عرض مشاركة واحدة
  #476  
قديم 29-11-2018, 01:46 PM
الصورة الرمزية ياسر زكي3
ياسر زكي3 ياسر زكي3 غير متواجد حالياً
مشرف متميز قسمي "الأخصائي الإجتماعي والنفسي"
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,898
معدل تقييم المستوى: 17
ياسر زكي3 is on a distinguished road
افتراضي

العلاج الجماعي
يعتبر العلاج الجماعي أحد مناهج التدخل المهنى لتحقيق أهداف عملية المساعدة، وثبت من خلال الدراسات الميدانية نجاح هذا المنهج في التعامل مع كثير من القضايا والمشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه أفراد المجتمع. ولعل أهمية العلاج الجماعي نابع من أهمية الجماعة في حياة الإنسان وذلك في إشباع حاجاته واهتماماته ورغباته وميوله، وفي تنمية مهاراته وخبراته، وتحقيق أهدافه الشخصية ونموه النفسي والاجتماعي، وفي تحسين أدائه الاجتماعي، وفي تشكيل اتجاهاته وقيمه ومبادئه، وفي ضبط سلوكياته وتغييرها.
إن مشاركة الأفراد في الجماعات يساعدهم على تعلم السلوكيات الاجتماعية التكيفية adaptive social behaviors وتعلم مهارات القيادة والتبعية، وتعلم مهارات التعاون والتفاوض والتنظيم واتخاذ القرار، وذلك بواسطة أساليب التمثيل والتغذية الراجعة feedback والحوار والمناقشات العلاجية الموجهة، كما أن الاشتراك في الأعمال الجماعية يسهم في تنمية طرائق وأساليب الاتصال communication لدى الأفراد والتي من خلالها يستطيعون التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومشاعرهم وإيصالها بطريقة واضحة ومفهومة، كما يتعلمون كيف يستمعوا إلى الآخرين ويتقبلوا الآراء المخالفة.

ويمكن القول أن معظم المشكلات التي تواجه الناس اليوم هي مشكلات ناجمة عن كونهم أعضاء في جماعات فعلاقاتهم الاجتماعية، وضغوط الأصدقاء، وعدم وضوح الهوية الشخصية، والتفاعل مع الوالدين وبقية أفراد الأسرة، والمدرسين، والكبار بصفة عامة مجالات يمكن أن تسهم في وقوع المشكلات. وفي هذا الصدد يؤكد بعض المختصين على أهمية استغلال الوضع الاجتماعي في الجماعة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية والشخصية للأفراد وذلك لما تمثله الجماعة من عامل جذب لهم.

ويمر العلاج الجماعي بخمس مراحل رئيسة تتمثل في:
1- بداية الجلسة.
2-بناء العلاقة المهنية.
3- التعمق في دراسة المشكلة.
4- البحث عن الحلول والبدائل.
5-إنهاء الجلسة.

ففي المرحلة الأولى يبدأ الأخصائي الاجتماعي الجلسة بطريقة غير مباشرة بمعنى عدم التسرع في الدخول في مناقشة الموضوع أو المشكلة مباشرة وعليه أن يهيئ الجو المناسب الذي يساعد أعضاء الجماعة على الحديث والتعبير والتفاعل. ويقترح في هذا الصدد أن يبدأ الجلسة بأحاديث عامة كالحديث عن الطقس، ومشكلات مواقف السيارات، والألعاب الرياضية وغيرها من الموضوعات الاجتماعية التي يسهل الحديث عنها وتساعد أعضاء الجماعة في الانتقال إلى المرحلة الحقيقية، وهذه المحادثات لا تعتبر مضيعة للوقت بل على العكس من ذلك، حيث ينظر إليها كعوامل تساعد أعضاء الجماعة في التعرف على بعضهم البعض، والتعرف على أسلوب وطريقة العمل الجماعي وأسلوب النقاش والحوار، والتعرف على الأخصائي الاجتماعي.
وعندما يبدأ أعضاء الجماعة بالشعور بالارتياح يعمد الأخصائي الاجتماعي إلى تعريفهم بنفسه وبدوره في الجماعة، وما يمكن أن يقدمه لهم ويساعدهم فيه، ثم يطلب من الأعضاء التعريف بأنفسهم، وبعد ذلك يقوم الأخصائي الاجتماعي بتوضيح أهداف العمل الجماعي بكل دقة وبلغة وأسلوب مناسبين ومفهومين، كما يشرح الأخصائي الاجتماعي لأعضاء الجماعة طريقة العمل وأسلوب ممارسة النشاط، ويوضح لهم القواعد المنظمة لعملهم وسلوكياتهم داخل الجماعة، كما يتيح لهم في نهاية هذا الجزء فرصا لتوجيه الأسئلة والاستفسارات الخاصة بكل الجوانب السابقة.

