عرض مشاركة واحدة
  #1506  
قديم 22-10-2014, 01:17 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

أيها الأحبة في الله: إن إجابة الدعاء مرهونة بالإستجابة التامة لله والإيمان الكامل به قال تعالى { فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } فلا بد الاستجابة الكاملة لله بالتحاكم إلى كتابه والتمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والحذر من سلوك سبل أهل الضلال والبدع والزيغ { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } لا بد الاستجابة الكاملة لله تعالى بالانقياد التام لأمره ونهيه والتسليم لقضائه وبدون ذلك فقد تتخلف الإجابة.
والمتأمل في أوضاع الأمة يلحظ أنها في كثير من مواطنها وأوضاعها اختارت غير ما اختاره الله لها واتبعت سبلاً شتى، فتغيرت أحوال المسلمين وفرطوا في دينهم : أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، أكلوا الربا وفشا فيهم الفحش والزنا ، تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، اتبعوا خطوات الشيطان وتمادوا في معصية الرحمن وهذه كلها أسباب في عدم إجابة الدعاء ، لأن الذنوب والمعاصي قد تكون حائلة من إجابة الدعاء خاصة أكل الحرام قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك " ( رواه مسلم ) . وذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه قال : "أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجاً فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم: أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إليّ أكفاً قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام ، الآن حين اشتد غضبي عليكم ، لن تزدادوا مني إلا بعداً" .
عباد الله: إن إجابة الدعاء معلقة بصدق اللجأ والتضرع إليه ،وعدم استعجال الإجابة، وصدق التوبة التي تجعل المسلمين يعودون إلى شرع الله الذي ارتضاه الله لهم { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }.
والحذر الحذر من دعاء غير الله ، فالذين يدعون غير الله أو يدعون الله ويدعون معه غيره قد أغلقوا باب الإجابة قال عز وجل { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَـٰفِلُونَ} ، دعاؤهم للأموات هباء، لا يجلب مرغوباً، ولا يمنع مكروهاً، وهو الشرك الأكبر، والذنب الذي لا يغفر، قال عز وجل { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله " رواه أحمد والترمذي وهو صحيح .
أيها المسلمون : كلما اشتدّ الإخلاص وقوي الرجاء ، كانت الإجابة أحرى، يقول يحيى بن معاذ ـ رحمه الله ـ: "من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يُردّ"، ، فليناد الواحد منا ربه بقلب حاضر وليتخيَّرْ في دعائه والثناء على ربه أحسن الألفاظ وأنبلها وأجمعها، وليتحرَّ من الأوقات الفاضلة والأحوال الصالحة أرجاها، والساجد قريب من ربه حريّ أن يعطى سُؤله فليكثر من الاستغفار والدعاء.
أيا ملك الملوك أقِل عساري فإني عنك أنأتني الذنوبُ
وأمرضني الهوى لهوان نفسي ولكن ليس لي غيرك طبيبُ
أيا ديَّان يوم الدين فرِّج همومـاً في الفؤاد لها دبيبُ
لا نستبطئ الإجابة ولنلحَّ على الله في المسألة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث يدعو على رعل وذكوان شهراً ، والله حييّ كريم يستحي من عبده إذا رفع يده إليه، أن يردها صفرا خائبتين.
فادع الله وألق نفسك بين يديه، وسلّم الأمر كله إليه، واعزم المسألة، وأعظم الرغبة فما رَدَّ سائله، ولا خاب طالبه ، ومن نزلت به كربة فأنزلها بالخلق لم تفرج عنه ، ومن أنزلها بالرب فنعم كاشف الكرب هو، وأَظهِر الشكوى إلى الله والافتقار إليه ، فهو جابر المنكسرين وإله المستضعفين ، يقول يعقوب عليه السلام { إِنَّمَا أَشْكُو بَثّي وَحُزْني إِلَى ٱللَّهِ } وهو صاحب كل نجوى ، وسامع كل شكوى ، وكاشف كل بلوى ، يده تعالى ملأى لا تغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار، ما أُمِّل تعالى لنائبة فخيَّبها، وما رُجي لعظيمة فقطعها، لا يؤمَّل لكشف الشدائد سواه ، بابه مفتوح لمن دعاه ، ومن ظن بربه خيراً أفاض عليه جزيل خيراته، وأسبل عليه جميل تفضلاته، وبالإخلاص تدور دوائر الإجابة ، ولازم الطلب فالمعطي كريم ، والكاشف قدير، ولا تستعجل الإجابة إذا دعوت ، ولا تستبطئها إذا تأخَّرت، ومن يكثر قرع الأبواب يوشك أن تفتح له ، وإذا ركن الناس إلى لين الفراش، فارفع أكفَّ الضراعة إلى المولى في دُجى الأسحار ، إذ يناديك في ظلمائها:" من يدعوني فأستجيب له " متفق عليه ، والدعاء بين الأذان والإقامة لا يردّ، ، ودعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، والملك يؤمِّن على دعوتك يقول ولك بمثل ، وفي الجمعة ساعة مستجابة، وأطب المطعم والمشرب، وتعف عن الشبهات، وقدم بين يدي الدعاء عملاً صالحاً يستجب بإذن الله .
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فآووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه صدق فيه فقال واحد منهم : اللهم عن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقراً وأنه أتاني يطلب أجره فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال إنما لي عندك فرق من أرز فقلت له اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، فانسلخت عنهم الصخرة . فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عنهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما فلم أزل انتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانسلخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء . فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي وإني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركت المائة دينار ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، ففرج الله عنهم فخرجوا". متفق عليه واللفظ للبخاري .
اللهم آمنا في أوطاننا اللهم آمنا في دورنا اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم اجمع شملنا وعلماءنا وحكامنا ودعاتنا ولا تفرح علينا عدواً ولا تشمت بنا حاسداً اللهم اهد ضالنا اللهم من ضل وتنكب الصراط اللهم رده إلى الحق رداً جميلاً . اللهم عليك بمن تسلط وآذى ونال من مقام نبينا صلى الله عليه وسلم اللهم سلط عليهم جنودك التي لا يعلمها إلا أنت يا رب العالمين اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين اللهم ابسط لنا في عافية أبداننا وصلاح أعمالنا وسعة أرزاقنا وحسن أخلاقنا واستر على ذرياتنا واحفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك اللهم أحسن خاتمتنا في خير عمل يرضيك عنا ربنا لا تقبض أرواحنا على خزي ولا غفلة ولا فاحشة ولا معصية ولا تمتنا بحق مسلم في عرض أو دم أو مال نسألك اللهم عيشة هنية وميتةً سوية ومرداً إليك غير مخزٍ ولا فاضح.
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً . اللهم صلَّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وارض اللهم عن البقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين, إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم واشكروه على آلائه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
__________________
رد مع اقتباس