عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 17-06-2017, 02:57 PM
سراج منير سراج منير غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 708
معدل تقييم المستوى: 8
سراج منير is on a distinguished road
افتراضي

: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الرَّمدِ

بالسكون، والدَّعةِ، وترْكِ الحركةِ، والحِميةِ مما يَهيج الرَّمد
وقد تقدَّم أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَى صُهَيْباً من التَّمْر، وأنكر عليه أكْلَه، وهو أرمدُ، وَحَمَى علياً من الرُّطَبِ لمَّا أصابه الرَّمدُ.
3-": أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كان إذا رَمِدَتْ عينُ امرأةٍ من نسائه لم يأتِهَا حَتَّى تَبرَأَ عينُها".
الرَّمدُ: ورمٌ حار يَعرِضُ فى الطبقة الملتحمة من العَيْن، وهو بياضُها الظاهر، وسببُه انصبابُ أحد الأخلاط الأربعة،


ومن أسباب علاجه ملازمةُ السكون والراحة، وتركُ مس العَيْن والاشتغال بها،

وقد رُوى فى حديث مرفوع، : "علاجُ الرَّمد تَقطيرُ الماءِ الباردِ فى العَيْن" لم اقف علية

فإنَّ الماء دواء بارد يُستعان به على إطفاء حرارةِ الرَّمد إذا كان حاراً،

3-ولهذا قال عبدُ الله بن مسعود رضى الله عنه، لامرأتِه زينبَ وقد اشتَكتْ عينُها: لو فَعلتِ كما فَعَلَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان خيراً لكِ وأجدَرَ أن تُشْفى، تَنْضَحِينَ فى عينِكِ الماءَ، ثم تقولينَ: "أَذهِبْ البأْسَ ربَّ النَّاس، واشْفِ أنتَ الشَّافِى، لا شِفاءَ إلا شِفَاؤك، شِفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً

فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الخَدَران الكُلِّى الذى يَجْمُدُ معه البدنُ
1-ذكر : أنَّ قوماً مرُّوا بشجرةٍ فأكلُوا منها، فكأنما مرَّتْ بهم ريحٌ، فأجمدتْهُم، فقال النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَرِّسُوا الماءَ فى الشِّنَانِ، وصُبُّوا عليهم فيما بين الأذانَيْن "، ثم قال أبو عُبَيْد: "قَرِّسُوا": يعنى بَرِّدوا. وقولُ الناس: قد قَرَسَ البردُ، إنما هو من هذا بالسين ليس بالصاد. والشِّنان: الأسقِيةُ والقِرَبُ الخُلقانُ: يُقال للسِّقاء: شَنٌ، وللقِربة: شَنَّة. وإنما ذكر الشِّنانَ دون الجُدُدِ لأنها أشدُّ تبريداً للماء. وقوله: "بين الأذَانَين"، يعنى: أذانَ الفجر والإقامة، فسمى الإقامة أذاناً.. انتهى كلامه.





: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى إصلاح الطعام الذى يقع فيه الذُّباب وإرشاده إلى دفع مَضَرَّات السموم بأضدادها

1-فى "الصحيحين" من حديث أبى هُريرة، أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا وقَعَ الُّذَبابُ فى إناءِ أحَدِكُم، فامْقُلُوه، فإنَّ فى أحد جنَاحيهِ داءً، وفى الآخرِ شِفَاءً".
2-وفى "سنن ابن ماجه" عنِ أبى سعيد الخُدْرىِّ، أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أحَدُ جَناحَى الذُّبابِ سَمٌ، والآخَرُ شِفَاءٌ، فإذا وَقَعَ فى الطَّعَام، فامْقُلُوه، فإنه يُقَدِّمُ السُّمَّ، ويُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ".
هذا الحديث فيه أمران: أمرٌ فقهىٌ،


فأما الفقهى.. فهو دليلٌ ظاهر الدلالةِ جدًا على أنَّ الذُّباب إذا مات فى ماء أو مائع، فإنه لا يُنجِّسه، وهذا قول جمهور العلماء، ولا يُعرف فى السَّلَف مخالفٌ فى ذلك. ووَجهُ الاستدلال به أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بمَقْلِهِ، وهو غمسُه فى الطعام، ومعلومٌ أنه يموت من ذلك، ولا سِيَّما إذا كان الطعامُ حاراً.

: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج البَثْرَة

1- وفى "الصحيحين" عن عائشة أنها قالت: طيَّبْتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَدِى بذَرِيرةٍ فى حَجَّةِ الوَداع للحِلِّ والإحْرَامِ.
والبَثْرَة: خُراج صغير


: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج الأورام والخُرَاجات التى تبرأ بالبَطِّ والبَزْلِ
1-يُذكر عن علىٍّ أنه قال: دخلتُ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على رجل يعودُه بظهره ورمٌ، فقالوا: يا رسول الله؛ بهذه مِدَّةٌ. قال: "بُطُّوا عنه"، قال علىُّ: فما بَرِحتُ حتى بُطَّتْ، والنبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاهدٌ.
2-ويُذكر عن أبى هريرة: أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر طبيباً أن يَبُطَّ بطن رجل أجْوَى البطن، فقيل: يا رسول الله؛ هل ينفع الطّبُّ؟
قال: "الذى أنْزَلَ الداء، أنزل الشِّفَاء، فِيمَا شاء".



