الموضوع: السيره حياه
عرض مشاركة واحدة
  #85  
قديم 14-06-2018, 08:56 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي






الوصية الرابعة:
التحذير من الذنوب



يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من أمر
مهلك آخر شديد الخطورة، وهو الذنوب،
ويذكر لهم عليه الصلاة والسلام أن الشيطان قد يئس
من أن يعبده الناس، ولكنه مع ذلك لم ييأس من إضلالهم،
وسيكون ذلك عن طريق الذنوب، بل عن طريق الذنوب
الصغيرة التي يحتقرها عامة الناس لصغرها في نظرهم.
"إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ أَبَدًا،
وَلَكِنَّهُ إِنْ يُطَعْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، فَقَدْ رَضِيَ بِهِ مِمَّا
تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوهُ عَلَى دِينِكُمْ".

والحرب بين الإنسان والشيطان أبدية، فقد وعد الله تعالى
الشيطان بالانتظار إلى يوم القيامة، ونبه الإنسان بوضوح:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا
يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}

[فاطر: 6].


والشيطان ما نسي مهمته قَطُّ،
ومهمته باختصار هي إغواء أولاد آدم عليه السلام،
وقيادتهم إلى جهنم، وبئس المهاد، وهو يتتبع في ذلك طرقًا شتى،
وأساليب مختلفة، حتى لو كانت دفع الإنسان إلى ذنب صغير،
فهذه خطوة ستتبع بعد ذلك بخطوات؛
لذلك يقول الله تعالى:
{وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
[البقرة: 168].
والذنوب التي يدفعنا الشيطان إليها مهلكة،
وما أكثر ما ذكر ربنا ذلك في كتابه،
فقال تعالى:
{فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنعام: 6].
وقال سبحانه:
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشُّورى: 30].
وقال تعالى:
{فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].
وقال تعالى:
{فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: 40].
وقال سبحانه:
{فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}
[البقرة: 59].
وقال تعالى:
{فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [آل عمران: 11].


وهو كثير في القرآن، ويصعب إحصاؤه،
وهو كذلك كثير في السنة النبوية،
بل يشير عليه الصلاة والسلام تصريحًا أن الذنوب التي
يستحقرها الإنسان لصغرها في نظره، قد تكون مهلكة له،
روى الإمام أحمد في مسنده
عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ،
فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ".

وهكذا جاءت هذه الوصية الخالدة، لتحذر المسلم من عدوه الأكبر،
الشيطان، ومن الذنوب جميعًا كبيرها وصغيرها، عظيمها وحقيرها،
ولا تنظر أبدًا إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عِظَم من عصيت.



الوصية الخامسة:
الاقتصاد الحلال



فمن كل الذنوب التي من الممكن أن ترتكب،
يختار عليه الصلاة والسلام ذنبًا خطيرًا على الأفراد،
وخطيرًا على الأمم ليحذر منه، وهو ذنب الربا،
قال عليه الصلاة والسلام:
"وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ".
وفي رواية: "قَضَى اللَّهُ أَنَّهُ لا رِبَا".


والدولة التي يقوم اقتصادها على الربا،
هي دولة في حرب مع الله ورسوله..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ
وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}

[البقرة: 278، 279].
وليس لأحد بحرب الله تعالى طاقةٌ،
فالله تعالى يسلط من يشاء من جنوده
على من يشاء من عباده،
ولا يدري العبد من أين تأتيه الكارثة؛
فقد تكون زلزالاً، وقد تكون جرادًا،
وقد تكون أنفلونزا للطيور، وقد تكون غرقًا لسفينة،
وقد تكون حرقًا لقطار، وقد تكون هبوطًا للعملة،
وقد تكون اختلاسًا للمليارات، وقد تكون فشلاً
لمشروع زراعي، وقد تكون عدوًّا من الكافرين،
فقد يسلط الله تعالى الكفار على المسلمين إذا عملوا بمعاصي الله،
وقد سلط الله المجوس على اليهود وهم أهل الكتاب
لما أفسدوا في الأرض، فليس لأحد بحرب الله طاقة،
وأهل الربا في حرب مع الله ورسوله.



