عرض مشاركة واحدة
  #1584  
قديم 26-12-2017, 06:48 PM
الصورة الرمزية محمد محمود بدر
محمد محمود بدر محمد محمود بدر غير متواجد حالياً
نجم العطاء
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 23,998
معدل تقييم المستوى: 38
محمد محمود بدر is just really nice
افتراضي



صورة نادرة لمعسكر الجيش المصري في التل الكبير بالاسماعيلية سنة 1882 .

في الساعة الواحدة و النصف صباحا من يوم 13 سبتمبر 1882 في معسكر الجيش المصري بالتل الكبير , عرابي في خيمته يقرأ الأوراد والادعية ، و الجنود المتطوعون قد انتشروا علي امتداد ستة كيلومترات ، داخل الخنادق و الاستحكامات المقامة من الرمل و الطين ، منهم الآلاف ممن يحملون سلاحا ، و منهم من لا يحمل شيئا ، و يجيء سعود الطحاوي إلي عرابي في خيمته يطمئنه و يقسم له ان الانجليز لن يهجموا قبل اسبوع علي الاقل ثم يتسلل خارجا إلي صفوف الانجليز ليرشد طلائعهم في صباح اليوم التالي !

أطمئن الجنرال ويلسي القائد الانجليزي إلي أن المصريين سينامون ليلتهم نوم الابرار ، و يطفيء الجيش الغازي انواره و يخيم الظلام الدامس ويزحف 11 ألفا من المشاة و 2000 من الفرسان ، وستون مدفعا ، و سعود الطحاوي في المقدمة يرشدهم إلي الطريق ، و لم يكن يؤدي هذه المهمة وحده ، بل كان يعاونه لفيف من ضباط اركان حرب المصريين الذين خانوا واجبهم و تحالفوا مع الشيطان مقابل حفنة من الجنيهات الذهبية !

تحرك الجيش الانجليزي و كان من المفترض ان تكون اول نقاط المواجهة مع فرقة السواري و لكن قائدها عبدالرحمن حسن كان يعلم بنبأ الهجوم و علي اتصال دائم بالانجليز فتحرك بجنوده تحت جنح الليل بعيدا عن ارض المعركة ليمر الجيش الانجليزي في سلام!

و يتقدم الجيش الزاحف ، و يلمح عن بعد مصابيح تنير له الطريق ، انه علي يوسف الشهير بخنفس باشا قد ارسل جنوده للراحة ، ثم خاف أن يضل الانجليز طريقهم فوضع لهم المصابيح التي ترشدهم إلي الطريق الذي يسلكونه !

أصبحت الساعة الرابعة و الدقيقة الخامسة و الاربعون وقد تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود حين اعطيت اشارة الهجوم و انطلق ستون مدفعا وأحد عشر الف بندقية ، و ألفان من الحراب ، تقذف الهول و الموت و الفزع في الجند النائمين ، الذين قاموا علي صرخة واحدة ، لا يعرفون أهي القيامة ، ام بركان انشقت عنه الارض ، ام الانجليز ! تفرق المصريون يبحثون عن مهرب فلا احد كان يتوقع الخيانة .

كان عرابي لايزال بخيمته يصلي الفجر علي ربوة قريبة حين باغته الهجوم و سقطت قذيفة مباشرة علي خيمته ، فتركها طعمة للنيران ، واسرع و امتطي جواده ، و نزل في ساحة المعركة فأذهله ان رأي جنوده يفرون و وقف يحاول عبثا جمعهم و لكن التيار كان جارفا ، و قد ضاع صوته في انفجارات القنابل و طلقات الرصاص ، وكادت المدافع تصيبه ، ولكن خادمه لوي عنان فرسه قهرا عنه فانقذ حياته ، وانطلق يعدو بجواده إلي بلبيس ليحاول عبثا ان يقيم خطا ثانيا للدفاع عن القاهرة ..

ولما غربت الشمس خلف التلال كانت الدماء التي بيعت تخضب رمال الصحراء و تشكو الي ربها مرارة الخيانة ، وكانت الذئاب قد أقبلت تنهش الجثث التي ملأت الخنادق التي أقامها الفلاحون المصريون من الرمل والطين والدماء , و كان المصورون الانجليز يلتقطون صورا تذكارية لجثث الفلاحين المصريين لنشرها في صحف لندن للتباهي بالنصر الوضيع !

أما الذين باعوا وطنهم فقد قبضوا الثمن بضعة آلاف من الجنيهات و قد كتب خنفس إلي الانجليز يتظلم لانه اخذ ألفين فقط و لم يأخذ عشرة آلاف مثل سلطان باشا رئيس مجلس النواب !



الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس