(15) عَن الأَغَرِّ بْن يَسار المُزنِيِّ، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «يَا أَيُّها النَّاس تُوبُوا إِلى اللَّهِ واسْتغْفرُوهُ، فإِني أَتوبُ في اليَوْمِ مائة مَرَّة».
أولاً: تَخْرِيج الحَدِيث: رَوَاه مسلم (4/ 2702) والبخاري في "الأَدَب المُفرد" (1/ 621) والنسائي في "السُّنَن الكُبرى" (9/ 10206) وأحمد في "المُسند" (29/ 17850) وأبو بكر بن أبي شَيبة في "المُصَنّف" (6/ 29444) وعبد بن حميد في "المُسند" (1/ 363) والطبراني في "المُعجم الكبير" (1/ 883) والروياني في "المُسند" (2/ 1489).
ثانياً: التَّعرِيف بِرَاوِي الحَدِيث: هُـــوَ: الأغَرُّ بْنُ يَسَار المُزَنِيّ، صَحَابِيّ، مِن المُهَاجِرِينَ، لَهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث، لاَ يُعْرَف تَارِيخُ مَوْلِدِه ولاَ وَفَاتِه، رَضِيَ اللهُ عَنْه.
ثالثاً: شَرح الحَدِيث:
- (يَا أَيُّهَا النَّاس): المُرَادَ هُمُ المُؤْمِنُون، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. سورة النُّور، الآية: 31
- (فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْه): أَيْ: أَرْجِعُ رُجُوعًا يَلِيقُ بِهِ، وإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ بَيْنَ يَدَيْهِ (سُبْحَانَهُ وتَعَالَى).
- (فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّة): يُرَادَ بِهَا التَّكْثِير مِن الإسْتِغفَار. فَإِذَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَسْتَغْفِر رَبَّه فِي اليَوم مِائَة مَرَّة، وهُو المَعصُوم! فَنَحنُ أَوْلَى بِأَنْ نَسْتَغْفِر اللهَ عَزّ وَجَلّ ونَتُوب إِلَيْهِ فِي السَاعَة أَلْفَ مَرَّة.
-- واعلَم أَنَّ لِلتَّوْبَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوط:
(1) أَنْ يُقْلِعَ عَنِ المَعْصِيَةِ. (2) وَأَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا. (3) وَأَنْ يَعزِم عَزْماً جَازِماً عَلَى أَنْ لاَ يَعوُد إِلَى مِثْلِهَا أَبَدًا ... فَإِنْ كَانَتِ المَعْصِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِآدَمِيٍّ فَلَهَا شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ: (4) رَدُّ الظُّلَامَةِ إِلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَحْصِيلُ البَرَاءَةِ مِنْهُ ... فَإِذَا تَابَ الإِنْسَانُ إِلَى رَبِّه سَبْحَانَه وتَعَالَى، حَصَلَ بِذَلِك فَائِدَتَيْن:
فَالأُولَى: اِمْتِثَالُ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِه؛ وفِي اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِهِ كُلّ الخَيْر، فَعَلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ ورَسُولِهِ تَدُورُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَة.
والثَّانِيَة: الإِقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.
-- فَفِي الحَدِيث الشَّرِيف: وُجُوب التَّوْبَة والاِسْتِغْفَار، واسْتِمْرَار ذَلِك فِي كُلّ وَقْت، وعَلَى كُلّ حَال، لِأنَّ التَّوْبَةَ أَهَمُّ قَوَاعِدِ الإِسْلَامِ وهِيَ أَوَّلُ مَقَامَاتِ سَالِكِي طَرِيق الآخِرَة.