عرض مشاركة واحدة
  #230  
قديم 17-06-2014, 01:02 PM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي

بداية التجنيد الاجباري في مصر سنة 1823 .

عندما فشل محمد علي باشا في اقناع الفلاحين المصريين بترك أراضيهم و أهليهم و الالتحاق بالجيش بكامل رغبتهم وكان قد قدم لهم في سبيل ذلك بعض المغريات مثل إلغاء ضريبة الرأس ..

إضطر الوالي الي اتباع سياسية التجنيد الاجباري .. حملة عسكرية تهبط الي القري و تقبض علي كل من فيها من الرجال , يتم تقييدهم و يساقون جبرا الي معسكرات التدريب التي انشاها في قرية بني عدي بمنفلوط و معسكرات اخري في أسوان .

قاوم الفلاحون سياسة التجنيد الاجباري أشد أنواع المقاومة لدرجة اندلاع ثورتي كادتا تطيح بحكم محمد علي باشا , إحداهما في محافظة قنا راح ضحيتها 4000 من الفلاحين الثائرين , و ثورة اخري في محافظة المنوفية سنة 1823 , وقتها أضطر محمد علي باشا أن يزحف الي هذا الاقليم بنفسه لإخمادها مسلحا بحرسه الخاص و ستة مدافع .

عجز الفلاحون إذن عن التمرد و شعروا بقلة حيلتهم فإستخدموا تكتيكا آخر لكنه كان باهظ الكلفة , و هو الانسحاب من قراهم لتجنب التجنيد , فحالما تصل الانباء بإقتراب الحملة - و هي أنباء كانت تنتشر في القري و البلاد إنتشار النار في الهشيم - تنطلق موجات هائلة من الهاربين المنسحبين تاركين منازلهم و قراهم في حالة مذرية , حتي بلغ الأمر حد العثورعلي قري مهجورة بأكملها , ترك السكان خلفهم قري حزينة باعثه علي الآسي , لا تزال منازلها الفقيرة قائمة , لا هي مسودة من حريق و لا مدمرة بسبب الحرب و لا أهلكها الزمن و إنما حرمت من سكانها , الذين حاولوا ان يتجنبوا لقاء مندوبي الباشا .

انزعجت السلطات بشدة لهذا الامر , لأن الفارين بالإضافة الي تهربهم من التجنيد , سيتركون بفرارهم الأرض بائره بلا رعاية , و لذا فقد صدرت الأوامر للعربان في الصحراء و شيوخ البلد في القري و شيوخ الحارات في القاهرة أن يسارعوا في الابلاغ عن أي غريب يقدم الي المكان , للإمساك بهم و إعادتهم حتي يعمروا قراهم .

و حيما أكتشف الفلاحون عدم جدوي التمرد أو الفرار فقد لجئوا الي ما هو أقسي و أصعب و هو تشوية أنفسهم حتي يصبحوا غير لائقين للإلتحاق بالجيش , و كانت الاشياء الاكثر شيوعا هي بتر السبابة و وضع سم الفئران في العينين حتي تصاب بالعمي الذي يؤمل أن يكون مؤقتا , و خلع الأسنان الأمامية , و حينما أصبحت هذة الممارسات شائعة , قرر الباشا أن يعاقب هؤلاء بسجنهم مدي الحياة .

بالرغم من هذا كله لم يفقد كثير من الفلاحين الأمل في الهروب من التجنيد حتي بعد أخذهم علي يد فصائل التجنيد , فقد كانوا يحاولون الفرار أما في الطريق الي معسكرات التدريب أو من معسكرات التدريب نفسها .

كان هؤلاء الفلاحون لا يحتملون حياة الجيش مطلقا خاصة في الاسابيع الأولي من التجنيد بعد أن تم إبعادهم عن قراهم و تركوا خلفهم زكريات الارض و الوطن و العائلة بينما قوانين الجيش الانضباطية لم تكن قد ضربت بجذورها بعد في عقولهم .

و سرعان ما أكتشفت السلطات أن عدد الفلاحين الاجمالي الذي يصل الي معسكرات التجنيد أقل من العدد الذي تم جمعه من القري , فمثلا من بين 14462 رجلا تم جمعهم من مدريات الشرقية و الغربية و المنوفية و الجيزة و القليوبية مات 428 بعد القبض عليهم مباشرة , و هرب 622 آخرين ..

و حينما علم الباشا بذلك كتب الي قادة الجيش يوبخهم ويطالبهم بملآ هذة الفجوات في القوائم و الا سيجعلهم يندمون .

الصورة لضباط مصريين في مبني ثكنات قصر النيل بميدان التحرير في القاهرة حوالي عام 1867 .






الصور المرفقة
 

آخر تعديل بواسطة محمد محمود بدر ، 06-01-2018 الساعة 03:54 PM
رد مع اقتباس