وأما قوله فى الحديث الثانى: "إنه أمر طبيباً أن يَبُطَّ بطن رجل أجْوَى البطن"، فالجَوى يُقال على معانٍ منها: الماءُ المُنْتِنُ الذى يكون فى البطن يحدُث عنه الاستسقاءُ.



: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج المرضى بتطييب نفوسهم وتقوية قلوبهم
1-روى ابن ماجه فى "سننه" من حديث أبى سعيد الخُدرىّ، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دَخَلْتُم على المَرِيضِ، فَنَفِّسوا لَهُ فى الأجَلِ، فإنَّ ذَلِكَ لا يَرُدُّ شيئاً، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ المريضِ".
وفى هذا الحديث نوعٌ شريفٌ جداً من أشرف أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يُطيِّبُ نفسَ العليل من الكلام الذى تقوى به الطبيعة، وتنتعشُ به القُوَّة، وينبعِثُ به الحارُّ الغريزى، فيتساعدُ على دفع العِلَّة أو تخفيفها الذى هو غايةُ تأثير الطبيب.



فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى تغذية المريض بألطفِ ما اعتاده من الأغذية
1-فى "الصحيحين" من حديثِ عُرْوةَ، عن عائشةَ: أنها كانتْ إذا ماتَ الميتُ من أهلِها، واجتمع لذلك النساءُ، ثم تفرَّقْنَ إلى أهلهن، أمرتْ ببُرْمَةٍ من تَلْبينةٍ فطُبِخَتْ، وصنعت ثريداً، ثم صبَّت التلبينةُ عليه، ثم قالت: كُلوا منها، فإنى سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "التَّلْبِينَةُ مَجمَّةٌ لفؤادِ المريضِ تَذهبُ ببعضِ ".
2-وفى "السنن" من حديث عائشة أيضاً، قالت: قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عليكُمْ بالبَغيضِ النَّافع التَّلْبِينِ"، قالت: وكان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اشتكَى أحدٌ من أهله لم تَزلْ البُرْمةُ على النارِ حتى ينتهىَ أحدُ طرَفَيْهِ. يَعنى يَبْرَأ أو يموت.
3-وعنها: كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قيل له: إنَّ فلانَا وَجِعٌ لا يطْعَمُ الطَّعَامَ، قال: "عَلَيْكُم بالتَّلْبِينَةِ فحُسُّوه إيَّاها"، ويقول: "والذى نفْسىبيدِه إنَّهَا تَغْسِلُ بَطْنَ أحدِكُم كما تَغسِلُ إحداكُنَّ وجهَها مِنَ الوَسَخ".



التَّلْبين: هو الحِسَاءُ الرقيقُ الذى هو فى قِوَام اللَّبن، ومنه اشتُق اسمُه، قال الهَرَوىُّ: سميت تَلبينةً لشبهها باللَّبن لبياضِها ورقتِها، وهذا الغِذَاءُ هو النافع للعليل، وهو الرقيقُ النضيج لا الغليظ النِّىءُ، وإذا شئتَ أن تعرِفَ فضل التَّلْبينَةِ، فاعرفْ فضل ماء الشعير، بل هى ماءُ الشعير لهم،


فإنها حِساء متَّخذ من دقيق الشعير بنُخالته، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يُطبخ صِحاحاً، والتَّلبينَة تُطبخ منه مطحوناً، وهى أنفع منه لخروج خاصيَّةِ الشعير بالطحن، وقد تقدَّم أنَّ للعاداتِ تأثيراً فى الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادةُ القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحوناً لا صِحاحاً، وهو أكثرُ تغذيةً، وأقوى فعلاً، وأعظمُ جلاءً، وإنما اتخذه أطباءُ المدن منه صِحَاحاً ليكونَ أرقَّ وألطفَ، فلا يَثقُل على طبيعة المريض،

4-وقولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها: " مجمةٌ لفؤاد المريض" ، يُروى بوجهين؛ بفتح الميم والجيم، وبضم الميم، وكسر الجيم. والأول: أشهر. ومعناه: أنها مُريحةٌ له، أى:
تُريحهُ وتسكِّنُه من "الإِجْمام" وهو الراحة. وقولُه: "تُذهب ببعض الحُزْن"، هذا والله أعلم




