عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-09-2013, 02:19 AM
Mr. Ali 1 Mr. Ali 1 غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 15,375
معدل تقييم المستوى: 31
Mr. Ali 1 has a spectacular aura about
افتراضي

فتح صقلية


كان قد مضى على صقلية ثلاثة قرون وهي تحت حكم الدولة البيزنطية، وكانت سنين عجافًا سادها الفقر الفكري، وترتب على سيادة الجهل وجمود الأذهان: تفرق بين السكان، فكان كبار الملاك والتجار يتبادلون المكايد وينشطون في دس الدسائس وبث أسباب العداء، وكان من بين هؤلاء الكبار في المال والصغار في النفس رجل يُدعى إيو فيموس (Euphemius) وكان مغيظًا من حاكم الجزيرة، فرأى الانتقام منه أن يستعين بالأمير الأغلبي الثالث، وهو زيادة الله، في غزو الجزيرة والقضاء على الحكم البيزنطي كله. وتردد الأمير الأغلبي في بادئ الأمر في غزو بلد مهادن له، وكان على رأسه القاضيان المسنان: ابن الفرات، وأبو محرز.

وكان ابن الفرات متحمسًا لهذا الغزو مستدلاًّ بالآية القرآنية : { فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }(محمد 35).

وكان ابن الفرات فقيهًا مالكيًّا طالت رحلته وتنقلاته في الشرق، وتلقى الفقه المالكي والحنفي، وجعل من مدونتي مالك وابن القاسم وآرائه الخاصة مدونة فقهيَّة باسمه، وكان أيضًا محاربًا شجاعًا.

ورأى زيادة الله أن يجعله على رأس هذه الحملة، ويظهر أن إخلاصه في الجهاد أضفى على الجيش كله روح التضحية وحب الاستشهاد. ووصل الجمع إلى ميناء "مزارا" التي في جنوب الجزيرة، فألقى ابن الفرات فيهم خطبة لم تشر إلى شيء من الحرب والغنائم، كما فعل طارق بن زياد عندما نزل جيشه بأرض الأندلس، بل حثهم فقط على التقوى وتحصيل العلوم.


استهل خطبته بالشهادة، وأقسم لجيشه أنه ما كان من آبائه من ولي جيشًا، ثم قال : " فأجهدوا أنفسكم، وأتعبوا أبدانكم في طلب العلم وتدوينه، وكاثروا عليه واصبروا على شدته، فإنكم تنالون به خيري الدنيا والآخرة ".
والخطبة بوجه عام توحي بالزهد، وتؤذن بأن الدنيا تخضع لذوي العلم والدين.


لم يكن فتح هذه الجزيرة هينًا ولا سريعًا، مع أن الحملة كان بها سبعون سفينة عليها عشرة آلاف مقاتل، وسبعمائة فرس، ولكنها اعتمدت على الحصار، وشقت طريقها إلى باليرمو Palermo، فاتخذها عاصمة، وهي في مستعمرة فينيقية، فجعلوها قاعدة حربية توجه منها الحملات، وأخذت الجزيرة تسقط تدريجيًّا في أيديهم، ولم يتم فتحها نهائيًّا إلا في العهد الفاطمي.
__________________
لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي !!
مغلق حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً.



رد مع اقتباس