الوصية السادسة:
البلاغ هو مهمة هذه الأمة



حرص عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة
على توضيح مهمته هو شخصيًّا،
وتوضيح مهمة أمته بعد ذلك،
مهمة الرسول هي البلاغ، ليست مهمته هداية الناس،
فالهداية بيد الله تعالى، ولكن مهمته أن يصل بدعوته إلى الناس،
قال الله تعالى:
{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} [النور: 54].
وقال تعالى:
{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ
يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}

[القصص: 56].


لذلك حرص الرسول عليه الصلاة والسلام
أن يقول أكثر من مرة في هذه الحجة العظيمة:
"أَلا قَدْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ".
ثم إنه علَّم المسلمين مهمتهم، وذكّرهم بها:
"فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ".

إنه الخير الذي لا ينقطع، كل من وصلت إليه معلومة
فليحملها إلى غيره، وهكذا دوائر الخير متصلة؛
حتى تعلم الأرض بكاملها حلاوة الدين، وعظمة الإسلام،
إنها الوسيلة السَّلِسة البسيطة لنشر الدعوة، وتعليم الناس الدين،
ليس هناك داعية بعينه يوكل إليه ذلك الأمر،
بل موكَّل إلى كل المسلمين، فكل المسلمين دعاة إلى الله:
"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً".
"فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ".
أيًّا كان علم هذا الشاهد أو فقهه، فليحمل علمه إلى غيره.


فَقِهَ ذلك الصحابةُ رضى الله عنهم فطاروا بعلمهم إلى الآفاق،
إنها مهمة وواجب، وليست تفضلاً أو منّةً،
يقول رِبْعِي بن عامر :
لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من
عبادة العباد إلى عبادة رب العباد،
ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام،
ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

ماذا كان سيحدث لو وقفت الدعوة عند الصِّديق،
أو وقفت عند عمر، أو وقفت عند الصحابة جميعًا؟
ماذا كان سيحدث لو لم يسعَ خالد والقعقاع وعمرو بن العاص
والنعمان بن مقرن وسعد بن أبي وقاص وموسى بن نصير
ومحمد بن القاسم وغيرهم إلى تبليغ أهل الأرض رسالة ربِّهم؟
ألن تكون النتيجة هي بقاء من يعبد النار على عبادته،
وبقاء من يعبد الحجر والشجر والنجم على هذا الضلال؟


ألن تكون النتيجة هي بقاء القهر والظلم وال*****ة والجهل والفساد؟
إن الذين فقهوا مهمتهم في الأرض هم الذين تحركوا،
وعلى أيديهم تحقق الخير للأرض بكاملها،
ووصل الدين إلينا، فجزاهم الله خيرًا.

لكن ألم يسأل واحد منا نفسه:
ماذا فعلتُ أنا فيما وصل إليَّ من علم ودين وفقه؟
إن ما تعرفه من آيات وأحكام، وتظنه بسيطًا،
هو بالنسبة لآخرين كنزٌ من الكنوز لا يحلم به، ولا يتخيله.
من الناس من لا يتقن وضوءًا ولا صلاة.
من الناس من لا يذكر الله تعالى إلا قليلاً.
من الناس من لا يحسن قراءة القرآن.
من الناس من لا يبر والديه.
من الناس من لا يصل رحمه.
بل من الناس من لا يعرف الإسلام أصلاً.
هل تظن أن الملايين في الأرض الذين
يكرهون الإسلام ويحاربونه يعرفونه؟
أم أن كل قضيتهم أنهم سمعوا عن الإسلام
من وسائل إعلام مُغرضة، ومن نفسيات منحرفة،
ومن مزورين محترفين، ولم يسمعوه من مسلم
محبٍّ لدينه، فاهمٍ لمهمته، حريص عليها؟
"فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ".





رد مع اقتباس