: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج السُّمِّ الذى أصابه بخَيْبَر من اليهود
1-، عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك: أنَّ امرأةً يهوديةً أهدَتْ إلى النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاةً مَصْلِيَّةً بِخَيْبَر، فقال: "ما هذه" ؟ قالتْ: هَديَّةٌ، وحَذِرَتْ أن تقولَ: مِنَ الصَّدَقة، فلا يأكلُ منها، فأكل النبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكل الصحابةُ، ثُم قال: "أمسِكُوا"، ثم قال للمرأة: "هل سَمَمْتِ هذه الشَّاة" ؟ قالتْ: مَن أخبَرَك بهذا ؟ قال: "هذا العظمُ لساقها"، وهو فى يده، قالتْ: نعمْ. قال: "لِمَ" ؟قالتْ: أردتُ إن كنتَ كاذباً أن يَستريحَ منك النَّاسُ، وإن كنتَ نبيّاً لم يَضرَّك، قال: فاحتَجَم النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثةً على الكاهِلِ، وأمَرَ أصحابَه أن يَحتجِمُوا؛ فاحتَجَموا، فمات بعضُهم.
وفى طريق أُخرى: "واحتَجَمَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كاهِلِه مِنْ أجْل الذى أكَلَ من الشَّاة، حَجَمَه أبو هِندٍ بالقَرْنِ والشَّفْرة، وهو مولىً لبنى بَيَاضَةَ من الأنصار، وبقى بعد ذلك ثلاثَ سنين حتى كان وجعُه الذى تُوفى فيه، فقال: "ما زِلْتُ أجِدُ من الأُكْلَةِ التى أكَلْتُ مِن الشَّاةِ يومَ خَيْبَرَ حتى كان هذا أوانَ انْقِطَاعِ الأَبْهَرِ مِنِّى" ، فتُوفى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شهيداً،


3-ولما احتجم النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احتجمَ فى الكاهل، وهو أقربُ المواضع التى يمكن فيها الحجامة إلى القلب،



: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج السِّحر الذى سحرته اليهودُ به

1-.وقد ثبت فى "الصحيحين" عن عائشة رضى الله عنها، أنها قالت: "سُحِرَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إنْ كان لَيُخَيَّلُ إليه أنه يأتى نِساءه، ولم يَأتِهِنَّ"، وذلك أشدُّ ما يكون مِن السِّحر.
قال القاضى عِيَاض: والسِّحر مرضٌ من الأمراض، وعارضٌ من العلل يجوز عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنواع الأمراض ممَّا لا يُنكَرُ، ولا يَقدَحُ فى نُبوته، وأمَّا كونُه يُخيَّل إليه أنه فعل الشىء ولم يفعله، فليس فى هذا ما يدخل عليه داخلةً فى شىء من صدقه، لقيام الدليل والإجماعِ على عصمته من هذا، وإنَّما هذا فيما يجوز طُرُوُّه عليه فى أمر دنياه التى لم يُبعث لسببها، ولا فُضِّل مِن أجلها، وهو فيها عُرضةٌ للآفات كسائر البَشَر، فغيرُ بعيد أنه يُخيَّلَ إليه من أُمورها ما لا حقيقةَ له، ثم يَنجلى عنه كما كان.
والمقصود: ذِكرُ هَدْيِه فى علاج هذا المرض، وقد رُوى عنه فيه نوعان:
أحدهما وهو أبلغُهما: استخراجُه وإبطاله، كما صحَّ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سأل ربَّه سبحانه فى ذلك؛ فدُلَّ عليه، فاستَخْرَجه من بئر، فكان فى مِشْطٍ ومُشَاطَةٍ، وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَر، فلمَّا استَخْرَجه، ذهب ما به، حتى كأنَّما أُنْشِطَ من عِقال، فهذا من أبلغ ما يُعالَجُ به المَطْبُوبُ، وهذا بمنزلة إزالةِ المادة الخبيثة وقلْعِها مِن الجسد بالاستفراغ.
والنوع الثانى: الاستفراغُ فى المحل الذى يَصِلُ إليه أذى السِّحر، فإنَّ للسِّحر تأثيراً فى الطبيعة، وهَيَجانِ أخلاطها، وتشويشِ مِزاجها، فإذا ظهر أثرُهُ فى عضو، وأمكن استفراغُ المادة الرديئة من ذلك العضو، نَفَع جداً.



3-وقد ذكر أبو عُبيدٍ فى كتاب "غريب الحديث" له بإسناده، عن عبد الرحمن بن أبى لَيْلَى، أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجمَ على رأسه بقَرْنٍ حين طُبَّ، قال أبو عُبيد: معنى طُبَّ: أى: سُحِرَ.



ومن أنفع علاجات السِّحر الأدوية الإلهية، بل هى أدويتُه النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السُّفْلية، ودفعُ تأثيرها يكون بما يُعارِضُها ويُقاومها من الأذكار، والآيات، والدعواتِ التى تُبْطِلُ فعلها

: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الاستفراغ بالقىء

1-روى الترمذىُّ فى "جامعه" عن مَعدان بن أبى طلحةَ، عن أبى الدرداء: أنَّ النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاءَ، فتوضَّأ فلقيتُ ثَوْبان فى مسجد دِمَشق، فذكرتُ له ذلك، فقال: صَدَقَ، أنا صَبَبْتُ له وَضُوءَه. قال الترمذى: وهذا أصح شىء فى الباب.
القىءُ: أحد الاستفراغات الخمسة التى هى أُصول الاستفراغ، وهى: الإسهال، والقىء، وإخراج الدم، وخروج الأبخرة والعَرق. وقد جاءت بها السُّنَّة.
فأما الإسهال.. فقد مرَّ فى حديث: "خيرُ ما تداويتم به المَشِىُّ" وفى حديث "السَّنا". وأما إخراج الدم.. فقد تقدَّم فى أحاديث الحِجامة.
والقىءُ استفراغٌ من أعلا المَعِدَة، والحُقنة من أسفلها، والدواءُ من أعلاها وأسفلها.



فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الإرشاد إلى معالجة أحْذَق الطَّبِيبَيْن
1-ذكر مالك فى "موطئه": عن زيد بن أسلمَ، أنَّ رجلاً فى زمان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصابه جُرْحٌ، فاحتَقَن الجُرْحُ الدَّم. وأن الرجلَ دعا رجُلَيْن من بنى أنمار، فنَظَرا إليه فزعما أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال لهما: "أَيُّكما أطَبُّ"؟ فقال: أوَ فى الطِّبِّ خيرٌ يا رسولَ الله ؟ فقال: "أنزلَ الدواءَ الذى أنزلَ الداء".
ففى هذا الحديث أنه ينبغى الاستعانةُ فى كل عِلم وصِناعة بأحذقِ مَنْ فيها فالأحذق،


وقولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنزل الدواءَ الذى أنزلَ الداءَ"، قد جاء مثلُه عنه فى أحاديث كثيرةٍ، فمنها ما رواه عمرو بن دِينارٍ عن هِلال بن يِسَافٍ، قال: "دخلَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مريض يَعودُه، فقال: "أرسِلُوا إلى طَبيبٍ "، فقال قائلٌ: وأنتَ تقولُ ذلك يا رسولَ الله ؟
قال: "نعمْ، إنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يُنْزِلْ داءً إلاَّ أنزَلَ له دَواءً".
3-وفى "الصحيحين" من حديث أبى هريرةَ يَرفعُه: "ما أنزلَ اللهُ من داءٍ إلا أنزلَ له شفاء"، ولهذا قال : "عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه ".



فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى التحرز من الأدواء المعدية بطبعها، وإرشاده الأصحاءَ إلى مجانبة أهلها
1-ثبت فى "صحيح مسلم" من حديث جابر بن عبد الله، أنه كان فى وَفْد ثَقِيف رجلٌ مجذومٌ، فأرسل إليه النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ فَقَدْ بايَعْنَاكَ".
2-وروى البخارى فى "صحيحه" تعليقاً مِن حديث أبى هريرة، عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ".
3-وفى "الصحيحين" من حديث أبى هُريرة، قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ".


الجُذَام: عِلَّة رديئة تحدثُ من انتشار المِرَّةِ السَّوداء فى البدن كُلِّه، ، ورُبما فسد فى آخره اتصالُها حتى تتأكَّلَ الأعضاء وتسقط، ويُسمى داءَ الأسد.



4-وقد ظنَّ طائفة مِن الناس أنَّ هذه الأحاديث معارَضةٌ بأحاديثَ أُخَر تُبطلها وتُناقضها، فمنها: ما رواه الترمذى، من حديث عبد الله بن عمر (ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيَدِ رجُلٍ مجذومٍ، فأدخلها معه فى القَصْعَةِ، وقال: "كُلْ باسم الله، ثِقَةً بالله، وتوكُّلاً عليه" ، ورواه ابن ماجه.
5-وبما ثبت فى "الصحيح"، عن أبى هُريرة، عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا عَدوَى ولا طِّيَرَة".
6-ونحن نقول: لا تعارُض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة. فإذا وقع التعارضُ، فإما أن يكون أحدُ الحديثين ليس مِن كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد غَلِطَ فيه بعضُ الرواة مع كونه ثقةً ثَبتاً، فالثقةُ يَغْلَطُ، أو يكونُ أحدُ الحديثين ناسخاً للآخر إذا كان مما يَقْبَلُ النسخ، أو يكونُ التعارضُ فى فهم السامع، لا فى فى نفس كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا بُدَّ مِن وجه من هذه الوجوه الثلاثة. وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان مِن كل وجه، ليس أحدُهما ناسخاً للآخر، فهذا لا يُوجد أصلاً، ومعاذَ اللهِ أن يُوجَدَ فى كلام الصادق المصدوق الذى لا يخرج من بين شفتيه إلا الحقُّ، والآفةُ مِن التقصير فىمعرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه ومعلوله، أو من القُصور فى فهم مُراده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معاً. ومن ههنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع.. وبالله التوفيق.
قال ابن قتيبة فى كتاب "اختلاف الحديث" له حكايةً عن أعداء الحديث وأهله: قالوا: حديثان متناقضان رويتُم عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "لا عَدوَى ولا طِّيَرَة". وقيل له: إنَّ النُّقْبَةَ تقع بمِشْفَرِ البَعيرِ، فيجرَبُ لذلك الإبلُ،
قال: "فما أعدَى الأولَ" ؟، ثم رويتُم: " لا يُوردُ ذو عاهة على مُصِحٍّ" و"وفِرَّ من المجذومِ فِرارَك من الأسَدِ" ، وأتاه رجل مجذوم ليُبايَعه بَيْعة الإسلام، فأرسل إليه البَيْعةَ، وأمَره بالانصراف، ولم يأذن له، وقال: "الشُّؤمُ فى المرأة والدارِ والدَّابةِ".. قالوا: وهذا كُلُّه مختلِفٌ لا يُشبه بعضُه بعضاً.


