عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25-06-2015, 11:08 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي





عرض كتاب









طارق رمضان وأسلمة أوروبا





عرض: أحمد فتحي











لم يُكتب لأغلب أوروبا أنْ تعيش في ظلِّ الإسلام، ولا أن تُفتح أبوابها له، وظلت الحرب مع الإسلام تشكل النار التي تصهر الخلافات بين الدول الأوروبية، والدافع الأكبر لتقاربها واتِّحادها في فترة الحرب على الإسلام، حتى سقطت الخلافة العثمانية، وقامت الدول الأوروبية باحتلال بلاد المسلمين والتأثير فيهم من موقع الغالب المنتصر، سمحت أوروبا لكثير من المسلمين أنْ يقيموا في بلاد الغرب؛ لأسباب ثقافية واقتصادية، ولم يكن الخوف من انتشار الإسلام في أوروبا واردًا، خاصَّة مع نشوة النصر والإحساس بتبعية وانبهار المسلمين بالحضارة الغربية، وسادت أوروبا أجواءُ الحرية التي استفاد منها المسلمون؛ لتجد أوروبا نفسَها أمامَ خطر الأسلمة الذي بات يُؤرِّقها، خصوصًا مع بروز مظاهر الإخفاق الرُّوحي للغرب.





طارق رمضان أحد أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في أوروبا والعالم الإسلامي، ورالف غضبان مؤلف الكتاب أحد المراقبين للجالية العربية في ألمانيا، وهو مُقيم بها منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، وهو مسيحي ذو اتِّجاه واضح في تحريضه وعدائه لكل مظاهر الإسلام في أوروبا.





يبتدئ كتابه في الصفحة الأولى من مُقدمته قائلاً: "بعد هجمات الإرهابيين على لندن في السابع من يوليو عام 2005، وم*** 56 شخصًا، وإصابة 700 آخرين، قام توني بلير بدعوة ثلاثة عشر شخصًا من داخل بريطانيا وخارجها؛ لاقتراح أفضل السُّبل لمواجهة المتشددين الإسلاميين، وكان من بين هؤلاء المدعُوِّين طارق رمضان، الذي رفضت أمريكا دخولَه إلى أراضيها قبل عام واحد من هذه الحادثة؛ بسبب علاقته مع دوائر إسلامية مُتطرفة".





هذه الثُّنائية المتناقضة في تقييم الرَّجل تسود جوَّ الكتاب، حين يصف آراء المراقبين في الشرق أو الغرب بالمفكر الإسلامي طارق رمضان.





أمَّا هو فرأيه واضح في تزييف وصف طارق رمضان بالاعتدال أو الوسطية والتجديد؛ بل إنَّه يُضيف إلى ذلك التقليلَ من أهمية طارق رمضان، وتهميش تأثيره في المسلمين، مستعينًا في ذلك بأقوال العُلماء المسلمين في نقد طارق رمضان عمومًا، لا سيَّما إبَّان مطالبته بتعليق العمل بالحدود الإسلاميَّة في هذا الزَّمان، والذي لاقى معارضةً واستياءً من رموز العلم والدعوة في العالم الإسلامي كافَّة.





بل أشار أيضًا إلى تصريحات لقادة الإخوان المسلمين ترى أنَّ رمضان لا يُمثل إلا نفسه، وأنه لا ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وبذلك فقد اعتبر رالف غضبان أنَّ طارق رمضان لا يشكل مرجعية بالنسبة للمسلمين، كما أنه لا يَملك المؤهلات الشرعية التي تُمكنه من تفسير الإسلام.





موطن التأثير الوحيد الذي يبقيه رالف لطارق رمضان هو تأثيره في الشباب المسلم في فرنسا.