بعد الانتهاء من عملية إعداد أعضاء الجماعة تبدأ الجماعة أعمالها ومناقشة موضوعها الرئيس وقد يترك الأخصائي الاجتماعي لأعضاء الجماعة فرصة فتح مجال الحوار والحديث والبدء فيه، وإذا لم يستجب أعضاء الجماعة لذلك يمكن للأخصائي أن يساعدهم بالبدء في النشاط وذلك من خلال طرح بعض التساؤلات والأفكار والتعليقات والتعبيرات، وينبغي أن تكون هذه التساؤلات والمداخلات موجزة ومختصرة قدر الإمكان ومرتبطة بالموضوع المستهدف مناقشته، والعبارات التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي لبدء العمل ينبغي أن تكون عبارات مختصرة ومشجعة ويضرب لذلك بالمثال التالي: "نحن جاهزون لبدء العمل، من منكم يريد أن يبدأ بالحديث!" وعلى الأخصائي الاجتماعي الابتعاد عن العبارات غير المرغوبة وغير المشجعة والعبارات التي قد يساء فهمها من جانب الأعضاء أو تلك التي تؤكد أفضلية الأخصائي الاجتماعي على أعضاء الجماعة أو التي تترك انطباعا سيئا لديهم كقول الأخصائي الاجتماعي مثلا: "أنا سعيد بوجودكم في هذه الجماعة، ما الذي يمكن أن أقدمه لكم أو أساعدكم فيه؟، أو أنتم تعانون من مشكلات!" فهذا النوع من العبارات قد تفهم بشكل خاطئ وتعطي انطباعا لأعضاء الجماعة بأفضلية الأخصائي الاجتماعي واختلافه عنهم.

وفي الجماعات التي يجد أعضاء الجماعة صعوبة في بدء الحديث يقوم الأخصائي الاجتماعي بأخذ دور فاعل في هذه العملية وذلك من خلال توجيه أسئلة مباشرة للأعضاء "ما الذي جعلنا نجتمع هنا؟ من يعرف ماذا تعني كلمة .. ومن يلخص لنا ما الذي نطمح إليه من هذا الاجتماع؟".

بعد عملية التقديم introduction فأن من المفيد في بعض الأحيان بدء الجلسة بتقديم وعرض بعض المعلومات الأولية أو الأساسية المرتبطة بالموضوع أو المشكلة التي تناقشها الجماعة، والاهتمام باستخدام كل أدوات الشرح والإيضاح كالملخصات والأفلام والصور والإحصاءات والرسوم، فعلى سبيل المثال إذا كان موضوع الجماعة يتعلق بأضرار المخدرات يمكن أن يبدأ الأخصائي الاجتماعي بإعطاء معلومات موجزة عن المخدرات من حيث مفهومها وأنواعها وحجم هذه الظاهرة وذلك باستخدام الشرائح وأفلام الفيديو، فهذه المعلومات لا تخدم الجانب التوعوي والتعليمي لأعضاء الجماعة فقط، بل يمكن أن تكون عاملا مساعدا لفتح باب المناقشة والحديث. ولعل من المفيد أيضا بعد الانتهاء من هذه العملية استخدام التمارين exercises للتأكد من استيعاب وفهم أعضاء الجماعة للمعلومات التي تم عرضها أو استخدام أسلوب الواجب المنزلي homework لزيادة ترسيخ هذه المعلومات.
العلاقة المهنية بين الأخصائي الاجتماعي والطالب هي العامل الرئيس في نجاح أي عملية تدخل مهني، وهذه العلاقة ينبغي أن تبنى على أساس من التقبل والاحترام والتقدير والسرية وإتاحة الفرصة للتعبير عن الآراء والأفكار والمشاعر ومراعاة الفروق الفردية، وعلى الأخصائي الاجتماعي العمل على إيجاد جو مناسب في الجماعة يتسم بالتقبل والأمان بحيث يساعد الأعضاء على التحدث عن مشكلاتهم بكل حرية وصراحة ومناقشة أفكارهم والتعبير عن مشاعرهم دون خوف أو شعور بالتهديد أو التردد.