وقالت فِرقة أُخرى: إنَّ الجاهلية كانت تعتقد أنَّ الأمراض المعدية تُعدى بطبعها من غير إضافة إلى الله سبحانه، فأبطل النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتقادَهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليُبَيِّنَ لهم أنَّ الله سبحانه هو الذى يُمرض ويَشفى، ونهى عن القُرب منه ليتبينَ لهم أنَّ هذا من الأسباب التى جعلها الله مُفضية إلى مسبباتها، ففى نهيه إثباتُ الأسباب، وفى فعله بيان أنها لا تستقِلُّ بشىء، بل الربُّ سبحانه إن شاء سلبها قواها، فلا تؤثر شيئاً، وإن شاء أبقى عليها قُواها فأثَّرت.



فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى المنع من التداوى بالمحرَّمات

1-روى أبو داود فى "سننه" من حديث أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاء، وَجَعَلَ لِكُلِّ داءٍ دواءً، فَتَدَاوَوْا، ولا تَدَاوَوْا بِالْمُحَرَّم".
2-وذكر البخارى فى "صحيحه" عن ابن مسعود: "إنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عليكم".


3-وفى "السنن" عن أبى هريرة، قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّوَاءِ الخَبِيثِ.
4-وفى "صحيح مسلم" عن طارق بن سُوَيد الجُعفىِّ، أنه سأل النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخمر، فنهاه، أو كَرِهَ أن يصنَعَها، فقال: إنما أصنعُها للدواء، فقال: " إنَّه لَيْسَ بِدَوَاءٍ ولكنَّهُ دَاءٌ".
5-وفى "السنن" أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئل عن الخمر يُجْعَل فى الدَّواء، فقال: "إنَّهَا دَاءٌ ولَيسَتْ بِالدَّوَاءِ " رواه أبو داود، والترمذى.
6-وفى "صحيح مسلم" عن طارق بن سُويدٍ الحضرمى ؛ قال: قلت: يا رسول الله ؛ إنَّ بأرضنا أعناباً نَعتصِرُها فنشرب منها، قال: "لا". فراجعتُه، قلتُ: إنَّا نستشفى للمريض قال: "إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشِفَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ".
7-وفى "سنن النسائى" أنَّ طبيباً ذَكر ضِفْدَعاً فى دواءٍ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنهاه عن قَتْلِها.


8-ويُذكر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "مَنْ تَدَاوَى بِالْخَمْرِ، فَلا شَفَاهُ اللهُ".



فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج القَمْلِ الذى فى الرأس وإزالته
1-فى "الصحيحين" عن كعب بن عُجْرةَ، قال: كان بى أذىً مِن رأسى، فَحُمِلْتُ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقَمْلُ يَتناثَرُ على وجهى، فقال : "ما كنتُ أَرى الجَهْدَ قد بَلَغَ بِكَ ما أرَى" ، وفى رواية: فأمَرَه أن يَحْلِقَ رأسَه، وأن يُطعِمَ فَرقاً بَيْنَ سِتَّةٍ، أو يُهدِىَ شاة، أو يَصُومَ ثلاثةَ أيامٍ.



: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى علاج المصاب بالعَيْنِ
1-روى مسلم فى "صحيحه" عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَيْنُ حَقٌ ولو كان شَىْءٌ سَابَقَ القَدَرِ، لَسَبَقتْهُ العَيْنُ".
2-وفى "صحيحه" أيضاً عن أنس: "أنَّ النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخَّصَ فى الرُّقية مِن الحُمَةِ، والعَيْنِ والنَّملةِ"
3-وفى "الصحيحين" من حديث أبى هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العَيْنُ حَقٌ".
4-وفى "سنن أبى داود" عن عائشة رضى الله عنها، قالت: كان يُؤمَرُ العائِنُفيتوضَّأ، ثم يَغْتَسِلُ منه المَعِينُ.
5-وفى "الصحيحين" عن عائشة قالت: أمرنى النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أَمَرَ أن نَسْتَرْقِىَ من العَيْن.
6-وذكر الترمذى، ، أنَّ أسماء بنت عُمَيْس قالت: يا رسولَ الله ؛ إنَّ بَنِى جعفر تُصيبُهم العَينُ، أفأسترْقِى لهم ؟ فقال: "نعم فَلَوْ كان شَىْءٌ يَسْبِقُ القضاءَ لسَبَقَتْهُ العَيْنُ" صحيح.
7-وروى مالك رحمه الله، ، عن أبى أُمامةَ بن سهل بن حنيفٍ، قال: رأى عامرُ بن ربيعة سَهْلَ بن حُنَيف يغتسِلُ، فقال: واللهِ ما رأيتُ كاليوم ولا جِلْدَ مُخَبَّأة، قال: فلُبِطَ سَهْلٌ، فأتى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامراً، فتَغَيَّظَ عليه، وقال: "عَلامَ يَقْتُلُ أحدُكُم أخاهُ ؟ ألاَ بَرَّكْتَ ؟ اغْتَسِلْ له"، فغسل له عامرٌ وجهَه ويديه ومِرفَقَيْه ورُكبتيه، وأطرافَ رِجليه، وداخِلَة إزاره فى قدح، ثم صبَّ عليه، فراحَ مع الناس.
8-وروى مالك رحمه الله أيضاً عن محمد بن أبى أُمامة بن سهل، عن أبيه هذا الحديث، وقال فيه: " إنَّ العيْنَ حقٌ، توضَّأْ لهُ"، فتوضَّأ له.


