ابن كثير(44) آية العز.
ثم جاء الحديث الذي بعده، وهو رواية عن أم الدرداء، وأم الدرداء زوجة أبي الدرداء، وأبو الدرداء له زوجتان: صغرى وكبرى، الصغرى هي التي تذكر لنا هذا الأثر، قيل: إن اسمها هجيمة أو جهيمة. وكانت أم الدرداء من فضليات النساء وعقلائهن، وكانت ذات رأي وعبادة ونسك، تُوفِّيت في خلافة عثمان -رضي الله عنه، ولما تُوفِّي زوجها خطبها معاوية(45) -رضي الله عنه- فأبت وامتنعت، واحتجت عليه بحديث رواه الطبراني(46) بسند صحيح، وقالت له: المرأة بآخر زوجها لا أتزوجك. فاحتجت بهذا، وكانت فقيهة وعالمة، وقالت: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: « الْمَرْأَةُ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا»(47). وقد أحببتُ أبا الدرداء؛ ولا أتزوج بعده.
__________________
رد مع اقتباس