وعلى الأخصائي الاجتماعي خلال المقابلات الأولى تقديم نفسه إلى أعضاء الجماعة كشخص يمتلك المعرفة والقدرة على المساعدة والاستعداد لبذل كل جهد ممكن في سبيل مساعدة الآخرين، وأن نبرة صوته ينبغي أن توصل رسالة واضحة للأعضاء تشعرهم بتفهمه لمشاعرهم ومشكلاتهم، وأن يتسم سلوكه بالهدوء والبعد عن التوتر والعصبية بحيث يساعد في تلطيف الجو المتوتر الذي قد ينشأ نتيجة صعوبات البداية التي غالبا ما تواجهها الجماعات.
كما نؤكد على أهمية عدم التسرع في إصدار الأحكام nonjudgmental والتشدد الأخلاقي moralistic بل ينبغي أن يكون الأخصائي الاجتماعي مرنا متقبلا لقيم أعضاء الجماعة متفهما لخصائصهم الشخصية خاصة في بداية العمل، فما يعتبره الأخصائي الاجتماعي قيمة قد لا يكون كذلك بالنسبة للآخرين في مواقف مختلفة، كما أن من المهم معاملة أعضاء الجماعة بالمساواة وعدم تفضيل أحدهم على الآخر لأي سبب كان، هذا بالإضافة إلى أن عليه مراعاة الفروق الفردية بين أعضاء الجماعة لكن دون إخلال بعامل المساواة أو تفريط فيها، إن كل ما تقدم تعتبر عوامل أساسية في تكوين العلاقة المهنية وتقويتها ونموها، بل يعتبرها البعض من المختصين مهارات أو أساليب تكوين العلاقة المهنية بين الأخصائي الاجتماعي والطالب.

وأخيرا يمكن القول أيضا أن أسلوب الاتصال الذي يستخدمه الأخصائي الاجتماعي واللغة التي يتحدث بها قد تؤثر في العلاقة المهنية، فكلما استخدم الأخصائي الاجتماعي أسلوبا مناسبا يتفق مع قدرات وإمكانيات الأعضاء وتحدث بلغة مبسطة ومفهومة كلما ساعد ذلك على زيادة ثقة الأعضاء به وبقدرته على مساعدتهم والتفاهم معهم.

كما هو مطلوب من الأخصائي الاجتماعي عدم إصدار أحكام متسرعة على سلوكيات وقيم واتجاهات أعضاء الجماعة وعدم التسرع في توجيه اللوم إليهم، فإن من المهم أيضا عدم التسرع في استخدام الأساليب العلاجية أو التدخلية، ويخطئ كثير من الأخصائيين الاجتماعيين المبتدئين عندما يعمدون إلى تقديم النصائح والتعليمات والاقتراحات بعد تحديد المشكلة مباشرة دون التعمق أو التوسع في دراستها وفهمها فهما صحيحا.

إن الأخصائي الاجتماعي وأعضاء الجماعة بحاجة إلى فهم المشكلة وذلك من خلال دراستها دراسة متأنية واختبار جميع جوانبها ومناطقها، والتعرف على أبعادها وآثارها، ومدة تواجدها، وأسبابها، والعوامل المرتبطة بها، والأشخاص المتأثرين بها، وكيف يشعر الأعضاء حيال كل ذلك، والتعرف على قدرات الأعضاء البدنية والنفسية والاجتماعية، وجوانب القوة في شخصياتهم والتي يمكن الاستعانة بها في سبيل التكيف والتعامل مع المشكلة، وتحديد الإمكانيات والموارد المتاحة في الأسرة والمجتمع المحلي وكيفية الاستفادة منها في صالح الأعضاء.