9-وقال: "العَيْنُ حَقٌ، ولو كان شىءٌ سَابَقَ القَدَرَ، لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلَ أحدُكمْ، فَلْيَغْتَسِلْ" ، صحيحٌ.
10-قال الزُّهْرى: يُؤْمَر الرجل العائن بقدح، فيُدخِلُ كفَّه فيه، فيتمضمض، ثم يَمُجّه فى القدح، ويغسِلُ وجهه فى القدح، ثم يُدخِل يده اليُسرى، فيصُبُّ على رُكبته اليُمنى فى القَدَح، ثم يُدخِلُ يده اليُمنى، فيصُبُّ على رُكبته اليُسرى، ثم يَغْسِلُ داخِلَة إزارِهِ، ولا يُوضع القَدَحُ فى الأرض، ثم يُصَبُّ على رأس الرجل الذى تُصيبه العينُ من خلفه صبةً واحدةً.
والعَيْن عَيْنان: عَيْنٌ إنسية، وعَيْنٌ جِنِّية. فقد صح عن أُمِّ سلمةَ، أنَّ النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى فى بيتها جاريةً فى وجهها سَفْعَةٌ، فقال: "اسْتَْرقُوا لها، فإنَّ بها النَّظرَة".
قال الحسين بن مسعود الفرَّاء: وقوله "سَفْعَة" أى: نظرة، يعنى من الجن، يقول: بها عينٌ أصابْتها من نظَرِ الجن أنفذُ من أسِّنَة الرِماح


11-ويُذكر عن جابر يرفعه: "إنَّ العَيْنَ لتُدْخِلُ الرجُلَ القَبْرَ، والجَمَلَ القِدْرَ".



: العلاجُ النبوىُّ لهذه العِلَّة،

1-وهو أنواعٌ، وقد روى أبو داود فى "سننه" عن سهل بن حُنَيفٍ، قال: مررْنا بَسيْلٍ، فدخلتُ، فاغتسلتُ فيه، فخرجتُ محموماً، فنُمِىَ ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "مُرُوا أبا ثابتٍ يَتَعَوَّذُ". قال: فقلتُ: يا سيدى ؛ والرُّقَى صالحة ؟ فقال: " لا رُقيةَ إلا فى نَفْسٍ، أو حُمَةٍ، أو لَدْغَةٍ".
والنَّفْس: العَيْن، يقال: أصابت فلاناً نفسٌ، أى: عَيْن. والنافِس: العائن. واللَّدْغة بدال مهملة وغين معجمة وهى ضربةُ العقرب ونحوها.


ابن القيم000 والتعوذات النبوية
1-فمن التعوُّذاتِ والرُّقَى الإكثارُ من قراءة المعوِّذتين، وفاتحةِ الكتابِ، وآيةِ الكُرسى، ومنها التعوذاتُ النبوية.
2-نحو: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ مِن شرِّ ما خَلق".
3-ونحو: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومِن كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ".
4-ونحو: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ التى لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌ ولا فاجرٌ، مِن شَرِّ ما خلق وذرَأ وبرَأ، ومِن شَرِّ ما ينزلُ من السماء، ومِن شَرِّ ما يَعرُجُ فيها، ومِن شَرِّ ما ذرأ فى الأرض، ومِن شَرِّ ما يخرُج مِنها، ومِن شَرِّ فِتَنِ الليلِ والنهار، ومِن شَرِّ طَوَارق الليلِ، إلا طارقاً يَطرُق بخير يا رحمن".
5-ومنها: "أَعُوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ مِن غضبه وعِقَابه، ومِن شرِّ عباده، ومِن هَمَزات الشياطينِ وأن يَحضُرونِ".
6-ومنها: "اللهُمَّ إنى أعوذُ بوجْهِكَ الكريم، وكلماتِك التامَّاتِ من شرِّ ما أنت آخِذٌ بناصيته، اللهُمَّ أنتَ تكشِفُ المأثَمَ والمَغْرَمَ، اللهُمَّ إنه لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، ولا يُخلَفُ وعدُك، سبحانَك وبحمدِك".
7-ومنها: "أَعُوذُ بوجه اللهِ العظيمِ الذى لا شىءَ أعظمُ منه، وبكلماتِه التامَّات التى لا يُجاوزُِهن بَرٌ ولا فاجرٌ، وأسماءِ الله الحُسْنَى، ما علمتُ منها وما لم أعلم، مِن شَرِّ ما خلق وذرَأ وبرأ، ومن شَرِّ كُلِّ ذى شرٍّ لا أُطيق شرَّه، ومِن شَرِّ كُلِّ ذى شَرٍّ أنتَ آخِذٌ بناصيته، إنَّ ربِّى على صِراط مستقيم".
8-ومنها: "اللهُمَّ أنت ربِّى لا إله إلا أنتَ، عليك توكلتُ، وأنتَ ربُّ العرشِ العظيم، ما شاء اللهُ كان، وما لم يشأْ لم يكن، لا حَوْلَ ولا قُوَّة إلا بالله، أعلم أنَّ اللهَ على كُلِّ شىء قديرٌ، وأنَّ الله قد أحاط بكل شىء علماً، وأحصَى كُلَّ شىءٍ عدداً، اللهُمَّ إنى أعوذُ بِكَ مِن شَرِّ نفسى، وشَرِّ الشيطانِ وشِرْكه، ومِن شَرِّ كُلِّ دابةٍ أنتَ آخذٌ بناصيتها، إنَّ ربِّى على صِراط مستقيم".
وإن شاء قال: "تحصَّنتُ باللهِ الَّذى لا إله إلا هُوَ، إلهى وإله كُلِّ شىء، واعتصمتُ بربى وربِّ كُلِّ شىء، وتوكلتُ على الحىِّ الذى لا يموتُ، واستَدْفَعتُ الشرَّ بلاحَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله، حسبىَ اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، حسبىَ الربُّ مِن العباد، حسبىَ الخَالِقُ من المخلوق، حسبىَ الرازقُ مِنَ المرزوق، حسبىَ الذى هو حسبى، حسبىَ الذى بيده ملكوتُ كُلِّ شىءٍ، وهو يُجيرُ


