(20) عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ».
أولاً: تخريج الحديث: رواه البخاري (1/ 66) ومسلم (4/ 2167) والترمذي (5/ 2724) ومالك في "المُوَطأ" (1/ 4) وأحمد (36/ 21907) وأبو يعلى في "المُسنَد" (3/ 1445).
ثانياً: التَّعرِيف بِرَاوي الحِدِيث:هُـــوَ: الْحَارِثُ بْنُ عَوْفِ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عُتْوَارَةَ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ شُجَعِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، لَهُ صُحْبَةٌ، أَسْلَمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّة، ومَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ (68 هــ) وَسِنُّهُ خَمْسٌ وسَبْعُونَ سَنَة (70)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
ثالثاً: شَرح الحَدِيث
- (فِي الْمَسْجِد): النَّبَوِيِّ بالمَدِينَة المُنَوَّرَة.
- (وَالنَّاسُ مَعَه): جُمْلَةٌ حَالِيَّة.
- (نَفَر): عِدَّة رِجَال مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة.
- (فَلَمَّا وَقَفَا عَلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ): أَيْ عَلَى مَجْلِسِهِ.
- (فُرْجَة): هِيَ الْخَلَلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْن.
- (الْحَلْقَة): هِيَ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَدِيرٍ خَالِي الْوَسَطِ، وَالْجَمْعُ حَلَقٌ.
- (فَجَلَسَ فِيهَا): فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّحْلِيقِ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ، وَأَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى مَوْضِعٍ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِن غَيْرِهِ.
- (فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ): انِتَهَى مِمَّا كَانَ مُشْتَغِلًا بِهِ مِنْ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ أَوِ الذِّكْرِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
- (أَلَا): حَرْفُ تَنْبِيهٍ، يُسْتَفْتَحُ بِهِ الْكَلَامُ لِتَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ عَلَى ذَلِكَ لِتَأَكُّدِ مَضْمُونِهِ عِنْدَ التَّكَلُّم.
- (فَأَوَى): لَجَأَ.
- (فَاسْتَحْيَا): أَيْ تَرَكَ الْمُزَاحَمَةَ كَمَا فَعَلَ رَفِيقُهُ حَيَاءًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ أَصْحَابِهِ.