عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 13-02-2016, 04:37 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

«رعبتني فكرة الذهاب إلى إسرائيل وهذا هو سر اللعبة»


تسلم علي غالي، المسؤول في مصر عن نشاط الجاسوسية والجاسوسية المضادة، رفعت الجمال، من زميله حسن حسني، وأصبح مسؤولًا عن إدارته، ليكن أول ما يواجهه مع «الجمال» تشكيل (الوحدة 131) ليروي العميل المصري ما حدث بعد ذلك في مذكراته قائلًا: «كنت ما أزال مرتبطًا بمارسيل التي انضمت هي الأخرى إلى المجموعة، وكانت خطة المجموعة حينذاك هي إفساد العلاقات المصرية الأمريكية عن طريق القيام بمجموعة من الأعمال الإرهابية تنفذها (الوحدة 131)، وتقرر أن توجه جميع الأنشطة ضد المؤسسات الأمريكية فقط، ويفضل أن تتم أثناء الليل، وأراد رئيسي (غالي) التريث لمعرفة أكبر قدر من المعلومات حتى يتسنى القبض على أكبر عدد ممكن من أعضاء (الوحدة 131).

واكتشفت في هذه الأثناء أن ماكس بينيت، الشخصية البارزة في دوائر اليهود المصريين من أعضاء المخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) ، وأن (بينيت) على اتصال كذلك بالوحدة (131)، وأنه نشيط جدًا، وأن (الوحدة 131) خططت للعديد من عمليات تفجيرات القنابل الكبرى في القاهرة والإسكندرية على أساس أن يتم تنفيذها في يوليو 1954.




ماكس بينيت مع اللواء محمد نجيب

أبلغت (غالي) بكل شيء وبأماكن وجود أعضاء (الوحدة 131) ليلة الحادث. كانوا قد وضعوا القنابل في المواقع المحددة لها، ولكنها لم تنفجر، وألقي القبض على 14 عضوًا من أعضاء (الوحدة 131) وتم القبض على ماكس بينيت في بيته، واعتقلوني أيضًا، حيث كنت مع إيلي كوهين في نفس الليلة، ولم يشأ (غالي) أن تنكشف حقيقتي.

كان (بينيت) صيدًا ثمينًا، وأحيط أمر اعتقاله بالكتمان، وقد انتحر في السجن قبل تقديمه للمحاكمة، وحوكم أعضاء (الوحدة 131) وصدرت ضدهم أحكاما مختلفة، منها الإعدام شنقًا لاثنين، والسجن خمسة عشر عامًا لمارسيل وشخص آخر، وسبع سنوات لاثنين آخرين، وبراءة الباقين.

وأطلق سراحي أنا وإيلي كوهين، حيث أننا لم نكن عضوين لهما حيثية تذكر، ولم يكن هناك ما يديننا، وتلقينا إنذارًا بالطرد من البلاد في حالة وقوع أي اعتداء آخر. وأدى اعتقال ماكس بينيت وتدمير (الوحدة 131) إلى وضع نهاية مفاجئة لنشاط التجسس والتخريب الإسرائيلي في مصر خلال تلك الفترة.




ماكس بينيت بعد انتحاره

وأحدثت القضية صدى عميقًا في إسرائيل، وثارت شكوك بأن عضوًا من مجموعة «أفراهام دار» في إسرائيل هو الذي أفشى للسلطات في مصر أمر (الوحدة 131). واتجهت الشكوك إلى بول فرانك الذي كان خارج البلاد آنذاك، وما أن عاد إلى إسرائيل حتى قبض عليه وأودع السجن لمحاكمته، وصدر ضده حكم بالسجن اثني عشر عامًا. واسغربت عندما سمعت بذلك في فترة تالية، خاصة وأنني أنا الذي كشفت العملية و(الوحدة 131).

عدت إلى الإسكندرية لفترة، واختفى إيلي كوهين، ولم يكن لدي أي دليل عن مكان وجوده. بلغ الوضع السياسي في مصر ذروته، ورأى اليهود أن فرصهم في مصر تنحسر وتتقلص إلى الصفر، وكما قلت لك في السابق مرات كثيرة يا زوجتي، فقد أجبروا على ترك البلاد وهاجر أكثرهم إلى إسرائيل.

طلبوا مني العودة إلى القاهرة لكي أقابل علي غالي، وحين وصلت لم يشأ الرجل أن يضيع وقتًا، ودخل في الموضوع مباشرة، وقال:

– جاك نحن فخورون بك ولكن لسوء الحظ لا نستطيع أن نخبر أي إنسان بما أسديته لبلدك، لأننا لا نريد أن نكشف الغطاء المحكم الذي تتخفى وراءه، ونود أن نستفيد بك أكثر من ذلك في الخارج.

صدمت وصحت قائلًا بأعلى صوتي:

– في الخارج، ما هو المطلوب مني هناك؟

رد:

– نفس الشيء الذي فعلته هنا. لقد أديت دروك بامتياز، وقدمت عملًا رائعًا، فجاك بيتون لا تحيط به أي شبهات ونود إرسالك إلى الخارج، حيث يتلقفك ممثلو الوكالة اليهودية ليتفحصوك بدقة ويتحروا عنك، وسوف يتبين لهم أنك على ما يرام، والأهم من ذلك أنهم سيعرفون أنك من أعضاء (الوحدة 131) مما يجعلك تتلألأ بين صفوفهم، وتستطيع بمساعدتهم أن تغير اتجاهك إلى إسرائيل عن طريق إيطاليا، ومن هناك يمكنك أن تزودنا بمعلومات قيمة، تذكر ما فعلناه من أجلك، وأنت لا تزال بشكل أو بآخر مدين لنا، فما رأيك؟



مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور أنني ما أزال مدينًا لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات، فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد، فليس ثمة مكان للاختباء في إسرائيل، وإذا قبض علي هناك فسوف يسدل الستار علي نهائيًا، والمعروف أن إسرائيل لا تضيع وقتًا مع العملاء الأجانب، يستجوبونهم ثم ي***ونهم، ولست مشوقًا إلى ذلك، ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته، كما لو كنت أمثل دورًا في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور جاك بيتون، أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية.

قلت في نفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا، لقد اعتدت دائمًا وبصورة ما أن اكون مغامرًا مقامرًا، وأحببت مذاق المخاطرة، وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي، سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض علي ويتم استجوابي وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة أوسكار، وكنت مقتنعًا أيضًا باني أعمل الصواب من أجل مصر وشعبها.

قلت لـ(غالي):

– إذا كنت تعتقد أنني قادر على أداء المهمة فإني لها.

ثم كان السؤال الثاني:

– كيف نبدأ من هنا؟

رد:

– سوف يجري تدريبك على العمل على الساحة الدولية، كل ما تتعلمه يجب أن يسري في دمك، هذا هو سر اللعبة، أنت مخرج عرضك المسرحي، وإما ان تنجح فيه بصورة كاملة أو تواجه الهلاك.

تصافحنا كعلامة للموافقة وبدأت جولة تدريب مكثفة».


رد مع اقتباس