ولا يُجَارُ عليه، حسبىَ الله وكَفَى، سَمِعَ الله لمنْ دعا، ليس وراء اللهِ مرمَى، حسبىَ الله لا إله إلا هُوَ، عليه توكلتُ، وهُوَ ربُّ العرشِ العظيم".
ومَن جرَّب هذه الدعوات والعُوَذَ، عَرَفَ مِقدار منفعتها، وشِدَّةَ الحاجةِ إليها، وهى تمنعُ وصول أثر العائن، وتدفعُه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوةِ نفسه، واستعداده، وقوةِ توكله وثباتِ قلبه، فإنها سلاح، والسلاحُ بضاربه.



وإذا كان العائنُ يخشى ضررَ عينه وإصابتهَا للمَعين،


1- فليدفع شرِّها بقوله: اللهُمَّ بَارِكْ عليه، كما قال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حُنيف: " ألا برَّكْتَ" أى: قلتَ: اللهُمَّ بارِكْ عليه .
2-ومما يُدفع به إصابةَ العَيْن قولُ: "ما شاء الله لا قُوَّة إلا بالله"، روى هشام ابن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا رأى شيئاً يُعجِبُه، أو دخل حائطاً مِن حِيطانه، قال: "ما شاء الله، لا قُوَّة إلا بالله".
3-ومنها رُقْيَةُ جِبريل عليه السَّلامُ للنبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التى رواها مسلم فى "صحيحه": "باسمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤذيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نفسٍ أو عَيْنِ حَاسدٍ اللهُ يَشفِيكَ، باسمِ اللهِ أرْقِيكَ".



[فى أمر العائن بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره]
1-ومنها: أن يُؤمر العائِنُ بغسل مَغابنِهِ وأطرافه وداخِلَةِ إزاره، وفيه قولان ؛ أحدهما: أنه فرجُه. والثانى: أنه طرفُ إزاره الداخل الذى يلى جسدَه من الجانب الأيمن، ثم يُصَبُّ على رأس المَعِين مِن خلفه بغتة، وهذا مما لا ينالُه عِلاجُ الأطباء، ولا ينتفِعُ به مَن أنكره، أو سَخِرَ منه، أو شَكَّ فيه، أو فعله مجرِّباً لا يعتقد أنَّ ذلك ينفعُه.



2-وقال الخطَّابى فى "غريب الحديث" له عن عثمان: إنه رأى صبياً تأخذه العَيْن، فقال: دسِّموا نونته.

فقال أبو عمرو: سألت أحمد بن يحيى عنه، فقال: أراد بالنونة: النُّقرة التى فى ذقنه. والتدسيمُ: التسويد. أراد: سَوِّدُوا ذلك الموضع من ذقنه، ليرد العَيْن.

3-قال ومن هذا حديثُ عائشةَ ان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب ذاتَ يومٍ، وعلى رأسهِ عِمامةٌ دَسْماء أى: سوداء أراد الاستشهاد على اللَّفظة، ومن هذا أخذ الشاعرُ قَوله:



: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى العلاج العام لكل شكوى بالرُّقية الإلهية

1-روى أبو داود فى "سننه": من حديث أبى الدرداء، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مَن اشتكى منكم شيئاً، أو اشتكاهُ أخٌ له فلْيقُلْ: رَبَّنا اللهَ الذى فى السَّماء، تقدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فى السَّماء والأرضِ كما رَحْمَتُك فى السَّماءِ، فاجعل رحمتكَ فى الأرض، واغفر لنا حُوْبَنَا وخطايانا أنتَ ربُّ الطَّيِّبِين، أنْزِلْ رحمةً من رحمتك، وشفاءً من شفائك على هذا الوَجَع، فيَبْرأ بإذْنِ اللهِ ".
2-وفى "صحيح مسلم" عن أبى سعيد الخُدْرِى، أنَّ جبريلَ عليه السلام أتى النبىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمدُ ؛ أشتكيْتَ ؟ فقال: "نعم". فقال جبريلُ عليه السلام : "باسمِ اللهِ أَرقيكَ مِن كُلِّ شىءٍ يُؤذيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نفْسٍ أو عَيْن حاسدٍ اللهُ يَشفيكَ، باسمِ اللهِ أرقيكَ".
فإن قيل: فما تقولون فى الحديث الذى رواه أبو داود: "لا رُقيةَ إلا من عَيْنٍ، أو حُمَةٍ"، والحُمَةُ: ذوات السُّموم كلها ؟
فالجواب: المرادُ به: لا رُقية أولى وأنفعُ منها فى العَيْن والحُمَة،