فالمشكلة هي عبارة عن عدد من المشكلات التي تحتاج إلى دراسة كل منها بتأني وعمق، وأن دور الأخصائي الاجتماعي يتركز حول مساعدة أعضاء الجماعة للتعرف على هذه المشكلات ودراستها بطريقة علمية منظمة، ومن هنا نؤكد على أهمية توفير الأخصائي الاجتماعي لمشاعر التعاطف empathy وليس العطف sympathy فالتعاطف –القدرة على فهم مشاعر أعضاء الجماعة ومشاركتهم فيها– يساعد أعضاء الجماعة للتعامل مع المشكلة وحلها ويشجعهم على أخذ موقف فاعل ونشيط تجاه مشكلاتهم وتحسين أوضاعهم.

إن الأخصائي الاجتماعي بحاجة إلى أن يثق في نفسه وقدرته على دراسة المشكلات التي تواجه أعضاء الجماعة وتحليلها وتقديرها أو تشخيصها فتردده أو شكه قد يؤدي إلى فشله وفشل الجماعة. ولعل من أهم العوامل التي تساعد في إيجاد وتعزيز هذه الثقة هو استعداد الأخصائي الاجتماعي للدخول في العمل فكريا ونفسيا ومعلوماتيا، وهذا الاستعداد يتطلب منه تحديد أهدافه من كل جلسة وتحديد الوسائل والأدوات أو الأساليب التي سيستعين بها لإنجاز هذه الأهداف.
إن أسلوب الاتصال التشجيعي من جانب الأخصائي الاجتماعي له دور بالغ الأهمية في زيادة عمليات التفاعل والمشاركة والتعبير، فعندما يشعر الأخصائي الاجتماعي بأن أحد الأعضاء لمس جانبا مهما في الموضوع أو القضية أو المشكلة فعليه أن يستخدم أسلوب التشجيع والحفز وذلك بهدف مساعدة ذلك العضو على إكمال حديثه أو نشاطه، ويستخدم الأخصائي الاجتماعي أساليب مختلفة لتشجيع أعضاء الجماعة وحفزهم من أهمها ما أطلق عليه اسم مهارات الحضور attending skills والذي يعني بها التعبيرات اللفظية verbal وغير اللفظية nonverbal التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي بهدف إظهار وتأكيد حضوره ومتابعته لكل ما يحدث داخل الجماعة، فالتعبيرات اللفظية هي جميع الكلمات والجمل المنطوقة التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي للتعبير عن اهتمامه وتشجيعه ومتابعته وتعاطفه وثقته واحترامه وتقديره وتقبله لأعضاء الجماعة والجماعة ككل كقوله مثلا "أحسنت، أقدر لك مشاركتك، لقد تحدثت عن الموضوع بطريقة مفيدة … الخ"، أما التعبيرات غير اللفظية فهي المهارات التي تعتمد على استخدام التعبيرات الحركية الجسمية كالنظر والإيماء واللمس وحركات اليدين والابتسامة التي تدل على اهتمام الأخصائي الاجتماعي بالجماعة ومشكلاتهم وتشجيعه لهم لمواصلة العمل أو الحديث. ومن مهارات الحضور أيضا مهارة الإنصات والاستماع الواعي، ومهارة تفاعل الأخصائي الاجتماعي مع الجماعة، ومهارات الحضور هي أساس عملية المساعدة وتكوين العلاقة المهنية بين الأخصائي الاجتماعي والطالب، كما وأن الأخصائي الاجتماعي بحاجة إلى هذه المهارات في جميع عمليات وأنشطة الجماعة اللاحقة.

