يخطئ في العمق أيضا من يرى أن ما جرى ويجري في العالم العربي وكأنه مجرد أحداث تتحرك في غفلة من التاريخ والجغرافيا(daboon)، أو بسبب خطأ فني في تعامل الأنظمة المستبدة مع الأزمات التي تواجهها، أو بسبب إخفاق في التوقع، وبالتالي كان بالإمكان تلافيه ووقف تداعياته وارتداداته ومنع انتشاره وحماية ما تبقى من أنظمة الاستبداد والتبعية عبر تقديم بعض النصائح لها، أو إجبارها من قبل حلفائها في واشنطن وأوروبا على القيام ببعض التغييرات المسرحية باسم الإصلاح ومنح بعض الحريات في محاولات هي أقرب للانفعال ورد الفعل اليائس منها إلى العقلانية والمرونة الخلاقة لاستيعاب وقراءة ما يجري بصورة عميقة وجدية لاستخلاص الدروس الناتجة عن هذا الإخفاق الكبير الذي وجدت الأنظمة والدول الاستعمارية الغربية نفسها أمامه وجها لوجه. هذا النوع من المقاربات وردود الفعل يعكس فقرا مروعا في الوعي، كما يعكس نوعا من البلادة الإستراتيجية الذي تحاول إعادة مارد الشعب أو الشارع أو الجماهير العربية الثائرة إلى قمقم الخضوع والسيطرة بعد أن حطمته لألف قطعة. وبكلمة، يعبر التعامل مع ثورة الشعوب العربية انطلاقا من هذه المقاربات عن حالة من الإخفاق والفشل على أكثر من صعيد، دون التقليل من خطورة التدخلات الخارجية التي ستحاول التأثير في صيرورة التغيير بهدف احتوائه وإعادة توجيهه بما يخدم استمرار سياسات الهيمنة والسيطرة وتأبيد التبعية.
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم هيا بنا نتعلم الديمقراطية <!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->
|