عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 23-10-2017, 09:52 PM
هامييس هامييس غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 1,039
معدل تقييم المستوى: 16
هامييس is on a distinguished road
افتراضي

قال فى روضة المحبين
وأما الرغبة في الله وإرادة وجهه والشوق إلى لقائه فهي رأس مال العبد وملاك أمره وقوام حياته الطيبة وأصل سعادته وفلاحه ونعيمه وقرة عينه ولذلك خلق وبه أمر وبذلك أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ولا صلاح للقلب ولا نعيم إلا بأن تكون رغبته إلى الله عز و جل وحده فيكون هو وحده مرغوبه ومطلوبه ومراده كما قال الله تعالى فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب وقال تعالى ولو أنهم رضوا ما آتاهم لله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون
ومن كانت رغبته في الله كفاه الله كل مهم وتولاه في جميع أموره ودفع عنه مالا يستطيع دفعه عن نفسه ووقاه وقاية الوليد وصانه من جميع الآفات ومن آثر الله على غيره آثره الله على غيره ومن كان لله كان الله له حيث لا يكون لنفسه ومن عرف الله لم يكن شيء أحب إليه منه ولم تبق له رغبة فيما سواه إلا فيما يقربه إليه ويعينه على سفره إليه
ومن علامات المعرفة الهيبة فكلما ازدادت معرفة العبد بربه ازدادت هيبته له وخشيته إياه كما قال الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء أي العلماء به وقال النبي أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية
ومن عرف الله صفا له العيش وطابت له الحياة وهابه كل شيء وذهب عنه خوف المخلوقين وأنس بالله واستوحش من الناس وأورثته المعرفة الحياء من الله والتعظيم له والإجلال والمراقبة والمحبة والتوكل عليه والإنابة إليه والرضا به والتسليم لأمره وقيل للجنيد رحمه الله تعالى
إن ها هنا أقواما يقولون إنهم يصلون إلى البر بترك الحركات فقال هؤلاء تكلموا بإسقاط الأعمال وهو عندي عظيم والذي يزني ويسرق أحسن حالا من الذي يقول هذا فإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإلى الله رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر شيئا

وقال يحيى بن معاذيخرج العارف من الدنيا ولا يقضي وطره من شيئين بكاؤه على نفسه وشوقه إلى ربه

وقال بعضهم

لا يكون العارف عارفا حتى لو أعطي ملك سليمان لم يشغله عن الله طرفة عين

وقيل العارف أنس بالله فاستوحش من غيره وافتقر إلى الله فأغناه عن خلقه وذل لله فأعزه في خلقه

وقال ذو النون لكل شيء عقوبة وعقوبة العارف انقطاعه عن ذكر الله
وبالجملة فحياة القلب مع الله لا حياة له بدون ذلك أبدا ومتى واطأ اللسان القلب في ذكره وواطأ القلب مراد حبيبه منه واستقل له الكثير من قوله وعمله واستكثر له القليل من بره ولطفه وعانق الطاعة وفارق المخالفة وخرج عن كله لمحبوبه فلم يبق منه شيء وامتلأ قلبه بتعظيمه وإجلاله وإيثار رضاه وعز عليه الصبر عنه وعدم القرار دون ذكره والرغبة إليه


والاشتياق إلى لقائه ولم يجد الأنس إلا بذكره وحفظ حدوده وآثره على غيره فهو المحب حقا


وقيل أوحى الله إلى داود عليه السلام يا داود إني حرمت على القلوب بان يدخلها حبي وحب غيري
وأجمع العارفون كلهم أن المحبةلا تصح إلا بالموافقة حتى



قال
ولو لم يكن في محبة الله إلا أنها تنجي محبه من عذابه لكان ينبغي للعبد أن لا يتعوض عنها بشيء ابدا وسئل بعض العلماء
أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه فقال
في قوله تعالى وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم الآية
وقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل بن يونس عن الحسن رضي الله عنه أن النبي قال والله لا يعذب الله حبيبه ولكن قد يبتليه في الدنيا


ويكفي في الإقبال على الله تعالى ثوابا عاجلا أن الله سبحانه وتعالى يقبل بقلوب عباده إلى من أقبل عليه كما أنه يعرض بقلوبهم عمن أعرض عنه فقلوب العباد بيد الله لا بأيديهم
نتابع..
رد مع اقتباس