عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 24-08-2014, 02:49 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 35
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

ثانيًا: قصة أصحاب الفيل:
هذه الحادثة ثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، وأتت تفاصيلها في كتب السير والتاريخ وذكرها المفسرون في كتبهم. قال تعالى: )أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ`أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ`وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ`تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ )[الفيل: 1-5].
أما إشارات الرسول إلى الحادث فمنها:
· أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما خرج زمن الحديبية سار حتى إذا كان بالثنيَّة التي يهبط عليهم منها بركت بها راحلته فقال الناس! حَل حَل([17]), فألحت([18]) فقالوا: خلأت القصواء! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخُلُق، ولكن حبسها حابس الفيل» ([19]).
وجاء في السيرة النبوية لأبي حاتم ما يلي: «كأن من شأن الفيل أن ملكًا كان باليمن غلب عليها، وكان أصله من الحبشة يقال له أبرهة، بنى كنيسة بصنعاء فسماها القُلَّيَس، وزعم أنه يصرف إليها حج العرب، وحلف أن يسير إلى الكعبة فيهدمها، فخرج ملك من ملوك حمير فيمن أطاعه من قومه, يقال له ذو نفر فقاتله، فهزمه أبرهة وأخذه، فلما أتى به قال له ذو نفر: أيها الملك لا ت***ني فإن استبقائي خير لك من ***ي، فاستبقاه، وأوثقه، ثم خرج سائرًا يريد الكعبة حتى إذا دنا من بلاد خثعم, خرج إليه النفيل بن حبيب الخثعمي ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه فهزمهم وأخذ النفيل، فقال النفيل: أيها الملك. إني عالم بأرض العرب فلا ت***ني، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقاه وخرج معه يدله حتى إذا بلغ الطائف خرج إليه مسعود بن مُعَتَّب في رجال ثقيف فقال: أيها الملك نحن عبيد لك ليس لك عندنا خلاف، وليس بيننا وبينك الذي تريد –يعنون اللات- إنما تريد البيت الذي بمكة، نحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه مولى لهم يقال له أبو رغال فخرج معهم حتى إذا كان بالمغمس([20]) مات أبو رغال وهو الذي رجم قبره, وبعث أبرهة من المغمس رجلا، يقال له الأسود بن مقصود على مقدمة خيله، فجمع إليه أهل الحرم، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير بالأرك، ثم بعث أبرهة حُناطة الحميري إلى أهل مكة فقال: سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، إنما جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حناطة حتى دخل مكة فلقي عبد المطلب بن هاشم فقال: إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال عبد المطلب: ما عندنا له قتال، فقال: سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى الله بينه وبينه فوالله ما لنا به قوة، قال: فانطلق معي إليه، قال: فخرج معه حتى قدم المعسكر وكان «ذو نفر» صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال: يا ذا نفر هل عندكم من غناء فيما نزل بنا؟ فقال: ما غناء رجل أسير لا يأمن من أن ي*** بكرة أو عشية، ولكن سأبعث لك إلى أُنيَس سائس الفيل فآمره أن يصنع لك عند الملك ما استطاع من خير، ويعظم خطرك ومنزلتك عنده، قال: فأرسل إلى أنيس فأتاه فقال: إن هذا سيد قريش صاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فإن استطعت أن تنفعه فانفعه، فإنه صديق لي.
فدخل أنيس على أبرهة فقال: أيها الملك! هذا سيد قريش وصاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال يستأذن عليك وأنه أحب أن تأذن له، فقد جاءك غير ناصب لك ولا مخالف عليك، فأذن له وكان عبد المطلب رجلاً عظيمًا جسيمًا وسيمًا، فلما رآه أبرهة عظمه وأكرمه، وكره أن يجلس معه على سريره وأن يجلس تحته، فهبط إلى البساط فجلس عليه معه، فقال له عبد المطلب: أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فاردده علي، فقال له: لقد أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم فأهدمه فلم تكلمني فيه، وتكلمني في مائتي بعير لك؟. قال: أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه، قال: ما كان ليمنعه مني، قال: فأنت وذاك، قال: فأمر بإبله فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريش الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب، وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول وعبأ جيشه، وقرب فيله وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم, فلما حركه وقف وكاد أن يرزم إلى الأرض فيبرك، فضربوه بالمعول في رأسه فأبى، فأدخلوا محاجن لهم تحت مراقه ومرافقه فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول، فصرفوه إلى الحرم فوقف، ولحق الفيل بجبل من تلك الجبال، فأرسل الله الطير من البحر كالبلسان([21]) مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه وحجر في منقاره، ويحملن أمثال الحمص والعدس من الحجارة, فإذا غشين القوم أرسلنها عليهم، فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك وليس كل القوم أصيب فذلك قوله تعالى: )أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ`أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ`وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ`تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ`فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ )[الفيل:1-5] وبعث الله على أبرهة داء في جسده، ورجعوا سراعا يتساقطون في كل بلد، وجعل أبرهة تتساقط أنامله، كلما سقطت أنملة أتبعها مِدَّة من قيح ودم، فانتهى إلى اليمن وهو مثل فرخ الطير فيمن بقي من أصحابه، ثم مات([22]).
وذكر ابن إسحاق - رحمه الله- في سيرته كما نقله ابن هشام عنه في السير, أن عبد المطلب أخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب، وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لا هم إن العبد يمـ --- نع رحله فامنع حلالك



لا يغلبن صليبهم --- ومحالهم غَدْوًا محالك



إن كنت تاركهم وقبلـ --- ـتنا فأمر ما بَدَا لك




ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شغف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها، وذكر بعد ذلك ما حدث من هلاك لأبرهة وجيشه([23]).

------------------

([1]) انظر: هذا الحبيب يا محب، للجزائري، ص51.
([2]) طيبة: مشتقة من الطيب، وبه سميت المدينة. (3) برة: مشتقة من البر، والبر: هو الخير والطهارة.


([4]) المضنونة: الغالية النفسية التي يضن بمثلها، أي يبخل. (5) لا تنزف: أي لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها.


([6]) الغراب الأعصم: الذي في ساقيه بياض. (7) قرية النمل: المكان الذي يجتمع فيه النمل.


([8]) المعول: الفأس.
(1) الطي: حافة البئر

([10]) المفازة: جمعها مفاوز: القفار. (3) بعث راحلته: أقامها من بروكها.


([12]) السيرة النبوية لابن هشام (1/142-155) السير والمغازي لابن إسحاق ص24، 25، تحقيق سهيل زكار، البيهقي في الدلائل (1/93-95) وصرح ابن إسحاق بالسماع فسنده صحيح، وله شاهد من مرسل الزهري، فالحديث صحيح من طريق البيهقي وابن هشام.
([13]) مشبع.

(1) هزمة أو همزة: أثر ضربته في الأرض بعقبه، أو جناحه.
([15]) انظر: السيرة النبوية الصحيحة (1/158). (3) مقدمة ابن الصلاح، وشرحها للحافظ العراقي ص13.

([17]) كلمة تقال للناقة إذا تركت السير (فتح الباري: 5/335).
([18]) ألحت: أي تمادت على عدم القيام وهو من الإلحاح، فتح الباري (5/335).
([19]) البخاري، الشروط (5/388).
([20]) المغمس: مكان قرب مكة في طريق الطائف مات فيه أبو رغال.
([21]) البلسان: الزرازير.
([22]) السيرة النبوية لأبي حاتم البستي ص34-39، وانظر السيرة النبوية لابن كثير (1/ص30-37).
([23]) السيرة النبوية لابن هشام مع شرح أبي ذر ا لخشني (1/84-91).
__________________
رد مع اقتباس