عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-09-2014, 11:38 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

بين الحكم الشرعي والفتوى :
وقبل المضي قدماً في الموضوع يحسن التعريف بالحكم الشرعي وبالفتوى .
فالحكم الشرعي : « عبارة عن حكم الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين » [1] .
والفتوى والفتيا : « ذكر الحكم المسؤول عنه للسائل » [2] ؛ أي « جواب المفتي » [3] .
و « الإفتاء : بيان حكم الواقع المسؤول عنه » [4] ، فالإفتاء هو عمل المفتي ، والفتوى هو ما يصدر عن المفتي .
والغالب أن الحكم الشرعي هو الحكم المتعلق بأفعال العباد على وجه العموم من غير التفات إلى واقع معين يرتبط به الحكم ، كالقول بوجوب الصلاة وحرمة شرب الخمر وهكذا .
والغالب أن الفتوى هي ما كانت مرتبطة بواقع ما ، فالفتوى على ذلك هي تطبيق الحكم الشرعي على الواقع ، وإن كان في بعض الأحيان يأتي أحدهما بمعنى الآخر فهما مرتبطان ، ولا تكون الفتوى صحيحة إلا إذا كان الحكم الشرعي منطبقاً على الواقع انطباقاً صحيحاً ، يقول ابن القيم - رحمه الله - في بيان علاقة الفتوى بالحكم الشرعي : « ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم .
أحدهما : فهم الواقع والفقه فيه ، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً .
والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع ، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ، ثم يطبق أحدهما على الآخر » [5] .
وعندما استُفتي ابن تيمية - رحمه الله - في قتال التتار بيَّن ذلك الارتباط وأفتى بقوله : « نعم يجب قتال هؤلاء ، بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق أئمة المسلمين ، وهذا مبني على أصلين : أحدهما المعرفة بحالهم ، والثاني : معرفة حكم الله في مثلهم » [6] .
ومن البيّن هنا أن الفتوى قد تدخل فيها أو ترتبط بها عدة عوامل ، وبالتالي فإن الفتوى تكون مرتبة عليها ، وقد يحدث أن يُستفتى المفتي في واقعة قد اجتمعت لها كل عواملها ، فيفتي بالحكم الشرعي الذي ينطبق عليها ، ثم تأتي واقعة أخرى مشابهة لها في الظاهر ، لكن بينهما فرق مؤثر في الحقيقة نتيجة غياب بعض تلك العوامل أو وجود عوامل أخرى ؛ فيفتي المفتي بحكم شرعي مناسب للحالة الجديدة ، وهو بطبيعة الحال مغاير للفتوى الأولى ، ومن هذا الوجه ونحوه على ما يأتي تفصيله في هذا المقال - إن شاء الله - قال من قال من أهل العلم بـ « تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد » [7] ،
فأخذت هذه الكلمة وأضرابها طائفة من المعاصرين وطاروا بها في كل حدب وصوب ، وصاحوا بها في كل واد وناد ، يرومون تغيير الشريعة وأحكامها إرضاءً وتجاوباً مع الأهواء مما لا يحبه الله ورسوله ، بل صارت عمدة من عمد الذين يريدون تحريف الدين تحت ما يزعمونه من ضرورة « تجديد الخطاب الديني » ، وفي هذا المقال نتعرض لمسألتين :
الأولى : أدلة ثبات الأحكام الشرعية .
الثانية : الضوابط التي من خلالها يمكن أن تتغير الفتوى .

__________________
رد مع اقتباس