وأخيرا فإن مرحلة التعمق في دراسة المشكلة تتطلب من الأخصائي الاجتماعي أيضا دراسة أعضاء الجماعة وتقدير حاجاتهم واهتماماتهم ومشكلاتهم وقدراتهم، وتحديد أساليب التدخل المناسبة مع كل عضو ومع الجماعة ككل، وأن الدراسة في هذا المجال ينبغي أن تركز على الجوانب التالية:
1-دراسة أعضاء الجماعة والتعرف على حاجاتهم ومشكلاتهم وقدراتهم وما يمكن أن يساهم به كل عضو منهم داخل الجماعة وخارجها، والتعرف على أفضل أساليب التدخل للتعامل مع مشكلاتهم. ويستخدم الأخصائي الاجتماعي لتحقيق ذلك أساليب مختلفة منها: أسلوب الملاحظة أو المراقبة الذاتية، وأسلوب الملاحظة الخارجية التي يقوم بها المختصون.
2-دراسة الجماعة ككل وذلك من حيث طرائق وأساليب الاتصال والتفاعل communication and interaction patterns، وعوامل الجذب attractions، ودرجة الضبط الاجتماعي social control، وثقافة الجماعة group culture.
3-دراسة البيئة المحيطة بالجماعة كالمدرسة والمؤسسات الأخرى وإمكانياتها وخدماتها وبرامجها، ودراسة اتجاهات المجتمع ومصادر الدعم وكيفية الاستفادة من كل ذلك وتوظيفه لصالح الجماعة.
4-دراسة وتحديد أساليب التدخل المناسبة مع كل عضو من أعضاء الجماعة ومع الجماعة ككل، وأساليب التدخل المناسبة للتعامل مع المشكلات التي تواجه الأعضاء.

بعد دراسة المشكلة وتحديدها وتحديد أسبابها وآثارها فإن الخطوة التالية ينبغي أن تركز على عملية البحث عن البدائل والحلول، وهذه المرحلة يمكن أن تبدأ بقيام الأخصائي الاجتماعي بسؤال أعضاء الجماعة السؤال التالي: "هل فكرتم في طرائق حل هذه المشكلة؟"، بعد ذلك تبدأ عملية مناقشة الحلول المطروحة والتعرف على إيجابيات وسلبيات كل حل، وتحديد الصعوبات التي يمكن أن تواجه عملية التنفيذ، وتحديد مدى واقعية هذه الحلول وإمكانية الأخذ والعمل بها، ومناقشة النتائج المتوقعة من تنفيذ كل حل. وينبغي أن تتاح لكل عضو في الجماعة فرصة المشاركة برأيه وعدم فرض حلول معينة من جانب الأخصائي الاجتماعي عملا بمبدأ حق تقرير المصير self-determination فللجماعة الحق في اختيار الحلول والبدائل التي تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم وخصائصهم وظروفهم، وأن دور الأخصائي الاجتماعي يتوقف عند مساعدة كل عضو من أعضاء الجماعة في توضيح الحلول وفهم النتائج المترتبة على كل حل منها ولكن ليس الاختيار بدلا عنهم.

إن فرض حلول معينة من جانب الأخصائي الاجتماعي قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة منها:
1-أن يكون الحل المفروض غير مرغوب فيه وفي حالة فشله يضع الطلاب اللوم على الأخصائي الاجتماعي ويحملونه مسؤولية الفشل.
2-أن يكون الحل مرغوبا فيه وفي حالة نجاحه يمكن أن يؤدي إلى اتكال أعضاء الجماعة على الأخصائي الاجتماعي واعتمادهم كليا عليه لسبب بسيط وهو أنه أعرف منهم.

وتتم عملية العلاج الجماعي من خلال مشاركة أعضاء الجماعة وتحمل كل منهم لمسؤولياته والقيام بأداء المهام والواجبات والأنشطة الضرورية لتحسين الموقف وعلاج المشكلة، وينبغي أن يراعي الأخصائي الاجتماعي قدرات كل عضو في الجماعة عند توزيع الأدوار المسؤوليات بحيث يكلف كل عضو بالأعمال التي تتفق مع قدراته وإمكانياته، فإنجاز العضو للعمل المكلف به يسهم في نموه الشخصي واعتماده على نفسه ويعده للقيام بأعمال مستقبلية، وعلى العكس من ذلك إذا كانت الأعمال والأنشطة المناطة بالعضو تتجاوز طاقته فيمكن أن يؤدي به إلى الإحساس بالفشل والاتكالية.

