الموضوع: نهاية المادية
عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 25-07-2009, 09:47 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,414
معدل تقييم المستوى: 17
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي خاتم النبيين

خاتم النبيين
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين .
عقيدة يصدقها المسلم و لكنه أيضاً يفهمها فهم الإنسان للحقائق العلمية و القضايا المنطقية ، لأنه إذا فهم النبوة النبوة بصفاتها المقررة في الإسلام علم أنها نبوة تختم بها النبوات و تفتح أمام البشر باب الرشد و الضمير و الإلهام ، لأن النبوة التي ختمت النبوات دعوة تدوم مدى الزمن ، لأنها تقيم العقيدة على دعائم من العقل السليم و الإيمان برب واحد هو رب العالمين .
كانت الأمم قبل البعثة المحمدية تفهم أن النبوة استطلاع للغيب و كشف للأسرار يستعينون بها على رد الضائع و إعادة المسروق و يسألونها عن طوالع الخير و الشر ، و كان من تلك الأمم من يحسب أن النبوة وساطة بين المعبود و عباده تسلمه القرابين شفاعة عند المعبود . فجاءت نبوة الإسلام بخطاب باقي لضمير الإنسان المسئول عن أعماله و الذي لا تغنيه عنها شفاعة و لا كفارة لذنوبه من غيره .
إنها نبوة فهم و هداية و ليست نبوة استطلاع و تنجيم و إنها نبوة هداية بالتأمل و النظر و التفكير و ليست نبوة خوارق تروع البصر و البصيرة بحيث تؤمن مخافة لا اقتناعاً بالرسالة.
إنها نبوة لا تملك لهم نفعاً و لا ضراً ولا تعمل لهم عملاً إلا ما يعملونه لأنفسهم . يقول تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعاً و لا ضراً إلا ما شاء الله و لو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير و ما مسني السوء ، إن أنا إلا نذير و بشير لقوم يؤمنون .) سورة الأعراف ، آية 188.
لا إغراء و لا مساومة على قربان أو جزاء للعطاء . يقول تعالى (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله و لا أعلم الغيب و لا أقول لكم إني ملك ، إن أتبع إلا ما يوحى إلي . قل هي يستوي الأعمى و البصير أفلا تتفكرون.) سورة الأنعام ، الآية 50
و قد جاءت سمعة المعجزة ميسـّرة لصاحب النبوة صلى الله عليه و سلم يوم مات ابنه إبراهيم فكسفت الشممس فظن الناس أنها كسفت لموته و أبى النبي الصادق أن يسكت على ذلك فتكلم ليعلمهم (إن الشمس و القمر آياتان لا تخسفان لموت أحد و لا لحياته).
إن أصحاب العقول يصدقون هذا النبي صلى الله عليه و سلم حين يقول لهم إن المعجزة لا تنفع من لا ينتفع بعقله و ضميره . (و لو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا إنما نحن قوم مسحورون .) سورة الحجر ، الآيتان 14و 15
فإذا جاء النبي بهذه الرسالة التي تكل الإنسان لخاصية إنسانية لا تفارقه و تعطيه البينة على قضايا الإيمان مما يشاهده حوله فأين تنتهي هذه الرسالة ؟ و ماذا تعمل الرسالة التي تأتي بعدها ؟ أتنسخ العقل و تعود به إلى القرون الأولى ؟ مؤكد لا حاجة لإنسان في دعوة كتلك فمن لم يكن من الراشدين فحاجته إلى معلم يذكره ما فاته من هداية خاتم النبيين و ليس إلى نبي جديد معيد لما تقدم .
و لقد تقدمت الإسلام دعوات كثيرة من أكبر الدعوات شأناً في تاريخ العقيدة لكن أياً منها لا يصلح أن يكون ختاماً للنبوات لأنها جاءت قبل أن توجد في أذهان الناس فكرة الإنسانية العامة و فكرة الإنسان المسئول المحاسب على أمانة العقل و الضمير .
فنبوات بني إسرائيل كانت مقصورة على سلالة واحدة من البشر و رسالة عيسى عليه السلام أدت رسالتها و بقي الإنسان بعده محتاجاً إلى رسالة تخلصه من الإعتماد على القسس في النجاة من أوزاره و التكفير عن سيئاته . لذلك ختم الله النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه و سلم تلك التي تخاطب الإنسان بخطاب العقل و تحاسبه بحسابه و تجعل البشر أخوة يشتركون جميعاً في عبادة إله واحد هو رب العالمين أجمعين ، و ليس رب عشيرة واحدة يفضلها على غيرها بعمل لم تعمله .
فلما جاءت نبوة الإسلام صح في حكم العقل أن تختم بها النبوة لأنها حاضرة لكل إنسان له عقل و يتدبر آيات الله .
(إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون.)
سورة البقرة ، آية 164
ختام النبوة بعد الدعوة المحمدية قد صح أيضاً في حكم الواقع و التاريخ فإن العالم الإنساني الذي تعاقبت فيه النبوات قبل رسولنا الكريم صلوات الله عليه و سلامه لم تظهر فيه نبوة مسموعة بعده و لم يظهر فيه غير أدعياء النبوة الذين لم يستمع لهم أحد في حياتهم أو بعد مماتهم وحتى أؤلئك الأدعياء كانوا يبنون نبواتهم على النبوة الإسلامية بقواعدها و أركانها.
و إن بعض أبناء العصر الحاضر يفخرون بعلومه و أنه عصر العقل و الحقائق الواقعية و آيات الطبيعة . أمر أخبرتهم به النبوة الخاتمة قبل أربعة عشر قرن إذ أوحت إليهم أن يعيشوا بهداية بصائرهم و ما يبصرونه من آيات الهداية في مشاهد الطبيعة و أسرار الخلق و براهين العيان .
و كل أعجوبة من أعاجيب العلم فهي جزء من معجزات هذا الدين الذي جاء به خاتم النبيين :
(و ابصر فسوف يبصرون .) سورة الصافات ، آية 179
(سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد .) سورة فصلت آية 53
رد مع اقتباس