وتحت عنوان "شخصية غامضة" يُثير الكتاب عِدَّة تساؤلات حول الوصف الصحيح لطارق رمضان: هل هو داعية أو عالم؟ مفكر أو مجرد ناشط إسلامي؟ هل هو مجدد ليبرالي أو متشدد في عبارات مُختلفة عن العبارات السائدة؟





لقد اكتسب رمضان أهمية خاصَّة بعد أن دعته جامعة نوتردام الكاثوليكيَّة في الولايات المتحدة، وحصل منها على الأستاذية التي أكسبته اعترافًا علميًّا، كما اختارته مجلة التايمز الأمريكية واحدًا من أهم مائة شخصية في هذا القرن؛ مما عده رالف مبالغة كبيرة في قدر رمضان.





تَحمل بقية عناوين الكتاب دلالةً واضحة على مسار الأفكار التي يريد رالف إثباتَها، ولا يُحاول إخفاءَها تحت ستار الموضوعية.





"حفيد حسن البنا"، "ابن سعيد رمضان"، "الارتباط الروحي بالإخوان المسلمين"، "سلفي ومصلح سلفي"، "مصلح سلفي ومصلح ليبرالي": تسوق هذه العناوين - كما هو واضحٌ من إيحاءاتِها - إلى النَّتائج التي يسوقها رالف في خاتمة كتابه عن رأيه في رمضان، في تسع نقاطٍ تعود في معناها إلى اتِّهام رمضان بأنَّه لا يؤمن بحرية العقل، ولا حقوق الإنسان، كما أنه لا يؤمن بفصل الدين عن الدولة، وأنه في نهاية الأمر نسخة مموهة من الإخوان المسلمين، وأنَّ أسلمة أوروبا وإقامة الخلافة الإسلامية على أرضها هي الأحلام الحقيقيَّة التي تراود رمضان، غير أن أهم النتائج التي يشير إليها رالف غضبان هي أنَّ طارق رمضان لا يهتم بالفلسفة الإسلامية والمسائل التأصيلية؛ مما يجعل طرحه - في رأي رالف - طرحًا فقهيًّا سطحيًّا يهدف في الأساس إلى تحقيق مصالح المسلمين عن طريق فتاوى مُؤقتة نابعة من ضغط الواقع الأوروبي عليهم وعلى رمضان، وليست إصلاحًا حقيقيًّا للإسلام.





تعليق:


لا يقدِّم الكتاب نقدًا لاذعًا لطارق رمضان فحسب، بل المقصود بالنَّقد هو الإسلام ممثلاً في طارق رمضان، أو الإخوان المسلمين، أو الأسلمة، أو السلفية، المقصود في نهاية الأمر هو الإسلام، ومع أنَّنا نؤمن أنَّ أحدًا من المسلمين مهما كانت وجاهته وعلمه وديانته لا يُمكن أن يُمثل الإسلام، بحيث تحسب كلُّ أقواله وأفعاله على الإسلام بلا شرط؛ فكلٌّ يؤخذ من قوله ويردُّ إلا المعصوم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّ طارق رمضان على وجه الخصوص لا يمكن أن يكون ممثلاً للإسلام، وخاصةً بعد عِدَّة تصريحات أبانت أنه يحاول التوفيق بين الإسلام والغرب على حساب أحكام الإسلام وأوامره.





إلا أنَّ رالف غضبان حينما اختاره موضوعًا للنقد كان يرمي إلى ما يُمكن أن نسميه "قياس الأَوْلى"، فلو ثبت أن رمضان مع كل ما يقدِّمه من تنازلات أمامَ الغرب ما يزال متصفًا بالتطرُّف والرجعيَّة والتشدد، فإن غيره ممن لم يقدم شيئًا أو قدَّم أقل منه أولى بذلك الوصف، وكلهم يكتسب هذا الذم من جرَّاء إيمانه بدين الإسلام، الذي هو عند الغرب مصدر كل هذه السوءات التي كانوا يأملون من طارق رمضان أنْ يُصلحها، فيكون كما كانوا يطلقون عليه "مارتن لوثر الإسلام"، غافلين عن حقيقة الخلاف بين المسيحية المحرَّفة التي حاول إصلاحها مارتن لوثر، وبين دين الله المحفوظ بحفظ الله له، ولكن هذه خبرة القوم ومُنتهاهم.











رد مع اقتباس