عرض مشاركة واحدة
  #143  
قديم 08-12-2014, 07:38 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

سادسًا: مشاركة نساء المسلمين في معركة أحد:
كانت غزوة أحد أول معركة في الإسلام تشارك فيها نساء المسلمين، وكان لهذا أثر بالغ في سقي المحاربين وتضميد الجرحى، وقد ظهرت بطولات النساء وصدق إيمانهن في هذه المعركة، فقد خرجن لكي يسقين العطشى ويداوين الجرحى، ومنهن من قامت برد ضربات المشركين الموجهة للرسول صلى الله عليه وسلم, وممن شاركن في غزوة أحد أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، وأم عمارة، وحمنة بنت جحش الأسدية، وأم سليط، وأم سليم، ونسوة من الأنصار([45])، قال ثعلبة بن أبي مالك t: (إن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساء المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين أعط هذا ابنة رسول الله التي عندك, يريدون أم كلثوم بنت علي، فقال عمر t: أم سليط أحق به من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإنها كانت تزفر([46]) لنا القرب يوم أحد([47]».
أ- سقي العطشى من المجاهدين:
عن أنس t قال: (لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهن تنقزان([48]) القرب، وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم([49]).
وقال كعب بن مالكt: رأيت أم سليم بنت ملحان وعائشة على ظهورهما القرب يحملانها يوم أحد، حمنة بنت جحش تسقي العطشى وتداوي الجرحى، وكانت أم أيمن تسقي الجرحى([50]).
ب- مداواة الجرحى ومواساة المصابين:
عن أنس بن مالك t قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم، ونسوة من الأنصار معه إذا غزا، فيسقين الماء ويداوين الجرحى([51]).
وأخرج عبد الرزاق عن الزهري: كان النساء يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد ويسقين المقاتلة ويداوين الجرحى([52]). وعن الربيع بنت معوذ قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي القوم، ونداوي الجرحى، ونرد ال***ى إلى المدينة، وفي رواية: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحى وال***ى إلى المدينة([53]). وعن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد t وهو يسأل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله، ومن كان يسكب الماء وبما دووي، قال: كانت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسله، وعلي يسكب الماء بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم([54]).
ج- الدفاع عن الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم بالسيف:
لم تقاتل المشركين يوم أحد إلا أم عمارة نسيبة المازنية -رضي الله عنها-, وهذا ضمرة ابن سعيد يحدث عن جدته، وكانت قد شهدت أحدًا تسقي الماء قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان» وكان يراها تقاتل يومئذ أشد القتال، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحًا، فلما حضرتها الوفاة كنت فيمن غسلها، فعددت جراحها جرحًا جرحًا فوجدتها ثلاثة عشر جرحًا، وكانت تقول: إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها -وكان أعظم جراحها، لقد داوته سنة- ثم نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد فشدت عليها ثيابها فما استطاعت من نزف الدم، ولقد مكثنا ليلنا نكمد الجراح حتى أصبحنا، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحمراء، ما وصل إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني([55]) -أخو أم عمارة- يسأل عنها، فرجع إليه يخبره بسلامتها فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك([56]). وقد علق الأستاذ حسين الباكري عن مشاركة نسيبة بنت كعب في القتال فقال: وخروج المرأة للقتال مع الرجل لم يثبت في ذلك منه شيء غير قصة نسيبة, وقتال نسيبة إنما كان اضطراريًا حين رأت أن رسول الله أصبح في خطر حين انكشف عنه الناس، فأم عمارة كانت في موقف أصبح حمل السلاح واجبًا على من يقدر على حمله رجلا كان أو امرأة([57]).
وعلق الدكتور أكرم ضياء العمري على الآثار الدالة في مشاركة النساء في أحد بقوله: وهذه الآثار تدل على جواز الانتفاع بالنساء عند الضرورة لمداواة الجرحى وخدمتهم إذا أمنت فتنتهن مع لزومهن الستر والصيانة، ولهن أن يدافعن عن أنفسهن بالقتال إذا تعرض لهن الأعداء، مع أن الجهاد فرض على الرجال وحدهم إلا إذا داهم العدو ديار المسلمين فيجب قتاله من الجميع رجالا ونساء([58]).
وأما الأستاذ محمد أحمد باشميل فقد قال: وقد كانت معركة أحد أول معركة قاتلت فيها المرأة المسلمة المشركين في الإسلام، ومن الثابت أن امرأة واحدة فقط اشتركت في هذه المعركة، وهي تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنه من الثابت أيضًا أن المرأة التي اشتركت في معركة أحد، لم تخرج بقصد القتال فهي لم تكن مجندة فيها كالرجال، وإنما خرجت لتنظر ما يصنع الناس لتقوم بأية مساعدة يمكنها القيام بها للمسلمين كإغاثة الجرحى بالماء وما شابه ذلك، يضاف إلى هذا أن هذه المرأة التي خاضت معركة أحد هي امرأة قد تخطت سن الشباب، كما أنها لم تخرج إلى المعركة إلا مع زوجها وابنيها الذين كانوا من الجند الذين قاتلوا في المعركة، يضاف إلى هذا الرصيد الهائل الذي لديها من المناعة الخلقية والتربية الدينية، فلا يقاس على هذه الصحابية الجليلة مجندات هذا الزمان اللواتي يرتدين لباس الميدان وعنصر الإغراء والفتنة هو أهم عنصر يتميزن به ويحرصن على إظهاره للرجال فأين الثرى من الثريا؟
كذلك رجال ذلك العصر لا يقاس عليهم أحد من رجال هذا الزمان من ناحية الشهامة والاستقامة والعفة والرجولة، فكل المحاربين الذين اشتركت معهم امرأة في معركة أحد كانوا صفوة الأمة الإسلامية ورمز نبلها وشهامتها وعنوان رجولتها واستقامتها، فلا يصح مطلقًا جعل اشتراك تلك المرأة في معركة أحد قاعدة تقاس عليها (من الناحية الشرعية) إباحة تجنيد المرأة في هذا العصر لتقاتل بجانب الرجل (كعنصر أساسي من عناصر الجيش), فالقياس في هذه الحالة قياس مع الفارق وهو قياس باطل قطعًا([59]).
__________________
رد مع اقتباس