عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 08-09-2013, 02:25 AM
Mr. Ali 1 Mr. Ali 1 غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 15,375
معدل تقييم المستوى: 31
Mr. Ali 1 has a spectacular aura about
افتراضي

أثر الفتح الإسلامي لصقلية


دخل النورمانديون صقلية فأدهشهم ما نقلها المسلمون إليه من رقي وحضارة.
لقد بذلوا جهدًا في ترقيتها في كل جوانب الحياة حتى بدا الفرق بينها وبين الدول التابعة لبيزنطة بعيدًا جدًّا، شيدوا مبانٍ عظيمة، ونشطوا وسائل التجارة، وعملوا على استصلاح الأراضي وزرعها، وأدخلوا أنواعًا من النباتات ومن الحيوانات، لم يكن للأوربيين بها عهد ولا علم.
إلى جانب ذلك كله، وجدوا فنونًا راقية وأدبًا عاليًا، وعديدًا من المساجد بها حلقات التعليم، تبدأ بتعليم الكتابة العربية والقرآن الكريم، وتنتهي بدراسات عليا في علوم كثيرة دينية وغير دينية. وهكذا تقدُّم ورقي في كل شيء.


إن الفرق واسع جدًّا بين ما وجد العرب صقلية عليه بعد خروج البيزنطيين، وبين ما وجدها عليه النورمانديون بعد خروج المسلمين.

كان النورمانديون على حظ من الذكاء، وقد عرفوا به من قبل؛ لهذا لم يفعلوا بآثار المسلمين ما فعل بها الأسبان.
فهناك - وهذا بعد تنصير صقلية بزمن بطويل - أفتى القسس بأن المسلمين رجس وآثارهم نجس لا يطهره إلا إحراقه بالنار، حتى الجدران أفتوا بهدمها وإحراقها. وبهذا تأخرت حضارة إسبانيا ثمانية قرون حقًّا، أما هؤلاء فرأوا الإبقاء والمحافظة على حضارة العرب، وحاكوهم واستفادوا من كل ما تركوا إلا الدين الإسلامي، فقد كانت عداوة الإسلام، وعلى الأصح، كانت الصورة التي قرّت في أذهانهم عنه مما يصعب محوه، ولكن حضارة صقلية ظلت في تقدم لمدة طويلة بعد، وظلت مظاهر الحياة العربية بادية عليها، ولو تقبل النورمانديون الإسلام واتخذوه دينًا، لكان عهد هذا الازدهار الحضاري أطول زمنًا وأبقى.

__________________
لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي !!
مغلق حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً.



رد مع اقتباس