عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 04-08-2014, 11:53 PM
الصورة الرمزية كولونيل 2
كولونيل 2 كولونيل 2 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 293
معدل تقييم المستوى: 10
كولونيل 2 is on a distinguished road
افتراضي

شهادة كلينتون ضد بلادها
احمد المرشد
من الواضح ان الولايات المتحدة الأمريكية تمر بمرحلة صعبة في تاريخها المعاصر، فالتخبط هو عنوان هذه المرحلة، وهذا ليس من عندنا، وإنما المحت إليه بقوة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في كتابها "كلمة السر 360". فالوزيرة الأمريكية الطموحة، كشفت الكثير من الموضوعات في الكتاب، وكيف تحالفت مع الأنظمة الدينية في المنطقة على حساب الشعوب، لمجرد مساعدتها في اعادة تقسيم المناطق والدول وفقا لأهواء واشنطن، بغض النظر عن مصلحة الشعوب وما قد تعانيه من هذه التقسيمات التي تعيد لنا أفكار "سايكس بيكو" الكارثية على الوطن العربي، الذي تعمد الأوروبيون آنذاك على تشتيت حدوده لمصلحة أنجلترا وفرنسا وايطاليا والبرتغال واسبانيا.
وسنعيد هنا فقرات جاءت مباشرة في الكتاب المذكور "دخلنا الحروب العراقية والسورية والليبية وكل شيء كان على ما يرام وجيدا جدا، وفجأة قامت ثورة 30 يونيو في مصر وكل شيء تغير خلال 72 ساعة، حيث كنا على اتفاق مع إخوان مصر على إعلان الدولة الإسلامية في سيناء وانضمام حلايب وشلاتين الى السودان، وفتح الحدود مع ليبيا من ناحية السلوم.. وتضيف الوزيرة التي حلمت بتولي رئاسة بلادها: "تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 2013/7/5، وكنا ننتظر الإعلان لكى نعترف نحن وأوروبا بها فورا".
لقد اعترفت هيلاري كلينتون بخطة بلادها للاعتراف بالدولة الإسلامية في مصر والقضاء على الدولة المدنية، لمجرد موافقة نظام الإخوان المسلمين وقتها على الترويض الأمريكي لهم، ولكن فجأة تغيرت الظروف وهب المصريون وثاروا على الإخوان ليقضوا عليهم وعلى فكرتهم ودولتهم الإسلامية المزعومة، ثم تضطر هيلاري –وحسب اعترافها أيضا– الى زيارة 112 دولة لتشرح أبعاد الموقف الأمريكي حيال مصر بعد ثورة 30 يونيو، والأهم في تلك الزيارات هو تحريض أصدقاء أمريكا على الاعتراف بالدولة الإسلامية حال إعلانها، ولكن تحطم الأمل الأمريكي وانكسر الحلم، لدرجة أن تفكر واشنطن في استخدام القوة ضد مصر، ولكن مصر ليست سوريا او ليبيا، فجيشها قوي للغاية وشعب مصر لن يترك جيشه وحده أبدا.
الشطط الأمريكي لم يتوقف، فتحركت بضع قطع الأسطول الأمريكي باتجاه الإسكندرية، فما حدث شيء لم يكن بالحسبان وهو رصد القطع الأمريكية من قبل سرب غواصات حديثة جدا يطلق عليها "ذئاب البحر 21" المجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتتبع. ولم تتوقف المحاولات الأمريكية عند هذه الحد، فتكررت التجربة ولكن من قبالة البحر الأحمر هذه المرة، ليفاجأ السر البحري الأمريكي بسرب طائرات ميج 21 الروسية القديمة. وهنا تتحدث هيلاري كلينتون عن مفاجأة، مفادها أن الرادارات الأمريكية لم تكتشف من أين جاء سرب طائرات الميج الروسية أو أين ذهب، لتعود القطع البحرية الأمريكية أدراجها بعد ذلك لتعيد نفس فشلها في منطقة البحر المتوسط.
لقد تذكرت التخبط الأمريكي في التعامل مع قضايا المنطقة وأنا أقرأ مقال الكاتب الأمريكي ديفيد أجناتيوس الذي تحدث هو الأخر بمرارة عن قصور السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، هذا رغم أن كاتب الرأي في صحيفة الواشنطن بوست يعد من أشد الداعمين لباراك أوباما وغالبا ما يخصص مقالاته للدفاع عنه مهما كانت أخطائه. ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي ازدات أخطاؤه في الفترة الأخيرة، الأمر الذي يدفع أجناتيوس الى رصد قصور السياسة الخارجية الأمريكية.
وإذا كانت هيلاري كلينتون كشفت نية بلادها في دعم الدولة الإسلامية في مصر مقابل تغاضي مصر عن تقسيم المنطقة، فإن أجناتيوس يوجه لوما كبيرا لأوباما عندما أهدر الوقت هو وإدارته في عدم التصدي لتنظيم داعش حتي أعلن اقامة الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وهذا –حسب ما رأي أجناتيوس– أن واشنطن لم تتحرك ساكنا لوقف مشروع الدولة الإسلامية، ولم تكن تلك المسألة الخطيرة جزءا من ملامح سياسة أوباما الخارجية.
وعندما اقترحت الإدارة الأمريكية الشهر الماضي منح المؤسسة العسكرية ما قيمته 500 مليون دولار لتدريب وتجهيز قوة الاستقرار التي يمكنها ملاحقة المتطرفين في المناطق السورية المحررة، عادت وترددت واشنطن لتدخل في لعبة تضييع الوقت وتكرار الأخطاء، حتي أعلنت داعش عن اقامة الدولة الإسلامية.
ولم تتوقف حملة أجناتيوس عند الدولة الإسلامية في نقده لأوباما، وإنما امتدت للنيل من طريقة تعامل الدبلوماسية الأمريكية مع الأزمة الأوكرانية، وأن "أوباما يحتاج إلى فريق قوي فيما يخص السياسة الخارجية يكون قادرا على التأثير". وهنا توجهت سهام الكاتب الأمريكي القريب جدا من البيت الأبيض نحو سوزان راس مستشار الأمن القومي، حيث فشلت في حل الأزمة مع المانيا على خلفية التجسس الأمريكي على المستشارة ميركل وغضب الألمان من تصرفات وكالة الأمن القومي الأمريكية وتجسس وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية على برلين.
ومن هيلاري وأجناتيوس، الى وزير الدفاع الامريكي تشاك هيجل الذي بشرنا قبل فترة بأن النظام القديم بمنطقة الشرق الأوسط في طريقه للزوال، وأن بلاده هي التي ستدير عملية التحويل والتغيير لحين إعلان تشكيل النظام الجديد. فهو لم يكن ينوي فضح مخططات الإدارة الأمريكية في عملية التغيير، ولكنه أراد تنبيه قادة المنطقة بنية بلاده حتي يكونوا مستعدين، ولكن والحمد لله ربما فشلت بلاده في هذه العملية.
أما لماذا فشلت، فهذا أيضا نعمة من المولي عز وجل، حيث كانت الحملة تقوم على أساس الترويج للإصلاح الديمقراطي في المنطقة، ولكنا نعرف كيف فشلت الحملة بعد فشل ما أسموه سابقا بـ " ثورات الربيع العربي"، وهي في الواقع كانت ضمن الخطة الأمريكية الفاشلة.
لقد فشلت أمريكا وشهدت شاهدة من أهلها، ليست هيلاري كليتون وحدها، بل شاركها مواطنها ديفيد أجناتيوس، لا نقول ان جهود واشنطن خابت للنيل من استقرار المنطقة، ولكن بعضها تعرض للفشل حتى الآن وهذا دافع لقادة المنطقة للوقوف بقوة ضد مخططات واشنطن.
رد مع اقتباس