3-وفى "صحيح مسلم" عنه أيضاً:"رخَّص رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الرُّقية من العَيْن والحُمَةِ والنَّمْلَةِ".

: فى هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى رُقْيَة اللَّدِيغ بالفاتحة

1-أخرجا فى "الصحيحين" من حديث أبى سعيد الخدرى، قال: "انْطلَقَ نَفَرٌ من أصحابِ النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى سفرةٍ سافرُوها حتى نزلوا على حىٍّ مِن أحياءِ العرب، فاسْتَضَافوهم، فأبَوْا أن يُضَيِّفُوهُم، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلك الحىِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُه شىء، فقال بعضهم: لو أتيتُم هؤلاءِ الرَّهطَ الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شىء. فأتوهم، فقالوا: يا أيُّهَا الرَّهطُ ؛ إنَّ سَيِّدَنا لُدِغَ، وسَعينا له بكُلِّ شىء لا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أحدٍ منكم من شىء ؟ فقال بعضُهم: نعم واللهِ إنى لأَرْقى، ولكن اسْتَضَفْناكُمْ، فلم تَضيِّفُونَا، فما أنا بَرَاقٍ حتى تَجْعَلُوا لنا جُعْلاً، فصالَحُوهم على قطيعٍ من الغنم، فانطلَقَ يَتْفُل عليه، ويقرأ: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فكأنما أُنشِطَ من عِقَالٍ، فانطلق يمشى وما به قَلَبَةٌ، قال: فأوفَوْهُم جُعْلَهُم الذى صالحوهم عليه، فقال بعضُهم: اقتسِمُوا، فقال الذى رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتىَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنذكُرَ له الذى كان، فننظُرَ ما يأمرُنا، فَقَدِمُوا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكروا له ذلك، فقال: "وما يُدْريكَ أنَّها رُقْيَةٌ" ؟، ثم قال: "قد أصَبْتُم، اقسِمُوا واضْرِبوا لى مَعَكُم سهماً".



2-. قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: 82]. و"مِن" ههنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصَحُّ القولين،

3- وقد قيل: إنَّ موضع الرُّقْيَة منها :{إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: 4]،

4-وفى النفث سِرٌ آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا تفعلُه السَّّحَرةُ كما يفعلَهُ أهلُ الإيمان. قال تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ} ،



5-وقد روى مسلم فى "صحيحه" عن أبى هُريرة قال: جاء رجلٌ إلى النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يا رسول الله ؛ ما لقيتُ مِنْ عقربٍ لَدَغْتنى البارحةَ فقال: "أما لو قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ،لم تَضُرَّك".
6-: فكما فى "الصحيحين" من حديث عائشة كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوى إلى فراشِهِ نَفَثَ فى كَفَّيْهِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} والمُعَوِّذَتَيْن. ثم يمسحُ بهما وجهه، وما بلغت يدُه من جسده".
7-وكما فى حديث عُوذة أبى الدرداء المرفوع: "اللهُمَّ أنت رَبِّى لا إله إلا أنت عليكَ تَوَكَّلْتُ وأنتَ رَبُّ العَرْشِ العظيم"، وقد تقدَّم وفيه: "مَن قالها أوَّل نهارِهِ لم تُصِبْهُ مُصيبة حتى يُمسى، ومَن قالها آخر نهارِهِ لم تُصِبْه مُصيبةٌ حتى يُصْبِح".
8-وكما فى "الصحيحين": "مَن قَرَأَ الآيَتَيْن مِن آخرِ سُورةِ البقرةِ فى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ".
9-وكما فى "صحيح مسلم" عن النبىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَن نَزَلَ مَنْزِلاً فقال: أَعُوذُ بكلمات ِاللهِ التَّامَّاتِ مِن شرَِّ ما خَلَقَ، لم يَضُرَّهُ شَىءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِن مَنْزِلهِ ذلِكَ".
10-وكما فى "سنن أبى داود" أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان فى السفر يقول باللَّيل :"يا أرضُ ؛ رَبِّى ورَبُّكِ اللهُ، أَعُوذُ باللهِ مِن شَرِّكِ وشَرِّ ما فِيكِ، وشَرِّ ما يَدُبُّ عليكِ، أعوذُ باللهِ مِن أسَدٍ وأسْوَدٍ، ومِن الحَيَّةِ والعقربِ، ومِن ساكنِ البَلَدِ، ومن والدٍ وما وَلَدَ".


رد مع اقتباس