عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 08-08-2014, 08:41 PM
الصورة الرمزية كولونيل 2
كولونيل 2 كولونيل 2 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 293
معدل تقييم المستوى: 10
كولونيل 2 is on a distinguished road
افتراضي

خيارات صعبة واختيارات سيئة!
===================

بعض ما يجري خلف الأسوار والأضواء بين أقطاب السياسة الأميركية ولتدرك إلى أي مدى تعتقد الإدارة الأميركية، بدءاً من الرئيس وحتى حراس البوابات للبيت الأبيض، في قدرتها على التأثير، أو قل التحكم، في مصائر شعوب وأمم ودول وحكومات.
«خيارات صعبة» هو اسم الكتاب الذي صدر قبل أيام، روت فيه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، أو قل فسرت أسباب قرارات ومواقف بلادها تجاه الشرق الأوسط. تكتشف وأنت تتصفح إلى أي مدى كانت الإدارة الأميركية ترتب حياتك، وتؤثر في حاضرك، وتختار لك مستقبلك!
كتبت الوزيرة السابقة عن الشأن المصري والخلافات بينها وبين الرئيس باراك أوباما منذ تفجر ثورة 25 يناير، وذكرت أنها كانت تفضل «الانتقال المنتظم» للسلطة تخوفاً من تبعات الفراغ الذي سيخلق في مصر، في حين أصر أوباما وفريقه في مجلس الأمن القومي على رحيل مبارك عن السلطة». المهم هنا ما لم تذكره السيدة كلينتون ويتعلق بثقة الأميركيين في قدراتهم على تغيير الأنظمة! وكذلك اعتقاد المسؤولين الراسخ هناك بأن لا أخطاء لهم، على رغم فداحة النتائج التي أفرزتها تلك السياسات والفشل الذريع لكل الخطط التي وضعت لتحديد مصير شعوب الشرق الأوسط عموماً، والعالم العربي خصوصاً.
تحدثت كلينتون عن لقاءاتها مع الرئيس المعزول محمد مرسي وأحداث ثورة «30 يونيو»: «تظاهر الملايين من المصريين من جديد في الشوارع وهذه المرة ضد تجاوزات حكومة مرسي... تدخل الجيش للمرة الثانية تحت قيادة من خلف طنطاوي وهو الجنرال عبدالفتاح السيسي، وقاموا بخلع مرسي وبدأوا في حملة عنيفة جديدة على الإخوان المسلمين». هكذا أقرت أن الجيش تحرك بعد نزول الجماهير إلى الميادين، ولم تذكر مثلاً ماذا لو لم يستجب الجيش لنداء الشعب؟ ولماذا لم ينحز السيسي لمرسي؟ وهي وصفت الحملة على «الإخوان» بـ «العنيفة» من دون أن تذكر بكلمة واحدة أفعال التنظيم ضد المعارضة أثناء حكم مرسي، وجرائم ال*** والحرق بعد عزله!
تحدثت السيدة كلينتون عن المستقبل في عهد السيسي، ورأت أن «آفاق الديموقراطية في مصر لا تبدو مشرقة، ويبدو أنه سيقوم باتباع القالب الكلاسيكي للحاكم القوي في الشرق الأوسط». وكأن المطلوب أميركياً حاكم ضعيف ينتظر القرارات قبل أن يوقعها فتأتيه من «مكتب للإرشاد» أو بيت أبيض. وعلى رغم أنها أقرت بأن «الكثير من المصريين أنهكتهم الفوضى وهم على استعداد للعودة إلى الاستقرار» إلا أنها حذرت من أن المنطقة «تواصل غرقها في الرمال، إذ لم تعتمد مؤسسات ديموقراطية».
ستعتقد، وأنت تقرأ أن الوزيرة الأميركية السابقة ستكشف الصلة بين الرئيس أوباما و «الإخوان» وطبيعة المفاوضات التي كانت تجرى لترتيب الأوضاع في مصر في ظل حكم الجماعة، لكن تتبين أن الكتاب انتهى من دون أي إشارة إلى صفقات عقدت بين الطرفين، أو ترتيبات أجريت لضمان استمرار حكم «الإخوان»، وكأن موقف أوباما وإدارته كان لقناعته التامة بكفاءة مرسي وجماعته! على رغم أن السيدة كلينتون أشارت في الكتاب إلى أن مرسي كان «يحاول أن يتعلم كيف يحكم من اللاشيء وفي محيط صعب للغاية، وأنه بالتأكيد عشق سلطة موقعه الجديد»، فإنها قالت: «كنت أعرف أن مبارك بقي طويلاً جداً وصنع قليلاً جداً، ولكن ما بعد التخلص منه فإن الناس في التحرير يبدو أنه لم تكن لديهم خطة، ونحن الذين فضلنا موقف «الانتقال المنظم» كان لدينا قلق من أن القوى المنظمة فقط ما بعد مبارك كانتا «الإخوان المسلمين» والمؤسسة العسكرية»، وعبرت عن أسفها لكون الشهور والسنوات التي تلت «أثبتت أن مخاوفي المبكرة حول مصاعب الانتقالات الديموقراطية كانت مبنية على أسس، فـ «الإخوان المسلمون» وحدت سلطتها ولكنها فشلت في الحكم في شكل شفاف وشامل للكل. والرئيس مرسي تصادم كثيراً مع السلطة القضائية وسعى إلى تهميش معارضيه السياسيين بدلاً من إقامة توافق وطني واسع، كما أنه فعل القليل لتحسين الاقتصاد وسمح باستمرار اضطهاد الأقليات ومنهم الأقباط». أليست كلها أسباب مقنعة للإدارة الأميركية للثورة على مرسي وعزله؟
تتحدث السيدة كلينتون أيضاً في الكتاب عن الشرق الأوسط وعملية السلام والربيع العربي وليبيا وإيران وسورية وغزة، لكنها أبداً لم تذكر أن «الخيارات الصعبة» التي واجهت الإدارات الأميركية المتعاقبة لم تفرز سوى قرارات واختيارات سيئة، وهي لم تشر قط إلى أن تلك الاختيارات كانت السبب في ما آلت إليه الأوضاع المدمرة في الصومال وأفغانستان واليمن وسورية وليبيا والعراق، وأن دول الخليج حينما اختارت مخالفة الخيارات الأميركية نجت، وأن مصر عندما سارت مع الخيار الأميركي في ثورة 25 يناير كادت تتفكك، وحينما سارت عكسه في 30 حزيران (يونيو) بقيت.
رد مع اقتباس