(21) الحَـــــــــسَـــــــــــــــنُ الـــــبَـــــــــــصْـــــــــــــــــــــرِيُّ
هُـــــــوَ: الحَسَنُ بنُ يَسَارٍ، أَبُو سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ. الإِمَامُ، العَلَمُ، الكَبِيرُ، سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالْبَصْرَةِ عِلْماً وعَمَلاً؛ أَدرَكَ الكَثِيرَ مِن صَحَابَةِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَخَذَ عَنْهُم العِلْمَ؛ ورَأَى أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ، وحَضَرَ مَعَهُ الجُمُعَةَ، وَسَمِعَهُ يَخْطُبُ.
مَـوْلِـــــدُهُ: وُلِدَ الحَسَنُ سَنَةَ إِحدَى وعِشْرِينَ (21 هــ). وَكَانَ فَقِيْهاً، عَالِماً، رَفِيْعاً، حُجَّةً، مَأْمُوْناً، عَابِداً، كَثِيْرَ العِلْمِ، فَصِيْحاً، جَمِيْلاً، وَسِيْماً؛ ومِنَ الشُّجْعَانِ المَوْصُوْفِيْنَ بِالْشَجَاعَةِ والإِقْدَامِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ.
قَـــالُــــــواْ عَـنـْــــهُ:
- قَالَ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْـهُ، لِطَلَبَةِ العِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ: الْزَمُوا الحَسَنَ البَصْرِيَّ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشْبَهَ رَأْياً بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ مِنْهُ.
- وقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْـهُ، لِطَلَبَةِ العِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ: سَلُوا الحَسَنَ، فَإِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِيْنَا.
- وقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: ذَاكَ إِمَامٌ ضَخْمٌ، يُقْتَدَى بِهِ.
- وقَالَ بَكْرٌ المُزَنِيِّ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَفْقَهِ مَنْ رَأَيْنَا، فَلْيَنْظُرْ إِلَى الحَسَنِ.
- وقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: لَوْ رَأَيْتَ الحَسَنَ، لَقُلْتَ: إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيْهاً قَطُّ.
- وقَالَ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَة: مَا جَمَعْتُ عِلْمَ الحَسَنِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، إِلاَّ وَجَدْتُ لَهُ فَضْلاً عَلَيْهِ، وَمَا جَالَسْتُ فَقِيْهاً قَطُّ، إِلاَّ رَأَيْتُ فَضْلَ الحَسَنِ، وكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ.
مِـن أَقْـــوَالِـــــهِ:
- قَالَ الحَسَنُ: يَا ابْنَ آدَمَ، وَاللهِ إِنْ قَرَأْتَ القُرْآنَ ثُمَّ آمَنْتَ بِهِ، لَيَطُوْلَنَّ فِي الدُّنْيَا حُزْنُكَ، وَلَيَشْتَدَّنَّ فِي الدُّنْيَا خَوْفُكَ، وَلَيَكْثُرَنَّ فِي الدُّنْيَا بُكَاؤُكَ.
- وقَالَ: ابْنَ آدَمَ، تَرْكُ الخَطِيْئَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَةِ، مَا يُؤْمِنُكَ أَنْ تَكُوْنَ أَصَبْتَ كَبِيْرَةً أُغْلِقَ دُوْنَهَا بَابُ التَّوْبَةِ، فَأَنْتَ فِي غَيْرِ مَعْمَلٍ.
- وقَالَ: المُؤْمِنُ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قَالَ اللهُ كَمَا قَالَ، وَالمُؤْمِنُ أَحْسَنُ النَّاسِ عَمَلاً، وَأَشَدُّ النَّاسِ وَجَلاً، فَلَو أَنْفَقَ جَبَلاً مِنْ مَالٍ، مَا أَمِنَ دُوْنَ أَنْ يُعَايِنَ، لاَ يَزْدَادُ صَلاَحاً وَبِرّاً إِلاَّ ازْدَادَ فَرَقاً، وَالمُنَافِقُ يَقُوْلُ: سَوَادُ النَّاسِ كَثِيْرٌ، وَسَيُغْفَرُ لِي، وَلاَ بَأْسَ عَلَيَّ، فَيُسِيْءُ العَمَلَ، وَيَتَمَنَّى عَلَى اللهِ.
- وقَالَ: أَهِيْنُوا الدُّنْيَا، فَوَاللهِ لأَهْنَأُ مَا تَكُوْنُ إِذَا أَهَنْتَهَا.
- وقَالَ: ابْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ، ذَهَبَ بَعْضُكَ.
- وقَالَ: مَا أَعَزَّ أَحَدٌ الدِّرْهَمَ إِلاَّ أَذَلَّهُ اللهُ.
- وقَالَ: بِئْسَ الرَّفِيْقَانِ: الدِّيْنَارُ وَالدِّرْهَمُ، لاَ يَنْفَعَانِكَ حَتَّى يُفَارِقَاكَ.
- وقَالَ: فَضَحَ المَوْتُ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَتْرُكْ فِيْهَا لِذِي لُبٍّ فَرَحاً.
- وقَالَ: ضَحِكُ المُؤْمِنِ غَفْلَةٌ مِنْ قَلْبِه.
وَفَـاتُـــــهُ: مَاتَ الحَسَنُ بِالْبَصْرَةِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عَشْرٍ ومِائَةٍ (110 هــ)، وقَد عَاشَ تِسْعاً وثَمَانِيْنَ سَنَةً (89). وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً، صَلَّوْا عَلَيْهِ عَقِبَ صَلاَةِ الجُمُعَةِ بِالبَصْرَةِ، فَشَيَّعَهُ الخَلْقُ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.