وأثناء قيام أعضاء الجماعة بتنفيذ الأعمال والمهام المطلوبة منهم يقوم الأخصائي الاجتماعي بتوفير الدعم والمساندة والتشجيع، والمعلومات التي تساعدهم في تنفيذ العمل بصورة صحيحة، كما يعمل على مساعدتهم لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض طريقهم وتمنعهم من تحقيق أهدافهم. ونؤكد في هذا السياق أيضا على أهمية التزام الأخصائي الاجتماعي في هذه المرحلة بحق أعضاء الجماعة في تقرير مصيرهم واختيار الأعمال والحلول والأساليب التي يرغبون شريطة عدم وجود أي تهديد على حياة الأعضاء أو ضرر بمصالحهم ومصالح الآخرين، وعندما يقوم العضو باختيار حل معين لابد له أن يعي ويفهم ويدرك أهداف هذا الحل وطريقة تنفيذه، ويعرف ما هو مطلوب منه تجاه العمل به، ومن سيشاركه في هذا العمل إن وجد.

كما يمكن استخدام نموذج العقد الاجتماعي social contract كوسيلة لتنظيم العمل واستخدامه كمرجع رسمي وقت الحاجة، وينبغي أن يتضمن العقد تحديدا دقيقا لأهداف عملية التدخل وأساليبها وأنشطتها ومدتها الزمنية، وفي حالة فشل أحد أعضاء الجماعة في الالتزام بمحتوى العقد فليس من الملائم انتقاده وقبول أعذاره، بل ينبغي على الأخصائي الاجتماعي أن يسأل العضو بكل بساطة السؤال التالي: "هل لا زلت ترغب في إنجاز العمل الذي اتفقنا عليه؟" فإذا كانت إجابة العضو بالموافقة فعلى الأخصائي الاجتماعي تحديد مدة زمنية جديدة يوافق عليها العضو لإنجاز العمل. ويقوم الأخصائي الاجتماعي خلال فترة تنفيذ بنود العقد بتشجيع أعضاء الجماعة وتوفير الدعم والدافع للعمل سواء من خلال استخدام مهارات التجزئة والتدرج في إنجاز العمل، أو من خلال استخدام مهارات الحضور التي سبق الإشارة إليها، أو من خلال توضيح المكتسبات والفوائد التي سيجنيها الأعضاء من إنجاز الأعمال، أو من خلال زرع الثقة في نفوسهم وتزويدهم بالتعليمات والمعلومات التي تسهل عليهم مهمتهم.

إنهاء العلاج الجماعي هي المرحلة الأخيرة من مراحل التدخل المهني التي ينبغي أن يتقبلها كل من الأخصائي الاجتماعي وأعضاء الجماعة، وتبدأ هذه المرحلة عادة بعد إنجاز الأهداف ومناقشة الموضوعات المتفق عليها سلفا. وعملية إنهاء أعمال الجماعة تتطلب من الأخصائي الاجتماعي القيام بالمهام التالية:
1-إعداد الجماعة لهذه المرحلة وذلك من خلال التلميح لها من بداية العمل أو الجلسة.
2-تلخيص العمل والإشادة بالإنجازات التي تحققت.
3-تعيين الواجبات المنزلية إن وجد.
4-تعامل الأخصائي الاجتماعي مع المشاعر الناجمة عن انتهاء العمل سواء كانت مشاعر إيجابية (كالشعور بالرضا والفخر والاعتزاز والسعادة والثقة) أو سلبية (كالحزن والغضب والإنكار والمقاومة والتمارض) وذلك من خلال إتاحة الفرصة للتعبير عن هذه المشاعر والتعامل معها بطريقة مناسبة.

وأخيرا يقوم الأخصائي الاجتماعي بتقويم العمل لتحديد الإنجازات ومعرفة جوانب القوة والضعف في العمل للاستفادة من كل ذلك في تحسين الأداء المهني مع الجماعات المستقبلية. ولعل أبسط طريقة يمكن استخدامها لتقويم العمل هو سؤال أعضاء الجماعة عن مدى استفادتهم من هذا العمل، وما هي الفوائد التي تحققت لكل عضو فيهم، أو ما هي التغييرات التي حدثت في حياتهم نتيجة التدخل الجماعي.
__________________