(32) صَـــفْـــــــوَانُ بْـــنُ سُــلَـــيْــــــم
هُـــــــوَ: صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ المَدَنِيُّ. الإِمَامُ القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ النِّحرِيرُ، الحَافِظُ الكَبِيرُ، العَابِدُ الزَّاهِدُ، مُفْتِي المَدِينَة.
أَخَـــذَ الـعِـلْـــمَ مِـــن: عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم. ومِـن كِـبَـارِ الـتَّـابِـعِـيـن: حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْفٍ ونَافِعِ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ وطَاوُوْسِ بْنِ كَيْسَانٍ وسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ والقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ عَوْفٍ وحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وعَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ وعَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ هُرمُزٍ وعِكْرَمَةَ القُرَشِيِّ وأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانَ وعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ وسَلْمَانَ الأَغَرِّ.
- وكَانَ مِن عُبَّادِ أَهْلِ المَدِينَةِ وزُهَّادِهِم وقُرَّائِهِم ومُتْقِنِيهِم.
- وكَانَ يُصَلِّي عَلَى السَّطْحِ فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ لِئَلاَّ يَجِيْئَهُ النَّوْمُ!!
- مُتَّفَقٌ عَلَى إِمَامَتِهِ وجَلاَلَتِهِ وثِقَتِهِ.
قَـــالُــــــواْ عَــنْـــهُ:
- قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ صَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ، ولَو قِيلَ لَهُ: غَداً القِيَامَةُ، مَا كَانَ عِنْدَه مَزِيْدٌ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ العِبَادَةِ.
- وقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ: كَنْتُ إِذَا رَأَيتُ صَفْوَانَ عَلِمْتُ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّه.
- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مِنْ خِيَارِ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْن.
ومِـن أَقْوَالِــــهِ:
- فِي المَوْتِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ شَدَائِدِ الدُّنْيَا، وإِنْ كَانَ ذَا غُصَصٍ وكَربٍ.
عِـــزَّةُ نَــفْـسِـــهِ:
قَدِمَ الخَلِيفَةُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأُمَوِيُّ المَدِيْنَةَ، وعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أَمِيرٌ عَلَيْهَا آنَذَاكَ... فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالظُّهرِ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى المِحرَابِ، واسْتَقبَلَ النَّاسَ بِوَجهِهِ، فَنَظَرَ إِلَى صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، فَقَالَ لِعُمَرَ: مَنْ هَذَا..؟! مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ سَمتاً مِنْهُ..!!
فَقَالَ عُمَرُ: صَفْوَانُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ: يَا غُلاَمُ، كِيسٌ فِيْهِ خَمْسُ مائَةِ دِيْنَارٍ.
فَأَتَاهُ بِهِ، فَقَالَ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى ذَلِكَ القَائِمِ.
فَأَتَى، حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ وَهُوَ يُصَلِّي، ثُمَّ سَلَّمَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: يَقُوْلُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ: اسْتَعِنْ بِهَذِهِ عَلَى زَمَانِكَ وَعِيَالِكَ.
فَقَالَ صَفْوَانُ: لَسْتُ الَّذِي أُرْسِلتَ إِلَيْهِ.
قَالَ: أَلستَ صَفْوَانَ بنَ سُلَيْمٍ؟
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَإِلَيْكَ أُرْسِلتُ.
قَالَ: اذْهَبْ، فَاسْتَثْبِتْ.
فَوَلَّى الغُلاَمُ، وأَخَذَ صَفْوَانُ نَعلَيْهِ، وخَرَجَ؛ فَلَمْ يُرَ بِهَا، حَتَّى خَرَجَ سُلَيْمَانُ مِنَ المَدِيْنَةِ!!
عَـطْـفُــهُ عَـلَــى الـفُـقَـــرَاءِ:
دَخَلَ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْماً.. فَرَأَى مِسْكِينًا يَقُولُ: مَنْ قَمَّصَنِي قَمِيصًا قَمَّصَهُ اللَّهُ قَمِيصًا فِي الْجَنَّةِ. فَنَزَعَ صَفْوَانُ قَمِيصَهُ فَأَعْطَاهُ الْمِسْكِينَ، فَرَأَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، كَانَ صَالِحًا، ثَلَاثَ لَيَالٍ إِذَا رَأَيْتَ صَفْوَانَ أَخْبِرْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَمَّصَهُ قَمِيصًا مِنَ الْجَنَّةِ لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا، فَخَرَجَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَأَتَى عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ, فَقَالَ لَهُ: أَرسِلْ إِلَى صَفْوَانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ صَفْوَانُ أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ بِمَا رَأَى، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ لِصَفْوَانَ، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَبَكَى صَفْوَانُ فَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِ القَمِيصِ.
وَفَـاتُـــــهُ: حَلَفَ صَفْوَانُ أَلاَّ يَضَعَ جَنبَهُ بِالأَرْضِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ، فَمَكَثَ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِيْنَ عَاماً..!!! فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، واشتَدَّ بِهِ النَزْعُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَتِ ابْنَتُه: يَا أَبَةِ، لَو وَضَعتَ جَنبَكَ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ، إِذاً مَا وَفَّيْتُ للهِ بِالنَّذْرِ وَالحَلِفِ.
فَمَاتَ، وإِنَّهُ لَجَالِسٌ!! وكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وثَلاَثِيْنَ ومِائَةٍ (132 هــ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
- وقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَخْبَرَنِي الحَفَّارُ الَّذِي يَحفرُ قُبُوْرَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، قَالَ: حَفَرتُ قَبْرَ رَجُلٍ، فَإِذَا أَنَا قَدْ وَقَعتُ عَلَى قَبْرٍ، فَوَافَيْتُ جُمْجُمَةً، فَإِذَا السُّجُوْدُ قَد أَثَّرَ فِي عِظَامِ الجُمجُمَةِ، فَقُلْتُ لإِنْسَانٍ: قَبْرُ مَنْ هَذَا...؟! فَقَالَ: أَوَ مَا تَدْرِي...؟! هَذَا قَبْرُ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ.
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 05-08-2014 الساعة 06:10 AM
|